رواية سحر سمرة الفصل الواحد والعشرون بقلم أمل نصر
رواية سحر سمرة الفصل الواحد والعشرون
اقترب من سور القصر وهو يشرئب بانظاره عليها ... بعد ان توقفت بسيارة اجرة امام احدى القصور الفخمة ... فى هذه المنطقة الراقيه التى دخل اليها بصعوبة بعد ان اخبر " رجال " الامن انه عامل صيانة لإحدى المبانى .. وصغر سنه ساعده على عدم الشك فيه .. تعجب بداخله حينما رأها تدلف بسهولة لداخل القصر امام حرس المنزل ضخام الأجساد وكأنها على معرفة باصحاب المنزل !
ضغط على الهاتف يطلب رقمه :
جاءه الرد بلهفة :
- الو ....ياواد ياسوكة عملت ايه ؟
- ايوة ياعم ممدوح ..... الست طليقتك دخلت بالشنطة عند جماعة عليوى اوى ومنطقتهم حاجه كده بتاعة بشوات ..
عقد حاجبيه بتعجب :
- عليوى ازاى يعنى ؟ وهى هاتعرف الناس الأغنية دول منين ؟
تشدق " سوكة " قائلاً :
- والله انا بقولك اللى شايفه .... دى دخلت بالشنطة ورمت السلام عالبودى جاردات واكنها صاحبة بيت !
- اممم ..... طب اسمع بقى انا عايزك تعرفلى صاحب البيت وتحفظ العنوان وما تتحركش من مكانك غير بعد ماتتطلع "سعاد " .. وتيحى وراها
- طب والقهوة ياعم ممدوح.. دا كده المعلم " منعم " هايطردنى !
- ملكش دعوة انت .. انا خليت عيال تبعى يراعوها.. المهم انت نفذ اللى بقولك عليه .
- بس كده بقى انت هاتزودنى ماشى ياعم ممدوح ؟
- ماشى ياخويا ..
..................................
واقفا بجوار النافذه الكبيرة لغرفة مكتبه فى القصر .. يرتشف من فنجان قهوته وهو يشاهدها من اللوح الزجاجى بعد ازاح الستائر عنه ... فقد كانت جالسة بالحديقة مع جدته التى تحسنت كثيرا من الوعكة الاَخيرة وتمكنت من ترك الفراش وهاهى الاَن جالسة تستمتع بالهواء النقى بعد ان تناولت وجبة الافطار بحديقة القصر بمساعدة " سمرة " ... هذه الفتاة التى هزت كيانه وحركت بداخله هذه المشاعر التى ظن انها ماتت من سنين.. وجاءت هى بسحرها احيتها من جديد.. انه لا يمل من مراقبتها ولا من حفظ ادق تفاصيلها حتى برغم تاخره عن موعد " عمله " فى المجموعة... أجفل لرؤية " صافيناز " وهى تتقدم نحوهم .. شعر بعدم الراحة لنظرتها التى اللقتها على " سمرة" الغافلة عنها وهى تقرأ احدى الكتب لجدته والمرأة مندمجة بتركيز مع ما تسمعه .
وفى الحديقة ظلت واقفة للحظاتٍ صامتة وهى تحدق فى ظهرها قبل ان تلقى السلام بابتسامة مزيفة :
- مساء الخير
رفعت سمرة انظارها عن الكتاب وهى تراها تتقرب من السيدة " لبنى " وتُقبلها فى وجنتيها المجعدة بمياعة.
والمرأة تبتسم لها بموده وحنان:
- اهلا بيكى حبيبة قلبى .. نورتينى .
- عينى عليكى باردة ياتيتة .. انتى النهارده زى الفل .
وبنظرة حاقدة اومأت بذقنها ل" سمره " وهى تخاطبها بصوتٍ خفيض مستغلة تثاقل حاسة السمع عند" لبنى" نتيجة لكبر العمر :
- اي ده ؟ هو انتى هاتقعدى معانا على طرابيزة واحدة كمان .
علت انفاسها بداخل صدرها من هذه المرأة المتعجرفة وهى مُصرة على اهانتها فنهضت عن مقعدها بغضب :
- عن اذنك يا" لبنى " هانم ؟
لبنى الغافلة عن حرب النظرات.
