رواية عهد الحب الفصل السابع والعشرون بقلم نور بشير
رواية عهد الحب الفصل السابع والعشرون
فى صباح اليوم التالي ، فى شركة الأسيوطى و تحديداً بداخل غرفة مكتب مراد القابع بداخله ، يمكث مراد شارد الذهن حزين
يفكر كيف له أن يتعامل مع أميرة ؟
لا يعلم لماذا لا تثق به ؟
و لماذا تصر على دمار تلك الحب ؟
لماذا لم تتعامل مع مشاكلهم بطريقة لينة هينة بحيث يستطيع كلاهما المرور من أى صدام يخلق بينهم دون ترك أثر ؟
لماذا تصر على تركه ، لماذا و لماذا و لماذا .... ؟
فاق من شروده هذا على صوت طرق الباب ، فأذن للطارق بالدخول
و لم يكن الطارق سوى المساعدة الخاصة به ، تخبره بوجود زوجته بالخارج ، فأذن لها مراد بالدخول ، و فى غصون ثوان كانت قد دلفت أميرة إلى الداخل مغلقه الباب خلفها ، فنظر لها مراد بثقوب دون أن يتحرك أو حتى يرحب بيها ، و هتف بضيق: خير
فنظرت له أميرة بأرتباك و نطقت و هى تفرك أناملها ببعضها من فرط توترها: مراد أنا أسفة ، أنا عارفة أنى زودتها معاك أوى المرة دى ، و أكملت بنبرة مستعطفة؛ بس والله ده من حبى فيك و غيرتى عليك ، والله يا مراد أنا لما بغير الموضوع بيخرج عن سيطرتى و مش بعرف أنا بعمل إيه
فردد مراد بسخرية: أميرة هانم بنفسها جاية لحد عندى تعتذرى ، و أكمل بعدم تصديق؛ مش معقول ، هو إيه اللى حصل فى الدنيا
فنظرت له أميرة مستعطفة إياه: أنا عارفة أنى غلطت فى حقك كتير أوى يا مراد ، و عارفة كمان أنك أستحملتنى كتير ، و مفيش راجل يقبل أن الست اللى معاه تكون مجنونة و دماغها طقه زى ، بس أنا جاية لحد عندك بعتذرلك يا مراد ، و بوعدك أنى هتغير ، و هعمل كل اللى تقولى عليه
أبتسم مراد فى سخرية و هتف بحزن: اتأخرتى ، اتأخرتى أوى يا أميرة ، كلامك ده لو كنتى قولتيه من زمان و أعترفتى بي عمرنا ما كنا وصلنا للى أحنا فى دلوقتى ، بس أنتى دايما غرورك و كبريائك كان مانعك من الأعتراف بده ، أنتى دمرتى علاقتنا و موتيها ببطء ، بس أنا مش هالومك على ده لوحدك ، لأن أنا كمان طرف فى ، أنا كمان كان لازم يكون ليا موقف من زمان ، بس أنا كنت بتساهل معاكى كتير أوى بأسم الحب ، ثم هز رأسه فى يأس و حزن شديد؛ أنا كنت زوج فاشل معاكى يا أميرة ، و فشلت أن أخلى فى ثقة بينا ، أنا بعترف بده ، فأدار ظهره لها ، ثم مسح دمعة هاربة من عينيه سريعًا قبل أن تلاحظها زوجته و تابع بنبرة مختنقه: أنا أسف يا أميرة ، أسف أنى مكنتش ليكى فى يوم من الأيام الزوج المناسب اللى بتتمنيه ، ثم ألتفت لها و أكمل بحزن؛ تقدرى ترجعى بيتك أنتى و الولاد فى أى وقت و ورقتك هتوصلك قريب أوى
