رواية ترنيمة غرام الفصل السابع والأخير بقلم زيزي محمد
رواية ترنيمة غرام الفصل السابع والأخير
ماشي تمام نلعب بأحكام بس والله يا مالك ما أنا سايبك...
ارتفع صوته وهو يهتف بغيظ من تحكمات مالك في اللعبة، أما مالك فأرسل له ابتسامة مستفزة قائلًا : وماله يا حبيبي يلا....
وضع عمار يده أمامهم هاتفًا بأمر : استنوا ثواني افتح صفحة جديدة واظبطها..
انتظر الاثنان بفارغ الصبر، حول فارس بصره نحو يارا وجدها ترمقه بضيق، رفع أحد حاجبيه لها بمعنى ماذا بكى أيتها البلهاء؟!.
أما ذلك العاشق انشغل بالحديث مع زوجته بعدما هي ألقت ببعض الكلمات بجانب أذنيه تذكره بأحكامه الوقحة السابقة...
_ إيه رأيك افركش اللعبة ونطلع أنا وأنتي نلعب.
_لا استحالة..
نهضت بسرعة قبل أن تقع تحت براثنه، وتعود نادمة بعدما أشعلت لديه ذكريات حفرت في ذاكرتهما للأبد..
راقبها مالك بعينه، قاطع تركيزه جلوس عمرو بجانبه..ونظرته الخبيثة له..
_ إيه جايبك هنا..قوم علشان أركز.
_ لا القعدة هنا طراوة..
انتهى عمار من عمله ليقول : يالا يا شباب ابدأ..
انشغل الشباب باللعب وانصب تركيزهم نحو الأوراق فقط..
راقبت بعينها جلوس خالتها وخالها وجدتها وشريف وسوزان معاً، نظرت لأماكن الجلوس المتبقية لم تجد سوى مكان واحد بجانب خالها، أمامها خيارين اما أن تتجاهل توترها وخوفها وتتجرأ على كل هواجسها وتجلس بجانبه...او تنزوي بأحد ألاماكن وتسيطر هواجسها عليها من جديد... قررت ان تتجرأ لو لمرة واحدة وتتخطى خوفها وها هي الفرصة امامها..تقدمت نحوهم وبدأت يدها ترتعش قليلًا هتفت بصوتها الرقيق : بتعملوا ايه!!.
ثم جلست بجانب أحمد..دب الرعب قلب ماجي وأيضا جدتها خوفًا من ردة فعل أحمد..ولكن فاجأهم احمد بصمته واستمرار العبث بهاتفه وكأن شيئا لم يكن..
انفلت زمام الجلسة قليلًا في الحديث فبقيت سوزان تتحدث مع شريف والباقي في وداي أخر..
.......
التفت مالك فجأة بجانب وجهه نحو عمرو : آه يا...
وانفلتت من فمه شتائم له، اندفع عمرو يركض بسرعة البرق في كل الاتجاهات هربًا من غضب مالك بعدما اكتشف أمر مساعدته لفارس في اللعب...
_ خد تعال هنا بتلبس نضارة وتقعد جنبي..انا اخوك يا أهبل..
انطلق عمرو بسرعته نحو والدته.. امسكت يارا كرة صغيرة ثم القتها نحوه..كانت تراقب لعبتهم بحماس خفي، لا تنكر انها تريد خسارة زوجها حتى تشفي غليلها نحوه..وفسد كل ذلك عمرو باتفاقه مع زوجها الخبيث..تفادى عمرو الكرة فانطلقت بقوتها باتجاه ندى..صرخت ندى بقوة من اثر الضربة ..حول الجميع بصرهم نحو يارا..احمر وجهها حرجًا من فعلتها..وما ان اقتربت اتجاه ندى تطمئن عليهاا..قابلها خالها بوجه عابس : ايه الهزار ده يا ياراا..الكورة دي ضربتها وحشة .
تلعثمت في حديثها لتقول : مكنتش أعرف انا كنت اقصد عمرو.
قاطعها خالها في حدة : حتى لو عمرو كان ممكن تيجي في اي حد من العيال الصغيرة، ده اسمه استهتار وقلة مسؤولية..اهي جت في ندى..
وحدها من احست بالاحراج لحدته وتوبيخه لها على الملأ..والباقي انشغل بالتفكير في تغير خالهم، لم يسبق ابدًا وان نطق اسم ندى هكذا بكل بساطة ..دهشتهم اثارت فضول سوزان وكأن احد موازين الحياة انقلبت لمجرد نطقه باسمها ..حتى هي رفعت رأسها وابتعدت عن مالك قليلًا تنظر لخالها بدهشة اكبر منهم ..لم تتوقع ان علاقتهم ستتقدم بهذا الشكل، نعم فمعنى نطق احمد لاسمها ببساطة فهو نجح في تخطيه لحاجز كبير بداخله، ظنت انها وحدها من تثابر في علاقتهم، ولكن من الواضح ان محاولاته اكثر، وبدأت هي تجني ثمارهااا...
............
لا تعرف كيف وصلت لشقتها حتى تنزوي بها باكية، يكفي ما سمعته من توبيخ قاسي من خالها..وكأي أنثى أصيلة قلبت بداخلها كل مواجع الحياة، وظلت هكذا تبكي وتبكي وتبكي، احيانًا يرتفع صوت بكائها واحيانًا تكتمه بداخلها .. انتفضت بفزع عندما فُتح الباب فجأة : في ايه مش كفاية كده!!!.
