رواية سيليا والشيطان الفصل الرابع عشر 14 - بقلم رولا هاني
رواية سيليا والشيطان الفصل الرابع عشر
أجهشت بالبكاء المرير و هي ترتمي علي الفراش لتخبئ وجهها بكلا كفيها، لتحارب وقتها تلك الذكريات الكريهة التي داهمتها بلا رحمة، لتتذكر وقتها ذلك الأحمق، و ذلك البيت، و ذلك اليوم، بينما "بيسان" تدلف للغرفة بخطواتها المتوترة و هي تتسائل قائلة بنبرة لطيفة:
-"سيليا" إنتِ كويسة؟
جزت علي أسنانها و هي تكتم صوت بكائها ليخرج منها وقتها ذلك الأنين الخافت، و هي تتمني أن يكن لديها قدرة علي البوح بكل ما ينغص عليها حياتها، بكل ما يؤلم قلبها، بكل ما يحرق روحها المسكينة، بينما "بيسان" تلاحظ تلك الحالة الغريبة التي كانت فيها لتقترب وقتها منها بخطواتٍ مترددة، لتجلس بجانبها علي الفراش، ثم مدت كفها بإرتباكٍ لتسحب كلا كفيها من علي وجهها، فوجدت تلك العبرات تغمر كلا وجنتيها، لذا صرخت هي وقتها بصدمة، فهي و لأول مرة تراها بتلك الحالة المزرية:
-"سيليا" حصلك إية!؟
صرخت باكية بألمٍ و هي ترتمي بين أحضانها، لتنتحب بحرقة و هي تتشبث بملابسها، بينما "بيسان" تربت علي كتفها بعدما جحظت عيناها بعدم تصديق، أتلك هي الفتاة القوية التي تزوجها إبنها!؟...ما الذي حدث ليجعلها في حالة إنهيار تصيب المرء بالدهشة هكذا!؟...لاحظت إرتجاف جسدها العنيف فإحتضنتها بحنان هامسة ب:
-كل حاجة هتبقي تمام، إهدي، كفاية عياط و ب..
و فجأة قاطعها "تميم" الذي دلف للغرفة بخطواته الراكضة كالثور الهائج، فسألته هي غاضبة بملامح عابسة، بينما "سيليا" تتشبث بها و هي غافلة عن كل شئ:
-عملت فيها إية!؟
كادت أن تتابع صارخة بإهتياجٍ و لكنها توقفت عندما وجدته يخرج من إحدي الأدراج سلاح ناري ليضعه بجيبه، فهبت هي واقفة تاركة "سيليا" التي جففت عبراتها سريعًا لتتابع وقتها ما يحدث، بينما "بيسان" تصرخ برعبٍ:
-واخد المسدس دة و هتعمل بيه إية!؟
كاد أن يتركها غير مكترث لها و لكنها أوقفته عندما قبضت علي ذراعه لتجعله يقف قبالتها، و هي تتابع صارخة بتساؤلٍ:
-رُد عليا السلاح دة واخده لية؟
أجابها بنبرة مهتاجة و الشر يتطاير من عينيه، بينما "بيسان" المصدومة تتابعه بعدم تصديق، أما "سيليا" فهي مازالت تتابع ما يحدث لتفهم وقتها ما يقصده زوجها:
-بنتك مسافرتش لخالها، خالها مش في إسكندرية أساسًا.
عقدت حاجبيها لتحاول تجاهل ما يرمي إليه بحديثه قائلة:
-أمال سافرت لمين!؟
تحرك وقتها ليسير بخطواته السريعة صائحًا ب:
-دة اللي أنا هعرفه، بس لو طلع اللي في دماغي صح مش هرحمها يا ماما.
تسمرت بمكانها و هي تراه يخرج من البيت، و فجأة شعرت بدوار عنيف فترنحت في وقفتها و هي تستند علي باب الغرفة، بينما "سيليا" تنهض من علي الفراش سريعًا لتتجه ناحيتها صائحة بوجلٍ:
-إنتِ كويسة!؟
إزدردت "بيسان" ريقها بصعوبة بالغة قبل أن تهمس بهلعٍ و قد إمتقع وجهها:
-هاتيلي تليفوني بسرعة من أوضتي.
