رواية فؤادة الفصل الثالث والعشرون بقلم ميمي عوالي
رواية فؤادة الفصل الثالث والعشرون
جلال : اللى فهمته من كلامك معاها ان موضوع قفشتها فى هدومها و هى بتتكلم دى ليها سبب ، و انا عاوز اعرف السبب ده
محمد : الحقيقة يا جوز اختى انا كنت عاوز برضة اتكلم معاك فى الحكاية دى
جوز اختى …. لقد كان للوصف وقع خاص على قلب جلال ، فقد احس بالانتشاء من تلك العبارة القصيرة فالتفت الى محمد يوليه كامل انتباهه باهتمام شديد قائلا : و انا سامعك ، اتكلم
محمد : الحقيقة الموضوع مش مجرد كلمتين يتقالوا فى خمس دقايق ، احنا محتاجين قاعدة طويلة مع بعض ، عشان نحاول نلاقى حل سوا فى الموضوع ده لانى حاسس انه اتطور عن وقت ما سافرت
جلال بلهفة : تحب نقعد مع بعض امتى ، شوف الوقت اللى يناسبك ، و انا تحت امرك
محمد بمرح : عفوا يا جوز اختى ، ده احنا كلنا اللى تحت امرك
اما بالداخل ، فكانت نهاد تجدل اصابعها باصابعها تارة ، و تنفضهم تارة ، و تصفق بخفة و توتر تارة اخرى ، و هى تنظر للارض
و كان عارف يراقبها بتسلية و حب شديدين فى صمت شديد ولكنه عندما وجد ان الوقت يكاد يسرقهم تنحنح قائلا : هى السجادة فعلا شيك و شكلها حلو بس ما اعتقدش انها احلى منى للدرجة دى
لترفع نهاد عينيها و تنظر اليه بتوتر جعل عارف يشفق عليها فقال مرة اخرى : المفروض اننا اتكلمنا مع بعض قبل كده كذا مرة يا نهاد ، و فى كذا مناسبة يعنى مش لسه هنتعرف على بعض من اول و جديد ، و اكيد انتى عرفتى طبعا انا جاى هنا النهاردة ليه
فتخفض نهاد عينيها مرة اخرى بينما يقول عارف بمكر : انا طلبت من والدك انه يسمحلى اركب معاكى خيل
فترفع نهاد وجهها سريعا و تنظر اليه بعدم فهم قائلة : خيل ايه
عارف و هو يتصنع الجدية : اصلى عرفت انك بتخافى تركبى خيل لوحدك ، و الحقيقة فكرة انك تركبى خيل مع حد على نفس الحصان فى حد ذاتها دى فكرة كده تحسيها تجنن ، ففكرت انى اركب معاكى عشان ما تخافيش
نهاد : و هو انا لما احب اركب خيل هركب معاك او مع اى حد كده .. لا طبعا
عارف و هو يرسم ملامح الحزن و الاحراج على وجهه : يعنى بترفضى .. ده انا كنت همسكك كويس و الله عشان ما تقعيش
نهاد بحدة : انت عبيط
عارف و هو يضحك بشدة : لا … بستعبط ، خلاص يا ستى ما تزعليش ، وافقى انك تتجوزينى ، و اهو لما هتركبى معايا مش هبقى اى حد
لتبتسم نهاد بمشاغبة و تقول : و تخلينى امسك اللجام و احنا راكبين
عارف بمرح : اللجام و صاحب اللجام تحت امرك
لتنهض نهاد قائلة بخبث : افكر
و تركته و ذهبت مسرعة الى الخارج ، و لم تعطى احد اى فرصة للتحدث معها ، فقد اتجهت الى غرفتها رأسا ، و اغلقت الباب خلفها فورا
و عندما عاد الجميع الى عارف بالداخل ، وجدوه يجلس مبتسما بسعادة ، فطلب جلال من سالم قراءة الفاتحة و تحديد موعد للزواج
فقاموا باستدعاء نهاد من غرفتها مرة اخرى و قاموا بقراءة الفاتحة ، و صدعت الزغاريد من سلمى و حسنة و ام نهاد
و فى وسط الزغاريد كانت هناك صرخة عالية تصدر من عايشة و هى تحاول الحفاظ على انتظام انفاسها و تستنجد بمحمد قائلة بارتعاش : غيتنى محمد … بولد
