رواية نار وهدان البارت الأول 1 بقلم ام فاطمة
رواية نار وهدان الفصل الأول 1
خُيم ظلام الليل على إحدى قرى نجع الصوامعة بمحافظة سوهاج واحتدم الظلام الدامس مع قسوة الصقيع
وهطول الأمطار التي تغسل الوجوه قبل القلوب .
وتخلل هدوء الليل صرخات بدور التى باغتتها ألالام المخاض فأخذت تصرخ ....ألحجونى يا خلج ، هموت يا ناس خلاص ، حرام عليكم .
فولجت إليها نعيمة خادمة فى دوار العمدة كما يطلقون عليه فى فترة السبعينيات .
وهو بيت توالت عليه العصور ويتوراثه تابع عن تابع لذا هو قديم يتكون من ثلاث طوابق يُزين أغلب حجراته
بنقوش بعدة ألوان مختلفة وكذلك تلك النقوش على نوافذ الشرفات .
وكان الطابق الأخير مخصص للعمدة سالم الصوامعى وزوجته نچية بنت عمه ( زهران الصوامعى ) وبناته الثلاث ( زهرة و زينة وزينب ) .
وسالم الصوامعى ( العمدة ) رجل فى بداية الاربعينيات طويل القامة ، ذو جسد ممتلىء ، خمري اللون يهابه
الجميع لسلطته ونفوذه وعلى الرغم من ذلك تراه مثل الحمل الوديع بين يديزوجته وحبيبته ( نچية ) التي تستغل دوما
حبه لها فتفرض سيطرتها عليه وعلى كل من فى البيت .
فلسانها لاذع وقلبها أسود قاسٍ، لا تشفع لأحد قط .
لذا يكرهها الجميع ولكن أمامها يمتثلون طاعة لها خوفا من بطشها .
وقفت نعيمة خادمة نچية وكاتمة أسرارها أمام بدور واضعة كلتا يديها على خصرها .
وبنظرة تهكم ونبرة حادة .......في إيه يا غراب البين أنتِ ؟
هتصرخي ليه إكده وسط الليلالى ؟
أكتمى كتك حش وسطك يا بعيدة .
خلينا نعرف ننام في ليلتك المجندلة دي.
تأوهت بدور ألما من المخاض قائلة بتعب جَلى على وجهها ...حرام عليكِ يا نعيمة ، ده أنا هروح فيها وأنتِ السبب
في ده كله ، عشمتيني بالنعيم أتاريكِ رمتيني في جهنم ، حسبي الله ونعم الوكيل .
نعيمة ببرود .....ما أنتِ مصونتيش النعمة وكنت عايزة تعملي فيها صاحبة الدار ، ونسيتي نفسك يا بت أنتِ مين وبنت مين ؟
وتابعت نعيمة إهانتها بقولها ،،
أنتِ بت إسماعيل حارس المواشي وكنتِ انتِ هتشيلي بيدك الجَـلّة من تحتيهم ( فضلات البهائم ) .
تقوس ظهر بدور من شدة تفاقم الألم عليها فأمسكت ببطنها مردفة .....يارتني كنت فضلت إكده بدل العذاب
اللي شوفته عنديكم ده .
ثم إزدادت صرخاتها حتى زلزلت البيت كُلِه ووصل عند مسامع سالم ونچية ففزعوا من النوم على صوتها .
سالم فزعا....إيه ؟ هو فيه إيه ؟
مين هيصرخ إكده في نص الليالي؟
ثم قام سريعا من فراشه ليضع جلبابه على جسده وعندما اقترب من الباب صاحت به نچية ...على وين العزم إن شاء الله ؟
توقف سالم في مكانه قائلا بدون النظر إليها...هروح فين يعني ؟
هروح أشوف إيه اللي حوصل ومين اللي هتسوط دي ؟
فقامت نچية من فراشها وتقدمت إليه بخطوات ثابتة ثم وضعت يدها على كتفه وهتفت بسخرية ....لا ريّح نفسك أنت إكده ومدد على السرير وأنا اللي هنزل هشوف مين هتسوط دلوك وهعرفها مجامها .
