رواية جمارة (بين العشق والقسوة) الفصل الرابع عشر بقلم ريناد يوسف
رواية جمارة (بين العشق والقسوة) الفصل الرابع عشر
جماره طلعت من جار تماضر وراحت على الجنينه بقلب مخنوق وانفاس متسارعه ، وعينها على بوابة السرايا وعماله تجى وتروح ..تقف قصاد قفص العصافير شويه، وتروح على شجر التوت تقطع فأوراقه بعصبيه ..تقرب على البوابه وتتراجع كيف ماتكون واقفه على جمرة نار وعتنقل رجليها متحملاش الوجع ..سألت حالها طب ولما هتشوفه هتقوله ايه ..مستنياه تتوكد منيه طب ولو اتوكدت هتعمل ايه !
فضلت على الحال ديه لحدت مالمغرب مغرب وبصت بلهفه على بوابة السرايا اللى عتتفتح وشافت حكيم داخل منيها كانت هتجرى عليه لكنها وقفت موطرحها لما شافت غازى داخل وراه طوالى ..
فضلت مكانها واقفه وربعت اديها وبتهز فرجلها بتوتر والاتنين جايين وعينهم عليها وعلى حالتها ...
غازى اول ماقرب منيها :مالك مش على بعضك ليه حوصول حاجه ولا ايه !
جماره عينها على حكيم وردت على غازى :له مفيش حاجه حوصلت ..
سلامتك ..
اما حكيم فتخطاها هى وغازى بعد مابصلها وعرف ان فيها حاجه حصلانه معاها موصلاها لحالة العصبيه والغضب اللى شافها فيهم دول لاول مره فحياته من خلال عنيها اللى عروقهم اتصبغت باللون الاحمر ...
سئل حاله ياترى ايه سبب اللى هى فيه لكنه ميملكش الحق انه يسألها ..لكن اللى حيره نظرة العتب اللى لمحها فعيونها واللى ميعرفش هو شافها صوح ولا عيتهيأله ..عشان هو معميلش حاجه توصلها للحاله دى ولا تزعلها منيه زعله صغيره حتى ..
حكيم دخل السرايا وجماره هربت من قدام غازى وراه ،وغازى دخل وراهم ..
حكيم طلع على اوضته طوالى عشان يتسبح ويغير خلجاته وغازى قعد جار تماضر، وجماره دخلت المطبخ تساعد غاليه وزبيده فتحضير العشا عشان تهرب من القعده جار غازى وكمان عشان تصبر نفسها لحدت ماحكيم ينزل من فوق وتتوكد من اللى سمعته من خاله تماضر وتشوفها فعين حكيم ..
حضرو العشا على السفره والكل قعد وحكيم نازل على السلم وعينه دورت لحدت مالقت جماره وسطهم قاعده وعنيها عليه كيف ماتكون مستنياه واتوكد لما بص فيهم مره تانيه ان فيهم عتب ميعرفش ايه سببه ..
حكيم نزل ولحد ماوصل السفره وعينه فعين جماره منزلتش وعيسأل نفسه ياترى فيه ايه وجلى صوته وهو عيقعد ورمى السلام :احمم السلام عليكم
الكل رد السلام ماعدا جماره اللى فضلت برضو بصاله بترقب غريب ..
حكيم ابتدا ياكل وعينه عتتنقل على الكل وشايف ان الكل طبيعى مفيش غير جماره بس اللى حالها متبدل ..
غازى :متاكلى ياجماره معتكليشى ليه !
جماره :هاكل اهه ..ومسكت العيش قطعته بعنف وعملت حالها عتاكل من كدب وحكيم واعيها بطرف عينه ورافع حاجبه باستغراب ومستمر ياكل وعامل حاله مشايفهاش ..
لحد ماتماضر حلت اللغز وكشفت المكنون لما اتوجهت لحكيم بالكلام بنبرة اصرار :
حكيم ياولدى ..اعمل حسابك انى هتحدتلك على العروسه اللى نقيتهالك واول ماتعاود من السفر نتممو كل حاجه
حكيم كان مودى لقمه على خشمه وايده وقفت بيها وفضل فاتح خشمه وكل حواسه اتعطلت لثوانى قبل مايدرك امه قالت ايه ..