فصرخت أميرة فى وجهه ثم وضعت يديها على شفتيه بحركة سريعة تمنعه من تكمله حديثه مردفه بدموع و ألم: أسكت ، أسكت ، أرجوك متكملش ، متكملش يا مراد ثم أضافت بعدم تصديق؛ هو أنا كنت وحشة أوى للدرجة دى معاك ، للدرجة دى يا مراد مفيش أى حاجة تشفعلى عندك ، فأحاطت بيديها وجهه و هى لاتزال تزرف دموعها و تتحدث بنبرة متقطعة مختنقة من كثرة البكاء؛ أنا هموت يا مراد لو عشت لحظة واحدة من غيرك ، ثم هزت رأسها بعنف و أردفت بحب خالص؛ أنا بحبك يا مراد ، بحبك و بعتذرلك عن أى حاجة عملتها فى حقك بقصد أو دون قصد بس صدقنى مش هقدر أعيش من غيرك ، و أضافت بلهفة و هى تردد مسرعه؛ والله ، والله يا مراد هتغير و جربنى المرة دى بس أرجوك متنسبنيش وحيات ولادنا و الحب اللى بينا ماتسبنى
فنظر لها مراد بحنان ، فقلبه قد رق لمنظرها هذا فرفع يديه هو الآخر محيطا وجهها بين راحته قائلاً بصوتا رحيم و نبرة حانية: و أنا كمان بحبك ، و بحبك أوى يا أميرة ، و مش هقدر أتخيل حياتى و لو للحظة من غيرك بس حياتنا من غير ثقة مش هتنفع
فصاحت أميرة بلهفة و تلقائية مسرعه: صدقنى هثق فيك ، هثق فيك والله بس متسبنيش ، و واصلت بحماس؛ أنا هتغير يا مراد ، هتغير عشانك و عشان ولادنا و عشانى أنا كمان ، أنا لازم أتغير عشان حياتنا و أوعدك أن دى أخر مرة نتخانق و أسيب البيت و أكملت بتأكيد؛ أوعدك
فأقترب منها مراد ضامما إياها إلى أحضانه قائلاً بحب و نبرة حانية: و أنا هوعدك أنى هتغير أنا كمان ، و هحاول أهتم بيكى و بالولاد أكتر يمكن ده يقرب المسافات بينا و يجدد علاقتنا من تانى
فرددت أميرة بلهفة: و أنا كمان هحاول ، هحاول والله بس متسبنيش
فوضع مراد قبلة حانية أعلى جبهتها مرددا بحب: مقدرش أسيبك يا أميرة ، أنتى روحى اللى أنا عايش بيها ، و أكمل بنبرة حانية؛ بس أوعدينى أنك مش هتسيبى البيت تانى مهما حصل
فأومات أميرة برأسها عدة مرات و قالت بصدق: أوعدك أنى عمرى ما هسيب البيت تانى مهما حصل ، ثم أضافت بمرح؛ بس أنت اللى هتسيبه
فضحك مراد على ردها هذا ثم خبط بيديه بعضهم قائلاً بمرح هو الآخر: لا التغيير واضح بصراحة
فهتفت أميرة بحماس و هى تعاود أحتضانه من جديد: سيبلى نفسك أنت بس و أنا هبهرك
فشدد من أحتضانه لها مقبلا خصلاتها قبلة حانية متمتما بسعادة يشوبها بعض المرح: ربنا يستر عليا من جنانك يا أميرة
فى مكان أخر نادراً ما نصل إليه ، تجلس ميرا فى منزل غنيم ، تنتظر وصول ماجد على أحر من الجمر ، فهى قد وصلت لها للتو على هاتفها المحمول عبر تطبيق واتساب من رقم مجهول الهوية ، رسالة بها عدة صور لذلك المدعو ماجد و معه امرأة أخرى تشاركه أوضاع حميمية مختلفة ، فعلى ما يبدو أن هذا الماجد يخونها منذ زمن ، فالصور المرسلة لها مختلفة الأوضاع و المكان و التوقيت ، ظلت جالسه يخرج من عينيها نيران حارقة ، فهى بعد كل ذلك ، و كل ما فعلته من أجله يخونها ، يخونها بعد أن تركت والدتها و صغيرها و كل شئ لتبقى معه أو بالأصح لتبقى مع أمواله الطائلة ، لكن تخطيطها هذا ذهب سدى ، فها هو ماجد على وشك الإفلاس هو الآخر و فوق هذا كله يخونها
و مع من ... ؟
مع فتاة لا تعرف لها أصلاً ولا عنوان ....