تلون وجه سالم وابتلع ريقه قائلا بصعوبة....إكده !
طيب ، روحى أنتِ.
فابتسمت نچية بمكر ثم وضعت الشال على رأسها واتجهت للدرج لتجد خادمة تركض مسرعة أمامها بدون أن تلاحظ وقوفها ، فصرخت عليها مردفة ...هو فيه إيه تحت يلي متسمى أنتِ ؟
مين مجصوفة الرجبة اللي هتصرخ إكده دلوك ؟
إرتجفت الخادمة من سؤالها ولكنها سارعت في الرد خوفا من بطشها .........دي البت بدور يا ست هانم شكلها هتولد الليلة .
وكنت لِسانى هجول لحضرتك ، عشان عايزين نشيع لها أم محروس الداية .
إغتاظت نچية وضمت شفتيها بغيظ وتملكها الغضب وتمنت أن لو ماتت هي ومن في أحشائها حتى يرتاح قلبها .
لإنها تخشى أن تأتى بالولد الذي تمناه سالم فيسلُب له عقله من شدة حبه له .
ويشتد عوده وتصعُب السيطرة عليه ، ولن يكون لها حينئذ دور أو رأي .
وربما تأخذ مكانها بدور فرددت متوعدة لها ......لا لا ده أنا آخد روحها ومتعتبش نحيتي.
ولا تاخد مكاني ولا تجدر تاخد جلب سالم ، أنا اللي في چلبه وعچله بس .
آه يا ناري يارتني موفجت على اللي چولته يا بوي .
انت اللى جولت أچوزه بنت غلبانة تچبله الولد عشان خلفتى بنات عشان العومدية متروحش منينا .
لا تروح العمودية بس چلبي يرتاح .
آه يا چلبي آه .
الخادمة.......ها يا ست هانم أروح أچبلها الداية عشان دي شكلها هيفطس خلاص من عِزم الألم .
ولو لا قدر الله ملحجنهاش العيل اللي في بطنها ممكن ينزل ميت .
تنبهت نچية لقول الخادمة فتمتمت في نفسها ....ياريت كنت خلصت من الهم اللي هتچيبه ده .
ولكنها خافت من بطش سالم ، فآثرت أن تبعث لها بالقابلة حتى لا يتهمها أحد بالتقصير .
نجپة بنبرة تحمل الغيظ والتهكم ......روحي يا بت هتلها الداية خلينا نخلص من الليلة المجندلة دي ونعرف نتخمد ننام .
فأسرعت الخادمة لإستقطاب القابلة أم محروس .
................
انتبهت القابلة أم محروس على صوت طرقات على الباب كثيرة وعالية فرددت بنعاس وتثاؤب.....منك لله يلي طيرت النوم من عيني .
أمري للّه هچوم أفتح يمكن حالة مستعچلة أهو ثواب بردك .
فقامت أم محروس بخطوات متثاقلة نحو الباب وفتحت لترى الخادمة هنية أمامها وعلى وجهها الخوف والتوتر وصدرها يعلو وينخفض من أثر الركض .
ضربت أم محروس بيدها على صدرها هاتفة.......فيه إيه يا بت ؟ مالك إكده ؟ زى مايكون كان هيچري وراكِ عفريت .
حاولت هنية إلتقاط أنفاسها بصعوبة هاتفة......إلحجي بدور مرت العمدة التانية هتولد وجَطعة النفس .
فبسرعة يا أم محروس دي بت غلبانة وصعبانة عليه جوي .
فزعت أم محروس من حديثها خوفا على بدور وخوفا أيضا من بطش نچية .
فوضعت يدها على صدرها مردفة ....يا حبيبتى يا بتي .
هروح أهو جوام أحط الشال عليه وأچيب حاجتي وأچي .
فأسرعت أم محروس لإرتداء ملابسها ثم ذهبت معها لبيت العمدة .
.............
