رواية سحر سمرة الفصل الثالث والعشرون بقلم أمل نصر
رواية سحر سمرة الفصل الثالث والعشرون
مأ اصعب ان ترى بعينيك أسوء كوابيسك على الحقيقة !
ابتسامته البغيضة لها ..ذكرتها بابتسامة الذئاب حينما تكشر عن انيابها لبث الرعب بقلب الفريسة .. صوته الصادر كفحيح الافاعى مع انفاسه الحاره التى كانت تلفح وجهها بعيون مشتاقة بعنف وكلماته التى كانت تتردد فى اذنيها باستمرار :
- مهما هربتى ومهما بعدتى .. اَخرك فى حضن " قاسم "وبس .. حضن " قاسم " وبس يا" سمره " انتى فاهمة !
أطلقت صرخة مدوية لتفاجأ بيدٍ تربت عليها بحنان فوجدتها لبنى "الجالسة بجوارها وهى تحاول تهدئتها :
- اهدى يابنتى اهدى ..الف سلامة عليكى
- انا فين ؟
قالتها برعب جلى وهى تنظر ل" لبنى " بتشتت وعيناها تطوف بالغرفة وعلى نفسها وهى مستلقية على فراش المرأه ..التى لامست جبهتها المتعرقة وهى تقول :
- اطمنى ياسمره " انتى فى اؤضتى انا يابنتى .
نهضت بجزعها وهى تجاهد لتذكر ماحدث ومالذى اتى بها هنا فى هذه الغرفة .. هى اخر ماتذكره هو اتصال " صوفيا " بها وخروجها من القصر للشارع الخلفى وهنا تذكرت عيناه و.... اصدرت شهقة عالية وهى تتلجلج فى كلماتها
- انا شوفت " قاسم " دا كان هايخطفنى .. هو راح فين ؟
فُتح باب الغرفة فجأة فدلف " رؤوف "وهو يتحدث بلهفة .
- ايه الصرخة اللى انا سمعتها دى ؟ هى " سمره " صحيت؟ انتى كويسة يا" سمره "؟
قال الاَخيرة بعد ان اقترب منها وهو يدنو بوجهه اليها .. فخرج صوتها بصعوبة مع انفاسها الاهثة والمضطربة ؟
- انا عايزه اعرف ايه اللى حصل ؟وانا ايه اللى جابنى هنا ؟ وانتو عرفتوا ازاى ؟ ولا هو كان كابوس ولا ايه بس ؟
ازاح دمعاتها بأبهامه وهو يتحدث بصوت دافئ اصدر بقلبها بعض الطمأنينة:
- هو مكانش كابوس .. وانا عايزك تطمني دلوقتى انك فى امان وماتفكريش فى اى حاجة تزعجك حتى سى زفت ده .
هزت رأسها باستفهام
- ازاى ؟ انا مش فاهمة حاجة؟
بصوته الاجش قال :
- قومى اغسلى وشك وتعالى انزلى تحت حصلينى وبعدين انا هافهمك .
..................................
كان يتفحص فى الاوراق التى امامه وهو يضرب كفاً بالاَخرى :
- الله يخرب بيتك ياقاسم .. الله يخرب بيتك
دلفت شقيقته على الصوت مجفلة وهى بيدها العصير :
- فى أيه يا" رفعت " مالك يااخوى ؟
رفع رأسه اليها ملوحاً بيده فى الهواء .
- تعالى شوفى الفلوس اللى ساحبها اخوكى يا" مروة " دا مش هايستريح غير لما يجيب ضرفها .
- ياساتر يارب حصل ايه لدا كله؟.. اشرب العصير الاول
عشان تهدى.
ازاح بكفه العصير قائلاً :
- مش عايز عصير يا"مروة "ولا عايز ....... استغفر الله العظيم يارب .. هايخلينى اغلط فى نعمة ربنا بعمايله المهببة .