محمد برهبة : ما انا قلتلك من بدرى و انتى فضلتى تقاوحى
عايشة : غيتنى ها الحين … بسرعة
ليسرع عارف الى الباب قائلا : هاتها بسرعة يا محمد على ما ادور العربية
حسين و هو يسرع معه : وديها على المستشفى عندى يا عارف ، و انا هبقى هناك قبلكم و فى استقبالكم
ليتجه الجميع الى المشفى فى سرعة كبيرة وسط صرخات عايشة المتألمة ، و كانت تتعرق بشدة رغم برودة الجو ، و كان محمد يحتضنها و يواسيها ببعض الكلمات
عارف : خلاص يا مدام عايشة ، احنا نعتبر وصلنا ، خلاص دقيقة واحدة و تبقى جوة المستشفى و ان شاء الله تقومى بالسلامة
و بالفعل ، قبل ان تمر الدقيقة كانوا قد وصلوا بالفعل امام باب الحالات الطارئة ، و كان يوجد هناك من استقبلهم بالفعل مع حسين كما و عدهم ، و اوصل عائشة مباشرة الى الطبيب المختص ، و الذى حولها على الفور الى غرفة العمليات
كان الجميع ينتظر امام غرفة العمليات بترقب ، و هناك من يحفز محمد على الصبر و الجلد و من يدعو لعايشة و من يقرأ القرآن
و لكن كان هناك ايضا جلال ، الذى تذكر على الفور يوم ولادة ابنته و موت حبيبته ، فقد كان المشهد مقاربا مع اختلاف الاشخاص ، عندما رفض ان يسعفه احد قبل الاطمئنان على حبيبته ، و لكن القدر لم يمهله لفعل ذلك ،
و لكن تذكره هذه المرة للمشهد لم يكن بنفس درجة الالم ككل مرة ، كان متألما و بشدة و لكن المه تلك المرة لم يكن مميتا ككل مرة سبقت تلك المرة
و لاول مرة كان هو من يبادر بالخروج من تلك الذكرى فاخرج هاتفه و قام بمهاتفتها …. مهاتفة فؤادة
فؤادة : السلام عليكم
جلال : و عليكم السلام .. ازيك
فؤادة : احنا كلنا بخير الحمدلله … طمننى عملتوا ايه ، عمى وافق
جلال بتنهيدة عميقة : ايوة .. الحمدلله ، و قرينا الفاتحة كمان
فؤادة بارتياح : مبرووووك ، الف مبروك ربنا يتمم لهم بكل خير
جلال و بقايا الحزن تغلف صوته : يا رب
فؤادة بتردد : مااال صوتك ، حصل حاجة
جلال : بابتسامة سخرية : ابدا ، بس احنا فى المستشفى
فؤادة برهبة و صوت مرتعش : ليه … ايه اللى حصل ، طمننى يا جلال ارجوك
ليبتسم جلال على مخاطبته باسمه مجرد من اى القاب و يقول : ما تقلقيش ، بس عايشة مراة محمد بتولد
ليستمع جلال الى زفرة ارتياح حارة تصدر من صدر فؤادة فيقول مداعبا : ما يبقاش قلبك خفيف و تتخضى اوى بالشكل كده
فؤادة و ما زال الارتعاش يغلف صوتها : ربنا يقومهاله بالسلامة هى و اللى فى بطنها ، و ما يحرمهمش منها ابدا
ليسود الصمت برهة فتقول فؤادة بفضول : تحب تكلم سلوى
لينتبه جلال انه لم يحادث سلوى منذ تركها فقال : هى لسه صاحية
فؤادة : الحقيقة كانت نايمة بس صحيت على صوتنا و احنا بنتكلم ، هى معاك اهى ، كلمها عشان تطمنها احسن شكلها كده اتخضت من صوتى
ليسمعها جلال و هى تقبل سلوى بمرح قائلة : حقك عليا يا لولو ، ده بابا يا حبيبتى ، خدى كلميه احسن انتى وحشتيه اوى
سلوى بنعاس : بابا
جلال : ازيك يا لولو
سلوى ضاحكة : انت هتقول لى لولو زى ماما
جلال بانتباه : ماما !!!!
