رواية عشق الغيث الفصل الثامن بقلم ايمان شلبي
رواية عشق الغيث الفصل الثامن
رفع غيث رأسه وقد غزت ملامحه علامات الصدمه !! كاد ان يتحدث ولكن قطعه امجد قائلا بهدوء ورزانه : عارف انك مستغرب طلبي ...بسبب الخلاف اللي حصل ما بينا امبارح بس صدقني ياريت تركن الخلاف علي جمب لمصلحه اختك ياغيث
تنهد غيث بأرهاق بادي علي ملامحه ليهتف بخشونه :وايه بقي مصلحه اختي ؟
امجد بجديه:اولا احب اعرفك بنفسي ...الرائد امجد السيوفي ...واثناء ما انا براقب اختك وداني سمعت لصوت التقاط كاميرا ...معني كده ان حمزه لعبها صح وعايز يفضحكوا وسط البلد ...واللي صور وجودهم قادر يفبرك فيديو يسوء سمعت صبا...وانتوا ساعتها مش هتقدروا تتكلموا وممكن كمان مكانتك كعمده الصعيد تنزل للارض ...!!
غيث بأستغراب وقد ارتفع حاجبيه بتساؤل:والكلام ده هيفدني بايه ؟
امجد بعقلانيه:هيفيدك بأني اتجوز صبا ودلوقتي حالا !!!
غيث بدهشه:دلوقتي ؟!
امجد: ده هيبقي مجرد لعبه
غيث وقد احتدت ملامحه ليهتف بغضب:يعني ايه لعبه هي اختي لعبه في ايدك ؟!!
امجد بنفاذ صبر:افهم يابني ادم ....حمزه بكره الصبح هينشر في البلد كلها فيديو يشوه سمعتكوا ...وانتوا بكلمه بسيطه تقدروا تكذبوا الموضوع ..ازاي حصل كده وصبا كانت في بيت جوزها اصلا ؟!
غيث وقد اتخذ حديث امجد علي محمل الجد ولكن ما يشغل عقله حقا هو كيف سيخبر الجميع بأن شقيقته قد تزوجت ليله امس دون اي اعلان ؟ ليرفع رأسه الي امجد ويجده يتتطلع اليه بثبات وثقه تامه... يعلم انه سيوافق لا محاله ..
غيث بتساؤل :بس ازاي هقولهم اختي اتجوزت من غير فرح ولا اعلان ...كده الشك هيزيد ان في حاجه ؟!!
امجد بهدوء وكأنه كان ينتظر ذلك السؤال وقد احضر اجابته في ذهنه ايضا ليهتف :بسيطه جدا اتحجج بموت عم ابراهيم وان مينفعش تعمل فرح وهو لسه ميت من يومين !!!
وبالفعل استطاع امجد بأجابته البسيطه ان يقنع غيث ....ليميل غيث بجسده الي الامام ويضع رأسه بين كفيه ليتنهد ويهتف بشرود وحزن:انا موافق ...ولكن مهلا مهلا ؟! اين صوت والدته اين رأيها في تلك الزيجه المزيفه ... ليرفع رأسه ويلتفت الي والدته والتي تجلس بشرود وحزن تتساقط دموعها علي صفائح وجهها ...كانت في عالم اخر ...عالم موازي لعالمنا القاسي المرعب وايضا الظالم ...
غيث بهدوء وهو يربت علي كفها لتنتفض هي بفزع وكأنها بالفعل انتقلت الي عالم اخر : انتي كويسه يا امي ؟!
هبه وهي تتنهد بحزن:ومين يحصله اللي حصل ويبقي كويس!
ربت علي كفها بحنو ليقول ببحه صوت رجولي :الحمد لله ياام غيث انها جت علي كده ...لينظر امامه بشر ونبره صوت متوعده :بس وحياتك ياامي لهندموا وحياتك لهخليه يبكي بدل الدموع دم ...المهم موافقه علي جواز صبا ؟
رفعت هبه رأسها وقد غزت ملامحها علامات الحزن :اللي انت شايفه صح يابني اعمله
نهض غيث ليصيح بصوت اشبه للصراخ :محرووس
وفي اقل من ثانيه كان يقف امامه الحارس محروس بجلبابه الصعيدي البني وهو يلهث :امرك ياغيث بيه
غيث بجمود وثبات :حالا تجبلي مأذون لو من تحت الارض !
