رواية جمارة (بين العشق والقسوة) الفصل الثالث بقلم ريناد يوسف
رواية جمارة (بين العشق والقسوة) الفصل الثالث
دلوقتى بس قدر حكيم يفهم سر السعاده التى كانت فى عيون غازى من اول اليوم واستوعب دلوقتى ليه عنيه كانت محاوطه حكيم طول الوقت زى الصياد اللى بيترقب فريسه ومخبى بندقيته ورا ضهره ومستنى الوقت المناسب عشان يضربها فمقتل ويتأكد ان نشانه مخابش ..
وفى المقابل غازى اتأكد وهو شايف رد فعل حكيم وضِيق انفاسه انه فعلا ضربه فمقتل، بعد ماكان خايف انه يكون معجب مجرد اعجاب بجماره لكنه دلوقتى اتأكد ان حكيم واصل لدرجة العشق اللى هيقدر يستغلها ويلف حبل الحسره حوالين رقابته بكل سهوله ويشد منه حكيم لغاية مايخنقه ويقتص منه عن كل لحظة قهر حسها بسببه وسبب ابوه طول عمره ..
استأذن حكيم من الناس وخرج بسرعه بحجة انه هيستعجل الغدا للناس لكن خروجه كان محاوله منه للهروب من المكان اللى حس حيطانه طبقت على قلبه ،وخلته مش قادر يتنفس ،لكنه اكتشف فشل محاولته وهو واقف فالبراح فجنينة السرايه ومع ذلك حاسس ان الهوا بيخلص من حواليه ...
لف حوالين نفسه مره واتنين ورفع اديه مسك دماغه اللى حس انها هتنفجر من كتر مابيحاول يستوعب اللى حصل ومش عارف ،
ووقف ثابت لكنه حاسس انه لسه بيدور او الدنيا هى اللى بتدور حواليه وسامع صوت بشندى بيتكلم معاه لكنه مش قادر يسمع هو بيقول ايه ...فاللحظه دى مكانش سامع ولا شايف غير جماره قدامه وحلم فضل سنين يحلمه ومأجل تحقيقه فأوانه ومحسبش حساب ان الاوان ممكن يفوت منه ...
بعد مسافه بيحاول حكيم يستعيد توازنه فيها ويحاول يتنفس بشكل طبيعى قدر انه يدرك كل حاجه حواليه ويرجع لثباته وأكد لنفسه انه مينفعش يضعف او يبين اى حاجه وخصوصا ان اللى خطبها ابن عمه والمفروض انه فمقام اخوه قدام الناس ومينفعش ياخد حاجه منه هو سبقه ليها لو متوقفه عليها حياته ..
بشندى :ياسى حكيم ..حكيم ياولدى ..فوق ياولدى وعاود جوا وقول لغازى انك سبقته وامك طلبتلك البت من امها من زمان وامها قالتلها تصبر شويه لما البت تكبر، وانى هطير على عيشه ام جماره واقولها وافهمها تأكد الكلام وكل ديه يوخلوص وينتهى ..
حكيم :مش حكيم اللى يلف ويدور ويكدب كيف الحريم يابشندى ..لا دا طبعى ولا دى اخلاقى وانتا خابر ديه زين .
بشندى :وهتتحمل ؟
حكيم :على موتى اصغر نفسى فمجلس رجال والناس تقول حكيم استكتر على واد عمه فرحته وخد اللى حط عينه عليها ...
بشندى :بس بكده هتموت كل يوم الف موته ياشيخ البلد .
حكيم :وعشان انى مش اى حد وعشان شيخ البلد لازمن اتحمل اكتر من اى حد يابشندى ...روح قول للرجاله تطلع الوكل واتوصى بغازى وحط قدامه مناب كبير الا ديه عريس ولازمن يتغذي من اهنه ورايح ..
قالها وابتسم بمراره واتحرك من قدام بشندى اللى فضل مراقبه ومراقب كتافه اللى انحنت بحزن وخطوته اللى بيخطيها بأنكسار زى واحد جاله خبر ان كل اهله ماتو مره وحده ومفضلش غيره ..
اتنهد وهو حاسس بالنار اللى فقلب حكيم وهو الوحيد اللى يعرف ان النار دى مش هتخلى فحكيم حاجه مش هتحرقها من شدت لهيبها ..
رجع حكيم للدوار وقعد وسط الرجال بيمثل القوه والفرحه بخطوبة ولد عمه وبيهز دماغه للناس بمجامله لكلامهم لكنه مش سامع من كلامهم حرف واحد ..
