رواية فؤادة الفصل السادس عشر بقلم ميمي عوالي
رواية فؤادة الفصل السادس عشر
ذهب الجميع بصحبة الصغار الى اسطبل الخيل الذى لا يبعد كثيرا عن المنزل ، و كان المرح مصاحبا لهم اثناء احاديثهم معا
محمد : امال اخبار حسنية ايه يا فؤادة
فؤادة بابتسامة : الحمدلله و الله يا محمد ، المحصول بيتصدر بالكامل ، ما بيفضلش منه حاجة
حسين : مين بقى حسنية دى
فؤادة بحنين : دى مجموعة كبيرة من الصوب مزروعة باكتر من نوع من انواع الخضار ، واللى ماشاء الله انتاجها بالكامل درجة اولى ، و بابا مسميها على اسم ماما الله يرحمها
محمد : و ماتنسيش النخبل
فؤادة : فكرة نخيل الزينة ده من الاساس كان فكرة ماما الله يرحمها ، و عشان كده زى ما بابا الله يرحمه ما حكالى انه برضة مسميه كله على اسمها ، و سبحان الله ، عاوزة اقوللك ان الطلبات عليه كترت جدا و خصوصا فى القرى السياحية ، لدرجة اننا ساعات مابيبقاش عندنا كل الكميات اللى مطلوبة
محمد : خسارة
فؤادة : ولا خسارة ولا حاجة ، احنا وزعنا الشتلات فى المزارع اللى حوالينا و بنساعد بعض فى تلبية الطلبات اللى بتيجى
عارف باعجاب : طب و الله برافو عليكوا
فؤادة بفخر : بابا الله يرحمه كان معروف هنا بلقب العمدة ، لانه كان اقدم حد فى تعمير المنطقة دى ، و كان الكل بيشوره و بياخد برأيه و عشان كده كان دايما حابب ان الخير يعم على المكان بحاله
ليقوم محمد بضم فؤادة و مقبلا رأسها بحنان قائلا : عمى الله يرحمه كان فخر لكل اللى عرفه ، الله يرحمه
ليردد الجميع : الله يرحمه
كان جلال صامتا طوال الوقت ، لا يشاركهم الحديث ، و لكنه كان يتابع ما يقولون فى اهتمام بالغ مركزا نظراته على فؤادة
وفى اثناء ذلك ….كانت نهاد و سلمى يشاركان الصغار لهوهم مع الخيل
لتهتف نهاد و هى تنادى اخاها قائلة : ياللا يا محمد تعالى اركب معايا
محمد بشغب : لا يا ستى ، روحى اركبى انتى بعيد عنى
نهاد برجاء : عشان خاطرى تعالى اركب معايا
فؤادة بمرح : انتى مش هتبطلى جبن ابدا ، ما تركبى لوحدك
نهاد بتمرد : انا مش جبانة على فكرة
محمد بخبث : لا ما انا عارف ، و عشان كده ياللا اركبى لوحدك و ورينا
نهاد بمراوغة : لا ، اصل ضهرى بيوجعنى ، فببقى عاوزة حد يسندنى و انا راكبة عشان ما اقعش ، قصدى عشان ما يوجعنيش زيادة
كان عارف يعض على نواجزه حتى يخفى ضحكه على تصرفات نهاد و ردود افعالها التى لا تحاول التفكير قبلها ، فتخرج عفوية مثيرة للضحك والسخرية
لتميل سلمى على اذن نهاد قائلة : يا بنتى اهمدى بقى فضحتينا ، هو انتى ما بتعرفيش تسترى فى حتة ابدا
نهاد باعتراض و بصوت عالى : الله ، ما هو عارف انى مابعرفش اتنيل اركب لوحدى و بخاف اقع ، لازم يقعد يرخم عليا كل مرة
طب انا بقى هركب لوحدى ولو وقعت ذنبى فى رقبته
ليتجه اليها محمد ضاحكا و هو يساعدها على الصعود على ظهر الفرس قائلا : يبقى تطلبى بادب و تبطلى لماضة ، ثم صعد خلفها بخفة وهى تصفق بيديها كالاطفال قائلة : اجرى بسرعة بقى … ماشى
محمد : تحبى اعوم بيكى كمان ، و اللا نطير
