رواية ديسليكسيا الفصل الرابع بقلم أسماء عبد الهادي
رواية ديسليكسيا الفصل الرابع
صدفةً وبينما يعبر الرواق سمع معلمة ما تتحدث مع أم شوق ..لم يكن يعرف أنها أمها سوى من وقوف شوق بجوارها وتنظر للمعلمة التي تتحدث عنها بحزن شديد لتقول
_أنا أسفة اوي يامدام ...مش هقدر اكمل مع بنتك ...مفيش استجابة منها وأنا بحس إني بتعب في الفاضي انا أسفة.
تنهدت أم شوق مطولا ونظرت للمعلمة بنظرة مجردة خالية من أي تعبير لكن قلبها يصرخ من الوجع، فماذا عساها تقول أو تفعل ...أحضرت لابنتها العديد من المعلمين وكلهم يجمعون على نفس الشىء أن البنت لن تفلح أبدا ....شيعت المعلمة بنظراتها البائسة ثم نظرت الى ابنتها بحسرة شديدة لترمقها ابنتها بانسكار شديد وكأن كلمات كل معلم في حقها طعنات في ثقتها بنفسها حتى كادت أن تصبح شبه شفافة باهتة .
مما أصاب الأم من غضب وقلب مكلوم لذا هتفت بغيظ لابنتها
_عاجبك كدا ... مفيش ولا مدرس عايز يكمل معاكي أعمل ايه ياشيخة ..انا طهقت وغلبت معاكي وأبوكي بدأ يزهق منك ....مبقاش في ايدي اي حاجة اعملها...قوليلي أعمل ايه معملتهوش
ساءه ما سمع لذا وجد نفسه تلقائيا يتقدم نحوهما ليتحدث باهتمام وعينه على تلك الصغيرة المنكسرة
_السلام عليكم ...حضرتك والدة شوق ؟.
خشيت أم شوق أنه قادم ليشكو ابنتها كعادة معلميها دائما لذا هتفت بتوجس وهي تخرج ما بصدرها من اختناق
_ايوة يا أستاذ... حضرتك عايز تشتكي من مستوى البنت!! ...أنا عارفة مستواها كويس وصراحة غلبت معاها فاستحملوها كدا هنعمل ايه.
ليحرك حسام رأسه بالنفي وقال بينما يمسد على شعر شوق
_لا أبدا ...البنت عسولة وشطورة خالص
تفآجات الأم بما يقول ثم أدركت أن يسخر من ابنتها فكشرت بوجهها
ليقول حسام بهدوء بغية ان يرفع معنويات شوق وامها المحطمتين
_دي الحقيقة يا أم شوق ...البنت صحيح محتاجة مساعدة كبيرة بس ده ميمنعش ان البنت شطورة دي حتى طلعت من كم يوم على السبورة وكتبت بعض الحروف اللي مليتهالها.
لينشرح قلب ام شوق بأن هناك من يتحدث بإطراء عن ابنتها لذا ارادت ان تستغل تلك الفرصة و تعرض عليه أن يعطي ابنتها دروسها
_ربنا يجبر بخاطرك يا أستاذ.... طب أنا كنت بدور للبنت على مدرس يدرسلها في البيت ...ممكن!! وهعطي لحضرتك المبلغ اللي تطلبه.
ليهتف حسام
_أنا للأسف مش بعطي أي دروس خصوصية أبدا ...لكني مستعد اني أساعد شوق ...البنت فعلا محتاجة مساعدة ودعم معنوي كبير جدا.
_ياريت الله يخليك يا أستاذ أنا مبقتش عارفة اعملها ايه .
_بصي حضرتك الكلام في الموضوع ده يطول شرحه وأنا عندي حصة دلوقتي ...لو بامكانك تنتظريني لحد ما أخلص حصتي واتناقش معاكي في بعض المسائل بخصوص البنت؟
وافقت هي على الفور
_مفيش مانع ابدا ...هنتظر حضرتك تخلص اللي وراك.
بعد حوالي ساعة حضر حسام الى المكان الذي تنتظره فيه أم شوق وهو عبارة عن حجرة المعلمون ولكن لم يكن سواها بها
فألقى التحية عليها مبتسما
_أنا آسف اتأخرت على حضرتك.
_ ولا يهمك يا أستاذ...أنا مش عايزة أعطل حضرتك.
جلس على مسافة منها
_مفيش عطلة ولا حاجة انا خلاص خلصت الحصص اللي عندي النهاردة ...ممكن أسألك شوية أسئلة بخصوص شوق؟
_اتفضل يا أستاذ
_ممكن حضرتك تحكيلي اخبار شوق في السنين اللي فاتت أنا عرفت انها انتقلت من مدرسة خاصة لهنا.
بدأت أم شوق تقص عليه كل ما حدث مع شوق منذ أن بدأت تدرك ان ابنتها تعاني مش مشكلة في التعلم.
أخذ حسام يفكر فيما قالته أم شوق ليهتف بعد ان تأكد يقينا أن شوق تعاني من صعوبات في التعلم
_ممم بنتك للأسف ..بتعاني من صعوبات التعلم... معقولة محدش من المدرسين نوهوا لك بده.
حركت رأسها بالنفي
_ كلهم كانوا بيقولوا ان قدرتها الاستيعابية منعدمة وان دماغها واقفة مبتستجبش خالص.
حرك رأس يرفض ما يقولونه
_لا طبعا اللي بيقولوه ده كله غلط ... البنت بتستوعب كويس جدا ...بس المشكلة عندها في طريقة تلقي المعلومة نفسها ...بمعنى أن الاسلوب المتبع معاها نفسه من الاول غلط ...حالة شوق بيعاني منها العديد من الاطفال بدرجات متفاوتة وحالة شوق الأصعب من بينهم .
_يعني ايه يا أستاذ وايه صعوبات التعلم اللي بتقول عليها دي ونحلها ازاي.
_صعوبات التعلم ده أنواع كتير ...وباب واسع جدا ومحتاج متخصصين ودراسة متعمقة ...ولحسن حظ شوق اني بعمل رسالة الماجستير بتاعتي عن صعوبات التعلم وانواعها وطرق علاجها ويمكن ده اللي خلاني أقدر أكتشف حالة شوق .
