رواية صفقة حب الفصل الواحد والعشرون بقلم شيماء جوهر
رواية صفقة حب الفصل الواحد والعشرون
عادت نور إلى الغرفة وهي تنهى الإتصال وتفتح الغرفة وهي تتحدث إلى سلمى .. الصاعقة .. وجدتها فارغة تمامًا، أتسعت عيناها في صدمة ودهشة .. كل شيء كما هو .. فقط تركت كل شيء في مكانه لم يتحرك .
الفستان على فراشها، والحذاء في الصندوق الخاص به .. المنشفة التي كانت تحيط بجسدها على مقعد أمام المرآه، حليها مرصعة على كومود المرآه الكبيرة .
خطت نور سريعاً بخطوات أشبه بالركض وأمسكت المنشفة في دهشة وتساؤلات كثيرة تدور في مخيلاتها، ترفض إستيعابها وتصديقها .. ألقتها على الكرسي وركضت خارجاً تنادي عليها بصوتًا عال .. نادت على كل الخدم الموجودين بالمنزل وسألتهم عنها فلا أحدا منهم رأها قط .
خرجت إلى الحديقة تبحث عنها في لهفة فلم تجدها أيضا ً.. وقفت مكانها مخشبة، شريدة حائرة .. لا لا مستحيل بل من رابع المستحيلات، لا تكون قد فعلت ما خطر عليها لا تكون قط .
ركضت وصعدت درجات السلم بالخطوتين أو أكثر وهي تلتقط أنفاسها دخلت الغرفة وبدأت تبحث عن هاتفها .. وجدته وقامت سريعًا بالإتصال بيوسف، الذي خرج ليؤدي شيئًا ما ضروري في الخارج ثم يعود .
فزع يوسف ودهش من نبرة نور المهزوزة، شعر برعشتها وعدم تماسكها .. فصاح بها :
- في إيه يا نور مالك ؟
غلبتها دموعها وقالت وهي تجشه في البكاء :
- ألحقني يا يوسف سلمى مش موجودة في الفيلا
أنتفض يوسف بدهشة وصدمة ليقول بقلق وخوف :
- يعني إيه مش موجودة
بكت نور وهي تحاول الحفاظ على إنفعالاتها وإبتعاد أي فكرة عن خاطرها لتقول :
- مش عارفة .. بعد ما خلصت شاور طلعت أتصل بالبيوتي سنتر عشان تيجي تكون سلمى خلصت شعرها رجعت ملقتهاش .. كل حاجة زي ما هي متلمستش .. حتى البشكير لقيته مرمي على الكرسي وملهاش أي أثر لهنا ولا في الجنينة حتى
تناول حلته ومفتاح سيارته وركض للخارج وهو يصيح بها بلهفة ورعب :
- أقفلي يا نور أنا جي حالًا
*********************
خرج من الشركة وأستقل سيارته وهو يقود بسرعة جنونية، وجاءت في مخيلته أفكار سوداوية لا يستطيع أن يتحملها أو يستعبها هو الآخر .. لا يمكن سلمى أن تفكر في هذا مطلقًا وهي تعرف العواقب الوخيمة التي سوف تنتظرها إذا بدرت بفعل أي شيء مجنون بعد .
نور تبكي بخوف وقلق، خلال مدة ليست بطويلة وجدت يوسف أمامها وهي جالسة على فراشها .. تأمل الغرفة بتفقد معين، بالفعل كل شيء كما هو .
رفعت نور رأسها وجدته أنتفضت ووقفت على الفور ومسحت دموعها على الفور وهي تحاول أن تتماسك .. فهزت رأسها بالرفض وهي تصيح به بعدم تصديق :
- لا لا يا يوسف مستحيل تكون هربت مستحيل
زفر يوسف بشدة وهو يمسح رأسه بيداه، لا يستطيع تصديق ذلك ما فعلته شقيقته، لماذا يا سلمى تضعي الجميع في هذا المأزق الكبير .. لماذا يا ترى ؟! ..
تصرف مجنون ويشعر بأنه في كابوس كبير .. شقيقته تهرب ليلة زفافها، تختفي فجأة دون سابق إنذار، إلى أين ذهبت يا ترى ولما ؟ .
نظر لها يوسف محاولة منه إستيعاب ما حدث .. صاح بها وهو شريد للغاية وهو يفكر :
- أنا عقلي من ساعتها عمال يقنعني بحاجات ويصورلي حاجات .. مش عارف مش قادر أفكر .. قلت لا مستحيل سلمى تعملها من رابع المستحيلات كمان .. ليه كده يا سلمى ليه ؟!!!
