رواية هذا أنا الفصل الأول بقلم أحمد سمير حسن
رواية هذا أنا الفصل الأول
من اخبرك بأن هذه هي حياتك الأولى؟"
نظر لي الطبيب باستخفاف وقال:
- بتفتكر ذكريات مش بتاعتك إزاي يعني يا أستاذ أحمد؟
= صدقني زي ما بقول لحضرتك، أنا بفتكر ناس تانيه وبحس بحنين ليهم، وأنا صغير كان ممكن اتخيل مكان مروحتوش قبل كده، لكن مع الوقت بقيت افتكر مواقف وأحداث كاملة
- طيب ممكن تديني مثال؟
صمتُ للحظات وقُلت بحزن:
- يعني أنا مثلًا مش بخلف، لكن في بنت معينه أنا فاكرها، وفاكر تفاصيلها، البنت دي بنتي، اسمها سما، أنا بفتكر كمان يوم ولادتها! لكن كلها ذكريات مشوشه
= أ. أحمد إللي حضرتك بتقوله مالوش أي تفسير علمي .. لكن في نظرية اسمها تناسخ الأرواح بتقول أن روح الإنسان لما بتموت بتسكن جسد تاني، لكن برضه لو افترضنا أن ده حقيقي رغم أن مفيش أي اثبات علمي، مفيش أي حد حصله كده غير حضرتك!
صمت للحظات اتابع نظرات المُشككه في كلامي، اعلم أنه قد يظن إنني اتيت إليه بغرض التسلية، ولكن لم يَكُن لدي أي خيار بديل سوى تحمل نظراته تلك، حتى أصل إلى أي معلومة مفيدة
قُلت له:
- أنا قرأت عن تناسخ الأرواح فعلًا، لكن مش مُقتنع بـ ده خاصة وأن حتى لو ده حقيقي وده هو إللي عندي، ليه عندي كم الذكريات ده، وإللي بيزيد يوم عن يوم، أنت متخيل وضعي يا دكتور! أنا كل يوم بفتكر حاجات مش من حياتي!
صمت الطبيب لبضعة ثوان هذه المرة، ثم قال:
- ممكن قرايتك عن تناسخ الأرواح خلتك تتخيل ده؟ ايه رأيك تروح لدكتور نفسي؟ مش عيب على فكرة
نهضت من مكاني وقُلت له:
- حاضر، هعمل كده .. شكرًا لوقتك
خرجت من عيادته، مُشتت بشكل أكبر، ليتني لم آتي إلى هُنا، هل يُمكن أن تكون هذه ليست حياتي الأولى فعلًا؟
هل يُمكن أن يكون لدي إبنة! سما ..
كُلما أنطق اسمها اشتاق إليها فعلًا! هذه ليست مشاعر عادية!
ظللت أحاول تذكر المزيد من التفاصيل عنها، ولكن بلا جدوى
ابتسمت حين أدركت بإن لو كان أمر وجود سما حقيقيًا ستكون أكبر مِني عُمرًا!
فعمري الآن ثلاثة وعشرون عامًا، وهذا يعني إنها قد تكبرني بعام أو اثنان!
ضحكت لعبثة أفكاري، وظلت هذه الأفكار تُسيطر على عقلي حتى وصلت إلى المنزل، وجدت شيماء في إنتظاري مُتحمسه وهي تقول:
- هاااه لقيت حل؟
= حل لإيه يا شيماء؟
- للخلفة، انت مش كُنت عند الدكتور، سمعتك بتكلمه في التليفون
= مش دكتور ذكورة يا شيماء، دكتور تاني
- دكتور ايه يا حبيبي إنت تعبان؟
قبلت يدها وقُلت لها:
- لا يا حبيبتي، أنا بخير .. متقلقيش نفسك
تابعتني بشك حتى وصلت إلى سريري، لأغوص في نومًا عميقًا ..
***
بعض أقل من ساعة نهضت من سريري، مذعورًا!
المزيد من الذكريات تتسرب إلى عقلي!
العنوان، عنوان منزلي القديم تذكرته! أنا اعرف الآن مكان إبنتي!! سما!
ذهبت سريعًا لأرتدي ملابسي، جائت شيماء لتسألني في قلق:
- في ايه يا أحمد؟ تعبت تاني؟ انت كويس يا حبيبي؟
فقُلت بلا تفكير:
- رايح اشوف سما يا شيماء، هشوف بنتي!
وفي خلال ثلاثة ثوان فقط، لا اعرف كيف استطاعت أن تصل إلى سكـــين في هذه المُدة القصيرة وجدتها توجهها نحوي وتقول لي:
- بنتك مين يا روح أمك! بنتك من مين يا أحمااااد!
نظرت لها بسخرية وقُلت لها:
- يا متخلفة، مشكلة الخلفة مِني أنا إزاي هخلف من غيرك!
تراجعت شيماء وشعرت بحماقة ما قالت، وقالت في شك:
- امال رايح فين؟
لم أجد أي إجابة مُقنعه على هذا السؤال
صمت للحظات وقُلت:
- مش عارف، حقيقي مش عارف، عنوان أول مرة اروحه، بصي لما آجي هحكيلك كل حاجه، وعد
وخرجت من المنزل، وبدأت رحلتي ..
***
بعد ساعة وصلت إلى العنوان الذي تذكرته في الجيزة
صعدت إلى البناية، كُل شيء يبدو تقليديًا بالنسبة لي!
وكأنني اسكن هُنا!
وقفت أمام المنزل لا أدري ماذا سأفعل
طرقت الباب
ففتحت لي سيدة يقترب عُمرها من الخمسين
فتوقف الكلام في حلقي لا أردي ماذا سأقول، قُلت لها:
- سما موجوده؟
نظرت لي في شك وقالت:
- وأنت تعرف سما منين؟ أنا أمها اؤمر؟
ظللت أحاول أن افكر في أي إجابة مُقنعة ولم أجد فقلت:
- أنا محتاج بس اشوفها، انتي والدتها!! يعني إنتي فريدة!!
أكاد أجزم إنني لم اتذكر فريدة إلا وقتها
اتسعت عيني شوقًا هذه السيدة احببتها يومًا حُبًا جنونيًا
اقتربت منها خطوتان وقُلت لها:
- أنا والد سما
أدركت في لحظتها إن كُل ما افعله هو حماقات مُتتاليه، وما جعلني أدرك هذا أكثر
الأنفاس الساخنة التي شعرت بها خلفي، حين أدرت وجهي وجدت رجلًا عملاقًا ضخم الجثة يقول لي:
- أنت ابو مين يا ابن الـ%^$#
نظرت إلى فريدة في رعب وقُلت لها:
- هو مين ده؟
قالت بغضب واستهزاء:
- أنت إللي مين؟ ده جوزي!
نظرت له وكعادتي يغلبني الضحك في مثل تلك المواقف، لا استطيع التحكم في نفسي، على الرغم من أن حياتي قد تنتهي على يد هذا الرجل، ولكن السؤال المهم، اين سما؟
يتبع الفصل الثاني اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية هذا أنا" اضغط على اسم الرواية