رواية نزيف الجدران الفصل الثالث بقلم سيد داود المطعنى
رواية نزيف الجدران الفصل الثالث
كان عصام قد وصل إلي وحدته العسكرية في التل الكبير بالإسماعيلية, و كانت الحركة مريبة في المكان, و الضباط يغيبون عن المشهد تماما, لم ير ضابطا واحدا في الوحدة منذ دخوله, ومروره على مكاتب زملائه ليصافحهم, لا أحد هناك, مما أثار فضوله.
من المستحيل أن يكون الجميع في إجازة في نفس الوقت, لا يمكن أن يترك جميع الضباط أماكنهم و أعمالهم هكذا.
خرج عصام ينادي أحد ضباط الصف ليسأله:
ــ يا صول زكريا, صول زكريا.
ــ أفندم يا سيادة الرائد.
ــ هما الظباط راحوا فين كلهم كده؟
ــ استدعاهم اللواء عبدالمجيد يا فندم, في ضيف مهم من القيادة العامة مجتمع بيهم.
ــ ضيف مهم؟ مين ده؟
ــ معرفش والله يا سيادة الرائد, بس هو من القيادة العامة للقوات المسلحة.
ــ أنا هروح أشوفهم شكرا يا صول زكريا.
مشي عصام في خطى ثابتة نحو مكتب اللواء عبدالمجيد ليتبين الأمر, فوجد الفريق حسام عبدالنافع القيادي بالمجلس العسكري قد انتهي من محاضرة مهمة يحض فيها الضباط بمختلف الرتب العسكرية ليتخذوا كافة الاحتياطات اللازمة لحماية مواقعهم و حماية المنشآت المحيطة بهم, نظرا لتوجه بعض العصابات الإرهابية لاستهداف الأكمنة والوحدات العسكرية لخلق حالة من عدم الاستقرار.
و بعد رحيل الفريق حسام عبدالنافع, جلس عصام مع اللواء عبدالمجيد ليعرف سر زيارة الفريق حسام, و ما الذي يذكره بالتصدي للإرهاب الآن, وأي ارهاب ذلك الذي يهدد منطقة التل الكبير
ـــ الحالة في رفح و الشيخ زويد مش ولا بد يا عصام, في تشكيلات عصابية بدأت تنتشر هناك
ــ تقصد حضرتك علشان استهداف الكمين اللي في رفح من يومين؟
ــ لو علي دي كان الموضوع بقي سهل جدا يا حسام, المصيبة أكبر من كده.
ــ أكبر من كده ازاي يا فندم؟
ــ في عدد من الجماعات أعلنت ولاءها لتنظيم داعش, يعني الخطر اللي كنا مستعدين لصده ومنعه من دخول أراضينا في أي لحظة, بدأ ينشأ بالداخل, و عناصر غريبة مش معروفة لدينا, أطراف غير مسجلة أمنية
ــ أوبااااااااا, طاب هما أعلنوا ازاي ولائهم لداعش, عن طريق نشرات ولا فيديو عبر الاعلام ولا ايه.
ــ دول دشنوا موقع الكتروني و صفحة علي الفيسبوك و بيتواصلوا مع العالم كله من خلالها
ــ طاب كده سهلت يا فندم, لو القيادة راقبت مكان ادارة الموقع الالكتروني, أو المنطقة اللي بيبثوا منها فيديوهاتهم ع الفيس بوك , هنتوصل لهم بسهولة
ــ يعني انت فكركإنهم هيديروا الموقع الالكتروني من الخنادق المتمركزين فيها, أكيد طبعا دي في وادي و دي في وادي تاني خالص.
ــ ربنا يكون في عون زمايلنا في سيناء ربنا يكون في عونهم
ــ الفريق حسام بيقول احتمال يدعموهم بعناصر من عندنا.
ــ أنا عن نفسي أول ظابط مستعد أروح هناك تطوع و قبل ما يتم اختياري من القيادة.
ــ هنشوف القيادة هتقرر ايه, وأكيد أي حد هيوقع عليه الاختيار هيرحب جدا.
ــ وافرض حد مش حابب يروح, مستحيل يعترض.
ــ الحالة العامة بقت تقرف, كان من السهل جدا صد أي خطر خارجي, لكن يتولد الخطر معاك جوة بالشكل المفاجئ ده, حالة غريبة, زي اللهو الخفي.
كان اللواء عبدالمجيد في قمة التوتر, وهو يشرح لعصام مدي خطورة تفشي مثل تلك الآفة في البلاد, لا سيما أنهم مجهولون لاعتماد تلك الحركات علي الشباب و هؤلاء يتم انتاجهم بشكل سري واحترافي.
حتي عصام نفسه خرج من عند اللواء عبدالمجيد و هو يفكر في مصيره لو وافق علي الذهاب إلي هناك بمحض إرادته أو حتي جبرا عنه, ما الذي قد يتم.
لم يهدأ عصام الليلة وهو يفكر في العدول عن قراره تارة, والإصرار عليه تارة أخري, كان يتحدث إلي نفسه كمن يأخذ برأيها.
ــ أنا لو رحت هناك هفقد حياتي بنسبة 90%, واحتمال العودة هيكون بنسبة 10%, لالا لالا ايه الحساب الغبي ده, ايه هفقد حياتي بنسبة 90% ده, علي أساس احنا الطرف الأضعف في المكان, ده احنا القوات المسلحة, ولو مات حد بيكون ظابط أو اتنين من الفرقة, مقابل إبادة العناصر المجرمة كلها, يعني نسبة الموت هتكون 1% بس, أووووووف موت ولا حياة, هو الواحد لازمته ايه, ما لازم نواجه الخطر ده وخطر أصعب منه مليون مرة, ايه فيها الدنيا نبكي عليه!... لا فيها طبعا, فيها أبويا, فيها اخواتي, فيها ساندي اللي قررت أخطبها خلاص, و مستني الإجازة اللي جاية دي علشان أقول لبابا ونروح نخطبها.. بس ده شغلي ده واجبي, دي الكلية الحربية اللي أنا دخلتها وأنا عارف اني هتعرض لموقف زي ده في يوم من الأيام, أيوة بس أقول لبابا ازاي اني هروح سيناء, و كمان رايح علشان أستعد لمواجهات مع عناصر اجرامية مجهولة منعرفهاش, يوووووووه أنا أسيبها لله أحسن واللي فيه الخير يقدمه ربنا.
يتبع الفصل الرابع اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية نزيف الجدران" اضغط على اسم الرواية