رواية ملاك باخلاق سيئة الفصل الخامس عشر والاخير 15 بقلم روزان مصطفى
رواية ملاك باخلاق سيئة الفصل الخامس عشر والاخير 15
سهم الحُب لم يكُن مسمومًا يا جبريل، رُبما خوفك من أن تُجازف لتقع بحُب فتاة ما أُخرى ليصابها الأذى من تحت رأسك هو من سيُزيح عنك لقب الملاك ذو الأخلاق السيئة
الملائكة لا تُخطيء.. يُمكنك الأن أن تحيا براحة مع من خفق قلبك لها.. مع من أعادت دماء الحياة لوتينك.. لتُنعش قلبك مرة أخرى
أنت بأمان ف لا تحزن!
قبلت جولييت كف يدهُ وهي تنظُر له وتقول: يمكن دا جزاء كُل صعب مريت بيه، لو الجزاء كان إنت ف أنا نسيت التعب، زيل عن عاتقك عُقدة تأنيب الذات.. اللي كتبه القدر هيحصل، قبل نزولنا الدُنيا لما كُنا لسه بنتخلق وقبل ما تنبعث فينا روح الحياة.. إتكتب كُل شيء هيحصلنا.. ميعاد موتها كان كدا
جبريل ببحة حزينة وبالفِعل قلقة: أنا خايف عليكي، مش حابب أكون المُتسبب في أي شيء وحش يطولك. وقوعي بعدك مش هيكون ليه قومة!
إحتضنته من خصره، وهي تستند برأسها على ظهره وتُغلق عينيها بأمان.
على الجهة الأخرى كانت ليلى تجلس على الرمال بالقُرب من رضوان الذي كان يعقد من الأصداف عُقد في خيط صِنارة الصيد
نظرت لهُ بسُخرية لتقول: هو في حد بجد هيلبس اللي إنت بتعمله دا!
رضوان بنبرة واثقة للغاية: بنات الجزيرة كُلهُم يتمنوا، تحبي تشوفي؟
نظرت له بتحدي لتقول: عشان بيحبوك يعني ف بيجاملوك؟
رضوان ضحك ضحكة صغيرة ليقول: لا عشان هيكون معاهُم حاجة أنا اللي عاملها بنفسي
نظرت له ليلى، والإبتسامة ظهرت على محياها دون قصد أو تكلُف منها.. إستندت بوجهها على يدها وهوويقوم بصُنع العُقد ونسيم الهواء في الجزيرة يُنعشهُم
أما جبريل وجولييت كانوا في عالمهم الخاص، لا حواجز ولا قيود ولا شيء يقف في طريقهُم بعد الأن.. لا شيء يؤرقهم سوى إنتظار ذلك الطفل داخل أحشاء جولييت
ومرت الأيام والأشهُر ، وتصاعد الحُب بين ليلى ورضوان.. وإزداد تعب جولييت من الحمل
حتى جائت إحدى فتيات الجزيرة بالطائرة الخاصة بجبريل، وهي محنية الرأس.. خائفة من شيئًا ما..
إقتربت من جبريل الذي كان يجلس على المُرتفع الخاص به وقالت بصوت مُتردد: جبريل
نظر لها والهواء يُطير خُصلات شعره الكستنائية، ف جلست بجانبهُ بهدوء وهي تقول: قابلتني الساحرة.. وقالتلي إنها هتقولك الحقيقة لما إنت ترجع، وبقزلك كدا لإني عارفة إنك مش هترجع وإنك مُستمر في حياتك مع زوجتك داخل الجزيرة
عقد جبريل حاجبيه وقال بنبرة هادئة: دا شيء متوقع، معتقدش هتسيبني كتير دون البحث عني.. أنا هروحلها بنفسي.. صعب أعيش هربان من شيء طول المُدة دي
بس حابب أودع جولييت الأول.. تحسُبًا لأي شيء
قام جبريل ف أمسكت بيده الفتاة وهي تقول بتأثُر: إنت مش مُضطر تروح، زوجتك على وشك الولادة
سحب جبريل يده وقال بعزيمة: عشان كدا تحديدًا لازم أروح.