هتفت الام بفرحة
_طيب قولي الله يخليك يا استاذ اتصرف ازاي مع البنت ...ده ابوها حالف لا يخرجها من المدرسة ويجوزها
_الاول علشان نعرف نتعامل صح مع البنت لازم نعرف اي نوع من انواع صعوبات التعلم بتعانيه شوق هل صعوبة الحركة (ديسبراكسيا)...ام صعوبة الحساب (ديسكالكيولا)....ام اضطرابات الانتباه والتركيز ...ام صعوبة الكتابة (ديسجرافيا) ...ولا عسر القراءة (صعوبات القراءة.. ديسليكسيا )
حملقت به ام شوق. بعدم فهم فلأول مرة تسمع المصطلحات التي يقولها ..وعلى ما يبدو ان الأمر ليس سهلا كما كانت تظن
لذا هتفت بحيرة
_وهنعرف ازاي يا أستاذ
_دي مهمتي ..هقعد مع البنت مرة واتنين و٣ لحد ما أحاول أني احدد اي نوع بالظبط بتعانيه شوق
_ياريت يا أستاذ وهيبقى جميل مش هنساهولك طول العمر.
_ده واجبي يا مدام ..واطمني شوق انا بعتبرها زي بنتي بالظبط ويهمني أمرها... ممكن بس رقم حضرتك علشان لو في جديد ابلغ حضرتك او لو عايز استفسر عن جزئيات معينة ؟
أخرجت هاتفها من حقيبتها بلهفة فأخيرا وجدت من سيخرج ابنتها من مشكلتها
_اوي اوي يا أستاذ ...اتفضل ...٠١٠
_انا عايز اقول لحضرتك ان الموضوع مش سهل لإن اكتشاف اي نوع من انواع الصعوبات دي أمر مقعد جدا وده لإن كل الاعراض متداخلة ومتشابكة ببعضها وده هيخليني استعين بخبراء متخصصين علشان اوصل .
_اعمل اللي حضرتك شايفة صح وأنا معاك في أي فلوس حضرتك تحتاجها المهم بنتي نلاقي لها حل .
_الفلوس دي أخر حاجة ممكن نفكر فيها .. حضرتك ادعي بس وقولي يارب يوفقنا في حل مشكلتها....والأهم دلوقتي...ان حضرتك ووالد شوق تتفهموا مشكلتها ومتحسسوهاش بأي قصور او فشل...ياريت تقدموا لها الدعم النفسي والمعنوي وانكم جمبها وبتحبوها ومتقبلينها زي ما هيه ...بتحبوها بكل حالاتها ...وياريت بلاش الكلام اللي يحبط او أي نظرة تحسس البنت بالعجز او الفشل ....زي الكلام اللي حضرتك كنتي بتقوليهولها اول ما قابلتكم ...الكلام ده والنظرات دي كفيلة انها تهدم كل اللي هنعمله وهتخلينا نفشل قبل ما نبتدي.
بدأت ام شوق تشعر بمدى صعوبة المشكلة التي تمر بها ابنتها وبعظم المسؤلية التي تقع على عاتقها
_ان كان عليا حاضر هوعدك اني أعمل كدا... بس ابوها اللي مش عارفة اعمل معاه ايه ...يارب يسمع كلامي ويساعدني
_اه ياريت تحاولي معاه وتتعبي علشان بنتك لو عايزة فعلا مصلحتها.
_بإذن الله يا أستاذ ...أنا معرفتش اسم حضرتك
حك حسام شعر رأسه بسخافة
_اه صح انا نسيت الحماسة خدتني معلش ...أنا استاذ حسام الدمنهوري
_اهلا وسهلا يا استاذ ده انت ربنا بعتك لبنتي من السما .
_ربنا يقدرني واقدر اساعدها فعلا.
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
أسماء عبد الهادي
بعد فترة دامت شهر كامل من البحث وسؤال المختصين والتقييم لأداء شوق من خلال كونه معها لحظة بلحظة استطاع حسام ان يعرف ان ما تعانيه هو الديسلكسيا "عسر القراءة" والتي كانت اعراضه جلية على شوق وهي
*القراءة البطيئة أو غير الدقيقة
هجاء فقير جدا
*صعوبة في الربط بين الكلمات الفردية مع معانيها الصحيحة
*صعوبة في مراعاة الوقت، ومفهوم الوقت
*صعوبة في مهارات التنظيم
*صعوبة فهم التعليمات السريعة، صعوبة اتباع أكثر من أمر واحد في وقت واحد أو تذكر تسلسل الأمور
*انتكاسات للحروف (بي ودي) وعكس كلمات (saw for was)
*الفشل في رؤية (وأحيانا سماع) أوجه التشابه والاختلاف في الحروف والكلمات
*ضعف في التمييز بين أحرف العلة فقد تقرأ كلمة ( فول ) فيقول ( فيل).
*ضعف التركيز عند الاستماع للقصص.
لذا هاتف والدتها وطلب مقابلتها في المدرسة فهو المكان الذي يلتقيان فيه دائما لمناقشة أمور شوق ومدى تقدير الامور في حالتها .
استأذنت زوجها على الفور عن طريق الاتصال به هاتفيا فلم يكن هو يبالي بأي شىء يخص ابنته وكأنه نفض يده عنها لذا أخبرها أن تفعل ما يحلو لها بشأن ابنتها
لم تكذب هي خبرا ولم تضيع أي فرصة على ابنتها وارتدت ملابسها على الفور وذهبت لتقابل المعلم ربما سيخبرها بما سيقر عينها ويطمئن قلبها السقيم على ابنتها.
في المدرسة و تحديدا في المكتبة
_ازي حضرتك يا أستاذ حسام
_اهلا بحضرتك ..أنا كويس الحمد لله ...اخباركم ايه ..عسى تكونوا بخير ان شاء الله ..اتفضلي اقعدي
هتفت وهي تتخذ مقعدا
_الحمد لله بخير يا أستاذ ... طمني وصلت لحاجة بخصوص البنت بشرني الله يسترك
_أنا قدرت بعون الله بعد سؤال المخصين اني اعرف ان شوق عندها الديسلكسيا..يعني عسر القراءة...ومع ذلك منقدرش نجزم ١٠٠٪ انها مؤكد بتعاني من النوع ده بعينه ...لكن المؤشرات كلها والاعراض بتشير اليه اكتر من غيره .
