رواية القلب يهوي قاتله الفصل الثاني شيماء رضوان
رواية القلب يهوي قاتله الفصل الثاني
استدارت لتخرج من الباب فوقف أمامها كالجبل الشامخ هاتفا بقوة :
ومين قالك هتخرجي من هنا هو دخول الحمام زى خروجه ولا ايه ؛ ومن بكرة يا بنت عمي هتبقي في بيتي.
صمت قليلا ثم تحدث بسخرية أغضبتها :
وأظن انك مش محتاجة فرح انتي عملتي فرح أربع مرات كفاية عليكي .
أغمضت عيناها بنفاذ صبر من حديثه المبطن بالإهانة؛ ثم فتحت عيناها ترمقه بغضب دافعة اياه بيدها من صدره؛ ليتنحي جانبا فمرت من أمامه بسرعة الي شقة والدها وخلفها أمها أما هو وقف قليلا يفكر في حياته القادمة ترى ماذا يخبئ له القدر؟
دلفت غرفتها وأغلقتها من الداخل تدور في غرفتها بغضب تكاد تجن مما يحدث معها لا تصدق أنها خديجة غفران حلم كل الرجال تتزوج من ذلك الأبلة غليظ القلب.
رتبت خطتها أنها ستتزوج بخالد فهو يعشقها منذ الصغر وبإمكانها استغلاله وجعله يفعل ما تريد أما الآن فالأمر قد تعقد كثيرا أكثر مما تظن .
أمسكت خصلاتها بعنف تكاد تمزقها من فرط غضبها وعصبيتها؛ ثم حاولت أن تهدأ قليلا وتحادث صديقتها علها تجد حلا معها يخرجها من هذا المأزق .
أمسكت بهاتفها لتهاتف حسناء طلبت الرقم وانتظرت الاجابة .
وصلها صوت حسناء هاتفة بود :
اذيك يا خديجة عاملة ايه .
أنا في مصيبة يا حسناء .
نطقتها خديجة ؛ لتشهق حسناء برعب أن يكون طليقها عثر عليها وقالت :
ايه اللي حصل ؟
أجابتها بحنق :
جدى مصمم يجوزني صالح بكرة فاكر كده أنه بيربيني من أول وجديد .
تنفست حسناء بهدوء محاولة تهدئة أنفاسها المتسارعة وقالت بحنق :
مصيبة ايه شيخة خضتيني أنا فكرت حاجة جامدة .
لوت خديجة شفتيها لترد بسخرية :
وهو جوازى من صالح مش مصيبة يا حسناء صالح هيبهدلني معاه .
لا تنكر خوفها الشديد من زواج خديجة بالمدعو صالح فهي علي علم ببغضه الشديد واستيائه من خديجة ولكنه في نهاية المطاف ابن عمها وسيعمل علي تقويمها فهو من سينجح بذلك بعد فشلها الذريع ومحاولاتها البائسة بابعادها عن طريقها الأعوج الذى تسير فيه؛ ولكن لا حياة لمن تنادى وبوجود صالح سينجح فيما فشلت فيه هي .
أجلت صوتها لتقول بصوت خافت :
صالح أهون كتير من حازم خليل يا خديجة.
ضيقت خديجة عيناها لذكر حسناء طليقها الثالث وقالت بتساؤل :
وايه اللي فكرك بيه يا حسناء .
أجابتها حسناء بجدية:
حازم خليل بيدور عليكي في كل حتة بعد ما عرف لعبة الجواز اللي انتي شغالة فيها وانك كل شوية تتجوزى واحد علشان يصرف عليكي .
ابتلعت خديجة ريقها بعد حديث حسناء الذى أشعرها بالحقارة وصمتت لتستمع بقية الحديث .
صمتت قليلا تأخذ نفسها وأكملت بضيق :
وموضوع قضية الخلع اللي رفعتيها عليه علشان تتجوزى صاحبه سامح مدكور معلمة معاه جامد ولو طالك هيبهدلك وانتي عارفة.
دب الرعب بقلبها من حديث صديقتها وقالت بخوف :
طيب وايه العمل دلوقتي .
أجابتها حسناء ببساطة :
تتجوزى صالح قبل ما يوصلك حازم لانه هيقدر يحميكي منه ويقف قدامه وحازم كمان مش هيجازف بأي حاجة تضر بسمعته ودى أهم حاجة عنده وصدقيني صالح هو أحسن واحد حاليا ويارب تستقري في حياتك بقا .