انتبه لغازى وهو بيدكمه بكوعه بصله لقاه رافع اديه والكل زيه وواحد بيقول الفاتحه وانتبه انهم بيقرو فاتحة جمارة قلبه ورفع اديه معاهم باستسلام وقرا الفاتحه بس مكنش بيقراها لغازى كان بيقرا الفاتحه على عشقه وروحه وقلبه اللى ماتو النهارده موت اشبه بموت الغفله بدون انذار او مقدمات ..
الكل خلص وصدق وحكيم بص لغازى وركز على الابتسامه اللى شاقه حلقه واللى نفسه ينتزعها من غازى فاللحظه دى، ويقوله بعلو صوته ان الفرحه دى فرحته هو، ولو غازى كان خيره بين جماره وبين اى حاجه تانيه حكيم كان هيتنازله عن اى حاجه ترضيه وترضى الطمع اللى طول عمره بيشوفه فعيونه بس يسيبله جمارته ...
غازى :شكلك مفرحانش ليه ياواد عمى ؟
حكيم بصله بتأنى قبل مايرد علي كلامه بسؤال :
عرفت كيف ياغازى ؟
مثل غازى عدم الفهم ورد عليه :عرفت ايه ياواد عمى مفاهمش قصدك ؟
ابتسم حكيم بتهكم :طب بلاش دى مع انى متوكد انك فاهمنى زين قوى ...طب هسألك سؤال تانى ...عرفت جماره ميته وقررت تخطبها وتتجوزها ؟
غازى بمراوغه :عرفتها من زمان بدرى وكنت عراقبها من بعيد لبعيد ولما اتوكدت انها بت زينه قررت اخطبها وملقيتش فرصه احسن من دى ..وبعدين انى مش فاهم انتا معترض على ايه وانتا ومرت عمى كنتو عاوزين تجوزونى باى طريقه واى شكل طول السنين اللى عدت ..
قوم لما اقرر اتجوز تنزل عليا بالاسئله وسين وجيم كنك كل مره كنت عتقولى فيها اتجوز واتلم وافتحلك بيت وارسى مكنتش عتقولهالى من قلبك !!
حكيم سكت ومتكلمش مع غازى مره تانيه لانه عرف ان غازى مستعد يدخل معاه فى جدال ملوش نهايه والخسران الوحيد فيه هو حكيم لان الواضح ان غازى عرف اخيرا يدخله من نقطة ضعف عمرها ماكانت فى حسابات حكيم ولا عمره فكر يأمنها من غازى زى كل حاجه تانيه .
خلص اليوم والناس روحت وغازى كمان راح على المشتمل بتاعه وحكيم فضل فى الدوار مقدرش يروح عشان مينهارش قدام امه لانه عارف انه بمجرد ماهيشوفها هيترمى فحضنها ويبكى زى عيل صغير اخدو منه لعبته اللى فضل سنين يترجى فأبوه يشتريهاله ولما دا حصل جه حد خطفها من بين اديه من قبل حتى مايفرح بيها ويشبع منها ...
اتمدد حكيم على كنبه من كنب المندره وغطى عنيه بدراعه وثباته وانتظام انفاسه يوحى للى يشوفه انه نايم بأمان وميتصورش ابدا ان فيه محرقه مشتعله داخل الجسد الثابت دا بتحرق جواه الاخضر واليابس ...
اخده خياله وحملته افكاره لأول يوم شاف فيه جمارته وفضلت احداث اليوم تتجمع قدامه بكل تفاصيلها ....
حكيم خرج من بيته على ضهر مهرته الجديده واللى بمجرد ماشافها معروضه فى مزاد للخيل العربى الاصيل خطفت قلبه بجمال الوانها وجذبت كل تركيزه من بين كل الخيول المعروضه فالمزاد وقرر ان المهره دى هتكون بتاعته مهما كان التمن وبالفعل دفع فيها اضعاف تمنها لمجرد ان صاحبها شاف تمسك حكيم بيها والاصرار اللى فعنيه انه يمتلكها
فرحته وهو بيمسك لجامها وهى ملكه بعد مادفع تمنها لا تضاهييها فرحه وميعرفش ايه سبب الفرحه دى وهو عنده اسطبل كامل للخيول وفيه عشرات الخيول لكن الفرسه دى بالذات ميعرفش ايه المختلف فيها ..
اخدها للبيت وتانى يوم الصبح بدرى حب يستغل ان طرقات البلد فاضيه واغلب الناس لسه مصحيتش اخدها من الاسطبل وخرج بيها عشان يروضها ويعلمها بنفسه ودى كانت متعته اللى مابعدها متعه لما يروض فرس جديد وينجح فأخضاعه ليه ...
لف لثامه بأحكام واول ماطلع على ضهرها المهره رفعت رجليها وصهلت وجريت بحكيم بأقصى سرعتها وبتدخل من طريق لطريق بهوجاء وتشتت وحكيم بيحاول السيطره عليها وفالاثناء دى حصل اللى غير مجرى حياة حكيم من يومها ...
