رواية عشقت من الصعيد الفصل الثاني بقلم حنين عماد
رواية عشقت من الصعيد الفصل الثاني
قالوا فيما سبق ان المطر يسقط لأن السحاب لم يعد قادراً على تحمل الوزن الذي به وانا أقول ان الدموع كذلك تسقط لأن القلب لم يعد قادراً على تحمل الألم الذي به .. تنزل الدموع بكثرة فوق وجهها الابيض ولا تجد سبيلاً لإيقافها .. لم يمر سوا ساعات على وجودها بذلك لمنزل وجُرحت كرامتها .. تتذكر ما حدث منذ دقائق وكيف وقف امامها ذلك الهمجي المغرور الذي يُدعى زين كما عرفت .. ذلك الذي نجح فيما لم ينجح به احد من قبل .. نجح في جعل عيونها تلمع بالدموع
*فلاش باك*
منعزلة بتلك الغرفة تاركة العنان لأحزانها بالخروج وسامحة لدموعها بالانهمار ولضعفها بالظهور .. تبكي على ما فات وما سيأتي .. تبكي لأن ليس بيدها شئ سوا البكاء ليخرجها من شرودها ذلك الطرق العنيف على باب الغرفة لتُسرع بمسح دموعها قبل ان تندفع ناحية الباب متوعدة لمن يطرق على الباب بذلك الشكل الهجمي
إيمان(وهي تفتح الباب بغضب): ايه الهمجية دي حد يخبط على حد كدا!!!
زين(بنبرة غاضبة يشوبها التهكم): معلش , المرة الچاية هبجى اخبط بشويش علشان ماجطعش المسخرة وجلة الحيا اللي بتوحصول إهنيه
إيمان(بنبرة غاضبة مُحذرة): اتكلم عدل واحترم نفسك احسنلك
زين(بنبرة حادة): اني محترم واعرف زين اتحدت باحترام مع المحترم
إيمان(وهي ترفع يدها): لااا انت زودتها اوي
زين(وهو يلف يدها خلف ظهرها بقوة): يدك دي للوكل وبس , قسماً بالله لو اللي فكر يرفع يده عليا كان راچل لكنت دفنته في ارضه
إيمان(بألم وهي تحاول التملص من قبضته): ايدي يا همجي يا متخلف
زين(وهو يترك يدها بحدة): دا انتي لسانك طويل وشكلك إكدة عايزة رباية
إيمان(بغضب شديد): أنا متربية غصب عنك
زين(بتهكم): لاه واضح
سالم(وهو يصعد السلم): زين .. إيمان .. ايه اللي بيوحصول إهنيه؟
إيمان(بغضب وهي تشير باتجاه زين): تعالى يا خالو شوف المتخلف دا
زين(بنبرة غاضبة): احترمي نفسك عاد يا بت انتي
إيمان(بنبرة مماثلة): بت لما تبتك
صفاء(وهي تصعد السلم بلهفة): فيه ايه يا إيمان؟ .. ايه اللي بيحصل هنا؟
إيمان(بغيظ وهي تشيح بيدها): ماعرفش يا ماما أهي بلاوي وبتتحدف علينا عالمسا
زين(بغيظ): قسماً بالله لولا إنك في بيتي لكونت علمتك تتكلمي معايا كيف
سالم(بحدة وهو يضرب بعصاه الأرض): بسسسسس أسكت أنت وهي .. إيه مفيش إحترام للكبير
صمت زين وإيمان على مضض احتراماً لسالم فقط .. نظر سالم لهم وهتف بقوة وضحت بصوته
سالم(وهو ينظر لهم بتفحص): أني عايز أفهم دلوكيت إيه اللي حوصول وإيه لمكم على بعض وبتتشاكلوا على ايه عاد؟
زين(وهو يشير نحوها بغيظ): الاستاذة دي اللي مش عارف چت منين فاكرة نفسيها جاعدة في اوروبا .. واجفة في البلكونة بالمسخرة اللي لابساها دي وشعرها مكشوف ولا كإنها واجفة في بيت محترم
إيمان(بنبرة غاضبة): أولا انا مش لابسة مسخرة , وثانياً انا حرة في لبسي وملكش الحق إنك تعلق عليه
سالم(بنبرة هادئة): أهدي يا إيمان يا بنتي
إيمان(بنفس النبرة الغاضبة): بعد اذنك يا خالو, انا بوضح للاستاذ الهمجي دا اللي داخل يخبط ويرزع على باب الاوضة علشان موضوع ملوش أصلا انه يتدخل فيه .. أنا حرة إنشالله ألبس مايوه
زين(بغيظ وانفعال): الكلام ديه مش إهنيه يا حلوة .. انتي في بيت المنياوي يعني لو عايزة تجعدي فيه تحترمي جواعده وإلا تتفضلي
سالم(بحدة وغضب): زييين
