رواية مقيد بأكاذيبها البارت الأول 1 بقلم هدير نور
رواية مقيد باكاذيبها الفصل الأول 1
بإحدي الاحياء الشعبية تحديداً فى إحدي المنازل التي يدل مظهره الخارجي علي مدي فقر سكانها الشديد...
كانت صدفة واقفة بالمطبخ تحضر لنفسها شطيرة سريعة حتي تتناولها قبل ذهابها الي العمل.. لكنها تأففت بحنق مطلقة لعنة منخفضة فور سماعها صوت اشجان الزوجة الثانية لزوج والدتها المتوفية يأتي من خلفها
=ايه يا منيلة الدوشة اللي انتي عاملها علي الصبح....الساعة لسه 5 الفجر الله يخربيتك قلقتي منامنا اللهي يقلق منامك يا بعيدة....
اختطفت صدفة الشطيرة الخاصة بها من فوق الطاولة قبل ان تستدير اليها مغمغة بحدة و نفاذ صبر
=بعمل ساندوتش اطفحه قبل ما اتهبب انزل اجري علي اكل عيشي.....
لتكمل بحده وهي تزجرها بغضب
=ايه حُرم و لا حُرم ....
اجابتها اشجان و هي ترمق بسخرية الساندوتش الذي في يدها
=ياختي براحة علي نفسك انتي ليه محسساني انك موظفة في مصلحة حكومية اومال لو مكنتيش حتة بياعة ساندوتشات فول وطعمية علي الرصيف كنت عملتي ايه...
لتكمل بقسوة مربتة علي صدر صدفة بضربات خفيفة متتالية
=بعدين ياختي ابقي ريحينا و ريحي نفسك و اعملي ساندوتشك ده من ضمن الساندوتشات اللي بتعمليها للصنايعة و كليه في الشغل بدل ما كل يوم تقلقي منامنا....
قضمت صدفة الساندوتش الذي بيدها بغل و غضب وهي تغمغم بفم ممتلئ
=انا لو ماكلتش الساندوتش ده هنا مش هعرف ادوق لقمة واحدة طول اليوم..لأني بشتغل من الساعه 6 الصبح لـ12 بليل و مبقعدش ثانية واحدة و بيطلع عين اللي جابوني علشان اجبلك فلوس انتي و المحروس جوزك
لتكمل هاتفة بغضب
=فارحمني بقي و مطفحنيش اللقمة اللي هاكلها...
رفعت اشجان ياقة قميصها البيتي تنفخ بصدرها عدة مرات قبل ان تهتف بنبره يتخللها التهكم
=تف تف... ياختي متشخطيش اوي كده اصل بخااااف و بتخض ....
لتكمل بسخرية لاذعة و هي تمرر عينيها من الأعلي للأسفل علي جسد صدفة الذي تخفيه اسفل عبائتها الفضفاضة
=و ياختي لما انتي مبتاكليش غير الساندوتش اللي في ايدك ده طول اليوم..اومال جسمك بيفشول وبيتخن من ايه....
احمر وجه صدفة بشده فور سماعها كلماتها تلك و قد ارتجفت شفتيها في قهر دفين فقد ضغطت اشجان جيداً علي نقطة ضعفها زفرت بحنق و هي تغمغم بصوت مرتجف بينما تندفع نحوها ضاربة بحدة كتفها و هي تزيح بعيداً جسدها الذي كانت تسد به باب المطبخ
=بقولك ايه يا خالتي...روحي نامي احسن اديني نازلة اهو و سيبالك الشقة......
هتفت اشجان بحده وهي تدلك بيدها كتفها الذي اصطدمت به صدفة
=انتي بتزوقيني كده ليه...جتك ضربه في ايدك.......
لتكمل بغل وغضب عندما تابعت صدفة طريقها نحو غرفتها دون ان تجيبها او تلتف اليها
=صحيح ما انتي بهيـ.ـمة و مفرقتيش حاجة عن الجامـ.وسة عاملة زي البغـ.لة.......
اغلقت صدفة باب غرفتها سريعاً و بقوة بوجهها في محاولة منها للهروب من سماع باقي كلماتها السامة التي كانت تحفظها عن ظهر قلب و التي ترددها دائماً علي مسمعها بكل يوم...
فسوف تنعتها بالسمينة و تزدري جسدها كما تفعل بكل مرة
نزعت ملابسها المنزلية و ارتدت عبائتها السوداء الفضفاضة البالية التي ترتديها دائماً عند ذهابها للعمل...
فقد كانت تتعمد دائماً ارتداء ملابس فضفاضة بهذا الشكل حتي تخفي معالم جسدها الانثوي عن الاعين الجائعة...
حتي في المنزل ترتدي عباءات منزلية فضفاضة تكاد ان تغرق بها خوفاً من زوج و الدتها و اشرف ابن اشجان الذي كان يكبرها بسنتين...
لكنها لم تكن دائماً هكذا فعندما كانت والدتها حية كانت ترتدي ملابس انيقة و جميلة كباقي الفتيات لكن بعد وفاتها بدأت في ملاحظة نظرات زوج والدتها الغير بريئه بالمرة لجسدها لذا بدأت تخفي جسدها اسفل تلك الملابس
و ايضاً كانت تخاف من اشرف ابن اشجان فقد كان سكير فاسد رغم انه دائماً يسخر منها و من مظهرها ناعتاً اياها بالثمينة القبيحة الا ان هذا لم يهدأ خوفها منه...
لذا لم تكتفي بارتداء تلك الملابس البالية فقد كانت ايضاً تتعمد تقبيح وجهها بوضع لون من الكريم الذ كان اغمق كثيراً من لون بشرتها البيضاء الحليبية.. راسمة حاجبيها بلون اسود ثقيل..
تأملت مظهرها بالمرأه بحسرة فقد كانت ملابسها تزيد حجم جسدها الي ثلاثة اضعافه علي الاقل فهي ليست سمينة بهذا الشكل فقد كانت ممتلئة بعض الشئ بامكان محددة من جسدها ...
تناولت حجابها الصغير و عقدته علي رأسها لينسدل من اسفل الحجاب شعرها الاسود الحريري علي كتفيها لكنها تناولت الفرشاة و اخذت تبعثره بقوة حتي اصبح اشعث هائش فقد كانت تتقصد ان تجعله بهذا الشكل الاشعث حتي لا يظن احد انها تتجمل فقد كانت تتعامل مع رجال و عمال طوال اليوم لذا يجب ان تحافظ علي سمعتها و علي نفسها من اعينهم الوقحة....
اختطفت محفظتها من فوق الطاولة و غادرت المنزل سريعاً حتي تبدأ بيوم عملها الشاق..
༺༺༺༺༻༻༻༻
بعد مرور عدة ساعات.....
كانت صدفة جالسة بمكان عملها الذي كان عبارة عن فرشة صغيرة علي الرصيف الجانبي للشارع تصنع الساندوتشات و الشاي للعمال بالمحلات التجارية التي تملئ الشارع...