وضعت يدها فوق قلبها : انت هنا من امتى!!.
اغلق باب الغرفة خلفه ثم اقترب يجلس امامها على حافة الفراش : من وقت ما دخلتي هنا، وعماله تعيطي زي الهبلة علشان كلمتين خالك قالهم!..
زمت شفتيها بضيق قائلة : مالكش دعوة.
قرص كلتا وجنتاها بغيظ مكتوم بداخله منها : لا عيب متقوليش كده، أنتي كلك تخصيني على بعضك تخصيني.
حولت بصرها بعيدًا عنه، وانشغلت في الصراع الذي نشب بداخلها ما بين أن تندفع نحو أحضانه تختبئ بها وتخرج كل أحزانها تلقيها فوق اعتاقه أو تظل هكذا تبكي وحدها وداخلها يغلي كالبركان من ازدحام أحزانها..
شعرت بأنامله تتحرك بعشوائية فوق كفها، آه مكتومة قالتها بداخلها حركاته وأفعاله التي تثير جنون عشقها .. وكحال كل العاشقين اختارته هو ووقع اختيارها تحديدًا فوق أحضانه التي لم تشعر بأمان قط إلا بها.
ربت فوق كتفيها بعدما راقبها وهي تحشر نفسها كالطفل الصغير بداخله..وانسابت دموعها في صمت..
_ بتعيطي ليه ؟!..
_ زعلانه من كل حاجة!.
رفع وجهها بطرف إبهامه قائلًا : إيه ده قلبي زعلان، أول مرة أشوف قلب زعلان!.
ضحكت بخفه لتقول بمزاح من وسط دموعها : بكاش آوي..
داعب انفها بأنفه قائلًا بخفوت : بطلي نكد وعياط، علشان مكهربكيش من خدودك دي.
انفلتت ضحكة عالية منها، فهتف هو على أثرها : الله أكبر، إيه ده هو اليوم طراوة آوي كده ليه..مصيف عسل والله.
ومجددًا ذابت تلك البلهاء في أحضانه وعبثه وقبلاته..تمنت له الخسارة، وما بخاسر إلا هي .. هي من تقطع على نفسها وعودًا، وبعد أول قبلة وعناق وهمسة من شفتاه، تتبخر تلك الوعود ويخسر العقل أمام القلب..بسبب لعنة سُميت بالعشق.
............
دخلت مع جدتها وخالتها بعد إصرارهم أن يأخذوها من مالك بحجة حاجتها للراحة، راودها شك غريب باتجاههم ولكن التزمت الصمت تبحر في خوف خالها عليه، شعور غريب سيطر عليها ولكن حتمًا قلبها يتراقص فرحًا لذلك..انتبهت لحديث جدتها القلق : حبيبتي كويسة دلوقتي!.
هزت ندى رأسها وهتفت : آه الحمد لله .....
لم تكمل جملتها بسبب اندفاع ماجي بسيل من الأسئلة عن علاقتها بخالها والى أين تطورت، وهل هي تخفي أسرار عنهما..حركت بؤبؤ عيناها سريعًا وهي تحاول أن تواكب أسئلة خالتها!..
_ احكي يالا وقولي، أنا حاسة انكوا متغيرين، بتقعدي جنبه، وهو خايف عليكي وزعق ليارا علشانك قولي واعترفي!.
قررت ندى أن تشاكسهم : طب ومسألتهوش هو ليه؟!.
هتفت جدتها بضيق بالغ : ماهو أنا عارفاه كويس وعارفة شخصيته مش هايرضى يريح قلبنا..
حركت رأسها بتفهم لتقول بهدوء : وعلى سيرة قلبنا .. هو قالي أنه قرر يفتح قلبه ليا..
انصدمت كل من ماجي ووالدتها غير مصدقين لما سمعوه الآن..
هتفت ماجي بنبرة خرجت ملامح الدهشة من بين حروف حديثها : لا لا أحمد أزاي، هو إيه حصله!!.
نهضت ندى من مجلسها : وفيها إيه ياخالتو وإيه الغريب، أنتي شافية إن غلطت فيه، أو أذيته، كرهه ليا مبني على حاجات غلط وأساس من غير صحة، ويمكن علشان كده قرر يفتح قلبه ليا!.
أطلقت جدتها تنهيدة حارة تدل على مدى تأثرها بحزن حفيدتها وصراع ولدها في ذلك القرار لتقول بنبرة هادئة : ربنا يصلح الحال بابنتي!!.
على الجانب الآخر قرر أيضًا مالك الانفراد بخاله ليتحدث معه بشأن ذلك القرار المفاجئ، تردد كثيرًا في بادئ الأمر ولكن إذا وصل الأمر لزوجته سيتدخل حتى لا يعود خاله ويحزنها..
احتلت الدهشة مكانًا ليس بهينً في ملامح وجهه عندما تحدث خاله بنبرة فظة : الله!!، مش أنت نفسك صدعتني بحوار افتح قلبي ليها وهي طيبة وتستاهل وتظلمت زي من أبوها وعمها مش ده كان كلامك!!.
_كلامي، بس أنا حساس منك ب ...
قطعه خاله بعصبية خفيفة : إيه بحركة غدر، وأنا هاغدر بيها ليه، له حق بقى أبوها يخبيها عني من اللي هايجرالها!.