نهاد و هى تصرخ بفرحة وتفرد ذراعيها بجانبها و كأنها تستعد للطيران : امسكنى كويس بس و اجرى بسرعة ياللا
لتسرع سلوى الى جلال قائلة : بابا، عاوزة اركب معاك كده زى طنط و عمو و تجرى بالحصان بسرعة
و قبل ان بجيبها جلال ، قال عارف وهو يحملها و يتجه الى مربط الخيل : تعالى يا حبيبة عمو معايا و انا هركبك معايا
ادهم : و انا يا عمو
عارف : خلاص ياللا تعالو انتو الاتنين
ليأخذهم عارف امامه على الجواد و يذهب خلف محمد و نهاد
فؤادة : وانت يا دكتور ، لو تحب تركب خيل معاهم ، هات ليلى و روح انبسط شوية
حسين وهو ينظر الى سلمى : لا مش مشكلة ، خلى ليلى معايا ، ماليش مزاج للخيل دلوقتى
لينظر جلال الى فؤادة قائلا : تعالى يا فؤادة ورينى كده الصوب اللى قلتى عليها على ما يرجعوا
لتفهم فؤادة على الفور انه يريد الاختلاء بها لامر ما ، فتنظر الى سلمى و حسين قائلة : مش هنتأخر عليكم ، على ما يرجعوا نكون احنا كمان رجعنالكم
و تذهب فؤادة فى اتجاه اخر و جلال من خلفها تاركين حسين و سلمى ، لينظر حسين و الذى كان يقف حاملا ليلى الى سلمى قائلا : و انتى مابتحبيش تركبى خيل
سلمى : بحب طبعا ، بس مابحبش اركبه دلوقتى
حسين : اومال بتحبى تركبيه امتى
سلمى : بحب اركبه وقت الشروق ، و اتمشى بيه بين الزرع ، بيبقى المنظر يجنن وريحة الندى على الشجر تخبل
حسين بابتسامة : ده انتى فنانة على كده
سلمى بابتسامة : و لا فنانة و لا حاجة ، بس بحس وقتها ان فعلا بتغسل من كل التلوث اللى احنا عايشين فيه
حسين بابتسامة : تعرفى ان انا كمان لما بيجيلى مزاج للخيل مابركبهوش غير الصبح بدرى زيك كده
لتبتسم سلمى و تقول : انا هضطر ارجع على البيت عشان اشوف عايشة لا تضايق اننا سيبناها لوحدها
حسين وهو يشير اليها كى تتقدمه : اتفضلى ، انا كمان هرجع عشان اقعد مع ماما شوية قبل ما اسافر
فؤادة مشيت مع جلال لحد ما كانت الصوب على مرمى بصرهم فشاورت لجلال عليهم وقالت : اهي هى دى الصوب اللى قلت عليها
جلال بجمود : انا ماندهتكيش عشان كده
فؤادة : اومال عشان ايه هو فى حاجة واللا ايه
جلال ببعض الغضب : هو انتى مش واخدة بالك انتى بتتصرفى ازى
فؤادة باستغراب شديد : بتصرف ازاى ، ايه اللى حصل
جلال : هزارك وتهريجك و ضحكك العالى ده ، ولا كأنك على ذمة راجل
فؤادة و قد بدأ الغضب يعتمل بداخلها : ياريت توضح كلامك على طول ، انا مابحبش التلميحات والكلام المتدارى ده
جلال : انا ما احبش ان يبقى فى ست شايلة اسمى و تضحك مع ده و تتباسط مع ده
فرادة بغضب : انا ما اسمحلكش انك نكلمنى بالشكل ده ، انا عارفة حدودى كويس ومع الكل ، مش مستنية ابدا حد ييجى يلفت نظرى لحاجة زى دى او يعلمنى اتعامل مع الناس ازاى
جلال : و هى حدودك دى تخليكى قاعدة طول الوقت فى حضن ابن عمك
فؤادة بعدم استيعاب : ابن عمى مين ، انت ناسى انه اخويا فى الرضاعة
جلال : و لو .. افرضى ، برضة ما يصحش
فؤادة برفض و تحدى : انت شايف انى عملت حاجة حرام
جلال : انا ماقلتش انه حرام ، انا قلت ….