تشعر بنيران بداخلها ، نيران تحرقها فى هذه اللحظة و تحرق كل من يقترب منها
و بعد مرور نصف ساعة بالتمام ، أستمعت إلى صوت سيارته بالخارج فهبت واقفة متجهه صوب الباب ، و ما أن دلف حتى صاحت ميرا بهيستيريا شديدة: بقا بتخونى أنا يا ماجد أنا ، بعد كل اللى عملته عشانك و مع مين مع واحدة شمال مش عارفين لها أصل ولا فصل ، تفضل الشورعجية دى عليا أنا
فنظر لها ماجد بسخرية و استطرد بأستهزاء: مرمر أنا راجع مصدع و مش فاضى ليكى و لا كلامك اللى يقرف ده عالصبح
فهتفت ميرا بصياح و صوتاً مرتفع: هقتلك يا ماجد ، هقتلك مش أنا اللى أتخان سامع
فقهقه ماجد بصوتا مرتفع ثم أردف من بين ضحكاته المستفزة هذه: تقتلينى مرة واحدة ، ثم أقترب منها رافعا ذقنها بأناملة قائلاً بنبرة محذرة مهددة بالوقت نفسه: أتكلمى على قدك يا شاطرة ، و خليكى فاكرة كويس أن أنا ماجد غنيم ، و أن أنا اللى عملتك ، و فى ثانية واحدة هنهيكى من على وش الدنيا ، ثم أبعدها بعنف بعيداً عنه و تحدث و هو يبتعد عنها قائلاً: خدى بالك أن بعديلك كتير أوى الفترة دى ، و أن غلطاتك بقت بتكتر و أنا كده هزعل و أنتى عارفة زعلى وحش أوى
فصاحت ميرا بعصبية و أنفعال شديد: هفضحك يا ماجد ، هفضحك و هقول للناس و الدنيا كلها أنك أنت كنت السبب فى حادثة عاصم ، و أنك أنت اللى كنت ورا إفلاس عيلة الأسيوطى ، ثم أضافت بغل واضح؛ هفضحك يا ماجد ، و هخلى اللى ما يشترى يتفرج عليك ، و ساعتها هفرح أوى و أنا شايفة حبل المشنقة بيتلف حوالين رقبتك ، و هخلص الدنيا بحالها من قرفك
فنظر لها ماجد بهدوء مميت ثم أخذ يقترب منها ببطء شديد و ما أن وصل قبالها حتى هوت يديه بعنف شديد أعلى وجنتها ، ثم قام بلف خصلاتها على يديه و هو لايزال يسدد لها لقمات عنيفة قائلاً بجبروت و نبرة قوية: مش ماجد غنيم اللى يتهدد يا ....... ، و ورينى هتفضحينى أزاى ، و لا مين أصلاً هيصدقك ، و متنسيش يا حلوة أنى لميتك من الشوارع زمان ، و لولايا أنا كان زمانك مرمية فى الشارع لكلاب السكك
فردت ميرا بتوجع و صريخ: ياريتك كنت سبتنى لكلاب السكك ، كان هيكونوا أرحم منك يا خاين ، ثم صددت له لكمة ضعيفة فى ذراعه قائله بتوجع؛ أنت أحقر بنى آدم شوفته فى حياتى
فرد ماجد فى عنف شديد: أنا حقير يا ...... ، أنا هوريكى الحقير ده هيعمل فيكى إيه
، ثم بدء فى تصديد لها العديد من اللكمات فى وجهها و بطنها و كل أنحاء جسدها ، و بمجرد ما أنتهى جذبها من خصلاتها جرا إياها إلى بوابة الڤيلا ، هاتفا بنبرة قوية ، صوتا أرعب كل الحراس: ال ...... متدخلهش هنا تانى ، و لو حد فيكم فكر أنه يساعدها بس يبقا كده بيلعب فى عداد عمره
ثم رمه بها على الأسفلت ، و دلف و أغلق الباب خلفه ، و أخرج هاتفه المحمول مجريا إتصالا بأحدهم قائلاً بنبرة أمره: نفذ دلوقتى اللى أتفقنا عليه ، ثم أغلق الخط مسرعا مبتسما بشر رافعا كأس الخمر إلى فمه متكرعا إياها على دفعة واحدة
و بعد مرور ساعة إتاه إتصال من نفس الرقم الذى هاتفه منذ قليل
الشخص قائلاً: أوامر حضرتك كلها أتنفذت بالحرف ، و بمجرد ما أستمع ماجد إلى هذه الجملة حتى أغلق الخط و هتف بنبرة مقززة فى محاولة منه لتصنع البكاء: هتوحشينى يا مرمر ، ثم عاد للشرب من جديد