حرك يده بوجهه بعصبية مماثلة قائلًا : أنا مش عاوزك تزعلها بس، هي فرحانة آوي أنك أخدت قرارك ده..
التوى فمه مُتكهِمًا : بتحبها آوي كده؟!..
رمقه مالك بضيق ليقول : رغم نبرة السخرية دي بس آه بحبها آوي، هي حياتي كلها!.
هز رأسه عدة مرات ثم قال بنبرة غامضة : وعندك استعداد تخسر الحياة كلها علشانها!!.
أدرك مالك نبرته ومغزى حديثه، فقرر امتثال الهدوء ليجيبه بعقلانية : قول عندي استعداد أحارب علشانها، لو ربنا مأذنش أننا نكمل مع بعض تحت أي سبب من الأسباب وحط تحت إي سبب دي مليون خط لأنه يندرج تحته الموت يا خالي، وقتها إرادة ربنا فوق إرادتي رغم أن أحاول أحافظ عليها بكل قوتي!!.
انهى حديثه ثم نهض وهو يمد يده أمامه قائلًا بنبرة حاسمة : توعدني أنك تكون قد قرارك، ومتحاولش تزعلها، لو حسيت إنك مش قادر تكمل تنسحب من غير ما تجرحها..
تعجب من نفسه عندما مد يده يصافح مالك بوعد حتمًا سيكون كالحبل المتين يلتف حول عنقه ويبدأ في خنقه بهدوء، استطاعت يده التغلب عليه وقررت الانصياع لمتطلبات قلب مازالت الرحمة تستوطنه، ولم يستطع لسانه أن يخرج عن جحود عقل مازال تحت تأثير وأوهام الماضي المشحون بذكريات مؤلمة كان هو السبب بها شاء أم أبى!!!.
.............
مرت الإجازة القصيرة مرور الكرام عليهم وخلت من أي ملامح للحزن إلا تذمر يارا المستمر من تصرفات فارس العشوائية!.
دلفت منزل والدتها ببطء، وقعت عيناها على ندى وهي تحاول تهدئه ليله من حالة البكاء الشديد التي انتابتها، تقدمت بلهفة وكادت أن تتعثر في الدرجات التي تقع بمنتصف المكان، هتفت بلهفة وخوف : في إيه مالك!.
حولت ندى بصرها لتقول بنبرة حزينة على ما وصلت إليه ليله رغم كم من النصائح التي قدموها إليها جميعهم..
_ بتعيط علشان في عريس متقدم لها!.
ضيقت يارا عيناها بغيظ لتقول : الله يخربيتك سرعتيني بعياطك، في واحده متقدم لها ...
قاطعتها ليله بنبرة أشبه للصراخ : أيوه يا يارا أنا بعيط علشان مش عاوزه اتجوز حد!.
هبطت والدتها من الأعلى قائلة بنبرة جامدة : إلا طبعًا مازن!، وأنتي يا حبيبتي رفضتي يجي عشرين مرة مترجعيش وتلوميني، ده عريس مناسب وكويس وأنا حبيته، وأنتي مبتفهميش حاجة ومتعرفيش مصلحتك!!.
جاءت أن تنهض حتى تجادل والدتها ولكن يد يارا كانت الأسرع وهمست بنبرة شديدة الخفوت : بس اسكتي، أوعي تجادليها لتحلف عظيم بيمين تجوزهولك دلوقتي، واستني لما يجي وتطفشيه!!.
دبدبت بقدمها أَرْضًا لتعبر عن غضبها وخاصةً أن كانت تعلم جيدًا طباع والدتها..انصاعت لحديث يارا رغم عنها ومررت اليوم مرور الكرام رغم تذمرها وغضبها على من يوجه لها حتى السلام عليكم، ارتدت ذلك الفستان النبيذي رغم انفها وحذاء أبيض ذو كعب عال مع حجاب بنفس لون الحذاء، دارت حول نفسها باشمئزاز لتقول : هو أنا رايحة فرح..
وبحركة سريعة، خلعت حذاءها وارتدت ما يسمى بال "الشبشب" ثم خرجت من الغرفة وارتدت أبتسامة خبيثة حازمة حتى تنهي تلك المهزلة!!..
وصلت لنهاية الدرج لم تجد أحد مررت بصرها في أرجاء المكان وجدت مالك يقف على أعتاب الحديقة..تقدمت منه قائلة بسخرية : إيه العريس عاوز يشم هوا!!.
ولطول فستانها لم ير تلك المصيبة التي ترتديها، أسكتها بنظرته الجادة قائلًا : ليله، عديها على خير وادخلي!!.
افسح لها المجال فتحركت لتدخل الحديقة بوجه جامد خال من أي مشاعر ولكن ذلك القلب ينتفض بغضب لمشاعر القهر والحزن والحنين لشخص اكتفى من رفضها!!.
بحثت من بينهم عنه لم تجده ارتفع أحد حاجبيها لتقول : إيه هي فزوره فينه ده!!.
أجلستها والدتها بجانبها وهي تشير للاتجاه الآخر بالحديقة : استأذن يتكلم في التليفون..