ولجت نجية إلى حجرة بدور والشر يتطاير من عينيها ، حتى تلون وجهها بالحمرة نتيجة الغيظ والقهر هاتفة بإستهزاء .......إيه يا ولية أنتِ المغاغة اللي عملاها دي ، هو أنتِ أول وحدة تولد ولا إيه ؟
مهتولد الحريم في الغيط وتجوم تشتغل عادي ، ولا هو دلع وخلاص .
نظرت لها بدور بعين الحسرة والندم الممزوج بالقهر وتحاملت الألم بقدر الإمكان حتى لا يمتد إليها بطشها لعلها في النهاية تخرج بولدها من هذا البيت الذي يشبه الجحيم .
ليحترق آخر أمل لها في الحياة عند قول نچية ....يكون في علمك اللي چي دى ولد أو كان بنت هيكون ولدنا إحنا ؟
اِستنكرت بدور قولها مردفة .....كيف يعني ولدكم ؟
عقدت نچية حاچبيها مرددة...........يعني أنتِ إكده مهمتك إنتهت ؟
هتولدي وهناخد الولد وتمشي على بيتك أبوكِ بعد ما يرمي عليكِ سالم اليمين كيف ما اتفچت معاه .
لتصرخ بدور صرخة ألم زلزلت الجدران ...لا ده ميرضيش ربنا أبدا اللي هتچوليه ده ، أنتِ أم وعارفة كيف غلاوة الضنا ؟
ثم حاولت رغم آلامها أن تقبل يدها مستغيثة بأي ذرة رحمة بها ، أن لا تحرمها من فلذة كبدها .
ولكن الطاغية نچية سحبت يدها سريعا ثم باغتتها بركلة اسقطتها على ظهرها قائلة ....إياكِ تكرريها ، معَيزاش يدي تتوسخ يا بتاعة البهايم .
أصابت ركلة نچية ،بدور بالإغماء ، ولم يطرُف لنچية رمش بل بصقت عليها هاتفة...كفياكِ دلع بچا .
ثم هتفت بزمجرة لـ نعيمة ....انا خلاص معدتش جادرة استحمل البت دي .
انا طالعة عاد أوضتي أريح شوي ، ولما تتهبب تولد ، شيعيلي أچي من سكات إكده ومتعليش صوتك عشان سيدك سالم ميصحاش .
ابتسمت نعيمة بمكر مرددة ..حاضر يا ست الستات .
إطلعى إنتِ مددي إكده ولا يهمك حاچة واصل وأنا هتصرف .
نچية بإمتنان ...تعيشي يا نعيمة .
غادرت نچية للأعلى فوجدت سالم مازال مستيقظا .
والرغبة في معرفة ما يدور بالأسفل ظاهرا بقوة على ملامحه بدون أن ينبس بكلمة .
شعرت نچية بما يدور في عقله فأرادت بذكائها أن تنفض عن عقله أىي غبار حتى تعلم ما انجبت بدور .
فتغنجت بجسدها أمامه بعد أن ألقت الشال الذى كانت تخفى به جسدها من الأعلى .
ثم عبثت بخصلات شعرها ونظرت له بهيام وعشق مصطنع ، لتنثر على جسدها عطرها المفضل ثم جلست بجواره على الفراش .
لتهمس في أذنيه بدلال تقصده ، لتطفىء نار اشتياقه لمعرفة ما يحدث وتقيد نار أخرى لا يطفئها سوى قربه منها .
....يا عيني عليكي يا چلبي،لساك عينيك مشافت النوم،اكيد اتوحشتك مس إكده؟
سالم وقد إبتلع الطعم .....چوي چوي يا عيون سالم .
أطلقت نچية ضحكاتها النارية وكأنها تسكب البنزين على النار لتوقدها أكثر .
ليطوقها هو بذراعيها لينعم من دفئها ثم يغوص مرة أخرى في نوم عميق متناسي ما حدث .
لتتنهد نچية بقهر بعد نومه ، ثم أزاحت يده التي تحيط صدرها ببطىء .