هتفت ام محمد الجالسة بجانبها علي فرشتها الخاصه لبيع الخضروات كما كانت تعمل مع صدفة في ذات الوقت..
= مالك يابت قالبة وشك علي الصبح ليه كده...
اجابتها صدفة و هي تقوم بوضع الطعمية بالمقلاة الممتلئة بالزيت الساخن و علي وجهها تعبير مقتطب
=هيكون ايه يعني..غير اشجان الحيزبونة زي العادة..
غمغمت ام محمد بحنق وهي تقوم برش المياه علي الخضار المرصوص علي الفرشة التي امامها..
=يا دي اشجان..و سنينها السودا هي الوليه الارشانة دي مش ناوية بقي تتهد عنك...
غمغمت صدفة وهي مستمرة في تقليب الطعمية بالزيت حتي لا تحترق
=زهقت...زهقت و نفسي امشي من وشهم و اشوفلي شقة صغيرة ان شالله اوضة و صالة صغيرة بس ابعد عنهم و عن قرفهم....
قاطعتها ام محمد شاهقة بصدمة
=انتي اتجننتي يا بت عايزة تعيشي لوحدك.... ده انتي كنت تبقي حته لحمه واترمت للكـ.ـلاب ينهشوا فيها...الناس ما هتصدق يا بنتي مش هيرحموكي....
ثم نهضت من مكانها لتجلس بجانب صدفة وهي تكمل بجدية
=انتي بتخلصي شغل علي 12 بليل وعقبال ما بتروحي بيبقي فيها ل12 ونص عارفة لولا انك عايشة مع النطع جوز امك ده كان زمان سيرتك علي كل لسان الناس وحشة و ما بترحمشي و اديكي شوفتي بيقولوا ايه علي ليلي بنت ام منير علشان اطلقت و خدت شقة فوق شقة ابوها مش رحمنها ده لو رجعت من برا ٩ بليل بيتكلموا في عرضها ..
اطلقت صدفة زفرة حارقة وهي تهز رأسها
=عارفه...و ده اللي مصبرني علي الغلب اللي انا فيه...
لتكمل بعجز و هي تضغط يدها علي خدها
=بس في نفس الوقت مش قادره استحمل قلة ادب اشجان دي بتتعامل معايا كانها بتتصدق عليا هي و جوزها...
قاطعتها ام محمد قائله بحدة وهي تساعدها في فتح الخبز حتي تبدأ بصنع الشطائر
=ليه بقي ده انتي ليكي نص الشقه ولولا ان متولي ضحك علي امك الله يرحمها في اخر ايامها وخلها تكتب نص الشقه له كان هتبقي كلها ليكي امك كانت قايلالي انها هتكتبها ليكي بيع و شرا...
تنهدت صدفة مغمغة بتثاقل
=يلا ربنا يرحمها و يسامحها بقي كان واكل بعقلها حلاوة حتي لما اتجوز عليها وجابها تعيش معها في قلب شقتها منطقتش معاه و اتقبلت الوضع.....
ربتت ام محمد علي كتفها بحنان
=امك كانت طيبة و غلبانة.....
هزت صدفة رأسها بصمت و عينيها شاردة لكنها افاقت من شرودها هذا علي رنة هاتفها المحمول البسيط الذي كانت تحمله حيث كانت تتلقي طلبات الطعام من المحلات التي حولها من خلاله
ضغطت علي احدي الازرار قبل ان تضع الهاتف الصغير علي اذنها
=ايوه....يا توفيق باشا حاضر..يعني تلاته طعمية و اتنين بتنجان تؤمر بحاجة تانية..طيب عشر دقايق والساندوتشات تكون عندك يا باشا
اغلقت الهاتف واضعه اياه بجيب عبائتها قبل ان تتناول الخبز وتبدأ بصنع الشطائر وفور انتهائها وضعتها فوق احدي الصحون ونهضت قائلة سريعاً
=خدي بالك من الفرشة يا ام محمد عقبال ما اوصل الساندوتشات دي لوكالة الراوي....
اومأت ام محمد برأسها قائله
=عينيا ياختي....
انطلقت صدفة في طريقها شبه راكضة حتي تصل سريعاً الي وكاله عابد الراوي والتي كانت تعد اكبر وكاله لبيع الاجهزه الكهربائيه بالمنطقه باكملها حتي توصل الطعام لتوفيق الحلاوني الذي كان الصديق المقرب لراجح الراوي...
هرعت سريعاً حتي تنتهي وتعود الي مكان عملها فامامها يوم طويل مليئ بصنع الشطائر و توصيلها للعمال بمحلات عملهم...
=بت يا صدفة.....
سمعت احدي الاشخاص يهتف باسمها مما جعلها تتوقف و تلتف خلفها لتجد ام عبير الجالسه امام بسطتها الخاصه ببيع الفواكهه
=خير يا ام عبير في ايه...
اشارت ام عبير بيدها لكي تقترب منها قائله بصوت منخفض بعض الشئ
=خدي يا بت اقولك....
تأففت صدفة قائلة بينما تقترب منها
=عايزه ايه يا ام عبير اخلصي انا سايبه الفرشة لوحدها...
همست ام عبير بينما تضع يدها بصدرها مخرجه احدي الحافظات المصنوعه من القماش الردئ
=ياختي خدي هاكلك ولا هاكلك..جتك نيله بت هم......
لتكمل وهي تخرج عدة اوراق من المال من تلك الحافظة وتمدها نحو صدفة بينما تتلفت برأسها يمين و شمال
=خدي...دول 4 الاف جنيه بتوع دورك في الجمعية كده يتبقالك 4 زيهم اخر الاسبوع هكون لمتهم من الناس وهجبهملك....
اخذتهم منها صدفة و وضعتهم سريعاً بصدرها وهي تتلفت حولها حتي تطمئن ان احداً لم يراها خاصة زوج والدتها الذي اذا ما علم عن هذه الاموال سوف يأخذها منها كما يأخذ جميع الاموال التي تحصل عليها من عملها...
غمغمت وهي تبتسم بفرح
=تسلميلي يا حبيبتي...بس زي ما فهمتك محدش ياخد خبر اني معاكي في الجمعيه دي.....
قاطعتها ام عبير قائله بتأكيد محاول طمئنتها
=متخفيش....هو انا عيله صغيرة ما انا فاهمه اللي فيها...
ابتسمت صدفة باشراق شاعرة بالسعادة تغمرها فقد كانت تجلب بتلك الاموال التي تحصل عليها من تلك الجمعيات جهاز عرسها و تخبئه بشقة ام محمد حتي لا يعلم زوج والدتها شئ عنها...
غمغمت وهي تهرع مسرعة نحو وكالة الراوي التي لم تكن تبعد كثيراً
=يالهوي اتأخرت ..ما اروح بسرعه اودي الساندوتشات لتوفيق بيه..