تنهدت ام شوق بغلب
_طب والحل ايه؟
_دلوقتي احنا حطينا ايدينا على أول الطريق الصحيح ..لو اتبعنا الطرق العلمية الصحيحة ان شاء الله هنلاقي نتايج مُرضية .
_ايوة يا أستاذ حسام أنا مش فاهمة ايه اللي المفروض نعمله
_اول حاجة وقبل ما نحدد كورس العلاج...لازم طبيب مختص يفحص شوق ونشوف هل في أي مشاكل عضوية ولا لا؟.
حملقت به ام شوق وهتفت بزعر
_يالهوي يعني البنت معاقة ذهنيا يا استاذ حسام ؟؟؟؟ عندها مشاكل في عقلها؟؟
هز حسام رأسه بالنفي
_أنا مقلتش كدا أبدا ... الديسلكسيا مش معناها تخلف عقلي او ان البنت غبية او تفتقر للذكاء بل بالعكس شوق تمتلك نسبة الذكاء الطبيعي ولسه كمان هنقيس مستوى ذكاءها أكتر من مرة بعد كل مرحلة من مراحل العلاج والتأهيل التربوي ...انا اتكلمت مع أستاذ الحساب اللي بيدرس لشوق وأكد لي أنها بتقدر تحسب وتستخدم عقلها في العمليات الحسابية، المشكلة عندها في التمييز بين الارقام وده اللي هنعالجه بإذن الله.
_أنا تهت منك يا استاذ حسام ومبقتش عارفة ايه المطلوب مني دلوقتي .
_المطلوب دلوقتي حضرتك تيجي معايا عند دكتور المخ والأعصاب ...أنا حجزت معاد معاه لشوق علشان نقف عند أساس المشكلة العضوي ومعالجته...حضرتك عندك اي مانع في النقطة دي!!...ياريت توافقي علشان مصلحة البنت .
حركت ام شوق رأسها نفيا فلقد فكرت في زوجها الذي لا يهتم ...لذا قررت ان تفعل كل شىء بمفردها ولا تعتمد على زوجها في ذلك وحمدت ربها انه سخر لها ذلك المعلم الطيب لمعاونة ابنتها على التحسن
_أنا جاية معاك يا أستاذ وموافقة على حاجة حضرتك هتعملها المهم مصلحة البنت
وقف حسام مبتسما
_يبقى توكلنا على الله ...هروح استأذن من المدير ، اللي فهمته حالة شوق والحمد لله تفهم جدا...وهجيب شوق وهرجع لحضرتك.
أسماء عبد الهادي
،🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
في عيادة الطبيب المختص
وبعدما أجرى الفحوصات اللازمة والأشعة على دماغ شوق وبعدما أخبره المعلم بكل ما يتعلق بحالتها
جلس ثلاثتهم"حسام وشوق وأمها" أمام الطبيب لينظروا ماذا سيقول
فبدأ الطبيب بإلقاء بعض الأسئلة على ام شوق بينما يدقق النظر في الأشعة في يده
_قوليلي يا مدام ...هل زوجك كان بيتعاطي الحكول او أي نوع من أنواع الإدمان التانية؟
طالعته أم شوق باستغراب ونظرت للمعلم الذي أومأ لها لتتشجع وتجيب على السؤال بصراحة.
لتحرك هي رأسها بالنفي
_لا يا دكتور ...أبو شوق مش مدمن على الحاجات دي الحمد لله
_ولا كان قبل كدا في فترة حملك بالبنت!!
_ لا خالص عمره ما شربها
_ولا حتى سجاير!!
_اه ايوة ..السجاير دي علطول ..غلبت فيه يبطلها بس مقدرتش ...بطلها شوية ورجع تاني يشربها بشراهة أكتر من الأول .
_تمام ...سؤال تاني من فضلك ... هل عندكم حد في العيلة بيشتكي من اللي بتشكي منه شوق ...يعني هل في العيلة حد بيعاني من عسر القراءة ؟؟؟
شردت أم شوق تفكر في سؤال الطبيب
_ممم ..مش عارفة يا دكتور ...أحنا صعايدة وكنا ساكنين في قرية بسيطة محدش من أهلي اتعلم غيري حتى أنا مكملتش ...وكمان غريب محدش في أهله اتعلم وكمل تعليمه غيره .
ضم الطبيب شفتيه وعاد بنظره يدقق في الأشعة
_اممم. بصي يا مدام لازم تعرفي ان الديسلكسيا بتكون نتيجة خلل في خلايا الدماغ نتيجة تعرض الجنين في بطن أمه لدخان السجاير او المواد المدمنة عن طريق استنشاق الأم ليها او تعاطيها وليها نوعين اما وراثي وده بيكون صعب علاجه بس مش مستحيل وإما ثانوي زي اللي بتعاني منه شوق ...و اللي له حل بإذن الله مع كورس العلاج الطبي اللي هعطيهولها والتدريب المكثف اللي هيقوم بيه مستر حسام
ليتحدث حسام
_أفهم من كدا يا دكتور ان شوق حلصها كدا بسبب تعرض أمها أثناء الحمل للسجاير اللي كان بيشربها زوجها ؟
_بالظبط كدا ...فاتأثر دماغ البنت وهيه جنين ..فبالتالي المخ لم ينمو بطريقة صحيحة وحدث فيه مشكلة وخلل بسيط أدت للأعراض اللي بتعاني منها شوق دلوقت.
نظرت أم شوق لابنتها باشفاق ومن ثم ضمها إلى صدرها
_يا حبيبتي يابنتي كل اللي فيكي ده بسببي أنا وأبوكي والله مكنتش أعرف ان ممكن دخان السجاير ده يأذيها بالشكل ده
ليتحدث الطبيب بجدية
_اومال حضرتك فاكرة ايه .. الموضوع أخطر من اللي أي حد يتصوروا ...استهتار الأهل بأبناءهم حتى وهما أجنة ده شىء خطير وبيترتب عليه مفاسد كتيرة جدا .
طالعته تستنجد به بعد أن قبلت ابنتها عدة مرات باشفاق عليها
_والعمل دلوقتي يادكتور ..الله يرضي عليك شوف للبنت حل .
