رواية جنة أميري الفصل الثاني عشر بقلم دعاء عبدالحميد
رواية جنة أميري الفصل الثاني عشر
ورد بلهفة: هااا يا دكتور بابا عامل ايه؟
الدكتور: انا اسف والله يا جماعة... بس البقاء لله
ورد وحبيبة في صوت واحد: لااااااااااااااااااااااااااا
أمير بصدمة: انت بتقول ايه؟
الدكتور: انا مقدر موقفكم والله يا جماعة وصدمتكم بس احنا عملنا اللى علينا وللاسف هو حالته كان ميئوس منها من الاول لأن المرض كان اتمكن منه خلاص وانا قلت كدا للآنسة
ورد: لا لا لا...ارجوك اكدب عليا...ايوا قولتلي كدا بس كان في امل...قوله يا أمير ان بابا عايش ومش هيموت....مش هيسبني بعد ما كبرني وعرفني يعني ايه سند...يا بااااابااااااااااا
بينما حبيبة وقعت ولم تنطق بحرف
جرت إليها ورد وخلفها أمير
ورد بلهفة: حبيبة...فوقي يا حبيبة متوجعيش قلبي عليكي انتى كمان....بابا عايش ومستنينا جوة ناخده وهيروح معانا...هو بس تعبان شوية... قومي بالله عليكي...
أتت الدكاترة وأخذوها إلى غرفة طبية وعلقوا لها المحاليل وجلست بجانبها ورد
ورد ببكاء: ليه يا بابا سيبتني...انا من غيرك ولا حاجة...حاسة انى ظهرى اتكسر خلاص...انت ظهري وسندى وأماني...
أمير بحزن: ادعيله يا ورد...هو دلوقتي عند الأحسن مني ومنك...ادعيله وقولي إنا لله وإن إليه راجعون...عشان احنا مجرد أمانة في الدنيا ومسير الأمانة ترجع...
ورد ببكاء ينفطر له القلب: حاسة قلبي اتخلع من مكانه...انا كدا خلاص اتدمرت حرفيا...من ساعة ماما ماتت وانا مش متقبلة الحياة من غيرها...ما بالك بابا اللى كل حاجة بالنسبالي...ثم أكملت بصريخ لاااااااء مش هقدر....مش هستحمل اقعد في البيت وادخل اوضته وانا عارفة انه خلاص معدش موجود....حسه وصوته بالدنيا كلها وكان مالي عليا حياتي..اااااااااه....يا بابا متسبنييييييييش..متسبنيش ارجوك...انا ولا حاجة من غيرك
اقترب منها أمير بتردد وبعد فترة ربت على كتفها يواسيها...بينما ورد ارتمت في حضنه بدون وعي وانفرطت في البكاء..هي فقط تشعر بالافتقاد...تشعر بالوحدة....بالألم..الحزن..الحاجة
أما أمير انصدم من فعلتها ولكنه يعلم أنها ليست بوعيها ظلوا هكذا مدة تبكي فيها ورد ودموعها تغرق قميصه
ورد بدون وعي: بابا...هاتلي بابا يا أمير...الفطار جاهز هيبرد ..قوله القهوة مظبوطة زى ما بيحبها...هو بيحب القهوة مع الفطار..ب.ا.ب.ا
أما أمير حزن جدا على حزنها وأيضا على صديق والده فهو تذكر موت أبيه...وتذكر حاله حينها..وظل يربت على ظهرها حتى شعر باستكانتها...نظر لها فوجدها قد نامت من الارهاق والبكاء..فحقا بكائها وصريخها قد مزق قلبه
دخل الطبيب: بعد اذنك يا بشمهندس عايزينك تمضي على تقرير وتستلموا الجثة عشان الدفن
أمير بحزن: ماشي انا جاى
خرج الطبيب ونيم أمير ورد على الكنبة واتصل أمير على فؤاد أخيه وأخبره بما حدث وطلب منه أن يخبر كريم وباقي العيلة لأنهم سيأخذونه إلى المسجد للصلاة عليه ومنها إلى القبر
حزن الجميع عليه بشدة فهو رجل معروف بالطيبة والحنان وحسن السلوك...أتى اهل أمير مسرعين وكل من عرفوا بالخبر من أصدقائه وموظفينه في الشركة وجيرانه وانتظروا خارج المشفى بينما دخل فؤاد وكريم وارون وأحمد وخالد كي يساعدوا أمير في حمله وإخراجه
