رواية فؤادة الفصل الثاني عشربقلم ميمي عوالي
رواية فؤادة الفصل الثاني عشر
مر اليوم على منزل جلال وسط مشاورات بين الجميع ، والجميع يحاول اثناء حسين عن ماوصلت اليه علاقته بندا ، محاولين اقناعه بان يردها الى عصمته وعدم اتمام الطلاق من اجل الصغار
اما حسين ، فكان يسمع لهم بصد تارة وبهدوء تارة اخرى حتى خرجت فؤادة من غرفتها والصغار حولها وهى تمسك يد ليلى الصغيرة والتى قد بدأت تشعر بغياب امها عنها ، وبدأت الدموع تداعب عينيها
وعندما وصلت اليهم نهض حسين مسرعا وهو يتلقف ليلى ويرفعها اليه مداعبا اياها ، والتى ما ان رأت اباها حتى دست وجهها بين ثنايا عنقه واستسلمت لنوم عميق فى ثوان معدودة بوداعة طفولية اشفق عليها الجميع
لتتنحنح فؤادة قائلة باحراج شديد : انا اسفة ، بس حسيت ان ليلى مستغربانى ومش عارفة تنام معايا
حسنة باسف : حقك عليا يابنتى ، المفروض انك تستريحى وتتغذى ، مش انك تفضلى مذنبة روحك كدة وسط الولاد
فؤادة بابتسامة صادقة : ابدا والله يا امى ، انا الولاد ماتعبونيش خالص ، بس ليلى صعبت عليا لما حسيت انها عاوزة تنام وقلقانة تنام معايا عشان مش واخدة عليا
حسين بامتنان : كتر خيرك يافؤادة ، يكفى انها ماعيطتش خالص من ساعة ……
ليصمت حسين دون ان يكمل حديثه المفهوم دون سماعه
فؤادة : ربنا يهدى الحال والماية ترجع لمجاريها ان شاء الله
حسنة وهى تنادى ام ابراهيم : احنا اليوم خلص لا حد اكل ولا حد شرب ، والغلبانة دى لا اكلت ولا خدت الادوية بتاعتها من ساعة ماخرجت من المستشفى
فؤادة باحراج : ماتشغليش بالك ، انا مش جعانة
حسين وهو لازال يحتضن ليلى النائمة : ماينفعش يافؤادة ، لو عاوزة تخفى وترجعى لحالتك الطبيعية من تانى لازم تتغذى كويس وتلتزمى بكل اللى قاللك عليه الدكتور سيف
امرت حسنة ام ابراهيم ان تجهز لهم الطعام ، وما ان التف الجميع حول مائدة الطعام ، الا ووجدوا كريم قادما اليهم و ملقيا السلام
حسنة : تعالى يابنى كل لك لقمة معانا ، احنا يادوب هنتغدى
كريم وهو يجلس بجوار عارف : والله انا كمان لسه ما اتغديتش
عارف : طب ياللا ياسيدى اتفضل مد ايدك ، حماتك بتحبك
كريم وهو يتابع فؤادة بابتسامة : المهم ان بنتها تحبنى ، واللا ايه
كانت فؤادة تنظر فى طبقها ، لم ترفع رأسها عنه ، ولم تحاول الاشتراك فى حديثهم ، تحاول الاعتماد على نفسها فى الطعام ، فهى تتعامل بيد واحدة ، والاخرى رغم انها معلقة بسبب اصابتها الا انها تتشبث وتتلاعب بشدة بملابسها كعادتها
