رواية روح بلا مأوى الفصل السابع عشر والاخير بقلم سارة فتحي
رواية روح بلا مأوى الفصل السابع عشر
ما اقسى قلب يتألم ولا يجد له محتضن
****
اعارها الاذن الصماء، كل ما يشغل باله تلك التى رحلت
كيف تفعل هذا ؟ لِمَ لم تطالب بحقها به ؟!
أليس هو زوجها؟! داخله يتألم حتى ابسط حقوقها
لا تعترف بها، لوحت بيسان بيدها امامه قائلة :
- كنان انت مش معايا خالص
اجابها بنبرة خشنة قائلًا :
- انتى ايه اللى جابك ؟!
ليه متصلتيش وقولتى انك فى القاهرة ؟!
لوت فمها ثم اجابته بضيق :
- قولت الافتتاح قرب واعملك مفاجأة بس الظاهر
معجبتكش
تنهد بضيق قائلًا :
- لا بس انا هنا قاعد لوحدى وميصحش ممكن تروحى
ونتقابل بكرة كده احسن
توسعت عيناها من اسلوبه الفظ على غير العادة لكن صدقت كلامه قائلة :
- شكلك متوتر عشان الإفتتاح نتقابل بكرة
باى يا كنان
****
طرق على الباب نهض يهرول يفتح الباب طالعه وجه
ضياء بانتقاضة ضارية كان يقبض على تلابيبه قائلًا :
- انت ازاى تدى لبيسان العنوان هنا
انت بستعبط يا ضياء قصدك ايه بحركة زى دية
نفض ضياء يده عنه قائلًا :
- فى ايه انت اتجننت بيسان ايه انا هكلمها ليه ؟!
مفيش غير انطى نهلة اللى كلمتنى من يومين
عشان اطمنها عليك بس
انفاسه اصبحت ثقيلة صدره يعلو ويهبط بعنف
وهو يلتف حول نفسه :
- بيسان كانت هنا اكيد اخدت العنوان من امى
توسعت عين ضياء بصدمة قائلًا :
- بيسان كانت هنا طب وكيان
ايه اللى حصل
- كانت تحت بتجيب حاجات وطلعوا مع بعض فى
الاسانسير وكيان اول ما شافتها ادتنى الحاجات على
اساس انها تبع السوبر الماركت ومشيت ولسه
مرجعتش
اشفق ضياء على صديقه والحالة التى بها قائلًا :
- اتصل بيها طيب
اغمض كنان عيناه بقهر ثم حدثة بألم :
- مش معايا للأسف مش معايا رقمها
ثم تابع بلهفة :
- ضياء اتصل ببيلا هات الرقم منها
انقبض قلبه فورًا يشعر بنيران فى صدره فهو أيضًا يريد
سماع صوتها لكنها لا تجيب اخرج هاتفه من جيب سترته وقام بالاتصال يحاول مره تلو الأخرى
فرك وجه بيده قائلًا :
- انا كمان تعبت مش عارف مش بترد ليه عليا ؟!
طب كيان ممكن تكون راحت لحد من صحباتها
وضع وجهه بين راحتيه قائلًا :
- مالهاش حد، متعرفش حد
ثم تنهد بثبات زائف قائلًا :
- روح انت يا ضياء
ربت على كتفه قائلًا :
- خلينى معاك يا كنان لحد ما تطمن
- لا امشى انت
*****
تجلس هاجر على الفراش تنكمش فى نفسها، جسدها كان يرتجف مع كل شهقة، تدلك بيدها يسارًا اعلى القفص الصدرى لعلها تخفف من وجع قلبها، لم تصدق رد فعله الصادم، ابتسمت بتهكم على نفسها فهو لم يتقبلها
ابدًا، ظلت محتضنه ذاتها، طرق الباب ثم دخل
والدها حاولت تصنع الابتسامة، جلس والدها على حافة
الفراش قائلًا :
- بتعيطى ليه يا هاجر ؟!