اما غازى فكان مودى كباية ميه على خشمه ولسه رايح يشرب ايده هو كمان وقفت وبص لحكيم بذهول
وجماره سمعت الجمله وتركيز عنيها على حكيم زاد لدرجة ان عنيها اتملو دموع لكنهم مرفوش من خوف انها تغفل عن رد فعل حكيم وكت ماسمع الكلمه ..
اما حكيم فبلع ريقه وكمل اللقمه اللى فأيده حطها فخشمه ومضغها بهدوء مع انه حس انها مره علقم من بعد كلمة امه ولا كأنها من نفس الوكل اللى كان لساته عياكل منيه ..
رفع عنيه وهو بيمضغ لقمته بهدوء ونقلها مابين امه اللى رافعه حاجبها كنها عتقوله ارفض وغضبى يرافق طريقك ..
ومابين غازى اللى لساته ماسك كباية الميه وعينه على حكيم مستنى منيه كلمة تأييد او رفض ..ومابين جماره اللى عامله كيف فروجه مدبوحه واللى دبحها دايس عليها عشان متفرفطش لكن رعشة شافيفها والدموع المتجمعه فعنيها وحركة عنيها على كل ملامحه عتأكد انها عتصارع الموت ..
وبين غاليه اللى عتاكل ولا كنها سامعه حاجه ..
حكيم جلى صوته عشان يرد على امه الرد اللى يأما يدبحه هو ويحرر جماره من قبضة غازى ..يأمه الرد اللى هيريحه بس هيخلى جماره تعيش فعذاب ..
واختار سعادة جماره على حساب نفسه ..اختار يقفل قدامها وقدامه اى طريق متوهمين ان فآخره امل ..
اختار يمسك يدها ويجرى بيها لآخر الطريق اللى خابر زين انه طريق مسدود لكنه مكمل فيه بأمل كداب ..
اختار يوصلو هما الاتنين بسرعه لآخر الطريق عشان يرجعو وكل واحد يروح لطريق غير التانى ويتكتب عليهم فراق محتوم ..
- احمممم ..اعملى اللى تشوفيه يمه وانى متوكد من اختيارك وواثق انه هيعجبنى ..
رده كان بمثابة ضربه قاضيه لغازى وجماره وقلبه قبل منهم ..
غازى كمل كباية الميه على خشمه يشرب وعينه على حكيم اللى استمر فالوكل وكأن الخبر كان مدروس فعقله من بدرى،
وعرف دلوكيت ايه سر تغييره من ناحية جماره وزهده فيها ..لكن عقله وسوسله انى دا كلياته ممكن يكون تمثيل ويكون قلبه لساته متعلق بجماره ...
مهو اصل مش معقول كل الحب اللى كان عيشوفه فعنين حكيم لجماره ديه اتبخر مره وحده كأنه مكانش ..
وعشان يكتشف ديه ويعرف الصوح مفيش قدامه غير حاجه وحده ..وهى اللى هتحدد وتبين ..
اما جماره فأخيرا اهدابها رفرفت برفض والدمعه اللى طول الوكت كانت حبساها هربت من بين جفونها ونزلت زى الجمر على خدها وبسرعه مدت يدها مسحتها قبل ماحد يشوفها ..لكن هيهات وهى نزلت على قلب حكيم قبل ماتنزل على خدها ..
غاليه اخيرا رفعت عينها من على الوكل وباركت لحكيم :مبروك ياولد ابوى ..اخيرا رابنا فك عقدتك !
تماضر ردت عليها بأرتياح :كل شيئ بأوانه يابنيتى ويوم مايريد يدوب الحديد ...عقبال فرحتى بيكى انتى كمان ياغالية قلبى ..
غاليه رفعت عينها على غازى بألم ونزلت وشها فطبقها تانى بعد ماتنهدت بحسره ..
غازى اتكلم بعد ماجلى صوته ووجه كلامه لحكيم فلاول : الف بركه ياواد عمى ..الف نهار نادى والله ..ومن بعدها اتوجه بالكلام لمرت عمه تماضر ..
وعلى اكده شفتيها العروسه داى وتعرفيها زين ولا رايحه تخطبى عالسمع يامرت عمى ..اصل متزعليشى منى ديه جواز والواحد لو مخدشى وحده كيف البدر فسماه يتصبح بحسنها كل طلعة صبح كيف جماره اكدع ميبقاش اسميه جواز ..ولا ايه ياحكيم ياواد عمى ..
حكيم مردش لكن ردت عليه تماضر :له متخافش ياغازى البت كيف القمر سبحان من صور ..زى جماره ويمكن احلى هبابه كمان ..