سلوى : ما انا اتفقت مع طنط فؤادة انى اقول لها يا ماما
جلال بارتباك : و الاتفاق ده كان امتى
سلوى : النهاردة الصبح ، و هى بتعمل لى شعرى الضفاير اللى بحبها ، هو انت هتيجى امتى
جلال بانتباه : عاوزة ترجعى عند تيتا
سلوى بلهفة : انا عاوزة افضل مع ماما
جلال بقليل من العتاب : يعنى مش عاوزة تيجى عند بابا و تيتا خالص
سلوى : لا عاوزة ، بس ماما تيجى معايا
جلال بحنان : عموما نبقى نشوف الحكاية دى بعدين ، المهم ما تتعبيش طنط معاكى
سلوى : ماما … اسمها ماما يا بابا
جلال بابتسامة : ماشى يا ستى ، ما تتعبيش .. ماما معاكى
و كان جلال يستمع الى سلوى و هى تتثائب مرة بعد الأخرى اثناء حديثهما معا فاشفق عليها و قال: ياللا يا حبيبتى ، كملى نومك
سلوى : طب هو انت مش هتيجى هنا تانى
جلال : هاجى يا حبيبتى … ان شاء الله هاجى
لتلتقط فؤادة الهاتف من سلوى لتجد ان جلال مازال على الخط ، فتقول : ما فيش جديد عن عايشة ، لسه ما ولدتش
ججل و هو ينظر من على بعد الى التجمع امام غرفة العمليات : لسه ، ما حدش خرج قال اى حاجة لحد دلوقتى
فؤادة بحرج : ممكن من فضلك تبقى تطمنى ، انا هفضل صاحية لحد ما اتطمن عليها
جلال و هو يومئ برأسه و كأنها تراه : ان شاء الله حاضر اول ما تخرج بالسلامة هكلمك على طول
فؤادة : متشكرة .. مع السلامة
ليقول جلال بلهفة و هو يحاول اللحاق بها قبل ان تغلق الخط : فؤادة
فؤادة : ايوة يا استاذ جلال
جلال : و انا جايلكم ان شاء الله ، هجيب معايا الدكتور بتاع العلاج الطبيعى ، عشان يبص على دراعك و يطمننا
فؤادة بلهفة : هو انت جاى
جلال : ايوة .. هظبط بس كام حاجة كده و هجيلكم على طول
ليرى جلال اثناء حديثهم من على بعد احدى طاقم التمريض تخرج من غرفة العمليات و هى تحتضن مولود صغير و قد تجمع حولها كل الوجود بسعادة فيقول جلال بابتسامة : واضح ان عايشة ولدت خلاص الحمدلله … روحى نامى بقى و هبقى اكلمك الصبح ان شاء الله . تصبحى على خير
فؤادة : و حضرتك من اهله
كان جلال يشعر بالارتياح لمهاتفة فؤادة، و لكنه كلما سمعها و هى تحيط اسمه بالالقاب يشعر باحباط دفين لا يستطيع فهم اسبابه
اما فؤادة فبعد ان اغلقت الهاتف تركته فى يدها و هى تنظر للهاتف بامعان ، و كأنها تتخيل به وجه جلال ، و الهواجس تكاد تطل من رأسها لتقتلها
و كان هاجسها الاكبر ان زيارة جلال القادمة قد تكون لاصطحاب ابنته و العودة بها و للابد الى منزله ، لتبيت ليلتها اشد تشبثا بنفسها ، و وجهها تغسله دموع الترقب و الرهبة
فى غرفة عايشة كان يلتف حولها زوجها و اسرته بعد ان استأذن جلال و امه فى الانصراف ، بينما بقى حسين لاستدعائه لكشف على احدى الحالات ، بينما عارف .. فقد بقى مع اسرة خطيبته ، فلربما قد يحتاجون الى اى شئ يستطيع القيام به ، و ظل جالسا بالخارج فى الانتظار
اما بالداخل ، فكان محمد سعيدا للغاية ، فقد رزقه الله بطفلة جميلة .. رقيقة الملامح و المحيا ، سعد بها الجميع ، خاصة سالم الذى جلس على احد المقاعد و هو يحتويها بين ذراعيه و ينظر اليها بحنان بالغ جعل عينا زوجته اغرورقت بالدموع و قالت بحنان : تعيش و تتربى فى عزك و عز ابوها ، و تعيش و تجوزها يا سالم
