رواية ظل السحاب الفصل الثامن والعشرون بقلم آية حسن
رواية ظل السحاب الفصل الثامن والعشرون
لسة مقبضتوش ع معتز؟
وجه مراد الجالس على مقعد مكتبه، بسؤال لـ تميم صديقه، فيرد بينما مراد يبدأ بإشعال سيجارته
: المباحث بتدور عليه، ابن الإيه كإنه فص ملح وداب، دة غير إنه سرق الفلوس تمن المستندات، أنت متعرفش ممكن يبقى فين؟
سأل تميم ليجيب مراد وهو يستلقي للخلف
: كنت أعرف إن عنده شقة ف كومباوند، بس أعتقد المباحث فتشت هناك وملقتهوش .. وعمي عثمان كلمني بعد اللي حصل وبيعاتبني، وبيقوللي إن ماحدش هيقدر يقرب من ابنه ومش هيدخل السجن يوم واحد!
أعدل تميم من سترته وأردف ساخرًا
: والله عمك دة عجيب أوي، يعني ابنه غلطان وكمان بيستظرف! دة ربنا يكون في عونك من الهطل اللي عايش فيه دة .. وع فكرة لو ثبت انه يعرف مكانه ومخبي، أنا هبقض عليه مع ابنه؛ عشان يونسه ف السجن مش ليوم واحد بس لأ، 3 سنين!
قال مصرًا، ليرد مراد بعد تنهيدة
: مسيره يظهر
ليسمع طرق الباب وبعدها تدلف نانسي إلى المكتب مع ابتسامة مشرقة، فتهتف بنعومة
: ازيك يا مراد؟
: أهلاً يا آنسة نانسي
اكتفى مراد برد بسيط ورسمي، بينما تميم يتفحصها من منبت شعرها إلى أخمص قدميها بإعجاب شديد، لشدة جمالها الفتان .. لاحظ مراد شروده وهو يتطلع بها فحمحم بقوة حتى يلفت انتباهه، لكنه لم يكن بكامل تركيزه حتى يدرك حمحمة مراد،
ضرب مراد سطح المكتب بيده بقوة، ففزع اثرها تميم وسأل متعجبًا
: فيه إيه؟
ليتمتم من بين أسنانه حانقًا: أظن يا شامي باشا، انت اتأخرت ولازم تمشي!
فهم تميم تلميحات ونظرات مراد، وأن هذه الفتاة تقربه ويجب عليه إحترام ذلك، ناهيك على أنه لا يحبذ أن يتطلع أحدهم لأي فتاة مهما كانت بتلك النظرات المشمئزة!
حمحم ثم أردف وهو يغلق أزرار سترته: طيب أستأذن أنا عشان ورايا شغل مهم
سلم عليه وابتسم لـ نانسي بلطافة ثم غادر .. اقتربت نانسي وجلست أمامه، فتقول باستياء ودلال يثير قرف مراد..
: أنا بجد زعلانة منك يا رامو، كدة متتصلش بيا بنفسك وتقوللي إنك موافق إني أشتغل معاك
عقب على كلمتها: رامو؟
ردت بنبرة رقيقة: أه، بدلعك
امتعض وجهه باشمئزاز لدلالها المقزز، فقال وهو يحاول التمسك بهدوءه
: بصي يا نانسي، أيًا كان صلة القرابة بيني وبين أي حد من الموظفين، فهم بيتعاملوا معايا هنا برسمية، وأنا محبش حد يتعدى النقطة دي،
فانتي بنت عمي هناك ف البيت، لكن هنا أنا مديرك، وأتمنى تفهمي حاجة زي دي، وتقدري تفصلي ما بين الاتنين!.
رسمت ابتسامة مصطنعة على ثغرها وهي تردف بانصياع لأوامره الحمقاء
: طبعًا طبعًا يا مراد، أنا أصلاً ف الشغل ما بعرفش قريبي!
هز رأسه: كويس، ممكن تتفضلي تستني برة مع باقية زمايلك عشان نوزعكم ع الأقسام
أشار لها، لتدب بقدمها على الأرض ناهضة، ثم تسير متجهة للخارج وهي تصطك على فكيها اغتياظًا .. لمَ يعاملها بتلك الطريقة الجافة، حتى أنه لا يظهر في نبرته أو ملامحه أي ذروة أمل تجعلها تطمئن أنه سيدرك مشاعرها يومًا ما .. فاقت من شرودها على اصطدامها بأحد..