نزل عن المُرتفع الخاص به وذهب لغُرفته مع جولييت، صوت طيور النورس وأمواج البحر التي ترتطم ببعضها البعض
جلس جبريل على حافة الفِراش، وهو ينظُر لوجه جولييت النائمة التي فقدت من وزنها الكثير إثر ذلك الحمل.. وأشعة الشمس مّتعامدة على وجهها وشعرها لترسمها ك لوحة عتيقة.. إنحنى ببُطء وهو، يُقبلها على شفتيها الرطبتين.. حتى إستيقظت على أنفاسه الدافئة وهي تلمس وجهه بكف يدها وتقول بحُب: جبريل
نظر لها بإبتسامة زائغة ثُم قال وهو يُبعد خُصلات شعرها المُزعجة التي تجعلها تُغلق عيونها من آن لأخر وقال: صباح الخير، لسه التعب؟
جولييت بصوت ضعيف: صباح النور، هو زايد الحقيقة لكني وأخيرًا نمت
إقترب لها بجسدُه وهي تُتابعه بعينيها حُب حتى أصبح مُلتصقًا بها، إستند بذراعُه على وسادتها من فوق وهو يتأمل عيناها بحُب ويقول: في مشوار مُهم لازم أعملُه، لازم يكون عندك علم بيه
بدأ القلق يتسرب لعقلها وملامحها وهي تقول: مشوار إيه؟
ظهرت علامات التردُد على وجهه خوفًا عليها من الإجهاد، لكنه إضطر أن يُخبرها وقال: هروح للمدينة
قبضت على يده فجأة وهي تعتدل ك من جمعت رمادها وعادت من الموت، إتسعت عيناها وهي تقول بتحذير خائف: إوعى تروح! من المؤكد إنها بتدور عليك في كُل مكان
جبريل بتأثُر: القنينات على وشك أن تخلص! والجرح العميق في ظهري هيتعبني تاني، لازم أروح يا جولييت
آمتلأت عيناها بالدموع وهي تُحرك رأسها يمينًا ويسارًا برفض، قبل رأسها وهو ينظُر لها بعينين دامعتين وبمُجرد خروجه من الغُرفة حتى إنهارت جولييت ببُكاء بصوت واضح، ألم قلب جبريل ف هم للعودة لها لكن يد الفتاه أمسكت به وهي تقول: متضعفش، روحلها هي قالت في كلام مُهم
عاد جبريل برفقة الفتاة إلى داخل طائرتُه، وحلق بها عودة لمدينة لقاؤه بجولييت زوجته الحالية
كانت العودة للمدينة لها أثار سيئة على قلبه ك من إرتدى ثيابه المتسخة بعد دقائق إستحمام..
ولكن الأمر إستحق العناء.. عادت لرأسه الذكريات السيئة مرة أخرى، لحبيبته الغائبة عند الرب، لكن كُل تلك الشكريات تلاشت بمُجرد أن لمست الأرض طائرته الخاصة، وخرج من الطائرة ناظرًا للجو العام حوله، لم ينوي التجول داخل طُرقات المدينة بل أصر على الذهاب فورًا إلى منزل الساحرة
إنتظرته فتاة الجزيرة في الخارج، ليدخُل هو بهدوء وهو يفتح باب منزلها الخشبي الذي أصدر صوتًا ك تلك المنازل المُلبدى بغُبار الزمن العتيق، لتُغلق الرياح العاتية الباب خلفهُ، ويقف هو في مُنتصف المنزل باحثًا بعينيه عنها، حتى وجدها تجلس بالقُرب من المافذة المُغطاة بقكع خشب غُرزت بمسامير حديدية
إقترب خطوتين وقبل أن يخطو الثالثة قاطعت الساحرة تقدمه وقالت: كفاية عليك كدا، أنا خلاص خدت حق بنتي
عقد جبريل حاجبيه قبل أن يقول بإستفهام: عُذرًا.. مفهمتش قصدك؟
