رواية انذار بالقتل الفصل السابع 7 - بقلم نسمة مالك
رواية انذار بالقتل الفصل السابع 7
مر يومان..
لم يري "إسلام" النوم بهما، والديه يمكثان بالعناية المركزة، حالتهما شديدة الخطورة خاصةً والده الذي دخل بغيبوبة، حاولت الشرطة التحقيق مع والدته إلا أن الأطباء منعت عنها الزيارة نهائي فحالتها هي أيضًا حرجة للغاية..
ظل واقف أمام الحاجز الزجاجي الفاصل بينه و بين والديه يراقبهما بأعين نادمة تفيض بالدمع، كانت حالته هو الأخر مزرية لما تعرض له من ضرب مبرح على يد نوح و شقيقة نور أدى إلى الكثير من الكدمات المتفرقة على وجهه تركت علامات تحول لونها من الأحمر الي الأزرق حول عينيه، و جرح بشفتيه، و أسوأ إصابة كانت كتفه المخلوع، فبسببه لم يستطيع حمل شقيقته، و أجبر على تركها برفقة تهاني و ابنتيها بعدما رفض "نوح" رفض قاطع و تصدي له حتي لا يأخذها، و ينتظر لتستعيد وعيها و تذهب هي معه بكامل أرادتها..
فما كان من "إسلام" إلا العودة لمستشفى بعدما حدثته زوجته "رقية" و أخبرته أن والديه يحتجان لتبرع بالدماء و عليه الحضور فورًا حتي يتبرع معاها لهما..
رغم الشجار العنيف الذي نشأ بينه و بين "نوح" إلا أنه لم يتركه يعود للمستشفى بمفرده، و ذهب معه هو وشقيقه، بل و قاموا بالتبرع بدمائهما لوالديه، تصرفهما هذا أظهر له كرم أخلاقهما، حينها قص "إسلام" كل ما حدث ل "نوح " بأنهيار تام، جعل "نوح" يلتمس له ألف عذر، ولكنه مازال رافض أن يأخد شقيقته، سمح له أن يطمئن عليها وقتما يشاء أثناء وجوده بالمنزل.
يمر عليه بدراجته البخارية عقب إنتهاء عمله، و يأخذه بنفسه ليطمئن على "آية" شقيقته، و يعود ثانيةً للمستشفى، على هذه الحاله له يومان..
أما "رقية" التي عادت لمنزل زوجها قبل قدوم الشرطة عليه لأستكمال التحقيق بعدما تم التحقيق معها هي وزوجها وكان حديثهما واحد كما اخبرته هي، و لم يستطيع فعل شيء سوي الخضوع لحديثها..
بعدما قامت بأخفاء اي أثر يدل أن زوجها هو الفاعل، تقف الآن معه تسانده و تدعمه بكل قوتها حتي لا تفقده للأبد رغم أنها في موقف لا تحسد عليه، هي زوجة رأت زوجها بعينيها طعن والديه طعنات قاتله، كانت من الممكن أن تركض بصغيرها لتنجو بحياتها، و تتركه يواجه مصيره الأسود.
إلا أنها اختارت فعل ما رأته صواب حينها، و بفضلها بعد الله عليه لم يموتان والديه إلى الآن..
"إسلام.. حبيبي علشان خاطر ربنا تعالي روح معايا" ..
قالتها "رقية" بنبرتها الحانية، و هي تربت على يده برفق مكملة بتعقل..
"الدكاترة قالوا قعدتنا دي ملهاش اي لازمة.. فخلينا نروح نصلي سوا و ندعليهم ربنا يتم شفاهم على خير و يطمن قلبك عليهم يا حبيبي"..
جالت بنظرها على هيئته، ثيابه الممزقة المغطاه بالوحل و بقع الدماء، دماء والديه عندما قام بحملهما، و دمائه هو أيضاً بعد شجاره مع "نوح"..
" أنت لازم تغير هدومك دي يا إسلام علشان لما ماما و بابا يفقوا ان شاء الله اكيد هيطلبوا يشوفوك، و مينفعش تكون بحالتك دي قدامهم.. كده ممكن تتعبهم أكتر لقدر الله"..
"يعني هما هيفقوا يا رقية!!".. أردف بها "إسلام" بلهفة، و هو ينظر لها بأعين ترقرقت بها العبرات، نظرته مرتعدة تملئها الخوف و القلق..