جلست نور ببطء ودموعها تنسدل على وجنتيها بصمت وتقول وهي تستعيد ذاكرتها :
- من ساعة ما خرجت من الحمام وهي مكنتش مظبوطة أبدًا .. كنت حاسة أن فيها حاجة متغيرة .. معرفتش أفسر هدوءها ده بإيه
تناول هاتفه من جيب حلته وقام بالإتصال بسلمى، وجد الهاتف مغلق أو غير متاح، حاول الإتصال مرة أخرى ولكن دون جدوى .. فعلم ما يدور في مخيلته كان صحيحاً، طاوعت الكل وفعلت كل ما طلب منها ولكن سارت وراء ما يحث عليه عقلها فقط لا غير .. فقد تركت المشاعر جانبًا، وما كانت النتيجة في نهاية المطاف سوى إستغلالها لصالحهم .
إلى أين ذهبت يا ترى وماذا فعلت ؟ .. تشتت عقله ولا يستطيع التفكير في أي شيء بعد، فلا مزيد من السكوت بعد الآن يجب أخبار والده ليتصرف سريعًا في هذه الكارثة قبل أن تتحطم فوق رؤوسهم .
على الفور أتصل بهاشم والقلق والخوف ينهش في ملامحه إلى أن وصله الرد :
- ألو .. بابا في مصيبة
أنتفض هاشم من مقعده بقلق وفزغ وهو يصيح به ويقول :
- مصيبة إيه ؟ إللي حصل ؟
صاح به يوسف بغضب وعنف وكادت الدمعة أن تفر من عيناه :
- سلمى هربت .. ملهاش أي أثر وقفلت تليفونها .. مش وقته الكلام ده دلوقتي لازم نتجمع حالًا عشان نشوف حل في الكارثة دي .. أنا هتصل بطارق .. سلام .
أنهى المكالمة ثم ألتفت إلى نور التى على الفور قامت بالإتصال بأبيها وحاولت أن تبدو طبيعية للغاية .
********************
تحرك محمود من مكتبه قرابة الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، أستقل سيارته وعاد إلى الفيلا .. بمجرد وصوله وبدأ الطاهي إنهاء الطعام كعادة كل يوم، جلس في مكتبه ليستريح قليلًا فلم يجد تهاني بإنتظاره كالعادة .. نادى على أحد الخدم لإخبارها بوصوله، وبالفعل جاءت تهاني بعد دقائق تستقبله ببسمتها الحانية وجلست قباله .. فبدأ هو الحوار .
- طارق فوق ؟
ردت تهاني على الفور :
- ايوة في الحمام بياخد شاور ونازل على طول
زفر محمود براحة وهو يقول :
- طب كويس الحمد لله
لاحظت تهاني زفرته نوعًا من الأرتياح ظهر على وجهه .. فهي تعرف زوجها جيدًا عندما يفكر في شيء أو شيئًا يصل إلي خاطره .. فتسائلت بهدوء :
- اشمعنى يا محمود .. حصل حاجة ؟
ارتسم على ثغره بسمة صغيرة وأجاب قائلًا :
- لا أبدًا
تعلم أنه يخفي عليها شيئًا ما .. تعلم ما يدور بخاطره، لا يتأكد من وجود طارق في هذا الوقت هباءً، بل يخاف من شيئاً ما .. فهذه ليست عشرة يوم أو شهور بل سنوات طوال، فهمته جيدًا نحوها .. فإبتسمت وهي تقول :
- خايف ألا يعمل زي ما عمل يوم حفلة هاشم .. مش كده ؟
رفع رأسه ونظر إليها باسمًا، كان يعلم إنها لن تتركه بسلام في حيرته، تفهمه جيدًا من عيناه ونبرة صوته ومن صمته .. فطمئنها وقال :
- بصراحة في الأول أه .. بس أرتحت لما أتأكدت
ربت على يداه بلطف وهي تطمئنه بدورها هي الأخرى :
- متقلقش .. طارق لا يمكن يعمل حاجة زي دي في اليوم ده
تنهد محمود بقلق ليقول :
- ربنا يستر يا تهاني .. قلبي مقبوض ومش مستريح ردت بهدوء :
- أن شاء الله خير .. سيبها على الله تنهد بعمق وهو يقول بحيرة وقلق :
- ونعم بالله .. يلا نادي طارق زمان الغدا جهز
نهضا سوياً وتناول هاتفه وجد مكالمة فائتة من نور، أتصل بها على الفور كي يطمئن عليها ويعرف ماذا كانت تريد .. بمجرد أن أنتهت الرنة الثانية بدأت المكالمة وظهر صوت نور تحدثه بلهفة غير طبيعية
- ألو ايوة يا بابا
رد بلهفة وقلق هو الآخر :
- خير يا نور أنتِ كويسة يا بنتي ؟
حاولت نور التماسك وهي تقول بإرتباك :
- أنا كويسة متقلقش بس في ميتنج في غاية الضرورة دلوقتي في شركة الجوهري .. أنكل هاشم مستنيك هناك في مكتبه
نبرة صوتها غير مريحة بالمرة .. وأي إجتماع سوف يعقد في مثل هذا اليوم ؟ أهي فكرة هاشم أم من يا ترى ؟ .. صاح بها بنفس النبرة :
- إللي حصل بس يا بنتي فهميني .. ده وقت ميتنج في يوم زي ده ؟!
