رواية سحر سمرة الفصل الرابع عشر بقلم أمل نصر
رواية سحر سمرة الفصل الرابع عشر
جالسه بجوار ابيها المريض على الفراش تطعمه بيدها وتُحادثه فى عدة موضوعات تهرباً من الاجابه على اسئلته المكرره لها وهو يأكل بصمت مستمعاً لها حتى اذا توقفت اجفلها بسؤاله .
- ها خلصتي حكاوي ولا لسه فى كلام تانى ؟
ردت مرتبكه
- هاا...صدك ايه يابوى؟
سألها بوضوح
- اخواتك فين يامروة .. مش شايف حد من امبارح فيهم ليه؟
تلعثمت فى الرد
- ااايابوى منا جولتلك معاهم شغل بره البلد و مش فاضين !
تابع بأسئلته
- ايه اللى حاصل فى البيت يامروه؟ جوليلى يابتى ريحينى ؟ لو في نصيبه حصلت جوليلى عليها انا شديد واجدر اتحمل !
تشدقت قائلا:
- واه يابوى ربنا يكفينا شر المصايب..ليه بس بتجول كده .. انت شوفت حاجه جلجتك ؟
تنهد الرجل بعمق ليردف :
- شوفتك انتى وامك يا"مروة " بتضحكوا فى وشى وتمثلوا وعينكم بتجول العكس
فاجأها ابيها بفراسته ولكنها لاتريد اضافة الحزن الى قلبه يكفى ما يعانيه من اوجاع .. بلعت ريقها لتمثل الضحك :
- واه عليك يابو رفعت دا انت عليك حاجات.. ما الدنيا رايجه وكل حاجه زين .. انت ليه بس فاكر اننا مخبيين عليك حاجه ؟
صمت قليلا مضيقاً عينيه ثم مالبث ان يأمرها بغضب :
- شيلى الوكل دا من جدامى واطلعى دلوك على طول .
- بس انت مخلصتش وكل يابوى .
قالتها بمحايله فازدادت لهجته حده:
- اخلصى بجولك شيلى الوكل وجومى ..
نهضت عن الفراش مضطره لترفع صنية الطعام وتخرج بها وهو تمتم بصوته ينظر لأثرها :
- طب مكسح ورضينا وحمدنا .. ربنا لكن كمان عايزين تستعمونى!
فخرجت مروة لتقابل والدتها التى كانت تقف بجوار باب الغرفة وسمعت بعض الحديث .. أومأت لها بيدها لتصمت فسارت خلفها حتى ابتعدن الاثنتان عن الغرفة وحتى اطمانت لبعد المسافة سألتها
- ابوكى كان بيزعج ليه ؟
وضعت مروة صنية الطعام على الطاوله التى بجوارها قبل ان تقول :
- ابويا حاسس ياما ان فى حاجه كبيره حاصله فى البيت وكان بيسألنى بس انا مجدرتش اجاوبه بالحقيقه
تنهدت المرأه واضعه كفها وعلى وجنتها :
- بكره يعرف يابتى .. ماهو مافيش حاجه بتستخبى .. وحكاية الفرح اللى اخر السبوع دى هاتفضح الدنيا لوحدها .. ربنا يستر ومايروحش فيها .
وضعت " مروة " يدها على قلبها تردف بجزع:
- يارب ياما يارب .. دا انا خايفه جوى من اللحظه دى ودا اللى خلانى مجدرتش اتلكم لما سألنى .. لكن ياما هو ولدك "قاسم " راح فين ؟ بيدور مع اخوه ولالوحده و لا هو فى سكة تانية خالص ؟
نفيسه بحيره :
- الله اعلم يابتى !!
........ .......
استيقظ قاسم من نومه بالمقاعد الاماميه للسيارة على هذه الاصوات القوية الصادرة من صديقه اثناء نومه بالخلف فاعتدل بجزعه مضطرا مردفاً بصوتٍ متحشرج من اثر النوم .
- اعدل راسك يازفت انت ولا جوم احسن .. جوم ياض .
قال الاخيره بصوت عالى ايقظ صديقه فنهض مزعوراً :
- فى ايه يا" قاسم " ؟ انت دايماً كده تخلعنى؟
اخرج سبه من فمه اولا ثم فتح باب السياره ليخرج وهو يُهندم فى ملابسه .. قائلاً قبل ان يذهب.
- ولا ليك فايده ولا عايده .. بس عمال تصفرلى من مناخيرك طول الليل وتطير النوم من عينى لما خليت الوجت سرجنى وانت بارضك ماشبعتش نوم جاك الهم.