إستدارت لتنظُر له ثُم قالت: إنت مش ملعون، الندبة اللي في ظهرك بتزيد.. لما بتستخدم الترايق لكن مجرد ما تحطه على جسدك، بتحس براحة إن الألم خف.. في الحقيقة الترياق اللي في القنينة بيزود الندبة وفي بداية مل أول شهر الألم بيكون أقوى.. لكن الألم دا عشان الندبة تخف تمامًا، أنا أوهمتك إنك هتموت لو مخظتش الترياق اللي في القنينة.. لكن الحقيقة إن الترياق دا بيزود الجرح مش بيخففه، وإنت هتخف خالص منها.. لما تتألم يوم كامل وليلة كاملة، والبنت اللي معاك مش هتموت.. دي أوهام ومخاوف عيشتك فيها.. زي ما كُنت السبب في فقدي لبنتي
وقف جبريل مشدوهًا، غير قادر على الرد.. الصدمة شلت حواسه وهو ينظُر لتلك الشمطاء التي قلبت حياته لأيام! وجعلته يبحث من تلقاء نفسه عن ذلك السُم الذي سيُجدد ألامه بداية كُل شهر
كور يده بغضب ثُم قال: مش أنا المُتسبب في وفاة بنتك العزيزة.. دا إنتي! لإنك من البشر المُتحكمين فيما يخصهم لدرجة تدمير حياتهُم! إنتي موثقتيش فيها ولا أمنتي بالحُب
وقفت الساحرة وهي تستدير وتنظُر له ثُم قالت بنبرة بها الكثير من الأسى: أمنت بالفضيحة، وبسيرة الحُب الملوث بالخطيئة اللي كانت على لسان كُل أهل البلدة.. ولإخراسهُم كان لابُد من نفيك وإنت هزيل، وزواج بنتي من رجُل أخر وبالفعل حصل.. لكن كان الغير متوقع إن حياتها تنتهي
جبريل بعتاب قاس: لإن كبت المشاعر هو دفن الشخص وهو حي، وإجبارك ليها تعيش مع شخص عمر قلبها ما دق ناحيته.. ودفنك ليا بتُراب مخاوفي طول الوقت دا لفكرة الإنتقام السخيفة اللي ترسخت في عقلك رغم إنك إنتي القات_لة! ليه قولتيلي؟
رفعت هي رأيها وقالت بأعيُن سوداء لمعت بدموع الندم: لإني حلمت بيها.. بتتعذب لعذابك، ومكونتش قادرة أكون سبب وجعها لحد يومنا هذا.. متوقعتش إنها حبتك الحُب دا، لذلك قررت إني أفصح لك عن خطتي في القضاء عليك بتمهُل.. من الواضح إن أرواح العالم الأخر رفضت عذابك
جبريل بنبرة أخيرة: فوق كُل خطاياكِ وذنوبك اللس إنتي غفلتي عنهم لتُحاكميني أنا وبنتك على خطيئة واحدة بإسم الحُب، ف أنا مش مسامحك..
خرج جبريل من منزلها، يلوذ بقدميه بعيدًا عن تلك الدار المُدنسة بأفكار الشيطان.. يُحيطه من كُل إتجاه الحُزن والتخبُط.. يعُض على أصابعه ندم لإنه لم يستطع حماية عشيقته التي ماتت.. وقلبه ينبُض الأن لجولييت فقط ولطفلهُم القادم
عاد لطائرته وظل يستمع لفتاة الجزيرة التي رافقته الرحلة، وهي تنهال عليه بأسئلتها الفضولية لكنه لم يكُن بحالة جيدة ليُجيب..
عاد للجزيرة وظل طوال الليل فوق تلك القمة..
حتى جاء الصبح.. بداية لشهر جديد
دلف جبريل لغُرفة وأغلق الباب عليه وظل يتألم طوال اليوم، مُتجاهلًا الطرق على باب غُرفته في محاولة منهم لإعطاؤه الترياق..حتى سقطت جولييت بين أيادي فتيات الجزيرة وسقط منها ماء الولادة.. ليحملها رضوان بين ذراعيه ويضعها في فراشها ومن هُنا قُمن الفتيات بمُساعدتها لإخراج الطفل بأمان
هي تصرُخ من شدة الألم وجبريل كذلك في مقاومة منه لتلك الندبة.. خارت قواه وفقدت جولييت الوعي بعدما خرج الطفل.. قام الفتيات بمُداعبته ونظروا له بحُب وسعادة وهُم يدثرونه بالملاءة الصغيرة ويضعوه بين يدي خالته ليلى
كان جبريل يتألم في غِرفته ولكنه يبتسم بين الحين والأخر وهو يستمع لبُكاء الطفل
كانت ليلة قاسية ومُرهقة على الجميع..