لتقاطعه فؤادة بحزم : طالما مش حرام ، يبقى ماعملتش حاجة غلط
جلال بغضب : والله … طب و هزارك و ضحك مع عارف ، و كمان حسين
فؤادة بذهول : استاذ عارف و دكتور حسين ضيوف فى بيت بابا ، و من واجبى انى ارحب بيهم واضايفهم ، وبعدين انا برضة ما اتخطيتش حدودى ابدا مع حد فيهم
جلال بغضب : انا بنبهك بس عشان تاخدى بالك بعد كده و انتى بتتعاملى مع الكل
فؤادة و قد امتلك منها الغضب تماما و بدأت فى القبض على اطراف ملابسها والشد عليهم بشدة وقالت : انا واخدة بالى كويس جدا ، و ما اسمحلكش لا انت ولا غيرك انه يعلق على سلوكى ولا يشكك فى اخلاقى مهما كان السبب
جلال بدفاع : مين اللى جاب سيرة اخلاقك دلوقتى
فؤادة : و هو كلامك ده كله معناه ايه
جلال : انا بتكلم عشان مصلحتك ، انتى لسه صغيرة ، و ماعندكيش خبرة كفاية بالناس ، و عشان كده المفروض تقبلى النصيحة من سكات و تشكرينى عليها كمان
لتصمت فؤادة فجأة و هى تنظر بشرود خلف جلال ليطبق عليهم صمتا رهيبا لا يقطعه الا حفيف النبات بسبب الهواء
و عندما لاحظ جلال صمتها و عدم ردها عليه و مجادلته على غير العادة قال : سكتتى يعنى …….
لتقاطعه فؤاده وهى تشير له بكف يدها قائلة : ششششششششش
و قبل ان يحتج جلال على اسكاتها اياه يتفاجئ بها تتخطاه وهى تهرول فى اتجاه الصوب الزراعية و تصرخ عاليا وهى تنادى بأعلى صوتها قائلة : عم نبييييييل
ليلتقت جلال خلفه وينظر الى المكان التى تنشده فؤادة ، ليجد العم نبيل ملقى ارضا وبجانبه بعض الدماء التى غطى جزء منها ملابسه ، ليسرع جلال خلف فؤادة و هو يحاول اللحاق بها رغم اصابة قدمه ، واخرج هاتفه سريعا وقام بالاتصال بحسين طالبا منه سرعة المساعدة
و عندما وصل الى العم نبيل ، كانت فؤادة قد وصلت اليه وهى تحاول افاقته وهى تنادى عليه مرارا و تكرارا بجزع لم يخلو من بكائها
بعد ساعة من الزمن فى سكن العم نبيل …. كان نبيل نائما فى فراشه وحول رأسه ضمادة من الشاش الابيض حوله كل من جلال وحسين و عارف و محمد ، وبالطبع …. فؤادة
فؤادة بجزع موجهة حديثها الى حسين : طب هو ليه ما فاقش لحد دلوقتى يا دكتور
حسين : ماتخافيش يا فؤادة ، الجرح اللى فى دماغه مش غويط ، بس هو الخوف انه يكون جاله ارتجاج
فؤادة : طب ننقله المستشفى عشان نتطمن
حسين : هنصبر بس نص ساعة كمان ، لو ما فاقش ، ننقله ، بس انتى اهدى بس وبلاش الرعب ده
محمد راح ناحية فؤادة خدها فى حضنه وباس راسها وقال : استهدى بالله و احمدى ربنا انك شوفتيه ، و ادينا لحقناه
فؤادة بحزن : ماكنتش مركزة فى اللى قدامى ، انا لمحت حاجة متكومة ، و فى الاخر عرفت ان هو لما لمحت ايده وفيها السبحة بتاعته
عارف : تفتكروا ايه اللى عمل فيه كده ، ثم نظر الى جلال قائلا : انت ساكت ليه كده يا جلال
كان جلال يقف جامدا وهو يتابع حديثها مع الجميع وهو مركز بصره على العم نبيل ، و الافكار تتوالى عليه من كل حدب و صوب ، و عندما انتبه الى سؤال عارف نظر الى فؤادة و قال : عم نبيل لو ما فقش هنفضل كلنا متهددين فى اى لحظة
محمد بفضول : متهددين من مين
جلال : واضح ان اصابة عم نبيل نتيجة ضربة اخدها ، و اللا ايه اللى هيعمل فيه كده ، و لو مافاقش وقاللنا على اللى حصل هنبقى ماشيين كلنا متغميين