- طب انت رايح فين دلوك ؟
- غاير اشوف اللى ورايا.. اتنيل انت على عينك .
نظر لاثره ببلاهه ثم عاد لنومهِ مرة اخرى مردفاً غير عابئ .
- غور مطرح ماتغور انت حر ... اكمل انا نومى
.......................................
انتى بتقولى ايه ياسعاد؟ عايزانى اشتغل خدامه ؟!
قالتها سمره بغضب وهى تنهض عن مقعدها.. فنهضت سعاد هى الأخرى تصحح
- يابنتى جليسه لواحده مسنه .. مش خدامه؟
اللتفت لها بغضب.
- يعنى هاتفرق ؟ ما الاتنين واحد !
- لا تفرق يا" سمره " البيت اللى انتى رايحاه مليان خدم وحشم وانتى هاتبقى وظيفتك بس الست الكبيره تراعى مواعيد اكلها وادويتها وتشاركيها وقتها بدال الوحده الى عايشه فيها .
هزت برأسها تنفى تقبل الأمر وهى تجلس مره اخرى
- يعنى بعد ماكنت مدرسة وليا وضعى.. اشتغل عند ناس غريبه فى بيتهم خدامه ولا جليسه زى مابتقولى ؟
جلست سعاد خلفها وهى تجيب:
- اسمعى ياسمره انا يابنت الناس ان كان عليا مش عايزاكى تفارقيني .. بس انتى بنفسك بتقولى ان اللى اسمه (قاسم) ده ممكن يطُب عليكى فى اى لحظه وانتى عايزه شغل وعايزه سكن ودول عندهم الاتنين..
همت لتجادلها ولكن " سعاد" اكملت .
- انا عارفه ان الموضوع صعب عليكى بس يا"سمره" انتى طالبه الامان وانا شايفه انك هناك هاتبقى بامان ودا لأن الناس دى مش ساكنة فى عمارات ولا وسط الناس زينا ..لا ياحبيبتى دا دول ساكنين فى مدن ليهم لوحديهم واساميها بتتطلع فى التليفزيون.. ماحدش زى حالاتنا بيدخل عندهم غير بالبطاقة دا غير الحرس اللى محاوطه القصر .. يعنى صاحبك مايقدرش يوصل ولا يهوب هناك ..اطرقت بوجهها وهى واضعه كفيها علي وجتنيها صامته ثم ما لبثت ان تسأل بلهجه اخف :
- طب هى الست دى ساكنة لوحدها .
ابتسمت سعاد بخفه ثم اجابت :
- شوفى ياسمره هى معاها ابن بنتها راجل اعمال معاها فى البيت وعازب لسه ...
فتحت فمها تعترض وتقاطع ولكن اوقفتها سعاد باشاره بيدها تتابع
- وهايخطب قريب على فكره.. دا غير انه اليوم كله مشغول وتقريبا مش بيرجع غير وقت النوم .. دا راجل محترم اوى ياسمره عكس التانى ده ابن خالته اللى ساكن فى شقه لوحده ومقضيها نسوان.. انا دخلت البيت دا كتير لما كنت بوصل فساتين للست الصغيره اخته قبل ماتتجوز وتسافر بلاد بره ناس طيبين اوى ومحترمين .
بللت شفتاها بتوتر وهى تفرك بوجهها لا تدرى ماذا تقرر .. فتابعت" سعاد ".
- يا"سمره "انا قولتلك على كل حاجة وانتى قررى بنفسك ياختى واختارى وانا معاكي فى اى قرار تاخديه .
صمتت قليلا ثم اجابت بتردد
- طب انا هاروح ازاى عندهم ياسعاد وانا معرفهمش ولا اعرف بيتهم دا فين ؟ وهاقدم نفسى ازاى ليهم ؟
اجابتها سعاد بحبور :
- انا هاروح معاكى ياحبيبتى وهاقدمك ليهم وان شاء الله متيسره معانا .. انا هاروح اتصل بالهانم دلوقتى افرحها وجيالك حالا .
قالتها ونهضت على الفور فرجعت سمره بظهرها للمقعد تتمتم لنفسها :
- ياترى ايه مخبيلك الزمن تانى ياسمره
.................................