" بإذن الله يا حبيبي هيفقوا و هيبقوا زي الفل.. ادعليهم أنت بس و ربنا كريم و حنين على عباده و قادر يستجيب دعواتنا"..
أمسكت كف يده السليمة، و هبت واقفة و سحبته معاها برفق مكملة..
"يله بينا نروح نغير بسرعة و نرجعلهم تاني"..
تمسك "إسلام" بيدها بكل قوته يستمد منها بعض الراحة و الاطمئنان، و تحدث بتنهيده متعبه قائلاً..
"عايزك تيجي معايا نروح لأختي يا رقية يمكن تكون فاقت و تقنعيها أنتي ترجع معانا البيت"..
ابتسمت له "رقية" ابتسامة مطمئنة، و لفت يده حول كتفيها، و يدها هي حول خصره و سارت معه بخطوات بطيئه نحو باب الخروج متمتمة..
"حاضر.. من عينيا.. هروح معاك ليويو دي أكتر من أختي و حبيبتي و مش ممكن ترفضلي طلب.. بس هنروح نجيب حمزة من عند ماما قبل ما نروحلها علشان هي بتموت فيه و هترجع معانا مخصوص علشانه"..
"تعرفي أنا كنت عايزهم يشوفوني و أنا متبهدل و مضروب كده يا رقية علشان يعرفوا أن ربنا هيجبلهم حقهم مني على اللي عملته فيهم "..
قالها" إسلام " بصوت حزين.. منكسر يملؤه الحسرة، تحشرج صوته بالبكاء و بصعوبة تابع..
" أنا أستاهل العلقة اللي ختها دي، و كنت بتمني انه يكسر رقبتي و ينهي حياتي كلها و لا أفضل عايش في العذاب و الوجع اللي حاسس بيه دلوقتي"..
" بعد الشر عليك يا حبيبي".. نطقت بها" رقية" بلهفة و رفعت يدها وضعتها على صدره و ربتت عليه بحب مكملة..
" إسلام اللي إحنا فيه دا ابتلاء من ربنا لينا، بيختبر بيه ايمانا، و إحنا لازم نرضي، و نصبر و بأمرالله تعالي كل الصعب دا هيمر و ربك هيمن علينا بكرمه و يراضي قلبنا، و أنا معاك و في ضهرك لحد ما نعدي من المحنة دي سوا، و عمري ما هتخلي عنك أبدًا "..
نظر لها، لعينيها و تعمق النظر بهما يخبرها بنظرته هذه مدي حبه، بل عشقه لها، و أنه صامد إلى الآن لأجلها، هي طوق نجاته، و حصنه الأمن داخل حضنها عندما تحتويه بذراعيها..
تفهمت نظرته و ما يريده منها فحركت رأسها له بالايجاب، وهمست بخفوت..
" نروح بس و هاخدك في حضني يا عيون رقية"..
............................... سبحان الله 🥀...............
.. بمنزل شرف..
يجلس الجميع حول "تهاني" التي تبكي بنحيب، و تردد بلا توقف جملة واحدة..
"يارب سلم.. يارب سلم"..
كانت جالسة بين زوجها و ابنها "نور"،خلفها يقفان ابنتيها"ندي، ونهاد"، بينما" نوح" كان يجلس أمامها أرضًا على ركبتيه، ممسك يدها بين كفيه، و يتحدث برجاء..
"أهدي يا ماما.. أحنا جنبك، و كلنا حواليكي مش عايزك تخافي ولا تقلقي"..
برغم شدة بكائها إلا أنها ابتسمت له ابتسامتها الدافئة، فدائمًا ينجح "نوح" بمعرفة ما يدور بذهنها، و هي كانت للحظة تتخيل أن تتعرض واحدة من ابنتيها لما تعرضت له "آية"، مجرد التخيل فقط جعلها تدخل في نوبة بكاء حادة..
" روقي بقي يا تونة يا شقية، و بطلي عياط"..
قالها "نور" وهو يداعب وجنتيها بأصابعه، و تابع بتعجب..
"وبعدين أنتي بتعيطي ليه بس دلوقتي، المفروض تبقي فرحانة، وفخورة بولادك اللي انقذوا البونية، وكلوا أخوها اللي عمل فيها كده علقة محترمة"..
"أديك قولت بنفسك.. أخوها يا نور اللي عمل فيها كده"..
