رواية حب وتضحية الفصل العاشر بقلم داليا السيد
رواية حب وتضحية الفصل العاشر
غضب
ساعات قليلة أمضتها باضطراب وهي بجواره وهو يقود بسرعة جنونية حاولت أن تثنيه عنها ولكنه لم يكن يسمعها.
عندما وصلا كان النهار قد أوشك على البزوغ واستقبلهم رجال الفندق وهو يتقدم بها إلى الداخل وسط رجال الشرطة المنتشرة ورائحة الدخان التي تعبأ المكان أسرع جاك إليهم وخلفه رجل الشرطة وهو يتحرك بثبات بجوارها ثم واجه جاك قائلاً
“أريد تفسيراً واضحا لم حدث"
لحظات وكانت تندمج مع الجميع ونست ما كان وعادت إلى عملها ولكن لم تنسى أنها الآن زوجته حقاً فتلونت تصرفاتها بالثقة والثبات ولم تهتز كعادتها وهي تمنح الأوامر رغم أنها لم تفعل من قبل هنا ولم تأخذ أي وقت للتعرف على سير العمل ولكنها فعلت بسهولة ودون أن يعترض أحد عليها أو يوقفها.
لم يشعر أحد بالوقت إلا عندما جذبها من ذراعها برفق وقال "تعالي أريدك"
تحركت بعد أن تراجع مَن حولها برؤيته، سار بها بعيدا وقال "الشرطة تحاول التشهير بالفندق وكأنهم يتعمدون ذلك"
قالت بثقة "لن يحدث، أنا راجعت كل الإجراءات الأمنية للمكان ولا يوجد أي خلل"
دخل مكتب لم تراه من قبل وأغلق الباب وتقدم خلفها وقال "ولكنهم يسيرون إلى شبهه جنائية، أي هناك من تعمد ذلك وأنا أجريت اتصالاتي لإيقاف ما يحدث ولكن كل شيء يأخذ وقته"
جلس خلف المكتب وجلست أمامه وقالت "أنت تشك بأحد؟"
شرد قليلاً ثم قال "لا لم يحدث هذا من قبل وأنتِ تعلمين أن ليس لي أعداء"
صمتت قليلاً قبل أن يناديها "أمل لا وقت لشرودك هذا أنا أريد إجابات"
نهضت وابتعدت فنهض وتبعها إلى أن وقف أمامها وقال "لماذا هذا الصمت وتلك النظرات الضائعة؟"
نظرت إليه وقالت "أنا فقط أشك بشخص ما ولكن ربما أنت لا تصدقني"
ابتعد وقال بعصبية "تحدثي يا أمل"
قالت بصعوبة "سارة"
التفت إليها بحدة وقال "سارة؟ لا يمكن سارة لا يمكن أن تضرني بهذا الشكل فهي ما زالت ت.."
وقطع كلماته عندما أدرك ما يقول وهي تبتعد من أمامه بضيق واضح فنفخ قبل أن يسرع إليها وجذبها من ذراعها ليعيدها أمامه وقال
“أمل لم أقصد أي شيء من كلماتي تعلمين أنها انتهت من الوجود بالنسبة لي، لكن هذا لا يمنع أن هناك ماضي كان بيننا بيوم ما ولا يمكن التجاوز عنه إلى ذلك الشر"
قالت بغضب لم تكتمه "بل هو انتقام يا وليد، انتقام منك لأنك تجاهلت الماضي بينكم ورفضت عودتها إليك، هي أخبرتني أنها لن تتركك لي ولن تترك أموالك وأملاكك، أنا أخبرتك من قبل أني أخاف منها عليك وها هي قد بدأت تفعل"
حدق بها لحظة قبل أن يبتعد من أمامها وهو يفكر واحترمت صمته إلى أن قال "علينا إذن أن نسأل ونستفسر قبل أن نوجه الاتهام لا يمكنني أن أفعل بدون أدلة، الغيرة ليست مقياس يا أمل"
تملكها الغيظ وقالت بعصبية "غيرة؟ أنت تسمي شكوكي ومخاوفي غيرة؟ على أساس أني لا أملك القدرة على التمييز بينهم؟ حسناً يا وليد سمها كما شأت ولكني أصر على كلامي، أما إذا كانت مشاعرك تجاهها ما زالت تنبض داخلك وتمنعك من أن تصدق ما أراه أنا فافعل ما شأت"
