Ads by Google X

رواية حب وتضحية الفصل السابع 7 بقلم داليا السيد

الصفحة الرئيسية

   رواية حب وتضحية الفصل السابع بقلم داليا السيد


رواية حب وتضحية الفصل السابع 

 غيرة
أوصلها السائق بالسيارة إلى المطار وقد استعادت نفسها وثقتها العملية وهناك وجدته يتحدث إلى أحد الضباط فاتجهت إليه وقالت 
"صباح الخير" 
قال وهو ينظر إلى الضابط "صباح النور، أمل هذا أحمد المقدم أحمد صديقي، أحمد هذه أمل مديرة أعمالي"
ابتسمت إلى المقدم بطريقة عملية بينما نظر إليها نظرة ذات معنى لم تحاول هي أن تهتم بمعناها الحقيقي وسمعته يقول 
"مديرة أعمال صغيرة ولكنها جميلة، فهل عملها جميل مثلها؟" 
لم تهتم أيضاً لمغازلته الواضحة  ولم تظهر إلا ابتسامة هادئة اعتادت عليها عندما رد وليد "صغيرة السن ولكنها كبيرة العقل في شهر ونصف أصبحت ميرة أعمالي ومسؤولة عن كل شيء في العمل وتتصرف أفضل من رجل عنده خبرة أعوام" 
لمعت عيون أحمد وهو يقول "هذه شهادة من رجل لا يستهان به، أنا تشوقت للتعرف عليكِ أكثر" 
قالت "أشكرك على مجاملتك" 
كاد يرد لولا أن رن هاتفها فردت كان أحد موظفي المطار الذي أخبرها أن الإجراءات تمت وأنهم بانتظارهم فأغلقت الهاتف ونظرت إلى وليد وقالت 
"يمكننا أن نذهب" 
نظر إليها أحمد وقال "كنت أتمنى أن نتقابل في وقت أفضل كي نتعارف أكثر وبشكل أفضل" 
قالت بدون اهتمام "وأنا أيضاً، إلى اللقاء" 
عندما مد يده لها لتسلم عليه مدت يدها ولكنه ظل محتفظ بيدها لحظات وهو ينظر إلى عيونها حاولت أن تسحب يدها بلطف ولكنه قال 
"أنا سعيد للقائك سنلتقى عندما تعودين بالتأكيد؟" 
لم ترد لأنها سمعت صوت وليد يقول بعصبية "ألن نذهب؟ تأخرنا" 
ترك أحمد يدها وتحركت هي وهو معها إلى الطائرة 
عندما جلست بجانبه شعرت بقلق فهي أول مرة لها تركب طائرة سمعته يقول "أراكِ سعيدة؟" 
نظرت إليه وقالت "أنا؟ بل أنا أشعر بخوف لا حدود له" 
نظر إليها وقال "خوف؟ معي تشعرين بالخوف ومن لحظات كنتِ تشعرين بالسعادة" 
لم تفهم عم يتحدث فقالت "منذ لحظات؟ أي لحظات تقصد؟ أنا لا أفهم شيء" 
لم ينظر إليها وهو يقول "أقصد عندما كنتِ تتحدثين مع أحمد، أخبريني هل أعجبك؟ لقد رأيت نظرات الإعجاب في عيونك وكذلك هو، ألا يمكنكِ التحكم في تصرفاتك وأنتِ معي؟ عندما تكونين بمفردك يمكنكِ التصرف بحرية" 
اندهشت من حديثه وقالت "أنا؟ أنا أعجب بأحمد؟ لا هذا غير صحيح أنا لم أفكر بأي شخص أنا أصلاً لا أعرفه حتى أعجب به" 
