رواية وللقلب أقدار الخاتمة بقلم رانيا الخولي
رواية وللقلب أقدار الخاتمة
دلف سليم الغرفه بعد أن قضى أغلب وقته بصحبة مراد الذى علم جيدا كيف يخرجه من حالته تلك
وأستطاع التغلب على مخاوفه وأقنعه بأن ما حدث شئ طبيعى وليس هناك خطوره عليها ولا على طفله
وإن ما حدث معها قد حدث مع الكثير والكثير ولم يتضرر احد بشئ
أقترب سليم من الفراش فوجدها نائمه بجوار أبنه بعمق حتى إنها لم تنتبه لدخوله ولا بجلوسه بجوارها
وهو ينظر إليها بنظراته العاشقه لها
فمد يده يرفع تلك الخصله التى تخفى وجهها الذى يعشقه عن عيناه ووضعها خلف أذنها بهدوء حتى لا يزعجها أثناء نومها
ولكنها انتبهت للمسته التى تتوقى دائماً إليها ورفعت جفنيها بتثاقل شديد حتى وقعت عيناها عليه ونظرت إليه ليلى بعتاب جعله يميل عليها يقبل رأسها بحب جارف وقال بصدق : حقك عليا، ياريت متكونيش زعلانه منى ، انتى عارفه أنا بخاف عليكي أد أيه وعلى ابننا كمان
أمسكت ليلى يده بيدها تقربها من ثغرها تقبلها بحب وقالت بصوت خافت : عارفه ، وده اللى بيخلينى اسامحك على طول من غير ماعاتبك حتى
تراجعت للخلف قليلا ، كى تفسح له المجال للرقود بجوارها ثم قامت يجذبه لتضع رأسها على صدره العريض بعد أن استلقى بجوارها واردفت قائله بصدق : أنا خلاص مبقتش عايزه حاجه من الدنيا دى غيرك انت و حضنك اللى مهما قسى عليا بيرجع يضمنى ليه تانى
وضع سليم أنامله أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه كى ينظر داخل عينيها ليرى فيهما ذلك العشق الذى أرهقه ومازال مسيطراً عليه حتى الآن
ثم قال لها بحنان جارف : وانتى ياليلى بردوا مش عارف أنا كنت عايش ازاى قبل معرفك ، لأنى معرفتش حلاوة الدنيا الا لما شفتك اول مره ، مش عارف ازاى لفتى انتباهى من غير ماشوفك ، وانتى لابسه النقاب
يمكن من كلام آدم الله يرحمه عنك ولما عينيه جات فى عنيكى حسيت بأحساس غريب خلانى غضيت بصرى على طول وعاتبت نفسى على نظرتى ليكى ، وعشان كده مكنتش موافق على جوازك بالطريقه دى ، بس طبعاً كنت عارف اللى هيحصل لو منعت جوازك فى الوقت ده من آدم
كنت خايف عليكى وبالأخص على آدم لأنه بعملته دى جازف بنفسه وبيكى ، وهو ده اللى حصل
وبعدها جيتى انتى تانى وحكتيلى اللى حصل معاكم ، حسيت انى السبب فى موت آدم لو كنت منعته من الجوازه دى مكنش حصل اللى حصل ، بس ده كان قدره أنه يموت بالشكل ده
وكنت لازم فى الوقت ده اعمل بوصيته ، بإنك امانه عندى لو جراله حاجه
فمكنش فإيدى حاجه اعملها غير جوازى بيكى ، بس بصراحه اتجوزتك بأقتناع ، مش زى مانتى فاكره إنك مفروضه عليّ
وبعدها حبيتك واحده وحده واتعلقت بيكى لدرجه كبيره آوى لدرجة إنى اصريت على خروجك من المستشفى عشان تكونى جانبى
وجيتى انتى فى الآخر قتالتينى لما طلبتى منى الطلاق ، متعرفيش الكلمه دى عملت فيّ أيه ؟
صمت قليلا كأنه لا يريد تذكر تلك اللحظه التى تركته فيها ، فحاولت ليلى إنهاء الحوار حتى لا تنبش فى ذلك الماضى الأليم، لكنه أصر على تكملت حديثه حتى يخرج ما بداخله من آلام وينهى ذلك الماضى بإخراج ما فى داخله
واكمل حديثه قائلاً : مش عارف ازاى طاوعتك ونطقتها ، بس خفت اكون بفرض نفسى عليكى وإنك مش عايزه تعيشى معايا
وللسبب ده بس أنا وافقت على الطلاق