وبعد وقت قليل فاقت حبيبة ونادت على ورد التي تتكلم وتنادي على والدها في نومها...فيبدوا انها تحلم وتراه في حلمها
حبيبة بوهن: ورد..يا ورد
ورد بفزع: هاااا..بابا فين...بابا جه...ودوني عند بابا
أما حبيبة بكت بشدة
ورد: بتعيطي ليه....قومي خلينا نشوفه..زمانه فاق...اه هو كان مغمى عليه بس...قومي قومي بسرعة هتلاقيه مستنينا وهيقلق لو لقانا اتأخرنا عليه
حبيبة بصريخ: أبوووووووكي ماااااات يا وااااارد ماااااااات افهمي بقاااااا خلاااااص اللى كنا بنتسند عليه ونتطمن بوجوده معدش موووووجووووود
ورد بصريخ هي الأخرى: اسكوووووووتي...اسكوووتي بقااا حراااام عليكي انا مش ناااقصة...انا بتقطع...قلبي اتكسر.. انا محدش حاااااسس باللى جواااااايااااا...انا بمووووووت...بموت بالبطيء يا حبيبة...ابونا مات؟ ابونا مات يا حبيبة...معدش لينا اب اهئ اهئ اهئ
بينما حبيبة احتضنت أختها وظلا هكذا يبكيان سويا بشدة...فما عاد لهم شيء في هذه الحياة غير بعضهما...من الان لم يتملكا شيء...فقط يملكان الحزن والقهر
بينما في الخارج وقبل أن يقوموا بتغسيله في المشفى أتت ورد وحبيبة مسرعين
ورد: استنوا قبل ما تاخدوه احنا عايزين نشوفه
أمير: يا ورد م..
ورد: قووووولت عايزين نشوفه...عايزة اشوف ابويا قبل ما يدفن ولا دى كمان كتيرة انى اشوفه لآخر مرة
الممرض: تمام تعالي ادخلى شوفيه بس دقيقتين وتخرجى
دخلت ورد وحبيبة إلى غرفة والدهما ويشعران بتأخر خطواتهما...فكلما قدموا رجلا للأمام عادت الأخرى إلى الخلف...فهم يخافون من اللحظات القادمة والتي يرون فيها أباهم طريح الفراش مغمض العينين لا يتكلم إليهما ولا ينظر بعيونه نحوهما ولا يمسح دمعاتهما
كشفت ورد عن وجهه ببطء...فرأت وجهه المبتسم الهادي الجميل...الذى لطالما غمرها بحنان هذه الابتسامة...ثواني وتذكرت كل المواقف التي جمعتهم يمرحون ويلعبون ويضحكون وأيضا تذكرت أمها.. فسرعان ما سقطت دموعها أنهارا على خدودها الوردية
وضعت ورد يدها على وجهه وتكلمت بهمس: ليه يا بابا...هتسيبنا لمين...منقدرش على بعدك..
حبيبة ببكاء: إنا لله وإن إليه راجعون...ربنا يرحمك يا بابا...كدا تسيبنا لوحدنا يهون عليك بناتك...انا بحبك اوووى يا بابا
دخل أمير: يلا بقاا يا جماعة عشان الدفن...إكرام الميت دفنه...
أومأت ورد وحبيبة ببكاء وخرجتا
بعد مدة طويلة قاموا فيها بتغسيله ودفنه
وورد وحبيبة يجلسان في البيت ويرتديان الأسود ويستقبلان النساء التى تأتي للعزاء وصوت الشيخ يصدح في البيت بالقرآن والدموع تسري على وجوههن..فمن يكن يعرفه ولا يبكي عليه؟
بينما وقف أمير وخالد وكريم وشباب العيلة في استقبال الرجال...وعندما هدأت الأقدام في المنزل ولم يعد في البيت غير أهل أمير من الرجال والنساء والبنات اللاتي أتين لمواساة ورد وأختها..وأيضا هيام التي أتت لتبقى بجوارها والمبيت معها هذه الليلة
اقترب أمير قليلا من مجلس النساء فوجد هيام تدخل بالمياة
أمير: هياام..استني
هيام: نعم
أمير: عايزك تنادى أمي بس بعد إذنك
هيام: حاضر
دخلت هيام وأخبرت صباح بمناداة أمير لها فخرجت لتعرف ماذا يريد
صباح بصوت واطي: نعم يا ابني
أمير بهدوء وجدية: بقولك خلي البنات يباتوا معاهم النهاردة عشان ميفضلوش لوحدهم...
