رواية اتنسيت الفصل الاخير بقلم محمد عبد القوي
رواية اتنسيت الفصل الاخير
اتسمرت في مكانها قبل ما اسمع صوت الفرامل والصرخة.
- مريم!
" ومكنش عندي أي نية أنساك وتضييع من بين إيديا "
وصلنا المستشفى، كنت بدعي ربنا ميحصلهاش حاجة؛ أنا السبب، أنا السبب. استقبلوها في الطوارئ، وفضلت مستنيها في الاستقبال، أهلها وصلوا، سألوني على الي حصل فقولتلهم إننا كنا ماشيين وعربية خبطتها، بدون أي تفاصيل. كنت بفكر في حاجات كتير أوي؛ إني هعتذرلها عن كل الي حصل، و مستحيل أفكر في الموضوع ده مرة تانية، أفكار كتير، ومشاعر كتير حسيتها لما.. حسيت إنها ممكن تضيع مني.
- هى كويسة دلوقتي، تقدروا تشوفوها.
ساعتها بس حسيت إن روحي اتردتلي، الحمد لله، الحمد لله، جريت على أوضتها، عرفت إن محصلهاش حاجة، مجرد جروح سطحية؛ لإن العربية فرملت في الوقت المناسب ويدوب اتزقت حاجة بسيطة ووقعت ع الأرض، دخلت الأوضة، كنت راقدة على السرير، شوفت مامتها وهى بتجري عليها عشان تحضنها، قربت براحة وأنا مش عارف أقول ايه، بقيت قدامها، ابتسمت ولسه هتكلم لقيتها مدت إيديها ناحية الطرابيزة الي جنبها والي كان عليها حاجات كتير، قبل ما تاخد حاجة منهم وتديهالي.
- مش عايزه أشوفك تاني.
كانت الدبلة، حسيت بوجع غريب بين صدري، قالتها قبل ما تودي وشها الناحية التانية، ولمحت دمعتها للمرة التانية وهى نازلة على خدها، أنا.. أنا مش مصدق، أكيد أنا بحلم، دي كانت غلطة، ما كلنا بنغلط! مشيت، وسط نظرات دهشة من أهلها، مش عارف أقول حاجة، ولا هم فاهمين ايه الي بيحصل.
" واتنسيت كإني ما جيت ولو حسيت هتكسرني، وداريت في قلبي مشيت على عيني تغربني "
جريت على بيت أمجد الي كان جنب بيتي وقولتله ينزلي، أول ما نزل مسكت في رقبته..
- استفدت ايه ها؟!
- أهدى يا رامي مالك؟!
- أهدى؟! بعد كل الي حصل عايزني أهدى؟!
- أنا مش فاهم حاجة!
بدأت أقوله كل حاجة وأنا الدم بيغلي في عروقي، مش شايف قدامي لحد ما قالي..
- والله ما قولتلها حاجة.
- أمال عرفت منين؟!
زقني..
- معرفش عرفت منين، هو ده الي هامك دلوقتي؟! قولتلك بلاش مسمعتش كلامي، قولتلك بطل شغل عيال فضلت مصمم، ولا هى شماعة بتعلق عليها غلطتك، مبسوط دلوقتي؟! كويس إنها جت لحد كده، وكمان جي تقولي أنا الي قولتلها؟! أنا الي هوقع بين صاحب عمري وخطيبته! يا أخي أنا مش عارف اقولك ايه!
طلع وسابني، وهو مش طايق يبص في وشي، حسيت ساعتها إني خسرت كل حاجة، صاحب عمري، وخطيبتي، بس مسيرها تهدى وكل حاجة ترجع زي ما كانت.
فضلت أحاول أكملها، بس مكنتش بترد..
- أنا آسف.
بعتلها ع الواتس، الرسالة وصلت بس مفتحتهاش ولا بصت عليها حتى، كنت بتجنن، كنت بتصل بيها أكتر من ١٠٠ مرة في اليوم، مفيش، رميت الموبايل أخر ما زهقت. روحتلها البيت كنت بستناها تحته بالساعات، مكنتش بتظهر كإنها قافلة باب أوضتها عليها ومبتتحركش منها، طلعتلها.. باباها قالي إنها مش عايزه تقابلني، حاول مرة تانية كانت مصممة، ومشيت وأنا عيني في الأرض، مش عارف أوصلها، ومش قادر أنساها، اليوم بقى بطيء بدرجة كبيرة، حسيت إن مفيش حاجة بقى ليها طعم، اليوم كئيب، مكنتش عارف إن يومي هيبقى ناقص من غيرها أوي كده، مكنتش أعرف إني ب..حبها أوي كده.