تماسكت نور على قدر ما تستطيع ويجب إنهاء المكالمة قبل أن يفر لسانها وتبوح بكل شيء .. فردت في عجالة وهي تنهي المكالمة :
- ياريت متتأخرش يا بابا .. هتفهم كل حاجة .. سلام
أغلقت المكالمة وجلست على الفراش وإنهارت من البكاء بشدة وقوة .. تشعر بأنها بحلم مخيف ولا تعرف ماذا تفعل .. بجوارها يوسف محاولة تهدئة روعها قليلًا، أراد أن يربت على منكبيها لتهدأتها ولكن لا يجوز له لمسها .
وهو أيضاً يحتاج من يواسيه، فهي في الأول والآخر شقيقته الصغرى، يحبها أكثر من نفسه أكثر من أي شئ .. لم يتوقع يومًا أن تكون هذه رد فعل سلمى على الإطلاق بأن تهرب وتترك كل شيء خلفها دون مبالاه من أي شخص كان .. إلى هذه الدرجة لم تتحمل ؟! .
تماسك ليقول لها :
- أهدي يا نور إن شاء الله خير
رفعت نور رأسها وهي تقول بصوت متقطع :
- أنت متعرفش خايفة عليها أد إيه .. يارب عترنا عليها يا رب
تنهد بحزن وخوف ليقول هو الآخر :
- ومين سمعك .. أنا هتجنن ومش قادر أفكر .. المهم قومي أغسلي وشك وروقي كده عشان نروح نشوفك حل في المشكلة دي .. مفيش وقت وأنا هتصل بطارق
نهضت نور بإستسلام وهي تمسح دموعها وصوت ضعيف يشوبه البكاء :
- حاضر
دخلت نور الحمام تغسل وجهها وتناول يوسف هاتفه وقام بالإتصال بطارق .
****************
خرج طارق من الحمام ووقف أمام المرآه يمشط شعره وهو يصفر، كأنه تناسى الشكل العام لزواجه .. فجأة توقف عن الصفير وتجهم وجهه عندما تذكر سلمى وما حدث بينهم من مشاحنات عديدة منذ اليوم الأول لرؤيتها إلى يومنا هذا .
تنهد بعمق وهو يتمعن لنفسه في المرآه يفكر، هل حقاً أقدامه على هذه الخطوة صحيح أم مجرد تسرع منه ليس إلا ؟! .. هل حقًا يحب سارة ويفعل كل هذا من أجلها، أم من أجل نفسه خوفًا من دمار كل شيء ؟ ..
بداخله تساؤلات عديدة لا حصر لها، مشتت .. غير قادر على تحديد ماذا يريد، الأبواب أمامه متشابهة ولا يعرف إلى أيهما يختار .. فلا وقت للتفكير في مثل هذه الأمور الآن، فاليوم زفافه على سلمى .. والغريب في كل هذا أنه لا يشعر بأنه غير مرغم على هذه الزيجة مثلما كان يشعر من قبل، فلا يعرف لماذا يشعر بالرفض الشديد من زواجه منها، شئ من الراحة بداخله ولا يعرف سببه .. إنه لشىء عجيب حقاً ولا يعرف سره بعد، ولكن المؤكد إنه لا يتعاطف معها .
مسك هاتفه ووجد مكالمات فائتة من سارة، فكر لعدة دقائق كاد أن يتصل بها ولكنه تراجع، شيئًا ما في داخله جعله يتراجع في قراره .. أكمل بحث في هاتفه ووجد أيضًا مكالمات فائتة من نور، شعر بالقليل من القلق فأتصل بها على الفور .