عقدت "سيليا" حاجبيها ببعض من التعجب قبل أن تتركها و هي تؤمئ لها برأسها عدة مرات، بينما "بيسان" تتمتم بإصرارٍ و الدموع تلتمع بعينيها:
-حتي لو كان اللي بيقوله صح، لازم أنقذ بنتي.
_________________________________________
-هروح فين بس الكام ساعة دول!؟
قالتها "رحيق" و هي تزفر بحنقٍ، ثم سحبت خلفها حقيبتها الكبيرة و هي تتنهد بعمقٍ هامسة ب:
-كنت ناقصة الزفت اللي إسمه "برق" دة!؟
و فجأة وجدت سيارة تمر بجانبها فألقت عليها نظرة سريعة قبل أن تكمل سيرها، و لكن لفت نظرها ذلك الرجل الذي أخرج رأسه من النافذة قائلًا بجدية:
-مش إنتِ "رحيق" أخت "تميم"!؟
عقدت حاجبيها بذهولٍ قبل أن تتوقف لتتوقف السيارة معها، إقتربت منه هامسة بإستفسارٍ و هي تشعر بعدم الإطمئنان و لكن فضولها الأحمق منعها من إكمال سيرها لتعرف هوية ذلك الشخص الذي يعرفها:
-أيوة خير؟
كاد أن يرد عليها، بينما هي تتابعه بإهتمامٍ واضحٍ، و فجأة وجدت رجل ما يكمم فمها من الخلف ليسحبها تجاه السيارة بصورة سريعة أصابتها بالفزع الشديد، فظلت تحاول المقاومة و لكنها لم تستطع خاصة عندما أخذها بالفعل لداخل السيارة لتشعر وقتها برجلٍ أخر يلف تلك القماشة علي عينيها لتصبح الرؤية لديها معدومة!
___________________________________________
-مبتردش دي لية!؟
قالها "بلال" بعصبية و هو يغلق هاتفه ليضعه بجيبه، ثم دلف لغرفته بذلك الفندق و هو يتمتم غاضبًا:
-المفروض بقي أعمل إية بعد ما الهانم مردتش عليا!؟
مرر كلا كفيه علي وجهه بعنفٍ قبل أن يرتمي علي تلك الأريكة متسائلًا بحيرة:
-ياتري "تميم" عرف بالحقيقة!؟
____________________________________________
-يابني ريحني و رُد عليا بقي!؟
قالتها "سندس" و هي تسير خلف إبنها لتتابع بعدها و هي عابسة الوجه:
-لا ماهو إنتَ لازم تفهمني كل حاجة و إلا مش هسيبك.
حاول "يحيي" الهروب بعينيه من كلا عينيها التي تراقبه بلا توقف، ثم رد عليها بجمودٍ:
-كل حاجة بس إية يا ماما، محسساني إن في مصيبة، مفيش أي حاجة صدقيني.
و بتلك اللحظة أصبحت نبرتها حادة لتصرخ وقتها بنزقٍ:
-إنتِ هتخبي علي أمك ولا إية!؟...ما تنطق يالا.
زفر بنفاذ صبر قبل أن يصيح بإهتياجٍ و هو ينظر في عينيها مباشرةً:
-أقولك إية!؟...أقولك بنتك قتلت واحد عشان تسرقه و إبن خالته جه عشان ينتقم منها و هو عيلته و إتجوزها عشان كدة، أقولك إية ولا إية!؟
جحظت عيناها بصدمة و هي تتراجع بخطواتها للخلف لتهز رأسها رافضة تلك الفكرة من الأساس، ثم تسائلت صارخة و هي تلطم علي كلا وجنتيها:
-اللي بتقوله دة صح!؟
إزدرد ريقه بصعوبة قبل أن يومئ لها و هو يطرق رأسه ليصيبه شعور الندم عما قاله، بينما هي تتلاحق أنفاسها قبل أن تصرخ بنبرة مهتاجة:
-لا..لا، بنتي متعملش حاجة زي دي، إنتَ أكيد كداب.
رفع رأسه قليلًا ليتابع وجهها الشاحب بتوترٍ ملحوظٍ ليهتف بعدها مباشرةً بتوجسٍ:
-ماما..
قاطعته صارخة بتلعثمٍ و هي تقع علي الأريكة جالسة بعدما لم تتحمل قدماها حملها:
-ب...بنتي...بنتي في...في خطر أكيد هُما عايزين يأذوها.
إلتمعت الدموع بعينيها قبل أن تهمس بأسي:
-"سيليا".