تحدث الطبيب بعملية شديدة
_ما أنا قلت لحضرتك يا مدام ... بناء على الأشعة اللي قدامي هكتب للبنت على العلاج المناسب لتنشيط الدماغ ده غير ان مستر حسام عليه انه يجتمع مع معلمين شوق ويصمم برنامج تعليمي خاص بيها ومناسب لحالتها... الموضوع كان هيبقى اسهل ما يمكن لو كنتوا اكتشفتوا البنت بدري عن كدا
ليهتف حسام مؤكدا ليوضح لأم شوق
_ده صحيح ....الأعراض بتكون واضحة جدا في سن ما قبل المدرسة ... يعني هتلاقي الطفل لما يمسك كوباية الماية ايده تترعش وتتهز ويوقع الماية من الكوباية... ...تأخر في الكلام وصعوبة في نطق بعض الكلمات والجمل ...وكمان صعوبة في في ارتداء الملابس كالحذاء أعزكم الله..صعوبة في التركيز في الاستماع لما يقرأ له من قصص
طالعتهم أم شوق بتوجس وخشيت استحالة او صعوبة علاج ابنتها فهي تأخرت في إكتشافها فبدلت نظراتها التائة بينه وبين المعلم حسام وبدت كالتائه وسط صحراء قفر لا حياة فيها ولا سبيل للنجاة
ليفهم حسام ما يعتري قلبها من قلق فقال محاولا ان يبدد قلقها وتوترها
_بإذن الله ربنا هييسرلنا ..وكل حاجة هتبقى تمام...وشوق هتتحسن بس انتي قولي يارب
رفعت يدها عاليا بسرعة وتوسل
_يااااارب... عليك صلاح الحال يارب.
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
ديسليكسيا بقلمي أسماء عبد الهادي
بعد أسبوع
يمكننا القول أن حسام قد سخر كل وقته واهتمامه بحالة شوق وعلاجها فقام بعمل الآتي ...
_ استطاع إعداد برنامج تعليمي خاص مع إمكانية التغيير المستمر به ليناسب حالة شوق في كل مرة
_كما عمل على تحديد أدوات ووسائل خاصة لتساعد شوق على سهولة تلقي واستيعاب المعلومة .
_تصميم بيئة عمل خاصة بحالة شوق وحدها لتستطيع استيعاب المعلومة دون مشتتات .
_كما أنه عمل على تقسيم المهام الكبيرة الي مهام صغيرة لتستطع شوق إدراكها وإنجازها بسهولة فتشعر بالإنجاز . ..وبالتالي ستزيد ثقتها بنفسها أكثر وأكثر
🌼🌼🌼🌼🌼🌼
بقلمي أسماء عبد الهادي ديسليكسيا
ولا أحلل نقلها لأي جروب او مدونة على جوجل دون أذني .
لم تعد شوق تحضر دروسها مع زملاءها في الصف وانما أصبحت مسئولية تعليمها كاملة على المعلم حسام ...الذي وجدها مثالا حي لإنجاز مشروعه العلمي وإنهاء دراسته لاكمال رسالة الماجستير الخاصة به
لاحظ حسام حب شوق لحصة الBE والألعاب الرياضية فاستغل ذلك فدمجه في التعليم لذا كان يجعل شوق تتلقى المعلومة بينما تمارس العدو مثلا ...او تقوم بالقفز في المكان وذلك لتحفيز الدماغ وتنشيطه
كما كان يطلب منها أن تقول النص على هيئة أنشودة سهلة الحفظ بينما تقفز او تحنجل وتكررها عدة مرات إلى أن تحفظها.
صمم لها بطاقات مكتوب عليها الأحرف باللغتين العربية والإنجليزية ويطلب منها تكوين كلمات من خلال تلك الحروف
في البداية كان الأمر عسير عليها ... لكن مع الاستمرار والمتابعة والتقييم المستمر بالإضافة إلى تناول علاجها الذي وصفه الطبيب بانتظام ...بدأت تستجيب ولو استجابة طفيفة في كل مرة ...
استمر بها الحال فصلا دراسيا كاملا مع البرنامج التعليمي المكثف .
كما تعلمت الأم كيف تتعامل مع ابنتها وكيف تلقي إليها الأوامر لذا فبدلا من أن تقول لها
_ادخلي اوضتك وغيري هدومك بعدين اغسلي ايديكي وتعالي اقعدي على السفرة علشان نأكل وبعدها هتجيبي الواجب علشان نخلصه مع بعض
كانت شوق في السابق لا تعي شيئا مما تقوله أمها وتقف ثابته كالبلهاء ...فتصرخ أمها عليها وتعيد عليها تلك الأوامر ولكن بصوت أعلى وأعنف.
لكنها الأن بدأت تفهم طبيعة حالة ابنتها ومتطلباتها فأصبحت الأوامر التي توجهها لابنتها مباشرة ويسيرة
_شوق ادخلي غيري هدومك
وما ان تفعل شوق ذلك حتى تطلب منها الامر الذي يليه
_أغسلي ايديكي
ففعلت شوق في الحال ..لتتجه الأمر للامر الذي يليه
_يلا اقعدي علشان نتغدى
وحرصت على إعداد الاطعمة المنشطة للدماغ كما اوصاها الطبيب..كالبيض والأسماك الدهنية والخضروات الورقية والمكسرات والشوكولاتة الداكنة
وجدت ام شوق ان الأسئلة المباشرة البسيطة تستطيع شوق انجازها وبكل سهولة مما حسن من العلاقة بينما فلم يعد هناك صراخ او صرامة أثناء الحديث ولم تجد تشنجا او عنادا من شوق .
وأثناء امتحانات الترم الاول
تم إعداد اختبارا صمم خصيصاً ليناسب حالة شوق فيقوم به حسام بالمكوث معها وشرح لها الاسئلة بطريقته الخاصة لتجيب هي عليه تماما كما علمها
كما تم منح شوق وقتا إضافيا لموعد انتهاء الاختبار لحتى تتمكن شوق من حل كل الأسئلة
وبطول تلك المدة تعلقت شوق بمعلمها الذي كان حنونا عطوفا معها مقدرا حالتها لأقصى حد ممكن ...سهلا يسيرا معها ...فباتت لا تستغني عنه ولا تأتيها شجاعتها وثقتها بنفسها الا بحضوره .
أراد حسام ان يشرك شوق مع صفها ولو ليوم واحد في الأسبوع ...لحتى تكسر الروتين ولحتى تتمكن من اكتساب بعض الأصدقاء فلا تظل وحيدة مختلفة عن البقية .
