رواية المعلم الفصل الثاني والعشرون بقلم تسنيم المرشدي
رواية المعلم الفصل الثاني والعشرون
تبع ريان الطبيب الي الخارج ومن ثم سئله بإهتمام :-
_ يعني هي كويسة يا دكتور ؟
_ ابتسم الطبيب علي اهتمامه وأردف موضحاً :-
_ هي كويسة جدا وده الخطر
_ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة متمتاً بعدم فهم :-
_ ازاي يعني ؟
_ واصل الطبيب حديثه وهو يتوجه إلي مكتبه :-
_ الصدمة اللي اتعرضت لها عقلها لسه مستوعبهاش بدليل أن حضرتك قولتلي أنها رجعت هنا بعد وفاتهم بيوم واحد هي كانت راجعة عشان تعيش حدادها مع أهلها وعن اللي انت حكيتهولي برده أن أهلها رفضوها فهي كانت قوية عشان متقعش لوحدها وكل اللي انت حكيتهولي كان بيقويها كل ما بتتعرض لخيبة أمل جديدة وللأن هي معاشتش فترة حزنها وحدادها وده خطر عليها لازم تعيط لازم تصرخ لازم تحس بوجع فراقهم وكل ده طبعاً لازم يكون بمساعدة دعم قوي من حد بيحبها عشان تقدر تتعافي ..
_ جلس الطبيب علي مكتبه ورفع رأسه علي ريان الذي تحولت تقاسيم وجهه كلياً للخوف الشديد وحاول تهدئة روعه قائلا :-
_ أنا شايف أن حضرتك اكبر داعم ليها ، اهتمامك وخوفك عليها كفيل أنهم يقوها ويساعدوها تخرج من صدمتها بكل سهولة بس اهم حاجة متتخلاش عنها لأن صدمتها فيك هتكون اكبر ووقتها ممكن تتعرض لانتكاسه تبقي صعب تخرج منها ..
_ أسرع ريان بالحديث بتوجس :-
_ بعد الشر عنها أكيد مش هتخلي عنها ..
_ ابتسم الطبيب وواصل تعليماته بعناية :-
_ آه ممكن تلاقي عندها خمول وبتنام كتير ده طبيعي لأنها وقت ما جت جسمها كان متشنج جامد وكان لازم تاخد مهدئات ..
_ هز ريان رأسه بتفهم وشكره بإمتنان وغادر مكتبه وتوجه إلي غرفتها ، طرق الباب ثم ولج للداخل مُشكلاً ابتسامة علي ثغره لتبادله هي ابتسامة خجولة بينما أردف هو :-
_ مش يلا بينا بقا كفاية الخمس ساعات اللي قضيناهم هنا ..
_ اتسعت مقلتي عنود بصدمة وتمتمت بعدم تصديق :-
_ اييه خمس ساعات !
_ أماء رأسه مؤكداً حديثها واقترب منها قائلا بنبرة رخيمة :-
_ مش بقولك كنت هكسر المستشفي دي لو فضلتي ساعة كمان علي وضعك ومفوقتيش ..
_ تنهدت عنود مستاءة وأردفت بضجر :-
_ تالت يوم جامعة ضاع اهو كمان ..
_ ابتسم لها ريان عندما رادوته فكرة وردد :-
_ عندي ليكي خبر هيعجبك بخصوص الجامعة بس مش هقولوا هنا هقولوا في بيتنا ..
_ غمز اليها بعيناه وساعدها علي النهوض وغادرا المشفي ، حاوط ريان خِصرها بذراعه لتكون هي حبيسة ذراعه وضعت رأسها علي صدره لعدم قدرتها الكافية لرفع رأسها بسهولة كما سار خالد برفقتهم ،
أردف ريان عندما وصلا إلي الإستقبال :-
_ عايز أدفع الحساب
_ التفت خالد إليه وغمز إليه بغرور :-
_ خلصت كل حاجة
_ ربت ريان علي كتفه بحب ليكملا سيرهم متجهين الي السيارة ، فتح خالد الابواب لهم ومن ثم جلست عنود بالمقعد الخلفي وريان جلس في المقعد الأمامي ، شرع خالد في القيادة بتهمل بينما لم يرفع ريان بصره عنها قط كان يتابعها من خلال المرآة الخارجية تارة وتارة يلتفت بنفسه ليطمئن عليها ،
_ تبادل مع صديقه أطراف الحديث عن العمل وكيف يتعامل خالد فيه بسلاسة وعملية ، مرر ريان أنظاره سريعاً علي المرآة فتفاجئ بها ساكنة موصدة العينين تستند برأسها علي النافذة بإهمال ، خفق قلبه بشدة خشية أن يكون أصابها مكروه ،
_ آمر خالد بالتوقف حيث صف السيارة جانباً وترجل ريان منها مسرعاً واستدار من الباب الآخر وجلس بجوارها يتأكد من نبضها لكن لم يكتفي بذلك ، اقترب من أذنها وهمس بهدوء :-
_ عنود ..