تزعليشى منى ياجماره انى معقلش منيكى بس عشهد شهادة حق فوحده غايبه وملايكتها حاضره ..
غازى بصدمه :وااه للدرجادى !!
ردت عليه غاليه :واكتر من اكده كمانى ..طب دا حوريه داى كنها حوريه نازله من الجنه ..من وحنا عيال صغار كانت تاجى لابوى الكتاب تاخد درس دين ومن يوم يومها وحسنها غلاب ..كان عليها عيون خضر وبياض وشعر اوصفر و...
لسه هتكمل لكن صرخة حكيم وقفتها :غاااليه ..اتجننتى ياك ..عتوصفى فعرض وحده غريبه قدامنا كيف وتكشفى سترها وتعريها كيف !!.. ترضى حد يتحدت عنك فمجلس رجال اكده ويوصف فمحاسنك لرجاله غرب عنيكى؟ !!
والله انى لو سمعت حد جاب سيرتك اكده لاكون مخلص عليه فالتو واللحظه ...اللى مترضيهوش على لنفسك مترضيهوش على غيرك ياغاليه سامعه ..
غازى هز دماغه وابتسامه جانبيه مرسومه على خشمه بعكس الصدمه اللى جواه : ابتدت رحمة الله والغيره من قبل حتى البنيه ماتاجى بيتك ياحكيم !! زين ..زين قوى ...يوبقى لما تاجى على اكده هتدسها منينا !!
حكيم مردش عليه وغازى لما حكيم معبرهوش بص بجسمه كله على جماره اللى قاعده متخشبه كيف جزع شجره ناشف ووجهلها الحديت ..
قوليلى ياجماره اعملتى ايه حدا الحكيمه النهارده ؟
جماره بفتور :مرحتش .
غازى :مأيه يختى !!!.. سمعينى زين اكده !ومروحتيش ليه ان شاء الله ؟
جماره :مرحتش وخلاص ..ايه فيها ماسمعتهوش !
جماره فاللحظه دى اتلقت من غازى ضربه بقبضة ايده على مؤخرة دماغها بكل قوته خلت وشها لبس فالطبق قدامها والكل انتفض من شدة الضربه ..
تماضر زعقت بصوتها كله لما جماره رفعت وشها وشافت الدم سايل على جبينها بغذاره :ليه يامفترى ياظالم ايدك والضرب ليه !!
غازى رد عليها وهو بيمسك جماره من شعرها عشان يعاود الكره ويخبط دماغها تانى على الطربيزه فوق الاطباق .. ولما حكيم اتوكد انه مش هيلحق يحوش عنها الخبطه رمى سفطة العيش بسرعه قدامها ولما غازى خبطها وشها جه عالعيش خفف اذي الضربه ..
اما الخبطه التالته فغاليه كانت اقرب لغازى وقامت تخلص جماره من قبضته ولما مقدرتشى عضت كف يده بعنف خلته فلت جماره وجرت بيها الكرسى وبعدتها عنيه ..
غازى وهو عيفرك فيده :اتكلبتى ياغاليه ولا ايه !
غاليه :انى اللى اتكلبت ولا انتا اللى اتهوست ، فيه حد يعمل فحد اكده حتى لو غِلط ..وايه يعنى مراحتش مشوار النهارده متروحه بكره ياخى ..انت ايه ياشيخ ..
قالتها وهى عتقوم جماره وتحضنها لكن غازى قام مره وحده هبشها من يدها وابتدا يضرب فيها من تانى وهو عيقول ..
مش انى اللى حرمه تعصالى امر ..
مش غازى واااصل يابت المحروق .. وغاليه تصرخ وتحوش فيه، وتماضر قربت بالكرسى وهى عتصرخ وتشد فغازى من خلجاته، وحالة هرج حصلت وبرغم كل الضرب الا ان جماره مكانتش لا عتصرخ ولا عتدافع وعينها على حكيم اللى كان قاعد على السفره جامد وهادى ولا كأنه فيه حاجه عتجرى قدامه ...
دا الظاهر لكن الباطن ان حكيم كل ضربه كانت جماره عتاخدها كانت عتدكم قلبه قبل جسمها ،..بس هو عارف السبب الحقيقى ورا الكتله اللى عتاخدها جماره وعارف انه لو قام وحامى واتحمق ..هيوكد شكوك غازى والكل يرجع لنقطة الصفر من تانى ..