بعد ان ابلغتها " سعاد " بموافقة" سمره "بالعمل جليسه للسيده" لبنا" مع تفاخرها بما تملكه "سمره" من شهادة جامعيه بالإضافة لثقافتها العاليه وحسن مظهرها الذى يجعلها هديه غاليه منها لسيد لرؤوف .. ورغم تشكك " صفيناز" من صدق " سعاد " بالإضافة إلى فشل بحثها عن اخرى قامت بالاتصال برؤوف الذى كان جالساً بغرفة جدته " لبنا" النائمه واضعاً قدميه على الكرسى المقابل وفوقهم" الاب توب " يتابع اعماله به واضعا نظارته الطبيه على عنيه والتى خلعها بعد ان تلقى الاتصال ليرد على " صافيناز " ..
- الو.... اهلاً ياصافى .
وبلهفة فتاه مراهقه بعد سماع اسمها بصوته
- اهلا يارؤوف .. اخبارك ايه.
ابتسم برزانه يقول :
- اخبارى ياستى انتى عارفاها .
خبئت ابتسامتها قليلا حينما تذكرت مرض جدته لتسأله
- عامله ايه تيته "لبنا " دلوقتى يارؤوف. ؟مش فى تحسن برضوا .
تنهد بارتياح نسبى :
- الحمد لله ياستى .. هى احسن من الاول بكتير بس انا تعبت اوى .. انت لسه ملاقتيش واحده تنفع جليسه ؟
تلعثمت قليلاً بتردد :
- بصراحه يارؤوف انا من الصبح وانا بلف على المكاتب اللى اعرفها وملاقتش واحده بالمواصفات اللى انت طالبها بس يعنى.
اجفل لترددها قائلاً :
- يعنى ايه ؟ هو في حاجه ياصافى .
فركت باطراف اصابعها على جبهتها تُخبره بتوتر :
- شوف انا معايا بنت اسمها سعاد شغاله عندى اكيد انت تعرفها بتقول ان معاها واحده قريبتها فيها كل المواصفات دى واكتر بس انا بصراحه مش مصدقها.. هاشوفها بكره ولو لاقتها كويسه هاجيبها معايا ....
كان يستمع اليها بتركيز شديد حينما ذكرت " سعاد" وقريبتها لا يعلم لما اتته صورتها وشعر انها ربما لو كانت هى المقصوده لذلك حينما انتهت" صافيناز " عاجلها بقولها :
- هاتيها وتعالى .
اجفلت من قوله فردت عليه بتوتر وهى تنظر للمرأه وهى غير مستعده على الإطلاق بعد ان خرجت من حمامها .
- يارؤوف انا لسه ماشوفتهاش .. اشوفها الاول تنفع ولا لأ وبعدين اقولك .
كرر مرة اخرى بتصميمٍ اكثر :
- ابعتيها مع سعاد يا" صافى " وانا هاقرر تنفع ولا لأ
ودت لو تقولها بصوت واضح انها ليست جاهزه لمقابلته وتريد مهله على الاقل ساعتين فأردفت :
- طب ملتخليها بالليل اجيبها معايا .
زفر بضيق وهو يبعد الهاتف قليلا حتى لا تسمع ليردف بعد ذلك بكياسه:
شكلى تعبتك معايا ياصافى انا بصراحه مش عارف اشكرك ازاى .
ردت بسعاده غمرتها
- تشكرني ليه بس يارؤوف .. مش عارف معزتك انت وتيته " لبنا " فى قلبى ازاى .
اكمل بمكر
عارف ياصافى عارف .. ارتاحى دلوقتى و اتصلى ب"سعاد" تجيب البنت اشوفها .. وتبقى تيجى انتى بالليل براحتك البيت بيتك ياصافى.
ضغطت على شفتها بابتسامه حالمه:
- حالاً يارؤوف هاتصل بيها ابعتلك البنت .. وانا ان شاء الله على بالليل ابقى اجى اطمن على تيته وبالمرة اشوف البنت.
تنفس بارتياح بعد ان انهى المكالمه واغلق هاتفه .. فنهض عن مقعده وهو يتمتم مع نفسه :
-اما نشوف بقى هاتطلع هى ولا لأ .
............................
استيقظ" محسن" من غفلته الثانيه على صفقه قوية لباب السيارة وصوت " قاسم " وهو يسب ويلعن بابشع الألفاظ حظه العسر ..بلع ريقه يسأل بخوف
- هو في ايه ؟ حصلت حاجه ؟
اللتفت اليه بعنين تقذف شرراً وانفاسٍ لأهثه من اثر انفعاله :
- الزفت ابوها طلع محبوس.. يعنى تاهت منى تانى يازفت الطين ياخُم النوم .
- كيف يعنى محبوس ؟ وانت عرفت منين ؟
ضرب بكف يده على المقود بقوه يزفر حانقاً :
- عرفت من جارته المره العجوزه.. لا والادهى انها جات امبارح تسأل عليه ومعاها صاحبتها يعنى لو كانت اخرت يوم واحد بس كنت هاجيبها بمنتهى السهوله.