راقبت وجوههم جميعًا وجدتهم يبتعدون بأنظارهم بعيدًا عنها وكأن عيناهم أن تقابلت بعينيها ستفضح شيئًا غريبًا!، نفضت تلك الأفكار عنها ثم استعدت نَفسِيًّا لوضع الجلوس، ركزت ببصرها نحو الاتجاه الذي يقف به متخفيًا عن أنظارهم حتى تقوم ما عزمت عليه..وما هي إلا ثواني وظهر جسد شاب من الظلام فرفعت فستانها قليلًا ثم وضعت ساق فوق الأخرى بعجرفة وحولت بصرها في الاتجاه الآخر متجاهلة وجوده أمامها..أول من لاحظ خفها في قدميها كانت ندى اتسعت عيناها بصدمة ولم تمنع فمها من خروج كلمات الصدمة منه : إيه ده!!.
لمحت بطرف عيناها جلوس شخص أمامها تعرف رائحته جيدًا، استنشقها انفها من قبل في وجود من قيد قلبها بعشقه، انتباها فضول غريب اتجاه ذلك الشخص حتى تكشف هويته الغامضة لديها، حولت بصرها ببطء وجدت من جعلها تبكي ندمًا على قرار أخذته في لحظات تهور .. تسمرت مكانها بصدمة عندما وجدته أمامها هو لا غيره، مازن!!، شعرت وكأن عقلها مثل الحاسب الآلي كلما حاول استيعاب أمر وجود شيء ما، يعطيها خطأ في كل مرة، أما ذلك القلب اللعين أدرك وجوده منذ بداية استنشاق انفها لعبقه الفريد..
انتبهت لحديثه المنمق واللبق مع أخيها عن ميعاد زواجهم وكل ما يخصهم..استمعت لحديثهم وبداخلها حالة من الهياج الشديد..انتبهت لكلمات أخيها : طيب نقوم احنا، هـ نقعد قدامك في الليفنج جوه وتكلم مع ليله!!.
راقبت مغادرتهم، وما أن خرجوا حتى اندفع هو ساخرًا : مكنتش اعرف أنك مهتمة بيا آوي كده علشان تقابليني بالشبشب..
قابلت حديثه بسؤال سريع : هو أنت مش خطبت شاهي !!.
أشار على نفسه متعجبًا : أنا!!.
هزت رأسها غير مستوعبة لما يحدث لتقول : آه أنت، أنت قولتلي وأنا في إسكندرية..
وذكزته بمحادثتهم وأمر مقابلته لشاهي في أحد الاماكن العامة .. فقابلها هو بضحك ليقول : أنتي هبله يا ليله ومعنى كلامي إن أنا كده يعني خطبتها، أنتي عقلك صورلك أزاي أني ممكن اتجوز غيرك.
حسنًا لا داعي للتفكير في أمور قد تكون غير مهمة في هذه اللحظة الفارقة في قصتهم..ركزت فقط على الجزء الأخير من حديثها لتقول مبتسمة وعيناها خرجت منها القلوب : يا سلام حتى لو فضلت أرفضك كل مرة!!.
حرك الكرسي قليلًا صوبها ليقول : ناهيك عن رفضتني دي أصلها بتعملي حموضة آوي على قلبي!!، بس أنا فعلًا متخيليش حياتي من غيرك، أنا مربيكي على ايدي وحبك كبر جوا قلبي لما مبقتش قادر أتنفس من غيره!!.
وضعت يدها فوق وجنتها تتحسسها بخجل عندما شعرت بسخونيتهما الشديدة إثر كلماته التي دغدغت قلبها بحب .
_ ليله أنا ماسك نفسي في الكرسي بالعافية ان ممسكتش أيدك واقولك كل اللي جوايا، علشان خاطري بقى قدري موقفي معاكي، نعجل من جوازنا كل حاجة جاهزة ولو على كليتك أنا هاساعدك واذاكرلك وبعدين انا عصرت على نفسي لمونه تاني وكلمت مامتك واتفقت معاها انها متقولكيش ان انا العريس، بس عرفت خلاص ان المغزى ان انا السبب...
هتفت سريعًا وبعجالة : لا والله يا مازن كنت هارفض بردوا، انا متخيلش نفسي الا معاك..
استوعبت حديثها وما قالته، احمر وجهها خجلاً منه، ابتسم بعذوبة وارتاح قلبه لسماع تلك الكلمات رغم بساطتها الا انها لها أثر ايجابي قوي يحمى تلك الاثار السيئة التى تركتها هي بفعل رفضها له تلك الاعوام الماضية!!.
_ ها بقى ايه رأيك نتجوز بسرعة، ونسيبنا من اللي فات واللي هببتي ده..
قطعت حديثه بنبرة خجولة وصوت خافت : نعمله مع فرح عمرو ومريم.
هتف بعجالة : طيب وهما فرحهم أمتى !!.
_ الشهر الجاي، بس هما مش هايعملوا فرح، هايسافروا يعني ممكن يعملوا حفلة صغيرة كده..
_ موافق يا ستي اي حاجة المهم ان اتجوزك..
ابتسمت بسعادة لشعورها بالانتصار أخيرًا على هاجس داهمها في سنواتها الأخيرة متخفيًا تحت مبدأ استكمال دراستها الا هو هل سيتمسك بها مازن مثلما تمسك فارس بأختها!!، اعترفت بداخلها كم كانت خاطئة عندما وضعت قصتها أمام قصه أختها، فـ لن تسمح هي لنفسها أن تمر بما مرت به يارا من أوجاع حتمًا ما عاشته يارا ضعف أوجاعها بمراحل، شعرت بالقهر لأيام عاشتها عندما اعتقدت أنه سيتزوج غيرها، هي من أخطأت هي من خلطت الأمور، هي لم تنضج بعد، ولكن مع موقفه هذا يجب أن تقف أمام هواجس خادعة وتحاربها بعشق لا مثيل له، عشق أنار تلك الظلمة القابعة داخلها بعد صراع طويل مع الذات...
.........
بعد مرور يومان...
وضع الهاتف بضيق ليقول : اعمله إيه أنا تحايلت عليه كتير نطلع وهو بارد مش راضي!!.
جذبت الهاتف مرة أخرى ثم وضعته بين يده قائلة برجاء : لوكه علشان خاطري اتصل تاني كده مفاجئة يارا هاتبوظ..
ألقى الهاتف جانبه بعصبية : ما تبوظ هي هاتيجي على دماغي، أنا جاي من الشغل تعبان أنا عاز اقعد معاكي ومع بنتي..
تراجعت عن رجائها لتقول بحيرة : طب ويارا والمفاجئة !!.
جذبها نحوه بقوة مقبلًا إياها : تولع المفاجئة بقولك عاوزك أنتي والبنت تقوليلي يارا وفارس!.
امتثلت لقبلاته بهدوء قائلة بمزاح : يالا والله كان نفسي أساعدها بس لغاية عندك وكل حاجة تيجي بعدين..
احتضنها بحب لتذوب هي بين كلماته الخافتة ولمساته الرقيقة، فخرجت أنفاسهما المتناغمة وكأنها ترنيمة غرام تسر قلوب العاشقين...
...........
التصقت بالهاتف تحاول ان تسترق السمع لحديثهم، ابعدها عمار وهو ينهرها بعيناه، فأشارت له بيدها حتى ينهي الحديث..انهى عمار الحديث في الهاتف ليقول بضيق : في ايه يا خديجة ما كنتي تاخدي انتي التليفون تكلميه!..
تجاهلت حدة حديثه قائلة بفضول : ها، قالك هايخرج!.
هز رأسه واعتدل في جلسته على الفراش، متخذًا وضع مريح أكثر بعد يوم عمل طويل ومرهق : لأ..بيقولي مالوش نفس يطلع.
_ حتى انت فشلت، كده مفاجأه يارا باظت..
حرك رأسه بإيماءة والتزم الصمت..هاجمها سيل من الاسئلة عن طبيعة تكوينه لما لا ينتابه الفضول نحو تلك المفاجأة، هل هي مكنوناته كـ رجل لها تأثير في طباعه فسألته بفضول أنثى : هو انت مش نفسك تعرف ايه هي المفاجأة، يعني فضولك فين؟!.
اعتدلت في مواجهته حتى تستقبل اجابته بفهم اكثر، اقترب بجذعه منها ثم مد يده، وبدأت انامله في طريقها لعنقها وكأنها تحفظ طريقها عن ظهر قلب، بدأ يعبث بعنقها بحركات بطيئة ومدورسه وكأنه عازف موسيقى يحفظ اوتاره، فتخرج ترنيمته للعلن ببراعه..تلوت كالغزال بين كل حركه والاخرى، وتخطت امر فضولها ووقعت تحت سطوة عشقه.. ولم يجب هو، متناسية لاي شئ بين يده!!.
...............
تحركت بغير هدى في ارجاء الشقة، زارها الغيظ من ذلك المستفز زوجها، ها هي قد فسدت المفاجأة التى تعد فيها ليومين كاملين عندما اقترحت عليها والدتها تلك الطريقة لتخبره بأمر حملها الثاني..يالها من مفاجأة صاعقة لزوجها الغير مؤهل لاستقبال اي طفل في هذه المرحلة، عادت بذهنها لحديث والدتها وما حدث يومها..
ابتسمت والدتها بسعادة واحتضنتها : الف مليون مبروك يا قلبي، الفرحة انهاردة مش سيعاني يا ناس!!.
ظهر التوتر على ملامحها لتقول بنبرة مهزوزة : بس انا خايفة!.
قطبت ماجي مابين حاجبيها وسألتها باهتمام : من ايه يا قلبي!.
خرجت الكلمات تتسابق من جوفها لتعبر عن حالة من الخوف والتوتر عندما علمت بأمر حملها : خايفة من كل حاجة، خايفة اهمل أنس ، وهو محتاج رعايه، والحمل ده كان غصب عني وكان على الوسيلة، خايفة من فارس وردة فعله اللي هااتقهرني، وخايفة من نفسي مكنش قد المسؤولية!.
تسابقت الكلمات كحال تسابق دموعها فوق صفحات وجهها فهبطت بسرعة غريبة مع أول نطقها لكلمه خائفة..
ربتت والدتها فوق رأسها : انتي مجنونة يابنتي، كل الخوف ده علشان هاتجيبي بيبي كمان، اهزمي خوفك ده وبصي لانس وفرحته انه هايبقى له أخ.
رفعت رأسها تطالعها بحزن : وفارس؟!.
_ بأيدك تحسسيه انه البيبي هم، وبأيدك تفرحيه به، وعلشان انتي هبله تعالي اقولك تعملي ايه..
عادت من شرودها وهي تنظر حولها بقهر، لقد افسد عادته اي شئ تخطط له، ولكن لا لن تهزم وسيتفاجئ كما خططت والدتها...اندفعت نحو الغرفه تبحث عنه وجدت الغرفة فارغة والصغير يجلس بمنتصف الفراش يضع اصابعه بفمه وينظر نحوها .. وما ان فتحت فمها حتى تنطق باسمه افزعها هو من خلفها، صرخت باسمه وانتفضت للامام بخوف..ضحك بشدة لها هو و أنس.