احتدت انفاس إيمان بصدرها ولمعت الدموع بعينيها .. بدون كلمة أخرى تحركت إيمان من أمامهم منسحبة لغرفتها رافضة ان يرى أحد دموعها وبالأخص هو فهي لن تسمح بأن يراها ضعيفة أو يشعر بلذة إنتصاره عليها
*عودة*
اخذت نفساً عميقاً محاولة تهدئة نفسها لتقف بهدوء وكأنها لم تكن تبكي بانهيار منذ ثواني .. تقدمت خطوتين وأمسكت بحقيبة ملابسها التي لم تفتحها من الأساس .. وقفت أمام الباب وأخذت نفساً عميقاً مرة اخرى لتستعد للنزول ومغادرة ذلك البيت بل تلك القرية دون ان تظهر انكسارها .. هي لم ترد الدخول لذلك المنزل من الأساس ودخلته على مضض لأجل والدتها ولكنها لن تبقى فيه ثانية بعد ان أُهينت كرامتها به فهي تؤمن انه حين يتعلق الأمر بالكرامة فسلاماً على أي شئ و أي أحد
//////////////////////
بمكان آخر بالقرية وبالتحديد بمنزل ممدوح الجبالي .. تقف دعاء وهي تمسك شال زوجها ممدوح وتضغط على شفتيها بتردد .. نفس الروتين اليومي المعتاد الذي تعيشه منذ اشهر مع زوجها وابن خالتها .. زوجها الذي تزوجته بمجرد أن تخرجت من كليتها منذ 3 سنوات وانتقلت من بيت والدها لبيته لتسكن معه هو واخته وخالتها .. 3 سنوات كانت بدايتهم حب وحنان ومودة ورحمة لينقلب الحال بنهاية السنة الاولى حين تأخر حملها من وجهة نظره فهو يرى رفاقه يصبحون اباء بعد زواجهم وهو مازال وحيداً بلا طفل من صلبه كما كان يحلم منذ سنوات .. انهدمت حياتها حين ظهرت نتيجة ذلك الفحص الذي أجرته مع زوجها لتكتشف انها لن تستطع الإنجاب .. تحولت حياتها من الألوان الزاهية إلي الأسود الباهت .. كان في البداية يهون عليها ويخبرها انها زوجته وابنة خالته وأنه لن يتخلى عنها او يبتعد عنها ولكنه لم يلتزم بكلامه طويلاً .. فها هو أصبح يهملها ويتركها وحيدة بين جدران الغرفة .. ها هو أصبح يرمي كلامه عن عجزها عن تنفيذ رغبته بأن يكون له ولد من صلبه .. ها هو يخرج ويتأخر في العودة .. نعم فهذا حاله منذ اكثر من ثلاثة أشهر .. ثلاثة أشهر كانت كافية لينقلب حاله ١٨٠ درجة
ممدوح: اييييه هجعد ساعة انادم عليكي
قالها ممدوح بشئ من الحدة وهو ينظر لدعاء التي انتفضت فزعة بسبب صوته العالي لتردف
دعاء(بانتباة وهي تنظر له): معلش ياخوي أني أسفه والله سرحت شوية
ممدوح: طب فوجي من سرحانك وهاتي المداس
دعاء: حاضر .. حاضر
اسرعت بإعطائه الشال وانحنت لتُمسك بحذاءه وتضعه أمامه بهدوء .. لا يمكنها ان تعترض فهي ترى انها فقدت حقها في الاعتراض على اي شئ حين اكتشفت انها فاقدة لقدرتها على الإنجاب
ممدوح(وهو يُزيحها من طريقه): وسعي إكده
دعاء(بتردد): هو .. انت هتخرچ؟
ممدوح(بتهكم وهو ينظر لإنعاكسه بالمرآة): هه, لا بغير خلچاتي عشان أچربها كيف هدوم العيد .. أصلي اتسخطت من تاني عيل
دعاء(وهي تفرك اصابعها بتردد): انا ماجصدش .. اني بس جصدي تجعد معايا شوية
ممدوح(وهو ينظر لها): اجعد معاكي ليه إن شاء الله وهنجعدوا نعملوا ايه .. نتفرچوا على التلافزيون ولا نتأملوا في وشوش بعض .. وبعدين أني مش فاضي ورايا شغل و هم ما يتلم مش رايح اتفسح أني
دعاء(بهدوء وهي تقترب منه): طب أني ممكن أجول لأبوي يخف الحمل عليك شوية
ممدوح(وهو يقبض على ذراعها بحدة): ومن ميتي والحريم بتتحدت في الشغل ومن ميتي وانتي بتتوسطيلي عند ابوكي وتجوليله ليه عاد شايفاني عيل ماجادرش عالشيلة
دعاء(وهي تهز رأسها بنفي): لا والله أني بس بجول علشان ترتاح شوية
ممدوح(وهو يدفع ذراعها بحدة): أني مرتاح إكده وبعدين هجعد في البيت أعمل إيه .. ماهو البيت لو كان فيه حتة عيل صغير كان الواحد جعد يلعب معاه .. يلا اللهم لا اعتراض