لكن نظرات جماره المستنجده بيه كانت كيف تيارات كهربائيه عتحفز قلبه وجسمه فكل ثانيه انه يقوم يحوش عنها لكن عقله رفض التدخل وبشده ..وكان عزائه ان دى ممكن تكون آخر مره جماره ترضى بظلم غازى وزله وانها بكده تتوكد انها ملهاش حل غير الهروب من غازى والبعاد..وتكون آخر نوبه تتعرض فيها للضرب ..
قام حكيم من على السفره بهدوء من بعد مامفاصل ايده ابيضت من كتر الضغط عليها تحت الطربيزه واتوجه على بره سايب وراه ملحمه بين غازى وجماره، وامه وغاليه اللى عيدافعو عنها ..
وصل باب السرايا ولسه هيخطى اتفاجأ بحاجه خبطت فضهره ، لف ولقى جماره فوشه مسكت قب جلابيته وبصتله بعتب ممزوج بألم وخزلان واتحدت بصوت مخنوق :
سايبنى ليه حوش عنى ..
قالت جملتها وايد غازى كانت هتطولها بس حكيم بسرعه خلاها وراه ووقف قبال غازى وفرد اديه بحمايه وقطع عليه طريق الوصول ليها ..ورعد بصوته كله :
حدك اهنه ياغازى !
غازى :بعد عن طريقى ياحكيم سيبنى منى لمرتى نتخالصو واطلع منيها انتا ..
حكيم :انى متدخلتش ولا كنت هتدخل غير لما هى احتمت بيا ونختنى ..ومش حكيم اللى حد ينخاه ويرده ..ولا حد يحتمى بسده ويخذ له ..يدك متتمدش عليها تانى فوجودى ..اخذى شطانك وخد مرتك وعلى المشتمل بتاعكم واتصافو بالهداوه وحلو مشاكلكم بالراحه وفهمها بالعقل ..
ومد يده على كتف غازى خبط عليه خبطتين :وبعدين وفر صحتك محتاجلك ففرحى اليومين الجايين دول تقف معاى وجارى كيف ماوقفت معاك ..ولا ايه يابو عمو !
غازى بص لحكيم بنظرة حيره وهو شايفه قباله ابرد من شهر واحد ومش هو حكيم اللى لما كان غازى يمد يده على جماره بروج نافوخه تطير ..
عرف ان حكيم حكم عقله وموت قلبه وديه خلى غازى خسر نقطه كان اللعب عليها ممتع مع حكيم ..ودلوك لازمن يلحق حاله وينفذ اللى فدماغه قبل ماحكيم يعملها ويتجوز صوح ويجيبله عيل يهد كل اللى غازى بناه طول سنين ..
ابتسمله غازى بود كداب ومد يده على يد حكيم اللى على كتفه وطبطب عليها :طبعا هقف معاك واحنا لينا غير بعض فلاول وفالآخر ..وان كان على جماره متحطش فبالك خلاص مضاربهاشى تانى ..بزياداها النهارده ..
حكيم سحب يده من تحت يد غازى وزفر بيمثل الارتياح :ايوه اكده اعقل ياراجل وخلى مخك كبير ..ومتعملش عقلك بعقل النسوان دول ناقصات عقل ودين ..
قال جملته وبص لجماره اللى كانت واقفه وراه ومآمنه بيه كنها ورا سور عالى واثقه ان عمره ماحد يقدر يخطيه ويوصلها طول ماهى وراه ..
واتكلم بنبرة حنيه :
يلا روحى على موطرحك ياجماره ومتخافيش غازى مهيعملكيش حاجه تانى ..وانتى كمان اسمعى كلمة جوزك اللى يقولهالك وطيعيه عشان متجيبيش الاذيه لروحك ..اللى يختار حياه يتأقلم معاها ..وانتى لازمن تتاقلمى مع غازى وتنجنبى غضبه ..
خلص كلامه وبسرعه هرب من حصار عنيها اللى كان بيقرا فيهم الف سؤال واتهام وعتب بالعافيه كان متحمل وقوفه قبالهم ..
حكيم طلع وغازى راح على المشتمل يعيد فحساباته على الوضع الجديد ..اما جماره فطلعت للجنينه وراحت على موطرح جمره وقعدت قبالها تحكي معاها وتشكيلها حالها وجفى حكيم عليها من بعد ماكان مغرقها بحنيته ...