- وادى العصير نسيبه هنا شويه عالمكتب .. عمل ايه بجى " قاسم " عشان يعصبك كده ؟
شبك كفيه وهو مستند بمرفقيه على طاولة المكتب يتنفس بعمق لتهدئة اعصابه قبل ان يجيب :
- البنك اللى بنتعامل معاه بعتلى رسالة عالشغل ملحجتش اقراها جيبتها معايا هنا ودلوك بس فتحتها .. عشان اتفاجأ بكم الفلوس اللى ساحبها اخوكى ..دا ساحب فلوس بالهبل.. بيصرفهم فى ايه دول ؟
مروة بتفكير :
- انا مش عارفة بصراحه .. بس أخوك اساساً مصاريفه كتيرة دا غير العربية اللى اشتراها جديد ودى شكلها غالى جوى .
تكلم بحدة :
- العربية انا عارف تمنها كويس يامروة .. وانا اللى بتكلم عليه يفوق تمن العربية اضعاف .. كتير جوى اللى ساحبه ياخيتى .
نهضت عن مقعدها متصنعه الحزن :
- طب وانا ايه ذنبى ياعم رفعت بس عشان تزعجلى.. هو انا اللى صرفتهم ؟
زفر بضيق وقد تهدلت ذراعيه الأسفل:
- يا"مروة ".. بلاش تعملى زى العيال ياخيتى انتى عارفانى وعارفة الضغوط اللى عليا .
- انا بهزر معاك ياغالى.. خد العصير هدى أعصابك ياراجل محدش واخد منها حاجة .
تناول منها الكوب حتى يرضيها وقبل ان يرتشف منها تذكر كى يسألها :
- صح انتى ايه اللى خلاكى تجيبى عصير يهدينى ؟ هو انتى بتشمى على ضهر ايدك ؟
ضحكت بمرح قبل ان تجيبه :
- لا ياعم مابشمش على ضهر ايدى .. انا اساساً كنت عاملاه لابويا وجولت اجيبلك بالمرة .. صح على فكرة هو لسه بيسالنى عن اخوك .
ضرب بكفه على المكتب بسام :
- طب اعمل ايه بس ؟ مانا كلمته كذا مرة ووعدنى بأنه هيجى .. اروح اسحبه من رجليه طب ماعرفش مكانه عشان كنت عملتها بجد .
...............................
واضعا يديه بجيب بنطاله واقفاً بهيبته المعتادة.. عيناه تتبع نزولها الدرج .. واحدة تلو الاخرى وحتى وصلت للدرجة الاخيره فتناول كفها قائلاً :
- تعالى يا" سمره " هاخليكى تشوفى حاجة .
نظرت لكفه المطبقة على كفها بدهشة قبل أن تسأله :
- انت واخدنى ورايح فين ؟
- انتى مش عايزه تفهمي اللى حصل ؟ تعالى اقعدى هنا وانتى هاتفهمى اللى حصل .
كان قد وصل بها إلى وسط البهو الكبير فاجلسها على احدى الارائك التاريخية للمنزل المهيب !
- رؤوف بيه انا مش فاهمة حاجة......
وقبل ان تكمل تفاجأت به يجلس بجوارها فارداً ذراعيه على حافة الاريكة واضعاً قدمٍ فوق الاَخرى وبصوت جهورى :
- دخلهم يا" صفوت " !
التفتت برأسها لتجد" صفوت " وهو يدلف اليهم ومعه مجموعة من حراس المنزل الاَخرين .. شهقت مخضوضة حينما رأتهم ممسكين ب" قاسم "وهو مقيد الحركة ومعه " محسن " ابن بلدتها وصديق "قاسم "الذى ما ان وقعت عيناه عليها حتى .. صاح بصوتٍ جهورى .
- ايه يا"سمره "بتتحامى فى الغريب بعد ما هربتى من اهلك وجوازتك من واود عمك ..
هى اللجمتها الصدمة فجاء الرد من " رؤوف " بصوتٍ هادئ وحازم بنفس الوقت .
- ملكش دعوة بيها وخلى كلامك معايا انا فاهم ولا تحب افهمك بطريقتى .
