Ads by Google X

رواية حب وتضحية الفصل السادس 6 بقلم داليا السيد

الصفحة الرئيسية

   رواية حب وتضحية الفصل السادس بقلم داليا السيد


رواية حب وتضحية الفصل السادس 

غضب
اتسعت عيونها من كلماته التي هطلت عليها كالثلوج تثير البرد بالجسد وتجمد أطرافه فلم تعرف بماذا تجيبه وقد تلجم لسانها وتعثرت الكلمات على أطرافه
فتحت باب السيارة ونزلت وهي تسير بدون أي هدى ربما هو طريق بيتها أو أي طريق المهم أنه بعيدا عن ذلك الرجل الذي لا يفكر إلا بنفسه ومصلحته دونها ودون قلبها الذي يعصف به دون رحمة فيغرقه بأحزانه أكثر وأكثر. 
جذبها بيده من ذراعها بقوة معيدا إياها أمامه ليتطاير شعرها مغشيا عيونها كما تفعل دموعها وقد تحولت عيونه إلى الأحمر وهو يقول
"أمل هل جننتِ إلى أين تذهبين؟"
خلصت ذراعها من قبضته بقوة وهي تصرخ بوجهه "سأكون مجنونة لو انتظرت معك لحظة واحدة بعد اليوم، أنت إنسان أناني ولا تفكر إلا بنفسك وانتقامك ولو على حساب غيرك لا يعنيك ماذا تهد بطريقك، أنا قلب ومشاعر ولست مجرد آلة تقضي لك احتياجاتك ألم تفكر بمصيري بعد أن تطلقني بمجرد عودتنا أي سمعة التي ستلازمني لنهاية العمر أي قلب سيظل ينبض داخلي بعد أن قتلته؟"
عادت تتحرك بدون هدى رغم أن جسدها كان يرتجف بشدة ولكنها اصطدمت به مرة أخرى ويداه تمسكها من ذراعيها برفق وما زالت تبكي دون توقف عندما قال
"أمل من فضلك توقفي واهدئي، أنتِ على حق أنا لم أجيد التفكير فلتتوقفي عن انهيارك وغضبك هذا لنعيد التفكير سويا"
ارتخت بين يديه وهي تقول "لن نفعل، لأني لن أشاركك بالأمر بل بأي شيء، أنا لن أعمل معك بعد اليوم اتركني، أنا أريد الذهاب اتركني"
حدق بها بصمت ثم أغمض عيونه ونفخ بقوة قبل أن يعود بنظراته إليها وقال "حسنا، سأعيدك إلى البيت الآن، نحن بحاجة إلى الراحة، وبعد أن نرتاح سنعيد التفكير"
حاولت أن تتخلص من قبضته وهي تقول "لن أفكر بشيء، ولن أعود إليك، حل مشاكلك بعيدا عني واتركني لا أريد أن أكون معك"
ولكنه عاد يقول وهو يشدد من قبضته "حسنا أمل لن نتحدث بأي شيء الآن فقط تعالي لأعيدك إلى البيت، لن أتركك بوقت كهذا"
هدأت قليلاً واستوعبت المكان والوقت والكلمات القوية التي قالتها فتوقفت عن المقاومة فقادها بهدوء إلى السيارة وأركبها وقاد بصمت إلى أن عاد بها إلى البيت فنزلت بدون أي كلمات 
لم تر أمها وقد كانت سعيدة بذلك لأنها لن تجد ما تقوله لها، استلقت على الفراش والدموع لا تتوقف، لماذا يفعل بها ذلك؟ بالتأكيد لأنه لا يشعر بها وبقلبها الدامي من حبه ولا بحبها الذي نما وسكن وجدانها، اهتز هاتفها باسمه فنظرت إليه بدموع لا تتوقف ولم تجيب حتى توقف الاهتزاز وانطفأ الهاتف دون أن ترد.
