رواية سمال الحب الفصل الثاني عشر بقلم مريم محمد
رواية سمال الحب الفصل الثاني عشر
_ لعبة الغميضة ! _
"إهدا بس يا سالم و فهمني. إيه إللي حصل عاصم عمل إيه ؟"...
تكررت جملة الطرف الآخر على الخط لأكثر من مرة تستوضح الشنائع التي من أجلها يتصل "سالم الجزار" بنظيره يهدد و يتوّعد بالموت و الحرق و الخراب
بينما لم تلقى أيّ صدى لديه، بل و إزداد أجيجًا و هو يصيح بصوته المخيف حائمًا حول نفسه كوحشٍ كاسر :
-عايـز تفهمني يا رضوان إن ماعندكش علم بالمصيبة إللي هاتحل فوق راسك انت و ناسك كلهم قبل أي حد. ماتعرفش إن إبنــك خطـف بنتــــــي !!!!!!!
-إيــــــه ! إيــه إللي بتقوله ده يا سالم. مش معقول عاصم يعمل كده. أكيد إنت فاهم غلــ آ ا ...
-إســــــمع يـا رضــــواااان !!!
أخرسه مقاطعًا بصوته القاصف ...
-و راســــــي. و راس الجزاريـن كلهــــــم. لو إبنك مسّ شعرة واحدة من بنتي أو بنتي مارجعتليش بعد ساعة واحدة من دلوقتي لا يكون خراب عليك و على عيالك و ناسك كلهم من صغير لكبير و مرى و شيخ. لو حصل في الدنيا إيه. لو القيامة قامت مافيش حاجة هاتمنعني أنفذ كلمة واحدة من كلامي.. إنــت ســــــامــع !!!!!!!!!!
و يغلق معه بعد ذلك مباشرةً، بينما في الجهة الأخرى يقف "رزق" فوق رأس أحد شباب الحي المخضرمين في عوالم الحاسبات و البرمجيات، كان قد خلع سترته و حل ربطة عنقه تمامًا، كان يتابع ما يفعله بدقة على حاسوب المحمول الخاص بـ"سلمى" ؛
أما الشاب المدقق عويناته الطبية المتسطيلة بالشاشة المضاء قد نجح للتو باختراق كافة كلمات السر التي قابلته منذ فتح الجهاز و حتى التطبيقات المسجلة عليه، طبقًا لتعليمات "رزق" أخذ يباشر محاولاته الدؤوبة في تحديد موقع هاتف "سلمى" ...
-ليه التأخير ده كله يا سيف ؟ إنــجز يلا طلّع لي مكانه بسرعـــة !!!
اومأ الشاب مرارًا و بقوة ...
-حالًا. حالًا يا معلم رزق. البرنامج بيقرا المعلومات بس ..
لا تمر لحظة أخرى، إلا و إنفتح باب الشقة بعد رنة واحدة بالجرس، ليدخل كلًا من "علي" و "نور" و بقية العائلة، الأعمام و الزوجات و بنيهم ...
-إيه إللي حصل ؟؟!!! .. تساءل "علي" بانفاسٍ مهتاجة فيمَ يمسك بيد عروسه ذات الوجه المتجهم الشاحب
كانت بهيّة و جميلة في الثوب الأبيض و الطرحة التُل المنسابة حولها بنعومةٍ، لكما كانت كل سعادتها رهن الجواب الذي قدّمه "رزق" دون أن يلتفت أو يحرك ساكنًا من مكانه :
-سلمى هربت !
كتمت "نور" أنفاسها فورًا و إرتعشت ساقاها، ليشدد "علي" على يدها مؤازًا، و بعد نظرةٍ فاحصة شمل بها الجمع نصف المتوتر و نصف النائح عاود التساؤل بخشونةٍ :
-يعني إيه هربت ؟ و ساكتين ليه ؟ فيــــن مصطفى راح ؟؟؟؟
تولى "حمزة" الرد عليه هذه المرة :
-مصطفى نزل يجمع الرجالة. و النشار جاي في الطريق و جايب معاه رجالة من البلد كمان.. أبويا قال لو سلمى مارجعتش بعد ساعة هانتحرك كلنا !
