Ads by Google X

رواية ربما قدر الفصل الثاني 2 - بقلم مريم وليد

الصفحة الرئيسية

 رواية ربما قدر الفصل الثاني 2 - بقلم مريم وليد

رواية ربما قدر الفصل الثاني 2 

- ألحقونا!
ماما جت تصوت رحمة مسكتها:
- اهدي ربنا يكرمك الناس هتتفرج علينا.
حمزة وزين دخلوا يشوفوا فيه أيه، أتأخروا فدخلتلهم وسيبت الباقي برا.
- حصل أيه؟
وقفت لقيتهم باصين للبوتجاز بصدمة، بعدتهم وجبت مية طفيت بيها الدنيا، النار مكنتش جامدة بس كانت خارجة من شباك المطبخ وده اللي خلىٰ ريحتها جامدة وشمناها، والحمدلله بجد ربنا ستَر ومحصلش شيء، بس كانوا الأساتذة سايبين البوتجاز والع وحتة مسكت في النار مِش أكتر.
- خلاص يا شباب! اهدوا مفيش حاجة.
لقيت حمزة عيونه أحمرِت، حسيته هيعيط فأستغربت، زين أخدني علىٰ جنب:
- حمزة مِن وهو صغير بيخاف من الحرايق بسبب حادثة حصلت لجدته، اعتقَد إنه تخطىٰ ده، بس لما دخل هنا خاف وكان خايف تشوفيه خايف.
حمزة مِش شخص مُستهتر زي مايبان عليه، بِالعكس هو شخص بيحسِب كل شيء قبل ما يعملُه، وده شيء مش غريب عليه، ابتسمت لزين وروحت ناحية حمزة:
- سمعت أنك في طب، ده حقيقي؟
بَصلي بأستغراب:
- ده وقته يا نور؟
حاوِلت أهزر عشان ألفِت أنتباهه:
- آه وقته عادي، في طب؟
ابتسَـملي:
- برشح إنك تكوني مُعالجة نفسية.
فهمت إنه فهِم فضحكت، أنا معرفش هو في أيه الحقيقة، بس حسيته دكتور، خرجنا برا ودخلنا شقتنا، قعدنا تاني في هدوء وعملتلهم قهوة كوني أكتر حد بيعرف يحب القهوة.
- علىٰ فكرة يا نور أنا في طب فعلًا، رغم أنك كنتِ بتلفتِ أنتباهي بس أنا فعلًا في طب، وزين في علوم قسم فيزياء.
ضحِكت:
- طب حلو أوي، كده معانا مُدرس أحياء ومُدرس فيزياء، ذاكرولنا بقىٰ الله يرضىٰ عنكم.
ضحِك هوَ وزين، فَزين أتكلم:
- علىٰ فكرة عندك حق، فكرة كويسة جدًا، ممكن ندخل نذاكرلكم اللي مش فاهمينه بِما أن كده كده باقي شهرين علىٰ الأمتحانات.
رحمة ضحكِت:
- كده هتذاكرلنا كله.
***
عدىٰ شهرين، آه شهرين بحِلوهم ومُرهم، ماما رجعت هادية تاني، لما بتزعل بتحكي لطنط سماح، الحقيقة وأحنا كمان هدينا، أحنا وحمزة وزين مقربناش وكده، لا بس بقوا يجوا يذاكرولنا كل يوم حرفيًا، لما يحسونا بنقع بيوقفونا بهدوء ولُطف مِنهم.
- نور، قومي ألبسي هننزل نتمشىٰ عشان زين عايز رحمة معاه في مشوار ضروري.
بصيت لُه بأستغراب:
- النهارده يا حمزة؟ والمذاكرة طيب، ده أمتحان العربي بعد بكره.
ابتسم وقعد جنبي:
- يا نور أنتِ ذاكرتِ كتير، كتير جِدًا، وتعبتِ أوي، لازم تاخدي بريك يا بابا، اتفقنا؟ 
موقعنيش فيه قد لُطف عباراته، وهدوء كلامه، مُساعدته الدايمة ليا، حنانه الغريب معايا، كل ده غلط، وكل ده مينفعش، الحدود اتشالِت بيننا وده اللي مكونتش عيزاه، قلبي أتفتن بيه، أنا حبيت حمزة غصب عني، طفلة هبلة وأتعلقت بيه. 