_ فتحت عينيها ببطئ واجابته بثقل :-
_ مممم
_ أبتسم لها ريان ثم جذبها بذراعه لتستكين هي بين أضلعه مستندة برأسها علي صدره ومحاوطة خِصره بيدها متشبثة به بكل قوتها ،
_ عدل خالد المرآة علي وجه ريان وتسائل :-
_ ها اكمل ولا أرجع المستشفي ؟
_ هز ريان رأسه برفض وأردف بصوته الأجش :-
_ لا كمل ..
_ وصلا إلي المنطقة الشعبية القاطنين بها بعد ثلاثون دقيقة ، صف خالد سيارته أسفل بناية ريان ، ترجل منها أولاً فتبعه ريان وقد حملها بين ذراعيه بسبب غفوها ، حتماً لن تستطيع الصعود إلي الاعلي بتلك الحالة المزرية ،
_ ابتسم خالد وأردف مازحاً :-
_ الله يسهلوا
_ بصق ريان علي الأرض واجابه بغيظ :-
_ الحسد ده اللي جايبنا الأرض
_ انفجر خالد ضاحكاً فتفاجئ كليهما بحضور مؤنس عم عنود ، تنهد خالد بضجر بائن بينما قال ريان مرحباً به :-
_ أهلا أستاذ مؤنس
_ كانت تقاسيم وجهه تعبر عما يخفيه بداخله ، تلك الحدة المشعة من عيناه تدل علي عدم الخير ، تبادلا ريان وخالد النظرات بغرابة من أمره ليهم مؤنس هاتفاً بإندفاع :-
_ اظن قلة ذوق لما اطلب أشوف حضرتك وانت تطنش !
_ احتدت ملامح ريان وسحق أسنانه بغضب وصاح به :-
_ بنت أخوك تعبانة وكانت في المستشفي أكيد يعني مش هسيبها واجي اقابلك !
_ رق قلب مؤنس ومرر بصره عليها وسأله بقلق :-
_ هي مالها ؟
_ ابتسم ريان بسخرية وأجابه بجمود :-
_ واحدة اتعرضت لصدمة ولما لجئت لاقرب ناس ليها رفضوها وهانوها تفتكر هيكون مالها ؟
_ هز مؤنس رأسه بإنكار وأردف بعدم اقتناع :-
_ ايه الإهانة في أن اخويا يرفضها زوجة لابنه هو حر ..
_ كز ريان علي أسنانه المتلاحمة بغضب عارم ورمقه بنظرات احتقارية مشتعلة ثم أردف مستاءً :-
_ اللي بتتكلم عنها دي مراتي يعني تحاسب علي كلامك !
_ لم يدع له فرصة التحدث ووجه حديثه لخالد مباشرةً :-
_ أنا طالع ونازل تاني نشوف الحوار ده
_ أماء خالد رأسه بالموافقة ثم صعد ريان إلي الاعلي حاملاً فتاته بين ذراعيه أسفل أنظار رنا ودينا الواقفتان في شرفة المنزل ، مشاعر قوية روادتهم في تلك الأثناء أولهم من هذا الرجل ؟ حتماً ليس ريان ذاته ، ريان ذو الطابع الحاد والنبرة الخشنة لقد تحول تماماً ..
_ ولجت دينا الي الداخل واستلقت علي الفراش واجهشت في بكائها عكس رنا التي اقسمت ألا تتركهم وشأنهم ، سيري من الاهوال فواجع عدة لن يقدر علي تحملها أو حتي استيعابها ..
_ وضعها ريان علي فراشها برفق ، ونزع عنها حجابها كما خلع سترتها السوداء وتركها غافية ببنطال جينز يعلوه كنزة بحملات رفيعة ، ألقي عليها نظرة سريعة ثم هبط الي الأسفل استعداداً لمواجهة المدعو مؤنس ..!
_ ولج داخل معرضه بخطي متريثة إلي أن دلف مكتبه وكما أمر خالد لبي أمره ، مؤنس وخالد قيد انتظاره ، سار نحو مقعده وجلس بثقة ، استدار نحو مؤنس وأردف بشموخ :-
_ أنت عندك بنتين مش كده يا أستاذ مؤنس ؟
_ تعجب مؤنس من سؤاله فـ بناته ليسوا محور حديثهم لكنه أجابه بفخر وتعالي :-
_ آه عندي ..