وعندما بدأت حسنة فى ضيافة كريم قال : ماتقلقيش عليا يامراة عمى ، انا هعرف اصرف نفسى ، شوفى انتى بس الغلبانة دى احسن شكلها كده مش عارفة تاكل
لترفع فؤادة رأسها وتنظر لكريم لاول مرة ليقابلها بابتسامة واسعة قائلا : حمدلله على السلامة
فؤادة بوجل : الله يسلم حضرتك ، شكرا
لتشعر فؤادة ببعض الارتباك الذى لا تدرى سببه ، فهى تشعر انها مراقبة من هذا الكريم ، فهو ينظر اليها وكأنه يتغلغل الى شرايينها ليدقق النظر بداخلها ، فحاولت ان تنهى طعامها سريعا حتى تغادر تلك الجلسة ، ولكنها وجدت كريم يقول لها : تعرفى يا آنسة فؤادة انى شفتك قبل كده
لترفع فؤادة رأسها اليه مرة اخرى وهى تتسائل بعينيها دون ان ينطق لسانها ، فيكمل كريم قائلا : انتى كنتى بتتعاملى مع مكتب ترجمة فى سان استيفانو فى اسكندرية .. مش كده
فؤادة وهى تنظر لجلال : ايوة .. ده حقيقى ، بس الكلام ده كان من سنين
لتكمل فؤادة بخفوت : كنت بشتغل معاهم
كريم : انتى بتعرفى لغات ايه
فؤادة بايجاز : لغات شرقية
كريم بفضول وهو يحاول رصد رد فعلها : برافو عليكى ، طب سيبتى الشغل ليه ، دى الترجمة دى شئ ممتع ، انا كمان بشتغل مع نفس المكتب ، بس انا بترجم اسبانى وايطالى
لتخفض فؤادة رأسها مرة اخرى الى طبقها دون رد وعندما حاول كريم فتح الحوار مرة اخرى معها ، قامت فؤادة من مكانها بخجل بعد ان قالت : انا الحمدلله شبعت
حسنة : انتى ما اكلتيش كويس يابنتى
جلال بحزم : خلى ام ابراهيم توديلها سندوتشات وفاكهة فى اوضتها يا ماما ، هيبقوا اسهل بالنسبة لها عشان ايدها
فؤادة بامتنان : شكرا ، ثم نظرت لادهم وسلوى قائلة : هستنى اشوفكم قبل ماتناموا
ثم استأذنت فى الانصراف ، وتركتهم واتجهت الى غرفتها بهدوء
كانت سلوى وادهم يتحدثان سويا بصوت خافت وهما يراقبان الكبار واحاديثهم ، لتنبرى سلوى وهى تسأل كريم قائلة : هى خالتو ماجاتش معاك تانى من عند جدو
كريم بهدوء : لا يا سلوى ، اصل جدو تعبان ، ولما يخف ….
ليقاطعه حسين قائلا بحزم : لما تحبى تشوفيها ياحبيبتى ، يبقى خالو ياخدك تشوفيها ويرجعك تانى
لتعود سلوى بنظرها لادهم وعلى وجهها نظرة بمعنى .. أرأيت
ليقول ادهم بتردد : طب وانا يا بابا
حسين وهو يعلم جيدا مغزى سؤال ولده : انت ايه ياحبيبى
ادهم : لما احب اشوف ماما
حسين بحنان وهو ينظر لادهم : وقت ماتحب تشوفها هتشوفها طبعا يا ادهم ، دى مامتك ، ولا يمكن ابدا حد ممكن يمنعك عنها او يمنعها عنك