بعد عدة لحظات دلفت صدفة الي الوكاله المكتظة بالعمال و الادوات الكهربائية الحديثة بمختلف انواعها و اتجهت مباشرة الي المكتب الخاص براجح الراوي فقد كانت تعلم بان توفيق صديقه يجلس معه بالطبع..
لكن وقبل وصولها الي الباب وقف اشرف ابن اشجان امامها قائلاً بصوته الغليظ الحاد
=بتعملي ايه هنا يا بت...
اجابته صدفة بحدة مماثله
=جاية ارقص....
لوي اشرف شفتيه قائلاً بسخرية لاذعة
=جتك ستين نيـ.ـله و هو انتي بمنظرك اللي شبه الجامـ.ـوسة ده و لا وشك العكر ده ينفع حتي ترقصي للميتين في الترب......
هتفت صدفة بحدة وغيظ و قد بدأ الغضب يشتعل بداخلها بسبب اهانته المستمره لها
=بقولك ايه بطل تلبيخ...و انجز عايز ايه الاكل هيبرد
حك رأسه بأصابعه قبل ان يغمغم سريعاً
=هاتي 50 جنية....
شهقت صدفة بصوت مرتفع قائلة بغضب
=50 ايه يا خويا منين......
قاطعها اشرف بقسوه و قد بدأ وجه يتشدد بالغضب
=من الفلوس اللي موكشها علي قلبك من الشغل بتاعك هو انتي بتهمدى....
هتفت صدفة كاذبة
=شغل ايه يا خويا ده احنا لسه علي الصبح و بنقول يا هادي...
اقترب منها مزمجراً بشراسة قابضاً علي ذراعها لوياً اياه خلف ظهرها
=بقولك ايه يا بت انتي...انتي هتعمليهم عليا هتجيبي 50 جنيه و لا اكسرلك دراعك....
اسرعت قائلة بذعر وهي تدرك انه قادر علي تنفيذ تهديده
=هديك..هديك....
حرر ذراعها لتنتفض مبتعدة عنه واضعه يدها بجيب عبائتها مخرج ورقه مالية ملقية اياها بوجهه
=خد..حار و نار في جتتك يا بعيد...
التقط اشرف المال من فوق الارض سريعاً مغمغماً بحده واشمئزاز
=جتك نيـ.ـلة..عيلة تسد النفس...
تركته و دلفت الي داخل المكتب وهي تهمهم بصوت منخفض
=اللهي مصيـ.ـبة تاخدك يا بعيد و اخلص منك انت و امك...
لكنها ابتلعت باقي جملتها عندما صوت راجح الراوي الغاضب أتي من خلفها بينما تغلق باب الغرفة
=انتي يا بت انتي مش هتبطلي كل ما تدخلي الوكالة تعملي مشاكل و قلق و صوتك يعلي في المكان...
استدارت صدفة تتطلع باعين متسعة الي ذلك الجالس خلف مكتبه بطوله الفارع شعرت بالارتباك عدة لحظات فور رؤيتها له و لوسامته التي تذيب قلوب جميع فتيات المنطقة لكنها ابعدت افكارها تلك مجيبه اياه بحده
=وانا عملت ايه دلوقتي يا راجح باشا....
قاطعها راجح بقسوة بينما يرمقها بنظرات مشتعله بالغضب
=صوتك لو علي تاني هنا..هتبقي دي اخر مرة تخطي فيها الوكالة ..
اشتعلت نيران الغضب بداخلها فور سماعها كلماته تلك وعندما همت اجابته قاطعها توفيق الذي دلف الي الغرفة وهو يهتف بحماس فور رؤيته لها
=اخيراً يا صدفة...ده انا كنت لسه هبعتلك حد من العمال..
تناول منها الصحن الممتلئ بالشطائر ثم جلس علي المقعد الذي بجانب مكتب صديقه و شرع في تناول طعامه بجوع...
زمجر راجح بها بغضب
=واقفة عندك متنحه ليه..
مش سلمتي الساندوتشات ...يلا غوري
ظلت صدفة واقفة بمكانها تتطلع نحوه بنظرات عاصفة محترقة معتصرة قبضتيها بجانبها بقوة حتي لا تندفع نحوه و تمزق وجهه باظافرها فقد سأمت من معاملته لها بتلك الطريقة الفظه فما ان يراها امامه يبدأ بالصراخ بها و تعنيفها بدون سبب....
التفت خارجة من الغرفة بغضب وهي تهمهم بصوت منخفض تلعنه و تشتمه...
قضم توفيق من الشطيرة التي بيده وهو يغمغم
=يا عم اهدي علي البت شوية مش كده....
زفر راجح بحده بينما يتراجع في مقعده للخلف
=دي بت لسانها طويل و دايماً صوتها عالي.....
قاطعه توفيق و هو لايزال يتناول طعامه
=يا عم دي بت غلبانه مش قدك....
مرر راجح يده علي وجهه قائلاً بحيره
=عارف انها غلبانة و بضايق من نفسي لما بعاملها كده بس معرفش ايه اللي بيحصلي لما بشوفها بحس ان عفاريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي....
اتكأ صديقه علي المكتب قائلاً بمرح بينما يلاعب حاجبيه بطريقه موحيه
=لتكون واقع فيها يا عم راجح....
ليكمل سريعاً وهو يعاود الجلوس علي مقعده مجيباً نفسه
=بس لا حب ايه ..بشكلها الغريب ده...لا شكلها و لا مستواها يشجعوا انك تحبها او حتي تفكر فيها....اومال ايه حكايتك يا عم....
قاطعه راجح بغضب قائلاً وهو يضع يده فوق الاوراق التي امامه
=لا حكاية ولا رواية انت هتألف فيلم و هتصدقه ...و خلص اكل يلا خالينا نشوف حل لمصيبتك خاليك ترجع محلك مش كل شوية تتنططلي هنا
اومأ توفيق برأسه قائلاً وهو يمسح يده باحدي المناديل
=اديني خلصت بس قولي الاول...لسه مصر متأمنش نفسك...وتعملك حاجه للزمن بعد كلام الحاج عابد معاك....
هز راجح رأسه قائلاً بجمود
=اعمل كده ليه...ابويا مأكدلي ان احنا شركا و ان انا ليا نص المحلات و الوكالة....
قاطعه ناجي قائلاً بحده
=بس يا راجح لازم تكتب عقد بده و بصراحة ده ميرضيش ربنا الشغل ده انت اللي شايله علي كتافك طول ال13 سنه اللي فاتوا والمحل اليتيم اللي كان ابوك يملكه خليته بتعبك وعقلك 10محلات و مش اي محلات لا..دي اكبر محلات في مصر كلها....
زفر راجح بغضب وهو يرفع الاوراق التي امامه
=خلصنا يا توفيق مش كل ما هتقعد معايا هتتكلم في نفس الحوار....انت عارف ان كلمة ابويا سيف ولا يمكن يقول كلمة و مينفذهاش..