ففي مرة من المرات التي كانت فيها شوق تشارك صفها وتجلس معهم .
سأل المعلم سؤالا في تهجي كلمة "توجيهات"..... شعرت شوق أنها تعرف تلك الكلمة لكنها ترددت هل ترفع يدها كالبقية ولأول مرة ترفع يدها وهي على يقين بالإجابة
لاحظ المعلم ترددها فطلب منها أن تجيب بغية تشجيعها فكل المعلمون بالمدرسة قد أعلمهم المعلم حسام بحالة شوق لحتى لا يسيئوا معاملتها
وما ان طلب منها المعلم ان تقوم بتهجي الكلمة وما ان فتحت شوق فمها لتنطق حتى شعرت أنها نسيت تماما ما كانت تود قوله رغم انها كانت تعرفها جيدا لكن يالا الأسف طارت الكلمة عن رأسها تماما ..فأخذت تتهته تتتتت...دون ان تستطيع ان تقول الحرف الذي يليه فأخفضت رأسها بخيبة أمل كبيرة أصابتها ونزلت دموعها رغما عنها وشعرت وكأن من بالصف جميعهم ينظرون إليها ويسخرون منها كسابق عهدهم معها .
اجل انهم يسخرون منها مرة أخرى ...يرشقونها بنظراتهم الضاحكة ، ينعتونها بالغبية ثانية ...ظنت أنها ارتاحت من ذلك العناء ...ظنت أنها لن تسمع كلمات تؤذيها وتصيبها بالاحراج بعد أن أصبح مستواها أحسن...هي تبذل قصارى جهدها كي تتعلم كي تلحق بهم...كي تمحي الأثر النفسي الذي تسببه لها تعليقاتهم الساخرة عليها ...كي لا تكون منبوذة من الجميع حتى المعلمين...حتى لا تبيت ليلها كله باكية تستعيد يومها الطويل الذي كان يمر عليها كالدهر وهي تتحمل شماتة تلك وسخرية ذاك ...تتحمل جفاء المعلمين وقسوتهم ...وصرامة والدها ونظرته المشمئذة لها .
لكن هيهات هيهات يبدو أنها كانت تحلم ...او تتوهم فها هي تعود للتهتهة مرة أخرى... لا تستطيع ان تجيب معلمها ..لا تستطيع القراءة ولا تذكر الأحرف ...ليعود كل شىء كما كان كما لو تفعل شيئا ...ليصاب قلبها بالكمد والهم ...فتخفض رأسها لأسفل لتخفي وجهها عن الجميع تود لو أن تختفي من العالم أجمع علها تريحهم منها او ترتاح هي .
انشغل المعلم بشرح بقية الدرس ولم ينتبه لها الى أن انتهى الدرس وخرج المعلم من الصف وما ان فعل ....حتى هبت شوق تركض خارج الصف بكل ما أوتيت من قوة قبل ان يدلف المعلم الآخر للصف ...متناسية حقيبتها ..متناسية كل شىء المهم أن تبتعد عن الجميع ...تبتعد وتبتعد...
أسماء عبد الهادي
كانت الحصة التالية من نصيب المعلم حسام الذي دلف الصف واول شىء بحث عنه بابتسامة منفرجة هي شوق ...متفائلا بطفلته التي يستبشر بها خيرا ...ومؤمن يقينا أنها ستتحسن وستصبح ذا شأن يوما ما .
تاهت نظراته وهي تتحول في أوجه البنات جميعهن ولا يجد شوق من بينهن
لتعبس قسمات وجهه وتتحول تلك البسمة لنظرات قلقة ليهتف بتساؤل
_هيه شوق فين ...راحت التواليت!!!
لتنهض إحدى الفتيات والتي تتسم بالجرأة والصوت العالي
_لا يا مستر... دي أول ما الحصة خلصت ...خدت بعضها جري ومشيت علطول .
رفع حسام حاحبيه بزهول وهتف بغضب
_حد زعلها؟؟
لتهتف الفتاة باستهزاء من شوق وهي تتذكر عدم قدرة سوق على تهجي الكلمة
_أصلها يا مستر معرفتش تتهجى كلمة وفضلت طول الحصة تخبي وشها من الكسفة اللي هيه فيها
تجهم وجه حسام وتعكر مزاجه وقرر أن يذهب ليبحث عنها لكن أولا ليذهب الي معلم اللغة العربية ليستفهم منه ما الذي حدث لذا هتف بصرامة بينما يمسك بحقيبة شوق في يده
_مش عايز حد يتحرك من مكانه لحد ما ارجع مفهوم!
حرك الجميع رؤسهم
_حاضر يا مستر.
ذهب الى الأستاذ عبد العزيز مدرس اللغة العربية ليحكي له ما حدث
فيسأله حسام
_وانت زعقت لها أو ضربتها؟؟
_لا خالص ...ولا بينت ليها اي حاجة وكملت شرح عادي
_طيب محاولتش تطيب خاطرها بأي حاجة
_ صراحة لا، التفت للدرس علطول علشان اخلصه أصلنا متأخرين في المنهج حبتين .
زفر حسام بضيق وأومأ للمعلم بصمت وتركه باحثا عن تلك التي لم تتحمل فشلها ثانية .
بحث عنها في أرجاء المدرسة كلها لكنه لم يجد لها أثر... لكنه بعدها أدرك أين يجدها .. فرفع بصره لأعلى ليجدها تماما كما توقع ...كما اعتادت هي أن تخلو بنفسها فتذهب لمكان لا يذهب اليه أحد
تنهد متأسفا على حالها وهم بصعود الدرج بغية الوصول إليها.