مره وحده باب اتفتح وخرجت منه بنت ملثمه ودى كانت وسيلة اغلب اهل البلد فالوقت دا من السنه لحماية وشهم من هوا الشتا ،شايله فوق دماغها سبت خوص كبير ولسه هتعدى الطريق اتفاجأت بحاجه اخدتها فوشها فثانيه وقعتها على الارض والطبق اللى فوق دماغها وقع باللى فيه ...
حكيم شد لجام الفرسه مره وحده ونجح اخيرا انه يوقفها بعد ماكان فاقد السيطره عليها ونزل بسرعه ربطها فأقرب شجره وجرى على اللى بتحاول تقوم ورغم انها ممكن تكون اتأذت الا ان خوفها وعيونها كانت على الطبق بتاعها الواقع على الارض والجبنه اللى كانت فيه ودلوقتى ماليه الطريق ...
حكيم قرب منها ومد ايده ليها قومها وهو بيسألها ...
انتى زينه ؟ فيكى حاجه جرتلك حاجه اتعورتى فيه حاجه عتوجعك ؟
جماره بصتله ومنطقتش غير كلمه وحده وبعدها اتفتحت فالبكا بصوت عالى وهى بتبص حواليها :الجبنه
حكيم فضل متسمر للحظات بعد ماشاف عنيها واتجول فباقى ملامحها بعد مالثامها اتفك وبعدها فاق وبص زيها مكان مابتبص واتكلم بسرعه يطمنها ..متخافيش هدفعلك تمنها بس طمنينى عنك انتى اهم حاجه انتى تكونى زينه وكل حاجه مقدور عليها بعد اكده
اتكلمت بعصبيه :انى زينه انى زى القرد ياريتنى كنت انى اللى اتبعشكت عالارض اكده وبقيت ميت حته ولا جبنة الناس اللى مدفعناشى حقها حوصول فيها اكده ..
اقول ايه لامى ..ياريتنى ماعملت نفسى شملوله وقولتلها ارتاحى وانى هطلع مكانك النهارده ياريتنى ..وكملت وصلة البكا بصوت عالى مره تانيه ..
حكيم بسرعه مد ايده فجيبه وطلع جزدانه وطلع منه فلوس ومدهالها ...خدى حق الجبنه اهه وبطلى بكا الله يرضى عليكى خلعتى قلبي والله
/انى مهاخودشى عوض ياسى البيه العوض حرام ..وكملت بكا
حكيم بنبره هاديه عشان يهديها :العوض دا لو كانت الحاجه ملكك انتى بتاعتك متاخديش عوضها لكن انتى عتقولى ان الجبنه دى بتاعت ناس ...مش صوح ؟
جماره هزت دماغها بموافقه ..
حكيم /خلاص يوبقا تاخدى تمنهم تديه لصحابهم ..
اترددت فالقبول لكنها وافقت وهى شايفه اصراره وهو ماددلها الفلوس وبيشاورلها بدماغه عشان تاخدهم ..مدت ايدها اخدت منه الفلوس ومسحت دموعها وهو ابتسم من تحت اللثام وهى رفعت عنيها عليه لأول مره وبصتله ونظرتها كانت بمثابة صدمه كهربائيه احتلت كيانه بمجرد ماشاف لون عيونها مره تانيه واتعمق فجمالهم وفجمال معانى وشها ...
جماره ارتبكت من عنيه اللى شافت تركيزهم فيها وبأيد بتترعش مدتها اخدت طرف طرحتها لفته على وشها مره تانيه مغطيه بيه معالم وشها مظهرش منه غير عنيها بس وكل دا تحت انظار حكيم اللى فضل مركز مع كل حركه منها ...
جماره خلصت واتلفتت حواليها مش عارفه تبدأ منين لكنها ابتدت بلم الجبنه المتبعتره على الطريق جمعتها وحطتها تحت شجره وهى بتبرطم بصوت واطى ..
استغفر الله العظيم يارب على نعمة ربنا اللى ملت الشارع دى ...اهه نلموها احسن ربنا يسخطنا قرود مش ناقصه هى ...فضلت تبرطم كتير ونسيت تماما ان حكيم لسه واقف متابع اللى هى بتعمله وبمجرد مالفت بعد ماخلصت لم الجبنه شهقت بتفاجأ لما اكتشفت ان حكيم لسه موجود ..
جماره :انتا لسه قاعد ...ممشتش ليه تشوف اشغالك مش قولتلك انى زينه خلاص ومفياش حاجه ودفعت حق الجبنه اللى وقعتها منى يوبقا مستنظر ايه تانى متمشى لحال سبيلك عاد !