فقدت الوعي بعدها مباشرةً، فصرخ وقتها "يحيي" بذعرٍ و هو يركض ناحيتها:
-مـامـا.
____________________________________________
-رُدي علي مامتك.
قالها بقتامة بعدما حل وثاقها، فرمقته هي بإحتقارٍ صارخة بإشمئزازٍ واضحٍ بنبرتها التي ظهر فيها النفور:
-"تميم" مش هيرحمك يا "برق"، لو عرف اللي عملته دة مش هيسيبك.
أغلق هاتفها ثم رماه بإهمالٍ علي الأرضية، ثم إقترب ليجلس أمامها علي ذلك الكرسي الخشبي قائلًا بثقة أصابتها بالصدمة:
-"تميم" لو عرف إني خطفتك هيشكرني.
تفحصته بعينيها جيدًا قبل أن تصيح بذهولٍ:
-يعني إية!؟
رد عليها و إبتسامته تتسع أكثر، بينما هي تفغر فمها بعدم تصديق، لتحاول إستيعاب إن كل ما خططت له خلال تلك الفترة كان بلا جدوي:
-بما إني عارف إن خالك مسافر الفترة دي و مش في إسكندرية، و بما إني عارف إنك سافرتي إسكندرية و مفهمة أخوكي إنك رايحة لخالك، قولت بقي أكلم خالك أقوله إن "تميم" زعلان عشان مكلمتوش و مجيتش فرحه و كدة، و اكيد طبعًا خالك كلمه و فهمه إنه مسافر برا.
إتسعت حدقتاها و هي تهز رأسها رافضة بهستيرية، هامسة ب:
-أكيد لا، أكيد إنتَ بتكدب، أكيد معملتش كدة.
إزدرد ريقه و هو يحاول تجاهل حالتها التي علي وشك الإنهيار تلك، ثم صاح بثباتٍ و هو يرمقها بكراهية زائفة:
-لا هي دي الحقيقة، و ضيفي علي كدة حكيتله كل حاجة و كل اللي بينك و بين "بلال"...هو صحيح مصدقش بس أكيد لما عرف كدبك إبتدي يشك فيكي.
نهض ليوليها ظهره بعدما شعر بضعفه الأحمق يظهر علي تعابير وجهه ما إن رأي عبراتها المصدومة تنهمر علي وجنتيها بلا توقف، ثم تابع بهدوء مصطنعٍ و لكنه مستفز:
-و أنا كمان اللي خليت صاحبتك تمشيكي من بيتها، قوليلي بقي تحبي أكلم أخوكي ولا تنفذي اللي هقولك عليه بالحرف؟
لاحظ صمتها الذي طال فإستدار لها ليجدها تهمس بصعوبة واضحة:
-"تميم"...ل..لو عرف..هيقتلني.
إرتسم علي ثغره إبتسامة جانبية متهكمة، قبل أن يجيبها بنبرة مستهزئة:
-عنده حق، بصراحة أنا لو مكانه كنت دفنتك مكانك مش بس قتلتك.
إرتجف جسدها و هو تتوقع رد فعل شقيقها و حالته الحالية، ثم إنكمشت علي نفسها برعبٍ و هي تدفن وجهها بكلا كفيها، لتهز رأسها بهستيرية رافضة كل ما يحدث، لتتمني أن يكون ذلك ما هو إلا مجرد كابوس ستستفيق منه بأي لحظة، و فجأة أفزعتها نبرته الباردة و هو يهتف ب:
-واضح من سكوتك إنك عايزاني أكلم أخوكي فعلًا، مفيش أي مشكلة.
وجدته يتجه ناحية هاتفه ليلتقطه، فوجدته يضغط عليه عدة ضغطات، لذا هبت واقفة و هي تتجه ناحيته راكضة، و فجأة تعثرت قدمها لتقع أمامه و هي تلتقط كفه لتقبله عدة مرات صارخة بتوسلٍ من وسط عبراتها التي غمرت كلا وجنتيها:
-أبوس إيدك أخويا هيقتلني.
سحب كفه من بين كلا يديها قبل أن يهتف بثباتٍ، و هو ينظر في عينيها مباشرةً:
-يبقي تنفذي اللي هقولك عليه بدون نقاش.
يتـبـــــــــــــــــــــــع الفصل الخامس عشر اضغــــــــط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية " رواية سيليا والشيطان " اضغط على اسم الرواية