اشار توفيق بيده علي رأسه قائلاً
=يا عم راجح كلمة الحاج عابد علي عيني وعلي راسي بس اعمل زي ما انا عملت مضيت ابويا علي بيع اچنس العربيات وضمنت حقي....
قاطع حديثه طرق الباب و دلوف حكيم رئيس العمال لديه
=اسف علي الازعاج يا راجح باشا....بس حبيت اعرفك ان البضاعة هتوصل بكره الصبح مش بليل زي العادة...
اومأ راجح برأسه قائلاً بهدوء
=تمام يا عم حكيم...عرف بقي العمال علي الميعاد و بلغهم انهم اول ما يخلصوا نقل البضاعة للمخزن الكل يروح مش لازم يسهروا...و اليوم محسوب لهم....
ابتسم حكيم بفرح قائلاً
=ربنا يجبر بخاطرك يا بني دايماً يارب زي ما كل مره بتجبر بخاطرنا....
ليكمل سريعاً وهو يتجه نحو الباب
=استأذن انا بقي...
ثم خرج سريعاً تاركاً كلاً من راجح و توفيق يتناقشون حول ايجاد حل للديون المتراكمة علي المحل الخاص ببيع السيارات الذي يملكه توفيق ..
༺༻༻༻༻༻༻
بعد عدة ساعات....
كانت صدفة لازالت جالسة تصنع الشطائر و تقوم ببيعها للعمال وغيرهم من الاشخاص الماره عندما رن هاتفها ترددت قليلاً قبل ان تجيب عندما رأت رقم وكالة عابد الراوي فور تذكرها لطريقة تعامل راجح الراوي معها بالصباح لكنها بالنهاية اجابت فوكالة الراوي من اكبر الوكالات الممتلئة بالعمال والتي لا ترغب ان تخسرهم بالطبع اجابت علي مضض لتجد احدي العمال يمليها احدي الطلبات لتردد خلفه محاولة حفظ الطلب
=ايوة... 2طعمية...و2بطاطس و 2 شاي تقيل.. حاضر..حاضر
توقفت قليلاً قائلة بتردد
=بقولك اية يا عم صقر هي الطلبات دي لمين يعني لراجح باشا ولا لمين....
اجابها صقر بنفاذ صبر
=للحاج عابد...و انجزي يا صدفة انتي عارفة انه مش بيحب التأخير...
غمغمت سريعاً و هي تشعر بالراحة بان الشطائر ليست لراجح الراوي فقد كانت لا ترغب بمقابلته
=حاضر ياعم صقر ...ثواني و هيكون الاكل عنده
في ذات الوقت...
كان عابد الراوي جالساً علي المكتب بينما ولده الاكبر راجح يجلس في المقعد الذي امامه...
غمغم عابد بحده وغضب
=يعني ايه تدي العمال اجازه نص يوم و بأجر كامل ليه ان شاء الله فاتحنها تكيه لاهلهم ولا ايه....
اجابه راجح بهدوء بينما يفحص احدي الاوراق التي بيده
=يا حاج العمال لازم ترتاح...بعدين مفيش شغل لهم اقعدهم في المخازن ليه مش تعذيب هو....
هتف عابد بحده بينما يرمق ولده بغضب
=لا مش تعذيب...بس هو مش مال سايب...علشان تتحكم و تتأمر فيه علي كيفك...الاجازه دي تتلغي فاهم
التقط راجح نفساً طويلاً محاولاً السيطرة علي غضبه وحتي لا يجيبه بطريقة تناسب طريقته المتعجرفة معه..
لينجح بالنهاية بالسيطرة علي غضبه مجيباً اياه بهدوء
=الاجازه مش هتتلغي يا حاج...مش هطلع نفسي صغير قدام العمال بدي قرار الصبح و و ارجع فيه بليل ...
ليكمل وهو يضغط بقوة علي ملف الاوراق الذي بيده حتي ابيضت مفاصله..
=و لو انت عايز تلغيه...اتفضل روح بلغهم انت بقرارك ده..
ارتبك عابد فور سماعه ذلك غمغم سريعاً بحنق
=لا قايل ولا عايد...اجازة..اجازة
اومأ راجح برأسه بصمت فقد كان يعلم ان والده لن يجازف باخبار العمال بالغاءه للاجازة و يجازف بتدمير صورته امامهم التي يتباه بها كثيراً...
بعد مرور عدة دقائق...
طرقت صدفة باب المكتب و دلفت الي الداخل وعلي وجهها ترتسم ابتسامة لكن سرعان ما ذبلت ابتسامتها تلك فور رؤيتها لراجح الجالس مع والده بالمكتب فقد كانت تعتقد ان الحاج عابد بمفرده...
وضعت صحن الطعام امام الحاج عابد الذي كان منشغلاً بالتحدث بهاتفه...
بينما غمغم راجح بصرامة وهو لا يزال يتفحص بتركيز الاوراق التي بين يده غافلاً عن تلك الواقفة بتجمد تتطلع اليه باعين متسعة بالارتباك
=ناوليني الشاي....
وقفت مترددة عدة لحظات قبل ان تتناول احدي اكواب الشاي و تضعه علي المكتب امام الحاج عابد ..
ثم تناولت الاخر و اتجهت نحو راجح واضعة اياه بين يده الممدوده لها لكن تصلب جسدها بخوف و ذعر فور ان اطبقت يده علي يدها بدلاً من الكوب الزجاجي نفسه مما جعلها تنتفض متراجعة للخلف و هي تصرخ بفزع ليسقط الكوب من يدها ويتهشم علي الارض بعد ان انسكب بعضاً من محتوياته علي ساق راجح الذي انتفض واقفاً يلعن بعنف و هو ينفض السائل الساخن عن ساقه صارخاً بها بعنف اهتزت له ارجاء المكان
=ايه اللي انتي عملتيه ده يا بهيـ.ـمة انتي مجنونة ولا ايه حكايتك بالظبط..!!
هتفت بحدة بينما تتراجع الي الخلف
=تستاهل علشان ايدك طويلة...
لتكمل بحدة وهي ترمقه بنظرات مشتعلة بالغضب و الازدراء
=ايه فاكرني لقمة سهلة هتعقد تحسس و تلمس براحتك ولا ايه...لا ده انا افضحك و اخـ.....
قاطعها عابد الذي وقف هاتفاً بحده و هو يضع هاتفه بعيداً ممرراً نظراته بينهم
=في ايه يا بت انتي ايه الهيصة اللي انتي عاملها دي..
اجابته صدفة وهي ترمق راجح بنظرات تملئها الاشمئزاز
=اسأل ابنك يا حاج عابد وهو يقولك ...ولا يقولك ليه ما اقولك انا راجح باشا حاول يمسك ايديا بيتحرش بيا و مش عامل حتي احترام لك.....
اندفع راجح نحوها قابضاً علي ذراعها يهزها بقوة هاتفاً بغضب و عينيه تلتمع بوحشية قاتلةمما جعل الرعب يعصف بداخلها
= انتي بتقولي ايه يا بت انتي اتحرش بمين....