سهرت واستنت واستنت عشان يعاود حكيم وفضلت سهرانه الليل كله تتنقل مابين الشجر وقفص العصافير وجمره وبرضو حكيم معاودش لغاية مارجليها خِدرو وراحت قعدت على نص البرميل متخبطه ومش عارفه هتعمل ايه فحياتها بعد ماكل موازينها اتقلبت ..
اما غازى فراح على الاوضه اللى فيها الحفره وشال الغطى وفضل باصصلها وهو عيحسب فعقله يلزملها وكت كد ايه وفلوس كد ايه عشان تخلص وهو ايوه حداه الفلوس بس الوكت اللى مبقاش يملكه واصل ولازمن يتحرك بأقصى سرعه ..
اما حكيم فاراح المندره وقعد فيها وفتح سحارة كنبه وطلع منها دفتره وقلمه وقعد يكتب يمكن لما يطلع اللى فجوفه ع الورق يرتاح هبابه ..مسك القلم وكتب بأيد عترجف وخط مهزوز :
اليوم قد خنت ميثاق قلبي الذي تعهد امام عيناها بألا يخون، وميثاق عيناي وعقلى اللذان تعهدا فى حضرة انوثتها بـ الا يقربا محيط انثى غيرها ..
اليوم نقضت عهدى واصبحت واعدًا اخلف، وانطبقت علي آية المنافق فقد تحقق علي شرطًا من الثلاث ..
سامحيني واسمحي لي بالموت امام عيناكِ واستحلفك برب العباد؛ بأن تقفي وحدكِ على تابوت قلبي والا تسمحي لغيرك بالاقتراب منه، وان توارى بيديكِ عليه الثرى فهذه وصيتي، ووصية الأموات واجبة التنفيذ .
لقد رُفعت الأقلام وجَفت الصحف، وبُعثِر مافى الصدور على اوراقًا خرساء، لو كانت تشعر بما كُتب فيها لتمزقت المًا، واعترضت على نزيف الأقلام حبرًا على قلوبها البيضاء نزيفاً محملاً بسكراتٍ عاشق ينازع الآم العشق ، فلا تتعجبي ياصغيرتي فأن للعشق سكرات ..
*********
رفع قلمه وانتبه على بشندى اللى جابله كاسة شاى وحط مسند فالارض وقعد عليه جار حكيم وهمسله بنبرة حنان :
هاه ياحكيم ياولدى ..رجعنا للتوهه ومسكة القلم من تانى ! مش كنا بطلناها وارتحنا وقولنا هننسو خلاص !
حكيم :طب ارضى ذمتك يابشندى تقدر انتا تنسى العمر اللى انى قضيته فعشق جماره ..تقدر تنسى الليل اللى كنا عنطويه سوى افضيلك بنار عشقى، وتبرد قلبي بكلام الصبر ..تقدر تنسى ديه يابشندى !!
وبص للحيطه على اربع الواح متعلقين عليهم خطوط كل ست خطوط بالطول يربطهم خط بالعرض على عدد ايام الاسبوع وكمل كلامه..
تقدر تنسى السنين اللى صبرتها وكل يوم كنت استناه يعدى بفارغ الصبر عشان آجى احطله خط عالورقه واطرحه من ايام البعاد وافرح بيه عشان هيقرب اللقى ...
تقدر انتا يابشندى ..تقدر ياللى كنت لما تقولى على حاجه ومرضاش بيها تحلفنى بغلاوة جماره عشان اوافق وكنت عارف انك بكده عتمسكنى من قلبي اللى عيوجعنى ومهقدرش ارفض طلبك ..
تقدر تنسى ديه كله يابشندى ..تقدر؟!!!
بشندى نكس دماغه للارض ومردش.. عشان فعلا بشندى عاش مع حكيم قصة حبه وانتظاره ولوعة قلبه ،وكان عيحسب الايام اللى عتفوت قبل منيه عشان يشوف فرحته كيف اب عيحسب لولده البكر ومستنى يوم جوازه بفارغ الصبر ..
حكيم بحسره :شفت يابشندى ..اديك انت اللى عالبر مناسيشى ..اللى قلبه فالميه مش كيف اللى قلبه فالنار يابشندى ..