هزت رأسها بالنفى قائلة :
- لا يا حبيبى انا مش بعيط
تنهد والدها قائلًا :
- انا وافقتك يا هاجر لما خالك جه عشان نرجع
نعيش هنا وانك تبقى قريبة منهم لما امك ماتت
مش عشان كلام عمك .. لا يا هاجر عشانك انتى واللى
فى دماغك بس لو هيجى عليكى لا يا بنتى
وانا اللى هاقفلك انا ميرضنيش وجعك ولا دموعك
قاطعته مسرعة بثبات وقوة زائفة :
- هو ايه اللى حصل لكلامك بس يا بابا
- انا مش هستنى يحصل اكتر من كده.. اسمعى فى
عريس متقدملك وانا موافق هيجى الاسبوع الجاى
وتقعدى معانا نشوفه وكفاية
ياهاجر كده
قال والدها كلمته بحزم بينما هى كانت تود أن تصرخ
باعلى صوتها من القهر
****
الساعة الثانية بعد منتصف الليل
مجرد فكرة انها غائبة لمنتصف الليل لا يعلم
عنها شئٍ جعلت النيران تشعل بصدره وتنهش قلبه
سيل من المشاعر تجتاحه غضب، خوف، قلق، ندم
عشق، يقطع البهو ذهابًا وايابًا روحه تحترق بالجحيم
من فرط قلقه عليها، سمع صوت سلسال المفتاح
فى الباب اقترب منها بخطوات سريعة وهو يقبض
على معصمها بقسوة قائلًا باضطراب:
- كنتى فين كل ده ؟!
انتى كويسه ؟! فى حاجه حصلتلك
بصعوبة الجمت لسانها من سؤاله لماذا لم تخبرنى ؟! لماذا ؟! لماذا قلبها يتألم هكذا تظاهرت
بالبرود ينافى حزن ووجع عيناها :
- كنت بتّمشى شوية، ايه فى ايه ؟!
حالة من الهياج العصبى اصابته قائلًا :
تتمشى الساعة بقت اتنين بعد نص الليل
كنتى بتتمشى فين لحد دلوقتى ها ؟!
تجاوزته وهى تمر لغرفتها قائلة بنبرة ذات مغزى :
- انا مش بطالبك باى مبررات وانت كمان لوسمحت
تلتزم بكده
قبل أن يصل إليها كانت تدلف إلى غرفتها وتغلق الباب
خلفها ترتمى على الفراش، انفاسها تختنق، الألم يعصف
بصدرها، كم تألم قلبها في هذه الحياة ظلت تؤنب نفسها
قائلة :
- انتى مالك ؟! خاطب ولا لأ ؟!
متنسيش نفسك كل الحكاية اتعاطف معاكى بلاش
طمع عايزة منه أيه هاا يعترف مثلًا بجوازك
مش لما يعترف ابوكى بيكى
اكملت بتضرع قائلة :
- قلبى وجعنى اوى يارب .. يارب ارحمنى تعبت
من كل حاجة يارب انا كنت عايشة لوحدى وراضية
زاد من الطرق على الباب قائلًا :
- افتحى ياكيان هنتكلم
اجابته بصوت متحشرج اثر البكاء :
- لو سمحت عايزه انام
ما ان وصلت نبرتها المتألمة الباكية جن جنونه يخبط
على الباب قائلًا :
- افتحى نتكلم افهمك كل حاجة افتحى يا كيان
لم يصله اى استجابة منها او رد ظل يحطم كل
شئ امامه، حتى نفذت طاقته وسقط على الاريكة
بارهاق ثوان وكان يغرق فى النوم
****
يستند على سيارته امام الشركة ينتظرها كى يعلم
سبب تجاهله هكذا ماذا فعل حتى أن اتصاله
لم تجيب عليه، اعتدل فى وقفته عندما وجدها
تصف سيارته ترجلت وجدته امامها يعقد ذراعيه
امام صدره متسائلًا :
- ممكن افهم ليه مش بتردي عليا؟
انا حصل منى حاجة ضايقتك ؟! فى ايه يا بيلا
صوت دقات قلبها تصم الاذان، قدميها اصبحت
كهلام حاولت الثبات مردفة :
- ضياء عامل ايه ؟!
اسفة بس مضغوطين اليومين دول، غير أني مرهقة
من السفر
يعلم أن جميعها حجج واهية ابتسم بسخرية قائلًا :
- وايه كمان يا بيلا فاكرانى عيل صغير مش
بفهم ماتقولى ايه اللى حصل لكل ده انطقى
نظرت حولها فى المكان ثم اجابته :
- انا شايفه انك محتاج تهدا، وعن اذنك عندى
شغل
انصرفت من امامه بقلب يأن من الوجع، بينما هو شعر
بقهر رجولته هل كانت تتسلى معه فقط ؟!