صاح مرة اخرى بصوتٍ اعلى :
- يامشاء الله ...دا انت كمان بتدافع وتتكلم بالنيابة عنها .. هو فى ايه يابت ؟ .. هو انتى صفتك ايه فى البيت ده شغالة ولا حاجة تانية .؟
على الرغم من علمها التام بسوء اخلاقه الا ان صدمتها ازدادت اكثر من انحدراه الى هذا المستوى .. فحدقت اليه بتحدى رغم غلالة الدموع المحتجزة بعنيها لتسبق بالرد قبل " رؤوف " :
-انا مش هارد عليك يا" قاسم " عشان انت فعلاً ينطبق عليك المثل اللى بيجول "العيب لما يطلع من اهل العيب ما يبقاش عيب " وانت اَخر واحد تتكلم فى حاجة فى الادب والأخلاق .
هاج بغباء وهو يحاول ان يفك هذه الاغلال المحكمه بتقيده قائلاً بغل :
- وليكى عين تتكلمي عن الادب يافاجرة وانتى جاعدة جمب راجل غريب وبتتحامى فيه كمان .
هتف عليه " رؤوف " بشدة :
- انت يااخينا انت احترم نفسك وقدر كويس انى لحد دلوقتى ماسك نفسى عليك انت وصاحبك .. لكن لو زودتها اكتر انا مضمنش نفسى .
كاد ان يفقد صوابه وهو هائجاً يقول:
- ياعم انت مالك بينا من الاساس ..طب انا واد عمها وبدور عليها عشان هربت جبل جوازها من خطيبها اللى هو اخوى .. انت بجى تتحشر ليه بين الأهل وبعضيهم .صفتك ايه انت ؟
ابتسم بسماجة وهو يرجع بظهره للاريكة قائلاً ببرود :
- انا مش ملزم انى اقولك .
على قدر ما استفزت اجابته " قاسم " الذى صاح هادراً يشتم بأفظع الألفاظ دون مرعاه لأى شئ .. على قدر ما أثارت الدهشة لدى " سمره " التى كانت تنظر لمايحدث امامها بصمت وكأنه اصبح الموضوع عن واحده اخرى وليس هى
اجفلت من صوته وهو يأمر " صفوت " والرجال بسحبهم للخارج وطردهم .
...................................
توقف بسيارته امام القصر ليترجل منه ويسير بخطواته ثم يدلف بداخله وما ان رأى امامه السيدة " لبنى " جالسة بالحديقة وحدها هل يرحب بها على طريقته :
- حبيبة قلبى يا" لولو".. انتى هنا ياامورة دا ايه الصباح اللى زى الفل دا ياناس ؟
اقترب ليقبلها فضربته على ذراعه بكفها الضعيفة :
- ياواد انت مش هاتبطل شقاوتك دى بقى وخفتك .. انت مش،ناوى تكبر ابداً ياتيسير ؟
هز برأسه ضاحكاً قبل ان يجلس امامها يقول :
- لا طبعاً .. واكبر ليه بقى ؟ انا عايز اعيش على طول كده صغير وادلع بقى العمر كله انا ورايا حاجة .
ابتسمت هى ايضاً لاسلوبه :
- عيش ياحبيبى وادلع المهم بقى انك تكن وتتجوز قبل فوات الأوان.. انا عارفة انت كمان مالك ابه اللى مانعكوا انت وابن عمك عن الجواز.. دا انتوا هاتجنونى .
اجفل متذكراً :
- اه صحيح .. هو ايه اللى منع " رؤوف " النهاردة عن الشغل ؟ دا اتصل بيا وقالى على شوية اوراق مهمين عشان اجيبهم هنا عالبيت ويوقعهم بنفسه !
لوحت " لبنى " بكفها وهى تمط شفتاها :
- اسكت يا" تيسير " دا اللى حصل عندنا هنا ليلة امبارح ولا الخيال .. انا الحاجات دى اول مرة تعدى عليا .
- هى ايه الحاجات دى اللى اول مرة تعدى عليكى؟
.................................
ايه مالك ؟ ساكتة وسرحانة فى ايه ؟
قالها " رؤوف " ل " سمرة " المطرقة رأسها بصمت وهى مازالت شاردة وعقلها لا يستطيع جمع اى معلومة مفيد .. رفعت رأسها تجاوبه :
- بصراحة كده انا عاملة زى الاطرش فى الزفة .. ونفسى افهم .. هو ايه اللى حصل بالظبط.