و أخذت تتأمل وجهه وهو نائم زافرة بضيق ....والله يا ابن عمى كنت أحب الناس ليه ، لكن بعد چوازك من اللى مَتسمى دى ، والنار اللى جادت فى جلبى من يومها ، بچيت انسان عادى وراح الحب اللى حبتهولك كلاته .
ثم انهمرت دموع التماسيح من عينيها مردفة بنحيب.....
دي لو چابت الولد صوح !
ممكن تخليه ينسى الدنيا واللي فيها وممكن ينساني أنا كمان حب عمره نچية وممكن كمان الواد ده ياخد كل حاچة ، تعبنا وشچانا العمر كلاته أبًا عن چد ويمنع كومان بناتي منيه .
....لا ده أنا اشرب من دمها ودم ولدها ده.
....لا وانا لسه هستنى يعيش ويعمل إكده .
... أنا أخلص منه من دلوقتي.
.... بس كيف؟
اموته ؟
لا انا جلبي بردك ضعيف ؟ مش هچدر بيدي .
...هخلي البت نعيمة تعملها هي چلبها جاسي عرفاها زين ، وهتچدر عليها .
................
ما ذكرته كان من ذاكرة وهدان بطل الرواية ، فهو يحكى
قصته منذ الصغر لزميل له فى السجن ، وقد ولج للسجن بسبب أفعاله التى تربى عليها فى الجبل .
فردد وهدان أثناء نومه بدون أن يشعر """""
كانت عايزة تموتنى وأنا كنت لساني حتة لحمة حمرا أنا وأختي بس لحجتني زهرة وچوزها وخدوني عنديهم في الچبل وحصل اللي حوصل .
مش كانت موتتني أحسن ما كنت أشوف العذاب اللي شوفته ده في دنيتي وأنا مليش ذنب .
ثم ردد اسم زوجته وردة أيضا فى الحلم .
آه يا حبة جلبي يا وردة
وحشتيني چوي چوي
وردة ، وردة ، وردة
استيقظ همام زميله فى السجن على صوت وهدان وهو يحلم .
فحرك رأسه في أسى حزينا على صديقه وهدان فهتف قائلا.........مفيش فايدة فيك يا صاحبي ،كل ليلة بردك ، هتحلم وهتخطُرف بإسم مرتك وردة.
مش عارف كيف راچل يحب وحدة ست الحب ده كله ؟
امال انا ولا بتيجى فى دماغى خالص البهيمة اللى اتجوزتها ليه ؟
بالعكس أنا حاسس إن السجن ده أهون من عشرتها اللي تغم النفس دي .
يا وعدى عليكم .
ياما نفسي أخرج أشوفلي وردة حلوة أنا كومان ، أاهيص وأعيش حياتي اللي راحت بين بوز النكد اللي چوزتها والسجن .
استيقظ أيضا على صوت وهدان سجين آخر يدعى سيد الشحات يشتهر بسوء أخلاق،فصاح قائلا مصوبا نظره نحو همام...خلي صاحبك يتكتم ويچصر الشر أحسنله.
بدل ما أچوم أكتمه أنا بيدي، عشان نخلص من تخاريفه كل ليلة.
تملك همام الخوف من نظرات سيد المنذرة بعواقب وخيمة .
فمال على جسد وهدان ونغزه بيده ليستفيق قائلا....چوم يا وهدان چوم ، وبطل تخاريفك دي .
يأما هتكمل نومتك فقط المستشفى ومش بعيد المشرحة لو زاد غضب اللي ميمسى سيد عليه لعنة الله ، إمتى ربنا يريحنا منه ومن أذاه ؟
اضطرب وهدان فى نومته فاعتدل فجأة صائحا بغير وعي .....إيه ؟
حوصل إيه؟
أنتِ بخير يا وردة ؟
فضحك همام ثم رخم صوته ليظهر بصوت أنثوي بعض الشيء.......بخير طول ما أنت بخير يا بغلي ههههه.