قال بنفس الغضب المكتوم "ولم لا هذا حقك، أنتِ لكِ حياتك وأنا لا يمكنني التدخل بها، ولكن على الأقل انتظري حتى تنتهي مهمتنا" 
زاد ضيقها من كلماته خاصة أنه لم يكن على حق فهي لا ترى رجل سواه، والآن أصبحت لا تفهم ما الذي يفكر به ولكنها قالت 
"أنا لم أفكر بهذه الطريقة أبدا، ربما لا يمكنك التدخل بحياتي ولكن هذا لا يمنع أنك أصبحت جزء من حياتي لا يمكنني تجاهله بسهولة، فكما أخبرتني من قبل، فنحن نمضي سويا وقتا أطول مما نمضيه بمفردنا، وأعتقد أن ذلك يجعلك تعرفني جيدا وتعرف هل يمكن أن يعجبني رجل مثل أحمد أم أن المجاملات تقتضي منا بعض التصرفات التي لا تعجبنا" 
نظر إليها وقال "أنا جزء من حياتك؟ وكيف يكون ذلك؟" 
اندهشت من أنه ترك كل كلماتها وتوقف عند هذا الجزء وكأنه لم يسمع سواه فقالت بصدق 
"ذلك لأني كما أخبرتك أصبحت أقضي معك وقت أكبر من الذي اقضيه حتى مع نفسي وأهلي، لذا لا يمكن  أن تكون لي حياتي الخاصة دون أن تكون موجود فيها" 
صمت قليلا وهو ينظر مباشرة إلى عيونها الخضراء قبل أن يقول "ولكني رأيت الإعجاب في عيونك وعيونه حتى وهو يمسك يدك"
ابتسمت وقالت "ربما يكون الإعجاب في عيونه هو، ولكنه ليس في عيوني" 
لم يتراجع عن رأيه وهو يقول "على العموم أنا فقط أهتم لأمرك لأننا أصدقاء وأنا أعرف أحمد جيداً، فهو ليس بشاب مستقيم وأنا أخشى عليكِ منه؛ فأنتِ لن يمكنكِ التعايش مع شخص مثله ولو حدث فسيصيبك منه الكثير من الألم" 
ابتسمت وقد كانت سعيدة لأنه يهتم لأمرها فقالت "أعتقد أنك طالما معي فلن يمكن لأحد أن يفعل بي ذلك أليس كذلك؟"
حدق بعينيها لحظة قبل أن يقول "ربما لا يمكنني التدخل بحياتك لهذه الدرجة أو أنكِ لا تقبلين تدخلي من الأساس"
بادلته النظرة ربما لتغلق الفجوة التي شعرت بأنها فتحت بينهم ثم قالت "وهل أنت تريد أن تفعل، أو هل يهمك أمري؟"
ظل يتأمل ملامحها قبل أن يبعد وجهه ويقول "ما زلتِ مديرة أعمالي وأمرك يهمني كي لا أخسرك بيوم ما بلا سبب يستحق"
ظلت تتأمل وجهه رغم بعد نظراته ولم ترد لأنها كانت تريد أن تسمع منه بعض كلمات الاهتمام ولكنه الآن يتراجع.  
مر الوقت وقد تولاهم الصمت، تناولا الغداء سويا وما أن انتهوا حتى أخرج علبة مجوهرات صغيرة من جاكتته ومنحها لها وقال 
"لقد نسيته" 
نظرت للعلبة وقالت وهي لا تفهم "لي أنا؟" 
هز رأسه ولم يتحدث، أخذت العلبة وفتحتها كانت تلك الدبلة الذهبية تلمع أمامها وأخرى ماسية بجوارها، دق قلبها وتذكرت ما هى مقبلة عليه مما أعادها إلى الذكريات القريبة نظرت إليها وظلت شاردة دون أن تتحرك عيونها بعيدا أو ينطق لسانها.
