Ads by Google X

رواية روح بلا مأوى الفصل الخامس عشر 15 بقلم سارة فتحي

الصفحة الرئيسية

  رواية روح بلا مأوى الفصل الخامس عشر  بقلم سارة فتحي

 رواية روح بلا مأوى الفصل الخامس عشر 

ليست كل عثرات الحياة ضدك، بل بعضها لبداية جديدة
****
فرك وجه بضيق وهو يطالع تلك المرابطة فى الزواية
وكلما اقترب منها خطوة كادت أن تذوب داخل الحائط
تأفف من خوفها الغير مبرر قائلًا :
- ممكن افهم انتى خايفة كده ليه ؟!
انا عايش معاكى من شهرين حصل منى حاجة
تستدعى الخوف ده اوعى تفتكرى أن باب الاوضة
كان ممكن يمنعنى عن حاجة

هزت رأسها بنفى قائلة بحزن :
- ده شئ بيبقى جوايا بس انا مش خايفة

يود أن يسحبها بين احضانه لكنه سينتظر حتى تعتاد عليه حتى لا يخيفها، عزم امره اول شئ سيفعله عند
العودة للقاهرة هو اخبار اهله بكل شئ قاطعته هى
قائلة :
- طب انا لازم اروح دلوقتى اشوف الاستعدادت
لأن طاهر كان مصمم اروح معاهم بس قولتلوا
أنى هكون هناك من اول اليوم

ضم قبضته بقوة حتى ابيضت مفاصله وقست
نظراته :
- ايوه يعنى ايه صمم حضرته ديي

اجابته بحزم لتنهى النقاش قائلة :
- يعنى ده شغلى وانا ملزومة بيه وبالنسبة ليا أنا فرصة
ماقدرش اضيعها عن اذنك

طالعها بنظرات تحمل فى طياتها وعد بالأمان،
وعد أن لاتحمل عبئًا للظروف أو الضمائر اجابته بنظراتها
الممزوجة بالحيرة والتوتر والخوف قطع الصمت
قائلًا :
- كده كده انا وضياء رايحين ناخدك معانا

- بلاش كده احسن
اجابته بنبرة يكسوها الحزن، انصرفت بينما
هو مازال على وضعه بداخله يتألم لأجلها

******

- بس كده هو ده اللى جيت عشانه
قالت كيان جملتها باستغراب، هو يعلم أن وجودها ليس
له اهمية بالنسبة لحفل الزفاف فطهى الطعام واشرافه يخص
الفندق الحجز شامل كل شئ، لكن وجودها سيفرق معه
هو تنهد قائلًا :
- المهم انك تقولى المنيو كده كويس ولا لأ
بعدين يا كيان احنا تيم ويا ستى طالما الأكل
تمام ساعدينى انا مش شايفانى مسحول

ابتسمت بترحيب مردفة :
- اوك تمام اوى قولى اقدر اساعد ازاى

ظل يتأملها باعجاب ثم قال :
- المفروض إنى اقولك نشرف على تصميم الورود
بس انا مش شايف وردة غيرك

ارتبكت وهى تحاول تضبط وضع حاجبها ثم قالت :
- طب تمام هروح اشوفهُ

كل هذا تحت نظرات كنان الذى وصل للتو بصحبة
ضياء ثم بدأت جلسة التصوير للعروسين على الشاطئ
انضم اليهم ضياء ومعه هاتفه وبدء فى التقاط صور
لبيلا، بينما هى كانت تطالع الجميع بنظرات متألمة
اعتصر فؤاده عليها فوق كل هذا هو مطلوب الابتعاد
عنها كأنها لا تعنيه، رسى يخت كبير على الشاطئ امامه وصعدت العروسة واصدقائها وكان معهم ضياء فهو لا يفارق بيلا اصبح كطيفها ،اما هى مازالت على اعتاب الشاطئ فجأة اقترب منها طاهر بخفة يقذفها بالماء ابتسمت وهى تخبأ وجهها منه، بدأت محركات اليخت
تعمل وقبل أن تنطلق سحبها معه على اليخت
انتفض كنان فى جلسته حاول اللحاق بهم لكن
كان اليخت انطلق يشق المياه وقف كأسد جريح
تم حبسه بالقفص لتو