حكيم فتح خشمه بتفاجؤ من كمية الهجوم اللى اتعرضله دا واتكلم بأستغراب :متهدى على روحك هبابه وتاخدى نفسك وبعدين هكون مستنظر ايه منيكى يامفعوصه انتى انى بس مستنى اطمن انك مفيكيش حاجه وانك سليمه وهمشى طوالى !
جماره :اطمن وطمن حالك انى زينه ومليحه ...وبعدين ايه مفعوصه دى كمانى انتا شايفنى عيله قصاد عنيك ولا ايه ؟ دانى حداى ١٤ سنه بحالهم يعنى كبيره وكبيره واسد عين السمس ولا انتا مش واعينى زين ؟
ضحك حكيم بصوت عالى وابتدا يتحرك وهو بيهز دماغه وراح على مهرته اللى كانت قريبه عليها وابتدا يفك فلجامها المربوط فالشجره واتكلم بصوت واطى لكن جماره كانت سامعاه :١٤ سنه ! دانتى طلعتى مفعوصه وعيله صوح واللى يشوفك ويشوف لسانك ميصدقش سنك .
جماره :سمعتك ...واستنى خد قبل ماتغادر ..ومدتله ايدها بكيس بصله حكيم باستغراب وبصلها .
جماره :دى الجبنه الزينه اللى فضلت فالطبق ونضيفه محصلتش الارض ولا لاحها التراب وعشان انتا دفعت حق الجبنه يوبقى دول من حقك خدهم لبيتك فطر بيهم عيالك ..
ضحك حكيم بشده وبصلها قبل مايمد ايده ياخد منها الكيس وهمسلها :عيالى معياكلوش الجبنه الخضره بس مرتى عتحبها هاتيها ...واخدهم منها وركب بحركه سريعه على ضهر المهره وحاول انه يسيطر عليها بصعوبه والمهره بتتحرك فكل مكان ودا خلى جماره خافت ورجعت لورا واستخبت ورا الشجره وهى مستمره تراقبه والمهره انطلقت بيه بسرعه هايله خلت جماره قلبها انتفض وهى حاسه انه هيوقع من على ضهرها فأى لحظه وفضلت حاطه ايدها على قلبها لغاية مااختفى من قدام عنيها ...
اتحركت جماره واخدت الطبق والقماشه البيضه اللى بتغطى بيها الجبنه ورجعت للبيت وهى ماشيه فالطريق عدت الفلوس اللى ادهملها حكيم لقتهم اكتر من تمن الجبنه بكتير ودى حاجه دايقتها جدا لانها حست انها اخدت حاجه مش من حقها ودى حاجه امها كانت دايما بتأكد عليها من صغرها انها متعملهاش مهما كان السبب ..
رجعت البيت وحكت لامها كل حاجه وامها قالتلها اول ماتشوفى الراجل دا تانى شاوريلى عليه واحنا نرجعله باقى فلوسه احنا مش هناخد حاجه حرام ولا هناخد فلوس من حد مش من حقنا ...
جماره شاورتلها بدماغها بموافقه وسكتت وقررت انها اول ماتشوفه مره تانيه هتقول لامها عليه فورا لكن اللى حصل انها مشافتهوش بعدها مره تانيه ابدااا...
اما حكيم يومها رجع للسرايه ورجع المهره للاسطبل ودخل السرايه وحط الجبنه اللى فأيده على السفره وراح على اوضة امه وخبط خبطتين ودخل شاف امه بتصلى على الكرسى المتحرك بتاعها واستناها لحد ماخلصت بعدها اتقدم منها وباس ايدها ودماغها ...
تقبل الله يام حكيم
تماضر :منا ومنكم صالح الاعمال ياولدى ..مدت ايدها على خده وركزت فوشه شويه وابتسمت وهى بتتكلم :عَنيك عتلمع لمع خير ياطير حوصول ايه معاك باسطك اكده على ريق الصبح ؟!
حكيم :وه !مفيش حاجه تخصنى تخفى عليكى واصل انتى ؟
تماضر بحنان :وااااصل ...هاه قول يلا حوصول ايه معاك .
حكيم :خدت بت فوشى بالفرسه كعبرتها وكبيت الجبنه اللى كانت طالعه تبيعها واديتها حقهم وبعدها كشمتلى وزى ماتقولى اكده طارت وراى هههههههه
تماضر ضربت على صدرها بخوف :وعتضحك وفرحان على ايه ياحزنى عشان دهشرت البت ؟
حكيم :له عضحك عشان بجحت فيا وهى كد الهبابه متستعنيش بيها ،بس لسانها اطول منها وجريئه كيف اللبوه اول نوبه تصادفنى بنيه اكده تقف فوشى وتتحدت من غير خوف ولا هايبانى ،وانى الرجال تقف قدامى شنباتها ترجف من الخوف والهيبه !