تجلس على حافة السطح تنظر للأفق بلوعة وكأنها عصفورة صغيرة حبيسة ما تعانيه فلا تستطيع الخلاص واللوذ بالحرية
وقف جوارها مزينا وجهه بابتسامة هاتفا وكأنما شيئا لم يحدث
_نسيتي شنطتك
التفتت اليه لتجده يطالعها ببسمة حانية وكأنه بذلك ضغط على زناد دموعها فانفجرت باكية تلقي بنفسها في أحضانه
تركها لتخرج ما بداخلها من هم لحتى ترتاح ومن ثم مسد على شعرها بحنان بالغ وظل صامتا ليترك لها حرية الخيار إما أن تخبره ما بها او تصمت كعاتها
ليجدها تنفجر وكأنها قنبلة موقوتة مرة أخرى بالبكاء لكن هذه المرة وهي تشكوه معاملة الجميع لها ومعاناتها بسبب مشكلتها
_أنا تعبت يا مستر...انا غبية وهفضل طول عمري غبية ...مفيش فايدة فيا زي ما الكل بيقول...كنت مفكرة اني هقدر أكون زي زمايلي ...كنت مفكرة إن خلاص هكون شاطرة زيهم ومحدش هيستهزأ بيا تاني ... مش هكون وحيدة من تاني وهقدر أكون صداقات زيهم...ظنيت ان معاناتي خلاص انتهت وبابا هيرجع يحبني زي زمان ...بس الظاهر اني هفضل طول عمري كدا ...أنا زهقت وتعبت وعايزة أموت نفسي يمكن ارتاح
قالتها وهي تبكي بقهر على حالها
تركها إلى أن انتهت تماما وأخرجت كل ما بجعبتها من دمعات حتى كفت تماما كل ذلك وهو يحتضن رأسها بين يديه
وما ان انتهت حتى ابتعد عنها وصعد الى سور السطح ووقف عليه
تابعته شوق بعينيها باستغراب وما ان رأته يمد إحدى أرجله للخارج
حتى نهضت من مكانها فزعة وهتفت بخوف عليه متناسية حزنها وبكاؤها
_مستر حضرتك بتعمل ايه؟؟
التفت اليها وهتف مدعيا اللامبالاة
_ولا حاجة ... عايز أموت نفسي يمكن ارتاح زي ما قلتي.
ازدردت ريقها بتوجس مع حركة بؤبؤ أعينها الفزعة وتلقائيا حركت يدها نحو قدمه تتشبث به لتثنيه عما يود فعله
_لا يا مستر اوعى تعمل كدا.
ابتسم في نفسه بمكر فهو فعل هذا كي يلقنها درسا من خلاله تتعلم ألا تفكر بتلك الطريقة المأساوية أبدا
لذا استدار لها وجلس على حافة السور مدعيا الضيق
_لأ ليه يا شوق ... انا تعبان في حياتي ومش مرتاح وانتي قلتي بنفسك لو موتت هرتاح ...سيبي ارتاح بتمنعيني ليه؟؟
هتفت بقلب صادق
_علشان بحبك يا مستر ومقدرش أتحمل بعد حضرتك عني او إنه يحصلك أي حاجة وحشة
_يعني حبك ليا كافي إنه يزيل همومي ويخليني أرتاح
تلقائيا مدت يدها تشدد على كفة يده وطالعته بدمعات تنهمر من عينيها كنهر عذب
_ بس أنا لسه صغيرة ومقدرش أعمل حاجة علشان اساعدك
_معنى كلامك إن وجود حد جنبي بيحبي ده كفيل إنه يخليني مرتاح
_ايوة يا مستر ... ارجوك مش عايزة أشوفك زعلان تاني
_طيب ليه أنا شايفك حزينة بالشكل ده ومش مرتاحة رغم انك عارفة اني بحبك وماما وبابا وناس كتير تانية بتحبك
تركت شوق يده وأدارت ظهرها له لتخفي حزنها وانكسارها
ليحملها من كلتا كتفيها ويجلسها جواره
لتخفض هي رأسها وتقول بكدر
_محدش بيحبني يا مستر غيرك انت وماما ...حتى بابا بطّل يحبني علشان انا غبية ...مش مرتاحة وأنا بشوف نظراتهم ليا وتقليسهم عليا ...رغم اني بحاول اتحسن بحاول أكون شاطرة مش بتكاسل أبدا
أخذ حسام نفسا عميقا ثم رفع رأسه لتطالعه ليهتف بجدية ناصحا اياها
_انتي تعبتي علشان منتظرة راحتك من الناس
متعلقة بنظرة الناس ليكي ولو اتحسنت هتتحسني وده اكبر غلط
متراقبيش الناس ومتنتظريش الناس تمجدك علشان تعلي في نظر نفسك
لازم تكوني عارفة ان بداية النجاح ..هو ايمانك انتي بنفسك
خليكي شجاعة وواجهي تضارب تصرفات البشر بتحدي ..خلي كل نظرة استهزاء وشماتة بدل ما تموتك تكون دافع ليكي لقدام.
تجاهلي اي موقف ميعجبكيش وبصي للجانب الإجابي وافرحي بتقدمك خطوة بخطوة
مسحت دموعها بباطن كفها
_كلامك صعب يا مستر مش قادرة استوعبه
ليبتسم هو ويشدد من قبضته على يدها
_ أنا آسف انا فعلا كلامي كبير شوية عليكي بس خليكي فاكراه لو مفهمتيهوش دلوقتي بكرة هتفهميه ...
انتي لسه في أول المشوار لو عايزة تنجحي ويكون ليكي مستقبل زي ما وعدتيني خليكي قوية زي النخلة ممكن الرياح تهزك شوية بس في الآخر إنتي ثابتة ولسه مكانك ...الرياح معرفتش تحيدك عن طريقك اللي راسماه لنفسك ...شوق انتي مش غبية ولو مكنتش شايف فيكي أمل مكنتش سبت اللي ورايا وفضلت معاكي لحظة بلحظة....شوق احنا لازم ننجح انتي مش لوحدك بس اللي بتعاني في كتير زيك كدا ومحدش عارف حالته او يتعامل معاه صح.... انتي لازم تنجحي علشان تكبري وتساعديني في اننا نقضي على معاناة أي طفل بيواجه صعوبة في التعلم ...اوعديني انك لما تكبري تمشي على خطايا يا شوق.
حدقت به غير مصدقة ما يطلبه منها فأشارت إلى نفسها بتعجب
_أنا يا مستر ؟!
ابتسم لها بحنو مشجعا إياها
_اه انتي متقلليش ابدا من قيمة نفسك ..وخدي بالك مش هقبل منك أي اعذار ... هتذاكري وهتتفوقي وهتساعدي كل الأطفال اللي بتعاني من نفس مشكلتك ... ماهو مش بيحس بالنار غير اللي اتلسع منها وانتي اكتر حد هيحس بيهم وهيساعدهم يتغلبوا على مشكلتهم
ابتسمت له شوق ورجع لروحها الأمل من جديد فتورد قلبها وعاد يخفق بحماسة متسائلا
هل ستنجح!!.. هل هي حقا الشخص المناسب لتلك المهمة الهامة!!