ليبتسم سالم و يقرب الصغيرة من وجهه و هو يتأملها جليا و يقول : ربنا يحفظها و يبارك فيها
ثم نظر الى عايشة و قال : حمدلله على سلامتك يابنتى
عايشة بارهاق : تسلم لى عمو
سلمى : وهتسموها ايه
محمد و هو ينظر الى ابيه بحب : بابا يسميها
سالم بدهشة : انا ، ازاى ، امها تسميها
عايشة : انت مقدارك و قيمتك على راسى عمو
نهاد بلهفة و محايلة : انا عاوزة انا اللى اسميها
محمد بمرح : و يا ترى هتسميها على اسم انهى اكلة ، ما انتى على طول يا جعانة يا بتاكلى
نهاد : عشان خاطرى يا محمد اسميها انا
ام نهاد : و عاوزة تسميها ايه بقى يا ست نهاد
نهاد : عاوزة اسميها زهرة ، بالذمة مش اسم حلو
سالم بابتسامة : و الله فعلا اسم حلو ، بس برضة لازم يعجب امها الاول
عايشة بابتسامة مرهقة : و الله حلو يا نهاد ، خلاص تبقى زهرة
محمد بابتسامة مرحة : اخيرا الواحد خد منك حاجة عدلة
نهاد بسماجة : يا عم اجرى كده ، هو حد فيكم يعرف يعمل حاجة من غيرى
سلمى بفرحة : مبروك يا ام زهرة
ام نهاد موجهة حديثها لعايشة : بس يا بنتى طالما انك تعبانة من بدرى ليه ما قلتيش الا على الاخر كده
عايشة : بالله ماما ، ماحبيت اعمل طق حنك ع الفاضى ، و كان بدى نخلص فرحة نهاد الاول
نهاد بمرح : تخلصى فرحتى ، و اللا كان عينك من الجاتوة يا طفسة و كنتى عاوزة تاكلى الاول قبل ما تولدى
و من وسط ضحكاتهم تشهق ام نهاد و تقول : يا خبر ، ده احنا قاعدين هنا كلنا و سايبن عارف لوحده برة ، اخرجى يا نهاد اقعدى معاه ، ما يصحش يا بنتى ، الجدع يقول علينا ايه
لتنظر نهاد الى والدها بفضول ، لترى رد فعله ، فيقول لها : اخرجى اقعدى معاه و احنا شوية و هنمشى كلنا عشان نسيب عايشة تستريح شوية
لتخرج نهاد من الغرفة مغلقة الباب خلفها ، لتجد عارف وقف فى استقبالها بابتسامة جميلة قائلا : ها .. ايه الاخبار ، كله تمام
نهاد و هى تومئ برأسها علامة الايجاب : الحمدلله ، و بابا قال اننا شوية و هنمشى ، بس انت مذنب نفسك معانا ليه ، كنت روح مع جلال و طنط
عارف بمشاكسة : امشى يعنى ، مش عاوزانى معاكم
نهاد بخجل : انا ماقلتش كده ، انا قصدى عشان ما تتعبش
عارف بغزل : لو فضلت معاكى العمر كله عمرى ما اتعب ابدا
و عندما لاحظ تورد وجهها خجلا قال : مش هتقعدى ، اقعدى معايا شوية على ما يستعدوا و يخرجوا
لتجلس نهاد بجانبه فى صمت شديد و هى تنظر ارضا كعادتها معه ، فيقول عارف : ها سميتوا المولودة ايه
نهاد بفرحة و هى تصفق بيديها كالصغار : سميناها زهرة ، و انا اللى اختارت لها اسمها
عارف : عاشت الاسامى ، عقبال ما تنورى بيتى و تبقى زهرة دنيتى كلها
لتعود نهاد سريعا بنظرها ارضا فيقول عارف بدعابة : طب فى بيتكم قلت السجادة عجباكى ، لكن هنا مافيش غير السيراميك ، يا ستى اعتبرينى انا كمان حتة موكيت و بصيلى شوية
لتبتسم نهاد بشدة و هى تقاوم ضحكاتها ، و ما ان رفعت عينيها الى عينيه حتى قال لها : تعرفى انى حبيتك من اول مرة شفتك فيها