محروس بغباء وهو يتناقش في وقت غير الوقت اطلاقا:مأذون ليه ياغيث بيه !!!
غيث بصراخ امام وجهه:انت هتتناقش معايا ؟ بقولك عايز مأذون تقولي حاضر وبس متسألنيش السبب !
محروس بخوف وتوتر:ح حاضر يابيه طوالي اها
مأذون ليه ياغيث ؟!
التفت غيث بجسده ليجد تقي تقف في منتصف الدرج بشعرها والتي تترك له العنان وتقف ببجامه قطنيه برمودا ...احضرت في ذلك الوقت شياطين الغضب ...لينفجر بها كالبركان المكتوم منذ الاف السنين ....اخترقت نظرته عينيها كالسهام القاتله ليزمجر بعنف وقد اهتزت ارجاء الفيله لنبرته
اطلعي غطي شعرك والبسي حاجه محترمه وبعدين ابقي تعالي اتكلمي ياهانم يامحترمه !
فزعت تقي ليهتز قلبها بعنف بين ضلوعها خشيه من هيئته المرعبه والتي ولأول مره تراها ولكن انفلت لسانها السليط لتهتف بأهتزاز وتوتر
ب بس امجد اخويا مفيش حد غريب !
غيث بصراخ :ولو كان ابوكي متقعديش كده قدامه ...ويالا اطلعي بدل ما اتغابي عليكي
كادت دموعها ان تسقط ولكنها تحكمت فيها بصعوبه بالغه كي لا تنكسر تُهدر كرامتها ...لتلتفت بجسدها وكأن بألتفاتها كان بدايه لانفجارها في البكاء لتهرول سريعا الي غرفتها وتغلقها خلفها لتتحول دموعها الي شهقات ...فهي لم تعتاد تلك القسوه ومن مَن غيث !!!لتجلس ارضا وتضم ركبتيها الي صدرها وهي منتظره ان يطرق بابها ليعتذر عما بدر منه ولو يضمها فقط دون اعتذار فعلي ستسامحه ولكن مرت دقيقه اثنان واكثر حتي مرت نصف ساعه والي الان لم يعيرها اي اهتمام وكأنها حشره بالنسبه له لتنام في مكانها ودموع عينيها لم تجف !
اما في الاسفل كان يجلس امجد وغيث ويضعون ايديهم في ايد بعض وفي المنتصف المأذون والذي يُغلق عينيه بنعاس ولكن كيف له ان يرفض الذهاب ولغيث الجبالي عمده تلك القريه !!
حتي صدعت جملته :اين العروس ؟
غيث بثبات:فوق
المأذون:حد يخليها تنزل عشان تمضي علي عقد الزواج
نهض غيث وهو يجذب الدفتر والقلم بجمود :انا هخليها تمضي
صعد غيث بخطوات رزينه ثابته عكس الاضطراب الضعف العجز بداخله فكيف له ان يخبرها بأن تمضي علي عقد زواجها من شخص لا تعلم حتي هويته !
طرق باب غرفتها ليستمع الي همسها الخافت بدلوف الطارق ...اغمض عينيه بألم وصعوبه ليدير مقبض الباب وهو مستعد لأن يفجر قنبلته او بالمعني الاخر حقيقه قدومه اليها !
دلف بخطوات بطيئه ثقيله ليجدها تجلس وتنظر امامها
غيث بنبره حزن:صبا
التفت برأسها لتهتف بلهفه ودموع:غيث
اقترب منها ليجلس بجانبها ويجذب رأسها الي صدره :هشش بس ياحبيبتي اهدي ...الحمد لله انها جت علي كده...وعد مني حقك هاخدهولك واشرب من دمه
رفعت صبا عينيها المغرورقه بالدموع وبها بصيص امل ان يكون ما حدث مجرد حلم فالشعور بالخذلان اصعب من اي شعور اخر لتهتف وسط دموعها:غيث قولي ان انا في حلم...قولي ان حمزه مطلعش خاين وكان عايز كان عايز...
بطرت جملتها وهي تستيقظ وتتيقن ان ما حدث ليس بحلم وانما بحقيقه مؤلمه قاتله تمنت لو لم تعشها اطلاقا تمنت لم تعش حياه الخذلان !