______________
كانت في أقصى حالات الذعر، منذ أمسك بها و هي تهاتف و والدها و تستجير به، الآن صدقت، الآن اعتنقت حقيقتها، و هي ما لم يتوانى كلًا من أخيها و أبيها بمصارحتها بها ؛
حقيقة كونها مجرد طفلة، حتى لو كان لها جسم أنثى، فإن ما يحدث الآن فوق إحتمالها و طاقتها و إستيعابها بكل المقاييس ...
-إنت بتعمل كده ليه عاصم ؟!!!
دموعها تنهمر على خديها كالشلالات، و هي تجلس راكعة فوق الأرض كما أمرها، بينما يقف أمامها منحنيًا فوق الحقيبة الجلدية يفرز على الطاولة أدواته الغريبة المرعبة
بيّد و كأنه حجرٍ أصم، لا يستمع لها و لا استعطفاتها المستمرة و هي تنوح بطريقةٍ تذيب الحديد ...
-أنا مش مصدقة إنك بتعمل فيا كل ده. حاسة إنك مش عاصم حبيبي.. فين كلامك ليا و وعودك ؟ إنت وعدتني هاتحبني و هاتحافظ عليا. وعدتني إني هكون مبسوطة و مرتاحة معاك. تقوم تمد إيدك عليا و تبهدلني كده ؟ ليه كده يا عاصم ليه ؟؟!!!
بعد تجاهل متعمّد منه، ها هو يتحرك نحوها رافعًا رأسه بغرورٍ و هو يسحب في يده عصا غليظة مغلفة بالجلد السميك اللامع، يقترب منها على مهلٍ و يقول بينما ابتسامة تهكمية تحوم فوق ثغره القاسِ :
-عايزة تعصيني من أولها و تلاقيني كويس معاكي يا سلمى ؟ بتكلمي أبوكي ؟ عايزاه يجي يلحقك صح ؟ ده معناه إن انتي إللي كنتي بتخدعيني و عمرك ما حبتيني ..
هزت رأسها متطلعة إليه عبر دموعها ...
-لأ يا عاصم. أنا مش ممكن أخدعك. أنا بحبك لو ماكنتش بحبك ماكنتش هربت عشا آ ...
-خلاااااص !!! .. صاح مخرسًا فاها بقساوةٍ
و اشتدت نظراته قتامة و هو يُخبرها :
-هاتتعاقبي على ده. عشان تفهمي كويس إن من هناو رايح إنتي تابعة ليا أنا. كلمتي أن إللي تسمعيها. أوامري كلها تنفذيها.. و أبوكي و أهلك كلهم تنسيهم. محدش لا هايشوفك منهم و لا يسمع عنك من الليلة دي. بقيتي ملكي أنا يا سلمى ...
حملقت فيه مصدومة و مذعورة، بينما ودّ أن يتسلّى كالمعتاد قبل أن ينتقل إلى الأمور الجديّة، فإذا به يسحب من خلفه زوجي من الأصفاد خاصته كان قد اشتراهم من شرطي مرتشي
قذف إليها بواحد و قال آمرًا بصرامة مخيفة :
-خدي.. قومي على السرير. إربطي إيدك هناك !
و أشار إلى واجهة الفراش المصنوع من النحاس و المعدن ...
كانت بين جحيمين، أتسمع الكلمة أم لا ؟
استغرقت وقت طويل في التفكير و لم تحسن إنهاء الصراع، حتى هدر فيها :
-ماسمعتيــــش أنا قلــت إيــه ؟؟؟؟
لو كانت طفلة صغيرة حقًا لبللت سروالها من شدة الخوف، لكن لا تعلم ما دهاها، و جعلها تنتفض متشبثة بأصولها و مدافعة عن عِرضها و شرفها ...
وثبت قائمة بلحظةٍ و إنطلقت صوب باب البيت الذي تعلم جيدًا بأنه موصد بإحكامٍ، رغم ذلك أخذت تحاول فتحه و هي تصرخ و تبكي بيأس و شجاعةٍ في آن :
-لأ. لأااااااااا. مش هاسمع كلامك. مش هاعمل إللي إنت عايزه يا عاصم.. أموت أحسن لي ...
تنهد بعمقٍ من خلفها، إبتهج كثيرًا من تصرفاتها و ما تبديه الآن من مقاومة، هذه هي متعته، إذ لطالما وقفت أمامه "سلمى" بكبرياء، و الآن هي تقف على أطلاله، ما إن يضغط عليها قليلًا فقط، ستركع عند قدمه ثانيةً و تتسوّل الرحمة
و هي ما لن تحصل عليها أبدًا، و إلا ستفسد اللعبة كلها، و لن يحقق النشوة المرجوّة ...
-هانلعب أستغامية و لا إيه ؟ .. هتف و هو يمشي ناحيتها منتزعًا قميصه و طوق خصره
و أضاف متشدقًا بابتسامته الخبيثة :
-أقولك ! أنا معاكي في أي حاجة. و نشوف مين إللي هايغلب في الآخر !
________________
-طلع أهو. طلع يا معلم رزق !!!
إنتفض الجميع على إثر هتاف الشاب المُبرمج، في لحظاتٍ كان قد أرسل الموقع إلى هاتف "رزق" الذي ألقى نظرةٍ عليه، ثم قذف به إلى "علي" مغمغمًا :
-خد. إتصل بمصطفى و ملّيه العنوان بسرعة ...
بينما كان هو يتوّجه نحو خزانة الأسلحة التي تتوسط الصالون، أخذ يدجج نفسه بكافة أنواع السلاح، إستمع إلى هتاف "حمزة" الذي كان يقف قرب النافذة :
-النشــار وصـل !
صاح "رزق" بصرامة و هو يشد صمام سلاحه الخاص قبل أن يضعه خلف ظهره :
-النشار يطلع يستنى هنا. رجالته بس إللي هاتيجي معانا
-أنا جاي يا رزق !!! .. طغى صوت "سالم" على صوت إبنه الآن
ليستدير "رزق" في مواجهته متمتمًا باقتضابٍ على عجالة :
-مجيّك معانا مالوش أي لازمة. إنت مخلّف رجالة يسدوا عين الشمس. يا تروح لوحدك يا تسيبنا إحنا نروح و نرجع أختنا. إيه قولك ؟
لم ينتظر طويلًا ليستمع إلى رده، تبخر في لحظة من أمامه يتبعه كلًا من "علي" و "حمزة"
بينما يسرع "سالم" و خلفه نساء العائلة إلى الشرفة الكبيرة، يراقبون الحشد الأشبه بالجيش العصابي ينطلقون بسلسلة السيارات رباعية الدفع تحيط بهم أنظار أهالي الحي المرتعبة
حيث أنهم أيقنوا بأن ما يحدث كبير، كارثة كبرى، محتمل أن تحصد عشرات الأرواح أو تقضي حتى الجميع ...
______________
مكالمة "سالم الجزار" أقامت الدنيا و لم تقعدها أبدًا بمنزل أولاد "السويفي" !!!
كبيرهم "رضوان" قد جمعهم أمامه بينما يواصل محاولاته للاتصال بنجله الذي يكاد يجلب عليهم العار و الدمار ...
-الــواااااد ده راااح فيــن ؟ يعني مش عارفين توصلوا له ؟ سالم الجزار مديني مهلة ساعة.. قولولي عــــاصم راااااح فـيـــن ؟؟؟؟؟
كان الأخ الأوسط، غطاء أسرار أخيه الكبير، يقف بمنتصف الصف يزدرد ريقه بتوتر، حائرًا و مترددًا أيفصح عمّا يعرفه أم لا !
لكن مع تأكيد والده عن الكارثة الحتمية التي ستنزل عليهم تقدم خطوة للأمام هاتفًا :
-أنا عارف عاصم فين يابا !!
°°°°°°°°°°°°°°°°°°
يقود "مصطفى" بأقصى سرعة
متتبعًا الموقع الذي أرسله إليه "رزق"
كان يقطع طريقًا يفضي إلى صحراءٍ نائية... بينما يصيح عبر مكبرات سماعة الأذن الموصولة بالهاتف :
-أنا قدامكوا.. لسا ماوصلتش... سبقت الرجالة إللي معايا.. إلحقـوني بسـرررررررعــــة !!!
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
الآن و قد قيّد معصميها بنفسه إلى ماسورتيّ الفراش
إلتمعت في وجه إبتسامته الساديّة مرارًا ...
مرة حين بكت و صرخت و هو يمزق الثياب فوق جسدها حتى عرّها، و مرة حين توسلته أن يكفّ عن الجرائر التي يقترفها بحقها، و مرة حين سألته أن يرحمها كآخر أملًا لها
تعلّقت بحبائل كذباته عندما ساومها على النطق بأقذع الألفاظ و أطلاق النعوت المنحطة على نفسها، رضخت له و رددت ما لقنّها إيّاها علّه يتركها و يُطلق سراحها
لكنها لم تكن تعلم بأنها تزيد متعته بأفعالها، أقل فعل أو قول، كانت نشوته تتغذى على خوفها و رعبها، صرخاتها المجلجلة حينما بدأ اعتدائه عليها كانت العامل الأساسي في إثارة شهوته ؛
ما بين تفننه في تعذيبها و إغتصابها في آنٍ، كان خبيرًا، بحيث لم يُلحق بها أذى كبير، رغم الجراح الدامية في بضعة أماكن و الكدمات التي سببتها صفعاته على جلدها البِكر مباشرةً ...
استنزفها
كوردةٍ إمتص عبقها دفعةً واحدة، لكنه كان في قمة سعادته، و لعل ما أرضاه أنها بطريقةٍ ما تعني له أكثر من دمية تعلّق بها.. هل لأنها جميلة ؟ صعبة المنال ؟
لا يعلم على وجه التحديد
كل ما كان يعرفه في الوقت الحالي، أنها أخيرًا هنا بين يديه، الفتاة التي أثارت جنونه و رغبته حد اللعنة و عذّبته حتى نالها، هو الرجل السيئ المجرم الذي يعيش بعالم لا تحكمه إلا القوة
أخذها بالقوة.. و كم يهوى هذا الشعور خاصةً في موقفه هذا ...
______________
أنوار البيت الأشبه بالكوخ تلوح على إمتداد بصره
أخيرًا يصل "رزق" و معه الرجال، كان يتقدمهم، و كان أول من هبط من سيارته تقريبًا قبل أن تقف تمامًا
شاهد أثناء ما كان يركض أخيه "مصطفى" في وضعٍ مثير للريبة، الأخير إذ كان يجلس فوق حجرة أمام البيت و قد وضع في الأرض نصب عينيه سكينه الذي يقطر دماءً غزيرة
تصادمت مشاعر "رزق" ببعضها فجأة مع تسلل شعور غير حميدٍ إلى قلبه، تثاقلت خطواته، بينما سبقه "حمزة" إلى "مصطفى" و "علي" خلفه تمامًا ...
-إيه إللي حصل يا مصطفى ؟
تساءل "حمزة" و لم يحصل على رد من شقيقه الذي بدا مخدرًا بالكامل، فاستدار و هرع إلى داخل البيت ...
ليطرح "رزق" السؤال هذه المرة بحذرٍ أشدّ :
-فين سلمى يا مصطفى ؟ .. دم مين إللي على إيدك ده ؟
و لم يتحمل أكثر و صرخ فيه بجماع نفسه :
-إنطـق عملـت إيــــــــــه ؟؟؟؟ فين سلمـــــى ؟؟؟؟؟؟
-سـلمـــــــــــــــــــى !!!!!!
شقّت صيحة "حمزة" فؤاد "رزق" ...
لينتقل للداخل بلحظةٍ، و يشعر بساقيه يتأرجحان، حين تصطدم عيناه بمشهدٍ يتمنى الموت قبل أن يراه
هناك بوسط فراشٍ أبيض ملوث بالدماء الغزيرة، أخته الصغيرة مشقوقة العنق و قد فارقت الحياة نهائيًا !
يتبع الفصل الثالث عشر اضغط هنا
- تابع الفصل التالي عبر الرابط :"رواية سمال الحب" اضغط علي اسم الرواية