غمغمت بها "تهاني " من بين شهقاتها، و صمتت لبرهةٍ و تابعت بأسف.. "أخوها وصلها أنها تستنجد بالغريب يلحقها منه!!! ودا هيسبب لها جرح أشد و أقوى من الكام الغرزة اللي اتعورتهم.. دول هيخفوا بسهولة.. لكن جرح قلبها عمره ما هيطيب بالساهل أبدًا"..
جملتها هذه جعلت" نوح" يتذكر لحظة وقوع عينيه على
" آية "، تذكر فزعها، و تمسكها بكنزته،جسدها المرتجف بين يديه اثناء حمله لها، اختبأها داخل حضنه، أنفاسها الساخنة التي كانت تلفح برودة بشرته جعلت قلبه ينتفض انتفاضة جديدة كليًا عليه..
لوهلة شعر أنها مسؤلة منه، أرسلها له الله فسقطت بين ذراعيه، أو ربما أرسله الله هو لها ليكن منقذها و أمانها من أقرب الأقربون لها..
"بس ابيه نوح كان شكله حلو أوي و هو شيلها على ايده كده زي الأبطال بتوع السينما"..
قالتها "ندي" شقيقته بمزاح أرادة تلطيف الأجواء بها، و تابعت بصوت خافت وهي تنظر لشقيقتها..
"عقبال ما ربنا يرزقنا بلي يشلنا الشيلة الحلوة دي يا نهاد يا أختي"..
جملتها هذه وصلت لسمع شقيقها "نوح" الذي هب واقفًا و سار نحوها بخطوات هادئة..
" أختك بتهزر يا نوح.. متقصدش اللي أنت سمعته يا ابني"..
قالها" شرف" حين لمح ملامح ابنه ظهر عليها الغضب،
"عارف يا أبو نوح أنها بتهزر".. قالها" نوح " وهو ينظر لشقيقته بابتسامة مصطنعة جعلت وجهها تنسحب منه الدماء..
"أنا بهزر والله يا ابيه؟!"..
قطعت حديثها، و شهقت بل صرخت ضاحكة حين حملها"نوح" فجأة بين ذراعية، و دار بها حول والديه مدمدمًا..
"امممم..بقي عايزه حد يشيلك كده و أنا موجود يا آنسة ندي!!! "..
ركلت بقدميها في الهواء بفرحة طفولية، و تعلقت بعنقة قائلة..
"لا طبعًا يا ابيه.. أنا قولت كده علشان عارفة أنك مش هتتاخر عليا و هتشلني في ساعتها"..
دوي صوت ضحكات "نهاد" هي الأخرى حين حملها شقيقها "نور" بين يديه و سار بها حتي توقف بجوار شقيقه مغمغمًا..
"ها مبسوطة يا آنسة نهاد أنتي كمان كده"..
"أوي أوي يا نور".. قالتها "نهاد" بصعوبة من بين ضحكاتها..
تنقلت" تهاني" بنظرها بين أولادها بابتسامة و راحة غزت قسماتها الباكية، و قلبها يدعوا لهم ربها بألحاح أن يجعلهم سند لبعضهم البعض..
بينما تحدث "نوح" بجدية دون أن ينزل شقيقته من على يده قائلاً..
"اي حاجة نفسكم فيها مهما كانت اطلبوها مننا على طول.. متتكسفوش مني أنا و أخوكم.. أحنا سندكم و ضهركم بعد ربنا"..
نظر لوالده الذي يتابعهم بابتسامة رضا، و تابع بتهذيب..
" وبعد حضرتك انت و ماما طبعًا يا بابا، و دا حقكم علينا"..
"ربنا ميحرمناش منكم أبدًا يا ابيه".. غمغمت بها"ندي" وهي تقبله من وجنته، و ترتمي بحضنه تضمه بحب مستنده برأسها على كتفه براحة و اطمئنان..
إنما الأخ لأخته ظِل وسكينةٌ وسند، فما المانع لو كل أخ قام بتلبية مطالب شقيقته مدام في استطاعته تنفيذها،يحتويها هو بحبه الصادق و حنانه عليها بدلاً من أن تبحث عن الحنان و الحب بشخص غريب عنها من الممكن أن يكون حب زائف، خادع يسحبها نحو خطأ فادح يجعلنا نقطم أصابعنا بأسناننا من الندم..
