رواية حب وتضحية الفصل الثالث عشر بقلم داليا السيد
رواية حب وتضحية الفصل الثالث عشر
ألم
مر وقت قبل أن تستعيد نفسها والطبيب مازال يحاول إفاقتها والممرضة تساعده إلى أن فتحت عيونها ونظرت إليهم فقال الرجل
“أنتِ بخير؟"
هزت رأسها فقال "منذ متى لم تتناولي أي طعام مدام؟"
قالت بضعف "لا أذكر، ماذا يحدث لي أنا لا أستطيع مقاومة الدوار"
رأت المحلول المعلق بجوارها ومتصل بذراعها والطبيب يعيد الكشف عليها ثم قال
"أعتقد أنكِ حامل مدام ولكن التحليل سيؤكد أو ينفي ظنوني"
اتسعت عيونها وهي تنظر إليه وتردد بصعوبة "حامل؟ أنا حامل؟ لا، ليس الآن يا رب، ليس الآن"
لم يرد الطبيب وقد انتهى من الكشف ودق الباب ودخل طبيب آخر فقال "دكتور ألبرت طبيب النسا بالمشفى تفضل"
بالطبع أكد الطبيب المعلومة وازداد انهيارها وإحساسها بالألم، كيف يمكن أن يأتي الحمل أثناء تلك الأحداث كلها؟ وهو هل سيتقبل ذلك أم يرفضه؟ وأمها كيف ستخبرها أنها حامل وهي أصلاً لم تعرف بزواجها الذي انتهى بالطلاق قبل أن يبدأ؟
تحجرت الدموع بعيونها وقد تكدست المصائب على رأسها وشعرت أنها لم تعد بالقوة التي كانت عليها لمواجهة كل ذلك.
نقلت إلى غرفة منفردة وتبعها جاك الذي قال “مدام كيف حالك الآن؟"
قالت" الحمد لله على كل شيء"
ولم تتحدث أكثر من ذلك وإنما سرى المهدئ بجسدها فنامت إلى الصباح
دق الباب فاعتدلت وهي تستيقظ لترى الطبيب يدخل ويقول "كيف حالك اليوم مدام كامل؟"
قالت "أفضل كثيراً، كيف حال وليد؟"
جلس أمامها وقال "لم يفق بعد نحن نمده بمسكنات قويه تبقيه فاقد للوعي لأنه لو أفاق فلن يتحمل الألم"
هزت رأسها بحزن واعتدلت جالسة وقالت "ماذا فعلت بموضوع النظر وما رأيك بالأمر؟ ألن يستطيع الإبصار نهائيا؟"
قال "أنا لست طبيب عيون لذا أخبرتك أني طلبت بعض الأخصائيين، ولكن أظن أن هناك جراحة يمكن إجرائها لعلاج مثل تلك الحالة، بالطبع الأمر يحتاج لرأي الأطباء كما وأني أعتقد أن الأمل بتلك الجراحة قد لا يتعدى خمسين بالمائة ولن تكون الآن، ربما بعد أسبوعين أو أكثر فهذا قرار الأطباء وقرارك"
أسندت رأسها إلى يديها وهي تحاول أن تستوعب الأمر الآن بعقلها لا بعاطفتها، تُرى ماذا يمكنها أن تفعل؟ هل يمكنها أن تتحمل كل ذلك؟ ما حدث لها وبينهم وما حدث له؟ هل يمكن أن تستوعب فكرة أنه لن يستطيع أن يرى مرة أخرى؟
سمعت الطبيب يكمل "أعلم أن الأمر ليس بالسهل، ولكن لابد أن أحصل على قرارك قبل كل شيء، لو قرر الأطباء إجراء الجراحة فهل سنجريها أم لا؟"
نظرت إليه وقالت برجاء أخير "أليس هناك حل آخر سوى الجراحة؟"