و قبل ان تعيد نظراتها الى الاسفل ، مد عارف اصابعه ليمنعها عن الافلات بنظراتها منه و اكمل قائلا : يومها لما روحت البيت و حكيتلهم على اللى حصل ، كلهم عرفوا على طول انى اخيرا لقيت اللى خطفت قلبى
و عندما لم يجد منها ردا اكمل قائلا : انا بحبك اوى يا نهاد ، حصل امتى و ازاى بالسرعة دى .. ما اعرفش ، لكن كل امنينى انى اقدر اسعدك و احافظ عليكى ، زى ما بتمنى انك تبادلينى نفس مشاعرى ناحيتك
و فى تلك اللحظة ، فتحت سلمى الباب و كان والداها خلفها استعدادا للرحيل ، فنهض عارف و نهاد على الفور و قال عارف موجها حديثه لسالم : حضرتك مش محتاج منى اى خدمة يا عمى
سالم بامتنان : تسلم يا ابنى ، عقبال ما افرح بيك انت و نهاد ان شاء الله
لينظر عارف الى نهاد بابتسامة حالمة ، الا ان سلمى سحبت نهاد من يدها و اتجهت بها الى الخارج و هى تقول : هنسبق احنا على العربية يا بابا
سالم و هو يربت على كتف عارف : احنا تعبناك معانا النهاردة و سهرناك معانا
عارف : تعب ايه يا عمى ، احنا خلاص بقينا اهل ، و محمد بقى اخويا و مراته مراة اخويا
ام نهاد بحب : من يوم ما عرفتكم يا بنى و انا بقول عليكم ولاد اصول ، ربنا يخفظكم يارب
سلمى بمرح وهى تسحب نهاد للخارج : الحب ولع فى الدرة يا جدعان ….. هييح ، عقبال كده اما الاقى حد يتطس فى معاميعه و يحبنى
نهاد بغيظ : الهى يطسك عجلاتى اعمى يا شيخة ، لازم تسحبينى كده من غير حتى ما تدينى فرصة اسلم عليه قبل ما نمشى
سلمى : الحق عليا انى لحقتك قبل ما ابوكى ياخد باله و هو بيكشف على سنانك
نهاد بعدم فهم : سنان ايه اللى كان بيكشف عليها يا زفته انتى
سلمى و هى تلاعب حاجبيها بخبث : اومال كان ماسكك من دقنك ليه يا حيلتها ، كان بيقيسلك النظر
لتخبطها نهاد بحنق على راسها من الخلف و هى تقول : لا يا خفيفة ، كان بيقرالى البخت ، و قال لى انى هتسحبنى بلوة من قدامه
انصرف الجميع و بقى محمد بصحبة زوجته و صغيرته ، و هو قائم على رعاية زوجته رعاية كاملة ، و قد بات حسين ليلته بالمشفى ، باستراحة الاطباء بعد ان ابلغ محمد ببقائه بالقرب ، حال ان احتاج لاى مساعدة من اى نوع ، و قد شكره محمد بشدة على ذلك
و فى اليوم التالى ذهب جلال الى المشفى للاطمئنان على محمد و زوجته ، و اصطحب معه هدية ذهبية قيمة باسمه و اسم فؤادة كما اقترحت عليه حسنة ، بأنه من المستحسن ان يقدم هديته باسمه و زوجته و يهاتف فؤادة من المشفى لتقوم بتهنئة اخاها
و عندما هاتف جلال فؤادة قال لها : ازيك ياحبيبتى عاملة ايه
لتذهل فؤادة من سماعها لتلك الكلمة منه دون اى مقدمات ، و لم تستطع الرد عليه ببنت شفة ، و لكنها استوعبت الموقف عندما اكمل قائلا : انا عند محمد و مدام عايشة و قلت اتصل بيكى عشان تباركيلهم بنفسك ، محمد معاكى اهوه ، و اعطى الهاتف لمحمد دون ان ينتظر منها اى رد
محمد : حبيبة اخوكى ، ليه كلفتوا نفسكم كده ، احنا المفروض مافيش بيننا و بين بعض الكلام ده
فؤادة بعدم فهم : كلفنا نفسنا فى ايه