*****
فرق جفنيه بصعوبة وهو ويشعر بألألم يفتك بجسده
وضع يده على رأسه يشعر بألم توسعت عيناه عندما
وجد باب غرفتها مفتوحًا انتفض يبحث عنها
ولم يجدها فى الشقة كلها، ارتدى ملابسه سريعًا
وهبط يستقل سيارته سمع رنين هاتفه لكنه تجاهله، صدح رنين الهاتف ثانيةٍ اخرج من جيبه بغضب يجيب على الهاتف:
- ايوه ياضياء
انا رايح على الشغل بتاع كيان تعالى على هناك
لا رجعت امبارح سلام
اغلق هاتفه ووضعه فى جيبه، تحرك بسيارته يسابق
الريح وكأن الارض خلت من البشرية، بعد نصف
ساعة كان يقف امام مكان عملها صف سيارته
وتوجه مباشرة إليها، شعرت بفزع حين رأته امامها
عقب على فزعها بجملة واحدة :
- يلا معايا لو مش عايزة شوشرة وقلق هنا
طالعته بعدم تصديق فتابع بتحدى :
- تحبى تجربى ؟!
بصمت كانت تسير خلفه حتى وقف ضياء امامهم
فقال كنان :
- اركب يلا ياضياء خلينا نمشى
بعد مرور وقت تحدث ضياء وهو يخبط على تابلو العربيه قائلًا بحدة مصحوبة بالألم :
- مش فاهم ليه بتبعد عملت ايه انا سألتها كتير
مش بتجاوب بتحاول تتهرب منى وبس
لا تعلم لما شعرت أن السبب هو إعاقة بيلا
وأنه ليس لديه علم بها، وصل إلى مسكنهم
وكان يصف سيارته ترجلوا من السيارة
وقفت كيان تقول :
- انا عايزه اتكلم مع ضياء لوحدنا
- نعااااام
هكذا كان رد كنان بينما تدخل ضياء يهدأ الاجواء :
-عايزانى فى ايه يا كيان تحت امرك
- لأ لوحدنا، الموضوع يخص ضياء لوحده وبالأخص بيلا
قبض كنان على معصمها وبرزت عروقه :
- عايزه ايه ها ؟! اخرت اللى بتعمليه ده ايه ها ؟!
نزعت يديها منه بحدة وقف ضياء امامه قائلًا :
- خمس دقايق بس معلش عشانى أنا
انصرف بعد ان حدجها بنظرات نارية التفت لها ضياء متسائلًا :
- خيييير يا كيان مالها بيلا
فركت اصابعها بتوتر تتمنى أن لا تكون مخطئة
وتكون سببًا في انقاذ علاقتهم ابتلعت توترها تقول :
- انا عارفه انى ماليش حق اتكلم فى حاجة زى
دية بس مش عارفه ليه حاسة انها السبب
توسعت عيناه بتلهف مردفًا :
- قولى يا كيان بسرعة
تحمحمت ثم قالت بصوت مهزوز :
- إعاقة بيلا
- إعاقة!!!!
توسع فاه وعيناه معًا عن اى اعاقة تتحدث فهو لم يرى
فى جمالها فسألها مستفسرًا :
- اعاقة أيه ؟!
تنهدت وهى تقول :
- بيلا مركبه طرف صناعى لأن عندها بتر فى الساق
مازال تحت تاثير الصدمة، كانت على حق هو لا يعلم
قررت ان تتركه يستوعب الفكرة وتصعد :
- عن اذنك
****
مازال الباب مفتوح يقف فى انتظارها ولجت من الباب
تغلق الباب خلفها انتفضت وهو يقبض على معصمها بشدة نابعة من روحه المحترقة سحبها خلفه حتى
وقف فى البهو وعيناه مثل اللهب القاها بنظرة مستفهمة حادة :
- ممكن افهم ايه اللى حصل ده ازاى تقولى انا وضياء
لوحدنا هااا
جف حلقها ثم اجابته :
- فيها أيه يعنى ؟!
