رواية سحر سمرة الفصل العشرون بقلم أمل نصر
رواية سحر سمرة الفصل العشرون
نظرت اليه بدهشة غريبه قبل ان تسألهُ بريبة رافعه احدى حاجبيها ؛
- وانتى مالك ومال سمرة ياممدوح ؟
اجابها متشدقاً :
- جرى ايه يا" سعاد " ؟ دا وقت غيره برضوا ؟ البنيه لما عرفت انها هربانه من اهلها وانتى مراعيها ، بصراحه صعبت عليا خصوصاً لما شوفت الواض ابن عمها ده اللى شكله مايطمنش .
- اه .. طيب ياخويا متحملش همها انت .. هى واعية وتعرف تتصرف كويس .
همت لتصعد الدرج ولكنه اوقفها مرة اخرى بيده ؟
- هاتتصرف ازاى بس وهى غريبة عن البلد؟ هى ليها حد هنا نازله عنده؟
زفرت بضيق هاتفة بحنق :
- وانت مالك يابن الناس ان كان ليها ولا ملهاش ؟ اهى قاعدة مع ناس كويسين وخلاص.. سيبنى بقى اطلع للعيال اوووف .
قالت الاخيره وهى تصعد الدرج .. وهو نظر فى اثرها يتمتم بصوتٍ خفيض .
- ماشى ياسعاد انا ليا صرفة برضوا
.................................
- لو سمحت انا مسمحلكش تكررها تانى .
قالتها بغضبٍ عاصف ووجها اصبح كتلة حمراء ملتهبة .. فتراجع هو رافعاً ذراعيه باستسلام :
- خلاص والله اهو خلاص .. اهدى بقى ومتزعليش.
هدأت انفاسها قليلاً وهى تحاول السيطرة على غضبها .. فتابع هو :
- انا مكنتش اعرف انك عصبيه اوى كده وغضبك سريع لدرجادى .. بس انا مش ماقصدتش حاجه وحشة .. انا بتصرف بطبيعتى .
حاولت احكام عقلها رغم شعورها بعدم الراحه من نظراته المتفرسة لها والغير بريئة فردت أخيراً بهدوء .
- ماشى حضرتك .. انا فهمت وجهة نظرك بس ياريت انت كمان تكون فهمت انى مبحبش الهزار بالأيد ولا غيره .
مال برقبته يردف مبتسماً:
- ولا غيره !! ازاى بقى فى حد ما بيضحكش ولا بيهزر !
ارتدت للخلف حينما وجدته عاود لأسلوبه مرة اخرى فقررت انهاء الجدال معه قائلة بابتسامة متكلفة
- على فكرة انا اتأخرت عن " لبنى " هانم .. عن اذنك بجى .
قالتها وتحركت على الفور دون انتظار رده .. كانت تسرع بخطواتها لشعورها بنظراته المتفحصه تخترق ظهرها .. حتى اصطدمت ب"رؤوف" وهو خارج للحديقة فتراجعت بحرج شديد :
- انا اسفه ماكنتش واخده بالى ..
حاول اخفاء ابتسامته ليسألها بجدية :
- بتجرى ليه فى حاجه ؟
هزت برأسها تنفى واستأذنته للدخول فشعر ببعض الحيرة وهو ينظر لأثرها ليفاجأ " بتيسير " وهو قادماً يصيح عليه كعادته :
- أؤوفه حبيبى وحشتنى ياغالى .
عقد حاجبيه سائلاً :
- تيسير !! انت هنا من امتى ؟
اقترب بخطواته قائلاً :
- انا واصل حالاً دلوقتى ليه فى حاجة ؟
اومأ براسه نافياً :
- لا مفيش حاجه تعالى اتفضل .
.............................
وفى الجنوب
كان جالساً على مقعده يتلاعب بهاتفها الذى اهداه لها حينما كان هائماً بعشقها وهو يبنى احلاماً سعيدة لحياتهم القادمه معاً .. كم مره هاتفها عليه واسمعها كلمات العشق والغزل وهى تبادله الرد بخجل فتزيد من اشتعال عشقها بقلبه .. لماذا جعلته يحلق فى سماء عشقها كالمغيب ودون سابق إنذار تركته يسقط على رأسه ليفيق على هذه الحقيقة المؤلمه والموجعة .. بهروبها قبل الزفاف بأيامٍ قليلة ..صاحبة القلب المتحجر
لقد دهست على قلبه ولم تبالى بجرحه ولا كرامته ، كتركها لهذا الهاتف ايضاً .. تنفس بعمق وهو يُغمض عيناه ويسأل نفسه هذا السؤال للمرة المائة
- لماذا تركته ولم تفصح عن السبب لماذا تركته فى هذا الوقت تحديداً لماذا.؟
اعتدل فى جلسته ليتفقد هذا الهاتف الذى فتحه سابقاً لفحص سجل المكالمات ومعرفة من يحادثة خلال رحلة بحثه عنها ليجده ينفتح مرة اخرى تلقائيا دون عناء ..فيبدوا انها لم تضع كلمه سرية لفتحه .. تعجب داخله ان امرأة فى ذكائها ولا تضع باسورد لهاتفها لحمايته من التطفل والسرقة .