ليكمل مزمجراً بشراسة وهو يهزها بقوة اكبر جعلت اسنانها تصطك ببعضها البعض
=قسماً بالله ان ما لميتي نفسك لأدفنك حيه و ما هتسوي عندي جنية....
جذبه والده للخلف بعيداً عنها هاتفاً بحدة
=اهدي يا راجح مش كده...
ليكمل ملتفاً الي صدفة التي التصقت بباب المكتب و وجهها شاحب من شدة الخوف
=اكيد ميقصدش اللي فهمتيه ده....
قاطعه راجح هاتفاً بحده اهتزت لها ارجاء
=جري ايه يابا انت هتبررلها و لا ايه دي عيلة قليلة الادب و دماغها تعبانة.....
ربت عابد علي صدره محاولاً تهدئته
=اهدي مش كده....
ليكمل ملتفاً نحو صدفة
=و انتييلا يا صدفة روحي علي شغك يلا...
ظلت صدفة واقفة في مكانها بتصلب تتطلع باعين متسعة بالخوف نحو راجح الذي كان اشبه بأسد ثائر علي وشك الهجوم عليها بأي لحظه مما جعلها تسرع بفتح الباب و الهرب من امامه سريعاً...
راقب راجح هروبها هذا باعين عاصفة محاولاً التحكم في نفسه وعدم اللحاق بها فهو لا يصدق انها اتهمته تلك التهمة الحقيرة فقد لمس يدها بالخطأ حيث كان منشغلاً بقراءة الاوراق التي كانت بين يده و لم ينتبه الي موضع يدها و بدلاً من امساكه لكوب الشاي امسك يدها....
ابتعد عن والده و جلس بتثاقل علي المقعد و هو يتنفس بعنف لكنه رفع رأسه بحدة فور سماعه كلمات والده الساخرة و القاسية في ذات الوقت
=خلاص...الوسـ.ـاخه اتملكت منك مش عارف تمسك نفسك حتي قدام ابوك...لا و مع مين مع بياعة الطعمية....
قاطعه راجح بحدة و صدمة في ذات الوقت
=وسـ.ـاخة!!..ليه هو انت مصدق ان انا ممكن اعمل حاجة زي دي..
التف عابد حول المكتب و جلس علي مقعده قائلاً بنبرة غليظة حادة يتخللها التهكم
=و مصدقش ليه...مش بيقولك ابن الوز عوام..و انت ابوك كان ايــ......
ثم توقف عن تكملة باقي جملته قائلاً بنبرة ذات مغزي هو يتطلع بحدة نحو راجح الذي تصلب جسده بقسوة فور سماعه كلماته
=ولا مالوش لزوم.....
انتفض راجح واقفاً بينما اخذ جسده يهتز من شده الغضب الذي كان يعصف بداخله هاتفاً بنبره شرسه
=و مالوش لزوم ليه ما تكمل كلامك..زي ما ابويا اغتصب امي مش كده..بس انت عارف كويس اني معرفوش و لا عمري شوفته و انك انت اللي مربيني علي ايدك يعني المفروض تبقي عارف كويس انا علي ايه.......
ليكمل بصوت يملئه الغضب والحسرة
=بس الظاهر انك عمرك ما اعتبرتني ابنك..ولا عمرك عرفتني
انهي راجح كلماته تلك مندفعاً نحو باب الغرفة ينوي المغادره قبل ان يفقد اعصابه و يفعل شئ قد يندم عليه...
لكن اسرع عابد خلفه ممسكاً بذراعه قائلاً بلهفة فور ادراكه فضاحة ما تفوه به.. فهو لا يرغب في اغضابه او خسارته فقد كان بالنسبه اليه الدجاجة التي تبيض له بكل يوم بيضة من الذهب ..
=متزعلش مني يا بني...انت عارف اني مقصدش انا بس اضايقت لما البت دي قالت كده عليك.....
ليكمل وهو يربت علي ظهره بقوة
=بعدين ازاي تقول ان عمري ما اعتبرتك ابني...ده انا واخدك في حضني من و انت لسه حتة لحمه صغيره مكنتش كملت يوم علي وش الدنيا...
ضغط علي كتفه قائلاً بارتباك و توتر محاولاً استمالته و امتصاص غضبه
=ده انت ابني و نور عيني اول فرحه ليا و مسلمك مالي و حالي كله.....
ضغط راجح علي فكيه بقوه وهو يحاول التماسك حتي لا ينفجر ما في صدره من كلمات قد تأذي ولده و تدمر علاقته به الي الابد
ربت عابد علي ظهر راجح عندما ظل الاخير صامتاً قائلاً و علي وجهه ترتسم ابتسامة بينما يوجهه نحو المكتب
=يلا...يلا يا حبيب ابوك..كمل انت شغلك...الشغل كتير و هياخد منك طول الليل...
ليكمل و هو يتجه نحو باب الغرفة يستعد للمغادرة
=و انا هطلع البيت اريحلي شوية..
اومأ راجح برأسه بصمت مراقباً اياه و هو يغادر المكان ليرتمي بتثاقل فوق المقعد فاركاً وجهه بغضب و حدة و فكرة المغادرة و ترك كل شئ تسيطر عليه من جديد....
يرغب بترك هذا المكان و الذهاب لمكان يمكنه البدأ فيه من جديد لكنه لا يستطيع ترك عائلته هكذا خاصة والديه الذين تولوا تربيته و منحه اسمهما عندما كان طفل لقيط عاجز...
فقد ظل طوال طفولته معتقداً بان عابد و إنعام والديه كما كان كل الناس تعتقد ذلك لكن عند بلوغه سن الحاديه عشر اخبره والده في احدي نوبات غضبه المعتاده انهم ليس والديه...ثم عرف منه القصه باكملها بان والده الحقيقي اسمه مأمون كان صديقه المقرب و كان صديقه هذا وحيداً بهذه الحياة لا يوجد له عائلة فلم يكن له سوا عابد الذي كان يعده عائلته الوحيدة..بينما كانت والدته خادمة التي كانت ايضاً بدون عائلة حيث كانت خرجت من دار الايتام حديثاً عندما عملت بمنزل والده كخادمة و في يوم كان والده كعادته سكير حيث كان مدمن كحول قام باغتصاب والدته وبهذا اليوم حملت به والدته وعندما اخبرت مأمون عن نتيجة فعلته انكر فعلته و رفض الزواج بها طارداً اياها مما جعلها تلجأ الي عابد الذي فشل في اقناع صديقه بالزواج منها لكن بعد فترة قليلة توفي مأمون بمرض السرطان الذي كان مصيب به منذ فترة طويلة ولم يكتشفه الا بوقت متأخر بعد ان انتشر بكامل جسده...