تماضر بضحكه :شكلك وقعت اخيرا ياواد تماضر وربنا استجاب لدعاى وهفرح بيك وتقر عينى بشوفتك عريس واشيل عيالك يارب .
حكيم بضحكه :هوب هوب هوب حيلك يام حكيم حالا جوزتينى وشلتى عيالى ؟ وبعدين عرفتى ايه عنها انتى اللى جوزتهانى وخليتيها ام عيالى دى ؟ دى عيله يادوب ١٤ سنه وولدك ٢٨يعنى كد عمرها مرتين ..
تماضر :كل ديه ولا حاجه وبعدين منتا خابر ان احنا فالبلد اهنه محداناش بنيه عتعدى ال١٦ من غير ماتكون فى بيت جوزها والجواز عيبتدى من سن ١٣ سنه وطالع يعنى دى مش حجه وطول مالبت عجبتك وخلت عيونك تلمع اكده هجوزهالك يعنى هجوزهالك دانى ماصدقت وحده تعجبك .
حكيم :يام حكيم اهدى عالصبح الله يرضى عليكى تجوزينى مين عالصبح دى بياعة جبنه وانى الشيخ حكيم شيخ البلد والناحيه !
تماضر بغضب :له ياحكيم له ..مش مرجيه منك دى ياولدى ..من ميته عتحكم على الناس من شغلها ولا اللى تملكه ...انى علمتك اكده ؟ من ميته نفسك كبرت على الناس ياولدى ..
نسيت احنا كنا ايه فحال لاول ؟ نسيت شفنا ضيم كد ايه وانت بالذات حفرت فالصخر كد ايه قبل مايوبقى حداك اللى حداك ديه كله ؟
حكيم :عمرى مانسيت ولا اتغيرت بس الناس تقول ايه يامه لو اتجوزت وحده بتبيع جبنه خضره (قريش)؟
تماضر :تقول اللى تقوله حط فبالك ان الناس فكل لاحوال عتتكلم والى يعيش عشان يرضى الناس يموت مهموم ...هاتلى بس انتا اسم امها وناسها وقولى بيتهم وين وخلى بشندى يودينى بالكرته ومش هيعدى الشهر ديه غير ومرتك فبيتك وعلى ذمتك .
حكيم :واتجوز قاصر وانى اللى حسى اتنبح عالناس وانبه عليهم ميجوزوش بناتهم قبل ١٨ سنه وارهب فيهم بالحكومه والسجن واخوفهم واحكم اللى يعمل اكده بحكم يقسم الضهر وحكمى يمشى على رقاب الخلق كلها اجى انى واتجوز قاصر!!!
كانى عقول للناس شوفو الشيخ حكيم بوشين وكلامه غير فعله ...اسكتى يامه الله يرضى عليكى ..وبعدين والله لو عيل مهبل سمعنا يضحك علينا واحنا خطبنا واتجوزت ومرتى جات فبيتى وانى مشفتهاش غير مره وحده ولا اعرف عنها حاجه واصل ولا شفت غير عنيها الى بلون السما ووشها اللى كيف بدر البدور !
تماضر :دققت ووصفت يبقا وقعت ياولد بطنى وكلها كام يوم هتاجى وتقولى روحى يمه اخطبيهالى ..وهتطلع النهارده من حداى تدور وراها وتجيب قرارها وتعرف عنها كل شارده ووارده .
حكيم :خيالك واسع يام حكيم
تماضر :ام الشيخ متقولش الكلمه غير وهى عارفاها رايحه فين وجايه منين ..
وبالفعل كلام تماضر كان صح وحكيم فنفس اليوم سأل بطريقته وعرف ان بدر البدور اسمها جماره وعرف كل كبيره وصغيره عنها من يوم مااتولدت وعرف انها لبوه حره برغم صغر سنها الا ان السوق والشغل طلعلها ضوافر وبقت تخربش كيف القطط كل اللى يحاول يقرب منها .....
ومن يومها بقا يراقبها من بعيد كل يوم الصبح وهى طالعه تبيع الجبنه مرات مع امها ومرات لوحدها ويوم ماتكون لوحدها مايرجعش البيت غير لما هى تخلص وترجع تحت انظاره وهو بيراقب من بعيد لبعيد ولابس لثامه ، كان نفسه يسمى المهره جماره عشان هى السبب فمعرفته بجماره لكنه خاف الناس تربط بين الاسم وتعرف المكنون واكتفى انه يسميها جمره على جمرة قلبه اللى قادت بحب جماره من اول نوبه عينه وقعت عليها ومن يومها حب جمره مهرته بيزيد فقلبه مع حب جمارته والاتنين مكانتهم حداه محدش يقدر يوصلها ...