صباح يوم أخر إستيقظت جولييت على شيئًا ما رطب يلمس شفتيها، لتفتح عيناها وتجد جبريل يُقبلها بحُب ويظهر عليه علامات الإرهاق
لمست وجهه بأطراف أصابعها وهي تقول بتعب: إنت بخير؟ ليه مخدتش الترياق
قبل أصابع يدها بشفتيه وهو يقول: هشرحلك بعدين، شوفتي إبننا؟
إبتسمت جولييت إبتسامة واسعة وهي تقول: تؤ لسه، هو فين؟
ضحك جبريل وهو يرتدي قميصه بلون السماء.. مُتناسب تمامًا مع خُصلات شعره الشقراء.. وحمل ملاءة صغيرة مت فوق الفراش ووضعها على حُضن جولييت
التي نظرت بحُب عميق للطفل الذي يُشبه ملامح والده كثيرًا وقالت: يا حبيب ماما، وحشتني ووحشني أشوفك.. تسع شهور مستنياك
عقد جبريل حاجبيه وهو ينظُر بحُب لجولييت وقال: وأنا سنين مستنيكي.. لولا ظهورك في حياتي كان زماني مُستسلم لحُزن القدر، كان في مُكرب نا قال مقكع من أغنيته ، ليالي كُنت مش عايش ومستنيكي تحييني
وجودك أحياني يا جولييت.. الصُدفة اللي جمعتني بيكي في المتجر.. كانت طوق نجاتي
إعتدلت بصعوبة نظرًا لتعبها من الولادة ووضعت جبهتعا فوق جبهته وهي تقول: أنا بحبك، إنت عرفتني يعني إيه عوض عن أيام سيئة.. ويعني إيه سعادة بعد شقاء.. إدتني أكتر ما أنا إديتك
اصدر طفلهم صوت ليُخبرهم أن هنا ف ضحكوا، قالت جولييت وهي تحتضن طفلها وتضع راسها فوق صدر جبريل الذي ضمها له: هي ليلى شافت البيبي؟ هي فين!
أشار جبريل بعينيه إلى النافذة.. وقال: بتبتدي قصتها هي
نظرت جولييت من خارج النافذة لتجد رضوان قد جلس على رُكبتيه وهو يقُدم لها خاتم قد صنعه بنفسه بنية الزواج، وليلة تقف سعيدة أمام البحر وتمد يدها ليضع لها الخاتم
إبتسمت جولييت براحة وهي تُغلق عيناها، قبل جبريل رأسها وهو ينظُر للسماء شاكرًا القدر لتلك السعادة
الملائكة لا تُخطيء.. يُمكنك الأن أن تحيا براحة مع من خفق قلبك لها.. مع من أعادت دماء الحياة لوتينك.. لتُنعش قلبك مرة أخرى
أنت بأمان ف لا تحزن!
قبلت جولييت كف يدهُ وهي تنظُر له وتقول: يمكن دا جزاء كُل صعب مريت بيه، لو الجزاء كان إنت ف أنا نسيت التعب، زيل عن عاتقك عُقدة تأنيب الذات.. اللي كتبه القدر هيحصل، قبل نزولنا الدُنيا لما كُنا لسه بنتخلق وقبل ما تنبعث فينا روح الحياة.. إتكتب كُل شيء هيحصلنا.. ميعاد موتها كان كدا
جبريل ببحة حزينة وبالفِعل قلقة: أنا خايف عليكي، مش حابب أكون المُتسبب في أي شيء وحش يطولك. وقوعي بعدك مش هيكون ليه قومة!
إحتضنته من خصره، وهي تستند برأسها على ظهره وتُغلق عينيها بأمان.
على الجهة الأخرى كانت ليلى تجلس على الرمال بالقُرب من رضوان الذي كان يعقد من الأصداف عُقد في خيط صِنارة الصيد
نظرت لهُ بسُخرية لتقول: هو في حد بجد هيلبس اللي إنت بتعمله دا!