"يله يا حبايبي نزلوا اخواتكم، و ادخلوا غيروا هدومكم على ما نجهز العشا"...
قالتها "تهاني" وهي تنهض من مكانها مكملة..
"يله يا بنات حصلوني على المطبخ"..
"وديني المطبخ يا نور بالله عليك"..
نطقت بها "نهاد" سريعًا قبل أن ينزلها شقيقها الذي نظر لها بحاجب مرفوع مردداً..
" الشيال اللي الحاج شرف جبهولك أنا صح!! "..
" أسمع كلام أختك، و تعالي ورايا ياض أنت"..
قالها "نوح" و هو يسير حاملاً شقيقته" ندي" و قام بأنزالها برفق داخل المطبخ و هو يقول..
" الحلوين بزيادة يأمروا بحاجة تانية؟"..
"ندي، نهاد" بنفس واحد.. "تسلم لنا يا أحلى أبيه نوح في الدنيا كلها"..
" ربنا ميحرمناش منك أنت و أخوك و أبوك يا حبيبي".. أردفت بها "تهاني " التي اقتربت منه، و رفعت يدها ربتت على ظهره، و وقفت على أطراف أصابعها قبلت كتفه بحب شديد، ليسرع" نوح" و مال عليها قبل جبهتها و كلتا يديها مردداً..
" و لا يحرمنا منكم يا ست الكل"..
كان الجو داخل منزل شرف مشحون بالعاطفة، و مشاعر الحب الصادقة، و مع ذلك يشعر " نوح" بقبضة قوية تعتصر قلبه بسبب تلك ال "آية" التي اقتحمت حياته الهادئة على حين غرة،
سار لخارج المطبخ متوجهًا نحو غرفته لكن صوت والده أوقفه حين قال مستفسرًا..
" لحد أمتي هتمنع البنت دي أن أخوها ياخدها يا نوح؟!"..
"لحد ما تفوق و تقرر هي عايزة أيه بالظبط يا بابا"..
هكذا أجابه "نوح" ببساطة، و قد ظهر عليه الغضب حين تخيل أن من الممكن أن يأخذها شقيقها بعدما طلبت هي منه بنفسها أن لا يتركها،
"يا ابني البوليس هيجي للبنت دي تاني علشان ياخد أقوالها، و لو فضلت بحالتها دي و مقدروش يحققوا معاها هيرجعولها للمرة التالته، و يفضلوا بقي راحين جاين على البيت عندنا و دا أنا مش حابه علشان سمعتنا و احنا عندنا البنات أخواتك على وش جواز"..
"نوح" بهدوء.. "و اللي بعمله مع آية دا علشان خاطر أخواتي البنات..أخوها في حالة نفسية أسوء ما يكون، و والدها ووالدتها في العناية حالتهم خطيرة، وهي استنجدت بيا و طلبت مني ما اسبهاش.. يبقي مش هينفع اسبها لأخوها اللي ممكن بسهولة يموتها ويموت نفسه لو لقدر الله حصل لاهلهم حاجة.. ساعتها لو حصلها حاجة عمري ما هسامح نفسي و أكيد حضرتك فاهم قصدي يا أبو نوح"..
حرك" شرف" رأسه بالايجاب له، و بتنهيده قال...
" فاهم يا ابني.. فاهم.. ربنا يجيب العواقب سليمه"..
............................. لا حول ولا قوة الا بالله 🥀.....
بإحدى أرقى مدن القاهرة..
داخل عيادة الدكتور" يوسف القاضي " دكتور التجميل، يجلس على مكتبه بهنجعيه تليق به كثيراً، ذلك الشاب الثلاثيني الوسيم الذي يتوافد عليه النساء من كل مكان داخل مصر وخارجها حتي يقومون بعمليات التجميل الشهيرة..
بعد ساعات عمل طويلة أخذ قسط من الراحة قبل أن يباشر عمله مرة أخرى، أمسك هاتفه وطلب رقم خطيبته "آية"، ووضع الهاتف على أذنه ينتظر الرد محدثاً نفسه..
"أما أشوف هتردي عليا ولا مش هتردي يا دكتورة آية المرادي!!"..
كالعادة مؤخراً لم يأتيه رد منها، فأرسل لها رسالة صوته يتحدث بها بنبرة هادئة لا تخفي غضبه المشحون قائلاً ..