سمعته يقول "ألن ترتديها؟ سنصل لندن قريبا وكل من هناك أصبح يعلم أنني سأصل مع زوجتي، ولا يصح أن تكون زوجتي بدون دبلة، هل أضعها لكِ؟ على فكرة اسمي عليها كما هو اسمك على دبلتي" 
أعادها صوته من غيبوبة الأفكار ولا تعلم ما الذي أصابها فهي تعلم ما هي بطريقها إليه ولكن الآن يدق قلبها بشدة وتشعر بخوف شديد لا تعلم سببه أو ربما لا تريد أن تواجه نفسها به 
اعتدل وقال "أمل ماذا هناك؟" 
نظرت إليه وقالت "لا شيء؟" 
قال وهو يأخذ العلبة من يدها "حسنا أنا سأساعدك" 
أخرج الدبلة ووضعها في يدها ثم وضع الأخرى عليها وظل ممسكاً بيدها لحظات وهو يقول "هل رأيتِ كم أن الأمر بسيط؟ لماذا أنتِ متوترة هكذا؟ لهذا القدر لا يمكنكِ تقبل أنني سأكون زوجك أمام الجميع؟ إنها مجرد تمثيلية وليست حقيقة" 
نظرت إليه وقالت "ومن أخبرك أنني لا أتقبل أنني سأكون زوجتك؟"
احمر وجهها وتراجعت وهي تصحح كلماتها "أقصد أمثل زوجتك، ليس هناك امرأة يمكنها أن ترفض ذلك" 
نظر إليها وقال "حتى أنتِ؟" 
دق قلبها وهي تواجه نظراته الغامضة وتسمع سؤاله الغريب، وقتها تمنت أن تخبره أنها تتمنى من كل قلبها أن تكون زوجته، ولا تريد أي شيء آخر أكثر من وجودها بجواره لآخر العمر 
عادت من الأحلام وقالت "ومن أنا حتى أفكر في ذلك؟ أنا لا يمكنني أن أفكر حتى في ذلك، أنا لم أنس الفارق الكبير بيني وبينك" 
ترك يدها وتحول بنظره بعيد وقد ظنت أنها أخطأت بشيء جعله يبتعد هكذا ولكن كيف تخطئ وهي تتحدث عن الواقع الذي تعيشه معه فما زالت هي السكرتيرة وهو...
أخرج علبة أخرى وارتدى دبلة فضية ولم يتحدث معها مرة أخرى 
عندما أعلن الكابتن عن ربط الأحزمة التفت إليها وقال "أمل حاذري في تصرفاتك أمام الجميع، ولا تنسي أنكِ زوجتي ولستِ فقط مديرة أعمالي، أي ليس هناك ألقاب أو خوف، أريد ثقتك التي أعرفها" 
هزت رأسها وهي تحاول أن تكون طبيعية ولكن ليس الأمر بمثل هذه السهولة، ومع ذلك من داخلها كانت تريد أن تكون زوجته وتتصرف على هذا الأساس فهو حلم حياتها.
وأخيرا هبطت الطائرة في وقت متأخر جداً ونزلوا إلى صالة الاستقبال وكان جاك في انتظارهم، عرفها عليه وبدأت بالفعل تتصرف بشكل حاولت أن يبدوا طبيعياً ولكن ما زال القلق يجتاحها فهي لا تحب الفشل
عندما ركبت بجانبه قال بصوت منخفض "متى ستعودين إلى طبيعتك؟ كفي عن القلق، ولا تنسي أنكِ معي وأنا أحب أن تبدي بعض الثقة بي بدلا من هذا التوتر الذي يثير غضبي" 
نظرت إليه وقد احمر وجهها وأدركت أنه غاضب من اهتزازها، لم ينظر إليها فشعرت بالضيق وحاولت أن تهدأ قليلا.
بالطبع لم يكن من الممكن مقارنة ذلك الفندق بذلك الموجود في مصر فهذا يبدو عليه الفخامة والثراء، تأملته بنظرات سريعة وهم يدخلون ورأت بعض الرجال يقفون في انتظارهم باحترام واضح فأدركت من نظراتهم أنهم المسؤولين الأوائل في المكان. 