رضوان بنبرة واثقة للغاية: بنات الجزيرة كُلهُم يتمنوا، تحبي تشوفي؟
نظرت له بتحدي لتقول: عشان بيحبوك يعني ف بيجاملوك؟
رضوان ضحك ضحكة صغيرة ليقول: لا عشان هيكون معاهُم حاجة أنا اللي عاملها بنفسي
نظرت له ليلى، والإبتسامة ظهرت على محياها دون قصد أو تكلُف منها.. إستندت بوجهها على يدها وهوويقوم بصُنع العُقد ونسيم الهواء في الجزيرة يُنعشهُم
أما جبريل وجولييت كانوا في عالمهم الخاص، لا حواجز ولا قيود ولا شيء يقف في طريقهُم بعد الأن.. لا شيء يؤرقهم سوى إنتظار ذلك الطفل داخل أحشاء جولييت
ومرت الأيام والأشهُر ، وتصاعد الحُب بين ليلى ورضوان.. وإزداد تعب جولييت من الحمل
حتى جائت إحدى فتيات الجزيرة بالطائرة الخاصة بجبريل، وهي محنية الرأس.. خائفة من شيئًا ما..
إقتربت من جبريل الذي كان يجلس على المُرتفع الخاص به وقالت بصوت مُتردد: جبريل
نظر لها والهواء يُطير خُصلات شعره الكستنائية، ف جلست بجانبهُ بهدوء وهي تقول: قابلتني الساحرة.. وقالتلي إنها هتقولك الحقيقة لما إنت ترجع، وبقزلك كدا لإني عارفة إنك مش هترجع وإنك مُستمر في حياتك مع زوجتك داخل الجزيرة
عقد جبريل حاجبيه وقال بنبرة هادئة: دا شيء متوقع، معتقدش هتسيبني كتير دون البحث عني.. أنا هروحلها بنفسي.. صعب أعيش هربان من شيء طول المُدة دي
بس حابب أودع جولييت الأول.. تحسُبًا لأي شيء
قام جبريل ف أمسكت بيده الفتاة وهي تقول بتأثُر: إنت مش مُضطر تروح، زوجتك على وشك الولادة
سحب جبريل يده وقال بعزيمة: عشان كدا تحديدًا لازم أروح.
نزل عن المُرتفع الخاص به وذهب لغُرفته مع جولييت، صوت طيور النورس وأمواج البحر التي ترتطم ببعضها البعض
جلس جبريل على حافة الفِراش، وهو ينظُر لوجه جولييت النائمة التي فقدت من وزنها الكثير إثر ذلك الحمل.. وأشعة الشمس مّتعامدة على وجهها وشعرها لترسمها ك لوحة عتيقة.. إنحنى ببُطء وهو، يُقبلها على شفتيها الرطبتين.. حتى إستيقظت على أنفاسه الدافئة وهي تلمس وجهه بكف يدها وتقول بحُب: جبريل
نظر لها بإبتسامة زائغة ثُم قال وهو يُبعد خُصلات شعرها المُزعجة التي تجعلها تُغلق عيونها من آن لأخر وقال: صباح الخير، لسه التعب؟
جولييت بصوت ضعيف: صباح النور، هو زايد الحقيقة لكني وأخيرًا نمت
إقترب لها بجسدُه وهي تُتابعه بعينيها حُب حتى أصبح مُلتصقًا بها، إستند بذراعُه على وسادتها من فوق وهو يتأمل عيناها بحُب ويقول: في مشوار مُهم لازم أعملُه، لازم يكون عندك علم بيه
بدأ القلق يتسرب لعقلها وملامحها وهي تقول: مشوار إيه؟
ظهرت علامات التردُد على وجهه خوفًا عليها من الإجهاد، لكنه إضطر أن يُخبرها وقال: هروح للمدينة
قبضت على يده فجأة وهي تعتدل ك من جمعت رمادها وعادت من الموت، إتسعت عيناها وهي تقول بتحذير خائف: إوعى تروح! من المؤكد إنها بتدور عليك في كُل مكان
جبريل بتأثُر: القنينات على وشك أن تخلص! والجرح العميق في ظهري هيتعبني تاني، لازم أروح يا جولييت
آمتلأت عيناها بالدموع وهي تُحرك رأسها يمينًا ويسارًا برفض، قبل رأسها وهو ينظُر لها بعينين دامعتين وبمُجرد خروجه من الغُرفة حتى إنهارت جولييت ببُكاء بصوت واضح، ألم قلب جبريل ف هم للعودة لها لكن يد الفتاه أمسكت به وهي تقول: متضعفش، روحلها هي قالت في كلام مُهم
عاد جبريل برفقة الفتاة إلى داخل طائرتُه، وحلق بها عودة لمدينة لقاؤه بجولييت زوجته الحالية
كانت العودة للمدينة لها أثار سيئة على قلبه ك من إرتدى ثيابه المتسخة بعد دقائق إستحمام..