ليومأ لها حسام بأعين مؤكدة على انها كذلك
فينشرح قلبها بذلك الأمر وعادت اليها عزيمتها وثقتها بنفسها من جديد
قفز حسام بخفة من السور ووقف أمام شوق الذي اتسعت ابتسامتها
_ أنا ملاحظ إنك بقيتي تنطقي حرف الدال كويس خالص أهو ...
ابتسمت له شوق بحرج
ليبادلها الابتسامة وهو ينزلها من حافة السور
_خلينا يلا نشوف حل لمشكلة النسيان اللي بتقابلك دي.
نزلا من سطح المدرسة إلى المكان الذي بات مكانهما ..يعلمها فيه حسام كل يوم
جلس جوارها على الأرض العشبية وقال بهدوء
_ إنتي بتقولي إنك نسيتي الكلمة مش كدا
هزت رأسها ببأس
_اه ...كنت عارفاها وأول ما وقفت علشان أقولها فجاءة مرة واحدة اتبخرت ونسيتها ومبقتش عارفة أنطق حرف واحد مش عارفة ليه .
وضع حسام يده على ذقنه وكأنه بفكر وهتف
_اممم ..قوليلي كنتي حاسة بإيه أول ما وقفتي علشان تتهجي الكلمة!!
زاغت أعين شوق وتحرك بؤبؤ أعينها بسرعة وهي تقول
_كنت حاسة ان الفصل كله بيبص عليا ومركزين معايا وكلهم مستعدين انهم يضحكوا عليا زي كل مرة ...وكمان كنت حاسة ان الاستاذ بيبصلي بخيبة أمل لإنه متأكد اني مش هعرف أقول حاجة كالعادة
_بس ده مش صحيح .. مجرد تخيلات عقلك اللي فرضها
طالعته شوق باهتمام
ليردف هو حديثه
_ قلة ثقتك بنفسك هيه السبب يا شوق ...احنا اتفقنا إنك تؤمني بنفسك وتخليكي شجاعة ...اول ما تقفي علشان تجاوبي على السؤال متفكريش في أي حاجة تانية غير إجابة السؤال وبس متخليش عقلك يتشتت بمراقبة تصرفات زملاءك ورود أفعالهم حتى لو مش هتعجبك...اقفي وخليكي قوية وواجهي مخاوفك بقلب جامد .. ولو غلطتي مفيش مشكلة دي مش نهاية العالم... أنا قلتلك قبل كدا إنك مشوارك طويل شوية ومحتاج مثابرة واجتهاد أكتر ...ها مستعدة علشان نبدأ تدريبات النهاردة .
أخذت شوق نفسا عميقا بحماس
_مستعدة يا مستر
_طيب يلا اتهجي كلمة مثابرة
أغمضت شوق أعينها وبدأت تجمع حروف تلك الكلمة في رأسها ثم قالت
_ م....ث...
أخذت تفكر قليلا ليهتف المعلم حسام
_شوق ..اتفقنا تستخدمي أكتر من حاسة علشان تفكري ..يلا نطي او حنجلي زي ما احنا متعودين
بدأت شوق تفعلها ..تقفز مع كل حرف تقوله
_م... ث... ا...ب...ر..ة
صفق لها حسام بحرارة مشجعا إياها
_برافو ... برافو يا شوق ...طب إيه بقا ؟؟
أخفضت شوق شفتيها لأسفل
_ماهو أنا في الفصل مش هقدر اتنطط كدا يا مستر ... الفصل كله هيضحك عليا زيادة
ابتسم لها حسام ضاحكا ونهض من مكانه وقال وهو يومأ لها بعينيه
_في أكتر من طريقة بدل النط او الحنجلة ...ممكن تخبطي بصباعك على البنش ..او حتى على رجلك ..المهم يكون في ايقاع شغال وانتي بتحفظي او بتستدعي المعلومة من دماغك ... يلا اتفضلي طلعي بطاقاتك واوراقك علشان نبدأ درسنا النهاردة ...لحد ما أروح أطلب من مستر حمدي ... يدخل حصتي مكاني ....وأجيب الوسيلة اللي محضرهالك لدرس النهاردة.
كان حسام يستخدم مع شوق في شرح قواعد الانجليزية "الوسائل التعليمية"الذي يعدها هو خصيصا لتناسب حالة شوق لحتى تفهم القاعدة بسهولة ...فلا تتعلم شوق بأسلوب التلقي والاستماع فقط وانها تجعلها الوسائل التعليمية... تستخدم جميع حواسها كالملس وتحريك أيديها وأرجلها بالاضافة الى البصر والسمع وأحيانا الشم والتذوق في المواد التي تحتاج لذلك كالعلوم على سبيل المثال .
حيث احضر حسام مجموعة مكبرة من الصور والكلمات ووضعها بترتيب معين ثم قام ببعثرتهاا ثم يطلب من شوق ان تعيد ترتيبها خطوة خطوة حسب تذكرها للشكل الذي كانت عليه في السابق وحسب شرحه هو وتوجيهاته في كل خطوة...الى أن تتقن شوق القاعدة وتفهمها جيدا... قد تحتاج القاعدة الواحدة عدة تدريبات بوسائل مختلفة وتمرين مختلف في كل مرة لحتى تتقنها وتستوعبها بالكامل
وكل مرة يفعلها حسام بدون كلل أو ملل منها.. الأمر الذي يجعل شوق تقبل على التعلم بحماس يزيد يوما بعد يوم
،،🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
أسماء عبد الهادي
ديسليكسيا
لا أحلل نقلها دون اذني
في الصباح
وتحديدا في السيارة تجلس شوق جوار والدها الذي ينظر أمامه ولا يلتفت اليها أبدا
تفرك في يديها تريد أن تفتح فمها لتتحدث لكنها تتراجع في كل مرة إلى ان ترائى لها صورة المعلم حسام أمامها وهو يشجعها فقررت ان تحسم أمرها وتتحدث
_بابا حضرتك بتحبني!!