- على فين يابنتى .. ما انتى قاعدة بتقرى !
تناولت " صافيناز " منها الكتاب على عجالة وهى تجلس :
- انا هقرالك ياتيتة .. ولا يهمك .
- انا هبقى قريبة منك ياهانم ... لو عوزتي اى حاجه انا تحت امرك .
قالتها " سمره " ولم تنتظر دقيقة بعد ذلك وذهبت على الفور امام دهشة المرأة... كانت تمتم بصوتٍ خفيض :
- ست مجنونة فعلا ربنا يشفيكى.
سمعته يناديها باسمها فالتفتت ترد عليه ؟
- نعم يارؤوف بيه؟
اقبل عليها وهو خارج من المنزل حتى وقف امامها يسألها :
- ايه مالك ؟ بتكلمى نفسك ليه؟فى حاجه حصلت ؟
باغتها بسؤاله فلم تدرى بما تجيبُه .. فكيف لها ان تشتكي من هذه المرأه وهى قد ستصبح زوجته عما قريب ... فهزت برأسها تنفى
- لا مافيش حاجه مهمه ... ماتشغلش بالك انت ؟
- امال انتى سيبتى تيته ليه ؟
اجابت على مضض :
- انسة صافيناز " جاعده " معاها .. جولت اسيبهم لوحدهم شوية !
- اممم .
قالها هو .. وهى لم تفهم معناها مع هذه النظرات المبهمه منه فتفاجات بالحارس " صفوت " وهو يخاطبها امامه :
- صاحبتك " سعاد "يا "سمرة " عايزاكى .
- استاذه " سمره " .. او انسة " سمره" .
قالها بصرامة أثارت دهشتها والحارس اومأ له بطاعة.
............................
وفى الجنوب
خرج " رفعت " من غرفته ينادي على شقيقته .
- مروة ...بنت يا"مروة "؟
وجد " شيماء " تظهر له فجأه ترد عليه :
- مروة دخلت جوا عند السيد الوالد .. تشوفه عايز ايه ؟
تراجع للخلف مطرقاً راسه بحرج:
- انا اسف .. مخدتش بالى ان فى حد موجود فى الصالة
ردت هى بصوت مرح وهى تنظر إلى ما يرتديه من ترينج بيتى يليق بعمره .
- وهو ايه اللى حصل يعنى ؟ ما انا مش غريبة عشان تتأسف !
للمرة الثانية تُجبره على رفع انظاره اليها .. مندهشا من جراتها .. فيرى هذه العيون الجريئة التى تشع حيوية ومرح .. اجلى حلقه ليقول برزانة
- طبعا البيت بيتك ياااا...
- شيماء ... اسمى شيماء ..فى حد برضو ينسى اسم بت عمه ؟
قالتها بابتسامة وتسليه .. فابتسم هو ايضاً لكن بحرج يقول :
- حجك عليا ياست شيماء ..
- خلاص مسمحاك .
ابتسامته ازدادت اتساعاً وهو يرتد للخلف عائداً لغرفته .. قائلاً :
- طب ياريت ماتنسيش تجولى لمروة تيجى تشوفنى ياا .. ست شيماء
....... ....................
ها يا"سمرة "حاجتك تمام كده يااختى ولا ناقصة حاجه ؟
قالتها " سعاد " باشارة لمحتويات الحقيبة التى اعطتها ل" سمرة" .. فردت عليها الاَخرى بصوتٍ باهت .
- تمام يا" سعاد"... مش ناقصين حاجه .
عقدت حاجبيها بتساؤل :
- ايه مالك ؟ شكلك متغير ليه ؟ حد ضيقك هنا فى البيت
تنهدت بدموعٍ محتجزه داخل حدقتيها ..
- اجولك ايه بس يا" سعاد " ؟ شكلى كده هارجعلك جريب .. عشان الست اللى اسمها " صافيناز " حاطانى فى دماغها ومش هاتستريح غير لما اطرد من هنا .
لوحت " سعاد " بذراعيها فى الهواء .
- وهى مالها بوز الاخس بيكى دى كمان .. هى كانت صاحبة البيت مثلاً ؟
- انتى مش جولتى انها هاتتجوز من " رؤوف " بيه .. مؤكد اول قرار هاتاخدوا هو طردى من البيت .