ولكن الأمر إستحق العناء.. عادت لرأسه الذكريات السيئة مرة أخرى، لحبيبته الغائبة عند الرب، لكن كُل تلك الشكريات تلاشت بمُجرد أن لمست الأرض طائرته الخاصة، وخرج من الطائرة ناظرًا للجو العام حوله، لم ينوي التجول داخل طُرقات المدينة بل أصر على الذهاب فورًا إلى منزل الساحرة
إنتظرته فتاة الجزيرة في الخارج، ليدخُل هو بهدوء وهو يفتح باب منزلها الخشبي الذي أصدر صوتًا ك تلك المنازل المُلبدى بغُبار الزمن العتيق، لتُغلق الرياح العاتية الباب خلفهُ، ويقف هو في مُنتصف المنزل باحثًا بعينيه عنها، حتى وجدها تجلس بالقُرب من المافذة المُغطاة بقكع خشب غُرزت بمسامير حديدية
إقترب خطوتين وقبل أن يخطو الثالثة قاطعت الساحرة تقدمه وقالت: كفاية عليك كدا، أنا خلاص خدت حق بنتي
عقد جبريل حاجبيه قبل أن يقول بإستفهام: عُذرًا.. مفهمتش قصدك؟
إستدارت لتنظُر له ثُم قالت: إنت مش ملعون، الندبة اللي في ظهرك بتزيد.. لما بتستخدم الترايق لكن مجرد ما تحطه على جسدك، بتحس براحة إن الألم خف.. في الحقيقة الترياق اللي في القنينة بيزود الندبة وفي بداية مل أول شهر الألم بيكون أقوى.. لكن الألم دا عشان الندبة تخف تمامًا، أنا أوهمتك إنك هتموت لو مخظتش الترياق اللي في القنينة.. لكن الحقيقة إن الترياق دا بيزود الجرح مش بيخففه، وإنت هتخف خالص منها.. لما تتألم يوم كامل وليلة كاملة، والبنت اللي معاك مش هتموت.. دي أوهام ومخاوف عيشتك فيها.. زي ما كُنت السبب في فقدي لبنتي
وقف جبريل مشدوهًا، غير قادر على الرد.. الصدمة شلت حواسه وهو ينظُر لتلك الشمطاء التي قلبت حياته لأيام! وجعلته يبحث من تلقاء نفسه عن ذلك السُم الذي سيُجدد ألامه بداية كُل شهر
كور يده بغضب ثُم قال: مش أنا المُتسبب في وفاة بنتك العزيزة.. دا إنتي! لإنك من البشر المُتحكمين فيما يخصهم لدرجة تدمير حياتهُم! إنتي موثقتيش فيها ولا أمنتي بالحُب
وقفت الساحرة وهي تستدير وتنظُر له ثُم قالت بنبرة بها الكثير من الأسى: أمنت بالفضيحة، وبسيرة الحُب الملوث بالخطيئة اللي كانت على لسان كُل أهل البلدة.. ولإخراسهُم كان لابُد من نفيك وإنت هزيل، وزواج بنتي من رجُل أخر وبالفعل حصل.. لكن كان الغير متوقع إن حياتها تنتهي
جبريل بعتاب قاس: لإن كبت المشاعر هو دفن الشخص وهو حي، وإجبارك ليها تعيش مع شخص عمر قلبها ما دق ناحيته.. ودفنك ليا بتُراب مخاوفي طول الوقت دا لفكرة الإنتقام السخيفة اللي ترسخت في عقلك رغم إنك إنتي القات_لة! ليه قولتيلي؟
رفعت هي رأيها وقالت بأعيُن سوداء لمعت بدموع الندم: لإني حلمت بيها.. بتتعذب لعذابك، ومكونتش قادرة أكون سبب وجعها لحد يومنا هذا.. متوقعتش إنها حبتك الحُب دا، لذلك قررت إني أفصح لك عن خطتي في القضاء عليك بتمهُل.. من الواضح إن أرواح العالم الأخر رفضت عذابك
جبريل بنبرة أخيرة: فوق كُل خطاياكِ وذنوبك اللس إنتي غفلتي عنهم لتُحاكميني أنا وبنتك على خطيئة واحدة بإسم الحُب، ف أنا مش مسامحك..