قالتها بقلب متوجس منتظرة إجابة والدها بفارغ الصبر كي يرتاح قلبها
ليلتفت اليها ولأول مرة ينتبه لما تقوله له فيهتف بصوت حازم
_لو ذاكرتي كويس واتحسنت علامتك والمدرسين مبقوش يشتكوا منك...ساعتها هحبك وأكون مبسوط منك كمان
لتهتف هي بحماس وبراءة
_اوعدك يا بابا هكون عند حسن ظنك وهتكون فخور بيا .
توالت الأيام والليالي على بطلتنا الصغيرة لم تدخر فيها جهدا وتحسن مستواها الدراسي بشكل ملحوظ لكنها لم تصل بعد للمستوى المطلوب ومازال تدريبها وعلاجها قائما إلى أن تدرك بقية زملاءها
وفي بداية السنة الجديدة والتي كانت شوق متحمسة لها كثيرا ومتشوقة لعام دراسي ستحاول فيه جاهدة أن تبذل قصارى جهدها لكن حدث ما لم يكن متوقع وقلب الموازين رأسا على عقب
ففي الليلة قبل بدء العام الدراسي بيوم واحد
تحدث والدها الى والدتها
_انتوا هترحوا تعيشوا في البلد .
استغربت كلامه وضيقت اعينها بتساؤل
_هنرجع للصعيد تاني ليه يا غريب...انت مش قلت إنك عايز تستقر في مصر وبعت كل اللي حيلتك هناك علشان نيجي ونعيش هنا وخلاص بقا ليك شغلك و اسمك ومركزك.
_غيرت رأيي وعايزكم تعيشوا هناك.
لم تنتبه أنه لم يجمع نفسه معهم واكملت بتساؤلاتها المندهشة لطلبه الغريب كإسمه ذاك
_ بس احنا كدا هبدأ من الصفر تاني يا غريب وما صدقنا قدرنا نوصل للي إحنا فيه ده
_المستوى اللي إحنا فيه ده أنا اللي وصلتله لوحدي ...كل الخير والهنا اللي انتي فيه ده من تعبي وشقايا أنا
حملقت به بتعجب واستنكار لما يقوله
_وانا وانت ايه يا غريب مش واحد...مش انت زي ما بتكد وبتتعب في شغلك... انا كمان بتعب هنا وأشقى علشان أعملك لقمتك وانضفلك هدمتك ووقف البيت ده على رجليه .
رفع شفته العليا بتهكم
_اللي بتعمليه أي خدامة بإمكانها تعمله ..مخترعتيش الذرة ياعني فمتفكريش انك عملتي حاجة يعني ...دي حتى بنتك مش عارفة تشوفيلها حل .
كلماته اللائمة لها على ابنتها انستها مرارة ما قاله في حقها لذا هتفت بعدم تصديق أهو يلومها على حالة ابنتها
_والبنت أعملها ايه...دي حكمة ربنا ان عقلها يكون بالشكل ده ومع ذلك الدكتور قال انها في أمل كبير تتحسن هيه بس تمشي على العلاج ...والأستاذ بتاعها متفائل جدا كمان
_وانا مش هستنى اشوف العلاج هيفلح ولا مهيفلحش أنا خلاص أخدت قراري ومبقتش عايزكم معايا .
صدمة صفعت وجهها بقسوة لتهتف هي باختناق ووجه بدأ في الشحوب من أثر الصدمة
_يعني ايه يا غريب !!
أجابها بجمود وكأنه لم يفعل شيئا
_اللي فهمتيه ...أنتي هترجعي الصعيد تاني انتي وبنتك تعيشوا هناك.
_وانت !! ...هتعيش هنا لوحدك ليه !! وليه تتخلى عننا بالشكل ده .
_أنا بصراحة قررت اتجوز ...وجودكم هيعيق كل حاجة
لتصرخ هي به وتمسكه من ملابسه
_قول كدا بقا... قول كدا ياراجل ابو عين زايغا ...عايز تسربنا علشان يحلالك الجو ...طب ايه رأيك انا مش منقولة من هنا .
أزاح يدها عنها بعنف
_شيلي ايدك ... انتي اتجنني ولا جرا لعقلك حاجة ونسيتي انتي بتكلمي جوزك!!
لتهتف هي بحسرة
_جوز ايه بقا ما انا خلاص بترميني أنا وبنتك علشان واحدة ست لعابك سال عليها
ليرد عليها بصفعة مدوية على وجهها لتصرخ شوق بفزع على والدتها عندما تجد أبيها يتهجم بالضرب على أمها.
_اخرسي ..وحسك عينك اسمعك تقلي أدبك عليا تاني ... انتي هترجعي انتي وبنتك الصعيد وده آخر كلام عندي ومش عايز اشوف وشكم تاني انتي فاهمة ..من بكرة الصبح هتكونوا راكبين قطر سوهاج .
علم ان زوجها قد رتب لكل شىء مسبقا ولا مجال للتراجع او لتغير رأيه فلم يهمها ما سيفعله بها فابتلعت غصة علقت بحلقها لكنها هتفت بلوعة من أجل ابنتها
_طب والبنت ...البنت بتابع مع الدكتور هنا... والاستاذ بتاعها كمان اللي مسؤول عن تعليمها كمان هنا مينفعش نمشي البنت كدا هتضيع.
وجدته يقف بجمود ويوليها ظهره لتقترب منه تتوسل اليه غير مهتمة بضربه اياها ولا بزواجه عليها فكل ما يشغل بالها هو ابنتها ومستقبلها
_بالله عليك يا غريب ... ما تفرط في بنتك ...البنت مستقبلها كله متوقف على علاجها ..دي بنتك يا غريب متتخلاش عنها... لو منتاش عايزني ...أأنا ..انا مستعدة ابعد لكن شوق لأ حرام عليك ...بص ببص أنا هروح أنا الصعيد بس سيب البنت هنا تكمل كورس العلاج بتاعها أنا مصدقت عرفنا المشكلة فين ...بالله عليك يا غريب متظلمهاش...انت من امتا بقيت قاسي كدا.
ظنت أن كلماتها أثرت فيه وانه سيتراجع عن قراره الأحمق ذلك بصمته الذي طال
فوقفت تحتضن ابنتها وتبتلع ريقها وهي تطالعه بعينيها برجاء لكن ما قاله جعلها تتصنم مكانها فالصدمة ألجمتها بكل المقاييس
_انتي طالق .
يتبع الفصل الخامس اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية ديسليكسيا" اضغط على اسم الرواية