و فى صباح اليوم التالى ، فى منزل الأسيوطى و تحديداً فى غرفة المعيشة ، يجلس الجميع يشاهد التلفاز و يحتسون الشاى و القهوة ، فالمشهد كذلك ، يجلس الجميع يشاهدون أحد المسلسلات بشغف كبير ، و تجلس عهد على الأريكة بجوار عاصم تتابع أحد الجرائد فى تركيز شديد ، ممسكه بيديها فنجان القهوة خاصتها ترتشف منه القليل أثناء تصفحها للجريدة ، الجميع مندمج فيما يفعل و لكنهم أنتبهوا جميعاً إلى عهد عندما سقطت من يديها الجريدة و أنسكب الفنجان علي الأرض فى صدومة واضحة على معالم وجهها ، فنطق عاصم فى زعر من هيئتها هذه: عهد أنتى كويسة ، مالك فى إيه
و هتفت سمية هى الأخرى بقلق شديد: حبيبتى مالك فى إيه ، شوفتى إيه ضايقك بالشكل ده
فجثت أمينة على ركبتيها ساحبه بيديها الجريدة من الأرض متصفحة إياها بأهتمام شديد فى محاولة منها لفهم ما يحدث لعهد الآن فهتفت بصدمة هى الأخرى و هى تضع يديها على فمها من فرط دهشتها: مش ممكن
فنزعت سمية من يديها الجريدة و قرءت ما بها بصوتا مسموع و عدم تصديق لما تنطق به: مصرع ميرا الصياد فى حادث سير مروع ، و بعد الفحص أكدت التقارير تعرضها للعنف الشديد و مازال البحث جاري حتى الآن لمعرفة سبب الحادث
فرمت سمية بالجريدة مردده فى صدمة هى الأخرى: ميرا ماتت
فأردف غريب بأسف: لا حول ولا قوة الا بالله ، ربنا يرحمها و يسامحها على اللى عملته
فنطق عاصم أخيراً بتساؤل و أستغراب: هو فى إيه فهمونى ، ميرا مين دى اللى ماتت و تقرب ليكم إيه
فأجابه عمر بحزن: ميرا مراتك يا عاصم ، و أم عز أبنك و أبن عهد
فلم يتأثر عاصم كثيرا بمعرفته لهذا الخبر و لكنه أدار بعيونه على الجميع يتأمل الصدمة البادية على ملامح وجههم فى ذهول
فلماذا هم حزنون إلى هذا الحد ؟
لماذا هم مصدمون كل هذا ؟
فهذا عقاب الله لها بعدما فعلت ما فعلته معهم و مع صغيرها
فاستطرد عاصم بتساؤل: أنا مش عارف أنتم متأثرين كده ليه ؟ ثم أضاف موضحاً؛ واحدة زى دى ميتزعلش عليها ، و ده جزائها على كل اللى عملته زمان ، على كلا ربنا يرحمها و يغفر لها ، بس أحنا لازم نرجع نعيش طبيعى تانى و منخليش الخبر ده يأثر علينا ، و بالنسبة لعز فعهد هى أمه الوحيدة و مالوش أم غيرها
فهمت سمية بالحديث إلا أن عاصم أوقفها بنبرة قوية لا تحمل النقاش: خلاص يا ماما من فضلك ، أنا مش هقبل كلام فى الموضوع ده تانى
فأطاعه الجميع ، و بالفعل لم يتحدث أحد قط فى هذا الموضوع ثانياً ، فأستئذنت عهد منهم ذاهبة إلى غرفتها النائم بها الصغير ( عز ) ، و ما أن دلفت إلى داخل الغرفة حتى سارت بأتجاه الفراش ، ناظرة إلى ملاكها الصغير النائم أعلاه ، و جلست بهدوء إلى جواره ، و سارت بيديها ملامسه بشرته و خصلاته بلمسات حانية ، ثم وضعت قبلة دافئة مليئة بحنان و فيض من الحب الأمومى الخالص فوق خصلاته و همست له بحب و نبرة حانية منخفضة مليئة بالدفء: أنا بحبك أوى يا روحى ، أنا عارفة أنك نايم دلوقتى و مش سامعنى ، بس أنا هقول الكلام ده دلوقتى ليك عشان عارفة أنى عمرى ما هقوله ليك و أنت سامعنى ، فأخذت نفسا عميقا و تابعت، أول يوم جت ميرا و سبتك لينا ، ساعتها كنت متأخده أوى ، أزاى هربى ولد مش أبنى ، أزاى هربى أبن الست اللى سرقت منى فرحتى و حبيب عمرى ، أزاى هقدر أحبك و أشوفك قدامى و أنا عارفة أنك أبنها هى مش أبنى أنا ، كان جوايا فى صراع كبير أوى بين أنك إبن الست اللى دمرت حياتى و بعدت حبيبى عنى و بين أنك حتة من حبيبى الغايب عنى ، أول ما سمية حطيتك فى حضنى و شميت ريحتك