وتركته وتحركت إلى الخارج بغضب ودموع تملأ عيونها
أوقفها أحدهم فاستعادت نفسها والضابط ينظر إليها ويقول "مدام هل لي ببعض الكلمات؟"
التفتت إليه وقالت "هذا ضمن التحقيق الرسمي؟"
ابتسم وقال "لا، بالطبع لا، ليس مع زوجة صاحب المكان، ولكن لدي بعض التساؤلات خاصة أني عرفت أن حضرتك كنتِ مديرة أعمال مستر وليد قبل الزواج"
رفعت رأسها وقالت "وما زلت كذلك يا فندم لا يمنعني الزواج من عملي"
ابتسم وقال "هذا أمر رائع فلن يجد أحد أفضل من زوجته لتكون بذلك المنصب ومحل لثقته"
ضاقت عيونها ولم ترد فعاد يقول "فقط أريد أن أسألك هل هناك أحد يثير شكوكك؟"
قالت بهدوء وثقة وتفكير “ولماذا تظن حضرتك أن هناك من يريد الضرر بنا، وليد سمعته معروفة بكل مكان وليس له أعداء والفندق لم تحدث به واقعة كهذه من قبل والأمر واضح بأنه خطأ النزيل"
قال "ليس بعد مدام، الكاميرات لم تفرغ بعد والتحقيق لم ينتهي، أنا فقط ظننت أن بإمكانك مساندتي"
قالت بثبات "ليس لدي ما أساعدك به للأسف"
تراجع الضابط قليلاً فقالت وهي تتحرك "اسمح لي"
كادت تتحرك عندما قال "عرفت أن مستر وليد كان على علاقة بامرأة تسمى سارة الوكيل وقد التقاها هنا قبل أسبوعين ويقال أنكم تلاقيتم معها ثم رحلتم وتركتموها هنا، وعرفت أيضا أنها سألت كثيراً عن مستر وليد وبطريقة أثارت انتباه الجميع حيث كانت غاضبة عندما امتنع الجميع عن إخبارها بمكانكم فهل لديك تفسير مدام؟"
تملكها الثبات رغم الغضب وعادت تنظر إليه وهي تقول "أعتقد أن من حق كل رجل أن يكون له ماضي وهو أمر لا يعيبه لكن بمجرد زواجه تتغير حياته ويتحول كل اهتمامه لزوجته وهذا ما حدث مع وليد، أما سارة فأنا أعرف أنها أيضا مخطوبة وقد كان خطيبها معها هنا وبالفعل تقابلنا قبل رحيلنا مرة أو اثنان ولا أعرف شيء عن ما فعلته بغيابنا فهو أمر لا يهمني"
قال بابتسامة غير مريحة "أحب ثقتك هذه مدام ولكن هل عرفتِ أن والد مس سارة فقد أمواله منذ عدة أشهر بأحد الصفقات الفاسدة وكاد يسجن لولا عدم ثبوت الأدلة تجاهه؟"
حدقت به لحظة ثم قالت "أخبرتك أن أمرها لا يعنيني"
نظر بعينيها قبل أن يقول "ولكن يعنيك أن تعرفي أنها لم تكن مخطوبة لأحد وأن الرجل الذي كان معها هو أحد رجال والدها يرافقها بكل مكان وكلمة خطيب هذه قيلت لكم أنتم فقط"
نظرت إليه وتراجعت من كلماته وقالت "يبدو أن حضرتك تهتم بأمرها كي تقوم بالتحري عنها وتعرف كل ذلك بوقت قصير، ولكن بالنسبة لي فكل ما أخبرتني به عنها لا يعنيني، ولا أريد أن أعرف فأمرها لا يخصني، وإن كان يبدو أن حضرتك يهمك أمرها فهو أمر يخصك"
اقترب منها وقال "لأنني عرفت أنها تبحث عنكم بقوة وعندما فشلت رحلت ولكن قبل أن ترحل فعلت ما فعلت للانتقام من الرجل الذي تركها إلى امرأة أخرى بالنسبة لها مجرد مديرة أعماله وربما غرضها من الزواج مجرد.. "
قاطعته بحدة وعصبية "كفى أنا لا أسمح لك بأكثر من ذلك"
وتحركت مبتعدة وقد اشتعل الغضب داخلها، هل يفكر بها الجميع بهذه الطريقة أنها مجرد سكرتيرة احتالت عليه من أجل أمواله؟
