رواية أقدار بلا رحمة البارت السابع عشر 17 بقلم ميار خالد
رواية اقدار بلا رحمة الفصل السابع عشر 17
أبتسمت له براء بحزن ثم خرج هو من الغرفة وترك لها بعض المساحة حتى تقرأ الرسالة براحه، تنهدت هي بحرارة و فتحت الرسالة و بدأت في قرأتها ..
- براء .. صديقة طفولتي .. عارفه أنك دوختيني طول السنين اللي فاتت قلبت عليكِ القاهرة كلها وللأسف مكنتش بوصل لحاجه في الأخر .. مكنتش متخيل إني ألاقيكي في إسكندرية .. أنا مش عارف هتجمع بيكي في الدنيا ولا لا أنا بكتبلك الرسالة دي دلوقتي ومش عارف قدري مخبي إيه .. بس لو جرالي حاجه من قبل ما أشوفك هتكوني بتقري الرسالة دي دلوقتي .. كان نفسي أكون قاعد بتكلم معاكي دلوقتي بدل الرسالة دي .. بس القدر مدانيش فرصه أني أعمل كده ..
تعرفي أني فرحت اوي لما عرفت انك ناجحة وأنك عملتي ليكي حياه جديده برغم كل اللي حصلك .. واتصدمت لما عرفت أد أيه كنت قريبة مني وأنا مش شايفك .. مش مسامح نفسي أني معرفتش صوتك يومها في الموبايل بس النصيب .. أنا عارف انك دلوقتي عندك علم بوصيتي لأني قولت لياسر أنه يديكي الرسالة دي بعد ما تعرفي الوصيه وبس .. وأنا عارف أنك اضايقتي ورفضتي بس أنا مش هقولك غير حاجه واحده .. بنتي أمانه في رقبتك يا براء .. أنا مش عايز أضغط عليكِ بس أنا مش عايز بنتي تتبهدل من بعدي .. مش عايزها تفقد الأمان و الاستقرار عايزها تحس بحنية الأم و خوف الأب .. أنتِ أكتر واحده عارفه شعور الحرمان من كل ده أيه يا براء لو تقبلي بنتي تعيش نفس اللي عشتيه ارفضي و ساعتها هتتحط في ملجأ ..
وطلبي الأخير منك إنك تشوفي ملك مره واحده بس بعدها قرري .. بس انا عندي ثقة أنك هتحافظي علي بنتي .. وأخر حاجه عايزك تعرفيها هي أن يامن متخلاش عنك .. يومها والدته حبسته في البيت عشان كده معرفش يجيلك وأنا مكنتش أعرف كده و لما خرج كنتِ اختفيتي .. هو كمان اتظلم وعاش أسوء سنين حياته خلال السبع سنين دول .. أنتوا الاتنين اتظلمتوا و الدنيا كانت قاسية عليكم بلاش تكونوا أنتوا كمان قاسين علي بعض ..
كانت الدموع تنسال علي وجه براء بغزاره، طرق الباب و قالت فاطمه :
- براء أنتِ صاحية؟
مسحت براء دموعها بسرعه وقالت :
- أيوه يا ماما أتفضلي
دخلت فاطمه إلى الغرفة و انتفض قلبها حين وجدت آثار الدموع مازالت علي وجهها، ابتسمت لها بحنان و قالت:
- انا عارفه أنه اختبار صعب عليكِ بس لازم تفكري صح .. بعيداً عن خالد وعن يامن أفتكري أن في بنت صغيرة حياتها متوقفه على قرارك
- كله بيرمي الحِمل عليا و يضغطني ومحدش فكر فيا .. محدش فكر انا حاسة بأيه دلوقتي ولا إيه النار اللي جوايا .. حتى وأنا صغيرة كان كله بيجي عليا و بيحطوا الذنب عليا في كل حاجه .. وفي اللحظة اللي كنت فاكره فيها أني اتخطيت اللي فات لقيتني رجعت لمكاني .. للدرجادي قدري مش راحمني
- مش قصدي اضغطك يا بنتي بس أنا لازم أقولك كده عشان أكون عملت اللي عليا .. أقولك حاجه بس متزعليش مني