بعد مرور ساعتين كان اليخت يقف على الشاطئ
والجميع يهبطوا بسعادة ساعتين مروا عليه سنون
اقترب منه ضياء سريعًا وهو يعلم بما يمر به صديقه :
- كنااان اهدى محصلش اى حاجة انا كانت عينى
عليها

تمتم كنان بقسوة :
- ابن ***** مش عارف لازق فيها ليه اقسم بالله اطلع
بروحه قبل أن يرد

اقتربت بيلا بابتسامة لطيفة قائلة :
- نورت يا دكتور مبسوطة اوى انكم جيتوا يارب اليوم
يعجبكم

ارتسمت ابتسامة شاحبة وحده الله يعلم كيف يحاول
تمالك اعصابه :
- مبروك .. اكيد عجبنا

ابتسمت ثم انصرفت تلحق بصديقاتها وهو عينه مثبتة على تلك التى تجلس فى الخلف بمفردها شاحبة
قرر ضياء مشاكسته قائلًا :
- نقتله ونخلص

رفع حاجبه بشر قائلًا :
- السكينة تكون حامية
ماتخليش حد يشوف وانت بتقتله عشان حرام
متفصلش راسه عن جسمه غير لما يطلع الروح

ضيق ضياء عيناه متسائلًا :
- مش دية طريقة دبح ال...

قاطعه كنان بحزم قائلًا :
- ميفرقش عنهم

- اشطا انطلق انا

بعد ان ابتعد ضياء بمسافة ناداه كنان قائلًا :
- بقولك مش عايز دم كتير

ثم رمق مكانها وجده خالى بحث عنها بنظره وجدها تغادر
تنفس بحدة وتحولت ملامحه بغضب وقسوة
وهو يسير خلفها ليرى ما الذى يبرر لها فعلتها

*****

عاد لغرفتهم بعد أن انتظر ضياء وجدها تجلس على
الأريكة تطالع هاتفها ما أن انتبهت حتى نهضت
واقفة بارتباك فعلتها هذه اشعلت فتيل غضبه
فقبض على معصمها قائلًا :
- أااايه هى الهانم مالها ما كانت زى الفل وبيترش
ميه عليها على شاطئ الغرام، وكمان بيسحبها
معاه على اليخت مالك بقى وش الخوف ده
أيه؟! بقرون أنا

فقدت قدرتها على النطق فقط
تهز رأسها بالنفى وقطرات دموعها تغرق وجنتيها
حاول النطق ببعض الكلمات الغير مفهومة :
- ايدى، معرفش، انا ماليش دعوة ايدى، انا اتفاجأت
انا بخاف من الميه اصلًا

قلبه يضعف امام دموعها يخشى عليها حتى من
نفسه ترك معصمها، رفعت يديها تدلكه وهى تبكى
بحرقة :
- أنا ماكنتش عايزة آجى اصلًا، ماليش دعوة باللى
بيعملوا وهو اللى شدنى كده

اجابها بانفعال :
- هو ايه اللى يخليه يتجرأ ويعمل معاكى انتى
بالذات كده هاااااا

همست بصوت ضعيف متقطع :
- مش عارفة .. انا مالى معرفش

اندفعت تفتح باب النافذة الكبيره التى تطل على البحر
وجلست على كرسى خشبى صغير وهى تغطى وجهها
بيدها

لم يحرك ساكنًا بل ظل ينظر لها من بعيد وقلبه يثور
عليه ويتمرد لكن عقله يؤيد ثأر كرامته
فهو كان ينوى الصراخ عليها ربما صفعها لكن
بعد ما رأى حالتها يريد فقط ضمها إلى احضانه