اجاب الاَخر شارداً
- صاحبتها !!..وهى لحجت تصاحب كمان ؟!
نظر اليه بأعين ناريه .. ليدب الخوف بقلب محسن وهى لا يعلم بما يدور بعقل هذا المجنون فسأل بصوتٍ مُرتجف :
- مالك بتصلى كده ليه ؟
اقترب منه يومئ بيده :
- انت صح يا" محسن " انا كنت ناسى .. لما جالنا رمزى على البت اللى هاتسعدها هنا عشان ترجع لابوها
محسن ببلاهه
- بت مين ؟
- هاتعرف دلوك يامحسن ؟
قالها وهو يدير محرك السياره ثم قادها بسرعه هائلة ذاهباً الى عنوان "سعاد"الذى اخذه من رمزى
........................ ..
وبعد بضعة دقائق معدوده توقفت سيارة اَخرى فى نفس المحيط .. وترجل منها ثلاثة رجال فنظر الاول بتفحص للمبنى يسأل :
- انت متأكد ان دا العنوان يارفعت ياولدى .
خرجت منه تنهيدة مثقله بالالم :
- متأكد ياعم " سليمان" .. ما انا جيت هنا جبل سابج !
سأل حسن مذهولاً
- جيت كيف يعنى ؟
نظر اليه قليلا بغموض ثم اردف قائلاً
- احنا هانفضل هنا فى الشارع كتير .. مش يدوبك بجى نروح نسأل ونشوفها جاعده جوا ولا لاه
سليمان بلهفه :
- عندك حج ياولدى .. ياللا بسرعه ياحسن حرك رجلك .. بلاش تبلم كدا
............................
وبداخل بهو القصر كانت تنظر إلى كل ماحولها بانبهارٍ شديد .. لا تصدق ان ماتراه حقيقياً وهى التى لم يشغلها المال طوال سنوات عمرها .. لكن مع هذا الثراء الفاحش اهتزت حصونها وشعرت بالفرق الشاسع مع هؤلاء القوم .
سعاد وهى تتبعها بعينيها:
- ايه رأيك ؟ شوفتى الحاجات دى قبل كده ياسمره ؟
ابتسمت بسخريه :
- بصراحه احنا اغنى عيلة عندينا .. اللى هى عيلة رفعت والزفت " قاسم " بيتهم مايجيش نص القصر ده؟
وبيدها اومأت سعاد :
- لا والاهم بقى .. ان ماحدش هنا يقدر يوصلك يا"سمره" واديكى شوفتى بنفسك تيران الحراسه اللى بره .. الواحد فيهم يسد عين الشمس .
ردت عليها ببعض الارتياح الذى يشوبه الخوف:
- بس لو قبلوني بقى .
استاذه " سمره " !
اللتفت الاثنتين على مصدر الصوت وجدوها فتاه بيونيفورم عاملات المنازل .. فردت عليها" سمره"
- ايوه يا أنسة انا سمره
اومأت لها الفتاه بيدها ناحية باب المكتب تقول :
- طب اتفضلي حضرتك البيه مستنيكى جوا .
سعاد بلهفه:
- ومقالكيش على اسم سعاد .. عشان انا اللى جايباها .
الفتاه بتهذيب:
- حضرتك خليها هى تتفضل الاول وتبقى تدخلى انتى وراها .
- يعنى انا هاخش لوحدى .. انا خايفه جوى ياسعاد .
رتبت على كتفها تؤازرها
- ادخلى ولو معجبكيش الجو نمشى ولا يهمك .
اجمعت شجعاتها ونهضت لدخول المكتب .
...............
وقف ينظر لصورة ابيه المعلقه على الحائط معطيا ظهره لباب المكتب وهو يتلذذ بمذاق القهوه بعد ان تأكد من ظنه حينما رأها من خلف ستائر مكتبه وهى تدلف للقصر مع سعاد .. سمع طرقاتها الخفيفه على باب المكتب فامر بصوت قوى
- ادخل .
دلفت بخطوات خفيفه لداخل الغرفه حتى وصلت للبساط المفروش ارضا وتوقفت خطواتها لتقول بصوت بالكاد يخرج منها من فرط توترها:
- حضرتك انا سمره
التف بجسده بالكامل ينظر اليها بابتسامه متسليه :
- ما انا عارف انك "سمره " انتى بقى فكرانى
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية سحر سمرة" اضغط على اسم الرواية