أنهت المكالمة مع صديقتها وجلست علي الفراش تفكر فيما سيحدث لها من ناحية صالح والأدهي الملعون حازم خليل .
شعرت بالرعب يدب في أوصالها ان وصل لها حازم فذلك الحقير لا يفكر بشئ سوى سمعته وهي لعبت علي ذلك الوتر الحساس لديه عندما رفعت قضية الخلع وشهرت به في الصحف .
غفت بعد فترة وهي مازالت تفكر فيما سيحدث لها .
صباحا
كانت الأمور عادية رتيبة ولا تعبر عن زواج نهائيا ؛ فتأففت خديجة مما يحدث فلا أحد يعيرها اهتماما ولا يشعر بوجودها أحد من الأساس باستثناء والدتها التي أخذت ملابسها ووضعتها في شقتها مع صالح بعد أن قاموا بتجهيزها صباحا؛ وكأن الفرش كان موجودا من قبل قدومها فالنساء نظفن الشقة والرجال أحضرت الفرش بسرعة وأصبح كل شئ جاهزا .
مر النهار كئيبا حتي حل المساء وهي مازالت تجلس علي فراشها شاردة في مستقبلها مع صالح .
دلفت أمها للغرفة قائلة بجمود :
يالا المأذون علي وصول اجهزى وياريت تلبسي حاجة مقفولة مش عايزين مشاكل من أول يوم .
جاءت لتخرج استوقفتها خديجة هاتفة ببرود :
مش هتديني نصايح قبل الجواز ولا ايه ولا حتي الوصايا العشر .
ضحكت والدتها بتهكم واستدارت لها هاتفة بسخرية :
ليه يا قلبي أول مرة تتجوزى ده المرة الخامسة .
ألقت كلماتها بوجه ابنتها الحانق ؛ ثم استدارت لتصفع الباب وراءها بعنف غافلة عن وجه ابنتها المتجهم بشدة .
ارتدت ملابسها التي كانت عبارة عن فستان من اللون الأحمر النارى يصل الي بعد ركبتيها بإنشات قليلة مغلق من فوق الي رقبتها وأكمام تصل الي المرفقين وتركت شعرها حرا مفرودا علي ظهرها بفعل المكواة فطبيعة شعرها مموجة .
خرجت من غرفتها متجهة حيث يجلسون فأخر ما ينقصها الليلة افتعال المشاكل ستصمت اليوم وستبدأ المشاكل من الغد .
نظر اليها صالح بتجهم من هيئتها تلك حتي ولو أخفت مفاتنها هن الأعين تبقي ساقيها تلفت الأنظار وسيبقي حريصا علي جعلها تغطي سائر جسدها في المستقبل القريب كجميع فتيات العائلة .
انتهي المأذون من إتمام مراسم عقد القران معلنهما زوج وزوجة واقترب الجميع يهنئون صالح تاركين خديجة تنظر لهم بضيق لإهمالها بتلك الطريقة ولم تطلق أى إمرأة من الحاضرات زرغودة واحدة حتي علي سبيل المجاملة .
الجميع صامت كأنهم أتوا لزفافها لمثواها الأخير .
اقتربت منها والدتها التي احتضنتها بود حاولت إخفائه هاتفة في أذنها بنبرة أقرب للهمس :
مبروك يا بنت بطني ويارب تتعدلي بقي .
ابتعدت أمها علي الفور تاركة إياها تكاد تبكي فمنذ فترة لا بأس بها لم تحتضنها هكذا.
انتهت مراسم التعزية كما أطلقت عليها خديجة ؛ ثم صعدت مع صالح الي شقة الزوجية كما أمرها جدها .
دلفت الي الداخل تتقدمه تشعر برهبة الموقف وإختناق يزلزل كيانها كأن حجرا صلب يجثو فوقها يمنعها من التنفس بأريحية زيجاتها الأربع السابقة لم تشعر بالتوتر كالأن ولكن ليتنحي التوتر جانبا فحياتها مع صالح مختلفة كليا عن الباقون.
دلف وراءها يحدق بظهرها بغموض لا يدرى ماذا سيفعل هل سيستطيع انتشالها من مستنقعها البغيض أم ستسحبه لهوتها السحيقة لتبتلعه داخلها .
جلس علي أقرب مقعد قابله وفعلت هي المثل ورفعت عيناها لتحدق به بدون خجل الفتيات ؛ فابتسم بسخرية علي تفكيره العقيم كيف ستخجل وتلك الزيجة تحمل الرقم خمسة .