"خير يا دكتورة.. بتصل بيكي بقالي يومين مبترديش عليا، و روحتلك الجامعة قالولي مبتحضريش.. كده هتخليني أجيلك البيت و لو صدفت اخوكي قدامي إحتمال كبير أمسك في خناقة لأني مش طايق أشوف خلقته بعد اللي عمله معاكي قدامي، و هيبقي عدم ردك عليا هو السبب.. فأحسنلك الحقي كلميني قبل ما اخلص شغلي في العيادة و تلاقيني فوق دماغك "..
أنهى حديثه وضغط أرسال، و القي الهاتف على مكتبه بعنف غير مبالي لمصيره، و قد حسم قراره سيذهب لها بعدما ينتهي من عمله حتي لو انصاعت له، و حدثته عقب سماع رسالته.
.................................. لا إله إلا الله 🥀..........
" نوح"..
أنتهي للتو من أخذ حمام دافء يمحي به أثر تعب اليوم، أرتدي ثيابه المكونه من ترنج رياضي أسود ذات خطوط زرقاء من الجوانب ، صفف شعره بعناية،نثر عطره المميز بسخاء، و سار لخارج غرفته ليتناول العشاء برفقة عائلته..
صوت أنين خافت صادر من الغرفة التي تمكث بها "آية" وصل لسمعه أوقفه عن السير، شعر بقوة فولاذية تجذبه نحو تلك الغرفة، غير اتجاهه و سار نحوها بخطوات متثاقلة،
كلما اقترب تتزايد دقات قلبه، كان باب الغرفة موارب، فتحه بلهفة عندما استمع لصوت بكائها، و قد ظن أنها أخيراً استيقظت،
ولج بحذرٍ و هو يوزع نظراته باحثًا عنها حتي وقعت عينيه عليها نائمة على الفراش بوجهه متعرق للغاية، ملامحها الباكية رغم أنها تغص بنومٍ عميق إلا أنها يظهر عليها الألم بوضوح، يبدو أنها تصارع إحدى كوابيسها..
بدأت تتحرك بعنف أثناء نومها مما دفعه لقطع المسافة بينه وبينها، و مال على اذنها يهمس لها بصوته الرزين..
"هششش.. أهدي يا آية.. متخفيش.. محدش يقدر يأذيكي"..
جال بنظره على ملامحها الجميلة بافتنان، و رفع يده و ضعها فوق كف يدها حينها تزلزل كيانه كله دفعه واحدة عندما شعر بملمس يدها الناعمة على يده،
ربت على يدها بمنتهي الرفق كمحاولة منه لبث الاطمئنان لها و لو قليلاً، و لكن!!!!..
شعر بتلك الحلقة المعدنية الملتفه حول إحدي أصابعها، لا يعلم لما ازدارد لعابه بصعوبة، و هبط بنظره ببطء ينظر تجاه تلك الحلقة و بداخله يتمني أن لا يكون ما خطر بباله صحيح،
أطبق جفنيه بعنف عندما رأي خاتم خطبتها يزين يدها، اعتدل بوقفته ثانيةً،
يقف بجوار الفراش يراقب تعابير ملامحها المذعورة، تهرب من واقعها المرير بالنوم المتواصل، نوم أشبه بغيبوبة كم تتمني أن لا تستيقظ منها أبدًا أو يكون كل ما تعيشه الآن إحدي كوابيسها و ستفيق منها تجد عائلتها بخير حال،
"نوح !!!.. بتعمل ايه هنا يا حبيبي؟!"..
نطقت بها "تهاني" التي دلفت للتو عبر باب الغرفة المفتوح، كانت علامات الدهشة ظاهرة على محياها، و نظرتها له تحمل الكثير من الأسئلة تنتظر إجابتها منه..
أخذ "نوح" نفس عميق، و زفره على مهلٍ مغمغمًا..
"في ايديها اليمين دبلة.. يعني مخطوبة.. صح يا ماما؟! "..
" أيوه يا حبيبي.. بتسأل ليه؟!"..
عقد حاجبيه و اجابها مدهوشًا..
"دا شكله أيه خطيبها اللي سيبها عندنا بقالها يومين من غير ما يتجنن من خوفه عليها؟!"..
•تابع الفصل ابتالي عبر الرابط:-"رواية انذار بالقتل"اضغط على اسم الرواية.