بشندى :انى شفقان على حالك ياولدى هتقعد اكده لميته ..وايه اخرتها بس ..قولتلك ١٠٠ مره طلع غازى من السرايا وخليه يبعد بجماره من قصاد عنيك حتى لو هتبنيله قصر يقعد فيه لحاله عشان ترتاح من عذابك وانتا ولا عملت لكلامى باعت ولا عبرتنى ..
حكيم :مهيرضاااااش يابشندى ..
عارفه مهيرضاااش وقولتلك فالاصل انه متجوز جماره عشان يحطها قبال عينى ويكوى قلبي بيها ...
بشندى :قلتلك سيبهولى وانى اخلصك منيه خالص او حتى اكسرلك رجليه واخليه يعيش يزحف انت اللى مراضيشى تخلينى افش غليلى منيه !
حكيم : استغفر ربك يابشندى مش انى اللى اذهق نفس ولا اعتدى وابغى على بنى آدم ..
بشندى :حتى لو كان غازى اللى شفت منيه اذيه بعدد شعر راسك !
حكيم :حتى لو كان غازى ..
بشندى :طب سيبك من غازى دلوك وبأذن الله ياجى اجله بعيد عنينا قريب ..انتا متكدر ليه قوى اكده !
حكيم :امى هتخطبلى يابشندى .
بشندى بفرحه :احب امك
حكيم رفعله حاجبه :متتلم يبشندى
بشندى :مش قصدى والله بس الخبر ديه امك تستاهل عليه حبه
حكيم بنبرة هزار مخلوطه بغلب :يابشندى قلتلك ١٠٠ مره متهزرش بسيرة امى ..وقلتلك مليون مره لو عاوز تتجوزها اجوزهالك وانتا اللى مش راضى ..عتجيب فسيرتها ليه دلوك !
بشندى :يبوى امك ايه اللى اتجوزها بالكرسى بتاعها ديه ..يعنى اصبر عمرى كله من غير جواز وفالاخر اجيبلى مره اشيل واحط فيها ناقصه مرار هى ..حل عنى الله لايسيئك وانى مهجبش سيرة امك نوبه تانيه ..ناقص انى كُر يابشندى جُر يابشندى !!!
حكيم ضحك بصوت عالى :يخرب مطنك ومطن كلامك الدبش يابشندى ..والله عتضحكنى فعز وجعى .
بشندى :ربنا يبعد عن قلبك الوجع ياسى حكيم ..بس بأمانه كلام امك عين العقل ..معينسيش الراجل حب مره غير مره زييها .
حكيم :طب ومتجوزتش ليه انت بعد المرحومه وحده تنسيك حبها !
بشندى :طب وهو انى كنت عحبها من اصلو عشان انسى حبها !!
انى كنت متجوز تأدية واجب ولما متاتت الله جاب الله خد ..ومطلبتش منيه عوض عشان معاوزش ..
اصلو ليه انى اجيب وحده تعد عليا انفاسى وكنت وين يابشندى ، اتأخرت ليه يابشندى ، قولى كلمه زينه يابشندى ..وبشندى سمه وموته نعوصة الحريم ..
وفوق ديه وديه يابشندى ..هات وحط فكرشى وكل يابشندى ..
اكسينى كل هبابه خلجاتى قدمو يابشندى ..ابصر ايه ومدرك ايه يابشندى ..وفالاخر تاجى تزعل وتروح بيت ابوها وتنسى كل حاجه زينه عملهالها بشندى ومتتفكرش غير الحاجه العفشه اللى يكون عدى عليها دهر بحاله ..
وليه الغلب قوطعت النسوان ورفقتها ..لحالى احلالى يبو العم ..
حكيم :الله على كلامك يابشندى اللى يسد النفس المفتوحه ..مابالك من النفس المقفوله لحالها يعمل ايه فيها ..قوم يابشندى من جارى لادب القلم ديه فعينك واقول وقع عليه .
بشندى :فداك عنيا التنين بس اشوفك مرتاح وفرحان ياسى حكيم ..والله لو عارف راحتك فعيونى اقلعهم واعملهملك عقد تحطهم فرقبة جمره
حكيم طبطب عليه بحب :تسلملى عيونك يابشندى عارفك كد القول وهبابه والله
بشندى :طب مش هتقولى مين اللى الحجه نقتهالك وبت مين فالبلد ؟
حكيم :والله ماعرف ولا سألتها حتى .
بشندى :مش مهم الست ام حكيم مهتختارش حاجه مش زينه ..اهى حاجه تصبر وتلاهى القلب وخلاص .