بالصباح لم تستيقظ بموعدها، شعرت بيده تهزها برفق ففتحت عيونها بصعوبة من البكاء والصداع فرأت أمها أمامها، اعتدلت بالفراش وهي تسمع أمها تقول
"أمل إنها العاشرة، لقد تأخرتِ حبيبتي"
أغمضت عيونها وقالت "أنا متعبة يا ماما ولن أذهب إلى العمل اليوم"
هدأت الأم قليلا وقالت "أنتِ إجازة إذن؟"
قالت بضعف "نعم ماما اتركيني أنام من فضلك فأنا متعبة"
أغمضت عيونها وعادت إلى الظلام مرة أخرى بدون رغبة في العودة إلى النهار فكم يصبح الليل جميلاً عندما يخفينا من عيون أحزاننا 
عندما فتحت عيونها مرة أخرى كان نتيجة ألم شعرت به بذراعها، رأت نور يسطع بالغرفة وتحركت رأسها إلى ذراعها الذي يؤلمها فرأت سبب الألم وقد تخللته تلك الإبرة وموصل بها ذلك المحلول الذي يقطر ماؤه المالح ببطء بالأنبوب الذي يصل إلى ذراعها، كادت أن تتحرك ولكن صوت أمها أوقفها
"لا تتحركي يا أمل مازلتِ ضعيفة"
لم تفهم أي شيء وهي تنظر إليها وتقول "ماذا حدث؟"
قالت المرأة "تركتك لتنامي كما طلبتِ ولكن عندما طال نومك أصابني القلق وأتيت لأطمئن عليكِ وعندما لم تستيقظي فزعت، كدت أطلب الطبيب عندما رأيت الأستاذ وليد يتصل فأجبته بانهيار فأتى وأحضر الطبيب الذي أخبرنا أنك مصابة بأنيميا حادة ظهرت نتيجة إرهاق وعدم راحة وقلة الطعام"
أبعدت وجهها ولم ترد فعادت الأم تقول "أمل ماذا حدث؟ ماذا أصابك؟"
لم ترد أيضاً فأمسكت أمها يدها وقالت "أمل الأستاذ وليد لم يتوقف عن السؤال عنكِ بعد أن أحضر الطبيب وبدت ملامحه غير طبيعية وهو يستمع إلى الطبيب هل حدث بينكم شيء كان سبب لحالتك هذه؟"
حاولت أن تستعيد نفسها كي تبعد القلق أو الشك عن أمها وقالت "لا ماما لم يحدث شيء، بالتأكيد أنا تعبت من المجهود الذي بذلته بالأيام السابقة و"
دق الباب ودخلت هبة وهي تقول "أمل الأستاذ وليد بالخارج"
نهضت أمها ونظرت إلى هبة وقالت "وليد؟"
عادت ونظرت إلى أمل التي لم ترفع عيونها بأمها ولم تحاول أن تتحدث كي لا تزيد من شكوكها ولكن المرأة قالت
"حسنا أنا قادمة"
لحظات ورأته يدخل إلى غرفتها وتبعته أمها حاولت أن تتماسك أمام والدتها وهو يتقدم إليها وقد بدت ملامحه متعبة وصوته غير طبيعي وهو يقول
"كيف حالك الآن؟"
هزت رأسها وقالت بضعف "بخير، شكراً لم فعلته"
قالت الأم "نعم، إنه من أحضر الطبيب ولم يتوقف عن السؤال حقاً فعلت الواجب وأكثر أستاذ وليد"
لم يبعد عيونه عنها وهو يقول "ليس بين الأهل واجبات، أمل ليست بأي أحد إنها جزء لا يتجزأ من حياتي العملية"
أبعدت عيونها وهي تعلم أنه على حق فهي كيان عمله أما حياته فهي مجرد بطلة تمثيلية يريدها أن تنهيها معه
قالت الأم "نعم أمل تحب عملها جدا وتجيده بكل ما يمكنها"