خرج جبريل من منزلها، يلوذ بقدميه بعيدًا عن تلك الدار المُدنسة بأفكار الشيطان.. يُحيطه من كُل إتجاه الحُزن والتخبُط.. يعُض على أصابعه ندم لإنه لم يستطع حماية عشيقته التي ماتت.. وقلبه ينبُض الأن لجولييت فقط ولطفلهُم القادم
عاد لطائرته وظل يستمع لفتاة الجزيرة التي رافقته الرحلة، وهي تنهال عليه بأسئلتها الفضولية لكنه لم يكُن بحالة جيدة ليُجيب..
عاد للجزيرة وظل طوال الليل فوق تلك القمة..
حتى جاء الصبح.. بداية لشهر جديد
دلف جبريل لغُرفة وأغلق الباب عليه وظل يتألم طوال اليوم، مُتجاهلًا الطرق على باب غُرفته في محاولة منهم لإعطاؤه الترياق..حتى سقطت جولييت بين أيادي فتيات الجزيرة وسقط منها ماء الولادة.. ليحملها رضوان بين ذراعيه ويضعها في فراشها ومن هُنا قُمن الفتيات بمُساعدتها لإخراج الطفل بأمان
هي تصرُخ من شدة الألم وجبريل كذلك في مقاومة منه لتلك الندبة.. خارت قواه وفقدت جولييت الوعي بعدما خرج الطفل.. قام الفتيات بمُداعبته ونظروا له بحُب وسعادة وهُم يدثرونه بالملاءة الصغيرة ويضعوه بين يدي خالته ليلى
كان جبريل يتألم في غِرفته ولكنه يبتسم بين الحين والأخر وهو يستمع لبُكاء الطفل
كانت ليلة قاسية ومُرهقة على الجميع..
صباح يوم أخر إستيقظت جولييت على شيئًا ما رطب يلمس شفتيها، لتفتح عيناها وتجد جبريل يُقبلها بحُب ويظهر عليه علامات الإرهاق
لمست وجهه بأطراف أصابعها وهي تقول بتعب: إنت بخير؟ ليه مخدتش الترياق
قبل أصابع يدها بشفتيه وهو يقول: هشرحلك بعدين، شوفتي إبننا؟
إبتسمت جولييت إبتسامة واسعة وهي تقول: تؤ لسه، هو فين؟
ضحك جبريل وهو يرتدي قميصه بلون السماء.. مُتناسب تمامًا مع خُصلات شعره الشقراء.. وحمل ملاءة صغيرة مت فوق الفراش ووضعها على حُضن جولييت
التي نظرت بحُب عميق للطفل الذي يُشبه ملامح والده كثيرًا وقالت: يا حبيب ماما، وحشتني ووحشني أشوفك.. تسع شهور مستنياك
عقد جبريل حاجبيه وهو ينظُر بحُب لجولييت وقال: وأنا سنين مستنيكي.. لولا ظهورك في حياتي كان زماني مُستسلم لحُزن القدر، كان في مُكرب نا قال مقكع من أغنيته ، ليالي كُنت مش عايش ومستنيكي تحييني
وجودك أحياني يا جولييت.. الصُدفة اللي جمعتني بيكي في المتجر.. كانت طوق نجاتي
إعتدلت بصعوبة نظرًا لتعبها من الولادة ووضعت جبهتعا فوق جبهته وهي تقول: أنا بحبك، إنت عرفتني يعني إيه عوض عن أيام سيئة.. ويعني إيه سعادة بعد شقاء.. إدتني أكتر ما أنا إديتك
اصدر طفلهم صوت ليُخبرهم أن هنا ف ضحكوا، قالت جولييت وهي تحتضن طفلها وتضع راسها فوق صدر جبريل الذي ضمها له: هي ليلى شافت البيبي؟ هي فين!
أشار جبريل بعينيه إلى النافذة.. وقال: بتبتدي قصتها هي
نظرت جولييت من خارج النافذة لتجد رضوان قد جلس على رُكبتيه وهو يقُدم لها خاتم قد صنعه بنفسه بنية الزواج، وليلة تقف سعيدة أمام البحر وتمد يدها ليضع لها الخاتم
إبتسمت جولييت براحة وهي تُغلق عيناها، قبل جبريل رأسها وهو ينظُر للسماء شاكرًا القدر لتلك السعادة
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية ملاك بأخلاق سيئة" اضغط على اسم الرواية