نظرت لها براء بتساؤل فأكملت فاطمة:
- أمبارح لما شوفت يامن قلبي ارتاحله .. زي ما ارتاحلك من سبع سنين أنا عارفه أنك رفضتي عشانه بس ليه متديهوش هو كمان فرصه تانيه .. أنا معاكي أنه غلط في حقك وظلمك بس متنسيش أنه هو كمان اتظلم يكفي بُعدك عنه السنين دي كلها لو مكنش حُبه ليكي حقيقي مكنش يستناكي كل السنين دي
- طب وخالد؟
- سيبك من خالد دلوقتي فكري في حياتك
نظرت لها براء بصمت وفكرت في كلامها و بالفعل بدأت فاطمه في إقناعها، أردفت فاطمه :
- انا هسيبك تفكري في كلامي و قوليلي قرارك في الأخر
و جاءت لتنهض من مكانها ولكن براء أمسكت يدها لتمنعها وقالت:
- أنا هسافر بكره القاهرة .. هروح أشوف ملك و هسيب قلبي اللي يقرر
أبتسمت لها فاطمه و قبلتها من جبينها وقالت :
- أنا بنتي أطيب بنت في الدنيا
أبتسمت لها براء و خرجت فاطمه من الغرفة و تركت براء لتغرق في أفكارها مرة أخرى
وبعد أن رحل يامن من بيت براء في الأمس ذهب إلى أحد الشقق الذي استأجرها حتى يقيم فيها تلك الفترة حتى يقنع براء، جلس بشرود وكان ياسر بجانبه فقال يامن:
- انا مش مرتاح للي اسمه خالد ده
- دي غيرة؟
- لا مش غيرة .. شكله مش غريب عليا حاسس أن وراه حاجه
نظر له ياسر بتساؤل وقال:
- ليه بتقول كده؟
- مش عارف .. ياسر تعرف تدور وراه
- أكيد
- تمام
صمت يامن وأخرج ياسر رسالة كريم إليه وأعطاه إياها وقال:
- دي رسالة كريم ليك .. هسيبك تقرأها عن أذنك
ثم نهض من مكانه وتركه بفرده حتى يقرأ تلك الرسالة، تنهد يامن بضيق ثم فتح رسالة كريم له و بدأ في قراءتها:
- صديق طفولتي ومراهقتي وشبابي .. مش عايز زعلك عليا ينسيك أيامنا الحلوة حظي في الدنيا كان أنت .. أن يكون عندي صاحب جدع زيك
أبعد يامن عنه الرسالة وانفجر في البكاء لم يحتمل أن يقرأ كلمه أخرى، أنتظر حتى يهدأ قليلا ثم عاد إلي الرسالة مرة أخرى
- أوعى في يوم تعيط لما تفتكرني .. افتكر أن دموعك دي مكنتش بتنزل و أنا عايش خليك زي ما انت و انا معاك و عمري ما هسيبك .. عايزك تعرف أن الدنيا مش مستاهله نبعد عن بعض و أن خلافاتنا تعمي عيوننا و قلوبنا علي الحقيقة و هي أننا مش دايمين فيها .. عايزك تصلح كل حاجه غلط في حياتك و انا فتحتلك الباب .. بنتي امانه في رقبتك يا يامن و انا مش هقلق عليها طول ما هي معاك .. ومش هقلق علي براء كمان طول ما هي معاك .. بلاش تضيعها من إيدك تاني أنا مش هعرف إذا كانت رسالتي ليها هتوصل ولا لا بس في كل الحالات انا قولت لياسر لو انه يقولك عنوانها و أنت اللي تروحلها .. و تخليها تعرف الوصيه و تحققوها انتوا الاتنين .. أنا واثق فيك يا يامن .. خلي بالك من نفسك يا صاحبي ..
وضع يامن الرسالة بجانبه و ظل يبكي بقهره علي صديقه حتى تذكر كلماته و ابتسامه الدائمة لتهون عليه الذكريات نوعا ما و تطفئ النار المشتعله داخل قلبه .
أنت لا تعرف ما هو شعور أن تخسر شخصاً ما كان بمثابة النور بعينيك ..
***
في المساء..