أغمض عينيه وأراح رأسه للخلف يفكر بعمق بينما هي جلست تتأفف عندما طالت الجلسه تنتظر منه حديثا يخبرها به كيف ستكون حياتهما معا من المؤكد أنها ليست عادية فخديجة ليست عادية لتكون حياتها هكذا .
فتح عينيه بعد فترة ثم نظر لها بجمود هاتفا بخشونة :
قومي يالا غيري هدومك واتوضي علشان نصلي العشا .
ضيقت عيناها له وهتفت بخفوت :
أنا هصلي لوحدى .
نهض بسرعة ووقف أمامها ؛ فارتعبت لرؤية عيناه الغاضبة ثم امتدت يده ليجذبها نحوه كي تقف هاتفا بغضب :
قلت هنصلي سوا .
غضبت من طريقته غير المراعية لها والمجحفة بحقها وردت بسخرية :
لا مش هصلي معاك وملكش دعوة بيا أصلي مصليش أنا حرة مش هتتحاسب بدالي .
صمتت قليلا ثم نظرت له بتقييم نظرة شملته من أعلي لأسفل هاتفة بنبرة أقرب للإحتقار:
خليك في حالك يا أسطي صالح .
قبض علي ذراعها بغضب هاتفا بقوة :
بتصلي ولا لا .
سكتت وعجزت كلماتها عن التعبير وهزت رأسها نفيا؛ فجذبها وراءه الي المرحاض وفتح المياه لتهبط بشدة هاتفا بخشونة :
بتعرفي تتوضي .
كانت ستعانده ولكنها خافت من منظره المرعب بالنسبة لها ؛ فأومات ايجابا فابتسم بسخرية قائلا :
كويس ان بنت شيخ الجامع طلعت بتعرف تتوضي أبوكي زمانه فرحان في تربته انه بنته طلعت بتعرف تعمل حاجة كويسه في دنيتها .
صمت قليلا ينظر لتعبيراتها المتألمة عند تذكيرها بأبيها وقال :
اتوضي علطول وعندك عباية جوة علي السرير البسيها هتصلي بيها .
خرج من المرحاض وتركها غير مباليا بدموعها التي سقطت قهرا وبدأت في الوضوء وأحست أن المياة تغسلها من ذنوبها.
أنهت ما أمرها به وخرجت اليه وجدته قد وضع سجادتين علي الأرض فوقفت برهبة من الموقف بأكمله وبدأ الصلاة وهي وراءه
لا تنكر شعورها بالسعادة لأنها قريبة من ربها الآن ولكن شعور أخر بخيبة الأمل تسرب اليها عندما تذكرت أباها الذى مات بحسرته بسبب فسادها .
والشئ المخزى أنها لا تعتبره فسادا ؛ فهي تزوجت بغية الحصول علي الأموال كي تعيش خارج تلك الحارة العفنة وقد قامت بتجربة العمل ولكنها لم تفلح فاعتقادها أن المرأة خلقت للترفيه وليس للعمل وإرهاق نفسها .
أنهي الصلاة ووقف أمامها هاتفا بجمود'
من بكرة أى فرض مش هتصليه هضربك يا خديجة ولما بقول هضربك يبقي هعملها فروض ربنا هتأديها كلها فاهمه ولا لا .
هزت رأسها ايجابا ؛ فأشار لها بالغرفة التي ستقطن بها فرحلت من أمامه علي الفور تخشي مواجهته أكثر من ذلك.
دلفت لغرفتها وأبدلت ثيابها بأخرى خاصة بالنوم وغطت في نوم عميق.
دلفت حبيبة لشقتها بابتسامة متسعة عقب اطمئنانها أن تلك الحية الخبيثة أصبحت في قبضة أخيها ولكنها مخطئة فخديجة ليست بالخصم الهين ولا تستسلم بسهولة .
راقبت زوجها الحزين بأعين تلتمع بالغيرة والحقد في أن واحد علي تلك المخادعة التي سرقت قلب زوجها .
سرقت ما ليس بحق لها أخذت قلبه وتركت وراءها طيفا يتشوق لكلمة منها فما ذنبها لتعاني هكذا .