" طآل الغياب و هواك غلاب عشمان في ضي عينيك، مليون جواب متساب على الباب اللي بترديه، و مش تحت طوعي، فارقتني روحي من بعد لما مشيت، و مبين انساك و بين ارجع قلبي .. اتقسم نصين.."
وأنا ببص من شباك العربية، حسيت إني شوفت حاجة، مصدقتش، اتنفضت من مكاني، لأ.. لأ أكيد بيتهيألي، أقف.. أقف يا أكرم، وقف فعلاً، كانت هى، لقيتها واقفة قدام محل أكل، وشي ابتسم تلقائي، ايوه هنزلها، وهعتذرلها، لقيتني بعدل هدومي، وبظبط شعري، ياااه.. وحشتني أوي، بس قبل ما أنزل قولت لازم أصلح كل حاجة مره واحدة، عرفت بعد فترة إنها عرفت من صاحبتها مي الي شافتني واتصلت بيها، مكنش ذنب أمجد، الي كان قاعد جنب عمر الناحية التانية، والي لسه زعلان مني من ساعتها وأنا من الي كنت فيه مجاش في بالي أكلمه أساساً..
- أمجد.. أمجد متزعلش مني.
بصلي بصة عتاب ممزوجة بحزن بيحاول يخفيه بابتسامة وقال..
- مقدرش أزعل منك يا.. صاحبي.
ابتسمت له وأنا بفتح الباب..
- بتعمل ايه يا رامي؟!
عمر الي كان قاعد جنبي قالي الجملة دي قبل ما يمسك إيدي.
بصتله وأنا بقوله..
- مش هتأخر، دقيقة بس هقول كلمتين لمريم وجي على طول، ده أنا ما صدقت أشوفها، ولا.. ولا أقولكم لو اتأخرت امشوا انتوا وخلاص، وهتتعوض إن شاء الله.
لقيت عمر لسه ماسك إيدي، وأمجد بص الناحية التانية من الشباك كإنه بيحاول يبعد وشه عني، أنا مش فاهم حاجة، عمر شاورلي برأسه ناحية مريم فبصيت. لقيت واحد رايح ناحيتها، كان ماسك وجبتين واحدة ليه وواحدة ليها، وضحكت عليه وهو رايح يجري عليها ويديها الوجبة بتاعتها، كانت كإنها.. مبسوطة!
- مين ده؟!
محدش رد..
- أنتوا ساكتين ليه مين ده؟!
مسكت الباب مرة تانية، قبل ما عمر يمسك أيدي تاني مرة تانية وهو بيقول..
- رايح فين؟!
- ه..هنزل اشوف مين ده.. هو مين ده، مين الي ماشي معاها ده؟!
أمجد قالي من غير ما يبص عليا..
- خطيبها.
- ايه؟!
فارس الي قاعد قدام جنب أكرم قال..
- مريم اتخطبت يا رامي، واحد من قرايبها من بعيد اتقدملها وهى وافقت.
- وافقت! وانتوا كلكوا كنتوا عارفين ومحدش قالي؟! بس.. بس عادي أنا لو نزلت أعتذرلها دلوقتي ه.. هتنسى كل حاجة، هقولها على كل حاجة بقى، إني لسه بحبها وإني غلطان، كل حاجة، وهى هتسامحني على طول ونرجع، صح يا امجد؟! هى هتسامحني زي ما انت سامحتني صح؟!
أمجد بصلي وهز رأسه وهو بيقول..
- في حاجات بيبقى صعب نسامح عليها يا أمجد، وبالذات لما توصل لنقطة مفيش فيها رجوع. كسرة القلب وحشة يا رامي.
- بس أنا لسه.. بحبها يا أمجد.