قال بثقة "للأسف ليس لدينا حل آخر ولكن هذا رأي أنا ومازال هناك رأي الأطباء المختصين عندما يصلون"
قالت "وماذا عنه؟ لو أفاق؟ كيف سأخبره بالأمر؟"
قال "في النهاية لابد أن يعلم مدام، لا يفر أحد من مصيره"
هزت رأسها وهى تعلم أنه على حق وأن وليد لابد أن يعلم سواء منها أو من سواها فقالت "إذن سننتظر حتى نسمع رأى الأطباء"
هز الرجل كتفية ولم يرد وقبل أن يذهب نادته فالتفت إليها فقالت "من فضلك لا أريد لأحد أن يعرف بأمر الحمل ليس الآن على الأقل"
ظل ينظر إليها قبل أن يهز رأسه بصمت ويخرج
استعادت نفسها وعادت إلى الخارج حيث غرفة العناية وما أن وصلت حتى رأت جاك يتقدم إليها حتى وقف أمامها وقال "كيف حالك اليوم مدام؟"
أبعدت عيونها وقال "بخير جاك أنا بخير لكن هو لا"
تأملها وقال بقلق واضح "ماذا أصابه مدام من فضلك أخبريني الأطباء ترفض إخباري بأي شيء"
نظرت إليه بألم وحزن وقالت "وليد أصيب في رأسه إصابة بالغة أثرت على عصب الإبصار لديه، وليد لن يرى إلا إذا أجريت له جراحة نسبة النجاح فيها لا تتعدى الخمسين بالمائة يا جاك"
جلس الرجل بجانبها ولم يرد وقد هاله الأمر الذي أصبح أكبر من قدرة أي أحد على تحمله خاصة هي
في المساء أحضر لها جاك قهوة لأنها بالطبع بدت متعبة ولم تتحرك من مكانها وقد أصابها الأمر كله بألم جسماني أثقل حركتها.
نظر جاك إليها وقال "أنتِ بحاجة للراحة مدام"
قالت بحزن "وهل يمكنني أن أرتاح بدون وليد؟ وأين الراحة وأنا أعلم مصيره ومصيري"
قال جاك "مصيرك؟ ماذا تعنين مدام كلنا نعلم أنكِ زوجة رائعة وناجحة وأنا متأكد أن مستر وليد يعلم ذلك"
نظرت إليه وهى تتألم كلما تذكرت ما حدث لها من سارة وذلك الكلب أمجد ولكنها لم ترد لحظات ثم قالت "جاك لابد أن تذهب أنت لمتابعة العمل، لابد أن يكون أحد موجود موريس لن يؤدي المهمة وحده"
تردد وقال "ولكن كيف أتركك وحدك؟"
قالت "لست كذلك المشفى به خدمة رائعة ونحن ندفع الكثير بالمقابل، هيا أذهب أنا بخير فلا تقلق، اذهب ولا تنسى أن تبلغني بالأحداث"
هز الرجل رأسه ثم قام ورحل
على نهاية اليوم وصل الطبيب إليها وقال "لقد وصل الاطباء وسيبدؤون في فحصه"
قالت بأمل "وكيف هو الآن؟"
قال "بدأ يستعيد نفسه ولكن ما زال لا يعلم شيء عن عيونه"
قالت بتردد "هل يمكن أن أراه الآن؟"
نظر إليها وقال "نعم أمامنا ربع ساعة تفضلي"
دق قلبها وهي تتحرك إلى الداخل وهي تتساءل، تُرى كيف سيقابلها بعد ما كان؟ دخلت في هدوء إلى نفس المكان وقد كان كما رأته من قبل. اقتربت من الفراش وقد تأملت الضمادات التى على عيونه، ما زالت موجودة والجبائر التي تحيطه.