هل ذنبها أنها أحبته .بكل كيانها..وكل ذرة فيها تنطق بعشقه
هبطت دموعها الغزيرة بعد محاولة بائسة لكبتها ودلفت غرفة الأطفال مغلقة الباب بالمفتاح؛ ثم هبطت بجسدها لتجلس خلف الباب وبدأت شهقاتها في الخروج بعنف جعلت الجالس في الخارج يتألم لها فما ذنبها أن تتزوج رجلا عقله وقلبه بأخرى وما ذنبه هو الأخر أن تعلق بما ليس له فبئس القلب حين يتعلق بما ليس له حق فيه
ملعون القلب الذى يجعلنا عبيدا لما نتمناه
قلب لا يفعل شيئا سوى ايلامنا بأكثر الطرق إيلاما
كيف نعيش والقلب بداخلنا ينبض لأناس لا تستحق
لو كان بيدنا لأخرجناه من مكانه وصفعناه بشدة علي ما يفعله بنا
ولكن لا سلطان عليه يعشق ويحب ويهيم بمعشوقه ونحن نكتوى بنار العشق وننكب علي وجوهنا لنصطدم بالواقع الأليم أن معشوق الروح اختار أن يعشق غيرنا .
صباحا بغرفة خديجة .
نهضت بتثاقل من نومها غير المريح المحمل بكوابيس جمعتها بطليقها الثالث فتوجهت لتبدل ثيابها ؛ ثم اتجهت الي المرحاض لتغتسل وتتوضأ للصلاة فالصلاة لا مجال للعند فيها ولن تبتعد عنها بعد أن ذاقت حلاوة الخشوع .
نهض من فراشه متوجها للخارج وجدها تصلي بخشوع فابتسم لوهله ولكنها سرعان ما غادرت شفتيه ليحل محلها الجمود فمؤكد أنها تصلي لتتحاشي غضبه ليس أكثر .
دلف الي المرحاض ليتوضأ هو الأخر وعندما خرج وجدها قد انتهت ودلفت لغرفتها .
أنهي صلاته هو الأخر وجلس بانتظار افطاره وعما طال الوقت دلف وراءها وجدها تقف أمام المرأة تمسك بمكواة الشعر لتفرد به شعرها وعندما حدقت به من المرأة ابتسمت بسخرية وأكملت ما كانت تفعله دون النظر اليه وعندما انتهت هتف بضيق :
فين الفطار .
استدارت له لتعقد يديها أمام صدرها هاتفة بضيق :
فطار ايه متروح المطبخ شوفلك حاجة تاكلها بتسألني أنا ليه ؟
لوى شفتيه بضيق وهتف بعنف :
وانتي هنا بتعملي ايه مش المفروض جوزك تحضريله أكله ولا أنا غلطان .
مرت من أمامه تتبختر في مشيتها كالطاووس وأجابته بسخرية :
لا فعلا غلطان مش أنا الخدامة اللي جابوها لمعاليك .
أمسكها من مرفقها بشدة جاذبا اياها وراءه نحو المطبخ؛ ثم أدخلها عنوة وهو يشير الي الثلاجة .
الثلاجة عندك أهه شوفي ايه اللي فيها وقسما بالله لو ملقتش الفطار جاهز لأخلي يومك أسود من قرن الخروب .
ترك المطبخ عقب القائه لكلماته ثم اتجه الي الخارج في انتظار الطعام التي تعده له
ضربت الأرض بقدميها بتأفف ثم لمعت في عقلها فكرة خبيثة كعقلها تماما وشرعت في سكب الشطة الحارة بطعامه .
قدمت له الطعام وجاءت لتنهض فأمسكها من مرفقها وأرغمها علي الجلوس علي قدمه ثم أمسك لقمة متوسطة الحجم وغمسها في الطعام هاتفا بمكر وهو يقربها الي فمها :
لازم تاكلي الأول يا قلبي أنا أبقي مبفهمش لما مراتي القمر متاكلش الأول .
ابتلعت ريقها بتوتر ثم تناولت منه اللقمه وبدأت في مضغها ببطئ ان رفضت سيشك بأمرها ففكرت انها لقمه واحدة وانتهي الأمر ولكن مالم تضعه في الحسبان أن اللقمة أصبحت لقيمات ؛ فنهضت سريعا للمرحاض لتفرغ ما في جوفها غير قادرة علي التحمل أكثر .
تابعها بجمود فقد انقلب السحر علي الساحر وذاقت من الكأس التي كانت تريد أن تذيقه اياه .