حيتهم بابتسامه هادئة ودخلت وقد وضع يدها على ذراعه فتحركت بجانبه في ثقة غريبة اكتسبتها منه ومن قوة شخصيته 
همس دون أن يمنح أحد أي اهتمام "أعتقد أننا في حاجة إلى النوم الآن وفى الصباح يمكننا أن نفعل ما نشاء" 
هزت رأسها فهي بالفعل كانت بحاجة إلى الراحة، تحدث بإنجليزية واضحة إلى الرجال ليقدمها إليهم والعكس وبعد كلمات الترحيب البسيطة اتجه إلى مكان المصعد الكهربائي وجاك ما زال يتحدث معه باختصار وهو يرد بكلمات مختارة بدقة تعرفها هي جيدا وتعودت عليها منه. 
ركبا المصعد إلى الأعلى وقد كان كل ما حولها يثير الدفء والراحة ويمتع العين من جماله، وأخيراً اتجها إلى باب فتحه جاك وقال 
"جناح حضرتك جاهز مستر وليد تفضل"
توقف لتتقدم هي وهو يقول "نعم شكراً جاك أراك بالصباح"
انحنى الرجل بأدب وقال "تمام مستر وليد طابت ليلتكم سأرسل إليكم العشاء فورا"
عندما أغلق الباب خلفه استدارت ونظرت إليه  فتحرك إلى الداخل بهدوء وقال وهو يتأملها وهي تقف بمنتصف البهو الكبير وهي تتساءل عن هذا المكان الرائع 
"لماذا تنظرين إلي هكذا؟ إنه جناحي المفضل ولا أسمح بأن ينزل به أحد سواي ألا يعجبك؟"
وقف قليلا وهو ينظر إليها وقد تاهت الكلمات منها وهي تتعثر بكلمات غير مرتبة "أنا، أقصد، كيف؟"
ثم استدارت لتخفي ما بداخلها من خوف وحيرة ولكنه قال ليكمل ما لم تكمله "كيف سنقيم سوياً بمكان واحد؟ الإجابة واضحة، فلا يصح أن نكون زوجين جديدين وننزل في غرفتين خاصة وأن هذا هو مكاني المفضل" 
تحرك إلى الداخل وتبعته وهي تقول "أستاذ وليد من فضلك" 
ولكن ما أن تقدمت للداخل حتى أدركت أنه ليس بجناح عادي وإنما بغرفتين منفصلتين ومزود بكل ما يلزم للإقامة به وقد كان هناك صالة أخرى صغيرة تحرك إليها وجلس على أقرب مقعد بعد أن خلع جاكتته ونظر إليها وقال 
"إذا سمعك أحد العاملين هنا تقولين أستاذ ماذا سيظنون بنا؟" 
لم تحاول أن تتحدث حيث كانت مشاعرها متباينة، لم تعرف ماذا تفعل فقال "هذه غرفتك وأنا سأحصل على تلك هيا اذهبي واستبدلي ملابسك حتى يأتي العشاء" 
لم تجد كلمات ترد بها وقد كان واضحاً في كلامه مما لا يقبل جدال أو نقاش فاستدارت ودخلت إلى حيث أشار.
في الصباح الباكر كانا قد استيقظا ونزلا لتناول الإفطار بالمطعم كما أخبرها تساءلت رغم ترددها "ألم تصل حبيبتك؟" 
رفع عيونه إليها بهدوء وقال "حبيبتى؟ ليس لي حبيبة" 
نظرت إليه وقالت "وماذا تكون سارة إذن؟" 
عاد إلى الطعام وقال "هي الماضي، الماضي الذي لا أريد أن أتذكره لأن ذكراه تنغص حياتي" 
تراجعت قليلا وهي تبدي الدهشة وتقول "إذا كانت ذكراها مؤلمة وغير مرضية لك فلماذا تريد الآن أن تفتح صندوق الذكريات وتنفض محتوياته؟ لم لا تحاول أن تنسى الأمر وتتركها لحياتها وأنت لحياتك؟" 
نظر إليها وقال "لن اتركها لحياتها قبل أن أرى نظرات الألم في عيونها" 
قالت في ضيق واضح "أنت تعذب نفسك" 
ابتسم وقال بهدوء "على العكس تماماً لأني بما أفعله أشعر براحة غريبة"