رأت يده تتحرك فاقتربت منه وقالت بصوت لا يكاد يخرج من جوفها "وليد"
اتجهت رأسه إليها وقال بصوت غاضب "ماذا تفعلين هنا أخرجي لا أريد أن أسمع صوتك"
ثم أبعد رأسه إلى الجانب الآخر، كانت تعلم أنه سيفعل أكثر من ذلك ومع ذلك اقتربت وأمسكت يده وقالت "وليد أرجوك اسمعني"
سحب يده بقوه وقال "أنا لا أريد أن أسمع شيء أخبرتك أن تذهبي ولو استطعت لنهضت وقتلتك، كان يجب أن أفعل بتلك الليلة"
عادت الدموع إليها وهمست بضعف "ولكن وليد أنت تظلمني، أنت تعلم أنني لا يمكن أن أفعل ذلك"
تحركت رأسه تجاهها وقال بنفس الغضب "ولكني رأيت بعيوني ولم يخبرني أحد ليتني لم أعرفك اذهبي قبل أن أنهض وأدمر هذا المكان عليكِ ولن أرحمك"
زادت دموعها وملاء الحزن واليأس قلبها وقالت "لا تفعل أرجوك لا تفعل لا تدمر ما بيننا"
قال "لم يعد بيننا شيء أنا طلقتك ولا أريد أن أراكِ ولا أطيق أن أسمع حتى صوتك، اخرجي الآن أيتها الخائنة أنا أكرهك، أكرهك"
تراجعت والدموع تسيل على وجنتيها وقالت "أنت تظلمني يا وليد أقسم أني بريئة، لابد أن تصدقني أنت تعرفني جيدا"
تغيرت نبرة صوته وهو يقول "كنت أظن أني أعرفك جيداً ولكن يبدو أن لديك قدرة فائقة على الغش والخداع والتمثيل كيف فاتني أنك مثلت دور الزوجة بنجاح؟ ولكن لا يهم لقد انتهت التمثيلية ولم يعد لكِ مكان بها هل تفهمي؟ اخرجي لا أريدك هنا أو بحياتي اخرجي"
زاد تراجعها من حدة كلماته وقد أصابها الخوف وأسرعت إلى الخارج وهي لا تعرف ماذا يمكنها أن تفعل لتستعيد حياتها التي ضاعت منها للأبد
عادت إلى الخارج في حالة يرثى لها وحاولت أن تستعيد نفسها وما هي لحظات حتى رأت الأطباء يتجهون إلى العناية فلم تحاول أن تسأل لأن حالتها لا تسمح لها بأن تفعل ..
رن هاتفها فأعادها إلى عالم آخر عالم العمل فأجابت لتستعيد بعض السكون وقبل أن تنتهي كانت أمها تهاتفها كتمت دموعها وهي تجيبها وتخبرها بما أصاب زوجها ثم طلبت منها أن تدعو له بالشفاء.
وأخيراً عادت لترى الأطباء يخرجون من العناية ورأت المدير يتجه إليها وقال "تفضلي معي مدام كامل"
دخلت معه الى مكتبه جلس وجلست أمامه فقال "لقد قرر الأطباء أنه لابد من إجراء الجراحة والأمل لديهم أكبر مما توقعت"
شعرت بسعادة وقالت "إذن لابد من إجراء الجراحة"
قال "أولا لابد أن ننتظر عشرة أيام لأسباب طبية، ثانيا الأستاذ وليد نفسه"
نظرت إليه وهي لا تفهم فقالت "ماذا به؟"
قال "بالطبع لم يكن الأمر سهل عليه عندما علم بأنه لا يرى وعندما أخبرناه بالجراحة رفض تماماً وأخبرنا أنه لا يريد أن يرى مرة أخرى"
أسندت رأسها إلى يدها وقالت "يا إلهي أنا لا أعرف ماذا أفعل؟"
اتجه الطبيب إليها وجلس امامها وقال "ماذا يحدث مدام ألا يمكنكِ إقناعه؟"
نظرت إلى الطبيب ولم تجد كلمات تجيبه بها ولكنها بالنهاية قالت "ربما لا، وليد صعب المراس ولا يمكن تغيير أفكاره بسهولة حتى ولو كنت أنا من سيفعل؟"
