رواية في غيابة الجُب الفصل الثامن بقلم نعمة حسن
رواية في غيابة الجُب الفصل الثامن
يجلس "جمال"و برفقته"بسمه"و يقف إلي جانبهم"رزق" ينتظرون إجابة إتصالهم من الشيخ "بلال" و قد كان.
_ألو السلام عليكم يا شيخنا.
=وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..إتفضل.
_معاك جمال البدري من إسكندريه.
=أؤمرني؟!
_الأمر لله وحده..والله كنت عايز حضرتك تعملي زيارة في البيت عندي لأن بنتي تعبانه شويه و مش عارف بصراحه هي فيها إيه بالظبط..طول الوقت صريخ و تكسير و عييط و رافضه الاكل ولا بتشوف حد ولا بتخرج من أوضتها.
=ايوة..تمام حضرتك أنا في إسكندريه حالياً كان عندي جلسه فـ قوللي مكانك و انا اجيلك.
_لا ابعتلي اللوكيشن و انا هبعتلك حد ياخدك.
=تمام ماشي..بس أي قبل أي حاجة ياريت ميكونش في زحمه و ناس كتير..حضرتك و والدتها بس.
_حاضر وهو كذلك..مع السلامه.
أنهي جمال المكالمه ثم وجه حديثه لـ رزق قائلاً:
_معلش يا رزق خد العربيه و روحله.
أومأ رزق بكل ترحيب ثم إستقلّ سيارته و ذهب إلي العنوان المنشود و إصطحب الشيخ بلال عائداّ إلي الفيلا.
دخل الشيخ بلال إلي الفيلا فنهض "جمال"مرحباً به قائلاً:
_إتفضل إرتاح يا شيخنا.
=جزاك الله كل خير..ياريت نبدأ فوراً و نشوف الآنسه.
أومأ جمال بريبة و قال:إتفضل.
سبقه جمال إلي حيث غرفة"لينا"و برفقته زوجته فقال:
_إدخلي لها يا بسمة الأول و بعدها هدخل أنا و الشيخ بلال.
أومأت بسمة و دخلت إلي غرفة لينا و يتآكلها القلق فقالت:
_لينا يا حبيبتي..بابي داخل و معاه ضيف.
رفعت"لينا"بصرها إليها بنظرات غاضبة حاده و قالت بنبرة لا تقبل النقاش:
_إخرجي برة و مش عاوزه أشوف حد لا هو ولا الضيف اللي معاه.
همّت"بسمة"بالحديث مرة أخري و لكن أخرستها نظرة لينا القاسية فخرجت علي الفور.
_هاا ندخل؟!
قالها جمال متسائلاً فقالت:بتقولي مش عاوزه تشوف حد و طردتني!
نظر جمال إلي الشيخ بلال يستجديه فقال الشيخ:
_طيب بلاش انتوا هي أكيد واخده منكم موقف ما..مين هي ممكن تسمعله أو تطمن له؟!
قالت"بسمة":لينا ملهاش اخوات و ملهاش صحاب غير واحده بس و حتي هي مش راضيه تتكلم معاها.
بلال:طيب خلوني أحاول معاها و إن شاءالله أنجح.
طرق الشيخ بلال طرقات خفيفه علي الباب قائلاً:
_آنسه لينا أنا هفتح الباب..آنسه لينا سمعاني؟!
صرخت بحدة و قالت:قولت مش عاوزة أشوف حد..سيبوني في حاالي بقااا.
_آنسه لينا إنتي لازم تساعدي نفسك أولاً و تسمحيلي أساعدك..ممكن أدخل؟!
لم تجيب و لكنهم فوجئوا بأصوات تكسير و تهشيم زجاج و من بعدها عَلَي صراخها وهي تقول:
_مش عاوزه أساعد نفسي ولا عاوزة حد يساعدني..سيبوني في حالي و بس..سيبوني في حالي و بسسسسسسس.
بالأسفل كان يقف "رزق"يستمع إلي صراخها المرتفع و بكاؤها الشديد فلم يستطع أن يقف هكذا ينتظر فهرول إلي الأعلي مسرعاً.
_في حاجه يا جمال بيه؟!
قالها رزق بلهاث وهو يلتقط أنفاسه المتسارعه من أثر صعوده السلم بسرعه.
أجاب جمال:زي ما انت سامع..صريخ و عييط و مش راضيه حد يدخل لها.
_طب ممكن أنا أكلمها؟!
فاجئهم بتلك الكلمات فقال الشيخ بلال:تعالي حاول معاها ممكن تسمعلك.
إقترب"رزق"من الباب و طرقه بخفه قائلاً:
_آنسه لينا..أنا رزق..احممم..ممكن كلمه؟!