- ألو ايوة يا نور في حاجة ؟
صاحت به بغضب خفيف :
- أنت فين يابني برن عليك
رد سريعاً وقال :
- لسة خارج من الحمام .. كنت باخد شاور .. عايزة إيه دلوقتي ؟
أردفت نور بنفس الحالة :
- ألبس وأطلع على شركة الجوهري دلوقتي حالًا
قطب حاجبه بتعجب شديد والقلق يتسرب إلى قلبه رويداً رويداً .. فنبرتها التي تصيح بها غير مطمئنة بالمرة، فلا تفعل ذلك إلا أن وجد مصيبة أو كارثة، خاصةً في مثل هذا اليوم .. فصاح بلهفة :
- ليه إللي حصل ؟
أردفت نور بنفاذ صبر وقالت :
- في ميتنج مهم وضروري جدًا .. متتأخرش كلهم مستنينك هناك .. أنا ويوسف مسافة السكة وهنكون عندك .. سلام
أنهى معها المكالمة وهو ينظر إلى الهاتف بتعجب وغرابة شديدة .. نعم لقد حلت عليهم عاصفة كبيرة بل أعصار، هكذا يشعر .. دق قلبه بعنف شديد فقام على الفور بأرتداء ملابسه ونزل يركض على درجات السلم، وجد تهاني في أستقباله هي ومحمود ينظرون إلى بعضهم في دهشة وعدم فهم .. شعر بأن والده قد تلقى نفس الإتصال الذي تلقى به منذ دقائق معدودة .. فأردف على الفور :
- في إيه مالكوا ؟
رد محمود بوجه قلوق وتجهم وجهه للحظة :
- طالع على الجوهري دلوقتي .. يوسف لسة قافل معايا من شوية
نظر له طارق بتعجب هو الآخر وقد تأكد من شعوره :
- هو إيه الحكاية .. نور لسة قافلة معايا هي كمان وقالتلي نفس الكلام
تنهد محمود بحيرة ورفع يداه في الهواء بإستسلام وهو يقول :
- علمي علمك يابني .. تعالى نروح نشوف في إيه أنا قلبي مش مطمن للأجتماع ده
تنهد طارق بقلق شديد وقال :
- عندك حق ولا أنا .. بس لعله خير أن شاء الله
تحركوا وكادوا أن يصلوا إلى الباب قالت لهم تهاني حتى تطمئن قلوبهم قليلًا :
- طمنوني بالله عليكوا لو في حاجة
ألتفت محمود وقال باسمًا :
- ماشي يا تهاني .. سلام
ذهب كل منهم بسيارته الخاصة متجهين إلى شركة الجوهري، وبداخلهم تساؤلات كثيرة وقلق كبير .. فما يستدعي عقد أجتماع اليوم بهذه السرعة واللهفة الغير مبررة لأي منهم .. مكالمات غامضة لم يستنتجوا منها أي شيء على الإطلاق سوى التفكير الكثير والقلق الشديد .
*******************
وصلوا أخيرا إلى الشركة متجهيين إلى غرفة الإجتماعات الملحقة لمكتب هاشم، بعد سماح لهم السكرتيرة بالدخول، فقد تلقت أمر من هاشم شخصيًا بأدخالهم فور وصولهم .
وبالفعل نهض هاشم من مقعده وأستقبلهم جيدًا .
ـ أتفضلوا
محمود بلهفة وقلق صاح به :
- في إيه يا هاشم ده وقت إجتماعات !! إللي حصل ؟
هاشم بعدم فهم أردف :
- علمي علمك .. جالي مكالمة من يوسف أن في مصيبة ولازم نعقد إجتماع حالاً وأنا مش فاهم أي حاجة ولا عارف إللي حصل .. بتصل بيه من ساعتها مبيردتش .. أستر يا رب
لم يريد هاشم صدمتهم بهذا الخبر إلا بعد وصول نور ويوسف .. صاح محمود هو الآخر ولكن بغضب :
- حتى نور طول الطريق بتصل بيها تفهمني حتى إللي حصل مبتردش .. أنا مش مطمن
يحاول طارق السيطرة على الوضع ويطمئنهم وهو من يحتاج إلى أحدًا ما ليطمئنه هو الآخر .. فقال كي يصمتون قليلًا:
- زمانهم على وصول يا بابا أقعد أرجوك
جلسوا على طاولة الإجتماعات جميعًا في إنتظارهم، وهم على نار أحر من الجمر وكل التساؤلات والتخيلات تمر على عقولهم دون تفسير .
وصلت نور ويوسف وركن كل منهم سيارته، نظرت له والقلق والتوتر يملئان عينيها عندما وجدت سيارتهم مرصوفة جانباً، أي هم بالأعلى الآن .. لا تعرف كيف تواجههم وتبوح لهم بسر الإجتماع المعقد في هذا التوقيت بالتحديد، فهم ما يدور في عقلها تنهد بعمق وإقترب منها كي يطمئنها .
- متقلقيش .. تماسكي على الأقل دلوقتي
نظرت له بخوف شديد وقالت :
- ربنا يستر يا يوسف
صعدوا ودخلوا على الفور غرفة الإجتماعات دون قرع أو أي أخر .. بل بقوة كدخول شرطة مكافحة المخدرات .. كل الأعين أنصبت نحوهم بدهشة وقلق وخوف وعدم فهم .
كاد هاشم أن يتحدث فقاطعه طارق بشىء من الغضب :
- أهم وصلوا .. ممكن تهدوا بقى ونفهم منهم إيه سر الإجتماع المبهم ده
فقد سأم من حديثهم عن ما يحدث وأخيرًا وصلا بسلام .. جلسوا في هدوء شديد فنظر محمود إلى ابنته وصاح بقلق ليفهم أي شيء في هذه الدوامة التي دخل بها :
- ما تفهمينا يا بنتي إللي حصل وإيه سر الإجتماع المفاجئ ده ؟
نظرت نور ليوسف بقلق تستنجد به فرد هو قائلًا :
- مفيش فرح
حالة من الهرج حدثت في ثوان معدودة وظلوا ينظران إلى بعضهم البعض بدهشة وعدم فهم .. فصاح بهم هاشم بغضب :
- يعني إيه مفيش فرح !!