اقترب منها ويده تحاوط خصرها والأخرى تفك حجابها
قائلًا بنبرة عاشق متملك :
- فيها أنك مراتى وملكى انا لوحدى كيانى انتى
حجابك ده المفروض ميتلبسش قدامى انا جوزك
مصدومة من سيل اعترافاته يكاد يخرج قلبها من مرقده
ثبت نظره على شفتاها الخوخى التى حلم بتذوقهم
وفى ثانية كان ينقض عليهم بقبلة عميقة بربرية يروى
ظمأه ويثبت ملكيته لها والغريب انها كانت مستسلمة
لهجومه، مد يده خلف رأسها يثبتها
طرق على الباب بعنف جعلها تنتفض بين يده وتحاول
الهرب منه ابتعد عنها بصعوبة ومازال الطرق مستمر
بينما هى فرت بالهرب إلى غرفتها وقفت فى الزواية تنتحب لا تصدق كيف استسلمت له؟! كيف ضعفت هكذا ؟! هو لديه خطيبة
كيف كانت ستعيد ماضى والدتها قدميها كالهلام سقطت
ارضًا تضم ركبتها إلى صدرها وظلت تهز رأسها بهستريا
كيف قلبها عشقه، ظلت تفرك شفتاها بعنف حتى
كادت أن تدميها قائلة :
- الحب ده مش مكتوب على اللي زيك
بينما عند كنان ما أن فتح الباب الجمت الصدمة حواسه
ونطق اخيرًا :
- ماما ؟!!!!
لكزته بكتفه وهى تتجاوزه للداخل تجوب بعيناها
تبحث عنها حتى طالعت باب الغرفة الموصودة
هرول يلحقها حتى دون أن يغلق الباب :
- اه ماما يا كنان ولا كنت فاكر مش هاعرف اجى
واعرف اخبارك انت والهانم اللى شاقطها
امسكها كنان برفق من ذراعها قائلًا :
- ماما اسمعينى خلينى اوضحلك كل حاجة
نفضت يدها بحدة واندفعت تفتح الباب ولم يستطع
اللحاق بها وما أن فتحت الباب وجدها متكومة على
نفسها انخلع قلبه جث على ركبته امامها يمسح دموعها
قائلًا :
- كيان مالك ايه اللى حصل ؟!
هدرت به والدته قائلة :
- بلا مالها بلا نيلة .. بقى عشان عمارتهم اتهدت اللى ابوك كان شريك فيها تقوم تتجوزها، طب عوضها فلوس
مش جواز انا ابنى يتجوز واحدة مالهاش اصل
مشكوك فى نسبها
قاطعها كنان بحدة صارخًا :
- مااااااااما كفايااااااا
حاول ان يمسك وجه كيان إلا انها انتفضت واقفة
تمتم :
- تعويض العمارة اللى تهدت آآآآآه
- كيان اهدى انا كنت ناوى افهمك كل حاجة
اجابته والدته بحدة :
- تفهمها ايه ولا ايه طلقها مش ابنى اللى يتجوز واحدة
مالهاش اهل
جاء صوت من خلف يعنفها :
- مين دية اللى مالهاش اهل
كيان عاصم الكومى عز الجهينى
بنت اكبر تاجر دهب في الصاغه وانا ابن عمها طاهر حسين الكومى عز الجهينى
توسعت عين كنان قائلًا :
- انت ازاى دخلت ؟! وازاى ابن عمها ؟!
طالعه من ادناه لاعلاه :
- الباب كان مفتوح وعرفت من فترة من اسمها فى العقد
واتأكدت من كدة .. يلا كيان تعالى معايا
وقف كنان امامها وتحولت عيناه للاحمر القانى قائلًا :
كيان مراتى مش هتخرج من هنا
سحبته والدته وهى تهتف بحدة :
- مرات مين انت اتجننت
ابتسم طاهر بتهكم :
- شاطر اسمع كلام مامى
ثم انتهز طاهر فرصة انشغالهم وسحب كيان التى مازالت تحت الصدمة فقط تتحرك عيناها وقف كنان امامه قائلًا:
- مش هتخرج من هنا قولت
بدون مقدمات كان طاهر يلكمه فى وجهه فاختل توزاته
ووقع ارضًا ثم نهض يصرخ :
- كيان
****
اعارها الاذن الصماء، كل ما يشغل باله تلك التى رحلت
كيف تفعل هذا ؟ لِمَ لم تطالب بحقها به ؟!