تراجع الطبيب دون أن يجادل ولكنه عاد وقال "إذن ليس هناك سوى حل واحد ولكن بحاجة لقرارك"
نظرت إليه بعيون الأمل وقالت "ما هو؟"
حدق بها لحظة ثم قال " أن نجري له الجراحة دون أن يعلم"
تراجعت في مقعدها وقالت وهي تفكر بكلماته ثم قالت "ولكن كيف؟ وليد لن يمرر الأمر بسلام وأنا أخشى من رد فعله"
نهض الطبيب وابتعد ثم قال "أنا والأطباء متأكدين من نجاح العملية ومصرون على إجراءها وواجبي تجاه المريض أن أفعل ما في صالحه لذا أنا على استعداد أن يقوم الأطباء بإجراء الجراحة على مسئوليتي الشخصية"
نظرت إليه بحيرة وقالت "ولكن أنا لا أعلم دعني أفكر، الأمر ليس بسهل"
هز رأسه وقال "نعم أعلم، حسنا يمكنكِ التفكير فما زال أمامنا وقت ويمكنك التحدث أيضاً إلى الأطباء إنهم ما زالوا هنا"
هزت رأسها وقامت وهي تقول "نعم دعني أتحدث معهم"
انتهت مع الأطباء إلى نفس ما قاله مدير المشفى ومع ذلك لم تقرر خوفاً من رد فعله. عادت إلى الغرفة التي كانت بها وحاولت أن تنال أي قسط من النوم ولكنها لم تستطع، تلقت العديد من الاتصالات من العديد من رجال الأعمال للاطمئنان على وليد وفي اليوم التالي تم نقله إلى جناح خاص كما طلبت هي، كان هادئا بعد أن وضعوه في الفراش وحاولت هي أيضاً أن تبدو هادئة وقد ظنت أنه لم يشعر بوجودها ولكن ما أن خرج الجميع حتى قال
"ماذا تفعلين هنا؟ أخبرتك أني لا أريدك ولا أطيق وجودك؟"
نظرت إليه كانوا قد أزالوا الضمادات من على عيونه التى أصبحت خالية من أي تعبير ولكن ما زالت الكسور التي تلتف الجبائر حولها وبعض الجروح التي يقوم الطبيب بالتغيير عليها.
قالت بحزن "أنت تعلم أني لا يمكنني أن أتركك"
قال بغضب "ولكني لا أريدك، ألا تفهمين لا صفة لوجودك هنا، وجودك يثير كل الشياطين أمامي"
زاد شعورها بالألم ووضعت يدها على بطنها حيث تحمل ابنه أو ابنته وتمنت لو أخبرته ولكن خوفها أوقفها، قالت
"وليد أرجوك اسمعني، لابد أن تعرف الحقيقة"
قال بنفس الغضب "الحقيقة هي أني خُدعت عندما وثقت بكِ وجعلتك زوجتي، ماذا كان ينقصك؟ كنتِ تعلمين أنكِ لو طلبتِ النجوم كنت سأجلبها لكِ، لماذا؟"
اقتربت من فراشه والدموع تغشى رؤيتها والألم يمزق قلبها وقالت "أقسم أني بريئة أمجد حاول أكثر من مرة أن يجعلني أشك أن بينك وبين سارة علاقة ولكني رفضت أن أصدق، أخبرني أنك عندها بالمزرعة وطلب أن يأخذني إليكم وجعلني أشاهد فيديو لك ولسارة ومع ذلك لم أصدقه وما أن خرجت من الفندق حتى هجم علي أحدهم ودفعني بسيارة وعندما أفقت كان أمجد قد خدرني كي لا أتحرك وجردني من ملابسي لكن لم يحدث شيء صدقني يا وليد هذه هي الحقيقة"
لم يحرك رأسه ولا عيونه التي ماتت بها الحياة ثم قال "هل انتهت قصتك الرائعة؟ إذا كانت قد انتهت فيمكنكِ الذهاب لم أعد أريد أن أسمع أكثر من ذلك"
زادت الدموع وقالت "وليد لا يمكنني أن أذهب مكاني هنا بجوارك أنا زوجتك"