_ واصل ريان حديثه أسفل أنظارهم المُسطلة عليه بإهتمام :-
_ كنت سمعت قبل كده إن واحدة منهم بتشتغل في شركة كبيرة وكان من شروطهم إنها تقلع حاجبها هي صحيح قلعته ؟
_ ازدرد مؤنس ريقه كما شعر بالحرج الشديد ولم يعلم بماذا يجيبه ، لكنه واصل بشموخ لكي لا يقلل من شأن فتاته وأردف بنبرة متعجرفة :-
_ قلعته ، وارد أنها تحصل !
_ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة ساخرة ناهيك عن نظرات خالد عليه لا يصدق كيفية التحدث هكذا دون خجل عن إبنته ، صمت ريان لبرهة وتابع مضيفاً :-
_ شركة كبيرة عريضة فيها اسانسير يعني ممكن تكون بتطلع مع شباب ، لا مش ممكن ده أكيد مهو مش معقولة الاسانسير هيطلع بواحدة بس !
_ نهض مؤنس بإندفاع وضرب علي المكتب بقبضته وأردف بغضب رافضاً لذاك الحوار :-
_ أنا مسمحلكش تتكلم علي بنتي بالشكل ده !
_ نهض ريان هو الآخر وصاح به :-
_ وانا برده مسمحلكش تتكلم عن مراتي بأي شكل من الأشكال ، مراتي تربية الأجانب زي ما بتقولوا رفضت تسلم علي ابن عمها في أول مقابلة ليهم عشان حرام مع أني متاكد ان لو بنت من بناتك شافوه هياخدوه بالحضن ، بنتك رضيت تقلع حجابها ومراتي رفضت تطلع معايا الاسانسير لوحدنا قبل ما نكتب الكتاب ، بنتك بتسلم علي اي راجل في الشركة تحت مسمي زميلها أنا مراتي عطياني الحق الوحيد في لمسها محدش يتجرأ يقرب منها غيري!
_ عاد ريان الي جلسته ورمق مؤنس بعجرفة وشموخ :-
_ يا تري مين بقا اللي تربية الأجانب ؟
_ نجح بجدارة أن يلجم لسانه وعدم قدرته علي مواصلة الحديث ، تنهد ريان وتابع مضيفاً بنبرة أكثر هدوئاً :-
_ حتي لو مكنتش كويسة ده مش مبرر أن أخوك يرفضها كان ممكن ياخدها ويعلمها علي العُرف اللي كلنا عارفينه بس انا اكتشفت أن أخوك أصلا لا يعرف عُرف ولا تقاليد ، مفيش واحد محترم في عمره يجر بنت أخوه في الحارة كلها ويخليها فُرجة للرجالة من تحت والستات من شبابيك بيوتهم ، مفيش راجل محترم يمد أيده علي ست غريبة مابالك ببنت أخوه اللي لحمه ودمه ، مفيش راجل محترم يجي وقت كتب كتاب إبنه يقول للعروسة أنا عايز أعرف انتي بنت ولا لأ ؟
_ صعق مؤنس مما يصغي إليه ، لم يكن علي علم بـ تلك الهرائات ، كيف يفعل أخيه هذا ؟ بأي وجه حق فعل ذلك ؟ لقد تعدي حدود الوقاحة ، بات مؤنس يتخبط في صدمته الذي تلقاها لتوه ولا يدري ما عليه فعله الآن ، لكن ما يعلمه جيداً أنه يريد الانسحاب سريعاً لقد تعري تماماً أمامهم ..
_ قطع ريان حبال شرود مؤنس متسائلاً برزانة :-
_ ترضي حد من بناتك اللي مش تربية اجانب يحصله كده ؟
_ رفع مؤنس بصره علي ريان ولم ينبس بشئ ، فقط سحب نفساً عميق وأولاهم ظهره وانسحب من بينهم مطأطأ الرأس بحرج شديد قد اكتسبه في ذاك الحوار ..
_ نهض خالد وصفق بإعجاب كبير قائلا :-
_ ايه يابني اللي عملته ده ، انت خرست الراجل بشياكة أنا توقعت أنك هتقوم تخليه هو والأرض حاجة واحدة ، ايه الحكمة اللي نزلت عليك فجاءة دي ؟!
_ أبتسم ريان بثقة وأردف :-
_ مش عارف ..