تصفح مابداخله فوقعت عيناه على صورتها.. فتسمرت نظرته عليها فهى جميلة بشكلٍ مبهر وسارق للعين .. ولكنها غدارة وخائنة ..هم ليدخل فى الرسائل علٌه يجد دليل على خيانتها ولكنه استوقفه صياح شقيقته التى دلفت اليه فجأه :
- تعالى شوف ابوك يا" رفعت" .
رفع انظاره اليها مجفلاً :
- مالوا ابويا يا" مروة" ؟
- بيزعج ومبهدل الدنيا جوا مع امى !
دلف الى غرفة ابيه ليجده مازل يصيح بصوته العالى على زوجته " نفيسة" ملوحاً لها بالعصا العتيقة كى لاتقترب منه :
- إياكم حد فيكم يجرب منى ياولاد ال...... غوروا من وشى مش عايز وكل ولا شرب منكم .
اقترب منه برويه :
- مالك بس يابوى ؟ ايه اللى مزعلك ؟
لوح ايضاً ناحية " رفعت " بالعصا:
- وانت كمان غور معاهم مش عايز حد فيكم .. ما انا كده كده ميت عايزنى فى ايه.
خاطب رفعت والدته الملتصقه بالحائط سائلاً :
- هو ايه اللى حصل ؟
نفيسه ودماعتها ساقطة على وجنتيها :
- كان بيسألنى على ميعاد الفرح و انا جولتله هنأجله وبس كده مزودتش كلمة حتى !
صاح الرجل بصوته العالى:
عشان بتخبوا عليا ومعتبرينى "ميت "بس بياكل ويشرب .
تقدم نحوه بخطواتٍ بطيئه
- ليه بتجول كده بس يابوى ؟
اجفلهم الثلاثة سائلاً بحده :
-هو الواض،" قاسم " راح فين ؟انا عايز اشوفه .
مروة بدهشة : قاسم !
ردد خلفها وهو يُخاطبهم :
- ايوه " قاسم " وقبل اى حاجه انا عايزكم تحكولى كل اللى حاصل من ورايا .. يااما والله لاحلف ماحط لجمه فى معدتي لحد ما اموت .
...........................
عرفتى اخر الاخبار ياما ؟
هذا ما قالته " رضوى " وهى تتقدم بخطواتها لداخل غرفة " نعيمه" التى رفعت انظارها اليها مجفله:
- ايه هى بجى اَخر الاخبار ؟
جلست على طرف الفراش بجوارها تردف :
- مش انا جوازتى اتأجلت واحتمال كبير تتلغى !
ضربت " نعيمه" بكفها على صدرها بجزع:
- فال الله ولا فالك يابتى .. انتى ليه بتجولى كده بس؟
ابتسمت بسخرية مريرة :
- في ايه ياما ؟ اشحال ان ماكنتى انتى بنفسك جايلاهالى زمان .. " لازم سمره تتجوز رفعت عشان جوازتى انا تتم بقاسم " مش دا برضوا كلامك ياما ؟
اسبلت " نعيمه " اجفانها مدعية النظر فى قطعة الملابس التى تُحيكها من اجل زوجها .. فتابعت " رضوى" :
- وادى المحروسه هربت والجوازة اتأجلت والمحروس خطيبى محدش عارفلوا طريج .. اكيد بيدور عليها ولا يمكن هرب معاها ؟!
تركت " نعيمه" ما بيدها تنهرها بغضب :
- عيب عليكى يا" رضوى " دى بت عمتك دى اللى بتخوضى فى عرضها .
- تانى ياما بتدافعى عنيها .... حتى بعد ما خربت جوازة بتك وجطعت فرحتها . انتى ايه ياشيخه عملاك انتى كمان سحر زى ما بتعمل للرجالة اللى بيجروا وراها ويسيبوا مصالحهم ..
انا تعبت وجرفت تعبت منكم ومن حظى اللى مش راضى يتعدل واصل .
قالت الاخيره وهى تنهض عن الفراش فنادتها " نعيمه" قبل ان تخرج من الغرفة :
- رضوى يابتى ..
اللتفت اليها ترد على مضض :
- نعم !! عايزه ايه تانى ياما ؟
نعيمه بحزن :
- اتغيرتى جوى يا" رضوى " من يوم ما اتخطبتى ل" قاسم " .. السواد ملا جلبك يابتى .. انا مبجيتش عارفاكى .