همام....والله تعبتنى يا وهدان ، وان شاء الله لو فضلت على إكده ، مش بعيد تجضى الشوية اللى فضنلك دول فى مستشفى المچانين .
إنتبه وهدان لصوت همام وأدرك أنه كان يحلم فتنهد بألم ......ميتى بس الحلم يكون حجيجة ؟؟
السنين هتمر وخايف أموت جبل ما أطلع من إهنه .
أشفق همام على صديقه وهدان بقوله.....يا راچل چول كلام غير ده ، هتطلع من إهنه إن شاء الله صاغ سليم .
وهتطلع لوردتك وتچبلنا چوز فل وياسمين إكده عال العال .
رفع وهدان بصره السماء ودعا بقلب واثق ......يارب ، يارب .
أنت عالم بحالي وعالم إني توبت عن كل حاچة عفشة عملتها وده بفضل نعمتك عليه ثم بفضل أحن الناس عليه وأحبهم وردة .
فيا چامع الناس ليوم لا ريب فيه ، إجمعني بيها عن جريب ، أنا مشتاج ليها چوي جوي .
نكزه همام في ذراعه بدرعابة و مردفا .......مفيش دعوة لأخوك همام هو كومان ، كله وردة ، وردة .
فضحك وهدان واتبع دعاءَه ...ويارب توب على أخويا همام ويبطل سرجة واهدي چلبه .
أصدر همام صوتا....إيـــه ولما ابطل سرقة ، هأكل العيال وأمهم منين ؟
وهـجيب طلباتها اللي ملهاش آخر دي منين ؟
ويارتني هتمتع بيهم ؟
إلا أنا هتحبس إهنه كل شوية ، وهي هتصرف هي والعيال اللطخ اللي أنا مخلفهم دول .
وهدان.....يا همام يا خويا اللي خلجك عمره مهينساك واصل .
والحرام عمره ما كان فيه بركة ، وأديك أعو زي مجولت إهنه وهما هيعيشوا حياتهم وياريت حد هيسأل فيك .
طأطأ همام رأسه بحزن هامسا.......أيوه عندك حچ.
مهو عيال الفجرية فوزية لزمن يكونوا إكده .
عشان هي ربتهم أن الواحد عنده مصلحته ونفسه فوچ الكل ، غير كتر الفلوس بوظهم وأخلاچهم بچت عفشة وطلباتهم مبتخلصش .
ربت وهدان على كتفه بحنو هاتفا...شوفت وفي الآخر هتتحاسب چدام ربنا لوحدك .
أما الرزق فده چي چي بس ليه شرط واحد
فتح همام عينيه بإندهاش مرددا ...إيه هو الشرط ده ليمني عليه ؟
وهدان بإبتسامة....في قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}
اغرورقت عينا همام بالدموع وأردف...والله كلامك حلو چوي چوي ويدخل الچلب يا صاحبي بس نصيبي إكده بچا.
ثم تابع "
بجولك يا واد عمي ...متحكيلي حكايتك .
وإزاي وأنت راجل طيب إكده وتعرف ربنا ، چيت السجن وكيف عتحب مرتك چوي إكده ؟
أول مرة أشوف صعيدي إكده صراحة .
ابتسم وهدان ثم تساءل ...وه ، كيف يعني الصعايدة عيحبوش إياك ؟ ملهمش چلب زي باچي الخلچ.
همام .. إيه والله ، ليهم جلب هيغرد كومان بس للأسف ، هيخبوا ويكتموا في نفسيهم يا واد عمي .
عشان الحُرمة لو أدلچت عليها إكده ، هتركبك ، وهتشوف نفسها عليك وهتمشي موطي راسك چدام الناس .
فعشان إكده عنحب من سُكات ، وهنيچي عليهم من ورا جلوبنا ونسكهم في راسهم العوچة دي عشان ميچدروش يتحدتوا معانا نص كلمة ،ويسمعوا الكلام من سُكات .