ابتعدت إلى خارج الفندق ولفحها الهواء البارد وهي تحاول أن توقف ارتجافة جسدها ومشاعرها الثائرة على زوجها وعلى الضابط وتلك المرأة وشعرت أنها فقدت السيطرة على نفسها ولم تعد قادرة على التفكير وقد شعرت أن كل ذلك أكثر مما يمكنها أن تتحمل فقد ضحت كثيراً من أجل حبها له، بالبداية كانت تتحمل أن تحبه بصمت رغم نزواته بمصر بتلك النساء الآتي كن يأتين إليه، ثم وافقت أن تمثل دور الزوجة من أجله وضحت بكرامتها كي لا تتخلى عنه وتساعده، وانتهت بأن وافقت على الزواج منه دون أن تعرف أمها، فقط لأنها تحبه وتنازلت عن كل شيء من أجله والآن تتحمل إهانات من حولها واتهامات بعيونهم أنها فتاة متسلقة غرضها المال والنفوذ، تألمت بشدة عند تلك الأفكار.
سارت بدون هدى ربما تستعيد سكينتها التي رحلت عنها إلى أن رن هاتفها برقم أمها فأغلقت واتصلت هي فقد كانت بحاجة لسماع صوتها عندما قالت
“ماما كيف حالك؟"
كان صوت أمها غير طبيعي عندما أجابت "أنا بخير يا أمل ولكن أنتِ كيف حالك؟ لماذا أشعر أنكِ لستِ بخير؟ ولماذا تأخرتم هكذا؟"
كتمت دموعها وهي تتأمل الظلام من حولها والرياح التي بدأت تشتد وأخيراً قالت "أنا بخير ماما لا تقلقي، وتأخيرنا بسبب الفندق، لم ينته العمل به ووليد يرفض العودة قبل الانتهاء منه"
صمت جاءها إلى أن قالت الأم "لماذا أشعر أن قلبك ليس على ما يرام وأن هناك ما تخفيه عني، ماذا بكِ يا ابنتي؟ طمنيني"
قالت بحزن أكثر "لا ماما قلبي كما هو ولا أخفي عنك أي شيء، لكن العمل هنا كثير جداً وأنا لا أجد وقت للراحة"
قالت الأم بنبرة حانية شعرت بها أمل "رفقاً بنفسك يا ابنتي ما زلتِ صغيرة على كل ذلك"
لم يعد صغرها يحميها من كل ما يصيبها وإنما يزيدها غرقاً لأن لا خبرة لها بكيفية البحث عن سبل للإنقاذ، أنهت المحادثة وشدت البالطو الصوف عليها من البرد وظلت تتأمل الظلام عندما رن هاتفها باسمه فأغمضت عيونها لحظة قبل أن تفتحها وتجيب عندما أتاها صوته غاضباً
“أمل أين أنتِ؟"
مسحت دموعها وتحركت عائدة إلى الفندق وهي تقول "موجودة هل حدث شيء؟"
قال بنفس الغضب "لم يحدث شيء ولكني لا أجدك أين أنتِ؟"
كانت قد وصلت الفندق فقالت "بصالة الاستقبال هل تريدني؟"
لم تنتبه إلى أنه كان أمامها إلا عندما لم يجيب فرفعت وجهها لتراه أمامها، أنزلت الهاتف وأبعدت عيونها الباكية عنه بينما قال هو
“كنتِ تبكين؟"
لم تنظر إليه وقالت "لا كنت أتحدث مع ماما وقد اشتقت إليها هل تريدني في شيء؟"
ظل يتأملها لحظة قبل أن يقول "أعلم أني أغضبتك ولكنك تعلمين أني لم أقصد"
لم تنظر إليه ولم ترد وقد استعدت الدموع للنزول مرة أخرى قال "حسنا أعلم أني زدت بالأمر ولكن الأمور يصعب تصديقها يا أمل، سارة مهما بلغ الأمر بها فلن تفكر في الإضرار بي"
نظرت إليه بنفس الغضب وقالت "إذن اسمع إلى الضابط الذي أخبرني عنها وعما فعلته بعد ذهابنا وأن والدها فقد كل أمواله وأن"
كادت تخبره أن أمجد ليس خطيبها ولكنها خافت أن يجعله ذلك يفكر بالعودة إليها وقد خلت له فيتركها هي ويعود لحبيبته القديمة.