اربع سنين فضل مستنى ويعدهم يوم يوم وساعه ساعه وخلاص مش فاضل غير شهرين وجمارته تتم ال١٨ سنه ويتجوزها على سنة الله ورسوله وتاجى بيته وتنور حياته ويدوق ويشبع من اللى فضل سنين يحادى ويحمى فيه من بعيد لبعيد والفرحه مكانتش سايعه قلبه ....
شال حكيم ايده من على عنيه لما سمع صوت امه بتتكلم جار ودنه بهمس :ايه اللى منومك اهنه ياولدى ...قلقت عليك لما مجتش السرايه وجيتلك لما سألت بشندى قالى نايم فالمندره ...خير ياولدى مالك ياحبة القلب فيك حاجه ؟
حكيم :سلامتك يام حكيم مفيش حاجه دماغى مشغوله شويتين
تماضر بضحكه :عارفه اللى شاغل دماغك ...غرت من غازى وقلبك فرفط على جمارتك وعاوز تخطبها وخايف لو خطبتها دلوكيت يقولو حكيم غيران من واد عمه صوح ؟
حكيم ابتسم بتعب :انتى عارفه فلاول غازى خطب مين ياتماضر !
تماضر :خطب اللى خطبها اهم حاجه قفل باب الامل على غاليه فيه وهتفوق لحالها وتبطل شعلقه فحباله الدايبه وتشوف حالها وتوافق على واحد من خطابها عاد ...عشان اكده مهما كانت اللى خطبها هتكون حداى احسن وحده فالدنيا .
حكيم بنفس الابتسامه :حتى لو كانت اللى قلب ولدك عيفرفط عليها دلوكيت !
تماضر رفعت ايدها وضربت على صدرها بعد ماشهقت وقالت بصوت عالى ...يااامررررى ..ياصبر سنينك ياحكيم ياولدى ...مقولتلك بزياداك واجيبهالك ولا حتى اخطبهالك قولتلى مش عاوز حد يتكلم على عرضى ويقولو خد بياعة جبنه وسيرتى تبقى فكل ديوان وهى مش على ذمتى ومقدرش احمى سيرتها من الكلمه !...قلتلك مش كل الامور ينفع فيها الصبر قلتلى انى ادرى بموصلحتى ...قولى فين موصلحتك ياحكيم فينها !!...
حكيم غمض عنيه ومردش على امه لانه دلوقتى بس اللى تأكد ان كل حججه كانت واهيه واسبابه كانت ضعيفه قصاد خسارته الكبيره وحبيبته اللى خسرها بسبب تاخيره ...
باااااااااااااك
اخيرا وصل حكيم بجماره لباب السرايه بعد ماهاجمته عاصفه من الزكريات عصفت بقلبه وبعترت كيانه ...نزل من على ضهرها وادى اللجام لبشندى اللى جري عليه اول ماشافه وطلب منه انه يهتم بيها اهتمام خصوصى نفس الطلب كل يوم من يوم ماجابها بيطلبه من بشندى مع انه عارف ومتأكد ان دا هو اللى بيحصل لكن زيادة اطمئنان لقلبه بيفكره بده كل يوم خوفا من نسيان بشندى او انشغاله بأمر ينسيه جمره ...
دخل حكيم للسرايه واتنهد وهو شايف غازى لساته قاعد مراحش المشتمل وحاطط رجل على رجل وبيشرب فكباية شاى واكيد جماره لساتها قاعده معاه لكنه قال لنفسه انه هيطلع طوالى على اوضته يترمى على سريره ويفضل يترجى فالنوم يمكن يزور عينه ويريح دماغه من كتر الافكار ..لكن وقفه على الباب صوت غازى وهو بيتكلم بنبرة استهزاء ..
ايوه فطرنا ياعيشه امال هنستنوكى انتى لما تاجى تفطرينا ياك ...وبعدين يعنى فكرك هستنى فاطورك انى ولا ايه ..هتكونى جايبه ايه فاطور ياوش الفقر انتى ..اكيد جبنه خضره وبتاو مقدد (عيش مخبوز من الدره الرفيعه )ومكرمش كيف وشك العفش ديه ..