تغير وجه وهدان ثم حرك رأسه برفض قائلا....إيه حديتك الماسخ ده ؟
كيف يعني نديها فوچ رأسها وإحنا عنحبها ، تركب كيف دي ؟ وليه ؟
كده يا صعيدي يا خايب أنت هتخليها تكرهك مع الوچت وچيمتك اللي هتچول عليها دي ، هتنزل من نظرها ولو يعني عاشت معاك ، هتعيش مچهورة وغصب عشان العيال وبس .
وبالعكس كل متدي الست حب هتشيلك فوچ دماغها وهتريحك وهتديك أضعاف الحب ده كومان يا همام وسيبك من الكلام اللي لا يودي ولا يچيب ده .
وضع همام يده فوق رأسه وضيق عينيه مهمهماً....عع يابوي .
فضحك وهدان .....شكلك فهمت يا نصة .
ثم استيقظ سيد الشحات مرة أخرى ، ليقف أمامهم وكان طويلا كالحائط، شديد الصلابة ويخافه الجميع .
فارتعد همام أما وهدان فظل يردد ( اللهم اكفينه بما شئت وكيف شئت ) .
فكأنه لم يرى وهدان وإنما يرى فقط همام فنهره قائلا قائلا ......طيب جدامي يا عسل ، بدال مش چيلك نوووم ، هريحيك أنا على الآخر .
ارتعدت أوصال همام واستنجدت عيناه وهدان الذي لم يفهم مقصد سيد الشحات .
وباغته سيد بمسكه من تلابيب ملابسه ولم يتح له فرصة أن يخرج أي صوت استغاثة .
هامسا...جوم معايا من غير شوشرة ، ثم ترك سيد ملابسه .
ودفعه أمامه إلى دورة المياه ، ليفعل معه الفاحشة .
ليبكي بعدها همام كالأطفال ولم يستطيع أن ينبس بأي كلمة لأحد خوفا من بطش سيد وحرجا أيضا .
ولكن عقاب الله شديد .
قال تعالى{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِيْنَ * إِنَّكُم لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسآءِ بَلْ أَنْتُم قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنْجَيْنَاهُ وأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الغَابِرِيْنَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِيْنَ} (الأعراف: 80-84) .( بعتذر طبعا عن المشهد ده بس لأسف مشهور جدا في السجون ولا حول ولا قوة إلا بالله ) .
..................
عاد وهدان للنوم مرة أخرى لتصارعه أحلامه من جديد على ما حدث له قُبيل ولادته .
حيث تذكر فى أحلامه ما يلى """
حين ولچت أم محروس القابلة على بدور لتچدها تصارع الموت ووجهها يتصبب عرقا بعد أن استفاقت من الإغماءة بعد أن حاصرتها من جديد آلام المخاض .
فأسرعت إليها وانحنت بجذعها إليها وقد امتلئت عينيها بالدموع قائلة بتودد.......يا عيني عليكِ يا بتي وعلى اللي صابك .
فحركت نعيمة فمها يمينا ويسارا بإستنكار قائلة ...جرا إيه يا ولية أنتِ ، أخلصي ولديها ولا چية تطبطى عليها بحديتك الماسخ ده .
فأغمضت أم محروس عينيها بحسرة على ما آل إليه وضع بدور التي كانت من أجمل فتيات القرية .
ثم قالت لـ هنية .....هاتيلي يا بنتي بسرعة المية السخنة ومجص إكده حامي وقطع قماش كتير وبطانية صغيرة نلف بيها العيل .
أومأت هنية برأسها في عجالة مردفة ......حاضر ، حاضر .
ثم دعت لها سرا....يارب چومها بالسلامة دي بت غلبانة جوي .
وما أن خرجت حتى سمعت صوت بكاء الطفل .
فابتسمت هاتفة الحمد لله ، لتسرع بعدها لتأتي بما طلبته منها القابلة أم محروس .
ثم ولجت إليهم مرة أخرى لتتفاجىء......؟؟
يا ترى شافت إيه ؟؟
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية نار وهدان" اضغط على أسم الرواية