لمعت الدموع بعيونها حين رمى كلامه قاصداً الضغط على جرحها لتردف بنبرة مهتزة
دعاء(وهي تنظر ارضاً): أني عايزة أروح بكرة بيت أبوي
ممدوح: مفيش مانع بس تاخدي أمي وخيتي معاكي وترچعوا سوا وماتعوجوش
دعاء(بطاعة): حاضر
خرج ممدوح تاركاً زوجته التي وضع بكلامه الملح على جروحها ليُزيد من احتراقها .. اخذت تبكي بقوة وتدعو ربها ان يُريح قلبها مما هي فيه فترى ماذا سيحدث لها وكيف ستنتهي قصتها وهل ممدوح هو نصيبها بتلك الحياة ام ان نصيبها لم يظهر بعد
//////////////////
بمنزل المنياوي:-
بالأسفل وبمكتب الحاچ سالم المنياوي كان زين يجلس امام والده كطفل صغير اذنب ويستمع بصمت لتأنيب والده له دون ان يرد او يعلق .. ماذا سيقول له .. هل سيقول أنه كان عائداً للمنزل كحاله كل يوم بعد جولة تفقده ليلمح تلك الحورية الواقفة بشرفة منزلهم .. هل يقول له أنه شعر بقلبه تتسارع دقاته كما لو كان بسباق للعدو ما ان وقعت عيناه عليها .. هل يقول له انه حسد ذلك الهواء الذي يلامس بشرتها ويعبث بخصلات شعرها .. هل يقول انه شعر بغليان الدم بجسده حين استوعب ان غيره من الممكن ان يلمحها بتلك الطلة الساحرة .. هل يقول له انه شعر برغبة عارمة في إخفائها بداخله حتى لا يراها غيره دون ان يعرف من هي ولا ماذا تفعل بمنزله .. هل يقول له انه لم يستوعب كيف اندفع لغرفتها وكيف قال ذلك الكلام الذي لم يكن سوا بسبب تلك الغيرة المميتة التي يشعر بها تجاه كل ما يخصه والتي زادت لأضعاف اضعافها حين علم من والده ان تلك الفاتنة الجميلة لم تكن سوى ابنة عمته التي لطالما سمع عنها وتمنى لقاءها والآن وبعد ان قابلها كان هو السبب في لمعان عيونها بالدموع .. انتبه لوالده الذي أردف بلوم
سالم(بنبرة يشوبها الحزن): خلاص يا زين .. كبرت على ابوك وچه اليوم اللي تطرد فيه الناس من البيت وأني عايش وفيا النفس
زين(بلهفة وأسف): ماعاش ولا كان اللي يكبر عليك يابوي .. والله العظيم أني ماعارفش أني جولت الكلام ديه كيف بس أني الدم غلي في عروجي لما شفتها لابسة المحزج والملزج وواجفة كأن مفيش نفر ممكن يلمحها
سالم(بعتاب): وهي دي الطريجة اللي المفروض تتكلم بيها معاها .. داخل تحدف دبش ومش سامع بتجول ايه .. ثم أنت مالك بيها تلبس اللي تلبسه أنت ايه دخلك؟
زين(وهو يهرب بعينيه): كيف يعني يابوي .. دي بت عمتي
سالم(وهو يرفع حاجبه وينظر له): وهو أنت لما طلعت وكنت هتكسر الباب من الدج عليها كنت تعرف أنها بت عمتك؟
صمت زين وقد شعر ان والده حاصره وفهم سبب تصرفه .. تنهد سالم ونظر لزين ليردف بنبرة يشوبها التحذير والقليل من الإنفعال
سالم: اسمع يا زين .. انا خيتي صفاء بجالها اكتر من ٢٧ سنة غايبة عن البيت ديه .. وكل ليلة كانت بتعدي عليا وإني عارف انها في مكان تاني بعيدة عني ماعارفش ايه ممكن يوحصول ليها كانت عيني مش بتشوف النوم فيها بس كنت بطمن نفسي انها مع چوزها .. كنت بصبر نفسي بالكام ساعة اللي بخطفهم خطف كل كام شهر لما كنت بنزل مصر وكنت اروح اشوفها واشوف بتها واطمن عليهم وأوصي عبد الرحمن چوزها عليهم وأرچع .. كنت كل مرة بدعي ربنا يحنن جلب أبوي عليهم ويسمحلهم إنهم يچوا يعيشوا وسطينا بس چدك كان الكبر واخده .. لما عبد الرحمن مات من ٦ شهور كنت بموت كل ليلة هما فيها بعيد عني ماعارفش إيه ممكن يوحصولهم وماصدجتش نفسي لما چدك جال انه عايز يشوف صفاء النهاردة الصبح وماكدبتش خبر ونزلت علشان أچيبهم إهنه ف مش هسمحلك تضيع كل حاچة بالدبش اللي هترميه ديه
زين: اسمعني بس يابوي..