تداخل محمود هو الآخر بغضب شديد :
- ده وقت هزار يا يوسف .. فرح إيه ده إللي مفيش
طارق لم يعلق على شئ فالخبر صدمه .. ولم تستطع نور كبح إنفعالاتها أكثر من ذلك بما أن الجميع في حالة ثورة وصاحت بهم بعنف شديد :
- لا مبيهزرش يا بابا .. عشان مفيش عروسة أصلًا
نظروا إلى بعضهم بعدم تصديق وفهم .. هنا أنتفض طارق بشدة وهو يصيح :
- يعني إيه مفيش عروسة .. سلمى فين يا نور .. إللي حصل؟
نهض يوسف وصاح هو الآخر :
- يعني سلمى هربت يا طارق .. هربت ..
يتبع ..
الحلقة العشرون
"إنهدار قوة"
نعم إنها الصاعقة والصدمة الكبرى، شيء لم يكن في الحسبان على الإطلاق، ولم يتوقع أي منهم صدور مثل هذه الفعلة من سلمى قط .
جلس هاشم في ذهول للغاية، لم يتصور أن يأتي اليوم وتضعه ابنته في مثل هذا الموقف، ماذا يقول لهم وماذا يفعل، كيف يريهم وجهه بعد الآن .. لقد كانت طبيعية في الأيام الأخيرة وتصرفاتها توحي برضاءها عن تلك الزيجة، على الرغم من تجنبها منه تأثرا منها لما حدث .. ولكن هل يمكن أن تكون هذه خدعة ؟ ستار لما تخفيه بداخلها وتنوي عليه .. لا يصدق ما حدث لا يصدق .. ماذا يقول للمدعوين الذين سوف يحضرون مساءا، ابنتي هربت ليلة زفافها ؟! .. لماذا وكيف ؟ وتكثر الأقاويل .. فهي كارثة فضيحة أكثر من كونها كارثة وحلت عليه .
صدمة طارق لم تكن أقل من صدمة هاشم أبدًا .. بل جعلته في حالة هياج كبيرة، ولم يكن قدر على الإستيعاب بعد، كيف تترك كل شيء بهذه السهولة وترحل بعيد ؟ .. لقد أتفقا على كل شيء معًا وإنها مسألة وقت ليس إلا، لما خانت العهد ونكست الوعد ؟، لما غيرت قرارها بهذه الطريقة بمفردها دون الرجوع إليه حتى على الأقل ؟ .. لما الصدمة بهذه الطريقة ؟! أسئلة كثيرة تدور في مخيلته وليس لها أجابة .. لهذه الدرجة تكرره؟ لهذه الدرجة لم تشعر نحوه بشئ من الألطاف، لهذه الدرجة لا تريد العيش معه ؟، فما كان يشعر به من لطف في المعاملة أحيانًا معها أكان مجرد تمثيل أم هو جد صحيح ؟ .. لا يعرف ماذا يفعل فصاح بشدة وعنف :
- يوسف .. أنت واعي بتقول إيه ؟ .. ازاي وليه ؟ .. وأتفاقنا ؟ احنا كنا خلاص مرتبين كل حاجة فجأة كده تتصرف من دماغها وتختفي .. إللي حصل إيه الغلط في الموضوع ؟
صاح به يوسف بغضب هو الآخر، لم يستطع تحمل أكثر من ذلك .. فقد مر العديد من القرارات والمواقف أحتراما لرغبة والده ولمصلحة الجميع، لكن الآن لا ففي النهاية هربت شقيقته :
- في إنها مقدرتش تتحمل أكتر من كده .. مقدرتش تشوف نفسها أسيرة للمرة التانية .. اليوم إللي بتتمناه أي بنت يجي عليها بالشكل ده .. وليه ها عشان مصالح شخصية
قالها وهو ينظر إلى هاشم ثم تابع :
- ياريتها كانت جماعية قولنا ماشي .. إنما بتدفع ضريبة ملهاش فايدة منها .. أنت السبب في كل اللي بيحصل أنت السبب .. طالما حبيت توسع أكتر وأكتر جيت على حساب بنتك الوحيدة .. مش كفاية أمها !!
وهنا كانت الصاعقة أتسعت عيناه بشدة وصدمة كبيرة هو ومحمود، كيف يكون على علم بهذه الحكاية ومتى ؟ ..
طارق شعر بالأختناق والحزن الشديد مما سمعه للتو، نعم فيوسف محق بالفعل تحملت مما لا شخص في نفس موقفها يمكن أن يتحمل .. ولكن النتيجة غير محسومة بالنسبة له .. ولكن تفاجئ أيضًا بسر وفاة فريدة المبهم هو ونور، طالما كانت تعلم بأن وفاتها غريبة ولا تعرف التفاصيل، حتى سلمى نفسها لا تعلم .