تبادلوا النظرات جميعاً بإنتظار ردّها و لكنها لم تتحدث فتكلم مجدداً:
_ممكن أدخل؟!
صمت لبرهه ينتظر جوابها و لكنها لم تجيب فقال وهو ينظر لهم و يحادثها:
_أنا هدخل بعد إذنك.
أدار مقبض الباب ببطء و أطل برأسه فوجدها تشيح بوجهها إلي الجهه الأخري فدخل بتريث وهو يحمحم بهدوء و قال بنبرة حانيه:آنسه لينا.
نظرت له بهيئة أرهقت قلبه و أوجعت روحه فتقدم منها و قال:
_ممكن أتكلم معاكي كلمتين؟!
لم تجيب ولكنها نظرت له نظرات فارغه فإفترض هو موافقتها و جلس علي مقعد بجانب فراشها و قال:
_الضيف اللي مع جمال بيه بره جاي يساعدك مش هيأذيكي.. ده شيخ و حافظ كلام ربنا و لو شوفتيه هترتاحي له بمجرد النظر في وشه بس..متقلقيش من حاجه.
نظرت له مباشرةً و قالت:
_جايبين لي شيخ ليه؟!مفكرين اني ملبوسه؟!
نظر لها بهدوء و قال:لأ أبداً..هو جاي يقرأ لك قرآن و يتكلم معاكي شويه بس..كلنا عارفين إنك زي الفل.
ظلت تنظر له بثبات و قالت:مش عايزة حد منهم يدخل معاه.
قال بتريث:اللي تحبيه طبعاً..بس يعني ميصحش يدخل لوحده..حتي عشان انتي تكوني مطمنه.
_خلاص..خليك إنت.
صدمته كلماتها و أطربت قلبه و لكنه لم يظهر ذلك فأومأ موافقاً و ذهب إليهم و قال:
_وافقت ان الشيخ بلال يدخل.
تبسّم محيّاهم بسرور و لكنهم فوجئوا عندما قال:
_بس عيزاني أنا اللي أدخل مع الشيخ!
قطب جمال حاجبيه بتعجب و قال:آشمعنا إنت؟!
قال الشيخ بلال:أكيد هي واخده موقف منكم زي ما قولتلك فـ يستحسن تسيبوها براحتها.
أومأ جمال موافقاً و أشار لـ رزق للدخول برفقة الشيخ بلال و من ثمّ أوصد الباب خلفهم.
حمحم الشيخ بلال و قال:السلام عليكم!..ازيك يا آنسه لينا؟!
نظرت لوجهه البشوش و محيّاه الباسم و قالت بإقتضاب:كويسه.
_الحمدلله..يا رب دايماً كويسه.
ذهب إلي المقعد الموجود بجانب سريرها و سحبه و جلس عليه ثم بدأ حديثه:
_بسم الله الرحمن الرحيم "( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ
عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) صدق الله العظيم.
نظرت له"لينا"بأعين غاضبه نافره و تحدثت بصوت مرتفع:برررررره..كله بره....بررررررره.
نظر لها الشيخ بلال بثبات و تجاهل صراخها و نحيبها و بدأ بتلاوة آية الكرسي و قال:
_بسم الله الرحمن الرحيم"الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنةٍ ولا نوم له ما في.........
قطع تلاوته عندما إستمع إلي ضحكاتها المرتفعه المتواصله و نظر إليها بإهتمام حتي توقفت عن الضحك و قالت:
_طبعاً إنت بالشويتين اللي أنا عملتهم بصمت بالعشره إني عليا جن..مش كده؟!
لم يحيد ببصرها عنه و ظل ينظر لها بثبات فإرتفعت ضحكاتها مرة أخري و قالت:
_مش قادره بجد..و المفروض انك.لما تقرأ قرآن أنهار بقا و اقع في الارض مش كده؟؟!
أجاب الشيخ بلال بكل هدوء:
_و مين اللي قاللك إني إفترضت إنك ممسوسه من جن؟!
=أومال بتقرأ قرآن ليه؟!
_لأن كل حاجه علاجها بالقرآن مش شرط تكوني ممسوسه
بدا عليها الإقتناع نسبياً فإقترب منها و وضع يده فوق رأسها و بدأ بتلاوة بعض الآيات من سورة"يس"فبدأت هي بالبكاء الصامت دون إنفعال.
فرغ من تلاوته و ازاح يده بعيداً عنها فـ جففت هي دموعها و نظرت له بأعين حزينه مهمومه.