سالم(مُقاطعاً بنبرة لا تقبل النقاش): اسمعني انت يا زين .. زي ما خربت كل حاچة تعدلها .. وإن حكمت تعتذر
زين(بدهشة): اعتذر؟!!
سالم(بتأكيد): إيوة تعتذر .. ايه كبير عالإعتذار عاد ولا ماشايفش إنك غلطان والغلط راكبك من ساسك لراسك كمان
صمت زين ولم يُعقب ليردف سالم
سالم: يلا هِم علشان تصلح اللي نيلته بالدبش بتاعك ديه .. إني مش فاهم أنت هتفضل إكده لحد ميتي , لما تتعصب ماتعرفش هتجول إيه .. يلا جدامي
خرج سالم وزين من المكتب ليجدوا إيمان وصفاء واقفين عند نهاية السلم الداخلي وحقائب ملابسهم بجانبهم
سالم(وهو يقترب منهم): وه وه وه .. ايه اللي نزل الشنط ديه تاني عاد؟
صفاء: معلش يا سالم احنا هنرجع القاهرة
سالم: إيه؟! ترچعوا؟! ودلوكت؟!
إيمان(بنبرة حاولت جعلها جامدة): احم، معلش يا خالو بس أنا عندي شغل مهم وجيت بس علشان ماما ماتزعلش
سالم(وهو يتقدم منها ويردف بنبرة ذات مغزى): عندك شغل ولا زعلتي من الدبش اللي حدفه واد خالك؟
صمتت إيمان ولم ترد ولكن عبوس وجهها كان خير إجابة .. إذا هو إبن خالها .. لطالما كانت تتمنى ان يكون لها عائلة كبيرة وعزوة ولكن بعد ان رأته تسحب امنيتها ف آخر شئ قد تريده ان يكون بحياتها شخص همجي مثله
سالم: طب على فكرة بجا انتوا لو مشيتوا دلوكيت أني اللي هزعل وماهاچيش ليكم واصل
إيمان: يا خالو..
سالم: مفيش يا خالو وماخلوش .. أني جولتها كلمة , وبعدين مين ديه اللي تسيبي بيتك عشانه؟
إيمان(بنبرة يشوبها الانفعال والحزن وهي تنظر لسالم): دا مش بيتي
زين: لاه بيتك
قالها زين واقترب ليقف بجانب والده أمام عمته وابنتها التي لا يعرف اي لعنة ألقتها عليه منذ ان رآها فعينيه تصبح غير قادرة على النظر لغيرها وكأنها مغناطيس يسحبه بقوة فيصبح غير قادر على الإبتعاد .. نظر لها وأردف بنبرة صادقة يشوبها الندم على ما قاله
زين(بهدوء وهو ينظر لها): البيت ديه اسمه بيت المنياوي وانتي من عيلة المنياوي يعني ديه بيتك زي ماهو بيتنا كلنا
نظرت له إيمان وهي تحاول سبر أغوار تلك الشخصية الغريبة التي اثارت دهشتها وفضولها .. فمنذ دقائق كان يطرق بابها بكل همجية ولسانه ينطق بكلام مستفز يجعلها تريد ان تضرب رأسه بأقرب جدار أما الآن فهو يقف بهدوء ويتكلم بطريقة لبقة لا تتناسب أبدا مع تلك الشخصية التي رأتها من قبل .. تستغرب بشدة منه ليزداد استغرابها حين اردف
زين: ماتزعليش يا بت عمتي وحقك على راسي كمان بس إنتي لازمن تفهمي إن البلد إهنيه ماينفعش فيها خلاچاتك دي
كادت إيمان بالاعتراض مرة أخرى ليردف سالم
سالم: خلاص مش وجت الكلام ديه .. يلا يا بتي طلعي شنطتك في الاوضة وانزلي عشان نتعشوا
نظرت إيمان لوالدتها وقرأت رغبتها بالبقاء تلمع بعينيها لتتنهد وتردف بقلة حيلة
إيمان(وهي تنحني لتُمسك بحقيبتها): حاضر يا خالو
زين(وهو يسبقها ويُمسك بالحقيبة): عنك يا بت عمتي .. أني هطلعها