بعد صراع مع نفسه قادته خطواته للخارج يجلس
على المقعد الخشبى الآخر وهو يطالعها

اما هى كانت ساكنة تطالع امواج البحر
وداخلها يتألم بسبب الكلمات التى بصقها فى وجهها لا تعلم لما كلماته جرحت كرامتها هكذا، فهى دائمًا تحاسب على ذنب لم تفعله حتى أنها هى من دفعت ضريبة نزوة والدها وطمعه وضريبة أم أرادت أن تكمل حياتها على حسابها تشعر بخواء روحها، ارهقها دور الفتاة القوية
تود ان تصرخ من قسوة العالم عليها لماذا هى
عليها أن تتحمل اهانة الاخرين

مضت الدقائق عليهم فى صمت تام، نهضت واقفة
فحدثها مسرعًا :
- كيان لو سمحتى اقعدى

وقفت مكانها رفع نظره مرة اخري قائلًا :
- اقعدى

جلست ثانية، ونظرت له بطريقة اول مره قلبه يختبرها
منها نظرة معاتبة كطفلة لأبيها حدثها :
- اى حد مكانى كان هيعمل كده

ابتسمت بتهكم وسط دموعها التى مازالت تهطل
فهو يتحدث وكأنه زواج حقيقى وأن غيرته على
زوجته واجبة هزت رأسها قائلة :
- هو اللى عمل كده ومعرفش ليه ؟!
ايه اللى يخليه يتجرأ معرفش ممكن شافنى واقفة لوحدى
بس الأكيد إنى تعبت .. تعبت اشيل ذنب مش ذنبى
شلت ذنب الكل وماحدش فى الدنيا فكر فيا لحظة
تعبت من التعب والوجع .. من إنى افضل لوحدى
اتحمل ذنب رد فعل أى حد

دخلت فى نوبة بكاء مرير وشهقاتها كانت تشق سكون
الليل، سهام تخترق فؤاده نهض من مكانه يجلس
بجوارها على المقعد الخشبى الصغير يضمها إلى
صدره ويهدئها زافرًا بحنق ناقمًا على نفسه لما أوصلها
إليه اما هى تشعر وكأن حضنه كقطعة الثلج التى
تثلج نيرانها تشبثت به أكثر وهى تكتم شهقاتها بصدره
فجأة كان الاثنان يقعان أرضًا بعد أن انكسر المقعد
الخشبى ولم يتحملهم انفجر هو ضاحكًا وهى كانت
تبتسم من بين دموعها، ساعدها على الاعتدال وهو
ينفض الرمال عنها، شعرت بلمساته تخترق روحها مما جعل
جسده يتشنج تحت لمساته

*****

- انتى كنتى بتكلمى مين يا بيلا
كان هذا سؤال والدتها وهى تقف خلفها اجابتها بيلا
- ده ضياء بيسأل الفرح امتي قولتله الساعة ٣ هيبتدى

ابتسمت والدتها هامسة بحب :
- ضياء شاب هايل لايقين اوى على بعض

تجعدت ملامحها بضيق قائلة :
- ايه لايقين دية ؟!
احنا اصحاب

برقت عين والدتها قائلة بحدة طفيفة :
- ايه اصحاب دية ؟!
ضياء واضحة مشاعره من ناحيتك للكل اذا كان كل اللى فى
الفرح بيقولوا خطيب بنتك من اللى هو عاملهُ معاكى
عينيه فضحاه انتى كده اسمك بتلعبى بيه يا بيلا

توسعت عيناها بصدمة من حديث والدتها واجابتها
بضيق :
- لا عادى انتى بس اللى بيتهيألك عشان عاوزة كده
لكن هو عادى وانا عادى .. لو سمحتى يا مامى
عايزة انام

تنهدت والدتها تهز رأسها بيأس قائلة :
- انا مش هتكلم بعد كده باباكى هو اللى لازم يتدخل

انصرفت والدتها وارتمت هى على الفراش خلفها تنحب
قائلة :
- عارفة كل ده بس مش من حقى حتى افرح يومين
استحالة بالذات ضياء يعرف مش هستحمل يسيبنى
هو او حتى استحمل نظرة شفقة من عينيه كله إلا
كده
جففت دموعها قائلة :
- كل شئ بعد الفرح يتظبط

*****

يجلسوا على الرمال وامامهم البحر بكامل سحره
لكنه مثبت نظره عليها هى الساحرة بكل ما بها
من حزن واغواء وبراءة سألها فجاءة قائلًا :
- كيان قوليلى نفسك فى أيه ؟!