أكرم بدء يتحرك بالعربية، عديت من قدامها بالظبط، كانت باصة في الأرض وبتضحك، بصت، شافتني! أول ما عينيها جت في عيني قلبي اتقبض، وضحكتها اختفت، فضلنا باصيين لبعض، ثواني عدت كإنها سنين، عينيا قالتلها كلام كتير؛ لومتها، و قولتها أنا آسف، قولتلها ندمان، قولتلها أنا لسه بح.. بس عينيها قالت ٣ كلمات، أنا استحملت كتير. رجعت بصت لخطيبها وابتسمتله، وكملوا مشي، العربية كانت بتبعد بس مشتلش عيني من عليها لحد.. ما اختفت.
" ومش هزود في الملام مش هيفرق في الخصام، ده لو عينيك صادفت عينيا، امشي وما ترميلي السلام.. "
عدى شهرين وأنا مش هقدر أنسى ولا عمري ما كنت هنسى، لقيت أمجد بيكلمني..
- انزل عايزك.
- مش قادر أنزل.
- أخلص عايزك في مشوار مهم. ولا ايه يا.. صاحبي؟!
- خلاص يا عم نازل، أصبر أغير.
- ولا تغير ولا حاجة زي ما أنت.
نزلتله، فضلنا ماشيين شوية وأنا مش عارف احنا رايحين فين..
- احنا رايحين فين أصلاً؟!
شاورلي على أول الشارع، بصيت في عدم اهتمام، شوفت حاجة مصدقتهاش، مسحت عيني عشان أتأكد إني شايف كويس، كانت.. كانت مريم، كانت بصة في الأرض وابتسمت اول ما شافتني، بصيت لأمجد، ابتسم وحرك راسه..
جريت عليها وأنا مش فاهم حاجة..
- ده.. ده المكان نور والله.
- أنا كنت جاية أقولك إني.. سامحتك.
أفكار كتير جت في بالي فبلعت ريقي وأنا بقولها..
- بس؟!
- لأ.. كنت جاية أعرفك برضو إن خطوبتنا أنا وعماد اتفسخت.
حسيت بقلبي طلع من مكانه ورجع تاني، مصدقتش، كنت طاير من الفرحة، واستغربت إني أفرح في حاجة زي دي.
- يااه ليه كده.. ده.. أنا زعلت والله، كان شكله محترم وابن ناس.
- نعم؟!
- بهزر طبعاً، بس.. ليه؟!
- مفيش هو كان قريبي والخطوبة تمت بعد زن من البيت عندي وعنده، وكنت حساه زي أخويا أكتر، لما لقينا نفسنا مش متفقين انفصلنا من غير مشاكل.
- يا خسارة كنتوا لايقين على بعض جداً.
- تصدق أنا غلطانة إني جيت.
ضحكت غصب عني..
- وده السبب.. بس؟!
- يعني.. وعرفته إني كنت مخطوبة ولسه..
- لسه ايه؟!
- وصح كان بيقول عليا زنانة، هو أنا زنانة؟!
- الصراحة بقى في دي عنده حق.
- أنا ماشية.
- خدي بس رايحة فين ده أنا.. ما صدقت لقيتك، قولي.. قولي بقى لحج كمال إني جي بكره.
ابتسمت وبصت في الأرض..
- ماشي، وهو مس..
لقيت أمجد بيقول..
- لأ وبكره ليه يلا دلوقتي.
لقيتها بتقول..
= دلوقتي فين؟!
قولتله..
= عندك حق.. يلا خير البر عاجله.
بصت على رجلي وهي بتقول..
- بالشبشب؟!
أمجد رجع خطوة وبص ع الشبشب وهو بيقول..
- شياكة ياعم والله..
حطيت إيدي في جيبي وأنا بقوله..
- بتهزر؟!
قالت وهى سايباني وماشية..
- انتوا الاتنين بتهزروا.. روح يا رامي، روح ربنا يهديك.
ضحكت، روحت.. وساعتها عرفت قد ايه الواحد مبيحسش بقيمة الحاجة غير لما تضييع منه، وفي حاجات بتحصل الواحد مش بيبقى فاهم سببها، بس بيكتشف دايما إنها بتبقى علامة من ربنا عشان يفكر مية مره قبل ما يعمل تصرف أو غلطة هيندم عليها..
تمت الرواية كاملة عبر مدونة دليل الروايات