ادهم بحزن : يعنى ماما مش هتعيش معانا هنا تانى
ليقول جلال مقاطعا اجابة حسين قبل نطقها : وقت ماما ماتحب ترجع تعيش معانا يا ادهم ماحدش ابدا هيمانع ده
لينظر ادهم الى حسين وكأنه ينتظر تأكيده على كلام عمه فوجده يومئ رأسه مع نظرة طمأنة
بعد ان فرغ الجميع من الطعام جلسوا جميعهم لتناول المشروبات الساخنة ، بعد أن ذهب ادهم وسلوى للجلوس مع فؤادة لسماع قصصها الشيقة اليهم
ليقول كريم متسائلا : ناوى على ايه ياحسين
حسين بهدوء : مش ناوى على حاجة ياكريم ، انا خلاص نفذت قرارى ومش هرجع فيه تانى
كريم بتنهيدة : انا مش هحاول اخليك ترجع عن قرارك ياحسين ، انا عاوزك تفكر فى مصير الولاد
حسين بجمود : انا ما اقدرش ابدا اثق فى ندا انها تربى ولادى وهى بعيد عن البيت ده ياكريم ، وانت اكيد فاهم انا اقصد ايه كويس
ليحنى كريم رأسه وهو يستند بمرفقيه على قدميه ويقول وهو على نفس وضعه : لكن الولاد مش هيقدروا يستغنوا عن امهم يا حسين وانت اكيد فاهم ده كويس
حسين : خلاص ، حلها انت
حسنة : انا غلبت فيها عشان ماتخرجش من البيت وهى ركبت دماغها قدام كريم
لينظر كريم الى حسنة ويقول : مهما ان كان يامراة عمى ، ورغم اللى عملته مع ندا ، لكن انا مع ندا فى قرار خروجها من هنا
ليتدخل عارف قائلا : وانا كمان
حسنة : ازاى بس يا اولاد
كريم : النفوس شالت خلاص يامراة عمى ، وعمرها ماهترجع زى ماكانت ابدا ، ومش هتعرفوا تتعاملوا مع بعض بطبيعتكم زى الاول
جلال بتنهيدة : عمى عرف التفاصيل ياكريم
كريم : انا حكيتلهم كل حاجة
حسين بفضول : و عمى عامل ايه
كريم : والله ياحسين ما عارف اقوللك ايه ، من ساعتها وهو شبه سرحان ومابيتكلمش غير لو حد وجهله كلام
حسين بأسف : ماكنتش احب ابدا ان الحكاية توصل لكده ، لكن يعلم ربنا .. انى حاولت معاها لمرات فشلت عن انى اعدها من كتر تكرارهم
كريم : برضة ماعرفتش ناوى تعمل ايه بخصوص الولاد ، و الحكاية مش على اد ادهم وليلى لكن كمان سلوى متعلقة بيها
جلال : ماتشغلوش بالكم بسلوى ، انا قررت انى اخدها معايا وانا مسافر
كريم بفضول : مسافر فين
جلال : مسافر مع فؤادة ، هنقعد شوية فى المزرعة بتاعتها
كريم بتردد : هو انت ناوى تستمر فى جوازك منها باجلال
وعندما نظر له جلال بجمود اكمل كريم قائلا : ياريت ماتعتبريش كلامى ده تدخل فى حياتك الشخصية ، بس ندا كانت حكتلى على ظروف جوازكم وملابساته ، طبعا فى تفاصيل غايبة عنى انا ما اعرفهاش ، بس الكام مرة اللى شفتها فى اسكندرية ، بيقولوا انها ….