قالت بدهشة "وما الذي تفعله ويشعرك بالراحة؟"
تراجع وهو ينظر بنظرات تمنت أن تفهمها بيوم ما وقال "جعلتك زوجتي، وسأجعلها تعرف ذلك وتدرك أن وليد ليس بالرجل الذي تتلاعب به امرأة، أي امرأة"
قاطعهم صوت أنثوى فجأة يقول "وليد؟ وأخيراً أنت هنا، أنا كنت أعتقد أنك لن توفي بكلماتك وتأتي كما أخبرتني" 
لم يتحرك من مكانه وهو يرمق تلك المرأة بنظراته بينما دق قلبها هي وهي ترفع عيونها إلى صاحبة الصوت، بالتأكيد هذه هي المرأة التي كان يتحدث عنها، هي أول من أحب قلبه وهي من سرقت حلمها الصغير، عندما نظرت إليها رأت امرأة جميلة، ولكن من وجهة نظرها هناك من هم أجمل منها فعلاً، عيونها عسلية، بيضاء البشرة تضع الكثير من المكياج وترتدي ملابس مفتوحة، كانت الأخرى تنظر أيضاً إليها وهي تبتسم ابتسامة غير صريحة
سمعت وليد يقول "أهلاً سارة، متى وصلتِ؟" 
عادت إليه بنظراتها الصناعية وقالت بدلال واضح "أنت صاحب الفندق ولا تعلم؟" 
قال "صاحب الفندق نعم ولكني لن أسأل عن كل الرواد متى جاءوا ومتى ذهبوا فهو أمر لا يخصني" 
تذمرت سارة كالأطفال في تصنع لم تستسيغه أمل وشعرت بأنها تتمنى لو تصفعها بقوة على وجهها لتعيدها إلى صوابها وهي تسمعها تقول 
"ولكن أنا لي وضع خاص فأنا أخصك وأهمك دون عن الآخرين، أليس كذلك؟" 
أخفضت عيونها لأنها تمنت أن تصرخ بوجهها وتوبخها ولكنها لم تملك أن تفعل رغم أنها امرأة وقحة وتتعمد أن تتجاهل وجودها وهي زوجته ولكن وليد قال 
"لا سارة للأسف ليس هناك من يخصني هنا فكل النزلاء لا يربطني بهم شيء وأنت مثلهم فقط زوجتي هي من تخصني ويهمني أمرها" 
رفعت وجهها إليه وهي تشعر أنه يتحدث بصدق غريب رغم أنها تعلم أن الأمر لا يعدو أن يكون أكثر من تمثيلية 
لاحت نظرة حنان في عيونه كادت تصدقها لولا أنها تعلم أن الأمر كله مجرد تمثيل، تسربت يده إلى يدها وقال "أمل هذه سارة صديقة قديمة، سارة، أمل زوجتي" 
تأملت المرأة أمل مرة أخرى ولكن أمل ابتسمت لزوجها ولم تهتم بنظرات سارة التي قالت "إنها شابة صغيرة تصغرك بسنوات كثيرة، من أين أتيت بها يا وليد؟" 
قال بضيق واضح "من حيث لا يعنيكِ سارة، أين خطيبك؟ أم أنكِ هنا وحدك؟" 
نظرت إليه وقالت "إنه مع أبي بالمزرعة ينهي بعض الأشغال وسيأتي، ألن تدعوني للجلوس؟" 
قال وهو يجذب يد أمل لينهض "لا أعتقد، لأننا ذاهبان لدينا أشياء كثيرة نريد أن نفعلها، أنا أحاول أن أعوضها عن شهر العسل لأننا لم نحصل عليه وسط زحام العمل" 
كان قد نهض فتبعته هي الأخرى فاقترب منها وأحاطها بذراعه كما لو كان يحاول حمايتها من تلك المرأة وسرت رعشة بجسدها من لمسته وارتجف قلبها من قربه القاتل، بينما حلت نظرات غريبة بعيون سارة التي قالت 
"حقا! يا لها من رومانسية!؟" 
قال وليد بثبات واضح "نعم وما أجمل الرومانسية مع امرأة فاتنة ورقيقة مثل زوجتي الحبيبة"
لم تعد تقوى على كل ذلك التمثيل ورمشت عيونها من نظراته التي لو لم تكن تعلم أنها تمثيل لحلقت بها في سماء الحب والرومانسية.