_ انفجرا كليهما ضاحكين ثم أردف خالد :-
_ أنا خارج ورايا شغل كتير ..
_ هب ريان واقفاً وأسرع بالحديث قبل أن يغادر قائلا :-
_ استني عايزك
_ التفت خالد إليه متسائلا بفضول :-
_ في ايه ؟
_ اقترب منه ريان بخُطي مهرولة ثم أجبره علي الجلوس أعلي الأريكة الجلدية وظل يجوب الغرفة ذهاباً وإياباً واضعاً كِلتي يديه خلف ظهره ،
_ عقد خالد حاجبيه بغرابة من أمره وتسائل :-
_ في ايه يابني وترتني ؟
_ سحب ريان اكبر قدر من الأكسجين وجلس بجواره وأردف بتلعثم عله يأتي بحل منه :-
_ ايه .. يعني أنا لو .. لو يعني ..
_ في ايه يا ريان ما تنطق !
_ قالها خالد لينهي سخافة ريان الذي بدي عليها ، بينما ألقي ريان الحديث دُفعة واحدة لينهي ذاك الحوار :-
_ لو عايز اخد خطوة نحيتها اعمل ايه ؟
_ ازادات غرابة خالد فهو لم يعي شئ مما قاله واردف متسائلا بإهتمام :-
_ هي مين وخطوة ايه ؟
_ أوصد ريان عيناه بعصبية وصاح به بحنق :-
_ لا ركز معايا كده لإما هقوم أمشي
_ ضحك خالد وأجبر جميع حواسه علي الإنتباه جيدا فواصل ريان حديثه قائلا :-
_ عنود ، عايز أخد خطوة يعني زي اي راجل مع مراته ..
_ فغر خالد فاهه ببلاهة كما اتسعت بؤبؤة عينيه بذهول لا يصدق ما يتحدث فيه ريان ، بينما نهض ريان بتذمر وقال :-
_ ولا كأني سألتك في حاجة انسي ..
_ أولاه ظهره وسار عدة خطوات فأسرع خالد نحوه وأجبره علي الوقوف قائلا :-
_ اهدي عليا ياعم ريان أنا لسه مش مستوعب أنك بتتكلم معايا بالخصوصية دي أصلا ..
_ تنهد ريان بضجر وعاد لجلسته وأردف بفتور :-
_ أيوة يعني اعمل ايه برده ؟
_ حاول خالد كتم ضحكاته حتي لا يثير غضبه وعاد هو الآخر الي جلسته وأردف :-
_ ماهي مراتك يا ريان ايه المشكلة يعني ؟
_ زفيراً وشهيق فعل ريان ثم مال بجسده للأمام ليكون أقرب إلي خالد واجابه موضحاً :-
_ بحس اني عبيط اوي وانا واقف قدامها وبفكر في الحاجات دي ، واحد عنده ٣٤ سنة بيفكر كده في بنت عندها ١٨ سنة بيحسسني بالذنب ، الموضوع في أوله بيبقي طبيعي وحلو بس بعدها مبقدرش أكمل وأبعد ، وبلوم نفسي إزاي أفكر فيها كده الفرق بينا كبير اوي وانا دايما حاسس اني ظالمها معايا ، مش عارف يمكن محستش ده منها بس انا بجد مش عايز ألوم نفسي كده كتير ..
_ تنهد خالد وقال بنبرة رزينة :-
_ أتكلم معاها شوفها هي راضية ولا لأ وعلي فكرة هي لازم تبادلك المشاعر اللي انت محتاجها وقتها مش هتلوم نفسك لأن هي راضية فاهمني !
_ أماء ريان رأسه بتفهم ثم استأذن خالد وغادر لكي ينهي أعماله المتراكمة عليه بينما عزم ريان علي التحدث معها أولاً وبعد ذلك يأتي كما هو مُقدر لهم ..
_________________________________________________
_ انتقت بعناية من إحدي قميصان نومها أكثرهم جرائة وارتدته ، وضعت بعض المساحيق التجميلية التي برزت جُرأة ملامحها الأنثوية ، كما ارتدت بعض الحلي وأخيراً وضعت قدراً كافي من العطر المفضل لزوجها ، وقفت أمام باب غرفتها وتعمدت أن تشد قميصها للاسفل قليلا لكي يبرز قوامها ،
_ أدارت مقبض الباب وهي تسحب نفساً عميقا ثم سارت بدلال بالقرب من زوجها الجالس علي الأريكة بمفرده ، وصلت إليه وانحنت بجسدها بالقرب من شفتاه ووضعت قُبلة رغم رقتها إلا أنها هزت كيانه ، فتح عيناه الموصدة فتفاجئ بمظهرها هذا أمامه ،
_ اعتدل هاني في جلسته وقال في إنكار لما تفعله :-
_ انتي ازاي خارجة هنا بشكلك ده ؟
_ تنهدت رنا وجلست علي قدميه وتعلقت في عنقه وأردفت بدلال :-
_ عمي ماهر نايم ويحيي مش هنا مفيش غيرك !
_ أبتسم هاني بسخرية وقال بتهكم :-
_ رضيتي عني يعني ؟
_ تصنعت رنا الحزن وهزت رأسها برفض لما يقوله وأردفت معاتبة :-
_ وانا من امتي مكنتش راضية عنك ، بس العلاقة اللي بتزيد مشاكلها لازم يبقي فيه إستراحة في النص عشان نعرف نكمل تاني فهمت !
_ تنهد هاني بحرارة وحاوط خِصرها بذراعيه ونهض وهي لازالت متشبثة به كما لفت هي قدميها خلف ظهره حتي يسهل عليه حملها ، ولج بها داخل غرفتهم وألقاها علي الفراش لكنها أسرعت بالقول :-
_ استني بس عايزة أتكلم معاك في حاجة مهمة ..
_ تنهد هاني بضجر ثم قال متسائلا :-
_ في ايه ؟
_ اعتدلت رنا في جلستها وقالت بميوعة :-
_ قعدتك في البيت مش حلوة يا هاني
_ رفع هاني حاجبيه بغرابة وأردف متعجباً :-
_ قولتيلي امشي من الاوضة وسبتها وبنام برا كمان عايزاني أسيب البيت كله ..
_ أسرعت رنا موضحة مقصدها :-
_ لا لا مش قصدي اللي أنت فهمته ده خالص ، أنا بتكلم عن الشغل انت بقالك كتير قاعد ومعتمد علي أخوك لحد ماهو عمل توكيل لخالد وانت لأ وده لأنك مش موجود وعلي طول في البيت ، انت لازم تصلح اللي بوظته وتنزل الشغل وتقرف خالد تخليه يكره اليوم اللي اتعمله فيه توكيل وقتها بس هيتنازل لريان عن التوكيل وبعد كده ريان مش هيلاقي حد غيرك قدامه يعمله توكيل ماهو معتش فاضي للشغل بقا كفاية عليه مرتاته ..
_ عقد هاني ما بين حاجبيه واردف متسائلا بحيرة :-
_ وانتي مهتمة بالموضوع ده ليه يعني ؟
_ أجابته رنا بتلقائية :-
_ عشان نعيش بقا إحنا أولي من الغريب اللي مسكه أملاكه ده ..
_ اقترب منها هاني وقال بين قُبلاته التي يلثمها علي ثغرها الصغير :-
_ ركزي انتي معايا بس الوقتي ونشوف الموضوع ده بعدين ..
_____________________________________
_ مالك يا عم يا يحيي شايل طاجن ستك ليه ؟
_ أردف بها شريف أحد رفاق يحيي ، بينما تنهد يحيي بضجر بائن عله يخرج اختناق صدره مع خروج الهواء لكنه فشل ..
_ استدار إلي شريف وأردف بحنق :-
_ هو ليه ربنا بيدي ناس كل حاجة وناس تانية لأ ؟
_ تعجب شريف من حديثه المبهم وتسائل بحيرة :-
_ وانت ناقصك ايه ؟
_ كز يحيي علي أسنانه بغضب واردف بعصبية :-
_ ناقصني كتير ، ناقصني ....
_ توقف يحيي من تلقاء نفسه عندما لم يجد ما ينقصه ، انفجر شريف ضاحكاً بسخرية وأردف :-
_ عشان انت مش ناقصك حاجة عندك اخ بيحقق لك اللي بتتمناه من قبل ما تطلب ، والدك راجل طيب محترم ، دخلت الكلية الل كان نفسك فيها انت نفسك صحتك كويسة لا ناقص أيد ولا رجل إحمد ربنا يا يحيي عشان النعم اللي عندك متزولش ووقتها تندم أنك محمدتش ربنا ..
_ تأفف يحيي وأردف لإقناعه بنواقصه :-
_ البنت اللي حبيتها وهموت عليها قصاد عيني في حضن واحد تاني ..