ترك الإجتماع بكل غضب وفتح الباب وخرج، فأرتطم الباب بشدة فأنتفضت نور وظلت تنظر لهم جميعًا في صدمة ودهشة وذهول .. نعم إنها في كابوس مخيف لا تستطيع التعبير عما بداخلها من غضب وخوف .. سال الدمع من عيناها بغزارة وهي ساكنة في مكانها دون حراك، تحاول استيعاب ما قاله يوسف منذ دقائق معدودة قبل رحيله ..
كما توقعت بالفعل وفاة فريدة أمامه ستار سميك منذ سنوات ولا يوجد أي شخص حتى الآن أستطاع إزالته .. لكن رويدًا رويدًا يبدأ بالإنسدال .
بوجه متجهم وبدون أبداء أي كلمة حملت حقيبتها ورحلت على الفور، فقط رمقتهم نظرة غاضبة عنيفة مصحوبة بالأشمئزاز .. مسحت عيناها بسرعة ورحلت من الشركة على الفور، حاولت الإتصال بيوسف ولكنه غير متاح الآن فتوقعت أن يفعل شيء مثل هذا، رد فعل طبيعي .. الضغط هنا سيد الموقف وصل إلى حد الإنفجار لكل منهم، سلمى لم تتحمل القيود ففكت قبضتها وهربت ويوسف لم يتحمل السكوت أكثر من ذلك وطاح في كل الحضور بهذا الإجتماع المخيف، الذي بمثابة كشف عن صحف سوداء بما تحمله من أنانية وطمع وحب السلطة بما فيها المال والنفوذ .
*****************
قاد بسرعة جنونية لا يعرف إلى أين يوؤل، جن جنونه بالفعل .. إلى أين ذهبت يا ترى ؟ أين أنتِ يا سلمى ؟ لما أختفيتي بهذه الصورة ؟ .
حاول الإتصال بها لعدة مرات ولكن الهاتف مغلق أو غير متاح، بدأ القلق يستجمع ويتسرب إلى قلبه وهو يشعر بالرعب الشديد من المجهول .. شقيقته الصغرى ولا يعرف أين هي وماذا تفعل .
فكر أولا أن يسال عنها عند أحدا من أقاربهم ولكن ما يقول !! .. أبحث عن شقيقتي في ليلة زفافها ؟ بالتأكيد يقلقون ويدب الشك في عقولهم قبل قلوبهم ويضطر في نهاية الأمر البوح بالحقيقة .. ولكن لا فليكن ما يكون سوف يفعل ذلك فلا يوجد خيار بديل؛ فلا يستطيع إبلاغ الشرطة عن فقدانها قبل أن يبحث عنها هو أولًا جيدًا ..
فأقاربهم محدودين والأقرب لهم خاصًة لسلمى السيدة سميحة عمته، توفى زوجها قرابة خمس سنوات وتعيش مع ابنها الوحيد، يعمل ضابط شرطة ولم يتزوج بعد .. احتمال كبير يكون قد ذهبت إليها خاصًة أن أمير يعود من عمله في وقت متأخر، فيمكنها المكوث راحة .. تردد كثيرًا قبل ذهابه إليها ولكن حسم الأمر وذهب بالفعل ..
****************
نعم .. بدون أي كلمة رحل طارق هو الآخر والجنون يسيطر على تفكيره بمعنى الكلمة، حقًا شيء لم يكن في الحسبان على الإطلاق ولا يعرف كيف يفكر بطريقة سليمة حتى، لهذه الدرجة تكره إلى أن فكرت بالهروب .. بالرحيل ؟ فجأة ومتى!! ليلة زفافهم .. لا يبالي بالمدعويين أكثر من إهتمامه وانشغاله بها، لا يفهم بعد سر المشاعر للتي يشعر بها الآن ولماذا قلبه منقبض لهذه الدرجة ؟ أحقًا أنجذب نحوها وشعر بالضيق الشديد والغضب لفراقها ؟ .. كان يجب أن يفرح بأنه تخلص من هذه الزيجة، ولكن لا بداخله شعور مغاير حقًا .. هو منزعج من ذلك، حقًا يريدها.. فهي ليست بمشاعر شفقة أو عطف كما شعر بها لأول لقاء بيهم في المشفى .
حاول اﻹتصال بها ولكن الهاتف مغلق أو غير متاح هو اﻷخر، ماذا يفعل يا ترى وأين يمكن أن يجدها ؟ .
*******************
بالتأكيد الخبر أنتشر ووصل إلى مسامع عاصم، الذي لم يصدق ما حدث في بادئ الأمر ولكنه كان سعيد حقًا بتلك النتيجة التي كان يرجوها بشدة منذ إن علم بالشرط العجيب الذي وضعته الشركة في الصفقة .
ولكن إلى أين قد ذهبت يا ترى؟، لا سبيل لها كي توؤل .. مهما يكن يرى إنه ببساطة شديدة يمكنه الوصول إليها مهما كانت وفي هذه الحالى سوف تكون له في النهاية، ولكن إحتمال كبير أن ترفض العودة له بعد كل ما حدث .. لفترة طويلة يفكر كيف يمكنه إستعادة سلمى مرة أخرى، يعلم إنه تم خسارتها بالفعل ولكن لن ييأس من أسترجاعها بأي شكل وأي ثمن .