محمد بامتنان : السلسلة الحلوة اللى جيبتوها لزهرة يسلم ذوقك و ذوق جوزك الحقيقة
لتفهم فؤادة ما حدث على الفور و تقول : مبروك ما جالك يا ابو زهرة ، عقبال ما تخاووها ان شاء الله
محمد و هو ينظر لجلال بابتسامة : و نفرح بيكى يا حبيبتى على القريب ان شاء الله
و قامت فؤادة بمحادثة عايشة و تهنئتها على السلامة ، و على مولودتها الجميلة ، و وعدتها بزيارة قريبة
و بعدها امتدت يد عايشة بالهاتف ليلتقطه جلال مرة اخرى قائلا بهدوء : ايوة يا حبيبتى ، انتو بخير … مش محتاجين حاجة
فؤادة بلجلجة شديدة اثرت على نبرة صوتها بوضوح : انا متشكرة جدا لحضرتك ، مش عارفة ارد جمايلك عليا ازاى
جلال بابتسامة : عموما انا ان شاء الله مش هتأخر عليكم و لو احتاجتوا حاجة كلمينى على طول
و عندما انهى جلال المكالمة ، ارتمت فؤادة جالسة فى موضعها ، و هى تحدث نفسها قائلا : لو تعرف كلمة حبيبتى اللى انت قلتهالى تمثيل دى اد ايه بتمنى اسمعها منك بس تكون قاصدها بجد و انت بتقولهالى
لتدخل عليها سلوى لتجدها فى تلك الحالة فقالت باستغراب : مالك يا ماما ، انتى فى حاجة بتوجعك
فؤادة بابتسامة و هى تحتضنها بحب : ابدا يا لولو ، ده انا بس مبسوطة عشان عمو محمد و طنط عايشة جالهم بيبى صغننة زى القمر زيك كده
سلوى : هنروح نلعب معاها
فؤادة : اكيد يا حبيبتى ان شاء الله .. اكيد
اما جلال فعندما اراد الاسئذان من محمد بالانصراف كانت عايشة على وشك الذهاب فى النوم ، فأخذه محمد الى الخارج و بعد ان جلسا معا فى الاستراحة قال : انا عاوز اديك نبذة عن موضوع فؤادة ، لانى عارف انى هبقى مشغول بعايشة و زهرة الفترة اللى جاية
جلال بفضول : ياريت .. لو ما كنتش هعطلك
محمد : فؤادة طول عمرها كان عمى الله يرحمه فى ضهرها ، و كان دايما بيشجعها انها تبقى قوية و ما تخافش من حد و ما تسيبش حقها ابدا و لو حتى كان مع مين ، لانه كان عارف هى اد ايه قلبها رقيق
و فعلا ، ماكانتش بتسيب حقها ابدا ، لكن كانت بتحس بقوة فوق قوتها ان عمى على طول فى ضهرها بيشدها و بيدعمها فى كل موقف بتاخده ، عمره ما خذلها ابدا
لكن زى ما كان بيعلمها ما تسيبش حقها ، كان بيعلمها تحترم الكبير و صلة الرحم ، و عشان كده برغم كل اللى حصل من بابا ، فؤادة عمرها ما وقفت قدامه و لا عارضته بقوة زى ما كانت دايما بتعمل مع اى حد
لما عمى مات ، بابا صمم انها تيجى معانا تعيش هنا ، و اجبرها تسيب اسكندرية و المزرعة ، و هى عشان كانت شايلة جميل امى و اخواتى و ما قدرتش تنكر ابدا يوم واحد ان بابا كان له مواقف كتير حلوة معاها ، و لانها كانت عارفة ان ما عدلهاش اى حد فى الدنيا غير بابا .. ما قدرتش تعارضه
لكن ابتدت تحس بالضعف ، حست ان العمود المتين اللى كانت مسنودة عليه راح ، و مع الوقت ابتدت حركة ايدها دى لما تكون بتتكلم و هى بتدافع عن حاجة شايفة انها من حقها ، تحسها بتدور على حاجة تتشبث بيها تساعدها على انها تتقوى بيها زى زمان