اشارت لنفسها ثم تنهدت تنظر امامها قائلًا :
- أنا نفسى ؟!
حاجات كتييير، نفسى ماحدش يعيش اللى عشتهُ
نفسى مفتحش الفيس القى انهم لقوا طفل امه رمته فى
الزبالة أو حطته فى كارتونه يتحمل غلطتها هى
وابوه لحظة متعة وضعف منهم يدفعوا تمنها العمر
كله فين العدل، نفسى قوانين تنهى الجواز العرفى
بين الأهل بحجة الاساس الإشهار .. انت عارف
فى واحده اتجوزت زى ماما كده بعقد عرفى
جوزها اتوفى حاولت توثق العقد العرفي ماعرفتش لجأت
لأهل جوزها قالوا تمام نوثقه بس شرط التنازل
عن الورث وغيره كتير محاكم الاسرة مليانة
ولا جوازات العرب ويمشوا وتفضل الام مش
عارفة تطلع لابنها شهادة ميلاد .. عارف الموضوع
يبان من بره ايه التفاهة دية هى البلد هتسيب
كل البلاوى اللي وراها عشان تشوف الهبل ده .. بس ابدًا
والله احنا اغلبنا هنفضل مرضى نفسيين ليوم
الدين، يعنى لو فى قانون ماكانش فى عيال
فى الملجأ من غير اهل لما يكبروا هيطلعوا
ايه... فى كتير منهم هيضيع ويبقى قاتل، سارق،
متحرش هيبقوا جانى ومجنى عليهم في نفس الوقت

يسمعها بقلب يأن اقسم بداخله أن ما تتمناه سيحققه لكن ماذا يفعل هو فى ذلك ابتسمت بألم قائلة :
- مملة أنا

هز رأسه بالنفى قائلًا :
- ابدًا، ماتيجى ننزل المية

- لأ لأ انا بخاف استحالة انزل المية

التفت لها وعيناه تطمئنها أنه هو امانها فقال بحنو وهو ينهض واقفًا ويمد يده يجذبها معه :
- متخافيش وأنا معاكى

شعرت بدفء كلمته وصدقها نظراته اخترقت ثنايا روحها
سارت معه كطفلة مطيعة وما أن لمست المياه قدمها
تراجعت للخلف تشد على يده بخوف :
- بلاش بلاش ياكنان انا خايفة

لمسات يديها ونطق حروف اسمه من بين شفتاها بعثرت
ثوابته اكثر فسحبها معه للمياه اغمضت عيناها برعب
وفتحتها كانت المية تغطى نصف جسدها تشبثت
بقميصه اكثر فقال :
- سيبى نفسك واستمتعى بالمية

- لأ هغرق يلا نطلع

همس بخفوت قائلًا :
- ده أنا اللى غرقت

فجأة شبك يديه معًا خلف ظهرها كحصن لها وباتت
انفاسه تلفح وجهها انتفضت هى بين يده تشعر برعشة تسرى فى جسدها قلبها يخفق بجنون وانفاسه تحرق بشرتها فابتسم هو قائلًا :
- كده مش هتغرقى ممكن تسيبى نفسك فى المية متقلقيش

رفعت عيناها إليه وسألته بصوت مجهد :
- مش هتسيبنى

هز رأسه بالنفى وزاد من ضمها إليه قائلًا بنبرة ذات مغزى:
- استحالة يا كيان اسيبك

تناست كل شئ وقررت تسرق لحظات من الزمن معه
ستظل ذكرى لها مدى الحياة ضحكت وهى تلعب
بيديها فى الماء :
- حلوة اوى

- انتى الأحلى

اشاحت بوجهها بعيدًا عنه باستيحاء وهى تهمس :
- كفاية كده يلا نطلع

تابع حمرة خجلها ابتسم لها بحنو وانصاع لها وخرج
من المياه ..