_ الله يسامحك يا فارس!.
انتقل نحو الصغير يحمله بحب : شفت قولتلك هاخضلك ماما واخليك تضحك يا معلم..
هتفت مستنكرة حديثه مع الصغير: معلم!!.
صفع الصغير بخفة فوق وجنته مبتسمًا له : آه معلم مش انت معلم ياله!.
ابتسم الصغير ببلاهة لوالده، فاغتاظت يارا من طريقة حديثه، وتحدثت كعادتها عن التربية الإيجابية، قاطعها فارس بحنق : لا استني انا هاوريكي علمته ايه وهو قاعد معايا!!.
نظرت نحو الصغير، استمعت لفارس يقول : لما نشوف مامي هانديها بوسة ؟!.
هز الصغير رأسه بنفي، فابتسم فارس بسعادة ليقول بحماس: امال هانعمل ايه اول ما نشوفها!!.
اخرج الصغير لسانه كما علمه والده، فاشارت يارا على نفسها بصدمة : انت بتعلمه يطلع لسانه ليا!!.
_ آه فيها ايه، دخل لسانك يا أنس!.
عدت داخلها ارقام محددة حتى تستعيد لو جزء بسيط من هدوئها او كما نقول برودها!، بعدما انتهت، غصبت شفتاها على رسم أبتسامة لتقول : فارس انا عاوزك تجبلي بطيخ ومش لاقياه وهاموت وأكله انا وانس واتصلت على كل الماركت مفيش، ممكن تلاقيه عند فكهاني في اي منطقة!.
_ بطيخ؟!.
هزت رأسها وأرسلت من عيناها رجاءًا خاص، تنهد بهدوء : حاضر، نروح نجيب بطيخ.
كادت الابتسامة ان تشق وجهها فرحًا لاستكمال خطتها، وفور خروجه انطلقت في كل مكان كالنحلة تنفذ ما خططت له..وبعد مرور نصف ساعة كانت قد انتهت من ارتداء فستانها الاسود القصير، هبطت بجذعها تحاول ربط الحذاء حول ساقيها، رفعت رأسها تطالع أنس هاتفه : يا رب بابي يحب المفأجاة يا أنس..
استمعت لصوت اغلاق باب الشقة، اسرعت نحو باب الغرفة تفتحه ببطء ثم تطل بعيناها منه تراقب رد فعل فارس المصدوم من تزين الشقة وتلك الكعكة التي تتوسط كم هائل من
البلونات ذو الالوان المختلفة .. وعلى رغم ثقل البطيخة بين يديه الا انها انتباهه سرق بالكامل اتجاه تلك المفاجأة..
أخيرا تخلى عن البطيخ وحمل أنس منها وضعه أرضًا يلهو ويلعب، ثم اقترب منها يعانقها بحب : حلوة آوي، من زمان مغيرتيش كده، بس ثوان أنا حساس بمصيبة جايلي.
ضربته بخفة فوق كتفيه لتقول بعبوس مصطنع : أنت عمرك ما تتغير لازم تبوظلي أي حاجة.
ضحك بخفة ليقول بتفكير : أصل ولا هو عيد ميلادي ولا ميلادك ولا عيد ميلاد أنس، ولا عيد جوازنا ولا...
قاطعته بنبرتها الهادئة : أنا بحتفل أن أسرتنا بتزيد، هي دي مش مناسبة حلوة نحتفل بيها!.
هز رأسه مؤكدًا بحماس : طبعًا..
بتر جملته عندما لاحظ تلك الشموع الأربعة تتوسط الكعكة فقال : هو مش احنا تلاتة ، ليه حاطه اربعة .
وقبل ان تفتح فمها لتخبره مفاجأتها، سبقها هو عندما وضع يده امامها يمنعها من الحديث، قائلًا : انا عارف الدخلة دي اخرتها ايه!، مبرووك علينا الجحيم يا رجالة ..
ترقرقت الدموع بعيناها لتقول بنبرة مهزوزة: كان غصب عني، ودي ارادة ربنا، انا عارفة انك هاتزعل بس يعني ايه بإيدي...
بتر حديثها عندما اقترب منها يقبل وجنتها بحب هامسًا بنبرة خافتة : عبيطة انتي، علشان تفتكري كده، آه انا مش مستعد، بس ده رزق وخير، و الرزق محدش بيقوله لأ..
رمشت بعيناها تسأله برهبة : يعني مش زعلان؟!.
حاوط خصرها بيده، ضاغطًا فوق جسدها، متمتمًا بالقرب من جيدها : تقدري تقولي متوتر!.
خرجت تنهيدة قوية من صدرها تنم عن راحتها بعد رحلة طويلة خاضتها مع القلق والخوف من ردة فعله !، تعجب لتنهيدتها الحارة رفع بصره يرمقها باستفهام : لدرجاتي متوترة زي؟!.
حركت رأسها بنفي وهتفت بهدوء : لا..بس كنت خايفة اوي من ردة فعلك..
رفع أحد حاجبه مستنكرًا حديثها : ليه هو انتي تعرفي عني ايه بالظبط، هاضربك، ولا اخليكي تنزليه!..