نظر إلى الأم وقال "هذه حقيقة، فالعمل متوقف أمس واليوم بسبب غيابها وأنا أتمنى أن تسرع بالشفاء لتنهي ما ينتظرها وبخاصة السفر، أنا قمت بتأجيله يومين حتى يتم شفاؤك"
حل الصمت على الجميع إلى أن انتبهت الأم وقالت "أعلم أنك تحب القهوة مضبوطة، سأعد لك واحدة"
تابعها وهي تذهب بينما أبعدت هي وجهها ولكنها شعرت به يجلس أمام فراشها ويقول
"أمل انظري إلي"
عندما لم تفعل عاد يقول "حسنا أنا أعلم أني تماديت بذلك اليوم ولكن ظننت أنكِ ستقدرين ما أشعر به وتساعديني عليه لا أن يحدث كل ذلك وتنهاري بهذا الشكل"
قالت "لست تلك الفتاة التي تظنها بي، كيف تظن أني يمكن أن أقبل بما عرضته علي؟"
أبعد وجهه لحظة قبل أن يقول "أنا أعلم أن ما قلته لا يليق بكِ صدقيني أنا نادم على ما قلت والآن أخبريني كيف يمكن إصلاح ما حدث؟"
نظرت إليه من وراء الدموع وقالت "لا يمكنك أن تفعل، أنت كسرت صورتي أمام نفسي فكيف يمكن أن أستعيدها؟" 
اقترب منها وقال "لا يمكن لأي شيء أو أي أحد أن يكسر صورتك أمام نفسك أو أمام العالم كله أنتِ بالنسبة لي شيء لا يمكن أن تصفه الكلمات، ولو لم يهمني أمرك لما اهتممت بكِ وسعيت لإصلاح ما أفسدته وقت غضبي، أنا أريدك معي، أثق بك دون عن العالم كله، أمل من فضلك عودي لطبيعتك وسنعود لاتفاقنا الأول مجرد تظاهر أمام الناس وهو ما لن يكلفك أي شيء الفندق والبلد غريبة عنكِ ولن يعرف أحد أي شيء، وبمجرد عودتنا تنتهي القصة"
حدقت به وهي لا تدري ماذا تفعل فعاد يكمل "أمل لن تتخلي عني الآن، مرة أخرى أنا لا أثق بأحد سواكِ، ولا يمكن أن أطلب ما طلبته إلا منكِ فوافقي من فضلك أنا يمكنني أن أفعل ما تشائين مقابل ذلك"
سمع الاثنان صوت الأم وهي تتقدم إلى داخل الغرفة تحمل القهوة وتقول "هل ما أسمعه صحيح؟ الأستاذ وليد بذاته يطلب من ابنتي أن توافق على شيء مقابل أي شيء تطلبه وابنتي هي التي تمانع؟"
أبعدت وجهها بينما نهض هو بأدب وتناول القهوة منها وقال "هي لا تمانع هي فقط غاضبة مني لأني أسأت التصرف ببعض الأمور، ولكن هذا لا يمنع أن أطلب منكِ مساعدتي بأن توافق"
عادت تنظر إليه بقوة وبادلها النظرة والأم تقول "وما هو طلبك يا أستاذ وليد؟"
طالت نظرته إليها وهي تتابعه بعيونها ولا تعلم ما الذي يريده بكلماته بينما عاد هو إلى الأم وقال
"أريدها أن تسرع بالشفاء لنسافر لا يمكن تأجيل الافتتاح أكثر من ذلك"
ابتسمت الأم وأغمضت هي عيونها وهدأت من ضربات قلبها وسمعت أمها تقول "ابنتي لا يمكنها الابتعاد عن العمل أكثر من يوم واحد لذا اطمأن غدا ستجدها أمامك بالمكتب وربما تسبقك إلى هناك"
عاد إليها بنظراته وقال "أعلم، وربما أشكر مدام فوزية على هديتها لي، اسمحي لي أن أذهب"