ذمت سارة شفتيها ثم عضت على شفتها السفلى بأسنانها وهي تقول "زوجتك الحبيبة؟ أنت تعني أنها قصة حب؟"
نظر إلى سارة وقال "بالتأكيد، وإلا لا يكون للزواج أي معنى بدون الحب؟"
فركت سارة يديها بحركة واضحة وقالت "والعروس تهيم بحبك هي الأخرى، عيونها تنطق بذلك"
عاد بنظراته إليها ولاحت نظرات ذعر بعيونها لمجرد أنها قد تفضح نفسها أمامه ولكنه ابتسم وقال "أريد أن أراك مرة أخرى سارة لأرى تلك النظرات بعيون زوجتي"
لم تعد تشعر بالعالم وهي تحدق بعينيه التى لاح بها بريق غريب لم تعرف سببه ولكنها كانت تائهة ولا تشعر إلا بخوف لا حدود له فقط عيونه هي التي تشعرها بالأمان وصوته الحنون يمنحها ثقة وثبات 
عاد إلى سارة وقال  “سعيد بلقائك سارة ولكن لابد أن نذهب كي لا نتأخر، أراكِ في وقت آخر إلى اللقاء" 
ودفعها برفق دون أن يمنح أي من المرأتين فرصة حتى لألقاء التحية وتحرك بها إلى خارج المطعم ثم خارج الفندق وما زال يحيطها بذراعه ولم يتركها تبعد عنه إلى أن فتح لها باب السيارة وركبت وهي تحاول أن تستجمع قواها من جديد، بينما جلس هو بجانبها وقاد في هدوء 
كانت المدينة جميلة ونظيفة وهادئة، ظل الصمت حليفهم فترة قبل أن تسمعه يقول "اليوم الأحد، أجازة نهاية الأسبوع، لذلك تبدو المدينة هادئة دعينا نحظى ببعض المرح" 
عندما لم ترد عليه قال "أمل؟ أنا أتحدث إليكِ"
نظرت إليه وقد انتبهت إليه فقالت "ماذا؟ ماذا قلت؟"
تأملها قبل أن يقول "سألتك ماذا بكِ؟ الصمت يستحوذ عليكِ فهل أنتِ بخير؟ لم ينطق لسانك بكلمه واحدة منذ أن رأيتِ سارة فما الأمر؟" 
نظرت إلى الطريق ولم تعرف بالفعل ماذا أصابها ولكنها قالت "أنا بخير ولكنى لم أشعر براحه تجاه هذه المرأة، للحظة شعرت بالخوف منها" 
توقف عند أحد الأماكن الجميلة فاقترح قضاء بعض الوقت بالمكان فلم تعترض
 كانت الحديقة كبيرة والأرض الخضراء تمتد حولهم من كل جانب سار إلى جانبها وقال "لم أعهد فيكِ الخوف، وهو ما يثير غضبي أكثر خاصة وأنا معكِ، ثم لم الخوف وهي مجرد امرأة كأي امرأة؟" 
قالت بضعف لا تعرف من أين أتى "لا إنها ليست كذلك، أنا لا أعرف لماذا شعرت تجاهها بذلك الشعور! أنا لم أخاف منها على نفسي بقدر خوفي عليك" 
توقف فجأة وأمسكها من ذراعها ليوقفها أمامه وقال "تخافين علي؟"
ارتبكت وقالت "لا أقصد التقليل من شأنك ولكن.."