اللى معلقة فى دماغى لحد دلوقتى ، و ضحكتك اللى نورت وشك أول ما أخدتك فى حضنى و أنا نسيت أنت مين و أبن مين ، و مفتكرتش غير حاجة واحدة بس ، أنك إبنى أنا و أبن حبيبى ، و أكملت هى تسير بيديها على خصلاته بحنان و بدءت دموعها بالهطول؛ لسه فاكرة أول مرة حابيت فيها ، و أول مرة قولت فيها ماما ، أول سنة طلعتلك و أول خطوة مشيتها و أنت ماسك فى أيدى ، كل ده محفور فى قلبى قبل عقلى ، ثم أبتسمت بحب و حنان من بين دموعها؛ أنا عارفة أن مش دمى اللى ماشى فى عروقك ، بس أنا اللى ربيتك ، أنا اللى أديتك كل الحب اللى فى الدنيا ، زى ما أنت أدتنى الحياة ، فأومات برأسها عدة مرات و هتفت بحب ممزوج بأستغراب؛ تعرف أنك أكتر حد فى أخواتك واخد من طباعى ، حمقى كده و نرفوز بس بتحب اللى حواليك بجد و بتدى من قلبك لكل اللى بتحبهم ، ثم أضافت بحماس و نبرة دافئة؛ أوعدك أنى عمرى ما هخليك تحس بغيابها و أنى هفضل أحبك و هتفضل إبنى لآخر يوم فى عمرى ، فنظرت له بحب ثم رفعت يديه ملثمه إياها بقبله حانية ، و رفعت يديها بعد ذلك ماسحه دموعها و همت بالرحيل و إذا بها تسصتدم بعاصم الواقف أمامها ، فعلى ما يبدو أنه قد أستمع لكامل حديثها مع الصغير ، فوضعت عهد عيونها بالأرض ثم قالت بنبرة مرتبكة: عاصم أنت بتعمل إيه هنا ، و واقف كده من أمته
فأقترب منها عاصم محتضنا إياها هاتفا بصوتا منخفض و نبرة مليئة بالحب و العشق الخالص: واقف من ساعه ما بدءتى كلام مع سى عز ، و سمعت كل كلامك معاه ، فأبعدها عن أحضانه قليلا ثم وضع قبلة عميقة أعلى جبهتها مرددا بنبرة مليئة بالعرفان و الفخر: أن فخور بيكى أوى يا عهد ، و فخور أن ولادى عندهم أم حنينة و قلبها كبير زيك ، فعاد إياها إلى داخل أحضانه مجدداً مردفا بحب و تلذذ لكل حرف يتفوه به: بحبك
فأشتدت عهد من أحتضانه هى الأخرى و تابعت بنبرة عاشقة: و أنا بحبك أوى يا عاصم ، بحبك قد السنين اللى فاتت من عمرى و عمرك ، بحبك أكتر من أى حاجة و كل حاجة ، فأشتد عاصم من أحتضانه لها هو الآخر و قبل أعلى كتفها و تحدث بتمنى: ربنا يخليكى ليا يا عهدى و يقدرنى و أسعدك و أعوضك عن كل اللى فات
فتمتمت عهد بحب: و يخليك ليا يا حبيبى و لولادنا
و بعد مرور شهر .....
تقف عهد فى شرفتها تستمتع بهذا الحو الصيفى المشمس الجميل ، تشاهد صغارها و هم يلعبون و يلهون برفقه والدهم فى حديقة المنزل ، ظلت تتأملهم بحب ، و أعتزمت على النزول لهم و مشاركتهم اللعب أيضاً ، و ما أن ألتفتت للنزول لهم ، حتى لمحت أحدهم ملثم يصعد أعلى سور المنزل و بيده مسدس يصوبه بأتجاه عاصم تارة و بأتجاه الصغار تارة أخرى ، فصاحت عهد بهستيريا و صوتاً عال: عااااااااصم ، فرفع عاصم نظرة إليها و لكنه لم يجدها ، فهى قد دلفت إلى الداخل راكضة إلى الأسفل للحاق بهم ، و ما أن وصلت إلى الحديقة ، حتى هتفت بزعر: حاااااسب يا عاااااااصم
فنظر إليها عاصم مجدداً و لذعرها البادى عليها ، لا يفهم شيئاً ، و ما أن أقتربت منه عهد حتى سمع الجميع صوت طلقة مدوية جاء على أثرها كل من بالمنزل
و ها هى عهد تحتضن عاصم و بشدة ساقطين هما الأثنان على الأرض ، تحت ذهول و صدمة الجميع ، فلا أحد يعلم من الذى تلقى الرصاصة منهم .....
يتبع الفصل الثامن والعشرون اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :" رواية عهد الحب" اضغط على اسم الرواية