رواية نزيف الجدران الفصل السادس بقلم سيد داود المطعنى
رواية نزيف الجدران الفصل السادس
دخل سعد إلي مكتبه الخاص ببيته بعد المغرب و طلب من راندا أن تصنع له كوبا من الشاي, و تلحق به في المكتب, ليتحدث إليها في أمر هام, ففهمت من طلبه أنه يود الحديث إليها بشأن ما تخفيه في صدرها.
أخبرها أنه لاحظ عليها حالة من التغير في الأيام القليلة الماضية, وكأنها تحولت من فتاة جادة إلي أخري رومانسية تتمتع بالمرونة, وتفتح ذراعيها للحياة.
فقد شعر أنها تحتضن نسمات الهواء في كل صباح, و تستقبل يومها الجامعي بصدر منشرح ووجه مشرق, لم يسبق عليها أن استقبلت يوما دراسيا بذلك المرح من قبل.
هربت راندا منه و لم تستطع النظر في عينيه اللتين تسلطان علي وجهها شعاعا عموديا يقرأ ملامحه.
ـــ عادي يا بابا, مش متغيرة ولاحاجة
ــ هنخبي علي بابا يا راندا, ينفع كده؟
ــ مش بخبي عليك يا بابا, حضرتك عارفني كويس
ــ عارفك يا بابا مش بتخبي عليا, بس ممكن تكوني مكسوفة شوية
ــ هتكسف من ايه بس
ــ تتكسفي مثلا إنك بتبادلي حد مشاعر معينة
رفعت راندا وجهها ونظرت في عين والدها مندهشة وهي تتصبب عرقا و تصطك أسنانها ارتعاشا مما قاله والدها
ــ حضرتك بتقول ايه يا بابا, مشاعر ازاي يعني
ـــ يا راندا, مشاعرنا مش ملكنا, وأحيانا بنميل لأشخاص في حياتنا بشكل لا إرادي, يعني منتحاسبش عليها, و لا نسأل نفسنا احنا ليه بنميل للشخص ده.
راندا تتلفت حولها تتمني لو تجد سبيلا للهروب من تلك الموقعة
ـــ يا بنتي هو احنا مش أصدقاء؟ و انا بحكيلك كل حاجة تخصني؟
ــ طبعا يا بابا هو أنا ليا صديق أعز عليا منك
ــ يبقي ليه تخبي عليا سر تغيرك المفاجئ ده؟ هو أنا هحاسبك؟ و لا الوجه الجديد في حياتك أغلي عندك مني علشان تحكي له عني, و ترفضي تحكي لي عنه؟!.
ــ و الله عمري ما حكيت له عنك يا بابا, و لا بنحكي أصلا
ضحك سعد ضحكات هادئة, ونظر لراندا يتداركها
ــ يعني في وجه جديد في حياتنا اهو؟!!
ــ مش بالشكل اللي في دماغ حضرتك يا بابا
ــ طاب احكي لي علشان أبقي معاكي في الصورة, وأقولك الصح فين والغلط فين
ــ مش عارفة أحكي ازاي أو أقول ايه يا بابا
ــ هو مين, و ابن مين, و في سنة كام, وعرفتيه ازاي, و كده يعني!
ــ هو طالب معانا في الدفعة في سنة رابعة, و شخص محترم جدا, و أنا أعرفه من سنة أولي دايما معانا في الأنشطة, و بيجيب تقديرات كويسة كل سنة, ووالده معاه شركة استيراد وتصدير, و بيشتغل معاه في الاجازات, و قال لي من أسبوع انه معجب بشخصيتي وهدوئي وبيسألني ان كنت مرتبطة بخطوبة أو حاجة زي كده, فأنا قلت له لأ, حسيت إنه فرح جدا لما عرف اني مش مرتبطة, و يومين لقيته بيقول لي إنه بيتمني يتقدم لي, بس منتظر التخرج علشان باباه ميعترضش علي الخطوة دي, بصراحة يا بابا أنا كنت طايرة من الفرح, هو حد كويس و متربي, و لو شفته حضرتك هتحبه جدا
ــــ طبعا من يومها وانتوا بتنتظروا بعض في المحاضرات, وترجعوا مع بعض
ــ مش هكذب علي حضرتك يا بابا, احنا فعلا بنستني بعض و نرجع مع بعض
ــ امممممممممم طاب ليه خبيتي عليا حاجة زي كده يا راندا
ــ كان نفسي أحكي لك يا بابا والله, بس معرفتش أبدأ كلامي ازاي
ــ يا بنتي ده أنا كل مرة أقولك اكسري الحواجز بيني وبينك, فضفضي لي
ــ اهو للي حصل يا بابا, بس وحياة رائف وسمر عندك ما تزعل
ــ وبتحلفيني برائف وسمر ليه, و انتي غالية زيهم يا بابا
ــ معرفش يا بابا, أنا متلخبطة ومش عايزة حضرتك تزعل
ــ أنا مش زعلان يا راندا, و لا عمري هزعل منك يا بابا, بس ليا عندك طلب
ــ طلب ايه يا بابا.
ــ عايزك تحكمي علي علاقتك بيه, دخول وخروج, متعرفيش الأيام مخبية ايه, مش يمكن والده يكون مخطط له علي جوازة بيزنس, و ينجح في انه يقنعه بيها, هيبقي مين الطرف المتضرر ساعتها؟.
ــ هكون أنا طبعا يا بابا
ــ وان كان هو عايزك بجد, يتكلم مع والده و يصارحه, و يتقدمولك رسمي, و بعد التخرج تكتبوا الكتاب و تتجوزوا.
ــ بس هو خايف يكلم باباه يعتبره مراهق ومش عارف يخطط لنفسه.
ــ يبقي هو مش واثق في طبيعة علاقته بوالده, أو مش واثق في نظرة والده ليه, ولا أنا غلطان يا راندا؟
ــ حضرتك صح يا بابا
ــ راندا, انا عايزك تبقي دايما في الأمان, مش عايز مشاعرك النهاردة تخليكي تندمي بكرة
ــ يعني أنا أعمل ايه دلوقتي يا بابا؟
ــ قوليله يفضفض لوالده, و قوليله انك حكيتي لي, واتفقي معاه علي وضع حواجز بينكم لحين اتخاذ خطوة جدية, وإلا فالتعامل يكون في حدود الزمالة و بس
ــ اللي تشوفه حضرتك يا بابا
ــ لا يا راندا, مش اللي أشوفه يا بابا, اللي تكوني انتي مقتنعة بيه
ــ أنا مقتنعة برأي حضرتك, ورد فعله هيثبت لي حقيقة مشاعره
ــ الله ينور عليكي يا روح قلب بابا, دايما تخليني مطمن عليكي بذكائك ده
ــ تلميذتك يا متر
نظر اليها سعد نظرات صامتة وضمها الي صدره يحتضنها
يتبع الفصل السابع اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية نزيف الجدران" اضغط على اسم الرواية