ثم توفيت والدته هي الاخري اثناء والدتها اياه فاخذه عابد الذي كان قد مر علي زواجه اكثر من 7 سنوات بدون اطفال
اخذه عابد و زوجته نعمات وغادروا بيتهم حتي لا يعلم احد بانه ليس طفله حيث ظلوا مسافرين باحدي دول الخليج لمدة 5 سنوات ليعودوا بعدها الي حييهم الذي به اقاربهم وجيرانهم الذين صدقوا ان راجح طفلهم بالفعل...
و من وقتها اصبح راجح امام الناس ابن عابد الراوي البكر...
و عندما اصبح راجح بسن السابعة حدثت المعجزة و حملت نعمات زوجت عابد و جلبت له شهد ثم حملت اخري ثم اكرم الله عليها مره اخري مروان ثم انجبت اخيراً هاجر التي الان بالسنة الاخيرة بالثانوية العامة و منذ هذا و بدأت معاملة عابد له تتغير حيث اصبح جافاً في تعامله معه يرمي له بالكلمات عن والده مقارناً اياه به كثيراً...
لكن رغم هذا لم يشتكي راجح ابداً فهو سيظل مدين له طوال حياته بما فعله معه فلولا عطفه عليه لكان لقيط ملقي بالشوارع لا مأوي له...و سيظل هذا الدين برقبته مدي الحياه يدين به لوالديه... خاصة والدته نعمات التي كانت تعشقه حد الجنون مغدقه اياه دائماً بحنانها...
خرج راجح من افكاره تلك علي صوت رنين الهاتف الذي علي مكتبه اجاب بهدوء ليصل اليه صوته والدته
=ايه يا نور عين امك مجتش تتعشا ليه...
تنحنح راجح محاولاً تصفية صوته حتي لا تلاحظ الضيق
=معلش ياما عندي شغل و هسهر في المكتب النهاردة....
قاطعته نعمات بحزم و حده
=شغل...شغل ايه ما يتحرق الشغل
لتكمل بصوت يتخلله الحنان
=صحتك يا ضنايا مش كده...انت من صبحية ربنا شغال هتشتغل كمان الساعتين بتوع بليل اللي بتريح فيهم...
لتكمل هامسة محاولة اغراءه و حثه علي القدوم
=طيب عارف انا عاملالك ايه علي العشا..صنية البطاطس باللحمه اللي بتحبها و حمام محشي كمان...
غمغم راجح هو يمرر عينيه بيأس علي الاوراق المنتشرةعلي مكتبه
=والله ياما ما هينفع....
لكن قاطعته نعمات بصوت صارم
=والله يا راجح ما هحط حاجه في بوقي الا لما تيجي وانت حر بقي خلي سكري يعلي عليا و اتعب انت عــ.....
قاطعها راجح علي الفور و قد ادفأ قلبه حنانها هذا
=خلاص ياما..خلاص انا طالع اهو هقفل المكان بس مع العمال و طالع..
غمغمت نعمات بحماس
=ماشي يا نور عيني....و انا هقوم اجهز العشا تكون خلصت....
اغلق راجح مع والدته ثم نهض يجمع الاوراق ليأخذها معه المنزل ويسهر عليها هناك...
مر بعض الوقت...
فبعد غلقه الهاتف مع ولادته فما ان قرر الذهاب جاءه اتصال هام خاص بالعمل جعله يعاود فتح بعض الاوراق ومناقشتها مع الطرف الاخر...
رفع رأسه عن الاوراق التي امامه عندما سمع الصوت الصاخب لشقيقته الصغري هاجر
=جري ايه...يا راجح كل ده شغل ماما قاعده مستنياك...
اخفض راجح سماعة الهاتف يتطلع اليها بصدمو قائلاً بحده
=ايه اللي جابك في الوقت المتأخر ده و ابويا ازاي سمحلك تنزلي لوحدك.....
قاطعته سريعاً وهي تجلس علي المقعد الذي امامه
=متخفش...ماما وقفتلي في البلكونة اصلها عماله تتصل بيك وانت مشغول......
اشار بيده للهاتف الذي بيده قائلاً
=جالي تليفون مهم...خاليكي قاعده لحد ما اخلص ونطلع سوا...
اومأت برأسها بصمت بينما تشاهده يعاود الحديث علي الهاتف و يولي اهتمامه اليه جلست تعبث ببعض الاشياء الموضوعة علي المكتب عندما رأت مبلغ من المال موضوع بين الاوراق التي فوق المكتب مما جعل عينيها تلتمع بحماس...
اخذت تحاول عدة مرات ان تمد يدها بهدوء محاولة الوصول لها و اخذها لكنها كانت تتراجع باخر لحظه خوفاً من ان يراها شقيقها لكنها عندما وجدته ينهض ويتجه نحو خازنه الاوراق يبحث بين الملفات مولياً ظهره لها نهضت سريعاً خاطفة تلك الاموال و تدسها بجيب بنطالها سريعاً قبل ان تعاود الجلوس بهدوء مرة اخري...
ظلت جالسة بهدوء حتي انهي المكالمة قائلاً
=معلش يا جوجو ذنبتك معايا و زمانك جوعتي هلم الورق ده ونطلع علي طول...
هتفت هاجر تتدلل علي شقيقها كالمعتاد
=اها ونبي يا راجح...بطني خلاص مش قادره...
ضحك راجح بخفه وهو ينهض علي قدميه جامعاً الاوراق المتناثرة بعشوائية علي المكتب..لكنه تذكر بانه قد اخرج من جيبه الف جنيه حتي يعطيها بالغد لحكيم لكي يقوم بسداد فاتورة الكهرباء الخاصة بالمخزن بفقد اخرجها ووضعها علي المكتب قبل قدوم والده مباشرةً..
اخذ يبحث عنها بين الاوراق لكنه لم يجدها بحث علي الارض و بجيبه لكنه عجز عن ايجادها...
راقبت هاجر بتوتر شقيقها وهو يبحث بين الاوراق تصنعت عدم الفهم قائلة
=بتدور علي حاجة...؟!
اجابها راجح وهو يبحث بدرج المكتب
=فلوس فاتورة الكهربا كنت حاططها علي المكتب هنا مش عارف راحت فين.....
لكنه قاطع باقي جملته فور تذكره لصدفة و ما فعلته من اتهامها له بالتحرش بها فبالطبع سرقت تلك الأموال وقامت بصنع هذا المشهد حتي تداري علي فعلتها همس بقسوه من بين اسنانه المطبقه بغضب
=اها يا بنت الكـ..لب يا حرامـ.ـية...
غمغمت هاجر بارتباك وهي تتصنع البحث اسفل المكتب
=بتقول حاجة يا راجح...
هز رأسه نافياً قائلاً بهدوء
=بقولك مش مهم و بكره هبقي اشوفهم...