جلال بفضول تغلب على جموده : انها ايه ياكريم
كريم : يعنى ، بصراحة اللى شفته منها فى اسكندرية .. مختلف تماما عن اللى شايفه منها هنا
جلال : مش فاهم
كريم : يعنى طبعها اللى شفته هناك بيقول انها مش بالوداعة اللى انا شايفها هنا ابدا
جلال : اشرحلى اكتر .. مش فاهم
كريم : يعنى اللى يشوفها هنا يقول انها منكسرة وهادية وبريئة ، لكن اللى شفتها فى اسكندرية قطة شرسة بضوافر ، كنت موجود فى المكتب مرة وكانت شبه مكسرة نص الاجهزة اللى فيه
عارف باستغراب : فؤادة
كريم : ايوة فؤادة ، رغم انى ماكنتش متأكد ان هى لما شفتها الا النهاردة وهى قدامى وجها لوجه ، وكمان انا ماكنتش وقتها اعرف اسمها
جلال : وماعرفتش كانت عاملة كده ليه
كريم : اللى فهمته وقتها انها كانت عاملة شغل كتير جدا للمكتب ، وقعدت فترة تتعامل بالايميلات من غير ماتروح تحاسبهم ، ولما راحت بعد فترة كان ليها مبلغ كبير ، ولما قعدت مع المحاسب عشان يصفوا الحسابات بتاعتها ، المحاسب اتطاول عليها وعاكسها بجرأة وهو عامل حسابه ان ماحدش هيقدر يعدل عليه لانه شريك فى المكتب ، لكن طبعا ماكانش عامل حساب اللى فؤادة عملته يومها
جلال بفضول : عملت ايه بالظبط
كريم : انا لما دخلت لقيت ٣ شاشات كمبيوتر مكسورين ومرميين فى وسط المكتب ولقيتها بتقول بنرفزة جامدة .. انا مش هتعامل مع مكتب يملكه حد بالحقارة دى مرة تانية ، وبالنسبة لفلوسى اللى عندكم اعتقد انها تجيبلكم اجهزة بدل اللى اتكسرت دى ، ونبقى خالصين ، وبالنسبة لباقى فلوسى بما انى مابسيبش حقى فهاتوا بدل ده كمان بالمرة ، وهوب يابنى عينك ماتشوفش الا النور ، بعزم مافيها وحدفت طقطوقة السجاير الكريستال فى الباب الازاز بتاع المدير، وعشان كده مش عارف ايه وش الهدوء اللى هى لابساه ده
بعد ان انتهى كريم كان الصوت السائد هو ضحكات عارف ، والذى كان يضحك مرددا : والله جدعة ، بت بمية راجل ، بينما جلال قال مبتسما : لا مانا عارف وشفت الوش التانى ماتقلقش
كريم باستغراب : ايه كسرتلك حاجة هنا واللا ايه
جلال ضاحكا : مش للدرجة دى يعنى
حسنة : هى شكلها مابتسيبش حقها
كريم بمغزى : اول مرة شفتها ، شدتنى بالشبه الكبير اللى بينها وبين هدى الله يرحمها وخصوصا ان ليها بعض الحركات بتعملها بايدها زيها بالظبط ، لكن لما شفت الحادثة دى عرفت ان فرق السما من العمى
كان جلال يستمع الى كريم وهو يعلم تماما انه يلمح الى ما كانت تفكر به ندا ، ولكنه لم يعلق وظل محتفظا بابتسامته الهادئة ولكن كريم اعاد عليه سؤاله مرة اخرى قائلا : برضة ماقلتليش … ناوى تستمر فى جوازتك دى
جلال بوجوم : يهمك تعرف الاجابة ياكريم
كريم : ايوة
جلال ،: عاوز تعرف ليه
كريم بتردد : تزعل لو قلت انى عاوز احتفظ بالاجابة لنفسى
جلال بابتسامة : لا طبعا ما ازعلش ابدا ، لان اجابتى نفس اجابتك برضة هحتفظ بيها لنفسى