أليس هو زوجها؟! داخله يتألم حتى ابسط حقوقها
لا تعترف بها، لوحت بيسان بيدها امامه قائلة :
- كنان انت مش معايا خالص
اجابها بنبرة خشنة قائلًا :
- انتى ايه اللى جابك ؟!
ليه متصلتيش وقولتى انك فى القاهرة ؟!
لوت فمها ثم اجابته بضيق :
- قولت الافتتاح قرب واعملك مفاجأة بس الظاهر
معجبتكش
تنهد بضيق قائلًا :
- لا بس انا هنا قاعد لوحدى وميصحش ممكن تروحى
ونتقابل بكرة كده احسن
توسعت عيناها من اسلوبه الفظ على غير العادة لكن صدقت كلامه قائلة :
- شكلك متوتر عشان الإفتتاح نتقابل بكرة
باى يا كنان
****
طرق على الباب نهض يهرول يفتح الباب طالعه وجه
ضياء بانتقاضة ضارية كان يقبض على تلابيبه قائلًا :
- انت ازاى تدى لبيسان العنوان هنا
انت بستعبط يا ضياء قصدك ايه بحركة زى دية
نفض ضياء يده عنه قائلًا :
- فى ايه انت اتجننت بيسان ايه انا هكلمها ليه ؟!
مفيش غير انطى نهلة اللى كلمتنى من يومين
عشان اطمنها عليك بس
انفاسه اصبحت ثقيلة صدره يعلو ويهبط بعنف
وهو يلتف حول نفسه :
- بيسان كانت هنا اكيد اخدت العنوان من امى
توسعت عين ضياء بصدمة قائلًا :
- بيسان كانت هنا طب وكيان
ايه اللى حصل
- كانت تحت بتجيب حاجات وطلعوا مع بعض فى
الاسانسير وكيان اول ما شافتها ادتنى الحاجات على
اساس انها تبع السوبر الماركت ومشيت ولسه
مرجعتش
اشفق ضياء على صديقه والحالة التى بها قائلًا :
- اتصل بيها طيب
اغمض كنان عيناه بقهر ثم حدثة بألم :
- مش معايا للأسف مش معايا رقمها
ثم تابع بلهفة :
- ضياء اتصل ببيلا هات الرقم منها
انقبض قلبه فورًا يشعر بنيران فى صدره فهو أيضًا يريد
سماع صوتها لكنها لا تجيب اخرج هاتفه من جيب سترته وقام بالاتصال يحاول مره تلو الأخرى
فرك وجه بيده قائلًا :
- انا كمان تعبت مش عارف مش بترد ليه عليا ؟!
طب كيان ممكن تكون راحت لحد من صحباتها
وضع وجهه بين راحتيه قائلًا :
- مالهاش حد، متعرفش حد
ثم تنهد بثبات زائف قائلًا :
- روح انت يا ضياء
ربت على كتفه قائلًا :
- خلينى معاك يا كنان لحد ما تطمن
- لا امشى انت
*****
تجلس هاجر على الفراش تنكمش فى نفسها، جسدها كان يرتجف مع كل شهقة، تدلك بيدها يسارًا اعلى القفص الصدرى لعلها تخفف من وجع قلبها، لم تصدق رد فعله الصادم، ابتسمت بتهكم على نفسها فهو لم يتقبلها
ابدًا، ظلت محتضنه ذاتها، طرق الباب ثم دخل
والدها حاولت تصنع الابتسامة، جلس والدها على حافة
الفراش قائلًا :
- بتعيطى ليه يا هاجر ؟!