تحرك والأم تقول "ما زال الوقت مبكراً، انتظر أنا أعد لك العشاء، لن تذهب إلا بعد تناوله معنا ربما توافق أمل على تناول البعض معك، أقصد معنا جميعاً"
حدقت بأمها بلوم وعتاب بينما ابتسم هو للأم وقال "إذا كان الأمر كذلك فلا يمكنني أن أرفض ذلك العرض"
ابتسمت الأم واستأذنته في الذهاب بينما دخلت هبة وهي تنظر إليه فقال "أمل أخبرتني أنكِ تحبين دراستك"
اقتربت هبة منه وكأنها كانت تتمنى أن يوجه لها أي كلمات وجلس بمكانه مرة أخرى وشدت هبة مقعد لتجلس بجواره واندمجت معه بحديث عن دراستها وأمل تتابعها بغيظ واضح لأنها أدركت أن أختها تحاول أن تحوز على اهتمام ذلك الوسيم الذي يجلس بجوار فراشها ينتظر طعام أمها البسيط رغم أنها منذ ساعات كانت لا تطيق أن تسمع صوته والآن تملؤها السعادة لوجوده بجوارها، وربما الغيرة من أختها 
قبل أن يرحل قال "لم يعد أمامنا سوى الغد أريد أن أراكِ بالمكتب في الصباح لدينا الكثير مما يحتاج إلى إعداده"
تدخلت هبة " ألا يمكن أن أحل أنا محلها حتى تشفى"
ابتسم وقال "ربما ولكن ليس الآن، بعدما نعود من الخارج وقتها يمكنها أن تعلمك"
تغيرت ملامح هبة وقالت "هي تعلمني؟ أنا لست بحاجة لأن أتعلم، على الأقل ليس منها، فقط جربني وأنا متأكدة أني سأغنيك عنها"
ظهر الغضب بملامح أمل بينما قال هو بنفس الهدوء "سأفعل ولكن لابد أن تدركي أن لا أحد يغنيني عن أختك"
ثم استأذن في الذهاب وقد أراحتها كلماته وأعادت إليها بعض من الرضا الذي أفقدها هو إياه بتصرفه السابق
نظرات أمها إليها كانت تعني الكثير والتساؤلات التي بعيونها لم تجرؤ على إجابتها ورغم أنها اعترضت على طلبه بالبداية ثم الزواج العرفي، إلا أن تراجعه وإدراكه لخطئه جعلها تتراجع عن الرفض ولكنها لم تكن تعلم ما إذا كانت قد تصرفت صح أم خطأ؟ كان قلبها يخبرها أنها على حق ولكن عقلها يقول هذا خطأ، هذه ليست أنتِ كيف تفعلين هذا بنفسك؟ كيف تقبلين بذلك الوضع هل أنتِ مجرد رصاصة رخيصة يوجها إلى تلك المرأة ليقتلها بها ثم في النهاية يلقي بكِ مثل فوارغ الرصاص؟ هل يمكن أن تصبح كذلك بالنسبة له أو لنفسها؟ لا، لا يمكن أن يفكر بها هكذا وهو ما قاله، كان بالفعل يمكنه بماله ومركزه أن يحصل على أي امرأة سواها وبمنتهى السهولة، ولكنه اختارها هي دون غيرها، لقد قال أنه رأى فيها امرأة أي أنها لم تعد بالنسبة له طفلة كما كان يقول، وماذا بعد؟ لقد تحولت من طفلة إلى مجرد صديقة ولكن الصداقة يمكنها أن تتحول إلى حب نعم يمكن أن يراها جيداً ويشعر بحبها فقربها منه قد يجعل قلبه يدق لها ولكن أيضاً قد لا يدق، يا إلهي رحمتك بي، ليتني لم أحبه بل ليتني لم أقابله، شعرت برأسها يكاد ينفجر فقررت أن تنام ربما تأتي الأيام بما يريح قلبها وعقلها. 