رقّ قلبه لرؤيتها هكذا و قال:
_ممكن يا آنسه لينا تعتبريني زي والدك أو أخ كبير ليكي و تحكيلي إيه مشكلتك أو بتحسي بإيه و إيه اللي مضايقك و أهو لو معرفتش أنفعك مش هضرّك.
=أنا عمر ما حد حبّني و عمر ما حد إختار راحتي..من يوم ما اتولدت و أنا بعيش حياة مش بتاعتي..ناس مش من دمي..مليش قرايب مليش صحاب..مليش أصل!
أجهشت بالبكاء و تابعت حديثها قائلة بإنفعال: أنا معدومة النسب..معرفش مين أبويا..معرفش إسمه حتي..كل اللي اعرفه إن ماختارنيش و محبنيش و حتي أمي الحقيقيه إتخلت عني..لو كنت عايشه مع أبويا و أمي الحقيقيين أكيد كان هيبقالي إخوات هيبقالي قرايب..هيبقالي تيته حنينه أروح أنام في حضنها و أحكيلها..هيبقالي عزوة و أهل..هيبقالي أصل!!
حاول إخفاء دهشته من حديثها و سألها:هو جمال بيه مش والدك؟!
هزّت رأسها بنفي فأومأ برأسه و قال:
_بصي يا آنسه لينا..السعاده في الرضا..إرضي باللي ربنا قسمهولك عشان تحسي بطعم حياتك و بطعم الحلو اللي فيها..متقوليش لو كنت عايشه مع أبويا و أمي الحقيقيين كان بقالي كذا و كذا و كذا....لا قولي يا تري لو مكنتش عايشه مع أبويا و أمي الحاليين كان هيكون مصيري إيه؟!الحمد لله إنتي أحسن من مئات الناس اللي بنفس ظروفك..دي نعمه تستحق تشكري ربنا عليها ليل ونهار.
نهض واقفاً و قال:إنتي زي الفل..مفيش فيكي أي حاجة محتاجه بس تقربي من ربنا أكتر و تصلي بإنتظام علي قد ما تقدري و هكتبلك وصفات طبيعيه هتساعدك عشان تطرد الطاقه السلبيه من جسمك و تقلل من نوبات الصرع كمان..و لو في أي وقت حبيتي إني أزوركوا هنا مفيش مانع،الكارت بتاعي هيكون مع جمال بيه و ممكن يطلبني في أي وقت..عن إذنك.
خرج من الغرفه مع رزق ليتسائل جمال و زوجته بإهتمام و نفاذ صبر:هاا يا شيخ عملت إيه؟!
_بنتكوا زي الفل..مفيش فيها أي حاجة..بس نصيحه مني تعرضوها علي دكتور نفسي لأنها مكتئبة أكتئاب شديد..هكتبلكوا علي وصفات طبيعيه زي القرنفل بالعسل و مية الحمص المحليه بالعسل بردو..دول لازم تواظب عليهم يومياً..و ياريت بلاش حيوانات زي الكلاب و القطط في البيت لأن دمهم حامي و بيهيبروا و بينشروا طاقة سلبيه كمان.. يستحسن لو تبدلوهم بحيوانات دمها بارد زي السلحفاه مثلا أو تجيبوا حوض سمك.. و ده الكارت بتاعي عليه رقمي لو إحتجت إني آجي في أي وقت أرقيها ممكن تكلمني..ربنا يتم شفاها علي خير..عن إذنكوا.
تحدث جمال و قال:شكرا يا شيخ بلال..ربنا يجازيك خير
ثم تحدّث إلي رزق و قال:مع الشيخ يا رزق و قوم باللازم.
بلال:لا مفيش داعي..كله لوجه الله..السلام عليكم.
إنصرف رزق برفقة الشيخ بلال و أمر "حامد" السائق بإيصاله حيث يريد و ذهب لشراء الأغراض المطلوبه ثم أخذها و رجع إليهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمسك"جمال"بالكارت يقلّبه بين كفيه ثم قرأ الإسم بتمهل سرعان ما تحول إلي صدمة.
_الشيخ المعالج بالقرآن و السنه /بلال السيد الشيخ.
نظر إلي "بسمه" التي تعجبت ذهوله و قالت:
_في إيه مالك؟!
=الشيخ بلال إسمه.. بلال السيد الشيخ.
_أيوة ماله يعني؟!... بتقول مين؟!!!!
قالت الأخيرة بصدمة و ذهول مماثل ثم تابعت:
_معقول يكون أخوها؟! يعني ده خال لينا؟!
إستمع "رزق" إلي حديثهم بصدمة لا تقل عن صدمتهم و سرعان ما عاد أدراجه للخلف مبتعداً بسرعة!
يتبع الفصل التاسع اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية في غيابة الجُب" اضغط على اسم الرواية