ضاقت عيونه وقال "ضابط؟ هل تحدث الضابط معكِ؟ "
هزت رأسها وهي تمسح دمعة سقطت على وجنتيها وقالت "نعم بل وألمح إلى أني تزوجتك طمعاً بأموالك بعد أن تحدث عن سارة وما فعلته بعد ذهابنا"
حدق بها قبل أن يقول "هل جن ذلك الضابط؟ كيف يجرؤ على التحدث مع زوجتي بهذا الشكل؟ سأجعله يندم على ذلك"
رفع هاتفه وأجرى اتصالاً أدركت أنه يتحدث مع أحد الشخصيات الهامة فلم تهتم وجاك يتجه إليهم عندما واجهها وقال
“ لقد رحل الضابط وفريقه ولم يصلوا لأي شيء حتى الكاميرات لم تظهر أكثر مما حدث"
قالت "أعد تقرير بالخسائر ولا تفتح الغرف التي تم إخلائها إلا بعد أن تنتهي الأدخنة ويتم طلاء الدور، هذا طبعا بجوار العمل بالغرفة المحترقة من الغد"
هز جاك رأسه وقال "تمام سنفعل مدام"
انتهى من مكالمته وقال "هل ذهب ذلك الضابط؟"
أجاب جاك "نعم مستر وليد"
نظر إليها وقال " تبدين متعبة حبيبتي يمكنك الصعود إلى جناحنا حتى اوافيكِ بعد أن أنتهي، لن أتأخر"
لم تعارضه وقد كانت بالفعل متعبة فتحركت إلى جناحهم وتمددت بحوض الاستحمام لتريح جسدها بالماء الدافئ وقد هدأ عقلها من التفكير
انتهت وارتدت ملابس النوم واتجهت إلى فراشها وذهبت في سبات عميق من شدة التعب
عندما فتحت عيونها وجدته ينام بجوارها فاعتدلت برفق كي لا توقظه ولكن ما أن تحركت حتى تحرك هو الآخر واعتدل ناظراً إليها فأبعدت عيونها
مد يده وجذبها إليه وهي لا تمانع وقال بحنان "لا أقوى على هذا الغضب الذي بعيونك، لم أقصد إغضابك يا أمل تعلمين ذلك"
لم تنظر إليه وإنما دفنت نظراتها بصدره الذي كان أمامها وقالت "أنت مازلت تحبها وتدافع عنها"
ضحك بصوت مرتفع فنظرت إليه بدهشة إلى أن توقف وعاد إليها وقال "أحبها؟ يبدو أن التعب يؤثر على عقلك حبيبتي، أنا اكتشفت أني لم أحب سارة بأي يوم وما كان بيننا مجرد إعجاب أو وقت جميل قضيته معها وانتهى بذهابها، نزوة كأي رجل يمر بنزوات كثيرة بحياته حتى يجد من يمنحه الاستقرار، لو كنت ما زلت أحبها لكنت الآن معها وبين أحضانها التي كانت تعرضها علي بشكل واضح لكني لم أهتم وإنما أخترت أحضانك أنتِ واخترت أن تكوني زوجتي، لي وحدي كما هو أنا لكِ وحدك فلا داعي لهذا الشك الذي يغضبني لابد من أن تثقي بزوجك لأنني لست ذلك الرجل الذي يتزوج امرأة ويمرح مع الأخرى"
كانت ما زالت تنظر إليه بحيرة فأزاح شعرها وقال "أمل لابد أن تدركي أني اخترتك أنتِ بكامل إرادتي وأعلم ما يقال من الجميع ولا يهمني كما لابد ألا تهتمي بكلامهم المهم أننا سويا أليس كذلك؟"
هزت رأسها بالموافقة فجذبها إلى أحضانه وهمس "مهما حدث بيننا لا يجب أن تفقدي ثقتك بي لو لم أكن أريدك لما تزوجتك ولو أردت سارة لاخترتها من البداية"
ارتاح قلبها قليلاً ولكن ما زال إحساسها تجاه سارة كما هو لم يتغير وتعلم أن تلك المرأة لن تتركهم هكذا وبسهولة.