غيث وهو يحاوط وجهها برقه :لعله خير ياحبيبتي الحمد لله عارف انك مش قادره تستوعبي ..ليتنهد بقوه وحزن ويهتف :ولا انا قادر استوعب هو ليه عمل كده بس وحيااتك عندي ما هرحمه بس عايز اطلب منك طلب واتمني توافقي !
صبا :اتفضل
مد غيث يديه بالدفتر وهو يقول لها :تمضي علي الورق ده
صبا بأستغراب وهي تمسح دموعها :ورق ايه ده ؟!
غيث بتنهيده :هحكيلك..............
...............................................................................
انتهي يونس من سرد الحقيقه كامله ليتطلع الي ميان والتي تبدل حالها مائه وثمنون درجه كانت تبكي تبتسم تتألم في آن واحدهربت الحروف من فمها وانما نظرات العتاب و الفرحه ايضا كانت كفيله بشرح ما تشعر به
يونس بخفوت:ميان انتي كويسه !
وكان ردها بسيط حيث عانقت عنقه بقوه وسقطت دموعها علي رقبته وهي تهتف بخفوت وهمس استمع اليه :انا بحبك
توقفت جميع حواسه ...اتسعت حدقيته بذهول..فماذا قالت؟ ابتعد عنها كمن لدغه عقرب ليتطلع الي وجهه والذي احمر خجلا فما قالته ليس بهين ...
يونس وهو يجاهد لأخراج الحروف فقد كانت حالته كحال طفل يحاول جاهدا ان يتحدث ويتحدث ولكنه في النهايه يتفوه بكلمه او كلمتين ليهتف اخيرا:م ميان انتي قولتي ايه !!و و ازاي وامتي
نظرت ميان في جميع الاتجاهات سوي عينيه وقد كانت تفرك يديها بتوتر وارتباك تحول وجهها الي الاحمر توهج كالجمر المشتعل :ز زي ماسمعت
جذب يونس كف يديها لتُثير تلك الحركه العفويه رجفه في جسدها اثارت قشعيره علي طول عمودها الفقري لتحاول جذبها بخجل ولكنه رفض رفضا قاطعا وهو يتطلع اليها ويهتف بحزم قاطع :
ميان لو سمحتي جاوبي عليا ازاي ؟! و وانا كنت بعاملك بالطريقه ديه ومفهمك اني بحب يارا وهتجوزها؟
واخيرا قد تخلت ميان عن خجلها لتهتف بشراسه وهي تجذبه من تلابيب قميصه بعنف وتهتف بأنفاس حاده امام وجهه:متجبش سيرتها تاني ومتقولش بتحبها..انت بتحبني انا ..انا مراتك ..قمالمره الثانيه ...للمره الثانيه قد ذهلته رده فعلها فقد اخرجت الغيره القطه الشرسه ...القطه المستعده لقتل من يقترب من ابنائها او حتي زوجها ..ارتبك يونس من ذلك القرب المهلك ليتطلع الي عينيها وياليته لم يفعل! فقد زادت تلك الشرارات المشتعله بريق خاص في عينيها... تجعل من ينظر اليها يسقط اسير تلك العيون البريئه المختلطه بشراستها... مزيج عجيب من القوه والضعف داخل تلك العيون البنيه !
واخيرا رحمت هي ضعفه لتبتعد عنه ولكن تلك المره اختلفت نظرتها ولم تُعطي له فرصه للحديث لتهتف بشرود وحزن :
كنت اسمع البنات تتكلم عن وسامه عيال العمده ..مكنش في سيره غير سيرتهم عمري ما اهتميت بالموضوع ...كنت اقول وانا مالي يعني حلوين ولا وحشين هو انا هتجوز حد فيهم ....انا بنت الراجل الغلبان اللي شغال عندهم ...مكدبش عليك واقولك كان في جزء نفسه يشوف الشباب اللي مفيش سيره غير سيرتهم ...بس كنت احاول اشغل نفسي بأي حاجه تانيه مش عايزه اشوف حد او اعلق نفسي بحد ميعرفش اني عايشه اصلا.... لحد مافي يوم كنت في اخر امتحان في ٣ث وانا خارجه من المدرسه ....
فلاش بااك
خرجت تلك الفتاه الجميله الهادئه ذات القوام الممشوق وهي ترتدي ملابس المدرسه والتي هي عباره عن قميص من اللون البينك وبنطال قماش من اللون الرمادي وتلك الجرافت نفس لون البطال ..وترتدي خلف ظهرها حقيبه باللون البينك بها رسومات باربي مثل مالكه تلك الحقيبه فكان يدعوها جميع اصدقائها بباربي لهدوئها ورقتها وايضا جمالها الخلاب...