رفعت إيمان حاجبها باستغراب وقبل ان تنطق كان زين يحمل حقيبتها ويصعد ناحية غرفتها بهدوء جعلها تتصنم مكانها ورسم ابتسامة خفيفة على وجه سالم الذي شعر ان قلب ابنه على وشك الوقوع فيما حاول دائماً ان يهرب منه .. تحركوا لصالة المنزل لتمر دقائق قبل ان تخرج صالحة من المطبخ وتردف
صالحة(بابتسامة): السفرة چاهزة يا حاچ
قالتها صالحة وهي تضع آخر طبق من يدها على تلك السفرة الكبيرة ليبتسم سالم وهو يربت على كتف إيمان ويردف
سالم: طيب هموا يلا .. يلا يا إيمان يا بتي عشان نتعشوا سوا
إيمان(بابتسامة بسيطة): لا معلش يا خالو اعذرني
صالحة(وهي تتقدم منهم): وه .. كيف يعني يا بتي, دا انتي تلاجيكي على لحم بطنك من جبل ما تطلعوا عالطريج لإهنه
إيمان(بنفس الابتسامة): والله مش جعانة وكمان انا متعودة ماتعشاش .. لو لازم يعني يبقى كوباية شاي بلبن
سالم(وهو ينظر لإيمان): انتي هتحبي الشاي بحليب؟!
صفاء(بابتسامة ومزاح): بتحبه؟! دا ادمان عندها يا اخويا .. الصبح شاي بلبن والضهر والعصر وقبل ما تنام واول ما تصحى .. ناقص تشربه في الحلم كمان .. لا و بشروط كمان يعني لازم الشاي بلبن الصبح يكون بربري وبالليل ميزة
سالم(بضحك على كلام صفاء): اشمعنا يعني؟
إيمان(بابتسامة): اصل الشاي البربري بيكون اللبن فيه قد الشاي ف بيخليني افوق كدا انما الميزة اللبن فيه اكتر ف بيساعدني انام
تبادل سالم وصالحة النظرات فيما بينهما لثواني قبل ان تنادي صالحة على ورد وتخبرها بطلب إيمان .. كان كل ذلك عادياً حتى انتبهت إيمان لجملة ورد
ورد: يعني إكده هعمل ٢ شاي بحليب ميزة يا ست الناس؟
صالحة: ايوة يا ورد .. يلا همي
إيمان(وهي تنظر لصالحة بابتسامة): ايه دا؟! ، هو حضرتك برضو بتحبي الشاي بلبن ميزة بليل؟
سالم: لاه يا بتي ديه زين هو اللي هيحب الشاي بحليب وهيشربه كيفك إكده تمام
تفاجأت واصابها الارتباك من جملة سالم وهي لا تعلم سبب ذلك، ولكن ربما لأنها لم تظن انه قد يوجد شئ مشترك بينها وبين ذلك الهجمي ذو الشخصية المزدوجة .. بل إن اكثر ما جعل التوتر والارتباك يتراقصون بقلبها انه لم يشاركها شخص بحب ذلك المشروب المقدس بالنسبة لها إلا والدها الحبيب والآن أتى هو ليشاركها حب الكثير من الاشياء واولها ذلك المشروب الذي يعشقه هو الآخر .. على بُعد ليس بكبير كان سالم يسترق النظرات لإبنة اخته الواقفة محلها بتفكير شارد والتي يشعر بربكة قلبها وارتباكها في حضرة سيرة إبنه الحبيب .. وللحق فإن حاله ليس بأفضل من حالها كثيراً .. فهل فعلا دق قلب الصعيدي لتلك العنيدة القاهرية وهل سيكون قادراً على تحويل كرهها لذلك المنزل لحب صادق .. وماذا عنها هي .. هل انتهت حربها معه ام انها فقط البداية .. هل ستعاند حبه أم أن قلبها سيصرخ قائلاً عشقت من الصعيد
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية عشقت من الصعيد " اضغط على أسم الرواية