ليومئ كريم برأسه وهو يتجاوزعن حديثهم عن فؤادة ويلتفت الى حسين مرة اخرى قائلا : ماقلتليش ياحسين ، ناوى على ايه ، على الاقل لما عمك ومراة عمك يسألونى اعرف ارد عليهم
حسين : بص ياكريم ، انا مواعيد شغلى كلها اختك عارفاها وحفظاها ، يعنى تقدر تتواجد كل يوم مع ولادها لو حبت فى الوقت اللى انا مش موجود فيه ، لكن غير كده مش هقدر
حسنة : بس برضة لو حبت تاخدهم يوم واللا اتنين ويرجعوا تانى من حقها يابنى ، دى امهم
ليقول حسين : وتضمنى انها ماتسممش دماغهم من ناحيتى او ناحيتكم وهم بعاد عن هنا
كريم : مش للدرجة دى ياحسين ، وبعدين من الناحية دى ماتقلقش ، انا موجود وعمك موجود و مراة عمك كمان ، ماحدش ابدا ممكن يسمح بحاجة زى دى
جلال : عموما ، حسين لازم يروح لعمى ويقعد معاه ويفهمه كل حاجة ، ويتفق معاه على الكلام ده فى وجودك ياكريم برضة وعندما نظر حسين الى جلال اكمل قائلا : انا وعارف هنبقى معاك ، ماتقلقش
ليومئ حسين برأسه ، لينهض كريم مودعا اياهم وهو يقول : تمام ، يبقى اشوفكم ان شاء الله على خير وقت ماتيجوا
جلال : بكرة ياكريم ان شاء الله ، عشان نخلص من الموضوع ده قبل سفرى ان شاء الله
لينصرف كريم ، وبعدها يستأذنهم حسين لينضم الى ليلى فى نومها بعد ان عبر لهم عن مدى ارهاقه وحاجته الى النوم بشدة
لينظر عارف الى جلال قائلا : انت مسافر امتى
جلال : بعد بكرة ان شاء الله
عارف : طب وانت حاسس انك هتقدر تاخد بالك من سلوى لوحدك
حسنة : سلوى اتعلقت بفؤادة ، لكن المشكلة فى ادهم ، لما تاخد سلوى وامه كمان مش موجودة هيبقى عامل ازاى لوحده
عارف : طب ماتروحى مع جلال وتاخديهم معاكى
حسنة : انا … انت بتهزر
عارف : لا بهزر ولا حاجة ، اهم يغيروا جو يومين ، ووقت ماتحبوا ترجعوا كلمينى اجى اخدكم
حسنة : وهسيبك انت وحسين لوحدكم
عارف بضحك : احنا مش اطفال يا امى ، ثم ده انا بقوللك يومين ، مابقوللكيش خليكى هناك
لتنظر حسنة الى جلال الذى يراقبهم بصمت : وانت رايك ايه ياجلال
جلال : مش عارف ، وبعدين يعنى احنا مش عارفين صاحبة المكان هترحب بده واللا ايه وهل المكان المفروض انه يصلح للولاد واللا لا
حسنة : ان كان على صاحبة المكان ، هى عرضت قبل كده ان سلوى تروح معاهم ، يعنى هى مرحبة ، لكن بقى حكاية الولاد كلهم دى بصراحة .. مش عارفة ، واتحرج كمان انى اقوللها حاجة زى دى
عارف : انا اقوللها ماتشغلوش بالكم
وما ان فرغ عارف من جملته ، حتى وجدوا فؤادة تصطحب ادهم وسلوى الى حسنة قائلة : معلش يا امى ، بس الولاد عاوزين يناموا
لتنهض حسنة وتصطحب الطفلين معها الى الاعلى قائلة : ياللا يا اولاد انا هوديكم اوضكم عشان تناموا
وبعد ان صعدت حسنة بالطفلين قال عارف لفؤادة : بقولك يا فؤادة
فؤادة : ايوة يا استاذ عارف
عارف : مابلاش يابنتى كلمة استاذ دى ، ده احنا حتى هنبقى نسايب
فؤادة بابتسامة خجلى : معلش ، سيبنى براحتى
عارف : ماشى ياستى ، بس كنت عاوز أسألك على المزرعة بتاعتك
فؤادة : مالها