حدقت فى والدتها بنظراتٍ مبهمة ثم خرجت من الغرفة دون ان ترد بكلمة واحده عليها .
...................................
وعودة للعاصمة فبعد ان انهى جلسته مع " تيسير " الذى اتى فى زيارة مفاجئة لهم على غير العاده.. توجه لغرفة مكتبه لمراجعة بعض الملفات المطلوبة فى عمله .. وعلى باب الغرفة وقف متسمراً حينما رأها جالسة على مقعد بجوار مكتبه منهمكه فى قراءة احدى الكتب امامها .. ظل على وضعه لدقائق لا يعلم عددها وهو لم يمل من مراقبتها كالمسحور .. حتى رفعت هى انظارها دون قصد فنهضت مجلفة تعتذر :
- رؤوف بيه !. معلش انا أسفة ماخدتش بالى والله .
تقدم هو اليها مبتسماً برحابة
- لا ولايهمك عادى .. انا اصلا مش مضايق .اكملت بحرج :
- لا انت عندك حق تضايق .. بس بصراحه انا الرواية شدتني جوى ومدريتش بنفسى وانا بسحب الكرسى واجعد واندمج فيها .
- هى رواية ايه اللى عجبتك ممكن اشوف ؟
تناول الرواية من يدها فتملكته الدهشة حين راى الغلاف فعقد حاجبيه بحيرة يسألها :
- هو انت بتقرى فى الادب الروسى.
اجابته بعفوية:
- عادى يعنى .. انا اساسا بحب القراية وبحب اتعرف على ثقافات الشعوب .
ترك الرواية بيده وعيناه تعلقت بأعينها وهى مسبلة جفونها بخجل ..ليردف أخيراً :
- المكتبة كلها مفتوحة ليكى يا " سمرة "تقرى منها اللى يعجبك وفى اى وقت كمان .
اومأت برأسها بابتسامه خجله :
- متشكره جدا حضرتك اصل انا بصراحة بعشق قراية الرويات .
- كويس اوى
- عن اذنك بجى ..
- طب خدى الرواية معاكى بقى كمليها قبل ماتنامى .
تناولتها منه بسعاده تحاول جاهدة لأخفائها .
بعد ان خرجت جلس على حافة مكتبه شارداً لفترة ليست بقليلة ثم مالبث ان تناول هاتفه .. ضغط على احدى الارقام التى تخص احدى الشخصيات.. ولم ينتظر طويلاً فقد اتاه الرد سريعاً :
- رؤوف بيه !! يااهلاً وسهلاً ياراجل أخيراً افتكرتنا .
- عزت باشا... وانت حد يقدر ينساك برضوا.
- لا ياعم انا لازم اشوفك .. المكالمة دى ماتنفعش.
- قريب ان شاء الله اجيلك زيارة .. هو انت لسه برضوا بتخدم فى الصعيد .
- اه ياباشا واترقيت كمان .
- الف مبروك ياعم تستاهلها والله .. طيب حيث كده بقى انا عايز منك خدمة صغيرة .
- اؤمر ياباشا .
- الامر لله ... شوف ياسيدى انا عايزك تستعلملى عن اسم .. ثوانى كده هاجيبلك البطاقة.
.............................
بعد ان انهى طعامه على عربة الطعام الشعبيه .. جلس مرة اخرى على احدى الطاولات الصغيره للقهوة التى اصبحت المقر الدائم لهم فى النهار وسيارته مؤى للنوم ليلاً.." محسن " وهو يهرش باصابعه على انحاءٍ متفرقة من جسده :
- وبعدين بجى يا" قاسم " احنا هانفضل هنا لحد امتى ؟
تحدث والسيجارة فى فمه وهو يحاول اشعالها :
- هى حكاية .. ماجولتلك مش متحرك غير لما الاجيها.
ارتفعت يده ليهرُش خلف عُنقهِ مردفاً بضيق :
- ايوه بس انا تعبت من نومة العربية .. وجسمى كله بياكلنى عايز اسبح واغير خلجاتى .
نفث دخان سيجارته على وجه " محسن " ليقول :
- جولتلك مش هاتحرك غير وهى فى يدى .. تحب اغنيهالك عشان تفهم .
صاح عليه بسأم :
- طب ياعم ماتتحركش بس عالاجل.. احجز لنا فى لوكانده ولا فندق.. ناكل وكله زينه ونرتاح شوية ونتسبح .
ارتفعت زاوية فمه ليقرعه بحديثه المتهكم كالعاده ولكن اوقفه رنين هاتفه فوجد الاتصال من رفعت فتح يرد عليه قائلاً :
- الوو... ايوه يارفعت .