صباح: حاضر يا ابني والله كنت عايزة اقولك كدا بردو..دا يحبة عيني مبطلوش عياط من ساعتها ومش عارفين نسكتهم وعنيهم بقت عاملة زى الطماطم ومورمة من كتر العياط
أمير بحزن: ربنا يرحمه يارب ويصبرهم
صباح: يااارب قلبي واجعني عليهم اوووى
أمير بحنان: خليهم ياكلوا حاجة مكلوش خالص النهاردة
صباح: حاضر يا ابني...انا داخلة انا بقى عشان مينفعش اسيبهم وأقف كدا
أمير: ماشي...
★★★★
مضى ثلاثة أيام والحال كما هي الحال...ورد وحبيبة يسبحان في أنهار دموعهما وهيام تحاول تلطيف الأجواء من الحزن المنتشر فيه...ولا تخلو من زيارات أمير وبعض الفتيات للإطمئنان عليها دائما
وها هو اليوم الرابع تدخل هيام غرفة نور الدين لتنادى على ورد الممسكة بصورة والدها وتبكي بصمت فهى من يوم وفاته لا تخرج من غرفة أبيها وكأن رائحته المعبأة بالمكان تشعرها بوجوده... تارة تمسك ملابسه وتشم فيها وتارة تنام على سريره تستشعر حضنه وحنانه فهنا كان ينام...وهنا كان يحب يجلس للقراءة ...وهنا كان ينظر من الشباك...وهنا كان يفكر في زوجته ويبكي...وهنا وهنا وهنا...الغرفة مليئة بالذكريات...حقا تشعر وكأنه ما زال موجود...يحدثها..ويلاطفها... ويبتسم لها....
هيام: يا ورد هتفضلي لامتا قاعدة كدا وبتعيطي...انا مقدرة انك زعلانة بس انتي كدا بتهلكي صحتك وبتدمري نفسك...عالأقل كلى حاجة انتى من ساعة ما مات وانتى ما كلتيش غير مرة واحدة وحاجة بسيطة
ورد ببكاء: مش قادرة يا هيام...مش قادرة والله ولا ليا نفس اكل...صعبان عليا اوووى ان أغلى شخص على قلبي راح...اااااه يا قلبي ااااه همووووت خلاص
هيام: طب يا ورد عالأقل عشان أختك...هيا كمان حابسة نفسها في أوضتها ولا بتذاكر ولا بتاكل ولا أى حاجة المفروض انتى تكوني بالنسبالها كل حاجة دلوقتي وتعوضيها عن الأب والأم...
ورد: وانا مين يعوضني...
هيام: انتو الاتنين تعوضوا بعض دلوقتي انتى ملكيش غيرها وهى ملهاش غيرك لازم تستقوا ببعض وهى مش هتعمل كدا غير لما تلاقيكي انتى تخطيتي الحزن دا... أكيد أبوكي لو كان موجود كان هيزعل عشانكم ومش هيحب يشوفكم كدا
ورد: ماشي
وأثناء ذلك رن الجرس وذهبت هيام لتفتح الباب ولم يكن سوى أمير
هيام: اتفضل يا بشمهندس
أمير: ازيك يا هيام البنات عاملين ايه
هيام بحزن: والله تاعبيني معاهم مش راضيين ياكلو وكل واحدة حابسة نفسها في أوضة
أمير: طب ابعتيلي ورد عايز اتكلم معاها شوية
هيام: ماشي حاضر
صعدت ورد ونادت صديقتها
هيام: ورد تعالي أمير تحت عايزك
ورد: قوليله مش قادرة أنزل
هيام: يا بنتي مينفعش جايلك مخصوص وعايز يتكلم معاكي شوفيه عايز ايه وابقي اطلعي
ورد: والله الواحد ما ناقص هوووف... ونزلت
هيام: والله انتي خسارة فيكي النعمة...الراجل من ساعتها وهو مش سايبك لوحدك وقايم بكل حاجة واقف وقفة رجالة فعلا...لو واحد غيره مكنش عبرك
ونزلت خلفها تقدم عصير أو مشروب لأمير
أمير: هيام معلش هاتي أكل واحنا هنستناكي جوة
هيام: ماشي
دخل أمير وخلفه ورد وبعد قليل أتت هيام ووضعت الطعام وخرجت
بعد صمت دام لدقائق
أمير: كلي
ورد: مليش نفس
أمير: ما هو هتاكلي
ورد: ما قلت ماليش نفس
أمير ببرود: ولو
ورد بعصبية: انت مبتفهمش...قولت مش عايزة اكل
قام أمير من مكانه واقترب منها...بينما خافت هي من نظرته بشدة
ورد: ااا..انت بتقرب ليه؟
أمير: انا مبفهمش؟
ورد: ما هو انا قلت مش هاكل
أمير وهو يقترب أكثر: انا مبفهمش؟
ورد بتوتر: اه..لا...اه ااا
أمير بعيون مظلمة: عايز الأطباق دى كلها خلصانة خلال خمس دقايق
ورد: ماهو..