قال بحدة وغضب وقد تلون وجه بلون أحمر يدل على الغضب "لا، لستِ زوجتي أنا طلقتك ولا أريدك ولم يعد لكِ أي وجود بحياتي الخيانة ثمنها الموت عندي وأنتِ تعلمين أني لا أغفرها ولو أمكنني أن أنهض لقتلتك فأنا كان لابد أن أفعل وقتها لولا سارة، هي التي أبعدتني وقتها"
رفعت عيونها إليه وقالت "وقتها؟"
قال "نعم سارة أبعدتني وقالت أنكِ انتهيت وأرادت مني أن أذهب كي لا أدمر حياتي بسبب واحدة مثلك لا تستحق، كان لابد أن أسمع لها عندما أخبرتني أن أمثالك لا يعرفون إلا المال أما الحب فهو شيء لا قيمة له عندك"
أخفضت وجهها وهي تتألم من كلماته وربما تحاول أن توجد له أعذار، فهو رجل رأى امرأته عارية بين أحضان رجل آخر، ابتعدت وهي تقول
"سارة على حق أنا لا أستحق رجل مثلك"
أجابها الصمت لحظة قبل أن يقول "إذن لا داعِ لوجودك هنا"
توقفت دون أن تنظر إليه وقالت "سأرحل ولكن ليس الآن اسمك وسمعتك لن تتحمل، الميديا كلها تتحدث عن الحادث ولو لم أتواجد هنا ستثير الشكوك حولك وإذا كنت ما زلت تذكر هناك فندق على وشك الافتتاح، سأظل أمام الجميع زوجتك إلى أن تنهض وتعود ووقتها أعدك ألا تراني"
ابتسم بسخرية وقال "أراكِ؟ هل تسخرين مني؟ أم أن ما أصابني جعلك تظنين أني ضعيف وبحاجة إلى أحد؟ أنا لا أريدك أخرجي ولا تجعليني أسمع صوتك مرة أخرى ولا داع لتمثيل دور الضحية لأني لا أصدق"
التفتت إليه والحزن يمزق كيانها فقالت "حاضر يا وليد سأفعل ما تريد لكن أرجوك دعني هنا حتى تخرج من المشفى وقتها أعدك أنك لن تسمع حتى أنفاسي"
طال الصمت بينهم إلى أن دق الباب ودخلت تلك المرأة والتي تعلم أمل أنها كانت سبباً في تدمير حياتها
تحركت سارة إلى الداخل واتجهت إلى وليد وهى تقول "وليد حبيبي يا إلهي هل أنت بخير؟ أخبرتك ألا تذهب خلفه ولكن غضبك أعماك"
بالطبع لم ينظر إليها وقال "كان لابد أن أقتله وأقتلها"
نظرت سارة إليها بنظرات الانتصار وقالت "وتضيع نفسك بسبب خونة لا يستحقون حبيبي"
ظلت أمل تنظر إليها بغضب وقالت بحقد واضح "أنتِ السبب، أنت من دبر كل ذلك"
تراجعت سارة وقالت "أنا؟ والآن تريدين إلقاء جريمتك علي أيتها الخائنة"
زاد غضب أمل وهي تقترب منها وتقول "أيتها الوقحة أنتِ منذ البداية من أراد أن يبعدني عنه وأخبرتني أنكِ لن تتركين أمواله وأملاكه و"
صوت وليد الغاصب أوقفها وقال "كفى أنا لا أريد أن أسمع صوتك هنا اخرجي الآن اخرجي"
زادت دموعها وهي ترى الرجل الذي أحبته ومنحته نفسها وثقتها يتخلى عنها ويردها ويهينها أمام تلك المرأة، تحركت إلى الخارج دون أن تجد أي كلمات يمكن أن تخرج من بين شفتيها
ما أن خرجت حتى تركت الدموع تنهمر دون توقف وقد زرفت منها الكثير هنا، هي تعلم أن وجودها هنا أصبح مستحيل فهو يرفضها وهي تعلم أنه على حق لن يصدقها وإنما يصدق ما رأته عيونه وسارة تدق الحديد وهو ساخن وتنفخ في النار لتزيد من وهجها.