أخذ حمام كما فعلت هي وارتدت ملابسها عندما اقترب منها ثم أخرج عقد لولي من جيبه ووضعه على صدرها وأغلقه بين دهشتها وإعجابها وهي تقول
“ وليد ما هذا؟"
ابتسم وقبل عنقها وقال "شبكتك حبيبتي لم أنساها ولكن كنت أريد شيء يليق بجمالك"
نهضت ووقفت أمامه بسعادة وقالت "إنه رائع بالفعل بل أكثر مما أستحق"
ضمها إليه بسعادة وقال "لا شيء كثير على زوجتي الغالية، أمل أنتِ كل حياتي، أنتِ الأمل والبسمة، أنتِ تمنحيني كل شيء بدون مقابل وأنا لم أمنحك شيء مقابل ذلك، لم أنس أنكِ وافقتِ على تمثيل زوجتي أو أنكِ وافقتِ على زواجنا دون وجود أهلك أو حفل زفاف أعلم أني حرمتك من كل حقوقك وأنكِ ضحيت من أجلي لذا أنا مدين لكِ بالكثير"
قالت "لا وليد، لست مدين لي بشيء أنا فعلت كل ذلك من أجلك ولم أفكر يوماً بأي مقابل، أنا فقط أريدك أنت، وجودك حنانك صدرك هذا الذي أخفي نفسي به من العالم، وأنا معك أشعر بالراحة والأمان ولا أريد أكثر من ذلك"
ابتسم وأبعدها برفق وقال "أعلم لذا لم أسألك عن رأيك وانتقيت أنا ما يليق بكِ حبيبتي"
قبلته بوجنته وقالت "شكراً حبيبي"
ابتسم وقال "حسنا ابتعدي عني الآن فهذا القرب خطر وإلا لن نعود لعملنا وسنظل طوال اليوم بالفراش"
ضحكت بدلال وقد أعاد لها نفسها وراحتها وتحركت معه إلى الخارج حيث انطلق كلاً منهم إلى عمله باهتمام.
بالطبع تناسى الجميع أمر الحريق وأغلق التحقيق نتيجة معارف وليد الذين أمروا بذلك ولم يتحدث أحد بالأمر مرة أخرى وتابعت هي أمر الفندق الجديد معه ولم يتوقف الأمر على العمل فقط بل حضرت معه العديد من عشاء العمل أو حفلات لرجال أعمال تعرفت عليهم وبدت ثقتها تزداد وهي تتحرك بجواره وهي تثبت جدارتها أمام الجميع ومرت أيام كثيرة ربما لم تعد تعرف عددها وكأن العمل بالفندق لا ينتهي وعودتها إلى مصر أصبحت تختفى خلف ضباب زحمة العمل وسعادتها بحنان زوجها لها بما لا تفكر إلا في البقاء بجواره إلى نهاية العمر.