احد اصدقائها وتُدعي ليلي:الحمد لله اخيراااا خلصنا من الثانويه العامه
ردت ميان بهدوء يضاهي هدوء ونقاء ذلك القلب:الحمد لله يارب كلنا نجيب مجموع حلو ونفرح اهلنا
احدي الفتيات وهي تلوي فمها بسخريه وحقد:لا من النحيه ديه متقلقيش انتي هتطلعي الاولي زي كل سنه
لم ترد ميان وانما ابتسمت ابتسامه صفراء لتشيح بوجهها بعيدا عن تلك الحقوده والتي تكرهها بدون سبب واضح
ليلي:طب يالا يابنات هنخرج نروح فين كده ؟
ميان:لا انا مش هخرج انا لازم اروح بسرعه عشان عيد ميلاد تقي
ليلي:كل سنه وهي طيبه ياقلبي طب تمام احنا هنخرج ونبقي نكلمك في يوم تاني تخرجي معانا
ميان:تمام باي يابنات
ذهبت ميان لتدلف الي شارع جانبي ..في الحقيقه ليس مُمتلئ بالناس فكانت وقت صلاه الظهر وفي تلك البلد معظم الرجال ملتزمون بالصلاه في المسجد ...كانت تسير ميان بشرود ...لتفيق علي صوت همس من خلفها ...اسرعت في خطاها بخوف شديد وهي تدعو ربها ان ينقذها من ذلك المأزق
احد الشباب:ايه يامزه هنفضل نجري وراكي كتير
لم ترد وانما سقطت دموعها وقد بدأت في الركض ليهرولوا خلفها ولكن في اقل من ثانيه كانت تقف خلفهم سياره احدث صوت صريرها صوت عالي ليلتفت الشباب بفزع ولكن ميان ظلت تركض وتركض حتي وصلت الي نهايه الشارع لتقف خلف حائط وهي مُتلهفه لمعرفه لمن تلك السياره ...اتسعت حدقتيها بذهول عندما وجدتهم مطروحين ارضا ...ويقف شاب ذو عضلات بارزه من قميصه الابيض ويلهث بقوه ..ولم يكن سوي يونس وهو يهتف بكلام لم تلتقطه اذنيها فكانت علي بعد مسافه كبيره منه ولكن من الواضح انه غاضب وبشده ....
بااااك
ميان :
انت بعديها ركبت عربيتك ..لتتنهد بشرود وحيره:وانا فضلت واقفه اكتر من خمس دقايق بستوعب اللي حصل ...وبحاول استوعب دقات قلبي اللي كانت في سباق مجرد مالمحتك حصلي حسيت بمشاعر لأول مره تحصلي ...روحت البيت وانا طول اليوم مبفكرش غير فيك وفي انت مين وليه عملت كده ...عدي يوم ورا التاني وانا مش قادره انساك ...تعرف يايونس استغربت حالي اوي وقولت ازاي ممكن اتعلق بحد كده من يوم وحتي متكلمناش ....كنت كل يوم اصلي قيام ليل وادعي لو خير ليا نتجمع من تاني ...
لتنظر داخل سواد عيناه بحب:وقد كان يايونس بقيت مراتك ...
كان يونس ينصت اليها وملامحه جامده وجهه خالي من اي مشاعر حتي انتهت ...
عم الصمت الغرفه وميان تفرك اصابعها بتوتر وخجل من سرد قصتها والتي هو اهم ابطالها ...
واخيرا تحررت شفتيه من الصمت ليغمغم قائلا بهدوء:انا اسف علي كل لحظه نزلت دموعك فيها بسببي ...انا مستاهلش حبك ياميان ...مستاهلش دموعك ...انا عرقي صعيدي طبعي صعب اوي ...رقه قلبك مستحيل تستحمل طباعي ...ميان
ليغمض عينيه بصعوبه والكلمه التي سينطقها يعلم انها ستكسره ستدمره قبل ان تدمرها ولكنه حسم امره اخيرا لينطق بجمود:
ميان انتي طالق ............
يتبع الفصل التاسع اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية عشق الغيث" اضغط على اسم الرواية