اغمض سليم عينيه يحاول السيطره على حريق قلبه من تذكيره بتلك اللحظه وعاد يقول : وبالأخص لما روحت الحقك قبل ماتسافرى ، وللأسف وصلت المطار ملحقتش الطياره وسافرتى وسيبتينى بتألم من غيرك
وضعت ليلى يدها على فمه كى تمنعه من مواصلت حديثه وقامت بوضع يده على بطنها كى تجعله يفيق من تلك الاحداث القاسيه وقالت بصوت خافت : سليم سيبك من اللى حصل زمان وخلينا فى انهارده وفى ابننا واللى جاى كمان ، هو ده الأهم ياسليم
ظل سليم ناظرا داخل عينيها التى كانت دائمة التواجد في مخيلته وخصلاتها المتمرده دائما تحاوط وجهها فعلم أنه لا يمكن أن تكون هناك حياه بدونها
فمال عليها يأخذ شفتيها بشفتيه بشوق وحنين وكأنها هى الحياه بالنسبه له
وظلت شفتيه التى تكاد تلتهمها من شدة شوقه لها تطالب بالكثير وهى مستسلمه له واستكانت هى بين يديه تنعم بدفئه وآمانه الذى تفتقده دائما
ومدت يدها خلف عنقه تقربه اكثر إليها وتبادله قبلاته فأبتعد عنها قليلا عندما شعر بحاجتها للهواء
لكنه لم يمهلها كثيرا بل انقض عليها يلتهم ثغرها يعاقبه على شوقه الكبير له ، ثم نزل على عنقها يقبل العرق النابض بفمه حتى ذابت بين يديه
***************
استيقظت ورد على أنامل سالم وهو يمررها على ثغرها فرفعت نظرها إليه تملى عينيها من ملامحه التى كانت ومازالت هى المسيطرة على قلبها بشده
فقالت بحب جارف : صباح الخير يا حبيبى
رد سالم بصدق : صباح الورد والفل والياسمين كمان
ضحكت ورد بسعاده غامره ومدت يدها على قلبه تسمع نبضاته التى تحفظها جيدا وقالت بصوت حاولت جعله ثابتاً ولا يظهر مشاعرها التى تتوقى إليه ولكنها فشلت كما يحدث لها دائما معه : انت اللى احلى صباح واحلى ورد واحلى ياسمين
عقد سالم حاجبيه وسألها بغضب مصطنع : صباح مين وياسمين مين ، أيه يابت متتعدلى
ردت ورد بدلال لاقى بها كثيراً وهى تضع يدها على وجهه : اه احلى صباح لما بفتح عنيه عليك ، واحلى ياسمين لما بشم ريحتك اللى بتملى المكان حتى وانتى مش فيه
حمحم سالم قائلاً وهو يميل عليها : لأ أنا كده هاجل المشوار اللى عايز اروحه معاكى
وقبل أن يصل لثغرها منعته ورد بوضع يدها على فمه قائله بدهشه : مشوار أيه ؟
أزاح سالم يدها وقال وهو يقترب منها أكثر : بعدين
ثم التهم شفتيها بشفتيه التى تغريه دائما ولا يستطيع الصمود أمامها ، أما هى فبادلته شوقه بشوق مماثل له
: ممكن بس تفهمنى احنا رايحين فين ؟
قالتها ورد بتعجب من إصراره على الخروج من المنزل والذهاب بالسياره دون أن يخبرها إلى أين يتجه
نظر إليها سالم بضيق لا يعرف كيف يخبرها بذهابهم إلى والدتها وإقناعها بالولوج إليها دون معارضه منها فهو يعرف جيدا الى أى مدى يصل عنادها
هو نفسه يبغض الذهاب إليها ويأكد لنفسه أن هذا رد فعل طبيعى على تركها لهم
لكنه أراد أن يجعلها تواجه شوقها الشديد لوالدتها التى تخفيه عن الجميع
لكنه يعلم جيداً أنها تتوقى للذهاب إليها ورؤيتها لكنها أيضاً لا تستطيع أن تنسى انها فضلت ذلك رجل عليهم وتركتهم فى عار يلاحقهم أينما ذهبوا
لكن مهما حدث تظل والدتها التى يظل حبها بداخلهم مهما فعلت ومهما أنكروا هم ذلك
وإذا كان آدم بينهم الان لأسرع بالذهاب إليها وإخراجها من ذلك المكان ووضعها فى مكان مناسب لها ثم يتركها بعدها ويكون بذلك قد فعل مالم تفعله هى