ابتلعت ريقها تخبره عما شعرت به الفترة الاخيرة : لأ بس كنت بشوف في عيونك الخوف من خطوة زي دي، كنت خايفه اقولك وكلمه منك تحبطني وتزعلني، فارس انت دايمًا كنت سند ليا طول حياتي، حتى في ايام بعدي عنك، لما كنت بشوفك كنت بطمن وقلبي بيرتاح، انت دايمًا مصدر أمان ليا.
اتسعت ابتسامته ليقول بنبرة يغلب عليها طابع السعادة : ايه الكلام الجامد ده، انتي يارا ولا اتغيرتي، هو الفستان الاسود له تغير بقى، البسي اسود على طول.
لكزته بكتفيه قائلة بغنج : انا على طول كده، بس انت مبتاخدش بالك..
_ لا أزاي، امال انا قاعد ليل نهار مركز مع مين !!.
اقترب منها يلثم شفتيها بحب معبرًا لها بين قبلاته عن مشاعر الحب والغرام التي تملكت منه منذ ان وقعت عيناه عليها حتى هذه اللحظة، ليتحول الحب والغرام لعشقًا يصعب وصفه في كلمات..
..............
بعد مرور شهر
مسحت دموعها برقة وهي تنظر لساقيه : تعبان..
ضحك بخفة ليقول : خديجة انا اتكسرت مضربتش بالنار والله!.
مسدت فوق ساقيه تعاتبه بحزن : بترهق نفسك في الشغل، ومحدش بيطلب منك حاجة ازيد من طاقتك، شوفت وادي نتيجة ضغطك في الشغل اتكسرت!.
_ ده قدر على فكرة، والحمد لله، وافرحي ياستي هاقعد جنبك واشتغل على لاب..
لم تستطع ان تمنع ابتسامتها فقالت بخفوت : أحسن..
جذبها نحوه بقوة فاستندت بيدها فوق صدره العريض: مبسوطة اوي كده!..
لمعت عيناها بوميض العشق : مش هاتقعد جنبي هاتبسط طبعًا..
_ طب هاتسبيني وتروحي الفرح..
وضعت رأسها فوق صدرها تحتضنه بحب : لأ طبعًا، مقدرش اسيبك..هابقى اعتذر لندى ويارا..
انتابه حالة من الضحك ليقول : ابقي قوليلهم السبب الفستان، باظ كالعادة!.
ضربته بخفه لتقول بعبوس : عيب كده .
................
وبأحد الأماكن المفتوحة، قرر عمرو ومازن أقامه حفل زفافهم فيه، والقليل من الأصدقاء وعائلتهم فقط .. انقضت نصف الليلة تقريبًا بالرقص والغناء، كانوا أكثر حرية وجنون، مالت ماجي برأسها نحو والدتها تخبرها بهدوء : ماما أنا هاطير من الفرح أخيرًا اطمنت على عيالي، الحمد لله..
ضحكت والدتها قائلة بسعادة مماثلة : من حقك تفرحي وأنا كمان افرح...
أنهت حديثها ونظرت صوب سوزان وأحمد المنشغلان بالحديث، أخبرتها ماجي بنبرة جادة : مش عاوزكي تحلمي كتير علشان متتعشميش، أحمد صعب ينسي اللي فات..
تحولت ملامح والدتها لحزن : يعني إيه ياابنتي هاموت وقلبي مطمنش عليه؟!..
احتضنتها ماجي : لا أنا قولت صعب بس مش مستحيل، بس هو محتاج شوية وقت وكلنا نقف معاه علشان يقدر يتخطى ألازمه دي على خير، متقلقيش.
رفعت يدها لأعلى تناجي ربها بصمت : يا رب.
على جانب آخر، بمكان خافت من حيث الإضاءة وقفت ليله تضحك بسعادة بينما كان مازن يلتقط لهم الصور المختلفة، استغل طريقتها العفوية واقترب منها في لحظة يسرق قبلتهم الأولى من شفتاها الوردية..قبلة مدتها أقل من الثانية ولكن فجرت داخلها مشاعر من نوع آخر، مشاعر لم تشعر بها قط أثناء قصتهم، مشاعر حتمًا ستقودها إلى جنون العشق والغرام!..ابتعدت عنه بتوتر دون أن تهتف بكلمة أخرى، يكفي ما تشعر به الآن..
أما هو فهتف بمزاح : أنتي يا حجة رايحة فين؟!.
اصطدمت بصدره عندما وقفت فجأة ترحب بصديقتها شاهي ونبرة غريبة تملكت من صوتهااا : أهلًا شاهي نورتي فرحنا!.
نظرت لهما شاهي بسعادة مزيفة وضيق حقيقي : منورة دايمًا يا ليله..ألف مبروك .
أشارت لها ليله بالدخول..وقبل أن تدخل خلفها أوقفها مازن بتعجب : مش دي شاهي إلى أنتي نازلة شتايم عليها، عزماها ليه؟!.!!.
هزت رأسها بفخر لتجيبه : آه، عزمتها علشان تعرف وتشوف حبنا لبعض..
ألقت بكلماتها ثم دخلت بكل عنجهية وكبرياء..كبرياء حبيبة حاربت حتى تصل لقلب من حاول مرارًا وتكرارًا الوصول إليها..رغم رفضها الزائف له!!.