قاطعها بحسم "وهل يهمك أمري؟" 
نظرت إليه وقد كان الصدق في كلماتها عندما قالت "أنت تسأل؟" 
نظر إلى عيونها وقال "بصرف النظر عن أنكِ تعلمين أن لا أحد يمكنه أن يكون سبب ضرر لي خاصة إذا كانت سارة ولكن، أنتِ لماذا تخافين علي؟ ولم تهتمين وأنا لا أمثل بالنسبة لكِ سوى مديرك؟" 
تحركت من أمامه وانفلتت ذراعها من قبضته وهي تبتعد كي لا تفضحها عيونها أكثر من ذلك وقالت بصوت واهن ضعيف لا يكاد يسمع 
"ربما هذا ما تظنه أنت" 
لم يسمعها بالفعل فاقترب منها وقال "أمل ماذا قلتِ؟"
لم ترد فعاد يقف أمامها وقال "أنا حقاً لم أعد أفهمك، منذ بدأ أمرنا هذا وأنا لم أعد أستطيع أن أقرأ عيونك كما أعتدت أن أفعل، بل أصبح الصمت صديقك وتعلمت عيونك أن تخفي عني كل شيء، لماذا تغيرتِ؟ أشعر وكأني لا أعرفك" 
نظرت إليه بحزن وقالت "لا، أنا لم أتغير، ولكن يبدو أنك أنت الذي لا تستطيع أن ترى جيداً، أو أن موضوع سارة لا يجعلك ترى، أنا كما أنا لم ولن أتغير خاصة تجاهك" 
تأملها لحظة ثم قال "تلك النظرة بعيونك أمل وقت كنا مع سارة كانت تعني الكثير فماذا تخفين لرجل يكبرك بسنوات كبيرة؟" 
تناثرت شجاعتها مع النسمة التي هبت عليهم وهي تحاول أن تستوعب سؤاله فقالت "لم أر عمرك يوم عرفتك ولا يمثل ذلك لي أي فارق"
ظل ينظر إليها وفتح فمه ليتحدث ولكن رنين هاتفه أوقفه فأخرجه ليرد وهو يبتعد من أمامها ولكنه عاد والتفت إليها وقال بعد أن أغلق 
"لأول مرة أغضب لأن العمل يناديني ولكن بالطبع الأعمال لم تتوقف بالفندق اليوم رغم الإجازة ويبدو أنهم يواجهون مشاكل تستدعي وجودي هل تأتين معي أم أوصلك للفندق؟" 
قالت بدون تردد "بالطبع سآتي معك بالتأكيد هذا عملي ولابد أن أتعرف عليه فأنا هنا من أجله ولم أنسى أنني مديرة أعمالك وأتقاضى راتب على ذلك" 
كادت تتحرك لولا أنه أمسكها من ذراعها مرة أخرى وجذبها برفق إليه ونظر في عيونها بجرأة أربكتها وجعلت قلبها ينتفض فزعاً من ذلك الرجل الذي لم تعد تفهمه  
سمعته يقول "أنتِ لم تعودي بالنسبة لي مجرد مديرة أعمال، أمل أنا لم يكن لي أبداً شخص مميز يمكن أن أرتاح في وجوده أو أتحدث معه عما  يدور داخلي حتى أصحابي كلهم لا يمثلوا لي أي أهمية إلا قضاء وقت سعيد، أما أنتِ فشيء مختلف" 
لامست يده خصلة من شعرها انسابت على عيونها وسقطت أصابعه على وجنتها، كانت تنظر بعيونه وتتمتع بلمسة يده وعقلها يتساءل يا ترى هل بدأ يشعر بها؟ هل أحس أنها تحبه؟ هل فضحتها عيونها؟ 
صوت واهن خرج منه ومازالت يده على وجنتيها وعيونه تتأمل ملامحها "أمل أنا .." 