أمير: فات دقيقة
ورد: ط..
أمير: دقيقتين
ثم أمسك لقمة كبيرة ووضعها بفمها
أمير: لو مكلتيش هضطر أأكلك بطريقتي..ومش ماشي غير لما الأكل يخلص
بينما ورد تحاول بلع الطعام بصعوبة وتشعر باختناق...ظلت تأكل ببطء ويد مرتعشة تأكل مرة..وتنظر إليه بخوف مرة أخرى
بينما هو ينظر لها ببرود ويومئ برأسه أن تكمل
ورد: الحمد لله
أمير: بس الأكل مخلصش
ورد بدموع: مش هقدر أكل تاني والله
أمير: ماشي....ندخل بقااا في الموضوع اللى جاى عشانه
نظرت ورد إليه باهتمام
أمير: هتيجي انتى واختك تسكنوا معانا في الڤيلا خلاص...معدش ينفع تقعدوا لوحدكم
ورد بصدمة: نااااااعم؟
أمير: أنا سبتك تلات ايام عشان لو حد جه يعزى ولا حاجة... إنما كفاية لحد كدا واى حد حابب يشوفكم البيت واسع ومفتوح
ورد: لأ طبعا...انا مستحيل اسيب بيتي...ومش راحة في حتة
أمير: هيبقى ليكي أوضة لوحدك وأختك هيبقا ليها أوضة ومحدش هيضايقك هناك وكلهم بيحبوكي انتى واختك
ورد بعناد وهى تربع يديها فوق صدرها : بردو مش راحة
أمير يلا مبالاة: خلاص ننقل عالحل التاني
ورد باستغراب: واللى هو؟
أمير: نيجي احنا هنا نسكن معاكم
ورد: انتوا اللى هو مين بالظبط؟
أمير: أنا وماما واخواتي وعمى وولاد عمى وعمتى وولاد عمتى و
ورد بصدمة: بس بس انت هتجيب العيلة كلها تعيش معانا
أمير: اه ما هو انتى مش موافقة تيجي انتى..ودا الحل التاني...ما هو مش هينفع تفضلوا لوحدكم في البيت ف يا تيجوا انتو يا نيجي احنا...ولعلمك..لو جيتوا عندنا هيبقى انتى في أوضة واختك في أوضة إنما شوفي العكس بقااا زى ما انتى شايفة بيتكم مش كبير اوووى يقضينا كلنا...اينعم هو كبير بس كان مكفيكي انتى وابوكي واختك لكن لما احنا نيجي هنضطر كل أسرة تقعد في أوضة... واتنين وتلاتة فى أوضة واحدة...وبما انى جوزك فانا وانتى هنبقا في أوضة ...اه ما هو عشان نراعي المكان
ورد بصدمة: لا طبعا مستحيل انت اتجننت؟ انا لا يمكن اقعد معاك في أوضة واحدة
وقف أمير: براحتك...يبقا اختارى الحل التاني...وانا قولت اللى عندى..هسيبك تفكرى وتحضرى الشنط وهاجى اخدكم بكرة... وإلا هعرف انك اخترتي الحل الأولاني...ثم أكمل بخبث ...وهيبقى نعم الاختيار...ثم تركها وخرج
وقفت ورد مزهولة: وقح...اتجنن دا ولا ايه...ياربي عالمصيبة اللى انا فيها دى هعمل ايه؟
يتبع الفصل الثالث عشر اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية جنة أميري" اضغط على اسم الرواية