خرجت المرأة ولم تتحدث وهي ترمق أمل بنظرات غير مفهومة وابتعدت بصمت، كادت تذهب هي الأخرى لتختفي من حياته ولكنها رأت بعض رجال الأعمال يتقدمون منها لزيارته والاطمئنان عليه، فمسحت دموعها ورفعت وجهها للقائهم ثم دعتهم للدخول ولم يعترض عندما سمع صوت الرجال
استمر الأمر طوال الوقت واستسلم هو لوجودها وهي لم تجد فرصة لتركه أو الذهاب وخلال كل ذلك لم تنال أي قسط من الراحة لمدة الأيام الثالثة التالية ورغم تعليمات الطبيب لها بالراحة من أجل الحمل إلا أنها لم تسمع فقد نست ذلك وربما تمنت لو تخلصت منه فهي لا تعرف كيف ستعود إلى أمها وتخبرها أنها تزوجت وحملت وطلقت؟
انتظرت أن تعود سارة لرؤيته مرة أخرى وبالطبع فعلت وقد كانت تخرج بمجرد أن تدخل لن تسمح له أن يهينها أمامها مرة أخرى.
توقف الحديث بينه وبينها فلم يتحدث إليها وهي لم تحاول أن تفعل إلا عندما كان يحضر جاك أو أحد لزيارته حتى لا يشعر أحد بشيء
مضت عدة أيام لم تعد تعرف عددها ورفض الأطباء خروجه من المشفى ولم تعترض من أجله، دق الباب ودخل جاك كانت تودع أحد الرجال عندما دخل جاك وحيا الرجل ثم عادت إلى جاك الذي ما أن نظر إليها حتى قال
"مدام تبدين مرهقة جداً بالتأكيد لا تنالين قسط وافر من الراحة يمكنكِ الذهاب الآن وأنا سأبقى معه وإلا ستفقدين وعيك كما حدث من قبل"
بالفعل بدا عليها الإرهاق فقد كانت عيناها متأثرة من البكاء المستمر والسهر بجانبه طوال الليل رغم أنه لم يكن يرحب بوجودها وإنما كان يسمعها ما يؤلم ويجرح كلما سمحت له فرصة، ولكنها أبدت الصمت تجاهه، أما بالنهار فكانت تظل في استقبال الزيارات أو تساعده في كل ما يخصه رغماً عنه بحجة أنها لابد وأن تحافظ على سمعته للنهاية.
لم يعلق على كلمات جاك ولكنها قالت "سأفعل ولكن ليس الآن لا تقلق بشأني جاك أنا بخير"
تقدم جاك منه وقال "هناك بعض الأمور لابد من عرضها عليك مستر وليد خاصة موعد الافتتاح لقد اقترب ولابد من تعليماتك النهائية"
ظل صامتاً لحظة قبل أن يقول "ليست هناك أي تعليمات عليك بإلغاء الافتتاح حتى أعود"
تبادلت النظرات مع جاك ثم قالت "لا يمكن التأجيل أنت تعلم أن علينا اتفاقيات وشروط جزائية، وأفواج قادمة بمواعيد ثابتة وسنخسر الكثير، هذا غير الإضرار بسمعة الفندق قبل أن يبدأ عمله"
قال بحده "لست بحاجة لأن أعرف كل ذلك ولكن أوامري تنفذ لن يكون هناك أي افتتاح"
لم ترد وهى تنظر إلى جاك الذى لزم الصمت هو الآخر
أصر على رحيلها بذلك اليوم، وأخبرها بغضب ألا تعود مرة أخرى فهو ليس بحاجة إليها ولم يعد يطيق وجودها وما زاد الأمر سوء هو تواجد سارة وقد تعمد أن يعامل سارة برقة ولطف مما أوجعها بشدة