- ان شالله يارب ما تتم الجوازة .
- حرام عليكى ياسعاد ..بلاش تدعى .
- ياختى خليها تنبط وتتهد بقى بدال ماهى كده جايه علينا واحنا ناس غلابة.
اكملت "سمرة "خلفها بابتسامه:
- اه والنبي صح... احنا فعلاً غلابة وهربانين !... صح بالمناسبة لما هو هايخطبها مستنى ايه ؟ دا حتى الاتنين ماعندهمش اللى يمنع يعنى .
ردت عليها " سعاد " وهى تمط شفتاها :
- انا عارفه ياختى ؟ .. انا كذا مرة اسمعها وهى بتكلم صاحباتها وتقولهم انه انه هايتقدملها قريب .. لكن ماعرفش اى حاجه تانى .
................................
انت متأكد ياممدوح من كلامك ده ؟
قالها " قاسم" وهو ينهض عن مقعده بالقهوة الشعبية بتحفز .
اجابه ممدوح و ذراع الارجيلة فى يده :
- طب اقعد بس انت الاول خلينى اكمل ٠
زفر بضيق قائلاً وهو يجلس :
- يااخى ماتريح جلبى .. وجولى كلامك دا صح ولا غلط ؟
- لا حول ولا قوة الا بالله .
قالها ممدوح بسأم فتابع بعدها
- يابن الناس انا مش حاكتلك كل اللى حصل .. ممكن بقى تصبر على مايجي الواض " سوكة " عشان نعرف منه المفيد .
تنهد بثقل :
- اصبر ازاى بس ؟ دا انا هاموت واشوفها .. مش جادر اصبر مش جادر .
فتح " ممدوح " فمه بدهشة كبيرة وفكه تدلى لاسفل ثم ما ان لبث ان يقول متسائلاً :
- هو فى ايه بالظبط؟ انت ياجدع انت اخو خطيبها فعلاً ولا فى حاجه تانية ؟ انا الفار ابتدى يلعب فى عبيي
اخرج سيجارة ليشعلها فنفث دخانها للأعلى قبل ان يقول محذراً :
- ملكش فيه ؟ انت ليك جرشينك وبس بعد ماتكمل المهمة .
اومأ براسه قائلاً :
- ماشى ياعم على راحتك .. المهم بقى انى اقبض ... وادى الواض " سوكة" رجع اهو كمان .
- فينه ؟
قالها " قاسم " وقد تحفزت كل خلية بجسده وهو يراقب" سوكه " الذى ترجل عن دراجته البخاريه بعد ان اوقفها بالقرب منهم .
- سالخير عليكم ياجدعان .
قالها " سوكة " وهو يجلس امامهم .. فعاجله " ممدوح " سائلاً :
- ها يا"سوكة "سبع ولا ضبع .
امسك باقة قميصه بتفاخر :
- سبع طبعاً ياعم ممدوح .. انت عارفنى .
صاح عليه " قاسم " بصوت عالى لفت نظر جميع من حولهم .
- اتكلم على طول ياض وريحنى .
خاطب " ممدوح " جميع العيون المتسائله.
- . معلش ياجدعان كل واحد خليه فى حاله.. عشان دى مواضيع عائلية.. عاد الرجال لشؤنهم بعد هذه الصيحة ثم توجه ممدوح بخطابه ل" قاسم " .
- وطى صوتك ياعم انت كمان مش ناقصين فضايح .. وانت يا" سوكة " اتكلم على طول خلينا نخلص .
- ماشى ياعم ممدوح .. عشان خاطرك انت بس .
قالها " سوكة " بامتعاض اثار حنق " قاسم " الذى سيطر على اعصابه باعجوبة فى انتظار الخبر الاكيد من " سوكة " الذى تابع قائلاً :
- شوف ياعم" ممدوح "انا كتبت اسم صاحب البيت هنا فى ورقة والعنوان كمان عشان منساهوش
تناول " ممدوح" الورقة فلوح " قاسم " بيده مستفسراً :
- المهم اتاكدت ان " سمره " جاعده هناك ؟
اوما رأسه بتأكيد :
- ايوه ياعم .. انا شوفتها بنفسى وهى بتوصل الست " سعاد " بره القصر الكبير .