صاحت مزمجرة: مش تفتح؟
: لا مؤاخذة يا بنتي ماخدتش بالي!
هتف عز معتذرًا، لترمقه هي في برود ثم ذهبت من أمامه، تحرك عز متجهًا نحو مكتب مراد، وفي رأسه شيئًا يجب أن ينجز اليوم، طرق الباب عدة مرات قبل أن يدخل،
نهض مراد متفاجئًا به: انت؟
تحرك في خطوات متزنة ثم قال: أيوة يا مراد باشا، أنا... معلش هعطلك شوية
هناك غشاوة من الغموض تومض بعيني عز بقوة، لم يستطيع مراد أن يفهم سببها .. أشار إليه بالجلوس
: ولا يهمك، اتفضل
جلست الإثنان مقابل بعضهما فبدأ عز الدين التكلم
: طبعًا حضرتك متفاجئ وبتسأل نفسك أنا إيه اللي جابني! مش كدة؟
: والله أنا مكتبي مفتوح للجميع، بس دة ما يمنعش إني أعرف السبب!
قال واثقًا من كلماته المسردة بعملية، ثم هتف عز بسلاسة
: أنا هقولك السبب، مراد باشا انت شخص ذكي وبتعرف تشوف أبعاد الموضوع أو المشكلة اللي بتتحط فيها، ولولا مهاراتك العالية ماكنتش وصلت للي انت فيه، طبعاً هتفكرني اني بمدحك دلوقتي، وتقول هو بيقوللي الكلام دة ليه، خصوصاً بعد اللي حصل ف المستشفى،
بس الحقيقة دة مش مدح، بالعكس أنا بفكرك بس بصفاتك عشان لما أخلص كلامي تفهم أنا أقصد بيه إيه
عقد مراد حاجبيه محاولًا فهم مغزى كلامه الذي يلوح به إليه .. ليستطرد عز بقية حديثه بهدوء ورزانة
انت ضربت بنتي ع وشها بالقلم بدون أي وجه حق، ومن غير ذنب عملته، ظلمتها وجيت عليها من غير حتى ما تبحث ف المشكلة زي عادتك وتعرف إذا كانت مذنبة ولا لأ،
وانا متأكد إن طول الوقت بتعاملها وحش، بعد ما عرفت اني الشخص اللي ساب نيرة وبوظلها حياتها، ولما قولتلي انك مش عاوزها تاني عندك ف الشغل أنا منعتها، برغم انها عاندتني بعد ما كانت رافضة ف الأول تشتغل، بس أنا أصريت عليها كنوع من أنواع الإعتذار ليك بعد ما طولت لسانها من غير قصد،
وأكيد أنت فكرت إن دي خطة مني زي ما بينت ف كلامك قبل كدة...
حاول سحب أنفاس طويلة حتى يستطيع الإكمال، بينما مراد صامت ويتطلع إليه بتركيز، من غير أن يقاطعه..
: بس هي ونيرة كانوا اتعلقوا ببعض، ومقدرتش أمنعها تشوفها، بعدها بدأت تستفسر عن اللي حصل وخلاني أسيب نيرة ومتجوزهاش، طبعاً نيرة حكت لها اللي حصل يوم ما قررت أبعد، وأنا اكتفيت بكدة، عشان أبعدها من حرب أسئلة ملهاش إجابات، أو إجاباتها مدفونة جوايا من سنين،
أشبك مراد أنامله ببعض وهو يضعها فوق سطح المكتب مستمعمًا حديثه .. رفع عز رأسه ثم أردف بوجه حزين وبنبرة جهشانة
: استغربت بعدها انها بتيجي الشركة عشان تقابل نيرة، بس اللي استغربته أكتر إنك معترضتش على وجودها، ويا ريتني كنت فكرت كويس وفهمت انت بتعمل كدة ليه
كنت قولتلها ماتجيش الشركة تاني، أو ع الأقل حذرتها
لم يفهم مراد مقصده، ماذا يعني بـ «يفعل ذلك لأجل شيئًا» انتظر حتى يكمل ببكاء منكسر
: بس ما عرفتش إنك ناوي تنتقم مني فيها .. في الحتة اللي ربنا أدهالي هدية عشان أنسى بيها المرار اللي عشته
وعند تلك النقطة لم يتحمل مراد السكوت بل وقف معترضًا باندفاع
: انت بتقول إيه، وانتقام إيه اللي بتتكلم عنه؟
رفع عز جفنيه وهو يتطلع إليه بسخط
: كنت بتدس جواك الكره عشان تكسرها وتاخد حق نيرة منها هي، وبدأتها بضربها على خدها من غير رحمة، وظلمك ليها، وعشان تعرف تكمل ف اللي انت فيه بعت نيرة تبات معاها لما اتوفت أمي، وجيت أنت العزا عشان تبين قد ايه إنك ندمان ع اللي عملته معاها،
والحقيقة أنا كمان كنت فاكر كدة، بس شوفت حاجة خلتني أعيد تفكير في كل اللي حصل..