بالصباح كانت بالفعل بمكتبها وبدا أثر المرض على وجهها وقبل موعده رأته يفتح باب مكتبها ويقف أمامها ويقول "لا وقت للجلوس عندك هيا تعالي"
لم يمنحها فرصة للرد وإنما تحرك خارجا فنهضت لتلحق به وهو يتجه إلى خارج الفندق. 
عندما ركبت بجانبه قالت "هل أسأل إلى أين؟" 
قال وهو يقود "بالطبع يمكنك هو حقك"
أبعدت وجهها وقالت "إذن أخبرني"
نظر إليها وقال "لقد تذكرت بعض الأمور التي لابد من أن ننتهي منها قبل السفر" 
لم تنتبه للطريق وإنما قالت "أي أمور وإلى أين تذهب حضرتك؟" 
نظر إليها وقال "حضرتك؟ أعتقد أنه من غير اللائق أن تنادي زوجة زوجها بحضرتك؟ أمل تراجعي عن تصرفاتك هذه لن نعود إلى الخلف مرة أخرى، والآن عليكِ أن تعتادي على التعامل معي بدون ألقاب، أنتِ ستكونين زوجتي أمام الجميع" 
دق قلبها وقالت وهي تبعد نظراتها عنه "نعم ولكن ذلك في لندن وليس هنا" 
عاد إلى الطريق وقال "ولكن على الأقل عندما نكون بمفردنا لقد اتفقنا أننا أصدقاء ولا تكلفة بين الأصدقاء" 
لم ترد، ووجدته يتجه إلى أحد المولات المعروف فقالت "والآن انا لا أفهم شيء، ماذا نفعل هنا؟" 
أوقف السيارة وقال "ماذا تفعل الناس بمثل تلك الأماكن؟" 
نزل وتبعته بضيق وقد بدأت تكون فكرة عن ما يدور برأسه، وعندما حاولت أن تبدي اعتراضها واجهها بنظرات غاضبة وقال بحزم 
"كفي أمل أنا تعبت من اعتراضاتك الدائمة، أظن أنكِ تدركين أن ما نفعله الآن أمر واجب فلماذا تضطريني لأن أنطق بما لا يزيد الأمر إلا سوء؟"
أخفضت وجهها وشعرت بالدماء تندفع بعروقها وهي تقول "تعلم أني لا أفعل"
نفخ بضيق وقال "بلى تفعلين وأنا لم أعد أتحمل كل ذلك، ستدخلين ذلك المكان وتنفذين كل ما يقال لكِ دون أدنى اعتراض وأنا سأنتظرك بالكافيه"
ثم تركها وتحرك مبتعدا وهي تتابعه بنظراتها الحائرة وقلبها المتألم من مصيره المجهول
كانت تعلم أنها لابد أن تخطو تلك الخطوة فملابسها حتى التي غيرتها لم تكن ترقى إلى تلك التي انتقاها لها العاملين بالمكان وربما هي نفسها لم تتخيل بأي يوم أنها يمكنها الحصول على جزء صغير من هذه الأشياء وبعد وقت طويل لم تعرف مقداره انتهت فتحركت إلى الكافيه حيث ينتظرها.