بعد أن أغلق المكالمة الواردة له جلس على مكتبه بهيبة وهو يضحك بشدة ويطلق دخان سيجاره بثقة وغرور .
نظرت له سارة بغرابة وهي ترفع إحدى حاجبيها لتقول بعدم فهم
- الله إللي يضحك للدرجادي ؟!
توقف عن الضحك ومال عليها ورد بإبتسامة خبيثة وبكل ثقة :
- معذورة يا حبيبتي .. أصلك متعرفيش إللي حصل
دب الشك والقلق بداخلها، وشعرت أن الحديث ور نحو طارق .. فصاحب بلهفة وإهتمام :
- في إيه .. إللي حصل ؟
ضحك وعاد لوضعيه الأول وقال :
- الظاهر كده يا سارة إنها بيضالك في القفص وأمك دعيالك لم تفهم بعد إلى أي مدى يتحدث ولم تفهم شئ .. فصاحت به بضيق وقالت :
- هو ده وقت غموض يا عاصم ما تقول في إيه أنا بدأت اتوغوش
إبتسم عاصم وقال بثقة :
- واضح كده هيخلالنا الجو .. سلمى هربت
أتسعت عيناها في صدمة ودهشة، لم تصدق ما سمعته لتوها .. لما ومتى ؟ .. فأنتفضت وهي تقول :
- نعم بتهزر ؟!
ضحك عاصم شدة من الحالة التي تبدو عليها، فقد كانت فقدت الأمل بالفعل من الوصول لطارق، فرد فعل طبيعي لما صدر منها .. أردف قائلًا :
- للدرجادي كنت فاقدة الأمل
صاحت به بعنف تريد أن تعرف أدق التفاصيل عما حدث، ﻹنه لو كان صحيح لتغير مجرى علاقتها بطارق .. بلهفة وإهتمام قالت :
- هربت ازاي وأمتى ؟
رد عاصم بعدم تأكيد مصطنع :
- امتى حوالي الضهر ازاي الله أعلم ده إللي محدش عارفه لغاية دلوقتي .. بس مصيري أعرف متقلقيش
شردت سارة بشدة وبدأت تفكر كيف تقترب من طارق من جديد حتى لا يبحث عنها ويصبح لها وحدها .. فقامت بدون أبداء أي كلمة .. وأخذ عاصم ينادي عليها وهو يضحك بسخرية وبشدة إلى أن أختفت عن ناظره .
******************
وصل يوسف إلى منزل السيدة سمحية، رن جرس الباب بتردد فكاد أن يرحل إلا وأن فتحت له الباب .. ارتسم على وجهها إبتسامة تلقائية مجرد رؤيته، بعد السلام والترحاب دخل يوسف وجلس معها يتلفت حوله كأنه يبحث عن شيئًا ما، لاحظت سميحة توتره وبدأت تستفسر منه ولكنه أجاب إنه بخير .
جلسته غير منتظمة يفرك بيداه بشدة ولا يعرف من أين يبدأ :
- ازيك يا عمتو
شعرت سمحية بالقلق ولكنها تماسكت حتى تفهم ما الأمر، فردت على الفور باسمة :
- الحمد الله يا حبيبي .. بابا كويس في حاجة ؟
رد يوسف بقليل من التوتر :
- لا لا كويس كله تمام
أعتدلت جلستها وقالت بقلق :
- اومال مالك قاعد مش على بعضك ليه ؟
غضب بأنه إنفعالاته بدت تظهر عليه بشدة .. فأجاب سريعا بسؤال كي يخفي ما يبدو عليه :
- اها بالحق أمير فين وأخباره إيه ؟
قضبت سميحة عيناها بشدة بغضب وشك وبدأت تشك في أخفاءه لشيئا ما .. فردت بنبرة يعرفها جيدًا :
- ما أنت عارف يا يوسف .. أمير مبيجيش غير متأخر وفين وفين لما بيرجع بدري يتغدى وينزل .. عايزة أعرف إللي بيحصل بتلف وتدور على إيه (كاد أن يتكلم فقاطعته) ومتكدبش عليا
هو يعرف عمته جيدًا فهو لا يعرف الكذب ويظهر عليه بشدة، وبهذه النظرة وتلك النبرة سوف يقر لها بكل شئ فتسائل بحذر :
- هي سلمى مش عندك ؟
قضبت جبينها بدهشة وشك وقالت :
- وإيه إللي يجيب عروسة في يوم فرحها عندي الساعة دي
أبتلع غصته بصعوبة ولا يعرف ماذا يقول .. بتحكم في إنفعالاته قائلًا بتعلثم والعرق ينصب من جبينه :
- أصل .. أصلها يعني .. هي ..