هتف مراد متهكمًا: شوفت إيه بقا؟
لينهض من مكانه قائلًا: إنك بتحاول تجري ورا بنتي وتضحك عليها بكلامك المعسول عشان تكمل انتقامك
: مسمحلكش...
صاح مراد بشراسة وهو يدافع عنها قبله: لولا إنك أبوها أنا كنت...
زم شفتيه بقوة محاولًا ألا يتهور معه بكلام سفيه، ليردف بهدوء
: أنا مقدر الظروف اللي انت فيها، وأكيد موت والدتك مأثر عليك، بس لو سمحت بلاش كلام يضايق لأني مش هعرف أسيطر على حالي!
شزره بعينيه: ولما انت شايف إن دة كلام يضايق، بتضايق انت بنتي ليه؟
نظر مراد بطرف عينه له، ثم أردف عز: ع العموم أنا جيت عشان أقولك السبب الحقيقي اللي خلاني أبعد عن نيرة واللي هي متعرفهوش، وبما إنك كنت ظابط واعي هتعرف إذا كنت بكدب ولا بقول الحقيقة، وتسيبك من بنتي خالص كفاية اللي عاشته ...
تطلع إليه وهو يضيق ما بين حاجبيه متعجبًا من إصراره على أنه كان يطاردها انتقامًا منه، لم يهتم لما يفكر لكنه نظر إليه مهتمًا بمعرفة الحقيقة كلها...
تنهد وقال: وأنا سامعك قول، بس لو طلعت بتكدب عليا...
رفع بسبابته محذرًا، ليقول عز بنبرة منكسرة
: معادش فيها كدب
يعلم جيدًا أنه لن يكذب وسيصدق على قوله، يظهر هذا بعينيه...
بدأ عز الدين يتهيأ لإخبار مراد السبب الرئيسي وراء تركه روح فؤاده، دون حتى الإلتفات لها ولو لمرة.
يجلس هو بأحد الورش يمارس عمله كالعادة، شاردًا بحبيبة القلب يقلب ما قالته برأسه عن هروبهما معًا لأجل الزواج والبعد عن المشاكل، رغم كونه يريد ذلك حتى لا تضيع منه إلا أنه يفكر بزوايا مختلفة بتروِّ قبل آخر قرار، لكن يؤكد بداخله ويقسم لن يفقدها مهما حدث..
ليقطع شروده ذلك الصوت الغليظ وهو يسأل..
: انت عز الدين؟
رفع ببصره فوقعت عينيه على شخص يرتدي بدلة سوداء فخمة ويحمل بين إصبعيه سيجارة ضخمة كأصحاب المراكز المرموقة .. نهض من مقعده وأجاب بارتياب
: أيوة أنا، مين حضرتك؟
سحب نفسًا من السيجارة ثم ضحك بسخرية وقال
: بقا أنت اللي نيرة عايزة تتجوزه؟
علم من اول نظرة وقعت عينيه عليه أنه من طرفها، وذلك من هيئته، ليتنهد مكررًا سؤاله بعد رده بإثبات
: أه أنا، مين حضرتك بقا؟
ليرد وهو يجز على أسنانه: أنا أبقى أخوها عثمان
: أهلاً بحضرتك، تحب تشرب حاجة؟ انت برضو من طرف الغالية.