و عندما فكر الجميع فى حديث جلال لم يجد منهم شيئا اخر يقوله ، و ذهب تفكير كل منهم ف اتجاه ، ليقطع تفكيرهم تأوهات صادرة من العم نبيل ، لتلتفت اليه فؤادة بلهفة وتجثو على ركبتيها امامه و تناشده قائلة : عمى نبيل ، عمى نبيل ، فوق يا عمى سلامتك ، فوق بالله عليك وطمن قلبى عليك
ليجذبها محمد بعيدا عن العم نبيل قائلا : اصبرى عليه بس يا فؤادة ، خليه يقدر يتنفس بهدوء عشان مايتعبش زيادة
ليحاول نبيل فتح عينيه بصعوبة وهو يحبس تأوهاته بصدره و اخذ يجيل بعينيه بين الجميع ثم قال هاتفا بوهن : الزرع يا فؤادة ، الحقى الزرع يا بنتى
لتقترب منه فؤادة مرة اخرى قائلة بلهفة : سيبك من اى حاجة دلوقتى و طمننى عليك ، حاسس بايه
لينظر نبيل الى جلال قائلا : يبقى الحقه انت يا بنى ، هيموتوه
ليقترب منه جلال قائلا بفضول : فهمنى بالراحة اللى حصل عشان اقدر اتصرف
نبيل : كانوا عاوزين يغرقوا حسنية ، و لما حاولت امنعهم ضربونى ، الحقوا الزرع قبل ما المحصول كله يموت
لتنهض فؤادة بعنف و تقول : انا هتصرف ، بس طمننى عليك الاول
نبيل : انا هبقى كويس ، روحوا انتو اوام
لتسرع فؤادة الى الخارج وبخلفها الاربع رجال ، و هى تجرى اتصال باحد ما ولكن على ما يبدو انه ما من مجيب ، و لكنها لم تتوقف عن العدو والجميع خلفها ، و جلال يحاول جاهدا الاستناد الى عصاه و مجاراة خطواتها ، حتى وصلت اللى مربط الخيول ، لتمتطى احد الجياد وهى تصرخ على السائس قائلة : بلغ الامن ان حصل اعتداء على عمى نبيل ، و روحله السكن بتاعه بسرعة ، واخذت تعدو بالجواد ليفعل مثلها الجميع ، حتى وصلوا الى بئر المياه المسئول عن رى الصوب فوجدت موتور رفع الرى يعمل و جميع الرشاشات تعمل بلا انقطاع ، فما كان منها الا ان ذهبت على الفور لفصل عملية رفع المياه ، وغلق جميع المضخات
ذهب جلال و عارف على الفور لتفقد نتيجة ما حدث ليجدوا ان المياه قد غمرت التربة بكثافة ، فما كان من جلال الا ان شمر عن ساعديه ، و جذب احد الفؤوس المعلقة على جوانب الصوب والقى عصاه ارضا واخذ يحفر نفقا من داخل الصوبة الى خارجها لتصريف المياة الزائدة وهو يصرخ بالاخرين قائلا : كل واحد يمسك فاس ويعمل قناية تصرف الماية دى بسرعة قبل الزرع ما يموت ، ليسرع الجميع الى تنفيذ ما امر به جلال ، و فى خلال دقائق كان عدد كبير من العاملين قد تجمعوا على الفور عندما علموا بما حدث ، و اخذ جلال يوجههم الى ما يلزم لعمله ، و فى اثناء ذلك وجد فؤادة تمسك فأسا و تعمل وسط الجميع بيد واحدة يدا بيد فذهب اليها مسرعا و نزع من يدها الفأس و اخذ مكانها قائلا بحزم : ما يصحش توطى كده وسط الرجالة ، وبدأ فى العمل بدلا منها ، فما كان منها الا ان قالت بصوت عالى : عاوزة الصوب كلها تتكشف ، ارفعوا الصوب عشان التربة تتهوى
من حسن حظهم ، ان من قام بهذه الفعلة ، لم يسعفه الحظ ليتأكد من تشغيل جميع المواتير ، فلم يقم الا بتشغيل موتور واحد ، فلم يكن فى الوقت متسعا ان تصل المياه الا الى ثلاث صوب فقط ، و التى كان من المقرر ريها بعد ثلاثة ايام ، فلم تكن الخسائر الجسيمة
ولكن يبقى السؤال دون اجابة يلوح فى ذهن الجميع اثناء محاولتهم لانقاذ ما يمكن انقاذه ، من فعل ذلك