- ايوه يا" قاسم " سيب الى فى يدك وتعالى شوف ابوك.
- ايوه بس انا لسه بادور...
قاطعه بحزم
- فوضها دلوك وتعالى على طول ابوك مُصر انه يشوفك .
- يابوى بجولك لسه بادور .
- بجولك ابوك طالب يشوفك.. انت لسه هاتلت وتعجن .اخلص ياللا وتعالى بسرعه .
زفر حانقاً بعد ان انهى المكالمة .
- نبرت فيها يابن الفجرية.
اجفل "محسن "يومئ بسبابته ناحية صدره قائلاً بدهشة :
- انا !!! هو انا عملت ايه بس يا" قاسم "؟
- ايوه انت وماسمعش نفسك تانى .. خلينى اشوف الفجري التانى ده كمان .
بهت وجه " محسن " وهو يرى هذا المجنون وهو يتهمه بأشياء مبهمه دون سبب
ومن جانبه تناول " قاسم " الهاتف ليطلب رقماً اَخر وبعد قليل :
- الوو .. ايوه ياعم ممدوح انت فين ؟
.................................
خرجت " سعاد " من المبنى السكنى الذى تقطنه وهى واضعه " حقيبة الملابس التى تخص " سمره " على كتف ذراعها .. فبعد اختفاء المدعو " قاسم " وصديقه اطمأنت هى فوجدت الفرصة سانحة لإيصال الامانة لاصاحبها ولحسن حظها ان اليوم هو اجازة لها من محل الملابس الذى تعمل فيه .
ومن ناحية قريبة .. كان مستنداً بظهره على الحائط .. عيناه تراقب المارة وهو يتحدث فى الهاتف
- ياعم بقولك ماردتش تقولى اعمل لها ايه بس ؟.
- اتصرف ياممدوح .. انا الوجت بيسرجنى وعايز اعرف اى خبر عنها .
حك باطراف اصابعه على جبهته بملل .
- طب وانا اعمل ايه بقى ؟ وانت اساساً مش صابر .. دى حاجه عايزه وقت وانت متسربع ياعم .
صاح عليه بصوتٍ عالى :
- ياممدوح اتصرف .. انا تعبت من جاعدة الشارع دا غير ان اهلى طالبنى فى البلد بسرعه .
- اووف طب......
قطع جملته حينما رأها تمر امامه وحقيبة الملابس التى رأها سابقاً على كتف ذراعها .. لمعت عيناه حينما استنتج هوية صاحبتها!
- انت روحت فين يااخ ؟
افاق من شروده على صوت " قاسم " المزعج ..
- استنى يا" قاسم " انتى ثوانى .
قالها وهو يتحرك بخطوات مسرعة حتى اقترب من القهوه .. فاشار بيده لعامل القهوة
- واض ياسوكه تعالى هنا ياض .
اومأ الفتى براسه قائلاً :
- ثوانى ياعم " ممدوح " اشوف الزباين وجايلك حاضر
اقترب منه يجره من ياقة قميصه.. وهو يتناول صنيه الشاى ويضعها على اقرب طاولة .. اجفل الفتى مندهشاً :
- جرا ايه ياعم ممدوح انت هاتقبض عليا ولا ايه ؟
- تعالى بس .
قالها وهو مستكمل فى جذبه من ملابسه حتى ابتعد به عن زبائن القهوة .
- شايف الست اللى واقفه مستنيه الميكروباص دى وحاطة شنطة ملابس صغيره على كتفها .
قالها باشارة على " سعاد " فاوما الفتى برأسه .
- شايفها ياعم ممدوح .. مش دى الست طليقتك برضوا .
- عفارم عليك .. عايزك بقى ياحلو .. تمشى وراها النهاردة وتعرفلى المكان اللى هاتوصل فيه الشنطة دى مظبوط .
برق" سوكه " بعيناه متسائلا بفضول :
- يانهار اسود ياعم ممدوح هى الست مراتك ..هاتشتغل فى الصنف ولا أيه ؟
ضرب بكفه يده على رأسه من الخلف :
- لم نفسك ياض وبطل غباوة بدل ما اعجنك .
اومأ براسه مطيعاً بخوف فتابع ممدوح :
- مش عايزها تحس بيك فاهمني وليك عليا هاشبرقك ورقه بمية جنيه.
قفز سوكه بحماس :
- ورقة بمية جنيه .. عنيا ياعم ممدوح هوا هاروح وراها وارجعلك بالمفيد بس القهوة مين هياخد باله منها
- انا هاخد بالى منها ياللا روح قبل ما يتحرك الميكروباص واهم حاجة انها ماتحسش بيك ولا تاخد بالها منك .. تمام .
- تمام ياسيد الناس ..
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية سحر سمرة" اضغط على اسم الرواية