- نور متخافيش، ده أمتحان مِش أكتر وهيعدي يا بطلة، أتفقنا!
- رحمة أقوىٰ حد، متخافيش هيعدي واللهِ، أنا واثِق فيكِ. 
حمزة وقعني، وزين كفىٰ رحمة علىٰ وشها، يارب أحنا تؤام في كل حاجة بس مِش كده لا، نحب سوىٰ كمان؟ 
- ممكن متعيطوش خلاص؟
كنت بعيط عشان حاسة أني محلتش كيمياء كويس، أنا مش برفيكت فيها، بس كنت بحاوِل، ورحمة بتحاوِل تهديني وهي محلتش أكتر مني.
- يا حمزة بجد ذاكرت كتير، كتير أوي.
- واللهِ كُنا بنذاكر أكتر من أي حاجة بجد.
زين جيه من بعيد، أداني شوكولاتة وأداها شوكولاتة:
- وأحنا مقدَّرين تعبكم، وعارفين قد أيه أنتم عانيتوا، أنتوا أشطر كتاكيت وكلنا فخورين بيكم، أنا وحمزة وماما وطنط، كلنا يا ولاد واللهِ، كفاية عياط بقىٰ، أتفقنا! 
- هاا عملتوا أيه في الفيزياء، مادتي دي هاا!
رحمة ضحكِت:
- جبناها في شوال، آه واللهِ متبصليش كده.
ضحِكت:
- أو هيَ اللي جابتنا يا زين، مش عارفة بصراحة.
حمزة جيه قعد جنبنا:
- جبتوها، جبتكم المهم أنها خلصت وعديتوها يا ولاد واللهِ. 
خارجة بهزر وبضحك مِن الأمتحان ولا كأني كنت في حنة بنت خالتي مثلًا، ولقيت حمزة علىٰ باب المدرسة، شافني ابتسم:
- واضِح أن أشكر كتكوت حلّ حلو، صح؟
ابتسمت:
- الأحياء طلعت حلوة، مِش سهلة، بس حليت نِقاط أكتر مِما توقعت الحقيقة.
ابتسَم وأداني وردة:
- ودي لنور علشان حلِت حلو.
رحمة طلعت مُبتسمة، بصينالها:
- الحمدلله واللهِ، الحمدلله عدىٰ بخير.
أداها شوكولاتة:
- عاش يا بطل. 
- مبروك يا ولاد.
كُنا مروحين مِن أخر مادة في الثانوية العامة، آه الحمدلله الكابوس أنتهىٰ، أفتكرت كوبلية مِن أُغنية «بكره بيخلص هالكابوس، وبدل الشمس بتضويّ شموس.»
- هو أحنا نجحنا يا زين؟
ابتسَـم بهدوء:
- لا بس كملتوا، الثانوية العامة مِش كابوس، بس صعبة، وأنتوا واجهتوها وعديتوها وده في حد ذاته إنجاز تستاهلوا كُل الشكر عليه.
وجود حد يقدَّر مجهوداتك الجبارة، وتعبك ومحاولاتك شيء لطيف. 
- متخاافييشش، أهدي يا بنتي أهدي.
ماما كانت واقفة ماسكة ايدينا، وزين فاتح اللاب بتاعه، وحمزة فاتح الموبايل بتاعه وكل واحد بيجيب نتيجة واحدة فينا، وأحنا واقفين بنرتعش بس.
لقيت زين قام وقِف بهدوء:
- 89٪
الصدمة كانت جامدة بشكل مِش طبيعي عليها، ومُقلقة ليا، ماما حضنتها تواسيها، وأنا قعدت أعيط، حمزة بَصلي وحسيت في عيونه بزعل:
- 92٪
حلم طب ضاع! خلاص كده كُل شيء أنتهىٰ؟ سنين مُذاكرة وتعب ومحاولة راحوا عشان مش هندخل الكُلية اللي عايزنها؟ رفضت أقابل حد ودخلت اوضتي، قعدت علىٰ السرير مِنغير دِمعة واحدة حتىٰ، أعتقِد ده مكنش حلمي، ده مكنش تعبي، أنا استحق أكتر من كده يارب! نمت وصحيت علىٰ صوت الآذان وهوَ بيقول «اللهُ أكبر»، قومت أتوضيت، من فترة طويلة أنقطعت فيها عن الصلاة، قومت صليت.
- الحمدلله رب العالمين.