نظر إليها وهي تتقدم تجاهه وقد أنهى مكالمته على الفور فقال عندما توقفت أمامه "ما رأيك بتناول الغداء؟ بعض التغيير لن يضرنا"
بالطبع لم تحاول أن تعترض فهي مجرد ضيف شرف ولا تملك أن تقول أي شيء فهزت رأسها بالموافقة 
وضع الرجل الأشياء الجديدة بحقيبة السيارة وجلست هي بجانبه مرة أخرى فقاد في صمت وقد اتجه إلى أحد المطاعم المعروفة، دخلوا بنفس الصمت بينما كان المكان جميل وهادئ 
أجلسها بأدب وجلس أمامها وقال "إلى متى سيستمر ذلك الصمت؟ أو هل أقول عقاب؟" 
نظرت إليه وقالت "ومن أنا لأعاقبك؟ لم أنسى من أنا ومن أنت"
أبعد وجهه لحظة ثم عاد إليها وقال "ماذا تريدين يا أمل؟"
تأملت أصابعها الملقاة على المنضدة أمامها ثم رفعت عيونها إليه وقالت "وقت مجرد بعض الوقت"
اقترب من حافة المائدة وقال "لماذا؟"
لم تبعد عيونها عنه وقالت "لأعتاد على كل ما تريدني أن أفعله وأكونه"
قال "أنا أريدك زوجة"
دقات متتالية بداخل صدرها، عيون زائغة تعلن عن حيرة وألم وحزن انهيار ذهني لكل ما كانت عليه من قوة وصلابة 
أبعدت عيونها وقالت "وهو ما أحاول أن أجيد تمثيله"
حدق بعيونها ثوان قصيرة قبل أن يقول " والآن تريدين إشعاري بالذنب لم طلبته"
قالت بنبرة خافتة "لا أفعل، فقط الأمر صعب"
قال بحزم "لا أمل، ليس بصعب، أنا السبب ما قلته سابقاً هو سبب حزنك هذا، ولكن أنا عبرت عن أني لم أقصد شيء وأننا اتفقنا على نسيانه والآن عليكِ إخباري أن الأمر لا يضايقك وأنني لا أجبرك عليه، وأنكِ لا تريدين التراجع به"
 قالت دون أن تنظر إليه "لا لست مجبرة على شيء، ولا أريد التراجع" 
تأملها واقترب مرة أخرى وقال "إذن لا أريد تلك النظرات الحزينة بعيونك، لقد اعتدت عليها لامعة ومشرقة يملؤها الأمل والحماس والإصرار، أمل من فضلك حاولي أن تشعري بي" 
نظرت إليه وقد عادت مشاعرها تتلاعب على أصابع العزف الخاصة بقلبها وقد كادت تخبره أنها أكثر الناس إحساساً به ولكنها بالطبع تراجعت وقالت وهي تنظر بعيونه ربما يقرأ ما بها من حب وأنين
"أفعل يا فندم صدقني أنا أفعل و"
قاطعها بقوة "مرة أخرى أمل، هل أتحدث مع نفسي أي ألقاب تلك التي تتوسط أي زوجين؟"
احمر وجهها وهي تقول "حقا لم أقصد ولكن أعدك ألا أفعل مرة أخرى"
هدأ غضبه وتراجع بمقعده والرجل يضع الطعام الذي تناولوه في صمت قاتل مؤلم لها إلى أن انتهى هو وقال
"إجراءات السفر؟"
قالت "تركت أوامر إلى سعيد بإنهائها قبل وصولنا إلى المطار"
لم ينظر إليها وهو يتبادل معها الحديث عن العمل وقد تبدلت ملامحه إلى الجدية فعادت هي الأخرى إلى شخصيتها العملية التي افتقدها بالأيام السابقة واندمجت معه وربما تناست ما كان وقررت أن تعود كما كانت.
لم تأخذ الأشياء التي اشترتها معها إلى المنزل وقد أخبرته أنها لا يمكنها أن تفعل حتى لا تشك والدتها في شيء 
في يوم السفر كان الوداع غريب تشاجرت أختها معها لأنها كانت تريدها أن تحصل لها على عمل في الفندق وبالطبع ثار ذلك الحوار الذي كان بينها وبين وليد وأن عليها أن تعلمها ولكنها أخبرتها أن عليها الانتظار حتى تنهي دراستها أولا قبل أن تفكر بالعمل 
كانت دموع والدتها تعلن عن حزنها الواضح على فراق ابنتها الكبيرة ولم تكن تملك أي كلمات يمكن أن تخفف بها أحزانها فاحتضنتها وقالت 
“ادع لي أمي" 

يتبع الفصل السابع  اضغط هنا
  • الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية حب وتضحية" اضغط على اسم الرواية 
google-playkhamsatmostaqltradent