قاطعته وهي تصيح :
- أصلها إيه وهي إيه .. ما تنطق يابني
أستجمع قواه وقال سريعًا بتوتر وإرتباك :
- أصلها هربت
تحولت قسمات وجهها من القلق إلى الحزن الشديد، ونوعا ما من الهدوء الغريب الفير مصاحب في هذه الحالة، الشئ الذي أثار دهشة يوسف كثيرًا، فلم تندخش أو صدت كما فعل الآخرون .. فتسائل يوسف بحذر :
- شايف يعني حضرتك مش متفاجئة
ردت سميحة بهدوء وحزن شديد :
- وأتفاجئ ليه .. ما ده المتوقع إنه يحصل
أتسعت عيناه دهشة ليستعب كلمات عمته :
- متوقعة إنها تهرب ؟!!!!
ردت سميحة بنفس الحالة :
- شايف أخت سعيدة أوي في حياتها ولا في أختيارات أبوها ؟!! ..
متوقع منها إيه إنها تستسلم وتخضع للأمر الواقع ؟!
يحاول جاهدا إستيعاب حديثها ويحلل هدوءها النفسي ليقول بتعجب :
- لا مش سعيدة بس مش لدرجة الهروب .. عمري ما تصورت إنها توصل لكده
صاحت به سميحة بفضب :
- لا توصل يا يوسف .. أجبارها إنها تعيش مع إنسان مبتحبوش ولا عايزاه للمرة التانية وتبقى مسلوبة الإرادة تتجوز إللي على مزاج أبوها يخليها توصل للقرار ده .. هي لعبة في أيده ولا إيه .. مكنش متصور يعني إنها هايجي في يوم وهتثور عليه من ديكتاتوريته وتتحرر زي الشعب إللي أتمرض على رئيسه ؟! .. هي كده بالظبط خلاص فاض بيها إنها تضحي بحياتها وشبابها عشان خاطر السلطة والفلوس وبأمر الحاكم .. أبوها
يستمع يوسف إلى حديقها بإهتمام وكل أذن صاغية وقلبه يعتصر ألما وحزنا على حال شقيقته وما وصلت إليه .. فالسيدة سميحة حقا محقة في كل كلمة تفوهت بها، ولكن ما العمل إذا وأين هي حتى يصلح على الأقل ما تم إفساده .. فرد بألم وحيرة :
- عندك حق يا عمتو .. بس أنا في أيدي إيه أعمله ومعملتوش .. ياما وقفت قصاده ومفيش فايدة إللي في دماغه في دماغه مهما قولتي أو عملتي .. أخرتها لما سلمى أنفعلت عليه ضربها وفقدت وعيها .. أعمل إيه بس يا ربي أعمل إيه
شعر بكسره نفسه وضعفه فبكى .. فشعرت هي بحسرته وألمه وبكت هي الأخرى، فهي تعرف جيدًا أن محاولات يوسف مع أبيه باتت بالفشل وفعل كل ما في أستطاعته .. نهضت وإقتربت منه وضمته إلى صدرها فكيا معًا وهي تربت على ظهره بعطف وحنو، تعوضه عن ضمة وحنان فريدة رحمة الله عليها .. فقد شعروا باليتم حقًا بها فهي كانت لهم كل شيء ومن بعدها فقدوا كل شيء .
حاولت الهون عليه قدر المستطاع وهي تقول :
- مكنتش أقصد إللي قولته بيك يابني .. أنت عارف كده كويس أنا مقهورة عليكوا أنت وأختك المسكينة قليلة الحيلة من أبوكوا .. الفلوس لحست دماغه لدرجة إنه نسي إنكوا ولادوا .. حقك عليا أنا يا حبيبي .
أبتعد عنها وهي يمسح دموعه قائلًا :
- أنا مشوفتش في حنيتك بعد أمي .. كأن ربنا عوضني بيك .. بس أحساسي بالعجز مموتني حقيقي مموتني ومش عارف أعمل إيه
مسحت دموعها هي الأخرى وارتسمت بسمة صغيرة على شفاتيها لتقول :
- بكرة ربنا يفرجها من عندك متقلقش .. أرمي حمولك عليه
تنهد بعمق فقد شعر بكثير من الراحة كلما تحدث معها .. فإبتسم هو الآخر وقال :
- ونعم بالله .. بس متعرفيش ممكن تكون راحت فين ؟ أنا توقعت إنها تكون عندك
ردت سريعا :
- ربنا يعترنا عليها إن شاء الله .. ولو في جديد هكلمك
نهض على الفور وسميحة على نهوضه ليستعد للنهوض :
- طيب متشكر أوي يا عمتو .. هستأذن أنا بقى أحاول أتصرف
خطى بضعة خطوات وهي تبعته عند الباب لتقول :
- أبقى طمني يا يوسف
رد قبل أن يخرج ودون الإلتفات إليها :
- إن شاء الله
خرج وقفلت الباب وهي تنظر أمامها بحزن شديد .. لتنظر إليها تقف ووجهها مليئ بالدموع ..
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية صفقة حب" اضغط على اسم الرواية