عارف : يعنى ، هل لو فى ولاد صغيرين ، المكان يبقى امان بالنسبة لهم
فؤادة بحماس : ااه طبعا ، المزرعة امان جدا وفى حراسة واسوار ، وكمان هينبسطوا جدا بالخيل بتاعة بابا الله يرحمه ، لكن حضرتك بتسأل ليه
عارف : اصلى بحاول اقنع امى ، انها تروح معاكم هى والولاد
فؤادة بلهفة وسعادة : بجد ، طب ياريت ، والله هتنبسط جدا ، والبيت مليان اوض ، وكمان فى جنينة البيت بابا كان عامللى مراجيح بين الشجر ، يعنى الولاد كمان هيلعبوا وهينبسطوا
لينظر عارف بابتسامة لجلال قائلا : شفتوا بقى ، انا قلت كده ، انت تاخد ماما والولاد ، وام ابراهيم
جلال ضاحكا : تصدق انا ابتديت اتوغوش من اصرارك انك تفضى البيت بالشكل ده
عارف بمرح : لا ، اوعى مخك يروح لبعيد ، اخوك اشرف من الشرف
لتنسحب فؤادة بخجل وهى منكسة الرأس بعد ان قالت : بعد اذنكم
ليضحك عارف بصخب بينما جلال يبتسم ابتسامة واسعة وهو يقول : يا اخى لم نفسك ، وخد بالك من كلامك
عارف : المهم انى ظبطتلكم السفرية ، بس انت فى الفترة الجاية دى ماعندكش هنا حاجة مهمة فى الارض
جلال : المحصول .. التاجر خلاص استلمه ، ولو فى اى حاجة عطوة ممكن يتصرف ماتقلقش
عارف وهو يحك مؤخرة رأسه وينظر لجلال بمكر : هو انا لو سألتك نفس سؤال الواد كريم ، هتجاوبنى نفس الاجابة
جلال بفضول : وانت عاوز تعرف ليه
عارف : اخويا وبتطمن عليك
جلال : ماشى ياسيدى ، ناوى استنى شوية
عارف : اشمعنى
جلال : يعنى ، امى لفتت نظرى لحكاية لا كانت على بالى ولا على بال فؤادة اصلا
عارف بفضول : حكاية ايه دى
جلال : سمعتها لو اتطلقت بسرعة كده ، وكمان عمها بما انه مايعرفش تفاصيل جوازنا
عارف بتفهم : فعلا ، انما انت ليه ماجاوبتش كريم لما سألك
جلال ببعض الغضب : مالوش انه يسأل اصلا ، ومش مستريح لنيته
عارف : ليه يعنى
جلال : بصراحة ياعارف ، مش عاجبنى الطريقة اللى بيحاول يتعامل بيها مع فؤادة ولا الطريقة اللى بيبصلها بيها
عارف بخبث : الله اعلم بالنوايا
جلال : اهو النوايا دى اللى مش عجبانى
عارف : ماهو عارف انها جوازة كدة وكدة
جلال بحزم غاضب : حتى لو كان ، البنت دى حاليا شايلة اسمى ، ومش من الاصول ابدا انه يفكر فيها من الاساس ياعارف ، ده اللى احنا اتربينا عليه .. واللا ايه
عارف : ماتضايقش نفسك ، هو اكيد مايقصدش ، وخلينا دلوقتى نتفق هنعمل ايه مع عمك
جلال : ماتقلقش ، ان شاء الله خير
فى اليوم التالى كان لقاء الاخوة الثلاثة بعمهم .. لقاءا يسوده الوجوم بعدما عاتب عزت حسين عتابا مريرا بسبب اخفائه كل ما كان من ابنته كل هذه المدة ، ولكن حسين برر ماحدث انه كان أملا ان يستطيع اصلاح الامور دون ان تتطور الامور الى تلك الدرجة
وفى النهاية بعد ان تبين لعزت ان قرار حسين بالطلاق قرار لا رجعة فيه ،اتفق الجميع على ان ترى ندا ابنائها وقتما تريد بمنزل حسنة ، ولكن جلال اعلمه ان ذلك سيكون بعد رجوعهم من السفر
……………..