_ ابتسم شريف لتلك الصراحة التي يصرح بها للمرة الأولي ثم قال برزانة :-
_ لو كانت نصيبك كنت هتاخدها مش لازم كل حاجة تمشي زي ما انت عايز أكيد في حاجات ربنا مش مقدر أنها ليك كنت سمعت قبل كده خطبة للشيخ الشعراوي بيقول إن رضيت يا عبدي بما قسمته لك أرحت لك قلبك وبدنك ، يعني أرضي انت والخنقة اللي فيك هتختفي وبعدين يا يحيي إحنا لسه صغيرين أوي علي الحب والهبل ده انت لسه وراك خمس سنين جامعة وجيش يعني قدامك كتير اوي ركز في دراستك اللي حلمت بيها وبس ..
_ زفر يحيي أنفاسه بضيق شديد وأردف بيآس :-
_ مش عارف مش عارف طول ما هي قدام عيني مش هقدر اركز في حاجة حاسس ان حياتي وقفت عليها !
_ اقترب منه شريف ولكزه بقوة في ذراعه وقال بمزاح :-
_ ده انت وقعت ولا حد سمي عليك يا عراقي يا صغير
_ نفخ يحيي بضجر بائن ونهض بتذمر :-
_ أنا غلطان اني بتكلم معاك في حاجة انا ماشي سلام ..
_ أسرع شريف خلفه بخُطي سريعة وأجبره علي الوقوف وردد بغرابة :-
_ في ايه يا يحيي انت قافش كده ليه ما تروح تقولها أنك بتحبها وتخلص وهي لو عايزاك هتسيب اللي معاها وتجيلك بسيطة يسطا ..
_ سحب يحيي ذراعه من قبضتي صديقه واجابه بفتور :-
_ مينفعش اقولها كده وحتي لو سابت اللي معاها مينفعش أقرب منها الموضوع متقفل من جميع النواحي عشان كده انا مخنوق ولازم أنا اللي انساها بس مش عارف ..
_ قطب شريف جبينه بغرابة من حديثه المبهم واردف بعدم فهم :-
_ الموضوع شكله ملعبك ( معقد ) وعايزله قاعدة تعالي احكي لي علي رواقة وانا اشوف لك حل ..
_ أماء يحيي رأسه برفض ثم أولاه ظهره وأردف بيأس :-
_ أنا ماشي ، سلام
_ وضع شريف كلتي يديه في منتصف خصره متعجباً من حالة صديقه الذي يراه عليها للمرة الأولى ، تنهد بإستياء وعاد بأدراجه الي المقهي الذي يعود إلي والده ..
_________________________________________________
فتح باب شقته وولج إلي الداخل بهدوء حتي لا يُسبب لها الازعاج ، أغلق الباب برفق ومن ثم ذهب إلي المطبخ ليضع الحقائب البلاستيكية علي الطاولة الرخامية ، لكنه تفاجئ بوقوفها في المطبخ بزيها النحاسي طويل القامة ذو أكتاف عريضة ( سلوبت ) ، رافعة شعرها للأعلي منسدل منه بعض الخصلات الشاردة ، ناهيك عن رائحة عطرها الرائع الذي تغلغل داخل أنفه ،
_ وقف ريان مستند بمرفقه علي الباب يتفحص تقاسيمها المُهلكة التي تبرز خلف ذاك الثوب ، لقد فقد عقله قبل أن يري وجهها ، إذا ماذا سيحدث له ان استدارت إليه ؟!
_ حمحم ريان ليعلن عن وصوله ، فزعت عنود من صوته الذي صدح فجاءة ، اعتدلت في وقفتها واستدارت إليه ليتفاجئ بالحُسن والدلال الذي يتحدث عن نفسه ، رقة مبالغة وخصيصاً عندما وضعت بعضاً من مساحيق التجميل ذات الألوان الفاتحة التي برزت معالمها عكس الوجه البرئ التي تتمتع به ،
_ شكلت ابتسامة علي ثغرها واقتربت منه وفاجئته بقُبلة رقيقة كـرقتها علي وجنته ثم رحبت به :-
_ حمد لله علي سلامتك !
_ بالتأكيد يحلم ! أوصد عيناه وفركهم بشدة ثم فتحهم ليري الوضع كما هو عليه ، واقفة أمامه مُشكلة ابتسامة آذابت قلبه ،
_ هز رأسه بعدم تصديق وأردف ببلاهة :-
_ ايه ده ؟
_ اتسع ثغرها بإبتسامة عريضة وأردفت وهي تشير بيدها إلي الصحون الموضوعة علي الطاولة الرخامية :-
_ ممم هتاكل النهاردة من ايدي !
_ أبدي ريان إعجابه الشديد لترتيب الصحون بصورة منظمة لم يسبق وأن رآها من قبل ، ناهيك عن عدم قدرته لمعرفة نوع الطعام ، هز رأسه بعدم إدراك وأردف :-
_ هو شكله يفتح النفس بس ايه ده برده عبارة عن ايه يعني ؟
_ إلتمعت عيناها بحيوية وأردفت بحماس :-
_ دي باستا فوتشيني بالكريمة آكلتي المفضلة وواثقة أنك هتحبها !
_ أجابها ريان بعفوية :-
_ أنا حبيتها خلاص ، أقصد يعني أكيد حلوة عشان من ايدك !
_ أبتسمت بسعادة وأردفت بحدة زائفة :-
_ أنا مش بحب الـ Compliments ( المجاملات ) قولي رأيك الحقيقي ..
_ أماء رأسه بالايجاب فتابعت هي مضيفة :-
_ في طبق زيادة ممكن تنزله لـ Uncle ماهر
_ ضيق ريان عينيه عليها وهتف بتردد :-
_ ممم آنكل ماهر هيكون في سابع نومه الوقتي عموماً هاتي لو لقيته نايم يبقي الطبق من نصيب يحيي ..
_ اومأت رأسها بالقبول بينا هم ريان بالهبوط للاسفل لكي يفعل ما قاله بينما وضعت هي الصحون علي المائدة وجلست قيد انتظار عودته ..
_ كما توقع تماماً لقد غفي والده باكراً ، كما لم يجد يحيي أيضاً ، تنهد بضيق وعاد بأدراجه للخارج فتقابل مع يحيي علي الدرج ، ابتسم بحيوية وأردف :-
_ كويس اني لقيتك أكيد مأكلتش حاجة !
_ رمقه يحيي كثيراً بندم شديد ، يبادر ريان دوماً بالعطاء ولا ينتظر رده ، فقط يعطي ويبهره حتي في اقل أفعاله ، وهو ماذا فعل ؟! يفكر بزوجته ! يجدر عليه وضع حد لهذا الوضع السخيف فليس علي استعداد لخسارة أخيه من أجل امرأة أو غيرها ..
_ ابتسم يحيي بتهكم واخذ الصحن منه وأردف ممتناً :-
_ شكراً
_ غمز ريان إليه ثم ركض إلي الاعلي ليتمتع قليلا بالاجواء التي فاجئته هي بها ، ولج الي الداخل وشاركها المائدة ، بدت الأجواء مليئة بالخجل والرغبة كما خُلق أمل في قلب ريان نحوها ..
_ مر القليل ثم وجه ريان بصره عليها وقال وهو يستمتع بتذوق الطعام :-
_ طعمها جميل تسلم ايدك
_ دقت اسارير السعادة قلبها وارتسمت ابتسامة خجولة علي محياها وقالت ممتنة :-
_ Thanks ..
_ أنهي صحنه بالكامل وانتظر حتي أنهت هي طعامها ثم تسلل بيده إلي أن احتضن يدها الصغيرة الموضوعة علي المائدة ، ابتلع ريقه مراراً في محاولة منه أن يصرح بحبه لها لكنه لا يستطيع ،
_ هدئ من روعك يا رجل الأمر ليس بتلك الصعوبة ، انها فقط كلمة ليس إلا !
_ سحب نفساً عميق وفتح فاهه لينطقها ، لكن لا تريد الخروج وكأنها انحشرت بداخله ، استشفت عنود الصعوبة الذي يواجهها هو وأسرعت هي بالحديث مصرحة بمشاعرها :-
_ ريان I love you ..
_ اتسعت مقلتيه بذهول وشد علي يدها عله يصدق ما صرحت به لتوها ، سحب أكبر قدر من الأكسجين وأردف بعدم تصديق :-
_ قولتي ايه ؟
_ تحول لون وجهها الي الحُمرة الصريحة وأعادت ما أردفته الآن :-
_ I love you ريان
_ نهض ريان من علي مقعده وجذبها من ذراعها ومال برأسه أمام شفتاها قائلا بصوته الأجش :-
_ قوليها تاني !
_ اضطرت عنود علي محاوطة عنقه بذراعيها لكي لا تقع أثر تشبثه القوي بها كما وقفت علي قدمه وأعادت قول اعترافها الجرئ للمرة الثالثة لكن تلك المرة كانت بدلال مبالغ :-
_ I love you
_ لقد جن جنونه من خلف نبرتها الرقيقة التي تنطقها بدلال لم يخوضه معها من قبل ، تنهد وهمس أمام شفتاها :-
_ قوليها عربي ..
_ ابتلعت ريقها بخجل وخصيصاً عندما ضمها أكثر لحضنه شعرت حينها بنبضاته أمام قلبها ، جمعت قواها وأردفت بنبرة متحشرجة خجولة :-
_ بحبك ريان !