****

- كيان هطلب أكل
تلك الكلمات نطقها كنان بعد أن اخذ حمامًا دافئًا
فوجدها نائمة على الفراش اقترب منها يمرر يديه
على وجنتها اغمض عيناه وهو يقسم أن كل شئ
سيتغير للأفضل دثرها بالغطاء وظل بجوارها

*****

فى صباح اليوم التالى


بدأت تتململ فى نومتها شعر بحركتها طالعها بحنو
ونهض مسرعًا يتمدد على الاريكة موليها ظهره
حتى لا يثير ذعرها، فرقت جفونها وجدت نفسها
مغطاة، انتفضت تتحسس ملابسها وضعت يديها
على رأسها وجدت نفسها بحجابها وثيابها كما هى
تنهدت بارتياح ثم جابت الغرفة بعيناها وجدته
نائمًا على الأريكة نهضت ترفع الغطاء مقتربة
منه تطالعه ببسمة صادقة، هى لا تعلم ماهية
شعورها نحوه، فهو حلم مستحيل بالنسبة لها
وليس كل ما يتمناه المرء يدركه، تنهدت بثقل
وتوجهت لحقيبتها تفتحها وتختار منها ما يناسب
اليوم ثم توجهت للمرحاض
دقائق وكانت تخرج من المرحاض بعد ان انتهت
من ارتدء ملابسها كل هذا وهو يشعر بها
فتح عينيه بتكاسل مدعيًا النعاس قائلًا :
- صباح الخير

- صباح النور

هى الساعة كام ؟!

رفعت معصمها تطالع الساعة قائلة :
- الساعة ١٢ والمفروض الفرح الساعة ٣

مط ذراعيه وهو يتثآءب وكأنه نام سنون وهو لم يغمض
له جفن ظل يراقبها طول الليل عقد حاجبيه :
- انت لابسة ورايحة فين كده ؟!

اجابته وهى تضع اشياءها داخل حقيبتها :
- الفرح

نهض واقفًا وهو يتوجه صوب المرحاض :
- هنفطر الأول

ضيقت حاجبيها متسائلة :
- اومال ايه نباتى دية ؟!
أيه اللى جرى ؟!

استدار لها ببسمة صادقة قائلًا :
- البركة فيكى من يوم ما شوفتك ونفسى اتفتحت
على كل حاجة

كست الحمرة خديها من مغزى كلامه قلبها ينبض بعنف
استدارت مولياه ظهرها مدعية البحث عن شئ فى
حقيبتها

بعد مرور نصف ساعة كانوا قد انتهوا من الطعام
فنهضت مسرعة صوب الباب فاوقفها مناديًا قائلًا :
- كيان لو سمحتى خليكى بعيد عن طاهر عشان
ميبقاش فى فرصة لأى احتكاك

هزت رأسها كطفل مطيع

*****

الشاطئ مزين بورود صديقات العروس جميعهم
يرتدوا نفس اللون حتى بيلا ترتدى فستانًا طويلًا
يرسم منحيات جسدها ببراعة ورفعت شعرها
للأعلى اقترب منها قائلًا :
- العروسة قمر

التفتت له بابتسامة جعلت قلبه يهوى بين قدميه
- انا مش العروسة

غمز لها بطرف عيناه قائلًا :
- هو فى عروسة غيرك هنا متحاوليش تقنعينى
انا مش ابن امبارح

قهقهت ثم اجابته :
- لا ما هو باين عليك

اتسع بؤبؤى عيناه بصدمة:
- قصدك إنى كبير فى السن

نظرت امامها على العروسة وابتسمت نصف ابتسامة
قائلة :
- مش اوى

التو فمه وهو يتمتم بتهكم :
- اقولك عروسة تقوليلى كبير فى السن

انتهى حفل الزفاف وكل يستعد للرحيل وهى
تتجنب طاهر كل هذا تحت نظرات كنان الذى
كان يجلس على فوهة بركان نشط
توجهت صوب مطبخ الفندق فوجدت شخص
كبير فى العمر يبدو انه فى العقد الخامس من
عمره يتجول فى المطبخ فقطبت حاجبيها وهى تسأله :
- حضرتك عايز حاجة ؟! انا اقدر اساعدك