كانت الشرطة قد قامت بتفتيش منزل الهلالى وضبطت كل المخالفات التى وجهت اليه الاتهامات بسببها ، مما ادى الى مد حبسه على ذمة التحقيقات خمسة عشر يوما اخرين ، وعندما سمع جلال هذا الخبر من محاميه ، كاد يطير فوق السحاب من شدة سعادته ، وابلغ فؤادة ان مشكلة الهلالى قد انتهت تماما بالنسبة لها
اما تهمة اطلاق النار فقد اعتبرته النيابة بريئا منها بعد ان نجح الهلالى فى اثبات اماكن تواجده وقت الحادث
…………………
يوم السفر صباحا ، قرر عارف ان يقوم بأخذ اجازة من عمله وان يذهب بسيارته بصحبة جلال ووالدته
وقد اصر جلال ان تمر فؤادة على المشفى قبل سفرهم للاطمئنان على جروحها
وبعدها توجها الى المزرعة ، كان عارف يقود سيارته ويصطحب معه والدته التى كانت تحمل ليلى على قدميها ، وكانت ام ابراهيم وفتاة عشرينية اخرى تسمى ماجدة قد اتت بها ام ابراهيم بناء على طلب جلال تجلسان بالمقعد الخلفى
وفى سيارة جلال ، كان جلال يقوم بالقيادة وتجلس فؤادة بجواره ، وبالخلف يجلس ادهم بجوار سلوى بسعادة متناهية ، فهى تكاد المرة الاولى التى يخرجان بها من محافظتهم ، وكانوا طوال الطريق يسألان فؤادة اسئلة لم تنتهى الا بوصولهم عن المكان الذى سيذهبون اليه ، وما يوجد بداخله ، وكانت فؤادة كل مرة تجيبهم والابتسامة لم تفارق وجهها دون كلل او ملل ، حتى وصلوا الى المزرعة والتى فاجئت الجميع بفخامتها ورقيها واناقة تقسيمها ، وما ان وصلوا الى البوابة الضخمة المصفحة حتى اطلق جلال زمير السيارة وماهى الا دقيقة واحدة وخرج من باب صغير رجل يكاد يكون على عتبة الستين من عمره ، ولكنه مفتول العضلات .. قوى البنية ، ما ان وقع بصره على فؤادة التى كانت تشير اليه بيدها بمرح كالاطفال قائلة : انا جيت
ليبتسم الرجل ابتسامة واسعة مهللا بالترحيب قائلا : اخيرا نورتى مكانك يا ست فؤادة ، حمدلله على السلامة
فؤادة بسعادة : الله يسلمك ياعمو نبيل ، وحشتنى ووحشتونى كلكم
ليأمر الرجل احد ما بالداخل ليفتح البوابة من الداخل ، لتنفتح عن مشهد يخطف الانفاس ، فكان المدخل عبارة عن اعمدة خرسانية قصيرة منحوتة بمهارة فائقة بتشابك فيما بينها على شكل يشبه جذوع النخيل ، وتنتهى فى الاعلى بشكل يوحى بأنه تيجان مرصعة بالعديد من مصابيح الاضائة ، بينما تتجادل افرع العنب التى تتساقد عناقيدها من سقف الممر بشكل يخلب الالباب ، بينما ينتهى الممر بساحة صغيرة يغلب عليها شجر التوت والكافور ، فيلقيان بظلالهما على الساحة والتى تطل على مدخل منزل على طراز الاكواخ الانجليزية مطلى من الخارج بلون الياقوت ، عندما توقفت السيارات ، هبطت فؤادة بسعادة وهى تلتفت لنبيل الذى تبعهم حتى المنزل ، وتقوم بتقبيل يده قائلة بحب شديد : وحشتنى اوى ياعمو ، ووحشنى كل حاجة هنا
نبيل : وانتى كمان وحشتينى ووحشتى كل حاجة هنا يافؤادة
فؤادة بحب : وانا هفضل هنا ومش هسيب ارضى لحد اما اموت
نبيل : بعد الشر عليكى يابنتى ، ربنا يحفظك من كل شر