ظل سالم على صمته حتى وصل إلى وجهته
وقام بصف السياره أمام ذلك المبنى وأوقف سيارته والتف ناحيتها وهو يأمرها قائلاً : أنزلى ياورد
نظرت ورد إلى ذلك المبنى ثم إلى سالم وقالت : أنزل فين
ترجل سالم من السياره والتف ناحيتها وقام بفتح الباب وهو ياخذ منها نور التى نامت بين ذراعيها وقال : قولتلك أنزلى ياورد
نزلت ورد بعد أن ناولته نور ووقفت بجواره تنظر إلى ذلك المبنى واتسعت عينها ذهولاً عندما علمت به
والتفت إليه بغضب عارم وقالت بصوت مهزوز : سالم .... سالم إنت ازاى تضحك على ومتعرفنيش اننا جايين للست دى ، ازاى تعمل كده
عادت بنظرها لذلك المكان وقالت بقلق : انت عارف اللى ممكن يحصل لو أبويا عرف إنى روحتلها شوفتها
حاول سالم تهدئتها حتى لا تعند وترفض الدخول : وهو بس يعرف منين
وبعدين انتى مش هتخسرى حاجه ، معلش ادخلى بس شوفيها عايزاكى ليه وبعدين يسبيها وأمشى
اشاحت ورد بوجهها عنه بنفاذ صبر فقال سالم: صدقينى ياورد أنا اكتر واحد رافض المقابله دى ، بس انا بعمل اللى عليّ وانتى كمان اعملى اللى عليكى وشوفيها عايزاكى ليه
اومأت له ورد بضيق شديد وتقدمت من المكان وهمت بالدخول لكنها تراجعت قائله بإصرار : سالم أرجوك متسيبنيش ، وادخل معايا
رد سالم قائلاً وهو ينظر إليها بنظراته المطمئنه لها وقال بصدق : أكيد طبعاً ياورد مستحيل اسيبك تدخلى لوحدك
هزت ورد رأسها وقالت له وهى تتعلق بملابسه تستمد منه العون : بس انا معرفش حتى شكلها
: متقلقيش ياحبيبتى الممرضه مستنيانا جوه وهى اللى هتدلنا عليها
اومأت له ورد وولجت معه المبنى
وقفت ورد أمام الغرفه بتردد شديد وهى تنظر للباب الذى يفصل بينها وبين والدتها
ماذا ستفعل عندما ترها ؟
والأهم كيف تبدوا ؟
كيف ستنظر داخل عينيها وتواجهها بفعلتها ؟
ماذا ستخبرها ؟
ماذا تفعل هى هنا ؟ من قال إنها والدتها ؟
هى لم تكن والدتها قط
والدتها هى ريحانه التى تقوم بخيانتها الان وتنكر فضلها عليها وهى التى عاملتها كأبنتها وأكثر ، لم تفرق بينها وبين أخواتها من أبيها
هذه ليست والدتها ، لن تكن ولم تكن ، وستظل كذلك
لا يحق لها بطلب رؤيتها
بل الحق كله لوالدتها الحقيقيه التي ربتها وأحبتها
ستذهب إليها الان وتعتذر منها على مجيئها إلى هنا
وتترك تلك المرأة التي توهمها إنها والدتها
التفت إلى سالم وقالت بلهجه لا تقبل النقاش : أنا عايزه اروح عند أمى
عقد سالم حاجبيه وقال وهو يشير على الغرفه : جوه
نفت ورد برأسها وقالت بأسف: لاعمرها كانت ولا هتكون ، أنا أقصد أمى ريحانه ، أم آدم وورد ، مش دى
حاول سالم اخفاء سعادته الكبيرة برفضها لتلك المرأة وعلم أنها الان قد تخلصت من شوقها الغريزى إليها وقال بحب : بس كده من عينيه
ثم أخذ بيدها وعادوا إلى المنزل الجديد
*******************
اجتمع عامر بفرحه عامره مع أولاده وأحفاده على طاولة العشاء ينظر إليهم بين الحين والآخر يملئ عينيه منهم ومن فرحتهم الكبيره بلم شملهم بعد عناء شديد وقرروا جميعاً البقاء فى المنزل الجديد حتى زفاف عايده
التى وافقت على خالد بأقتناع ، بعد أن ساعدها بمحو ذلك الكره والحقد الذى ألمها هى قبل الجميع
تمت رواية كاملة عبر مدونة دليل الروايات
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية والقلب أقدار" اضغط على اسم الرواية