عندما عادت إلى الفندق مع جاك اجتمعت معه بالمكتب فقال "ماذا سنفعل مدام؟ هل نلغي الافتتاح بالفعل سنخسر الكثير وموريس ليس متعاون معي نهائيا؟"
قالت بإصرار "لا، لن نلغي أي شيء سنكمل الأمر ومن الغد سأكون هناك وأنت معي ولن نؤجل أي شيء سنضعه أمام الأمر الواقع، أنا لن أقبل أن يخسر وليد سمعته لأي سبب من الأسباب"
ابتسم جاك وقال بحماس "هذا هو العمل أنتِ امرأة رائعة مدام وأنا سعيد لأنني سأعمل معكِ"
نظرت إلى الرجل وقالت "وأنا سعيدة أنني وجدت إنسان يمكن أن أثق به"
رن هاتفها برقم لا تعرفه فأجابت كان صوته هو الذي أجاب، انتفض جسدها ووقفت بدون سبب عندما قال
"اسمعي; سارة ستأتي وستكون هي المسؤولة عن متابعة الفندق الجديد أثناء غيابي وعليكِ أن تفعلي ما تأمركِ به"
سقطت مرة أخرى على المقعد وقد سقط معها ما تبقى من قوة تحمل وجف حلقها واحتجت الكلمات بالحنجرة لا تدري ماذا تقول وجفت الدموع
“ أين ذهبتِ؟ أنا أتحدث إليكِ"
سقط الهاتف من يدها ولكن جاك كان يراقبها فأسرع يلتقط الهاتف من يدها وأجاب، لحظة صمت مرت قبل أن يقول
“ولكن يا مستر وليد.."
صمت مرة أخرى قبل أن يقول "حاضر، سأفعل، لا لن أتراجع سيدي"
لم تنظر إلى جاك وهي تحاول أن تفكر بما يفعله بها، إنه يرد الإهانة، لا بل يعيدها إلى مكانها الحقيقي سكرتيرة، نعم هي مجرد سكرتيرة دخلت حياته فجرحته وتركته ينزف والطير المجروح يلوح بجناحه دون اعتبار لمَ يجرح بطريقه حتى ولو كان أقرب المقربين إليه، وها هو يثبت أنه لم يحبها بيوم وإنما سارة تفوز
اقترب جاك منها وقال بشفقة واضحة "ما الذي حدث مدام؟ هناك شيء غير صحيح ولابد أن أعرفه، مستر وليد ليس كما عرفته ولا يمكن أن يفعل ذلك بزوجته من فضلك مدام اشرحي لي ما يحدث"
لم تنظر إليه وقالت "ليس هناك شيء خطأ وليد صاحب كل شيء ولابد أن ننفذ ما يريد"
حدق بها جاك وكاد يعترض لولا أنها نهضت بقوة لا تعلم من أين أتت وقالت "لكن اسمع يا جاك أنا لا أثق بتلك المرأة لذا لابد أن تراقب تلك المرأة جيداً لا أريد أن تقع أي أوراق تحت يدها دون أن تراها أنت أو أنا، جاك سارة تخطط لشيء كبير وعلينا أن نحترس منها"
اقترب جاك منها وقال "تلك الليلة، ليلة الحادث أعادكِ ذلك الرجل إلى هنا قبل أن نعرف بحادث مستر وليد وقتها لم تكوني بوعيك وقيل أنكِ كنتِ متعبة من العمل فماذا حدث بذلك اليوم مدام؟"
نظرت إليه بقوة وشعرت بالذكريات تندفع إليها بقوة ارتجف لها جسدها إلى أن قالت "ما حدث بذلك اليوم لا يمكن أن يخرج من طي الماضي لأنه لو خرج سيدمر وليد وكل ما يملكه من سمعة وأملاك ونجاح وأنا سأحارب أي شيء يمكن أن يمسه بأي ضرر"
تأملها لحظة قبل أن يقول "أنتِ تحاربين من أجله وهو يحارب ضدك"