جماره بصوت مخنوق :غازى !ايه اللى عتقوله لامى ديه ؟
غازى :عقول الحق يابت بتاعت الجبنه ...ولا هو الحق بقا يزعل اليومين دول ؟
وهنا حكيم دخل زى الاعصار وقاطع صوت امه اللى لسه كانت هتتكلم وصرخ بكل غضب الكون :غاااازززى ايه اللى عتقوله وتخربطه ديه انتا اتهوست ياك !! ايه شربت حاجه امبارح ولسه مأثره على نفوخك ولا ايه ؟
غازى :له ياحبيبى انى لا شارب ولا غايب وقاصد كل كلمه وكل حرف قولته ...ومش عاوز حد يتدخل بينى وبين مرتى وام مرتى ..اظن ديه مفهوم !...قال جملته وواصل شربه للشاى بمنتهى البرود ...
بصله حكيم وهز دماغه بقلة حيله وعشان ينقذ ماء وجه ام جماره اتقدم على صينية الاكل اللى كانت جايباها بعد مابصلها وابتسم بحنان
تسلم يدك يام جماره ريحة المصفط بالسمن البلدى (الفطير المشلتت) شميتها من على بوابة السرايه وجيت جرى ريحته تجيب التايه
عيشه بابتسامه محرجه :تسلم من كل شر ياولدى ، ربنا يجبر بخاطرك ويعطيك على كد طيب لسانك خير وعافيه .
ابتسم حكيم وهو بيقرب من صينية الاكل على السفره وقعد بعد ماكشف الغطا من عليها وشمر اديه وابتدا يقطع فى الفطيره وغمسها فالعسل وحطها فبوقه وابتسم وهز دماغه برضى :
ايه الجمال ديه يام جماره اول نوبه آكل فطير بالطعامه دى يشهد ربنا... دوقى يمه اكده ..تعالى ياغاليه دوقى فطير خالتك عيشه دا حلو قوى ...
لكن غاليه مردتش وفضلت قاعده فمكانها وبتتفرج على اللى بيحصل قدامها زى مايكون مسرحيه متعرفش هتخلص ميته ...مد ايده بلقمه لأمه حطها فى بقها وتماضر مضغتها وقالت لعيشه :صوح طعمه حلو قوى ياعيشه لو اعرفك شاطره فالفطير اكده كنت كل يوم والتانى اخليكى تعمليلى ...اتعلمتى عمايله ميته مكنتى خيبانه زمان ههههه انتى مخابراشى يامضروبه انى عحب الفطير ياك !
رفع حكيم عنيه بنظره عابره لام جماره بيراقب رد فعلها ونزلهم تانى لكنه رجع التفت بسرعه لما شاف جماره اللى واقفه جارها وماسكه يدها باصاله ومبتسمه وعيونها مرغرغه بالدموع وبتنقل عنيها بين حكيم وغازى اللى قاعد بيشرب فالشاى على الكرسى ومبتسم باستهزاء و باصص لحكيم، الى لو جات للحق و الانصاف كان المفروض هو اللى قاعد مكانه دلوقتى وبيشكر فأكل حماته مهما كان قليل ومهما كان طعمه من باب الاصول والزوق ...ومن هنا كانت اول مقارنه بين حكيم وغازى تعملها جماره واتصدمت من الفرق ..
حكيم اختفت ابتسامته وهو باصص لجماره واتوجهلها بالكلام بتعب بعد ماقلبه وجعه على الاحساس الصعب اللى خلاها تحس بيه غازى بكلامه اللى زى السم فأول يوم ليها معاه ، واللى لو بيده كان قلع لسانه قبل ماينطق بيه كلمه وحده تجرح جمارته وجمرة قلبه ...خدى امك وادخلو فأوضة امى ياجماره واتحدتو مع بعض لحالكم اكيد اتوحشتو بعض من امبارح ولجاى اصلكم ممتعودينش تسيبو بعض واصل .
بصتله جماره باستغراب لان كلامه حقيقى هى وامها مش بيسيبو بعض واصل وسألت نفسها ياترى عرف منين حاجه زى دى وفسرت دا بأن اكيد غازى هو اللى قاله معلومه زى دى ...طبعا اكيد هو دا السبب امال يعنى هيكون عرف منين !
بعدها اخدت امها للاوضه اللى شاورلها عليها حكيم لكن عيشه قبل ماتمشى معاها ميلت على غازى وقالتله بصوت رزين مصحوب بابتسامه هاديه ...مبروك وصباحيه امباركه ياجوز بتى، وحقك على لو كنت جبت حاجه مش كد مقامك ، اعتبرنى جيت فاضيه ابارك وامشى بس قبل ماامشى عايزه اقولك حاجه فنفسى ...((من لانت كلمته وجبت محبته ياولدى ))
اتعلم من ولد عمك الشيخ حكيم واعرف جبر الخواطر ..