“أمل؟"
تحركت عيونها إلى الصوت فرأت أمجد يقف أمامها فاندهشت منه وهي تردد "أمجد؟"
ابتسم وهو يقترب منها دون اعتبار لمكانها بين العاملين بالفندق وقال "نعم كيف حالك؟ لقد اختفيتِ أنتِ ووليد ولم نجدكم ثم سافرنا نحن لبعض العمل وها أنا أعود من أجلك"
ضاقت عيونها وقالت "من أجلي أنا؟"
ابتسم بوقاحة وقال "نعم أنا فقط من يمكنه أن يقرأ نظرات العيون وعيونك أخبرتني بالكثير يا جميلة العيون"
غضبت من وقاحته الظاهرة وقالت "كفى أنا لا أسمح لك بتخطي حدودك معي ولا تنسى من أنا"
لم تذهب ابتسامته وهو يقول ببرود "لم أنس يا صغيرة، لم أنس أنك سكرتيرته الصغيرة التي تسللت إليه لتصبح زوجته فجأة ولكني أيضا لن أنسى أن سارة هي حبيبته الأولى والأخيرة ولن تتركه وهو أيضاً لن يتركها، أتعلمين أين زوجك الآن؟"
ضاقت عيونها ولم تبالي بدقات قلبها ولا بالخوف الذي عاد يسكن قلبها بينما أكمل أمجد "إنه معها بمزرعة والدها وليست هذه المرة الأولى فقط أنتِ من لا يشعر بخيانته لكِ يا.. صغيرة، فلا تدعين الإخلاص له ودعينا نمرح سوياً"
قالت بغضب "اخرس وابتعد من هنا أنا أشرف منك ومن كل من عرفت، اذهب من هنا الآن"
نظر إليها بتهكم وقال "حسنا كما تشائين سأذهب وأصدق أنكِ شريفة كما تدعين، ولكن زوجك لا، ليس بهذا الشرف وإذا أردتِ الذهاب والتأكد بنفسك يمكنني أن أقوم بتوصلك بنفسي وهو شرف لي بالطبع فكم تعجبني تلك العيون"
ولكنها لم تصدقه وقالت بغضب "ابتعد عني أنت كاذب وأنا لا أصدقك زوجي لا يمكن أن يفعل ذلك هيا ابتعد لا أريد رؤيتك، اذهب قبل أن أستدعي رجال الأمن"
ابتسم وقال "سأذهب الآن ولكن أنا متأكد من أنكِ ستطلبينني عن قريب هذا كارت به أرقامي ولن أتردد في المساعدة بكل سرور"
عندما لم تأخذ الكارت رفع يدها ووضعه بها ثم ابتعد بصمت وهي تتبعه بنظراتها والشك يملاء قلبها
قطعت الكارت وألقته بغضب واضح ثم أخرجت هاتفها واتصلت بزوجها، لم يجب من أول مرة فزاد شكها فأعادت الاتصال فأجاب بهدوء "حبيبتي هل هناك شيء؟"
قالت بضيق "لا حبيبي ولكن اشتقت لصوتك أين أنت؟"
صمت قليلا قبل أن يقول "بغداء عمل هل حدث شيء"
قالت بفارغ صبر "ولماذا لابد أن يحدث شيء كي اتصل بك؟ ثم أين ذلك الغداء؟ أنت لم تخبرني به، ومع من؟"
قال بهدوء "منذ متى وأنا أخبرك بخط سيري يا أمل؟ ماذا بكِ؟ تبدين على غير ما يرام هل حدث شيء؟"
حاولت أن تهدأ من نفسها وهي تقول "لا أبداً ظننت أننا سنتناول الغداء سويا ولم أعرف أنك رحلت عن الفندق"
صمت قليلا ثم قال "الأمر جاء فجأة، وأنتِ تديرين الأمور جيداً عندك، أم هل هناك جديد؟"
صمتت قليلاً ثم قالت "لا، ليس هناك جديد"
قال "تمام، أراكِ بالمساء سنتناول العشاء مع عمدة الولاية وزوجته، أريدك أجمل امرأة كما اعتدت حبيبتي"
قالت بهدوء "حاضر، سأفعل"
ما أن أغلقت الهاتف بغضب حتى عاد العمل إليها فتحركت مع الرجال ربما تعود إلى طبيعتها ولكن ما زال ذهنها مشغول بم سمم به ذلك الرجل ذهنها.
يتبع الفصل الحادي عشر اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية حب وتضحية" اضغط على اسم الرواية