دلفت حنين إلى براء الجالسة بمفردها، جلست بجانبها بهدوء وقالت:
- مفيش أخبار عن خالد؟
- لا .. من ساعة ما مشى وقت كتب الكتاب وهو مش بيرد عليا
- أحسن برضو
نظرت لها براء فجأة وقالت:
- أنتِ مبسوطة أن فرحتي اتكسرت
- دي كانت فرحة كدابة يا براء .. فرحتك الحقيقة وصلت أمبارح في كتب الكتاب
تنهدت براء بضيق فقالت حنين بابتسامة:
- طب بزمتك مفرحتيش أنك شوفتيه .. ده بقى زي القمر يا براء بقى شبه الأتراك كده عارفه الواد اللي كان في مسلسل الحب الاعمى ده تقريباً .. كنت شغاله عند واحدة بنتها بتموت في المسلسل ده من ساعتها البطل معلق معايا
ضحكت براء رغماً عنها وقالت:
- أنا في إيه وأنتِ بتتكلمي في أيه يا بنتي ارحميني
- ضحكتي يبقي فرحتي يا لئيمة
صمتت براء وهي لا تنكر فلقد شعرت بسعادة خفيه من كل ما يحدث حولها ولكن كبريائها يمنعها من إظهار تلك الفرحة، قالت حنين:
- هتعملي أيه دلوقتي
- هروح بكره القاهرة أشوف البنت
- طب وأنتِ تعرفي مكانها اصلا
- لا
- طيب هتروحي أزاي .. ياسر ويامن لسه في اسكندرية
سكتت براء قليلا ثم قالت:
- وأنتِ عرفتي منين .. أنا ليه حاسة أنك كنتِ عارفه انهم جايين
صمتت حنين فقالت براء:
- ردي عليا
- بصراحة كده قبل ما يدخلوا الاوضه عندك يامن عرفني وقالي كل حاجه وانا شجعته جداً
- كل ده وأنا معرفش!
- يا براء بطلي عنادك ده بقى
- ده مش عِناد! ده اللي المفروض يحصل
- طيب وبنت كريم .. هتقدري تسبيها تتحط في ملجأ
صمتت براء بحيرة فقالت حنين:
- عموماً شوفي أنتِ هتعملي أيه وأنا معاكي
ثم نهضت من مكانها، زفرت براء بضيق وفي تلك اللحظة صدع هاتفها رنيناً برقم خالد فردت عليه:
- خالد .. مكنتش بترد عليا ليه
- معلش كنت مضايق شوية
- أنت كويس يعني؟
- اه .. براء أنا عايز أعرف إيه أخرة قصتنا دي
- أنت عايز أخرها يكون إيه؟
- أنا عايز أرتاح وبس وبعد وصية أمبارح دي انا مش عارف ردك عليا هيكون إيه
- انا مش عارفه يا خالد وبجد تعبت مش عارفه أعمل إيه
- أفهم من كلامك إيه؟
- انا عايزه وقت أفكر كويس
- اللي يريحك يا براء .. أعملي اللي أنتِ عايزاه
ثم أنهى المكالمة في وجهها وزفرت هي بضيق، فكرت للحظات ثم نهضت من مكانها وذهبت الى حنين وقالت:
- تعرفي فين يامن؟
- أيوه هو وياسر قاعدين في شقة الفترة دي
- طيب أنا عايزه اشوف ياسر!
نظرت لها حنين بتساؤل وقالت:
- ماشي نروح بكره
- تمام
في اليوم التالي..
استيقظ يامن من نومه بقلق وخرج من الغرفة وجلس على الأريكة بتعب وظل يفكر في براء وفي قدرهم الغير معروف، أستيقظ ياسر أيضاً وحضر لهم بعض الطعام وجلس مع يامن وتناقشوا في بعض الأمور حتى قال يامن:
- مادام ده اللي كان شاغل كريم الفترة اللي فاتت .. أيه موضوع التقارير اللي خزنة مكتبه دي
قال ياسر بتوتر:
- أنت عرفت موضوع التقارير دي منين
- السكرتيرة قالتلي .. عموماً الخزنة مش عايزه تتفتح أصلاً لما افوق من موضوع الوصية هبقى أشوفها
صمت ياسر بتوتر وصدع هاتف يامن رنيناً وكانت عاليا والدته، رد عليها فقالت:
- عامل ايه
- الحمدالله
صمتت عاليا للحظات ثم قالت:
- هتتأخر عندك
- مش عارف .. لحد ما أخلص اللي جاي عشانه
- وهي كان رد فعلها ايه؟
- رفضت .. هي مش راضية توافق بسبب اللي أنتِ عملتيه زمان مش عايزه تعيش نفس التجربه تاني
- كنت عايزني أعمل إيه يعني؟! أي أم في مكاني كانت هتعمل كده!
- لا مش أي أم .. أنتِ مش بس بعدتيني عنها أنتِ كسرتيها!
- خلاص يا يامن مش وقت الكلام ده ياريت
وأثناء حديثهم هذا طرق أحدهم على الباب فنهض يامن من مكانه وترك هاتفه مفتوح، فتح الباب ليجد براء أمامه تطالعه بثبات!!
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية اقدار بلا رحمة" اضغط على أسم الرواية