و بعد مجهود شاق ، نظرت فؤادة نظرة امتنان للجميع وقالت : ربنا مايحرمنيش منكم ابدا
ليعلو صوت احد العاملين : تعيشى يا ست فؤادة ، بس لازم نعرف مين اللى عمل كده
فؤادة بحزم : هنعرف يا عم فراج ، لازم نعرف
جلال : بس دلوقتى ، انا عاوزة تلات رجالة يفضلوا سهرانين جنب البير هنا ، و يتعمل وردية تتغير كل اتناشر ساعة ، و كمان البير التانى نفس القصة
لتنظر فؤادة الى احد السيدات قائلة : عاوزة الناس اللى هتبقى حراسة دى يتعملها الاكل و يجيلها لحد هنا ، مش عاوزاهم يتحركوا من مكانهم
لينظر محمد الى جلال ويقول : انا شايف انك المفروض تختار الرجالة دى بنفسك
جلال : ماشى ، و بدأ فى اختيار وتقسيم الرجال الى ورديات ، ثم ذهب الى فؤادة التى قد نال منها الارهاق مبلغه وقال : انتى مش قلتى ان فى كاميرات مراقبة مغطية المزرعة كلها
فؤادة : ايوة ، بس محتاجين نرجع البيت عشان نقدر نراجعها
جلال : طب ياللا بينا
فؤادة : عاوزة اتطمن على عمى نبيل الاول
جلال : انتى محتاجة ترتاحى ، و كمان ارهقتى دراعك جدا النهاردة
فؤاد بارهاق : اتطمن على عمى نبيل الاول ، و تركته و اتجهت الى جوادها و امتطته عائدة بقوى خائرة ، ليلحق بها الجميع
و عند دخولهم سكن العم نبيل ، وجدوه يحاول النهوض من فراشه متكئا على السائس ، فيسرع حسين باتجاهه قائلا : رايح على فين حضرتك ، المفروض ترتاح
العم نبيل : عاوز اتطمن على اللى عملتوه
لتجلس فؤادة بانهاك قائلة : ماتقلقش ياعمى ، الحمدلله لحقنا الدنيا على اد ما قدرنا و صرفنا الماية
ليعود نبيل الى الفراش ليجلس عليه باعياء شديد فيقول جلال : لو حضرتك تقدر تتكلم يا عم نبيل ، فياريت تحكيلنا على اللى حصل بالظبط
العم نبيل : انا كنت بشقر على الارض ، و رجلى خدتنى لحد البير الشرقى ، لمحت اتنين بيحاولوا يفتحوا رشاشات الرى ، صرخت فيهم وسألتهم هم مين وبيعملوا ايه ، فجأة حد منهم ضربنى بعصاية خشب على دماغى ، حاولت استنجد بحد ، ما عرفتش ، و خصوصا ان تليفونى كان فاصل شحن و كنت سايبه هنا عشان يشحن ، بس ما قدرتش افضل كتير ، وقعت من طولى قبل ما اوصل لحد ، و ما حسيتش بحاجة تانى لحد ما فوقت و شوفتكم
جلال : الاتنين دول كانوا مين يا عم نبيل
العم نبيل : عمرى فى حياتى ماشفتهم قبل النهاردة يا ابنى
فؤادة : طب دخلوا المزرعة ازاى
محمد : يبقى لازم نشيك على اسوار المزرعة بالكامل ، ما نضمنش هم ممكن يدخلوا لنا تانى منه واللا ايه
لتنهض فؤادة قائلة بخفوت : هبعتلك اكل يا عمى ، و هشوف ايه الادوية اللى هتحتاج تاخدها و هبعت اجيبهالك ، و انت استريح ، و بصت للسائس و قالت له : خليك معاه يا ابراهيم ، او ابعتله محمود يقعد معاه ، اوعوا تسيبوه لوحده
والتفتت وخرجت دون اى كلمة اخرى ، فيذهب محمد خلفها مسرعا و هو يأخذها تحت جناحه اثناء سيرها داعما اياها ، و خرج جلال و اخوته خلفهم ، ليعودوا جميعا الى المنزل ، لتستقبلهم النساء بلهفة و جزع ، و لكن محمد و عارف قاموا بطمأنتهم ، و طلبت فؤادة ان يرسل احدهم طعاما الى العم نبيل ، و طلبت من حسين برجاء مهذب ان يكتب كل ما يحتاجه العم نبيل من ادوية حتى ترسل فى طلبها ، واتجهت الى غرفتها لتغيب ما لا يتعدى العشرون دقيقة ، لتعود اليهم بعد ان اغتسلت وبدلت ثيابها ، و اتجهت من فورها الى غرفة المكتب الخاصة بابيها لتناديها حسنة قائلة : مش هتاكلي لك لقمة يا بنتى ، ده انتى على لقمة الفطار