هزت رأسها بالنفى قائلة :
- لا يا حبيبى انا مش بعيط
تنهد والدها قائلًا :
- انا وافقتك يا هاجر لما خالك جه عشان نرجع
نعيش هنا وانك تبقى قريبة منهم لما امك ماتت
مش عشان كلام عمك .. لا يا هاجر عشانك انتى واللى
فى دماغك بس لو هيجى عليكى لا يا بنتى
وانا اللى هاقفلك انا ميرضنيش وجعك ولا دموعك
قاطعته مسرعة بثبات وقوة زائفة :
- هو ايه اللى حصل لكلامك بس يا بابا
- انا مش هستنى يحصل اكتر من كده.. اسمعى فى
عريس متقدملك وانا موافق هيجى الاسبوع الجاى
وتقعدى معانا نشوفه وكفاية
ياهاجر كده
قال والدها كلمته بحزم بينما هى كانت تود أن تصرخ
باعلى صوتها من القهر
****
الساعة الثانية بعد منتصف الليل
مجرد فكرة انها غائبة لمنتصف الليل لا يعلم
عنها شئٍ جعلت النيران تشعل بصدره وتنهش قلبه
سيل من المشاعر تجتاحه غضب، خوف، قلق، ندم
عشق، يقطع البهو ذهابًا وايابًا روحه تحترق بالجحيم
من فرط قلقه عليها، سمع صوت سلسال المفتاح
فى الباب اقترب منها بخطوات سريعة وهو يقبض
على معصمها بقسوة قائلًا باضطراب:
- كنتى فين كل ده ؟!
انتى كويسه ؟! فى حاجه حصلتلك
بصعوبة الجمت لسانها من سؤاله لماذا لم تخبرنى ؟! لماذا ؟! لماذا قلبها يتألم هكذا تظاهرت
بالبرود ينافى حزن ووجع عيناها :
- كنت بتّمشى شوية، ايه فى ايه ؟!
حالة من الهياج العصبى اصابته قائلًا :
تتمشى الساعة بقت اتنين بعد نص الليل
كنتى بتتمشى فين لحد دلوقتى ها ؟!
تجاوزته وهى تمر لغرفتها قائلة بنبرة ذات مغزى :
- انا مش بطالبك باى مبررات وانت كمان لوسمحت
تلتزم بكده
قبل أن يصل إليها كانت تدلف إلى غرفتها وتغلق الباب
خلفها ترتمى على الفراش، انفاسها تختنق، الألم يعصف
بصدرها، كم تألم قلبها في هذه الحياة ظلت تؤنب نفسها
قائلة :
- انتى مالك ؟! خاطب ولا لأ ؟!
متنسيش نفسك كل الحكاية اتعاطف معاكى بلاش
طمع عايزة منه أيه هاا يعترف مثلًا بجوازك
مش لما يعترف ابوكى بيكى
اكملت بتضرع قائلة :
- قلبى وجعنى اوى يارب .. يارب ارحمنى تعبت
من كل حاجة يارب انا كنت عايشة لوحدى وراضية
زاد من الطرق على الباب قائلًا :
- افتحى ياكيان هنتكلم
اجابته بصوت متحشرج اثر البكاء :
- لو سمحت عايزه انام
ما ان وصلت نبرتها المتألمة الباكية جن جنونه يخبط
على الباب قائلًا :
- افتحى نتكلم افهمك كل حاجة افتحى يا كيان
لم يصله اى استجابة منها او رد ظل يحطم كل
شئ امامه، حتى نفذت طاقته وسقط على الاريكة
بارهاق ثوان وكان يغرق فى النوم
****
يستند على سيارته امام الشركة ينتظرها كى يعلم
سبب تجاهله هكذا ماذا فعل حتى أن اتصاله
لم تجيب عليه، اعتدل فى وقفته عندما وجدها
تصف سيارته ترجلت وجدته امامها يعقد ذراعيه
امام صدره متسائلًا :
- ممكن افهم ليه مش بتردي عليا؟
انا حصل منى حاجة ضايقتك ؟! فى ايه يا بيلا
صوت دقات قلبها تصم الاذان، قدميها اصبحت
كهلام حاولت الثبات مردفة :
- ضياء عامل ايه ؟!
اسفة بس مضغوطين اليومين دول، غير أني مرهقة
من السفر
يعلم أن جميعها حجج واهية ابتسم بسخرية قائلًا :
- وايه كمان يا بيلا فاكرانى عيل صغير مش
بفهم ماتقولى ايه اللى حصل لكل ده انطقى
نظرت حولها فى المكان ثم اجابته :
- انا شايفه انك محتاج تهدا، وعن اذنك عندى
شغل
انصرفت من امامه بقلب يأن من الوجع، بينما هو شعر
بقهر رجولته هل كانت تتسلى معه فقط ؟!