أنا راضية يا رب، راضية عن مجموعي.
- سُبحان ربي العظيم.
سُبحانك ربي الذي أرضيتني بِما قسَمت ليّ.
- اللهُ أكبر.
أنتَ أكبر وأعلىٰ وأعلم بِما في قلوبِنا.
- سُبحان ربي الأعلىٰ.
أراك يا الله يا الله، سامحني يا رب، سامحني علىٰ قلة رِضايا وتقصيري، وأنتَ أقربُ إليّ مِن حبل الوريد.
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جبل تعب ونزِل من علىٰ قلبي، جبل تعب واتهَد، هديت شوية وخرجت برا، لقيت ماما قاعدة بتصلي وبتعيط وتدعيلنا ربنا يهدينا ويراضينا ويرضي قلوبنا فابتسمت، استنيتها تنهي صلاتها وقعدت جنبها:
- متخافيش، أنا راضية، لما ينزل التنسيق هشوف الكُلية اللي هتناسبني، وهدخل أكلم رحمة.
دخلت علىٰ رحمة الأوضة لقيتها قاعدة بتصلي وتعيط، ابتسمت لأننا لجأنا لربنا قبل أي حد وأي شيء، أستنيتها خلصت وقعدت جنبها حضنتها.
- ربنا لُه حكمة في كده يا رحمة.
- عارفة يا نور واللهِ، عارفة.
اتفقنا أننا مِش هنقف هِنا، وأننا هننجح حتىٰ لو مِش في الطب، أكتشفت أن طب دي كانت حلمنا لمجرد إنها كُلية قمة -كُلية الشُطار- أيه ده أنتَ في طب؟ انتَ جامد يالا، إلا من رحِم ربي وداخلها عشان بيحبها مش عشان يبقىٰ الدكتور فُلان.
***
- أنا مسافر يا نور.
كان حاطط راسه تِجاه الأرض، معرفش ايه الثبات اللي مش طبيعي اللي نزِل عليا ده بس ابتسمت:
- أمتىٰ يا دكتور؟
بَصلي:
- كمان أسبوعين، رايح امريكا أكمل دراستي هناك، جاتلي بِعثة وأنا يعنـ..
قاطعته بابتسامة باردة، معرفش جت منين:
- ألف ألف مبروك، تروح وترجع بالسلامة.
حمزة عرِف أني حبيته مِن نظراتي، مِن ابتسامتي، مِن كلامي غير المحسوب قُدامه، مقدَّرش كل المشاعر دي وماشي! يمشي عادي، هيبقىٰ أيه أصعب عليا مِن فُراق بابا يعني؟ أنا قوية ومبعيطش. 
- نور!
بصيت لَها بهدوء:
- نعم يا حبيبتي، فيه حاجة؟
ابتسمِت:
- زين قالي أنه بيحبني يا نور.
فرحتلها مِن قلبي، بس أفتكرت شيء كان تايه عَن بالنا، وهوَ إن كل ده حرام، كل ده سراب طلاما ربنا غير راضي عنه، ويمكن ده سبب هدوئي لما حمزة مشي.
- رحمة، عارفة إن اللي بيحصل بينكم ده حرام!
بَصتلي بأستنكار:
- بقىٰ حرام لما حصل معايا، ولما كان بيحصل بينك أنتِ وحمزة كان عادي، صح؟
الجملة هزّتني، أنا كنت بتغاضىٰ عن فكرة أن كلامنا حرام، وأقول عادي ربنا غفور رحيم، نسيت إن حتىٰ لو ربنا بيغفر فأقرب الناس مبتغفِرش، الناس مبتغفِرش ومبتسلمش من كلامهم.
- كان حرام، بس أنا عيزاكِ أحسن مني يا رحمة، أنتِ أختي وأقرب الناس ليا ومليش صُحاب غيرك يا رحمة، أنا مروحتش اتشعلقت في رقبة حمزة لما قال ماشي، اللي متعرفيهوش إن مدارش حديث بيننا مِن يومها حتىٰ، ويوم ما يمشي هكتفي بِأني أودعه من الشباك، اودع طيفه يا رحمة، أنة مش وحشة يا رحمة، بس أنا كنت بغلط، كلنا بنغلط وأنا عرفت غلطي فبعرفهولِك.