فؤادة : اعذرينى يا امى ، اتفضلوا انتم كلوا ، وانا هراجع حاجة وبعدين هاكل على طول
ليذهب جلال خلفها و اغلق الباب دونهم ثم قال بتعاطف : فؤادة
و كانت قد جلست خلف مكتب ابيها وقامت بإخراج شرائط المراقبة و تجهيزها لكى تقوم بمشاهدتها ، و لاحظ انها تحرك يدها السليمة ببعض الثقل ، و عندما قام جلال بالنداء عليها رفعت اليه عيونها فقال مستكملا حديثه : انتى النهاردة اجهدتى روحك اكتر من اللازم ، و حاسس ان حركة كتفك مش تمام ، انتى كتفك بيوجعك
لتعود فؤادة بعينيها الى الاجهزة امامها و تقول باقتطاب : اما اعرف الاول هم دخلوا منين و ازاى ، ابقى التفت لاى حاجة تانية
ليتنهد جلال ويجلس بالقرب منها متسائلا : هو مش المفروض ان بيبقى فى حد شغلته الشاشات دى ، و يبقى مراقبها باستمرار
فؤادة : الشاشات دى فى نسخة تانية منها عند البوابة ، و ماحدش يعرف ان النسخة دى موجودة هنا غير انا وبابا وعمى نبيل
جلال : يعنى المفروض الامن كان شايف اللى حصل و متابعه لحظة بلحظة
فؤادة : المفروض
جلال بحدة حاول السيطرة عليها و لكنه فشل فشلا ذريعا : يعنى فى حد من الحرس اللى على المزرعة خان و باع
فؤادة بحزن : ما لهاش تفسير تانى ، بس لازم اتأكد الاول قبل ما احكم على اى حد
وقامت فؤادة بتشغيل اشرطة المراقبة شريطا تلو الاخر حتى وجدت باحد الاشرطة فى السور الخلفى للمزرعة ، والتى تفصل ارض المزرعة عن مزرعة الزينى ، شاهدوا من يخرج من الارض فى بقعة معينة ووراءه شخص اخر وهما يتلفتان يمينا ويسارا ، وبعد ان شاهدوا جميع ما حدث ، وجدوهم يعودون من حيث اتوا
فؤادة ببهوت : دول حفروا نفق من عندهم لعندنا ، طب لو ردمناه دلوقتى ، هنضمن منين انهم مايعملوش غيره
جلال : الشرايط دى اكبر دليل عليه و على اللى عمله ، و لازم تتقدم للبوليس
فؤادة : انا حاليا يعتبر ما عنديش محامى
جلال : ماتقلقيش ، المحامى بتاعى موجود و امين ، و اهل للثقة ، هكلمه يجيلنا فورا ، بس مبدأيا لازم يبقى فى حرس على النفق ده ، و مش المفروض نردمه قبل ما البوليس يعاين و يتأكد من صدق كلامنا
فؤادة بامتنان : انا متشكرة اوى ، تعبتك معايا النهاردة بزيادة
و قبل ان يجيبها جلال باى كلمة ، يستمعون لطرقا خفيفا على الباب ، و عندما سمحوا للطارق بالدخول ، وجدوا حسنة بصحبة ماجدة وهى تحمل بعض الطعام لتضعه امامهم ، ووجدوا حسنة قد اغلقت الباب خلفهما ، وقالت : انا عاوزاكم تاكلوا ، و وانتم بتاكلوا تسمعوا ماجدة كويس عشان هتحكيلكم على حاجة مهمة ، بس الكلام اللى هتسمعوه ده مش عاوزة حد غيرنا يعرفه
فتبادل جلال و فؤادة نظرات مليئة بالدهشة ثم أشار جلال لماجدة سامحا لها بالحديث ، فقالت بوجل : انا خالتى تبقى ام سالم اللى بتشتغل فى بيت عم حضرتك ياسى جلال ، و الست ندا هى اللى خلتنى اجى اشتغل هنا عند الست فؤادة ، عشان انقل لها اخبار الست فؤادة واخبار المزرعة اول باول
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية فؤادة" اضغط على اسم الرواية