رد عليها بتسلية :
- اممم انتى عايزه تعرفى اللى حصل بالظبط .. ماشى ياستى هاقولك .. اللى حصل انى سألت وعملت تحريات عنك .
اومأت بسبابتها ناحية صدرها مصدومة:
- انت عملت تحريات عنى انا ؟
ابتسامته زادت عبثية وهو يرد عليها :
- ايوه ياستى عملت تحريات عنك وعرفت اصلك الطيب حتى حكاية والدك كمان عرفتها دا غير علمى بخبر هروبك قبل جوازك من ابن عمك قبل فرحك عليه فى اقل من اسبوع .
عادت تطرق برأسها مرة ثانية ولكن هذه المرة بحرج فتابع هو :
- دى حاجة ماتكسفش يا" سمره " دى حريتك فى انك ترفضى وضع او جوازة انتى مش قبلاها .
همت لتجادله ولكنها تذكرت وضعها فماذا ستقول له .. انها هربت من شقيق العريس وليس العريس نفسه .. من المؤكد انه سيظن بها السوء فصمتت تسمع بقية حديثه لتفاجأ بقوله :
- انا كنت مكلف " صفوت " انه مايشيلش عينه من عليكى .. ودا عشان حمايتك بعد اللى عرفته .. فلذلك لما شافك خارجة بالليل راقبك طبعاً من بيعيد ومن غير ما تحسى واما شاف ابن عمك ده شايلك بعد ماخدرك اتصرف هو ورجالته معاه وعرفوا يخلصوكى منهم وانا بقى وصلت فى الوقت المناسب وشيلتك واخدتك فوق عند تيته "تراعيكى .. ويكون فى علمك انا طردت " صوفيا " لما عرفت ان اتفقت مع قريبك ده واخدت منهم فلوس كمان عشان توقعك .
وبدون سابق إنذار سألته منذهلة :
- طب وانت بتعمل معايا كده ليه وتعرض حياتك ونفسك للخطر ؟
هم ان يجاوبها ولكن قاطعه " تيسير " وهو يهتف عليه :
- ايه اللى حصل دا يا" رؤوف "؟ .. انا خوفت قوى بعد اللى سمعته من " تيته " .
لوح بيده قائلا ً :
- ادخل أستناني جوا فى اؤضة المكتب يا" تيسير " وانا جايلك على طول .
تحرك " تيسير " بخطواته لناحية المكتب متذمراً واقترب " رؤوف " برأسه ل" سمره " قائلاً :
- خليكى مكانك انا دقايق وراجعلك ... عشان نكمل كلامنا .
بعد ذهابه هزت برأسها تستوعب مايحدث !
- هو ايه اللى بيحصل ؟
قالتها بصوت خفيض وهى تحدث نفسها .
.................................
وبداخل غرفة المكتب ثار عليه " تيسير " وهو يقول:
- انت اتجننت يارؤوف؟ بتعرض حياتك للخطر عشان واحده متعرفهاش لا وكمان خدامة...
- ماتقولش عليها خدامة يا" تيسير " واحترم نفسك .
قالها بحده اجفلت الاَخر فتشدق قائلاً
- يعنى الحق عليا ..انى خايف عليك لتتورط مع ناس زى دول صعايدة ممكن يقتلوك بقلب مليان دفاعاً عن الشرف .
تجاهل حديثه ليسأله بعملية :
- انت جبت كل الاوراق اللى قولتلك عليها ولا فى حاجه تانى ناقصة ؟
اخرج الاوراق من حقيبته السوداء الصغيرة ووضعها امام " رؤوف " على مكتبه حانقاً ..فتجاهله الاَخر مرة ثانية وهو يراجع فى بعض الاوراق والملفات بغير اكتراث.
...........................
خرج "تيسير " من القصر حانقاً :
وبمجرد دخوله السيارة طلب رقمها الذى يعلمه عن ظهر قبب .
- الوو... ايوه ياست " صافى " خليكى انتى كده نايمه على نفسك والدنيا هنا خربانه وشكل اللى انتى خايفة منه هايحصل بجد !
صرخت مجفلة
- هو فيى ايه بالظبط " ياتيسير " ؟ ماتفهمني ايه اللى حاصل يازفت انت !
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية سحر سمرة" اضغط على اسم الرواية