اقترب منها أكثر وضاع الجميع من حولهم ولم تعد ترى أو تسمع إلا هو ولم تسمع غير زقزقة العصافير هنا وهناك وعندما لاح عبير عطره حولها أدركت أنه اقترب منها إلى حد الهلاك، وفجأة شعرت بأنفاسه الحارة تقترب من وجهها، تردد قلبها في أن يقبل باقتراب حبيبه منه أم يبعده، ولكنه لم يمنحها فرصة لتقرر حيث  تراجع فجأة كما لو أنه استيقظ من كابوس، أغمضت عيونها من الألم الذي شعرت به وغضبت من نفسها لأنها صدقت للحظة أنه يمكن أن يفكر فيها، ابتعدت وهي تحاول أن تخفي خجلها من نفسها وحزنها منه
استدار إليها مرة أخرى وقال "هيا دعينا نذهب كي لا نتأخر"
لم يتحدثا طوال الطريق ولم تحاول أن تفهم ماذا يحدث؟ الآن تغير معها كثيراً، أحيانا تشعر أنه أصبح قريب منها إلى أقصى حد، ثم فجأة يتراجع إلى أقصى مكان مبتعدا عنها تاركاً برودة غريبة بينهما، ترى لماذا كل ذلك لقد كانت الأمور بينهم أبسط من ذلك قبل ظهور سارة بحياتهم، ولكن بالتأكيد ما زالت تلك المرأة تسكن قلبه وهي سبب كل ذلك.
كان الفندق الجديد مختلف تماماً؛ أكبر وأكثر ارتفاعاً وفخامة طبعا، تقريباً انتهى من الخارج، أما من الداخل فرغم أن الطابع الفرعوني الذى تميزت به الجدران الجرانيتية كان رائعا ومميزا، إلا أن الأمر ليس بالسهل فهناك الكثير من الأشياء التي لابد من إنهائها. 
عرفها على المهندس المسؤول وكذلك النائب الخاص به وبسرعه وجدت نفسها كعادتها تندمج في العمل الذي حاولت أن تعرف عنه كل شيء، لم تشعر بالوقت وهي تتحاور مع المهندس المسؤول في العمل ومع باقي الموجودين وبالطبع معه، كان هادئاً جدا مع الجميع، أما هي فحاولت أن تتعلم لأن الموضوع جديد عليها وبالفعل تولى المهندس شرح العديد من الأمور لها ومن لحظة لأخرى كانت تختلس النظرات إليه ورأته وهو ينظر إليها، أحيانا نظرات لا معنى لها وأحيانا كثيرة يبدو مشغولا فتعود إلى عملها ولم تنكر أن الاشخاص الذين كانوا حولها في غاية التعاون وشرح لها المهندس كل شيء وفجأة سمعت صوته يقول 
"هل انتهيتم؟" 
نظرت إليه، كانت نظراته لا تدل على شيء أو ربما كانت عصبية! لا تعرف ولكنها ردت قائلة "وهل ينتهى العمل؟" 
ابتسم المهندس وقال "بالفعل العمل لا ينتهي ولكن حضرتك سريعة التعلم ولا تفوتين أي شيء والعمل معكِ ممتع مدام" 
قالت "شكراً على المجاملة" 
كان صوته هذه المرة غاضباً وهو يقول "هل انتهت مجاملاتكم؟ أظن أنه وقت الذهاب" 
وتحرك أمامها دون أن ينتظر أي رد وشعرت هي بالإحراج من المهندس فاستأذنت منه وتحركت تتبعه والخوف ينبض داخلها والتساؤل مما قد يكون أغضبه هكذا؟
اتجهت إلى السيارة وما أن ركبت حتى تحرك بسرعة أفزعتها فقالت "أستاذ وليد ماذا هناك؟ أنت تقود بسرعة؟" 
لم يرد عليها فانكمشت في مقعدها وشعرت أنه على غير ما يرام فقالت "ماذا هناك؟ لماذا أنت غاضب بهذا الشكل؟" 
لم يرد عليها أيضاً وظل يقود بسرعة مما زاد من خوفها فلم تحاول أن تتحدث معه إلى أن وصل إلى الفندق فشعرت بالراحة، لم ينظر إليها عندما نزل وانتظرها حتى وصلت إليه ودخلت معه وما أن دخلا حتى سمعا صوت تلك المرأة تنادي علية مرة أخرى فتوقف وتوقفت معه

يتبع الفصل الثامن اضغط هنا
  • الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية حب وتضحية" اضغط على اسم الرواية 
google-playkhamsatmostaqltradent