فؤادة وهى تسحب نبيل من يده بمرح : تعالى ياعمو لما اعرفك على ناس ليهم جميل كبير اوى فى رقبتى
فتشير الى حسنة بحب قائلة : دى تبقى حسنة هانم زى امى بالظبط ، ثم تشير لعارف الواقف بجوار حسنة قائلة : الاستاذ عارف مدرس فى طنطا
ثم اشارت الى جلال الذى اقترب من تجمعهم بعد ان كان يفحص المكان بعينيه وقالت : و ده الاستاذ جلال يبقى ………
ليقاطعها جلال قائلا بابتسامة : جوزها
فتلتفت فؤادة بخجل لنبيل وهى تقول : و ده بقى عمو نبيل هو اللى مربينى مع بابا الله يرحمه وياما ذاكرلى ايام المدرسة
ليتبادل الجميع التحية ، بينما قامت ام ابراهيم وماجدة بحمل الحقائب وادخالها الى المنزل
نبيل بابتسامة واسعة : الف مبروك يابنتى ، ربنا يسعدكم يارب ، ثم اشار الى سلوى وادهم واكمل قائلا ….و مين القطاقيط الحلوين دول
فؤادة بابتسامة : القمراية دى سلوى بنت الاستاذ جلال و الجميل ده ادهم ابن عمها واخته ليلى ، باباهم دكتور ، بس ماقدرش ييجى معانا
نبيل بترحاب : نورتوا المزرعة ، وان شاء الله تنبسطوا ، البيت متوضب وزى الفل ، خليت البنات اللى فى الملحق جم نضفوه امبارح ، والاكل كمان جاهز
فؤادة وهى تصفق بيديها كالاطفال : انا شامة ريحة الفرن شغال
لتلتفت فؤادة الى حسنة والباقين بالدخول الى المنزل قائلة بترحاب شديد : ياللا يا امى عشان تستريحوا وتتفرجوا على البيت من جوة ، اتفضلوا
ليدلفوا الى المنزل ، ليجدوا ردهة واسعة مليئة بالارائك المتراصة بجوار بعضها وتلتف بعد ذلك على شكل مربع بينهم مائدة عليها اطباق تمتلئ بالعديد من انواع الفاكهة ، وبالخلف مائدة طعام متوسطة الحجم ، وحول الردهة عدة ابواب وسلم خشبى انيق يؤدى الى الاعلى فتقول فؤادة وهى تشير الى الارائك : بابا الله يرحمه كان دايما بيعمل اجتماعات باصحاب المزارع اللى حوالينا هنا
حسنة : الله يرحمه يابنتى
فؤادة وهى تشير للاعلى : اتفضلوا فوق عشان تعرفوا مكان اوضكم
ليصعد الجميع الى الاعلى وخلفهم ام ابراهيم وماجدة وهما تحملان الحقائب الى الاعلى ، ليجدوا ان المكان يحتوى على اربع غرف للنوم ، فتشير على غرفة تحتوى على سرير ضخم وتقول : الاوضة دى لحضرتك يا امى اتفضلى ، واشارت الى غرفة بسريرين لتقول : والاوضة دى عشان سلوى وادهم ، ثم اشارت لغرفة اخرى وقالت : دى كانت اوضة بابا ، ممكن استاذ جلال يقعد فيها ، ولو استاذ عارف حب يفضل معانا الاوضة سريرها كبير جدا ، ممكن تباتوا سوا ، ولو بيحب ينام لوحده فى اوضتين للضيوف تحت ، واشارت على الغرفة الاخيرة قائلة : و دى اوضتى
ليدلف كل منهم الى الغرفة التى خصصت لهم وبدأوا فى رص حاجياتهم ، وبدأت ام ابراهيم وماجدة بمساعدتهم
وبعد عودتهم الى الاسفل لتناول الغداء الذى امر نبيل باعداده لهم ، واثناء تجمعهم على مائدة الطعام سمعوا صوت طلق نارى علموا على الفور انه بداخل المزرعة
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية فؤادة" اضغط على اسم الرواية