كون ان بابا عمها ، و ما هواش اى حد غريب عنها ، خلاها تحس بعجز كبير ، و المرة الوحيدة اللى واجهته فيها ، كان مصيرها الحبس فى البيت على حسب ما نهاد و سلمى ما كانوا بيحكوا لى
حاولت اتكلم معاها و اعالجها من المتلازمة دى ، لكن خلافاتى المستمرة مع بابا ، و اللى كلها تقريبا كانت بسبب تعامله معاها ، سيبت البيت و البلد كلها ، و اللى فؤادة اعتبرته وقتها انى هربت و سيبتها لوحدها
عرفت من نهاد ان كل ما الوقت بيعدى كل ما الحالة بتبقى اوضح ، لكن اللى انا مستغربله انى لما رجعت كنت حاسس انها شبه بقت طبيعية ، لحد قبل ما نسيبكم بيومين بس ، لقيتها زى ما يكون حصل لها انتكاسة ، و ده مالوش غير تفسير واحد و عاوزك تساعدنى فى انى اعرف تفسيرى ده صح و اللا غلط
جلال بفضول : و ايه هو التفسير ده
محمد و هو ينظر لجلال بتركيز شديد : ان فؤادة لقت حماية بديلة زى حماية عمى الله يرحمه ، بس ممكن تكون راحت منها تانى مثلا ، او حست انها هتروح منها .. مش عارف بالظبط
لكن اللى انا متأكد منه ان فؤادة مخبية عنى حاجة ، و حاجة مهمة او كبيرة ، مش عارف .. انت ايه رايك ، انت قضيت مع فؤادة فترة مش قليلة ، هل حكتلك حاجة ، او لاحظت حاجة من اللى انا قلتها دى
ليشرد جلال قليلا و هو يفكر فى كل ما قصه عليه محمد ، و هو يتمنى من داخله ان يكون تخمينه صحيحا ، فلو كان تفسير محمد حقيقيا لاصبح هو نفسه الحماية البديلة التى وجدتها فؤادة
و لكن لو كان ذلك حقيقة ، فلما تشعر بضياع تلك الحماية ، فهو لم يتخلى عنها لحظة واحدة ، و عندما طال شرود جلال قال محمد : روحت فين
جلال بانتباه : ابدا … بفكر فى كلامك
محمد : و يا ترى وصلت لحاجة
جلال و هو يمعن النظر بعينا محمد : الاول عاوز اسالك سؤال ، و ترد عليا بصراحة و بصدق و امانة
محمد ضاحكا : كل ده ، ايه يا عم حيلك عليا ، انت هتقوللى سر حربى و اللا ايه
جلال بجدية : هو فعلا حاجة زى كده
محمد : اسأل يا سيدى
جلال : لو قلت لك ان فى سر فى حياتى انا و فؤادة ، و ممكن يكون السر ده هو اللى ورا حالتها دى فى الفترة الاخيرة ، هتصون السر اللى هحكيهولك
محمد بانتباه : اكيد يا جلال ، بغض النظر ان فؤادة تبقى اختى ، لكن كمان مريضة محتاجة علاج و اى كلمة هعرفها تعتبر سر مهنى ممنوع انى ابوح بيه لاى مخلوق
جلال : انا هحكيلك على كل حاجة من لحظة ما شفت فؤادة اول مرة لحد دلوقتى
و بدأ جلال فى قص كل ما حدث منذ رآها اول مرة و هى تحتمى من الامطار تحت شجرة البرتقال ، حتى تلك اللحظة
كان محمد يستمع اليه فى ذهول شديد حتى انتهى جلال من حديثه فقال محمد : يعنى لحد دلوقتى جوازكم ده تمثيلية
جلال : ايوة ، و اللى مدينا عمرها على ما نتطمن على جواز اخويا و اختك ، خوف من ان باباك يقف قدامهم لو عرف الحقيقة دلوقتى
محمد بفضول : و انت
جلال : انا ايه
محمد : مشاعرك ما اتحركتش ناحيتها فى اى لحظة
جلال بصدق : مش عارف ، و حاسس انى خايف اعرف ، و لما اتكلمت معاك بصراحة .. اتمنيت انك تقدر تساعدنى ان انا كمان اعرف اللى جوايا
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية فؤادة" اضغط على اسم الرواية