اتسعت عيناه بدرجة مخيفة ودقات قلبه تسارعت بشدة لدرجة اوقفت الكلمات فى فمه .. فنكز " ممدوح " بيده ذراع " سوكة " قائلا :
- وساكت ليه من الصبح يازفت ؟
اجاب " سوكة " متالماً وهو يدلك على ذراعه .
- ياعم" ممدوح " انت ركزت معايا على مكان الشنطة .. ماقولتليش على "سمره "غير فى الاَخر .. وكان سؤال عابر .. لما قولتلى اسال عنها هناك ...
- بسسسس
قالها " قاسم " مقاطع وهو ينهض عن مقعده.. جذب الورقة من بين اصابع ممدوح الممسكة بها متابعا :
- انا دلوك على طول رايح اجيبها .
مال "سوكة "برقبته للامام ساخراً :
- تروح فين ياعم هو انت فاكرها عزبة .. دا محدش بيخش هناك فى المنطقة العيلوى دى غير البشوات .. واللى زينا بيدخلوا هناك عشان يخدموهم وبس .
توحشت ملامحه ليردف سائلاً :
- وهى هناك صفتها ايه بجى .. هانم ولا خدامه ؟!
................................
فى المساء بعد ان تمت مهامها اليومية مع السيدة " لبنى " فلا تتركها حتى تنام .. دلفت لعرفتها تنزع عنها غطاء رأسها وتهم لتبديل ملابسها ولكنها تفاجأت بطرقٍ على باب غرفتها .. فوجدتها "صوفيا "بابتسامتها المعروفة:
- مساء الخير حبيبتي.
بادلتها ابتسامتها بأخرى قائلة :
- مساء الخير صوفيا.. انتى عايزه حاجة دلوقتى ؟
- مش انا حبيبتى.. دا "رؤوف"بيه قالى ابلغك تروحيلوا المكتب .
- يعنى عايزنى فى ايه ؟
مطت شفتها تجاوب :
- انا معرفش حبيبتى .. روحى وشوفيه بنفسك
بعدها بقليل
- كانت جالسة امامه فى غرفة المكتب فى انتظار ما سيقول لها فسالها قائلاً .
- انتى مرتاحه عندنا يا"سمره" ؟
اجابت مرتابة :
- طبعاً والحمد لله .. حضرتك والست " لبنى " معاملتكم ممتازه .
ابتسم لها مرحباً :
- طب الحمد لله ..
صمت للحظات .. جعل الشك يزبد بداخلها .
ثم ما لبث ان يسألها مباشرةً
- هو انا ممكن اسال عن اسئلة شخصيه ؟.
همت بالرفض ولكنه عاجلها بالسؤال قائلاً
- انتى اهلك موجودين هنا فى القاهرة
- بلعت ريقها الجاف ترد عليه بتوتر
- لأ
- طيب انتى اتخطبتى قبل كده
هزت برأسها تنفى دون صوت .. ففاجئها بسؤالٍ اقوى .
- طيب هو انتى ازاى موجودة هنا من غير اهلك .
- رؤوف بيه ..ممكن ماتسالنيش عن حاجه خاصة.
قالتها وهى تنهض بتشنج فنهض هو الاَخر يرد :
- انتى ليه خدتي كلامى بحساسية.. دا سؤال عادى يعنى .
تكلمت بصوت خرج منها مهتزا
- معلش حتى لو كان حاجه عادية .. بصراحة انا مش عايز اتكلم..ولو انتوا مُصرين يبقى امشى احسن .
- لا تمشى دا ايه ؟ خلاص بقى زى ماتحبى .
..............................
بعد ان اخبره " سوكة " بشروط الدخول لهذه المنطقه الرقية الخاصة بعلية القوم .. فخيره اما ان يكون
واحداً منهم .. او يكون عاملاً لديهم ... اختار الاولى فجهز سيارته الجديدة جيدا واشترى حلية رائعة لتجعله انيقاً مثلهم .... فدخل القرية ومعه صديقه " محسن" الذى نال من الحظ جانب وابتاع بعض الملابس الجديده.. وامام القصر الذى يملكه " رؤوف " توقفت السيارة على حسب العنوان المكتوب فى الورقه التى كتبها سوكة
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية سحر سمرة" اضغط على اسم الرواية