_ دقت طبول السعادة قلبه لإعترافها بحبه بل كانت تتراقص نبضاته علي سيفمونية ذاك الاعتراف ، ضمها لحضنه وعانقها بقوة يريد أن يدخلها بجوفه ،
_ بعد برهة رفعها ريان قليلا عن قدمه ثم سار بها بتريث نحو الغرفة ، ركل الباب بقدمه وولج إلي الداخل وهي لازالت متشبثة به بقوة ،
_ مال بها ريان علي الفراش ورمقها بنظرات تملئها الرغبة وحاول أن يصرح بحبه ، لكن الكلمة ثقيلة ولا تريد الخروج ، تنهد بضجر بائن فأسرعت هي في جذب وجهه نحوها لكي لا يُصعِب الأمر علي نفسه ،
_ لقد كانت متفهمة لأبعد حد غيرها كان سيرفضن أي تودد في علاقتهم لطلاما لم يصرح الرجل بحبه ، لكنها تفهمت صعوبة الأمر الذي يقع به ، وها قد انجرف معها ريان في تيار حبهم الذي أخذ وضعه الآن ..
_________________________________________________
_ نهض من المقعد بعصبية وألقي الهاتف بإندفاع علي المكتب ، أوصد عينيه يحاول كبح غضبه ,
_ شهيق وزفير فعل خالد ثم جذب الهاتف مرة أخري وهاتف ريان ..
_ جاب الغرفة ذهاباً وجيئا للمرة العاشرة علي التوالي وهو لا يجيبه ، تنهد بضجر اكبر وأعاد مهاتفته مرة أخري عله يجيب تلك المرة ،
_ بينما أجبرته عنود علي الابتعاد عنها قائلة :-
_ موبايلك بيرن رد عليه أكيد في حاجة مهمة ..
_ أزفر ريان أنفاسه بضيق ومن ثم نهض وهو يتأفف بعدم قبوله لإبتعاده عنها ، أجاب صديقه بصوت متحشرج :-
_ في ايه يابني ؟
_ توقف خالد مكانه وأردف بعدم صبر :-
_ في مصيبة حصلت
_ عقد ريان حاجبيه ومرر أنظاره سريعاً علي عنود ثم دلف للخارج ، وقف بمنتصف الردهة وتسائل بتوجس :-
_ في ايه ؟
_ المينا وقفت حاوية الخشب اللي جاية من ألمانيا ولقوا فيها مواد مخدرة ، عادل زميلي لسه قافل معايا ومبلغني وهو بيحاول يعطل الموضوع علي قد ما يقدر لما نروح إحنا نشوف حل ..
_ وضع ريان إحدي يده خاف رأسه بذهول متمتاً بعدم تصديق :-
_ مخدرات ايه انا ناقص مخدرات !
_ أزفر كليهما أنفاسهم بعدم استيعاب لما يحدث ، ثم أردف ريان بقلة حيلة :-
_ أنا جاي لك حالا ..
_ أغلق الهاتف وقد تحولت تعابير وجهه إلي الضيق الشديد ، سحب نفساً عميق وعاد الي الغرفة مرة أخرى ، اعتدلت عنود من نومتها ورمقته بتوتر تحول تدريجياً إلي خجل صريح عندما رأته يغلق أزرار قميصه ،
_ جلس ريان علي طرف الفراش بالقرب منها وأمسك يدها وهتف موضحاً :-
_ أنا آسف بس مضطر أمشي في مشكلة حصلت في الشغل ولازم أسافر لها حالا ..
_ اتسعت مقلتيها بصدمة وتمتمت بذهول :-
_ تسافر !
_ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة لم تتعدي شفتاه وشد علي يدها حتي يطمئنها :-
_ مش سفر بمعني سفر يعني ساعتين رايح وساعتين جاي بس الله أعلم هقعد قد ايه هناك ، ادعيلي ..
_ بادلته إبتسامة عكس ما تشعر بداخلها ، تريد أن تتشبث به وترفض سفره لأي مكان ، لن تتحمل خسارة أخري حتماً ستنهار تلك المرة ،
_ نهضت برفقته إلي أن وصلا إلي الخارج ، مال ريان برأسه عليها ووضع قُبلة علي شفتاها وأردف :-
_ خلي بالك من نفسك ..
_ بينما بادلته هي عناق قوي وأماءت رأسها بطاعة وأردفت بنبرة متوترة :-
_ استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه .
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية المعلم" اضغط على اسم الرواية