*****
فرق جفنيه بصعوبة وهو ويشعر بألألم يفتك بجسده
وضع يده على رأسه يشعر بألم توسعت عيناه عندما
وجد باب غرفتها مفتوحًا انتفض يبحث عنها
ولم يجدها فى الشقة كلها، ارتدى ملابسه سريعًا
وهبط يستقل سيارته سمع رنين هاتفه لكنه تجاهله، صدح رنين الهاتف ثانيةٍ اخرج من جيبه بغضب يجيب على الهاتف:
- ايوه ياضياء
انا رايح على الشغل بتاع كيان تعالى على هناك
لا رجعت امبارح سلام
اغلق هاتفه ووضعه فى جيبه، تحرك بسيارته يسابق
الريح وكأن الارض خلت من البشرية، بعد نصف
ساعة كان يقف امام مكان عملها صف سيارته
وتوجه مباشرة إليها، شعرت بفزع حين رأته امامها
عقب على فزعها بجملة واحدة :
- يلا معايا لو مش عايزة شوشرة وقلق هنا
طالعته بعدم تصديق فتابع بتحدى :
- تحبى تجربى ؟!
بصمت كانت تسير خلفه حتى وقف ضياء امامهم
فقال كنان :
- اركب يلا ياضياء خلينا نمشى
بعد مرور وقت تحدث ضياء وهو يخبط على تابلو العربيه قائلًا بحدة مصحوبة بالألم :
- مش فاهم ليه بتبعد عملت ايه انا سألتها كتير
مش بتجاوب بتحاول تتهرب منى وبس
لا تعلم لما شعرت أن السبب هو إعاقة بيلا
وأنه ليس لديه علم بها، وصل إلى مسكنهم
وكان يصف سيارته ترجلوا من السيارة
وقفت كيان تقول :
- انا عايزه اتكلم مع ضياء لوحدنا
- نعااااام
هكذا كان رد كنان بينما تدخل ضياء يهدأ الاجواء :
-عايزانى فى ايه يا كيان تحت امرك
- لأ لوحدنا، الموضوع يخص ضياء لوحده وبالأخص بيلا
قبض كنان على معصمها وبرزت عروقه :
- عايزه ايه ها ؟! اخرت اللى بتعمليه ده ايه ها ؟!
نزعت يديها منه بحدة وقف ضياء امامه قائلًا :
- خمس دقايق بس معلش عشانى أنا
انصرف بعد ان حدجها بنظرات نارية التفت لها ضياء متسائلًا :
- خيييير يا كيان مالها بيلا
فركت اصابعها بتوتر تتمنى أن لا تكون مخطئة
وتكون سببًا في انقاذ علاقتهم ابتلعت توترها تقول :
- انا عارفه انى ماليش حق اتكلم فى حاجة زى
دية بس مش عارفه ليه حاسة انها السبب
توسعت عيناه بتلهف مردفًا :
- قولى يا كيان بسرعة
تحمحمت ثم قالت بصوت مهزوز :
- إعاقة بيلا
- إعاقة!!!!
توسع فاه وعيناه معًا عن اى اعاقة تتحدث فهو لم يرى
فى جمالها فسألها مستفسرًا :
- اعاقة أيه ؟!
تنهدت وهى تقول :
- بيلا مركبه طرف صناعى لأن عندها بتر فى الساق
مازال تحت تاثير الصدمة، كانت على حق هو لا يعلم
قررت ان تتركه يستوعب الفكرة وتصعد :
- عن اذنك
****
مازال الباب مفتوح يقف فى انتظارها ولجت من الباب
تغلق الباب خلفها انتفضت وهو يقبض على معصمها بشدة نابعة من روحه المحترقة سحبها خلفه حتى
وقف فى البهو وعيناه مثل اللهب القاها بنظرة مستفهمة حادة :
- ممكن افهم ايه اللى حصل ده ازاى تقولى انا وضياء
لوحدنا هااا
جف حلقها ثم اجابته :
- فيها أيه يعنى ؟!