قال عز بهدوء، ليقبض على قميصه وهو يجذبه بحنق، ثم همس له عن قرب بنبرة يصدر منها إيحاءات وقحة
: اسمع يا روح أمك، كونك إنك تتسرمح مع أختي وتعيشلك يومين على قفاها، دة مايديلكش الحق إنك تتجرأ وتطلب إيدها،
رمقه من أعلى لأسفل باحتقار: انت مش شايف منظرك عامل ازاي؟ ولا انت فين وهي فين؟ دة نيرة بنت بشوات، بنت عز إنما أنت جربوع ولا تسوى، آخرك تقضي معاها يومين حلوين كدة وتخلع!
لم يشعر عز بحاله سوى وهو يضربه برأسية قوية جعلته يتراجع بألم وصراخ وهو يمسك بأنفه، ليدخل حارسان جاءوا معه ومنعوا عز من الهجوم عليه وكبلوه من ذراعيه بأيديهم، ليصرخ به عز بشراسة..
: بقا يا واطي بتتكلم عن أختك كدة! أنا أبداً مفكرتش إنك حقير ومعندكش نخوة ولا دم، نيرة اللي بتتكلم عنها بالأسلوب الزبالة دة أشرف من مية واحد فاجر زيك
نصب عثمان جسده ومسح الدم الذي سال من أنفه بسبب ضربة عز، ثم اقترب منه بأعين ينطلق منها الشرار وقبض على رقبته بكفته ويهمس بوجه برئ مصطنع..
: انت بتضربني عشان بقولك مش هتتجوزها؟ ولا عشان بقولك تقضي يومين؟
حاول عز الإفلات من الحراس كي يفتك به، لكنه مكلبش بإحكام
ثم غير نبرته كفحيح الأفعى: أقسم بالله لو قربت من نيرة أو حاولت تشوفها تاني... تؤتؤ مش هموتك... لأ، أنا هقتلها هي وأرمي جثتها للكلاب، وهقول إنها كانت ماشية معاك ف الحرام، وأبويا ميرضيهوش ان واحدة فاجرة تجبله العار، فمش بعيد يديني الوسام الذهبي لما يلاقيني بدافع عن شرف العيلة.
لم يصدق عز الدين ما يسمع، هل يوجد أخًا بهذا القلب؟ مما صنع هذا الرجل، يريد قتل أخته ومن أجل ماذا؟
: أنا عمري ما شوفت حقد كدة!
نطق بها عز بذهول تام، ليرد عليه عثمان بغليل دفين
: لأ هتشوف، أنا ممكن أعمل ألعن من كدة كمان، بس نيرة متتجوزكش
أشار عثمان بعينيه إلى الحراس أن يتركوه ثم تابع
: فلو انت خايف على مصلحة نيرة، ابعد عنها لأني مش هفكر مرتين قبل ما آخد خطوة قتلها، لو فكرت تتجوزها حتى من ورانا، لأني هعرف أجيبكم!
رفع عز بجفنه له وهو يتطلع إليه بسخط كأنه يريد أن يقتلع لسانه لأجل التحدث عنها بهذه الطريقة، لكنه أحس بالخوف الشديد وزلزلة بقلبه جعلته يبتلع لعابه بصعوبة، ليهمس بحشرجة متسائلًا..
: ولو بعدت عنها للأبد؟
: هسيبها تعيش حياتها عادي، يعني دي ف النهاية أختي وأكيد عايز مصلحتها!!
رفع بكتفيه متصنعًا البراءة، وهو يدس في ضميره السموم، رأى عز بعينه الشر ينبع منها، ليتركه عثمان حائرًا في تخبطات أفكاره، ليشعر عز بعدها باليأس والإنكسار، كأنما الحياة بعد أن أعطته مصباحًا يجلب له الحظ وينير له الدنيا، أختطفته منه على حين غفله وجعلته يغوص في ظلمات لن تنتهي.
___________
: إيه يا بنتي عاملة إيه؟ وليه مجتيش امبارح تستلمي شغلك؟
هتفت نرمين متسائلة لـ فريدة، وهما يجلسان على الكنبة في منزل الأخرى، فترد عليها مستنكرة
: وآجي بتاع إيه ان شاء الله؟
: يعني إيه تيجي بتاع ايه؟ مش انتي قولتيلي انك قدمتي ف نفس اليوم؟
: أه وغيرت رأيي، مش عايزة أشتغل عند البني آدم دة، أساساً أنا خلصت من الشغل عنده ف البيت
قالت مظهرة ألا مبالاة، لكن بداخلها كانت تشعر بالغيظ وتود الذهاب، ليس فقط لأجل العمل، بل لترى تلك الثعبانة الملعونة التي تدعى "نانسي" ماذا ستفعل معه؟
: خسارة كان نفسي تكوني معايا!.