حكيم هز دماغه بقلة حيله ونام على ضهره بعد ماساب القلم وقفل الدفتر وبشندى هو راخر بعد المسند ونام عليه جار حكيم فالارض والاتنين باصين للسقف وساكتين ..واحد عيفكر فحاله واللى مستنيه، والتانى برضو عيفكر فنفس اللى عيفكر فيه حبيبه ونفسه يخفف عنيه بس مخابرش كيف !
حكيم دقايق واتعدل وبشندى اتعدل زيه
بشندى :ايه على وين ؟
حكيم :مفيش هروح اتوضى واصلى صلاة استخاره واشوف ربنا هيدلنى على ايه عشان انى قلبى وعقلى وروحى عيتخبطو ومعارفشى حتى افكر فحاجه ..
وبالفعل صلى واستخار وفكره ارتاح لما رمى حمول قلبه على الله ونام قرير العين للصبح ..
**********
الليل طوى جناحاته وحكيم قام مع قرآن الفجر صدره مشروح وحاسس براحه كأنه كان شايل حمل فوق كتافه واتخلص منيه وابتسم بارتياح بعد ماتيقن ان ربه بيطمنه ان اللى جاى فيه راحه من بعد التعب ..
قام اتوضى وصلى ودخل السرايا واتوجه على جمرته يطمن عليها وابتدا يحطلها وكل وجفل مره وحده لما سمع صوتها التعبان من وراه ..
هتتجوز ؟هتتجواز ..رد عليا هتتجواز صوح
حكيم بقلة حيله :ايوه ياجماره هتجوز ..عشان الدنيا لازمن تمشى ..وانتى اديكى شفتى عمايل غازى فيكى واتوكدتى انه مهيتغيرش ..يوبقى تنفدى بجلدك وتهروبى عشان دنيتك تمشى انتى كمان ..
روحى لحال سبيلك ياجماره وادعى وانتى طالعه ان ربنا يؤجرك فى مصيبتك ويبدلك خير منها وصاحب العوض موجود ..هيعوضك عن قهرك وكسرة قلبك وعن كل حاجه مريتى بيها و شفتيها مع غازى ..
جماره بصوت باكى ونبرة ترجى شتتت قلب حكيم :بس انى معاوزاشى امشى واهملكم ..ان....
وقبل ماتكمل صرخ فيها حكيم بعلو صوته ..
لازمن تمشى لازمن ..لازمن تبعدى وتلحقى الباقى من عمرك تعيشيه براحه وهنا مع اللى يصونك ويراعى ربنا فيكى ..
انتى تستاهلى تتعززى وتتكرمى مع الكريم ومتفضليش متهانه فعصمة لئيم افهمى ياجماره كل اللى عيوحصول ديه عشان سعادتك انتى فلاول وفالاخر مش عشان اى حد ولا اى حاجه تانيه ..
ودلوك يلا فارقينى وخشى جوه قلتلك قبل اكده متهوبيش ناحية بوابة السرايا بس انتى الظاهر مخك تخين ومعتفهميش ..قولتها قبل اكده وادينى عقولهالك تانى وتالت ..انتى معتفهمييييش
لحظات صمت ميتسمعش فيها غير صوت انفاس حكيم العاليه ولو كان صوت كسرة القلوب عيتسمع كان اتسمع صوت كسرة قلب جماره على ١٠٠ حته بعد كلام حكيم ليها ..
حكيم اخد نفس قوى واتكلم بنبره جاده ..
انى مسافر بكره آخر النهار ..ارجع الاقيكى خدتى قرار يأمه تبعدى عن غازى وتطلقى منيه وحقك وحمايتك منيه ومن غيره اضمنهملك برقابتى ..
يأما تتحملى اللى عيعمله غازى فيكى من غير شكوى ولا اعتراض ..عشان محدش وكتها هيوقفلك ..لان لو كان حد وقفلك قصاد غازى قبل اكده عشان اللى كان عيجرى فيكى غصب عنك ..لكن اللى جاى كله هيكون بكيفك وبمزاجك ونتيجة اختيارك ..
قالها واستمر سكوت جماره وهى باصه للارض وعتخطط برجلها دواير وهى عتسمعه وبعد لحظات سكوت رفعت عنيها ونطقت اللى حكيم كان خايف منه وخلاه يغمض عنيه بألم ..
يتبع الفصل الخامس عشر اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية جمارة" اضغط على اسم الرواية