ليكمل وهو يضع الاوراق بخازنة الملفات قبل ان يلتف حول المكتب ويقف بجانبها
=يلا بينا نطلع..علشان اتأخرنا عليهم
لكن ما انهي جملته حتي عاد الهاتف للرنين وعندما اجاب وجده اتصالاً هام مما جعله ينادي علي احدي العمال امراً اياه بتوصيل شقيقته للمنزل واعداً اياها ان ينهي العمل و يعود للمنزل سريعاً
༺༺༺༺༻༻༻༻
هتفت ام محمد بحدة بينما تراقب صدفة التي كانت منشغلة بصنع شطائر الفلافل للزبائن بوجه متجهم و الغضب يرتسم عليه فمنذ قدومها من وكالة الراوي وهي علي حالتها تلك
=يا بت ريحيني و قوليلي مالك في ايه.....انتي علي الحال ده من وقت ما رجعتي من وكالة الراوي في ايه حصل هناك خالكي قالبه وشك كده.....؟
لتكمل بقلق عندما استمرت في صنع الشطائر بصمت دون ان تجيبها و التجهم لا يزال مرتسم علي وجهها
=طيب الحاج عابد زعقلك او قالك حاجة.....طيب راجح باشا عملك حاجـ......
التفت اليها صدفة فور سماعها اسمه هاتفة بحدة و نفاذ صبر
=بقولك ايه يا ام محمد متجبليش سيرته...انا عفاريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي و مش طايقة نفسي احسن اقسم بالله اقو.....
لكنها قطعت باقي جملتها شاهقة بصدمة عندما قام احدي الاطفال باختطاف مصفاة الزيت التي كانت موضوعة علي الطاولة امامها ثم فر هارباً راكضاً باقصي سرعه لديه و هو يهتف مغيظاً اياها...
=علشان تبقي تاخدي الكورة اللي بنلعب بها و تقطعيها كويس.. ابقي شوفي هتطلعى الطعمية بتاعتك علي ايه...
صرخت صدفة بغضب و هي تنتفض واقفة علي قدميها
=انت ياض يا ابن الحرامية رجع المصفا و الا و ديني هاجي أأكلك الجزمة.....
لكنه تجاهلها و ركض بسرعة اكبر و مصفاة الزيت لازالت بيده مما جعلها تصرخ بشراسة و هي تمسك بطرف عبائتها السوداء و تركض خلفه سريعاً و هي تصرخ
=طيب وحياة امك لأطلع فيك قرفي و غلبي كله انت اللي جبته لنفسك يا ابن الرفدي......
ظل الطفل الذي كان يدعي احمد بالركض وهو يضحك فقد كان معتاد هو و اصدقائه علي إغاظتها بهذا الشكل...
بينما ظلت صدفة تركض خلفه متتبعه اياه بانفس لاهثة منقطعة يقودها غضبها المشتعل...
توقف احمد عن الركض اخيراً حتي يلتقط انفاسه التي انقطعت مراقباً بتسلية صدفة و هي تتقدم نحوه راكضة...
لكن تباطئت خطواتها عندما اصبحت لا تبعد عنه سوا عدة خطوات بسيطة تتقدم نحوه ببطئ حتي لا يفر هارباً مرة اخري
لكن و قبل ان تصل اليه قام بضرب المصفاه بالارض بعنف عدة ضربات حتي تدمرت تماماً ثم القاها نحو صدفة التي توقفت متجمدة بصدمة في مكانها عند رؤيتها لما فعله و قد تسلطت عينيها العاصفة بالغضب علي مصفاتها المدمرة اسفل قدميها..
لكن زاد اشتعال نيران الغضب بداخلها اكثر و اكثر ليصبح كالبركان الثأئر عندما وقف امامها يرقص بحركات بهلوانيه و هو يخرج لها لسانه مغيظاً اياها فلم تشعر بنفسها الا و هي تنحني و تلتقط احدي الاحجار الكبيرة من الارض و تلقيه به و هو تصرخ ساببه اياها بعنف..
لكنها ابتلعت باقي سبابها هذا مطلقة صرخة فازعة فور ان رأت احمد يقفز مبتعداً سريعاً عن مسار الحجر الذي سرعان ما اصاب و اخترق الجدار الزجاجي للمحل الذي كان يقف خلفه ليتهشم علي الفور و تتناثر شظايا زجاجه علي الارض شاهدت صدفة هذا المشهد بانفس منحبسه و قلبها يققز داخل صدرها بعنف و جنون رفعت عينيها المتسعة بالخوف تتفحص المحل الذي تسببت في تدمير وجهته...
لتشهق و هي تلطم وجهها بيديها صارخه بفزع فور ادراكها انه المحل الخاص براجح الراوي..
=يا نهار اسود و منيل عليا وعلي حظي الاسود.....
شاهدت برعب احدي عمال المحل و الذي كان يدعي سيد يخرج من المحل وهو يهتف بغضب بينما يتجه نحوها مشيراً نحو شظايا الزجاج المتناثره علي الارض
=ايه اللي هببتيه ده يا بت انتي ده انتي ليلة امك سودا النهاردة..
تراجعت صدفة الي الخلف عدة خطوات هاتفه بارتباك و قد ارعبها ضخامة مظهره فقد كان ذو طول فارع و جسم ضخم للغاية
=عملت ايه يا خويا...؟!
لتكمل وهي تتصنع البراءة حتي تهرب من تلك المصيبة التي اوقعت نفسها بها
=و انا مالي..انت هتلبسني مصيبة ولا ايه ده انا كنت معديه لقيت الواد احمد ابن سيد العطار ماسك قالب طوب و عايز يحدفه علي ازاز المحل حاولت امنعه بس مقدرتش عليه...عيل قليل الادب روح بقي شوف شغلك معاه هتتشطر عليا و لا ايـ.....
لكنها ابتلعت باقي كلماتها بفزع عندما رأته يتقدم نحوها و علامات الغضب مرتسمة علي وجهه لتكمل سريعاً متصنعة الغضب
=اييييه...في ايه انتـوا...انتوا هترموا بلاكم علي الخلق ولا ايه...بعدين يعني هو ده جزاتي اني حاولت امنع الواد ده حتي.........
قاطعها سيد هاتفاً بصوت قاسي جهور وهو يقبض علي كتف عبائتها من الخلف يجذبها منه و هو يهزها بقوة
=انتي هتستعبطي يا روح امك..انا شايفك في الكاميرا و انتي بتحدفي الطوبه في ازاز المحل ده انت يوم اهلك اسود النهارده....
استولي عليها الخوف فور سماعها كلماته تلك لتدرك انه تم الامساك بها متلبسة و لا يمكنها الإنكار اكثر من ذلك..
انتفضت للخلف نازعه نفسها من قبضته متخذة عدة خطوات للخلف بعيداً عنه لتسرع بنزع نعلها من قدمها و تمسك به بين يدها ملوحه اياه بتهديد امام وجهه الذي كان يرتسم عليه معالم الشر و الغضب و هي تهتف بصوت مرتفع
=وحياة امك ان قربت مني خطوه كمان لأكون منسله الشبشب ده علي جتتك و اصوت و الم عليك الحي كله.....
لتكمل وهي تشير بالنعل الي جسده الضخم
=ايه مستتخن نفسك.. ولا ايه و انت شبه الطور كده...