حسيتها ندمِت علىٰ كلامها، قربت مني وحضنتني:
- حقك عليا واللهِ أنا اسفة.
عيطت في حضنها جامد، جامد اوي:
- أنا زعلانة مني اوي يا رحمة، أنا بعيدة كُل البُعد عن ربنا، أنا وحشة أوي أوي.
- لا يا حبيبتي لا أنتِ مش وحشة، ربنا غفور رحيم، ربنا بيحب العباد التوابين، وخير التوابين الأوابين يا نور يا حبيبتي، قومي يلا نصلي، يلا.
قومنا صلينا سوىٰ، وبعدها رحمة عرفتني أن هيَ قالت لزين أن هيَ مش عايزة تغضِب ربنا، وأن هيَ لسه صغيرة. 
- خدوا زين معاكم وأنتوا بتملوا الرغبات.
بصينا لبعض، ولأني كنت عايزة أحترِم مشاعر رحمة سيبتها تجاوِب:
- معلش يا ماما، مش حابين ناخد حد، هنروح ونيجي.
روحنا بِالفعل، أنا أخترت آداب، ورحمة تجارة، آه عادي رحمة بتحب الحِسابات، وناوية تدخل تجارة قسم إدارة أعمال، وأنا آداب علم نفس، جيه في دماغي مقولة لطيفة «القِمة ليست مجال مُعين، القِمة في كُل مجال»، وأحنا قررنا نصنع لِنفسنا قمتنا. 
الحقيقة إن رحمة أكتشفِت أنها بتحب زين بجد، وأنا طلعت مُتعلقة بحمزة بشكل مش طبيعي، فقررنا نسأل نفسنا سؤال واحد:
- زين ولا ربنا؟
ابتسَمِت بهدوء وبدون تفكير:
- ربنا، ورضا ربنا.
عادِت عليا السؤال:
- حمزة ولا ربنا!
ابتسمت بنفس الهدوء:
- ربنا عشان هوَ اللي هيراضي قلبي ويقبَل دعواتي. 
قربنا من ربنا جامد، القُرأن بقىٰ رفيق دايم لينا، الصلاة علىٰ أوقاتِها، اللي تكسِل التانية تقومها، القيام هوَ محل دعواتنا، ربنا رزقنا هدوء وثبات أنفعالي غريب، أحنا نفسنا أستغربناه، شرحنا لماما كل شيء وشجعتنا، قررنا نختمِر أخيرًا.
- ماما، عايزين نختمِر.
بَصِتلنا:
- وأنتم نازلين تشتروا لبس الجامعة هاتوه أخمِرة بدل الطُرح، وهاتوا كذا لون خِمار عشان الفساتين اللي عندكم.
استغربنا جدًا من سرعة قبولها لده، تاني يوم جينا نازلين لقينا طنط سماح، بصِتلنا بعتاب:
- بعدتوا عنهم علشان حرام وعلشان عايزين تبعدوا قلوبكم عن الفتنة، وحقكم ومبسوطة منكم، بس بعدتوا عني أنا ليه؟
روحنا حضنناها وقعدنا جنبها:
- صدقيني مبعدناش، أحنا بس حبينا نبعد عن أي مكان زين هيكون فيه.
بَصِت لرحمة وأتنهِدت:
- زين أتخطَف مني يا رحمة، حزين من بُعدك أوي، بس بيحاوِل يتخطىٰ ده.
كُنت ببعِد رحمة عن ده عشان كده، كنت واثقة إن ده اللي هيحصل، كنت خايفة رحمة تضعَف.
- قوموا يلا يا بنات أنزلوا.
فرحت بحركة ماما، مسكت أيد رحمة ونزلنا:
- فكرِك فعلًا زعلان؟
قالت جُملتها ولمحنا زين جاي مِن بعيد و.. ومعاه بنت، كان بيضحك ويهزر معاها، مكنش شكلها مُبشِر بالخير، مكنتش كويسة، عيونه أتلاقت بعيون رحمة اللي لمحت فيهم الحُزن وكسرة العشم، بَصِلنا وكأنه مشفناش، قرب علىٰ رحمة:
- كل ده فُستان! تخنتِ اوي يا رحمة. 


يتبع الفصل التالي اضغط هنا



google-playkhamsatmostaqltradent