زلزال ضرب كيانه فهى فولة وانقسمت نصفين نسخة
مصغرة من اخيه اصبحت اقدامه كالهلام اهتز
فى وقفته فاسرعت تسانده قائلة :
- حضرتك كويس

هز رأسه بالايجاب قائلًا :
- بخير الحمدلله .. انتى شغالة هنا

- لا مش شغالة

سألها ثانية :
- اسمك ايه

قطبت حاجبيها لكنها جاوبته :
- اسمى كيان عاصم

اغمض عيناه بألم يود أن يضمها لصدره لكن يبدو
من هيئتها أنها تنعم بحياتها فابتسم لها بحنو ابوى :
- كيان اسم حلو اوى عاشت الاسامى يابنتى

- اقدر اساعدك ازاى انا لازم امشى دلوقتى ادور على
دكتور هنا طيب

اخرج تنهيدة حارة على حظ اخيه العاثر يملك ابنة
كهذه ولا يعلم عنها شئ رفع بصره قائلًا :
- انتى ساعدتينى خلاص

*****
استقل طاهر سيارته فقد قرر زيارة صديقه فى احد الفنادق
القريبة قبل نزوله القاهرة، جلس فى بهو الفندق ينتظر
نزوله، لكنه شعر بنزول صاعقة من السماء عليه
كنان وكيان معًا كيف توجه للاستقبال يسأل عنهم علم
انهم نزلاء غرفة واحدة، لجمت الصدمة لسانه وعجز
عن الرد دقائق وكان كنان يخطو بخطواته خارج الفندق
وجدها فرصة وبعد أن علم رقم الغرفة بصعوبة
طرق الباب ثوانى وكان يطالع وجهها بمنامتها
ابتلعت ريقها الذي اصبح كالحنظل شحب وجهها وفرت منه الدماء :
- طاهر!!!!!

اردف طاهر بحدة قائلًا :
- ايه الهانم اللى عاملة كيوت وبريئة اتكشفت
على حقيقتها وقد ايه هى واحدة سهلة ورخيصة

تساقطت دموعها بغزارة وحرقة هزت رأسها بألم قائلة :
- لو سمحت اسمعنى

طالعها بنفور واشمئزاز وكأن قلبه يحترق :
- اسمع ايه هااا.. اسمع ايه غير اللى شوفته
بس يا ترى بقى بالليلة ولا بالأسبوع

رفعت كفها لتصفعه بسبب كلامه لكنه قبضة على
معصمها وهو يدفعها للداخل واغلق الباب خلفه

فسقطت ارضًا تبكى قهرًا وهى تسرد ما عاشته :
- أنا مش كده كل حاجه فى حياتى محصلتش بارداتى
انا كنت تحت رحمة الظروف عمرى ما اخترت حاجة

انتهت من سرد قصتها المأساوية وهى شهقاتها تعلو وهو يقف مكانه كالمصعوق
كيف تحملت كل هذا بمفردها حتى أن كنان ايضًا
استغل ضعفها، يشد خصلات شعره يكاد أن ينزعهم
من منبتهم، حاول الاقتراب منها لتهدئتها لكنها تراجعت
للخلف برعب اغمض عيناه بقهر على ابنة عمه وما عاشته
فقال :
- أنا اسف صدقينى أنا اسف بس كل حاجه هتتحل
لو سمحتى ممكن تقومى

طالعته وهى تكتم صراختها فى حلقها قائلة :
- لو سمحت مش عايزة حد يعرف حاجة واتفضل
اطلع بره دلوقتى

علت وتيرة انفاسه ثم قال بألم :
- متقلقيش وكل حاجة هتتحسن
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية روح بلا مأوى" اضغط على أسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent