Ads by Google X

رواية المعلم الفصل العشرون 20 بقلم تسنيم المرشدي

الصفحة الرئيسية

   رواية المعلم الفصل العشرون بقلم تسنيم المرشدي

رواية المعلم الفصل العشرون 

بصراحة أنا بطمن عليكي حاسة اني السبب واني لهيتك بأسئلتي انتي كويسة صح وجوزك تمام معاكي ؟
_ أردفت بهم هالة متوجسة خيفة خشية أن تكون السبب في خلق شجار بين عنود وزوجها ،

_ ابتسمت عنود لاهتمامها وقالت لتُطَمئِنهَا :-
_ أنا الحمد لله كويسة مفيش حاجة حصلت ، وبعدين الكلام خدنا يعني مش انتي السبب ولا حاجة

_ زفرت هالة أنفاسها ببعض الراحة ثم قالت مستاءة :-
_ طيب ما تشوفي لنا أخو جوزك يمكن يكون الدكتور بتاع المحاضرة اللي فاتتنا دي نفسه الدكتور بتاعه ، ننقل أي حاجة بدل ما نضيع من تاني يوم !

_ سحبت عنود نفساً عميق وأردفت بضيق فهي لا تريد الاحتكاك بـ يحيي قدر الإمكان :-
_ طيب ثواني هسأله بس هو الدكتور أصلا إسمه ايه انا مش فاكرة ؟

_ شردت هالة لبرهة ومن ثم أسرعت بالحديث قبل أن يُمحي إسمه من ذاكرتها قائلا :-
_ أحمد عبد الحميد

_ أبعدت عنود الهاتف من علي أذنها ثم نادت بصوت مرتفع رقيق :-
_ يحيي

_ أنتبهت جميع حواس يحيي لصوتها الأنثوي الذي أسرع بـتلبية نداه وقال وهو يقف أمامها :-
_ نعم ؟

_ سألته بتلقائية عابثة ولم تلاحظ عيون ريان التي يشعلها الغيرة :-
_ دكتور أحمد عبد الحميد دخل عندكم ؟

_ أجابها يحيي عندما فهم ما ترمي إليه قائلا بتريث :-
_ لا للأسف

_ انطفئ وميض عينيها وشحب وجهها الذي كساه الحزن ، فهي لم تُقسم علي التلاعب بـ حلمها بل حسمت أمرها علي بذل كل مافي جُهدها فقط لكي تحظي بلقب ' مهندسة ' قبل إسمها ،

_ ابتسم يحيي وأسرع بالقول :-
_ بس معايا المحاضرة اللي فاتت حضرتك جبتها من زياد زميلي معاكي في المدرج ،

_ اتسعي ثغرها بسعادة وعاد وجهها لحيويته كما كان وقالت ممتنة :-
_ You are great, thank you with all my heart ( يحيي انت عظيم ، شكراً من كل قلبي )

_ إلتمعت عيناه بوميض الحُب ، دقت طبول السعادة قلبه فقط لأنها تحدثت معه دون هجوم حتي وإن كان الحديث عابر وبعيداً عنه ،

_ اقترب ريان مسرعاً وتعمد وضع ذراعه علي كتف عنود كإثبات بمكلتيها وسئلهم بفضول :-
_ في حاجة يا شباب ؟

_ رفعت عنود رأسها بعفوية منها واجابته بعبثية :-
_ يحيي جابلي المحاضرة اللي فاتتني وكنت بشكره ،

_ عاودت النظر إلي يحيي مرة أخري وقالت :-
_ ممكن تديني انقلها عشان أبعتها لـ هالة صحبتي !

_ ' هالة صحبتك خلِلِت هنا '
_ قالتها هالة بفتور بينما تفاجئت عنود أنها نسيتها تماماً وأعادت وضع الهاتف علي أذنها قائلة بضحكات مرتفعة :-
_ sory انا نسيتك خالص

_ لم تنتبه لأعينهم التي تتابع ابتسامتها بسعادة ،و أغلقت الهاتف وولجت داخل غرفة يحيي ومكثت بمفردها علي مكتب يحيي الخاص تُدون المحاضرة الفائتة ، وقف ريان أمام الغرفة مستند بمرفقه علي الباب ، يتابعها في صمت ، يخفق قلبه بشده علي الرغم من عدم انتباها له ، كأن وجودها هو من يتحكم في نبضاته كما أخبره خالد سابقاً ..!

_ ابتسم وسار بتمهل بالقرب منها حتي وصل إليها وسحب مقعد وجلس مقابلها ولازالت ابتسامته تغزو شفتاه ،

_ رفعت رأسها عليه وبادلته ابتسامة خجولة وأردفت متسائلة :-
_ You need something

_ هزت عنود راسها بإنكار بسبب التصاق اللغة الأجنبية في لسانها بإستمرار وأردفت موضحة :-
_ محتاج حاجة ؟

_ محتاجك!
_ أردف بها ريان بداخله وتمني لو يفصح بها ، لكن كيف ؟ لم يسبق له مصارحة أحدهم بمشاعره ناهيك عن عدم شعوره بتلك المشاعر من قبل لكنه يود أن يُصرح بكونها هزت كيانه ، خارت قواه بين يديها الصغيرتين ، لكن لم يكن الأمر هين كما توقع لابد من أمر يترك أثر قوي حتي يصرح بما يختبئ بقلبه ،

_ تعجبت عنود من صمته كما أنه تاه في تقاسيمها ولم يلاحظ تعابيرها المتعجبة من أمره ، رفعت عنود يدها بالقرب من وجهه فأسرع ريان بجذبها بين أسنانه وقطمها برفق كأنها قطعة حلوي ،

_ صرخت عنود بـ أنات موجوعة بينما تعالت ضحكات ريان علي ما اقترفه دون وعي منه ،

_ سحبت عنود يدها سريعاً وقالت معاتبة :-
_ ليه كده ؟

_ رسم ريان الجدية علي وجهه وعدل من ياقة قميصه وقال بتريث :-
_ مِلكي وانا حُر فيه !

_ رفعت عنود إحدي حاجبيها مستنكرة ما فعله وما قاله بثقة عمياء لم يسبق لها وأن رأته يتحدث بغرور هكذا ، نهضت واقتربت منه ، أجبرت جسدها علي الانحناء لتكون بمستوي رأسه ونظرت إليه لبرهة حتي انجرف هو مع عينيها فانقضت علي يده بعد تأكدها بعدم انتباهُ لما ستفعله به ، أخذت ذراعه بين أسنانها بوحشية رقيقة كـرقتها ، ومن ثم ابتعدت عنه وابتسمت بنصر متمتمة بغرور :-
_ مِلكي وانا حُرة !

_ ابتعدت عدة خطوات فتفاجئت بذراعها بين قبضتيه ، جذبها ريان إليه وهمس أمام شفتاها :-
_ طيب طلاما انتي مِلكي وأنا حر فيكي فـ انتي اللي جبتيه لنفسك ..!

_ ابتلعت ريقها مراراً ، فهذا الوضع يربكها كثيراً ، ازداد خفقان قلبها بمعدل مُضاعف ، وحاولت التملص من بين يديه لكنه أبي وشد علي خِصرها لكي لا تستطيع الهرب ،

_ إلتوي ثغره علي الجانب مُشكلاً ابتسامة وأردف بغرور :-
_ الأسد قلب قطة ليه كده ؟

_ جمعت عنود قواها ورفعت بندقيتاها عليه فشعرت بالتوتر يعصف بخلاياها ، شعرت بأنفاسه الحارة تضرب وجهها ولم تستطع تحمل هذا الوضع أكثر ، أوصدت عينيها وأردفت متسائلة بتلعثم :-
_ انت عايز ايه ؟

_ ازداد ثغر ريان اتساعاً ثم عض على شفته وأردف بخبث :-
_ عايزك !

_ فتحت عيناها بمفاجأة وأردفت بلا وعي :-
_ ها..

_ آراد يحيي أن ينفرد بها قليلا دون وجود أحدهم ، لكنه تفاجئ بوجود ريان معها ناهيك عن وضعهم الحميمي ، تشنجت عروق يده وسحق أسنانه بغضب ، كور يده وضرب بعنف علي الحائط ، أنتبه كليهما لصوته حيث تراجعت عنود إلي الخلف بخجل صريح بينما لم تهتز خُصلة لريان وردد بإبتسامة :-
_ تعالي يا يحيي ..

_ ولج يحيي الي الداخل ووجه حديثه إلي عنود مباشرة :-
_ خلصتي ؟

_ ابتلعت ريقها بخجل واجابته وهي ولازال بصرها مُثبت علي دفترها :-
_ لأ لسه ، ممكن أخده معايا أنقله في البيت فوق ؟

_ أماء يحيي رأسه بالايجاب ثم شكرته عنود وهربت الي الخارج مهرولة دون أن تنظر لكليهما ، هرول ريان خلفها وكان قد أنهي الجميع طعامهم ، همت عنود بمساعدة هاجر في رفع الصحون عن الطاولة ووضعها في المطبخ ، لم تسمح لها هاجر بغسل الصحون وبعد محاولات كثيرة بائت بالفشل من قبل عنود قررت أن تقف معها وتتسايران بالحديث ،

_ لم يشعر أحد بهاتين اللتان يحترقا من الداخل ، تأكل الغيرة قلوبهم بل وتنهش النيران احشائهم وخصيصاً رنا التي تقف في المنتصف لا تطول السماء ولا حتي الأرض لقد دعس عليها ريان وانزلها لسابع أرض بزيجته من تلك الفتاة ،

_ شعرت بالاختناق وهي تشاهده يسير في حياته دون أن يكترث لها ، والآحر الذي يؤلمها أنه بات رجلاً آخر غير الذي أحيت علي حبه ، حتماً ستنفجر إن لم تختفي من بينهم الآن ،

_ نهضت بغضب عارم وكادت أن تولج داخل غرفتها لكن استوقفتها فكرة شيطانية أرادت فعلها ، حسناً ايتها الصغيرة سأقتلع عينيك لطلاما فشلت في اقتلاع زوجك ، مررت بصرها سريعاً علي الجميع واستغلت انشغالهم في الحديث واقتربت من عنود بخطي متريثة مُشكلة ابتسامة خبيثة علي محياها وقالت بود زائف وهي تتحس عُقدها بيدها :-
_ الله إيه العقد الجميل ده ، رقيق زيك !

_ حاوطت العُقد بأناملها ومن ثم جذبته للامام بكل ما أوتيت من قوة فتناثرت حباته علي الأرض ،

_ تفاجئت عنود بتصرفها ورمقتها بعدم تصديق وقد ترقرت الدموع في عينيها وهي لازالت ترمقها بذهول ، بينما اقتربت منهم هاجر وأردفت معاتبة :-
_ ليه كده يا رنا ؟

_ تصنعت رنا الحزن وارتدت قناع البرائة وأردفت بندم زائف :-
_ غصب عني مكنش قصدي اقطعه !

_ هزت هاجر رأسها في إنكار لتصرفاتها المبهمة تجاه عنود التي لا تفهم أسبابها بعد ونظرت إلي عنود بآسي :-
_ معلش يا عنود هي مكنتش تقصد ..

_ لم يروق لريان تلك المهمات الجانبية وخصيصاً وجود تلك الافعي التي تقف بجوار صغيرته ،

_ وعندما فشل أن يستشف ما يحدث بالمطبخ قرر الولوج ومعرفة ما يفعلاه بنفسه ، انسدلت بعض القطرات علي مقلتي عنود لترمقها رنا بنظرات احتقارية كما أبتسمت لها بخبث ومن ثم دلفت للخارج أثناء ولوج ريان للداخل ،

_ اتسعت مقلتي ريان عندما رآها تبكي ، أسرع نحوها وحاوط ذراعيها بيده متسائلا بإهتمام :-
_ في ايه مالك ؟

_ رفعت عنود بندقيتاها عليه ولم تستطيع أن تتحدث ، فقط اكتفت بنظراتها التي أوقعت به أرضاً ، تدخلت هاجر موضحة حقيقة الأمر :-
_رنا قطعت العُقد بتاعها من غير قصد !

_ عاود ريان ببصره إلي عنود ثم بحث بعيناه علي الأرض عن آثار العُقد ، وعندما وقع بصره علي حبات اللؤلؤ انحني بجسده ليجمع حباته بالكامل

_ تفاجئت هاجر من فعلته كما صعقت رنا التي كانت تراقبهم من علي بُعد ، بينما وقفت عنود في حالة من الذهول لفعلته التي خفق لها قلبها ،

_ كم هو رجلاً حنون وكلما مرت الأيام تكتشف به شى جديدة وتصرفات سامية تحثها علي الاعجاب به ،

_ دلف ريان الي الخارج وهو يحبو علي ركبتيه أسفل أنظار الجميع المُسلطة عليه ، نهض علي متسائلاً بإهتمام ربما يمد يد العون له أن تطلب الأمر :-
_ في حاجة ضايعة منك يابني ؟

_ أجابه ريان دون أن ينظر إليه :-
_ بدور علي الخرز اللي وقع من العقد ده

_ تبادلا الجميع أنظارهم بذهول شديد ألجم ألسنتهم ، كما اتسعت حدقتي دينا بصدمة قد تلقتها لتوها ، أهو يجمع حبات العقد لها ؟ أهي حقاً تري رجُلها ذو الأربع وثلاثون عاماً يحبو علي ركبتيه ليجمع حبات من اللؤلؤ !

_ ازدردت ريقها بمرارة وهبت واقفة بإندفاع ثم هرولت مسرعة الي الخارج ، تابعتها والدتها وشقيقتها بعد أن استأذنَ من الجميع ..

_ اقترب علي من ريان وانحني بجسده يساعده في جمع حبات اللؤلؤ لكي لا يتركه بمفرده في هذا الوضع المخجل ، انتهي ريان مما يفعله ثم نهض وعاد الي عنود مُشكلاً إبتسامة عريضة علي ثغره وقام بفتح يديها ووضعهم بها،

_ بادلته عنود نظرات مُمتنة لا شئ يصف مشاعرها في تلك الأثناء ، لو يسمح المكان لعانقته من أعماق قلبها بقوة ، ابتسمت له وقالت ممتنة :-
_ شكرا

_ أسبل عينيه لبرهة يكتشف ثغر جديدة بها أو ربما حان وقتها الآن ، بينما كانت تطالعهم هاجر من داخل المطبخ وعلي زوجها من خارجه حتي انفجرا كليهما ضاحكين لكونهما العزول بين عصفورين الحُب هذان !

_ نظرت عنود الي الأرض بإستحياء شديد بينما رمقهما ريان بغيظ ، وضعت هاجر يدها علي فمها في محاولة منها علي كتم ضحكاتها بينما ركض علي للخارج ولازال يقهقه عالياً ،

_ طرقت رنا باب غرفتها بعنف بعدما اكتفت من تلك الرومانسية التي تراه عليها للمرة الأولي ، كما تأفف يحيي بغضب عارم واستاذن بحجة موعد سابق بينه وبين صديقاً له ..

_ ارتفع صوت بكاء الصغير فتمتمت هاجر بتذمر :-
_ يووه يا سليم انتي لحقت تنام

_ غادرت المطبخ قاصدة غرفة يحيي التي يقطن بها صغيرها ، سحبت عنود يديها وهرولت مسرعة خلف هاجر لتخفي حرجها من الجميع ، جلست علي طرف الفراش بينما جلست هاجر في منتصف الفراش وشرعت في إرضاع الصغير ،

_ مرت دقائق لم يصدر لأحدهم صوت سوي بعض الهمهمات الغير مفهومة التي يصدرها الصغير من حين لآخر ، سحبت هاجر نفساً وأردفت بعد تردد طال لوقت :-
_ في الأول مكنتش طيقاكي

_ رفعت عنود بندقيتاها عليها بصدمة فاسرعت هاجر في حديثها موضحة قصدها :-
_ بس بعد كده حسيتك طيبة ، مش هنكر اني كنت مضايقة من دخولك حياة ريان لأنك السبب في تخريب حياته الهادية اللي عاشها لاكتر من خمس سنين ومحدش سمع مشكلة واحدة ليهم ،

_ ازدردت عنود ريقها وقد إلتمعت عيناها بحزن وألم ، كلماتها فظة لكنها حقيقية وهي علي علم بها لكن لم تصرح لنفسها بما قالته حتي نسيته تماماً وباتت تُكمل في علاقة مبنية علي تخريب علاقة أخري ،

_ لم تتحمل لأكثر وجهشت في البكاء ، تفاجئت هاجر من بكائها الشديد وندمت لوهلة علي عدم تنقيتها لكلماتها بعناية ، اقتربت منها وربتت علي يدها بندم شديد وأردفت مبررة :-
_ أنا مش قصدي والله انا كنت هقولك اني حبيتك وخصوصاً أن ريان بقا انسان تاني غير اللي اعرفه ،

_ رفعت عنود عيناها عليها ولازالت تنسدل منهم الدموع فواصلت هاجر حديثها مُشكلة ابتسامة علي محياها :-
_ بابا قالي قبل كده أن ريان جامد في أسلوبه ومشاعره وبصراحة مكنتش مقتنعة لأنه عمره ما اشتكي ولا حسينا أنه زعلان بس تحوله المفاجئ ده فاجئنا كلنا وصدقت فعلا كلام بابا ، انتي عملتي فيه إيه يا سوسة ؟

_ قطبت عنود جبينها عندما لم تفهم معني كلماتها وتسائلت بفضول وهي تمسح قطرات عينيها بأناملها :-
_ يعني ايه سوسة ؟

_ انفجرت هاجر ضاحكة وأردفت بمزاح :-
_ ممم سوسة يعني ... سوسة ! مش لاقية معني شبيه ليها بس هي حاجة حلوة يعني

_ ابتسمت عنود لها برقة ثم اخفضت بصرها علي الصغير الذي يركل بقدمه ويحاول إثارة انتباها بشتي الطرق ، ازادات ابتسامتهاسعادة وحملته بين ذراعيها وظلت تداعبه وتهدهده بحب حتي انجرفت معه ولم تشعر بما يدور حولها ..

_ دلفت هاجر للخارج واقتربت من أريكة ريان وجلست علي حافتها ، اخفضت رأسها لتكون بمستوي أذنه وأردفت هامسة :-
_ انا خرجت أهو عارفة انك قاعد علي نار عشان تدخل لها ،

_ نظر إليها ريان بعدم تصديق فانفجرت هي ضاحكة علي نظراته اليها وأسرعت خُطاها وجلست بجوار علي محتمية به ، ضيق ريان عينيه واردف :-
_ كده مش هعرف اوصلك يعني !

_ أسندت هاجر رأسها علي صدر علي وحاوطته بذراعها وقالت بثقة :-
_ علي حبيبي مش هيخليك تعملي حاجة ؟

_ مرر علي بصره بينهم بتعجب وأردف متسائلاً بإهتمام :-
_ في ايه ؟

_ ضحكت هاجر وقالت مازحة :-
_ مفيش بقوله الجو...

_ أسرع ريان نحوها ووضع يده علي فمها وأردف محذراً :-
_ اياكي تنطقي بكلمة !

_ أماءت رأسها بطاعة ومن ثم ولج ريان الي الغرفة واوصد الباب خلفه ، انتبهت له عنود وابتسمت بخجل وعاودت مداعبة الصغير ، جلس ريان مقابلها مباشرةً وأمسك بيدها التي تحتضن يد الصغير وأردف :-
_ بتعملي ايه ؟

_ ازدادت نبضاتها أثر احتضانه ليدها و أجابته بحياء وهي تنظر إلي الصغير :-
_ بلاعب سليم ..

_ شد ريان علي يدها وبعد تردد طال لبرهة أردف حديثه دفعة واحدة وهو يحك ذقنه براحة يده :-
_ ايه النظرة اللي بصيتهالي وانا داخل من الباب مع دينا دي ؟

_ اهتزت عنود قليلا وتراجعت للخلف ساحبة يدها من بين قبضته ، كما جابت الغرفة بعينيها في محاولة تخفيف شعور الارتباك الذي تملك منها حينها ، سحبت نفساً عميق واجابته بهدوء :-
_ It's a normal look نظرة عادية يعني !

_ كم تمني لو تفصح عن غيرتها التي شعر بها حينها لكن كيف وهو نفسه لم يصرح بمشاعره أو بما يحدث له في وجودها ، تنهد بيأس وسئلها مرة أخري بشموخ :-
_ انتي ليه عيطتي لما العُقد اتقطع الموضوع مش مستاهل عياط يعني كان ممكن اجيبلك أحسن منه !

_ إلتوي ثغرها إبتسامة باهتة واجابته بنبرة موضحة سبب حزنها :-
_ أنا بحب الهدايا اللي بيكون فيها مجهود وخصوصاً لو مجهود ذاتي ، الحاجات البسيطة اللي بتتعملي مخصوص ليها معزة خاصة في قلبي بفرح بيهم جدا ، تخيل كده حد ياخد من يومه وقت عشان يعملك حاجة ويفرحك بيها ، علي عكس شخص تاني ممكن يروح يشتري هدية بسعر عالي بس اشتراها بسرعة عشان مش فاضي ومعندوش استعداد يفضي وقت صغير عشانك ، الأول منتهي الحب عشان كده انا بعز اي حد يعملي حاجة بإيده ومخصوصة ليا ، ودي هالة صحبتي اللي عملتهالي وكنت فرحانة بيها اوي ولما اتقطعت اضايقت وانا لما بضايق لازم اعيط عشان ميحصلش اللي شوفته قبل كده !

_ هز ريان رأسه بتفهم ثم ردد بمكر :-
_ يعني اي حاجة فيها مجهود بتحبيها !

_ أماءت رأسها واجابته بعفوية :-
_ أكيد ..

_ اتسع ثغره مُشكلاً إبتسامة واقترب شفتاها وهمس أمامهم :-
_ دي بقا مجهود صعب اوي ياريت تقدريه !

_ ازدردت ريقها بصعوبة واوصدت عينيها استعداداً لتلك العاصفة التي ستغرق بين طياتها من خلفه ، لا يرأف بعذرية مشاعرها التي تخوضها حديثاً ، بل ويتفنن في وقاحته في كل مرة يقترب منها ،

_ لم يلمس ريان شفتاها بعد وتفاجئ بركلات قدم سليم على بطنه ، أخفض بصره عليه وأردف بتذمر :-
_ انت بتقطع عليا ياض ..

_ اقترب منه وظل يدغدغه بمرح ، شاركتهم عنود اللعب وتعالت ضحكات ثلاثتهم حتي جاء علي أثرِها جميع من بالمنزل ، استند علي بمرفقه علي الباب وضم هاجر بحنو إلي حضنه كما وقف هاني بجوارهم يرمق رنا بإفتقاد بينما سبقته هي في خطاها ووقفت تشاهدهم ببغض شديد ،

_ حمحم هاني وقال مقاطعاً تلك اللحظات الحميمية :-
_ غريبة يا ريان انك قاعد الفترة دي كلها ومنزلتش الشغل !

_ سحب ريان نفساً استعداداً للمعركة الجدالية التي سيخوضها معه بعد أن يخبره بنقل ملكية أملاكه الي صديقه ،

_ اعتدل في جلسته وأردف بهدوء :-
_ آه ما انا عملت توكيل لخالد عشان ارتاح أنا شوية ..

_ صعق الجميع مما ألقاه ريان لتوه علي مسامعهم ، أجبر هاني رنا علي التنحي جانباً لكي يمر ويصل إلي ريان متمتماً بعدم تصديق :-
_ توكيل لخالد !

_ سحب ريان أكبر قدر من الأكسجين ونهض ليقف قبالته وأردف بحدة :-
_ من حكم في ماله ما ظلم ولا ايه ؟

_ تجمدت تعابير هاني ونظر له شزراً ثم اردف من بين أسنانه المتلاحمة وصاح به :-
_ أخوك الكبير كان أولي من واحد غريب منعرفوش !

_ وضع ريان يديه في منتصف خِصره وأطلق ضحكاته بسخرية :-
_ الغريب اللي بتتكلم عنه ده هو اللي وقف جنبي في وقت ما كنت انت بتدرس علي قفايا كنت بتتمرمغ في شقايا وانا طالعة عيني ولا كنت بنام ولا باكل ولا بشرب عشان اكفي مطالبكم يا اخويا يا كبير ,
الغريب ده شايل الشغل كله فوق اكتافه رغم أنه مسؤل عن معرض واحد بس ، هو اللي بيجري وقت ما تحصل مشكله عشان يشيل الحِمل من عليا شوية ،
الغريب ده بيسيب بيته وعياله ويسافر عشان شغلي أنا ، الغريب ده اللي بيسهر لنص الليل وقت ما اكون مكروب ومش بيسيبني غير لما حالتي تتحسن ، أعتقد يعني الغريب اللي منعرفوش ده أحق أنه يتعمله توكيل وقت ما انا أحتاج أخد هُدنة شوية من الحـمل اللي عليا يا أخويا يا كبير !

_ انهى حديثه ثم رمقه بغضب شديد ثم أولاه ظهره واقترب من عنود جذبها من يديها وغادر المنزل قبل أن يثور علي الجميع ويندم بالاخير ،

_ وقف أمام شقته يزفر أنفاسه بضجر بائن لاحظته عنود ، كم شعرت بالاسي حياله كم هم أناس أنانيون بضمائرهم قبل عقولهم ، لا أحد يشفق عليه لا احد يحمل ولو القليل من الامتنان له ، لا يوجد في قلوبهم سوي البغض والحقد ، لا يشعرون بمعاناته التي استشفتها هي منذ اللحظة الأولي معه ، فكيف لا يرون هم ذلك ؟ يرون بأعينهم لكن يوصدون قلبوهم حتي لا تُأنبهم ضمائرهم ..

_ تنهد ريان وحك وجنته بخفة وأردف :-
_ ادخلي انتي وانا هخلص كام حاجة ورايا واطلع ، خلصي مذاكرتك علي لما اجي ..

_ أولاها ظهره بعدما أنهي جملته وجر قديمه أمامه بشعور من الخذلان ، بينما نادت عليه بصوتها الأنثوي الرقيق قائلة :-
_ ريان

_ أبتسم ريان بعفوية واستدار نحوها فركضت هي نحوه واحتضنت يده بحب وأردفت :-
_ متزعلش ..

_ ابتسم لها ريان ووضع يده علي وجهها يتلمسه برفق وقال :-
_ ينفع أزعل وحضنك موجود ؟

_ دقت اسارير السعادة قلبها بعد جُملته تلك ومالت برأسها بحنو علي راحة يده واوصدت عينيها تستمتع بشعور الأمان الذي تغلغل بداخلها ، ابتسم ريان لفعلتها واقترب منها ووضع قُبله علي وجنتها ، رفعت بندقيتاها عليه فأسرع هو بالقول :-
_ يلا ادخلي وانا مش هتاخر

_ اومأت رأسها بطاعة ومن ثم ولجت للداخل بينما هبط هو للتحدث مع دينا كما وعدها ،
_ طرق الباب قبل ولوجه للداخل ، تفاجئ بوالدة دينا وشقيقتها مستعدين للمغادرة ، قطب جبينه بغرابة وأردف متسائلا بإهتمام :-
_ خير يا جماعة رايحين فين ؟

_ أجابته والدة دينا بنبرة طيبة :-
_ كفاية كده يابني إحنا بقالنا كتير هنا وبعدين دينا بقت احسن وتقدر تعتمد علي نفسها وعليك ولا ايه ؟

_ أبتسم ريان بتهكم واجابها قائلا :-
_ اه طبعا دي في عنيا

_ أبتسمت فاطمة وشعرت بالراحة وقالت بحُب :-
_ تسلم عيونك يا ابني ، يلا إحنا هنمشي بقا ..

_ رفض ريان ذهابها بمفردها وآمر يحيي
بتوصليهم بسيارته الخاصة ، وبعد حوالي خمسة عشر دقيقة بات المنزل خالياً الا من ريان ودينا وصغيرته التي غفت علي فراشها باكراً ،

_ سحب نفساً وولج داخل غرفته حيث تستلقي دينا علي فراشها بتعب ، سار نحوها بخطي متريثة وجلس مقابلها علي الفراش ، حمحم ثم بدأ حديثه الذي يود قوله من فترة :-
_ انتي عايزة ايه يا دينا عشان تكوني مرتاحة ؟

_ رفعت عينيها عليه بغرابة من سؤاله ثم أجابته قائلة :-
_ حياتنا ترجع زي الاول !

_ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة باهتة واردف بفتور :-
_ ولو أنا قولتلك أن حياتنا اللي فاتت دي مكنتش مرتاح فيها هتكوني لسه عايزاها ترجع تاني ؟

_ عقدت ما بين حاجبيها لحديثه اللاذع الذي لا يرحم مشاعرها وتسائلت بتوجس من إجابته :-
_ انت مكنتش مرتاح معايا يا ريان ؟

_ أماء ريان بإنكار لتفكيرها وأسرع بالقول قبل أن تسوء فهمه :-
_ لا خالص مش ده قصدي ، بس انا مكنتش شايف اني محتاج لحاجة وبصراحة اكتشفت اني محتاج كتير اوي وحقي زي ما عشت حياتي كلها ليكم اعيشها لنفسي شوية ودي مش أنانية علي فكرة ده حقي !

_ إلتمعت عينا دينا بالدموع وضغطت علي شفتاها بألم فتابع ريان حديثه موضحاً :-
_ بصي يا دينا أنا مش زي اي راجل هقولك انتي حرمتيني من حقي الشرعي في اني اطلع بيتي الاقي مراتي لابسة ومتشيكة عشاني ، بدلعني زي أي زوج ، مش مهتمة بنفسها خالص ولا بتسيب شعرها وغيره كتير ، انا عمري ما بصيت علي الشكليات دي ومازلت عمري ما هبص عليها ، بس انتي عمرك ما طبطبتي عليا وقت ما الدنيا بتضيق بيا ، عمرك ما فتحتي لي حضنك اتحامي فيه من الي حواليا ، أنا حسيت اني محتاج كتير اوي بعد حضنها ليا ..!

_ اتسعت مقلتي دينا بصدمة وانهمرت دموعها كالشلال ، لم يرأف ريان لدموعها وتابع حديثه لكي يضع النقاط علي الحروف وأردف بصوته الأجش :-
_ انا عايزها في حياتي يا دينا ، مش هقدر أبعدها عن حياتي وعلي فكرة أنا عمري ما هقصر معاكي في وجودها بالعكس أنا اتعلمت أحب ازاي ، عرفت اكون هادي في الأوقات اللي كنت بقلب فيها الدنيا وقت غضبي ، أنا لقيت نفسي معاها ، صدقيني هي لو بعدت عني مش هقدر حتي اكون ريان اللي كنتي تعرفيه هبقي واحد فاضي ومعندوش حاجة يديها لاي حد ، بس وجودها هيقويني ويخليني اقدر اتعامل بفطرتي اللي أنا كنت نسيتها أصلا ، لو سمحتي يا دينا تفهمي الموقف وزي ما انا من يوم ما عرفتك بحاول أسعدك ارضي بلي أنا عايزه عشان تسعديني ، فكري فيا لمرة واحدة وصدقيني مش هتندمي ..

_ وضعت دينا كلتي يديها علي وجهها عندما فشلت في إيقاف دموعها ، لا تصدق ما يصرح به أو ما يطالبها به ، كيف يطالبها بموافقة شريكة أخري تقاسمها فيه ، كيف يتجرأ علي قول كلماته بتلك السهولة ، ألا يرأف بها وبمشاعرها ، لقد كسر خاطرها لاعترافه الصريح بحبها حتي وإن لم يعترف فقط تكفي كلماته كدليل واضح لوقوعه في حبها ،

_ كفكفت عبراتها بأناملها لكن لم تتوقف الدموع بعد وحاولت التحدث من بين بكائها الغزير :-
_ انت عايزني أوافق أن واحدة تشاركني فيك ؟!

_ هربت ببصرها بعيداً عنه وتابعت بنبرة موجوعة :-
_ للأسف مش هقدر اوافق ، ازاي أصلا هتبني سعادتك علي حساب قهرتي وحرقة قلبي ازاي ؟

_ تنهد ريان واقترب منها وأمسك بيدها وأردف بتوسل :-
_ يا دينا عشان خاطري فكري في الموضوع أنا مش عايز اعمل حاجة تإذيكي بس انتي كده اللي هتإذيني برفضك ده وغلاوة جني بنتنا فكري كويس وبعدين اديني رد ..

_ ازداد نحيبها بشدة لتوسله أمامها من أجل بقاء تلك الفتاة في حياته ، لم تشعر بالإهانة كـتلك المرة ، شعرت بطلبه ذاك وكأنه يدعس بقسوة علي كرامتها التي أحييت بالحفاظ عليها ، سحبت يدها بقوة من بين قبضته ونهضت بإندفاع وصاحت به :-
_ انت واحد أناني ومش بتخيرني أصلا انت بتضغط عليا لإما هي تكون موجودة لإما انت هتكون وحش وفاضي وفي الحالتين هطلع أنا الخسرانة ، بس انا مش موافقة ولا هوافق وانت براحتك عايز تعيش معاها اتفضل روح لها بس انا وقتها مش هكون موجودة في حياتك ..

_ نهض ريان بخيبة أمل كبيرة قد تملكته من خلفها ورمقها بتوسل ربما تحنو عليه لكنها أبت وأولاته ظهرها عاقدة ذراعيها بصرامة ،
_ حسناً هي من أرادت ذلك فلتتحمل إذاً ..
____________________
_ حل الليل سريعاً وقد ظل ريان في منزل الطيور أعلي سطح البناية ، فقد تملكه الاختناق من بعد حواره الأخير مع دينا ، لم يريد مقابلة عنود بهذا الوضع الذي لم تري سواه منذ دخولها حياته ، صعد أعلي برج الحمام وجلس علي حافته حيث تسبح قدمه في الهواء ،

_ أعددت عنود كوبين من النسكافيه المرسوم اعلاهم قلوب كما يغزو أوائل حروف أسمائهم القلب ، وصعدت إليه تفاجئ ريان بصعودها وردد قائلا :-
_ انتي راحة فين استني هنزلك ..

_ أماءت رأسها برفض وقالت بإصرار :-
_ لا متنزلش خد مني النسكافيه ، أنا عايزة اجرب القعدة تحت النجوم ..

_ أخذ منها الاكواب ومد يده لها ليساعدها علي الصعود ، جلست بجانبه برهبة شديدة من هول الإرتفاع ، وحاولت أن تتأقلم فقط لكي تشاركه كل ثَغرة في حياته ،

_ أمسكت بالكوب المرسوم عليه حرفها واحتست المشروب بمتعة مع ذاك المنظر البديع ، ثم نظرت إليه وسئلته بفضول :-
_ ايه رأيك حلو ؟

_ أرتشف ريان القليل منه وهو موصد العينين ثم نظر إليها بوميض الحُب وقال :-
انتي أحلي !


يتبع الفصل التالي اضغط هنا
  • الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية المعلم" اضغط على اسم الرواية 
google-playkhamsatmostaqltradent