قالت ذلك بحسرة، لتفرك فريدة بأصابعها وهي تنظر لها كأنها تتردد في طرح سؤال، لتحمحم وتتساءل
: بقولك يا نرمين، هي اللي اسمها نانسي دي متعرفيش اشتغلت إيه عن مراد؟
ردت ببساطة: سكرتيرته الخاصة.
: نعـــــم؟!!!!!
صاحت فريدة بأعين يكسوها وهيج ناري
_________
يجلس مراد شاردًا وهو يعض أنامله بتفكير فيما قاله عز الدين، يشعر بنص رأسه قد فقدت إحساسها، لقد كان عمه هو من أهدم سعادة عمته، لقد أصابه الذهول فور سماعه الحقيقة،
كان يعلم أن عثمان قاسي القلب، لا يهتم لمشاعر الآخرين، لكن تصل به الدرجة إلى أن يلعب تلك اللعبة التي عبثت بحياة أخته؟
ولمَ كل ذلك من الأساس؟ كثرة التفكير أهلكته، يالله على هذه الحيرة، يشعر بالغليل في عقله وكأن رأسه ستنفجر غضبًا وفكرًا..
: مراد!
اندفع برأسه انتباهًا ليجدها نيرة، فيهمهم دون تركيز، ثم تردف متسائلة
: فينك؟ بقالي ساعة بنادي عليك!
وفور استعادة وعيه من بحر أفكاره، راحَ يضمها إليه ف الحال دون أي مقدمات، تعجبت من فعلته لكنها حاوطته بذاعيها متبسمة ولم تسأله حتى لم فعل ذلك، فهي تعرفه عندما يحتاج لها أو يشعر أنه يريد ضمة لا يستأذن!.
__________
باليوم التالي دخلت إلى الشركة والغيظ يأكلها، تشعر بأن قلبها يضخ بركانًا بدلًا عن الدم، لم تستأذن من موظف الإستقبال حتى، تسلك واجهتها ولا أحد يتجرأ ع التحدث إليها في هذه الحالة، بوجهها المنتفخ بشدة من غضبها الذي سيحرق ذلك الأحمق الذي أقدم ع تلك الفعلة،
نسيت كل ما فعله بها بثانية، بل كبت ذلك الخوف بعيدًا ووضعت مكانه جمرات من اللهيب ستنصب فوق المتعجرف الذي لطالما كان يستفزها بأفعاله، لكن كفى..
ستسبه، وتلعنه، وتلقي في وجهه أفظع الشتائم، من يفكر نفسه حتى يعين الحرباءة التي تدعى بـ نانسي، سكرتيرة له، اللعنة كم تكرهه وبشدة وتود افتراسه،
وصلت الطابق المقصود ودخلت ممر المكتب ووجدتها تجلس على المقعد تمسك بمرآة وتضع حمرة شفاة، هل تغريه أيتها الحقيرة؟
تحركت في خطوات بطيئة لتنتبه نانسي عليها فتنهض وتتحرك من خلف المكتب، ثم تسألها..
: عايزة إيه؟
لم تعيرها أي اهتمام بلا كأن الهواء يقف، لترفع فريدة بيدها وتمسك بالمقبضين حتى تفتح الباب، لكن نانسي أمسكت بمعصمها تمنعها..
: مراد مشغول تعالي وقت تاني، يلا يا ماما
لتوكزها بمرفقها وتهتف بحنق: يا شيخة غوري بقا
ثم تفتح الباب على مصراعيه وتدلف للداخل وتصيح
: مراد...!
ليرفع هو برأسه ويتطلع إليها باندهاش، ثم حرك رأسه فجاب المكتب بعينيه الممتلئ بالموظفين الذين تصنموا بأعين معلقة عليها........
يتبع الفصل التاسع والعشرون اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية ظل السحاب" اضغط على اسم الرواية