أما ذلك العاشقان اللذان يغلب جنون العشق على قصتهم..لم ينتهوا حتى الآن من رقصهما وسط أصدقائهما تحت اعتراض وتذمر شريف...ومن يستطيع السيطرة عليه سوى مالك، زم مالك شفتاه بضيق عندما وجدها تقف بكل حرية في أحد الأركان وتتمايل بخفة مع ابنتها .. حاول جذب انتباها ولكن تلك البلهاء كانت في عالم آخر .. حسنًا فلتذهب وعوده لعمرو إلى الجحيم الأمر يخص هنا حوريته .. ويجب ترويضها .. اقترب بخطوات سريعة منها..
_ ندى في إيه ما تنزلي وسطهم ترقصي أحسن؟!.
رمقته بتعجب : هو أنا برقص!!، أنا بلاعب ندى !!.
أنزل الصغيرة من فوق الكرسي هاتفًا لها : ندى روحي هناك..
أشار بعشوائية نحو والدته ولكن قاطعته الصغيرة تسأله ببراءة : ارقص هناك بابي..
اتسعت عيناه لها ليقول بنبرة حازمة : لا أوعي، اقعدي مع تيته...يالا..
هزت الصغيرة رأسها بإيجاب وتحركت صوب جدتها، أما ندى فاندفعت نحوه بسيل من الاعتراضات : ما تسيبها ترقص ده فرح عمها وعمتها!.
امسكها من يدها يجذبها خلفه مردفًا بنبرة قوية : إن شفت حدا فيكوا أتحرك من مكانه هازعلكوا انتوا الاتنين .
تحركت يارا صوب أحد الأماكن ذو الإضاءة الخافتة عندما أشار إليها فارس .. عندما وصلت وضع بيدها طبق حلوى ممتلئ : خدي جبتلك تاني، وربنا لو قولتيلي عاوزه جاتو تاني هانتحر..
ضحكت بسعادة وهي تأخذه بعيدًا تختفي من أنظارهم خلفه، تلتهم قطع الحلوى الصغيرة بنهم غير عابئة لفستانها أو مساحيق وجهها وكالعادة وقف فارس يمسح ما تلطخه هي رغمًا عنها .. هتفت وهي تمضغ الطعام بفمها : فارس هو أحنا كده حرامية!.
هز رأسه وهو يمسح بعض الحلوى العالقة بجانب شفتيها بمنديلًا ورقيًّا : طبعًا مش بنسرق، يارا أنا خايف يطلعوا الجاتو مش هايلاقواا..
هتفت بتذمر : طب اعمل إيه طعمه حلو!!.
نهرها بمزاح : كُلي طبعًا، مياكلوش، لكن أنت يا مكلبظ تاكل براحتك!.
_ مكلبظ!!، هو أنا لحقت انا لسه تاني شهر!.
غمز لها بطرف عيناه : باعتبار ما سيكون يعني..
انتهت أخيرًا من الصحن، وضعته بين يده : فارس أنا بحبك آوي، هاروح أشوف أنس!.
تركته وذهبت أما هو فالتفت برأسه يتمتم بسخرية : فارس أنا بحبك آوي!!، تحبني وأنا بسرقلها أكل.
حمل الصغيرة وأجلسها على ساقه مقبلاً إياها بحب : إيه القمر ده!.
_سكرًا جدو "شكرًا جدو ".
سألته سوزان بمكر أنثوي : بتحب ندى الصغيرة آوي ومتعلق بيها على عكس أنس.
أجابها باقتضاب : لا عادي..
تجرأت وتحدثت أكثر : يمكن بتحبها علشان مامتها؟!.
حاول تخفيف حدة نبرته فقال : بصي مش عاوز احرجك واقولك الموضوع ده بالذات متطرقيش له!.
أرسلت أبتسامة هادئة استغرب هو لها خاصةً عندما قالت : واعتبر دي طريقة منك علشان تخليني اطرق للموضوع ده !، على العموم انا موافقه، خلينا نأجل الكلام في الموضوع لوقت تاني اهدى..
رفع حاجبيه لثقتها هاتفًا بتهكم : يا سلام!.
هزت رأسها مؤكدة : انا اعتبرتك صديق، والاصدقاء لازم يوقفوا جنب اصدقائهم في منحتهم خاصة لو بيمروا بصراع جواهم...
حسنًا هي ليست بسهلة ابدًا، امرأه ذكية وجميلة، تملك العديد من المقومات التي تجعلك تقف أمامها ولا تستطيع الجدال في أمر انت في أمس الحاجة لبوح عن ما بداخلك..انتبه لجلوس ندى بجانبهم بوجهها العابس من تصرفات مالك..راقب انشغال سوزان بشريف، فقرر التغلب على مشاعره المضطربة سألها بنبرة خافته : مالك!.
اندفعت تشكو له ونست للحظات ان من سألها هو خالها، خالها الذي كان دائمًا يرسل لها مدى كرهه من خلال نظراته، الأن يسألها عن سبب غضبها ويهتم لحالها .. لم تستطيع ان تخفي ابتسامتها أكثر من ذلك .. فظهرت بحرية على وجهها .. حول بصره بعيدًا عنها وشرد قليلًا بقراره نحو علاقته بها .. من الواضح انه من يشتاق للتغلب عن هواجسه وغضبه منها، هل يستطيع النجاح..ام سيقسط مجددًا وسط الالامه وذكرياته المؤلمة!..
تمت رواية كاملة عبر مدونة دليل الروايات
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية ترنيمة غرام" اضغط على اسم الرواية