ابتعدت من أمامه ولكنه قال بإصرار "كما تشائين مدام، ولكن أنا معكِ ولست ضدك، أعلم أنكِ هنا وحيدة ولكن أعلم أيضا أنكِ قوية وهو ما يعجبني فقط أريدك أن تعرفي أني أيضا أحب وليد بنفس مقدار حبك له فأنا أعمل معه منذ أكثر من عشر سنوات أعتبره كابني لذا لن أشاهد أحدهم يدمر حياته وأقف مكتوف الأيدي، فقط أخبريني ماذا حدث؟ وكيف يمكننا إنقاذ ذلك الفتى من تلك المرأة"
لم ترد، فهي لم تعتاد أن تكون ضعيفة ولكن اليوم وليد هزمها وأصابها بجرح عميق ينزف بقوة ويضعف قواها والوحدة تزيد من نزيفها، شعرت بيد الرجل على كتفها وهو يقول
“هيا يا ابنتي أخبريني بذلك الهم الثقيل الذي يحمله صدرك وأعدك أن أساعدك"
التفتت إليه ونظرت إليه بثبات وقالت "حقاً أنا الآن أشعر براحة كبيرة من كلماتك فقد كنت بحاجة إليها، لكن لا تقلق ليس هناك شيء، فقط أحتاج إليك لحماية وليد من تلك المرأة فهي لا تريد إلا أملاكه وأمواله"
ابتسم الرجل وقال "أعلم يا ابنتي، العمر لا يمضي بدون فائدة فهو يكسبنا خبرة تجعلنا نجيد التعرف على من نقابل وأنا رأيت بعيونها ما تتحدثين عنه الآن لذا دعيني أعرض عليكِ كيفية حصار تلك المرأة بم لا يسمح لها بالإضرار بأي شيء ولكن هذا يحتاج منكِ مجهود وتركيز"
ابتسمت وقالت "هذا أسهل ما في الأمر، جربني وستجد نتيجة تذهلك"
كانت خطة جاك محكمة وحاول هو وهي تنفيذها بمنتهى الدقة بحيث أوهمها الاثنان أنها تدير كل شيء ولكن بالأساس هي وجاك من كان يتحكم بكل شيء كما كان يسجل لها ويراقبها برجاله.
لم تتوقف هي عن زيارته رغما عنه ولكن جفافه معها وكلماته المهينة والمؤلمة جعلها تتراجع وتخفف من تواجدها، أخبرها الطبيب باقتراب موعد الجراحة لأن حالته الصحية تقدمت كثيراً، أما سارة فقد كانت تتعمد إحراجها وإهانتها أمام الجميع ولكنها كانت تتقبل الأمر من أجل أن ينتهي الاحتفال على خير
“مدام أريدك الآن"
نظرت إلى جاك، الذي بدت ملامحه تنم عن القلق فتحركت معه إلى مكتبه بالفندق بعدما عادت من المشفى
“ ماذا هناك جاك؟ تبدو غير طبيعي"
قذف بملف على المكتب وقال "عثر رجالي على تلك الأوراق بغرفتها بعد أن قاموا بتفتيشها كما طلبتِ فانظري ماذا به"
اقتربت ببطء ثم أمسكتها وقلبت الأوراق وقد أدركت الأمر، أغلقت الملف وقالت "كنت أعلم جاك وقد أخبرتك"
قال بضيق" كيف يفعل ذلك مدام؟"
جلست وقد أصبح الحمل أكثر تعباً بأعراضه التي لا تنتهي حاولت أن تستعيد نفسها من الدوار إلى أن هدأت وقالت
“لا تفهمه خطأ مهما فعل فلديه أعذار"
تحرك تجاهها وقال "أعذار؟ أي عذر هذا الذي يجعله يمنحها توكيل خاص بالأموال وإدارة الأعمال وزوجته موجودة؟"
يتبع الفصل الرابع عشر اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية حب وتضحية" اضغط على اسم الرواية