اقترب منها ويده تحاوط خصرها والأخرى تفك حجابها
قائلًا بنبرة عاشق متملك :
- فيها أنك مراتى وملكى انا لوحدى كيانى انتى
حجابك ده المفروض ميتلبسش قدامى انا جوزك
مصدومة من سيل اعترافاته يكاد يخرج قلبها من مرقده
ثبت نظره على شفتاها الخوخى التى حلم بتذوقهم
وفى ثانية كان ينقض عليهم بقبلة عميقة بربرية يروى
ظمأه ويثبت ملكيته لها والغريب انها كانت مستسلمة
لهجومه، مد يده خلف رأسها يثبتها
طرق على الباب بعنف جعلها تنتفض بين يده وتحاول
الهرب منه ابتعد عنها بصعوبة ومازال الطرق مستمر
بينما هى فرت بالهرب إلى غرفتها وقفت فى الزواية تنتحب لا تصدق كيف استسلمت له؟! كيف ضعفت هكذا ؟! هو لديه خطيبة
كيف كانت ستعيد ماضى والدتها قدميها كالهلام سقطت
ارضًا تضم ركبتها إلى صدرها وظلت تهز رأسها بهستريا
كيف قلبها عشقه، ظلت تفرك شفتاها بعنف حتى
كادت أن تدميها قائلة :
- الحب ده مش مكتوب على اللي زيك
بينما عند كنان ما أن فتح الباب الجمت الصدمة حواسه
ونطق اخيرًا :
- ماما ؟!!!!
لكزته بكتفه وهى تتجاوزه للداخل تجوب بعيناها
تبحث عنها حتى طالعت باب الغرفة الموصودة
هرول يلحقها حتى دون أن يغلق الباب :
- اه ماما يا كنان ولا كنت فاكر مش هاعرف اجى
واعرف اخبارك انت والهانم اللى شاقطها
امسكها كنان برفق من ذراعها قائلًا :
- ماما اسمعينى خلينى اوضحلك كل حاجة
نفضت يدها بحدة واندفعت تفتح الباب ولم يستطع
اللحاق بها وما أن فتحت الباب وجدها متكومة على
نفسها انخلع قلبه جث على ركبته امامها يمسح دموعها
قائلًا :
- كيان مالك ايه اللى حصل ؟!
هدرت به والدته قائلة :
- بلا مالها بلا نيلة .. بقى عشان عمارتهم اتهدت اللى ابوك كان شريك فيها تقوم تتجوزها، طب عوضها فلوس
مش جواز انا ابنى يتجوز واحدة مالهاش اصل
مشكوك فى نسبها
قاطعها كنان بحدة صارخًا :
- مااااااااما كفايااااااا
حاول ان يمسك وجه كيان إلا انها انتفضت واقفة
تمتم :
- تعويض العمارة اللى تهدت آآآآآه
- كيان اهدى انا كنت ناوى افهمك كل حاجة
اجابته والدته بحدة :
- تفهمها ايه ولا ايه طلقها مش ابنى اللى يتجوز واحدة
مالهاش اهل
جاء صوت من خلف يعنفها :
- مين دية اللى مالهاش اهل
كيان عاصم الكومى عز الجهينى
بنت اكبر تاجر دهب في الصاغه وانا ابن عمها طاهر حسين الكومى عز الجهينى
توسعت عين كنان قائلًا :
- انت ازاى دخلت ؟! وازاى ابن عمها ؟!
طالعه من ادناه لاعلاه :
- الباب كان مفتوح وعرفت من فترة من اسمها فى العقد
واتأكدت من كدة .. يلا كيان تعالى معايا
وقف كنان امامها وتحولت عيناه للاحمر القانى قائلًا :
كيان مراتى مش هتخرج من هنا
سحبته والدته وهى تهتف بحدة :
- مرات مين انت اتجننت
ابتسم طاهر بتهكم :
- شاطر اسمع كلام مامى
ثم انتهز طاهر فرصة انشغالهم وسحب كيان التى مازالت تحت الصدمة فقط تتحرك عيناها وقف كنان امامه قائلًا:
- مش هتخرج من هنا قولت
بدون مقدمات كان طاهر يلكمه فى وجهه فاختل توزاته
ووقع ارضًا ثم نهض يصرخ :
- كيان
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية روح بلا مأوى" اضغط على أسم الرواية