اندفع سيد نحوها يهم بضربها فور سماعه كلماتها المهينه تلك لكنه توقف في مكانه مرة اخري محاولاً السيطرة علي غضبه فور تذكره ما سيحدث له من راجح الراوي اذا علم بانه قام بضرب امرأه فسوف يقتله...
هتف بها بحده وهو يشير نحو الزجاج
=هتتدفعي تمن الازاز ده ولا اخدك واطلع بيكي علي القسم و هما هناك يربوكي بمعرفتهم....
قاطعته صدفة بغضب وهي لازالت ممسكه بنعلها بيدها كما لو كان طوق نجاتها
=هدفع..هدفع جيتك ستين نيله عليك و علي اللي مشغلك صحيح تنح زيه......
لتكمل بتأفف و حده
=تمنه كام الهباب ده؟!
اجابها سيد و هو يعقد ذراعيه اسفل صدره بتحدي
=الف جنيه....و لمي لسانك بدل ما اجبلك اللي مشغلني يعرفك مقامك....
شهقت بحده وهي تهتف بفزع ضاربه بيدها علي صدرها
=الف ايه ...الف عفريت لما ينططوك يا حرامي يا نصاب الف جنيه ليه كان ازاز البيت الابيض.....و هات اللي مشغلك و وريني هيعمل ايه...
قاطعها سيد بغضب و وجه متصلب بقسوة و قد بدأ صبره ينفذ
=ما تلمي نفسك بقي يا بت انتي انا ساكتلك من الصبح و ماسك نفسي بالعافية و انجزي هتدفعي ولا اخدك علي القسم و نخلص.......
غمغمت بحنق و هي تدير ظهرها له حتي تخرج حافظة الاموال التي تخبئها بصدرها مخرجة فلوس الجمعية التي اعطتها اياها ام كريم بالصباح..
=هدفع ...هدفع حسبي الله ونعمة الوكيل فيكوا....عالم مفترية...
ثم مدت يدها اليه بالمال وهي تغمغم بغضب
=امسك حار و نار في جتتكوا يا بُعده تصرفوهم علي علاجكوا ان شالله.......
ولكن عندما تحرك لأخذ المال منها تصلب مكانه فجأة عندما اتى صوت راجح الراوي العاصف من خلفه
=انت بتعمل ايه عندك ؟؟
اهتز جسد سيد بعنف كما لو ضربته صاعقه و قد ارتسم معالم الارتعاب على وجهه الذي احتقن بشده مدركاً انه تم الامساك به متلبساً ..
غمغم بارتباك بينما يلتف خلفه ليجد راجح الراوى يقف خلفه مباشرة بوجه مشتد بالقسوة و الغضب...
=ابداً يا راجح باشا.....
ليكمل سريعاً بارتباك محاولاً تبرير ما يفعله
=ده البت صدفة كسرت ازاز المحل و كنت باخد منها تمنه علشان نصلحـ.......
قاطعه راجح بقسوة و حده بينما يقبض علي مقدمة قميصه يهز جسده بعنف
=و احنا من امتي بنقبل العوض يالاا علشان تاخد منها فلوس....
اخفض سيد وجهه عالماً بان راجح الراوي لن يمر هذا الأمر مرار الكرام فقد كان يعلم بانه لن يقبل بهذا المال لذا كان ينوي بأخذه لنفسه انتفض في مكانه في فزع فور ان عصف راجح بغضب و هو يدفعه للخلف بقوة جعلته يسقط علي الارض
=غور من وشي ...و حسابنا بعدين........
نهض سيد علي قدميه المرتجفة ليفر هارباً من امامه سريعاً مختفياً داخل المحل بينما اقتربت صدفة من راجح وهي لا زالت تدفع المال نحوه مغمغمة بحدة رغم الخوف الذي يعصف بداخلها منه فهذه حالتها كلما رأته امامها خاصة بعد ما فعله معها بالصباح..
=بتقبلوا عوض ولا مبتقبلوش ماليش فيه انا كسرت حاجة و هدفع تمنها امسك فلوسكوا اهها....
تسلطت عينين راجح بقسوة علي المال الذي بيدها قبل ان تستقر علي وجهها مرمقاً اياها بنظرة جعلت الدماء تجف بعروقها
=خدي يا بت الملاليم اللي في ايدك دي و غوري من هنا....
شهقت صارخه بغضب واضعه يديها حول خصرها
=ملااااا....ايه يا عينيا..
لتكمل وهي تشير امام وجهه بالمال الذي بيدها
=دي الف جنيه ....يعني جنيه ينطح جنيه قال ملاليم قال.....
قاطعها راجح و هو يجز علي اسنانه بقسوة محاولاً السيطرة علي الغضب الذي يشتعل بداخله بكل مره يراها بها و الذي لا يعلم سببه حتي الان
=قولتلك خدي فلوسك و غوري من وشي..و اقصري الشر احسنلك
حاولت صدفة عدم اظهار خوفها من الغضب الذي يلتمع بعينيه متصنعه الجراءة
=مش قبل ما تاخد الفلوس....
زمجر راجح من بين اسنانه وقد اوشك علي ان يفقد السيطرة علي غضبه
=قولت مبنقبلش العوض خصوصاً من واحده ست.........
ليكمل بنبره يتخللها الاهانة و نظراته تمر ببطئ عليها من اعلي لأسفل بنظرات تملئها الاحتقار
=و خصوصاً لو الواحدة دي زيك......
وقفت صدفة تطلع اليه بصدمة من اهانته تلك و جسدها يهتز بقوة و قد تحول الخوف الذي كان بداخلها الي غضب اعمي..
تنفست بقوة محاولة السيطرة علي رغبتها في الاندفاع نحوه و تمزيق وجهه المتغطرس هذا باظافرها...
لتنجح بالنهاية برسم ابتسامة واسعة علي شفتيها بينما تتخذ عدة خطوات الي الخلف بعيداً عنه حتي تضع مسافة امنة بينهم وهي تومأ برأسها ببطئ
=قولتلي... مبتقبلش العوض...
خصوصاً لو من واحدة زيي مش كدة
لتكمل وهي تنحني سريعاً ملتقطة من الارض حجر كبير وهي تهتفت بصوت حاد لازع
=طيب متقبلش العوض علي ده كمان.....
انهت جملتها تلك ملقية الحجر نحو الجدار الزجاجي الاخر للمحل ليتهشم علي الفور و يتناثر علي الارض محدثاً ضجه مرتفعة وقفت تتطلع الي الزجاج المتهشم و هي تبتسم برضا لكن ماتت ابتسامتها تلك ليحل مكانها الرعب فور رؤيتها لراجح الراوي يندفع نحوها و هو يزمجر بشراسة و علي وجهه تعبير مظلم بث الرعب بداخلها مما جعلها تفر راكضة من امامه و هي تصرخ فازعة......
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية مقيد باكاذيبها" اضغط على أسم الرواية