غازى بمجرد ماسمع اخر جمله عيشه قالتها ومقارنتها ليه بحكيم انتفض من مكانه ووقف على حيله وزعق فيها بصوته كله :انتى جايه تعلمينى اتكلم كيف ياوليه انتى ولا ايه ...مبقاش غير بياعة الجبنه اللى تعلم غازى الحديت عاد ..والله عال ياولاد والله ...غورى مع بتك من قصاد عينى بدال مااجرم فيكى عالصبح ...خدى امك ياتُغباره وغورى من قدام وشى ...وجبت محبته قال ..ومين مستنى محبتك انتى ياست عيشه !!!
حكيم بمجرد ماسمع كلام غازى قام وقف وكان هيهجم عليه لولا امه مسكت ايده وبصلها لقاها بصاله بتوسل مد ايده فرك وشه بقلة صبر وراح على عيشه ام جماره وقف قدامها وبحنيه باس دماغها وهمسلها :امسحيها فيا انى دى واوعدك مهتتكررشى بس مهقدرشى اتكلم دلوكيت ويطلع حٍسنا فيوم صباحيته الا الناس تقعد تألف حكى على مزاجها ومفيش غير سمعة بتك هى اللى هتتأثر ..روحى مع بتك دلوكيت وانى ليا كلام تانى مع البو ديه ..
ابتسمت عيشه وبصت لحكيم بنظرة امتنان وهمست بصوت واطى :كان هيوحصول ايه لو كان الميزان اتعدل وكفة الحظ مالت لصالحى شويه وكان غازى طلع زيك ولا كنت انتا موطرح غازى !
اتنهد حكيم ورد بنفس الهمس :كله والنصيب يام جماره ، جماره اتكتبت لغازى من يوم مااتولدت ومحدش فالكون عيقدر يغير المكتوب ...
اتنهدت عيشه هى كمان ومسكت ايد بنتها ودخلت الاوضه وقفلت الباب وبمجرد مادا حصل جماره اترمت فى حضن امها تبكى بقهر على كل اللى حصل معاها من امبارح لحد دلوكيت وامها عيشه فضلت تمسد على ضهرها بحنان من غير ماتتكلم وباصه لبعيد وبتفكر ياترى ايه اللى مستنى بتها على ايد غازى ان كانت البدايه اكده وندمت ندم عمرها على كل لحظه فرحت فيها بجوازة بتها من غازى اللى كانت فاكره انها هتفتح لبتها طاقة القدر وتريحها من تعبها وكدها على لقمة العيش ..
جماره من بين دموعها :ليه كل ماكنت اجى اتحدت وارد عليه تمنعينى وتشاوريلى اسكت ...عاجبك الاهانه والزل والكسفه اللى كسفهالى انى وانتى دى ؟ ليه تكتفينى بوعد خلتينى اوعدهولك وانتى عارفه زين انه هيحط من كرامتى وعزة نفسى ليه يمه ؟
عيشه :عشان عارفه لسانك متبرى منيكى ومهتسكتيش وتردى الكلمه بكلمتها وتجادلى والراجل معيحبش اكده ...بالك انتى لو عيميلتى اكده ..هيقول انك رباية عزبه وان عيشه بتاعت الجبنه معرفتش تربى وتأدب ...انى عايزه كل اللى يجالسك يدعى للى رباكى يابنيتى ...ومش فكل الاوقات الكلام عيجيب الحق ...اوقات كتير الكلام عيجيب الاهانه والزل لصاحبه اكتر ..
اما عند حكيم فقعد هو التانى ساكت وساب امه المرادى هى اللى تتولى امر الرد على غازى وعتابه واكتفى بالقعاد على كرسى السفره وهو بيبص لغازى بنظرات ناريه ..
غازى فضل ساكت هو كمان وبيسمع كلام مرات عمه تماضر والغريبه انه مبتسم وباصص لحكيم ومنتشى بسعاده غريبه ولا كأن الكلام معاه او عليه ...
سكتت تماضر بعد مايأست ان غازى سمعها اصلا وهو بعد ماشافها سكتت قام واتحرك ناحية حكيم وميل عليه وهمس جمب ودنه :بطلت تاكل مصفط ليه ياواد عمى ؟ بطل يعجبك ولا نفسك اتسدت ..ولا مشت عيشه وبطل الصبغ والدهلسه والمحلسه ...كل ياواد عمى واشبع كل الصنيه كلها، المصفط ديه هو كل اللى هتقدر تطوله ...مع انها من حقى انى بس انى هسيبهالك ..انى كفايه عليا الجمااار ...
قال جملته ورفع نفسه وابتسم وطبطب على كتف غازى بود كداب ومشى من قدام حكيم اللى غمض عنيه بألم وكأن جملة غازى خنجر اتغرز فنص قلبه .
يتبع الفصل الرابع اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية جمارة" اضغط على اسم الرواية