جففت وجهها بالمنشفة وسمعت صوت خارج باب الشقة وتعرفت علي الأصوات فنظرت أمامها بمكر؛ ثم فتحت الباب لتجد خالد علي استعداد للذهاب لعمله تجاوره حبيبة لتهبط معه كي ترى والديها فابتسمت له واقتربت منه لتصافحه قائلة برقة مصطنعه :
اذيك يا خالد عامل ايه ؟
ظل قابضا علي يدها بقبضته وقد أشرق وجهه لرؤيتها وبادلها التحية أمام أعين زوجته التي ظهر الألم بمقلتيها
ابتسمت له خديجة واستأذنته لتدلف الي شقتها ؛ولكنها تعثرت في السجادة الموضوعة أمام باب الشقة بدون قصد فأمسكها خالد من خصرها كي لا تسقط فظهر الحنق علي وجهها من امساكه لها بتلك الطريقة؛ وابتعدت عنه بسرعة شاعرة بالنفور وأن ما يحدث خطا ولعنت حالها لإرتدائها لذلك الكعب العالي .
بينما تلك الواقفة تراقبهم بغضب يكاد يحركها لتجذب تلك الحية من خصلاتها وتوسعها ضربا ثم القائها من أعلي الدرج .
شكرته بخفوت واستدارت لتدلف لشقتها فتفاجأت بزوج من الأعين يراقبها باحتقار فلو أقسمت أنها لم تقصد لن يصدق فسجلها لديه حافل وممتلئ الي أخره .
ومين قالك هتخرجي من هنا هو دخول الحمام زى خروجه ولا ايه ؛ ومن بكرة يا بنت عمي هتبقي في بيتي.
صمت قليلا ثم تحدث بسخرية أغضبتها :
وأظن انك مش محتاجة فرح انتي عملتي فرح أربع مرات كفاية عليكي .
أغمضت عيناها بنفاذ صبر من حديثه المبطن بالإهانة؛ ثم فتحت عيناها ترمقه بغضب دافعة اياه بيدها من صدره؛ ليتنحي جانبا فمرت من أمامه بسرعة الي شقة والدها وخلفها أمها أما هو وقف قليلا يفكر في حياته القادمة ترى ماذا يخبئ له القدر؟
دلفت غرفتها وأغلقتها من الداخل تدور في غرفتها بغضب تكاد تجن مما يحدث معها لا تصدق أنها خديجة غفران حلم كل الرجال تتزوج من ذلك الأبلة غليظ القلب.
رتبت خطتها أنها ستتزوج بخالد فهو يعشقها منذ الصغر وبإمكانها استغلاله وجعله يفعل ما تريد أما الآن فالأمر قد تعقد كثيرا أكثر مما تظن .
أمسكت خصلاتها بعنف تكاد تمزقها من فرط غضبها وعصبيتها؛ ثم حاولت أن تهدأ قليلا وتحادث صديقتها علها تجد حلا معها يخرجها من هذا المأزق .
أمسكت بهاتفها لتهاتف حسناء طلبت الرقم وانتظرت الاجابة .
وصلها صوت حسناء هاتفة بود :
اذيك يا خديجة عاملة ايه .
أنا في مصيبة يا حسناء .
نطقتها خديجة ؛ لتشهق حسناء برعب أن يكون طليقها عثر عليها وقالت :
ايه اللي حصل ؟
أجابتها بحنق :
جدى مصمم يجوزني صالح بكرة فاكر كده أنه بيربيني من أول وجديد .
تنفست حسناء بهدوء محاولة تهدئة أنفاسها المتسارعة وقالت بحنق :
مصيبة ايه شيخة خضتيني أنا فكرت حاجة جامدة .
لوت خديجة شفتيها لترد بسخرية :
وهو جوازى من صالح مش مصيبة يا حسناء صالح هيبهدلني معاه .
لا تنكر خوفها الشديد من زواج خديجة بالمدعو صالح فهي علي علم ببغضه الشديد واستيائه من خديجة ولكنه في نهاية المطاف ابن عمها وسيعمل علي تقويمها فهو من سينجح بذلك بعد فشلها الذريع ومحاولاتها البائسة بابعادها عن طريقها الأعوج الذى تسير فيه؛ ولكن لا حياة لمن تنادى وبوجود صالح سينجح فيما فشلت فيه هي .
أجلت صوتها لتقول بصوت خافت :
صالح أهون كتير من حازم خليل يا خديجة.
ضيقت خديجة عيناها لذكر حسناء طليقها الثالث وقالت بتساؤل :
وايه اللي فكرك بيه يا حسناء .
أجابتها حسناء بجدية:
حازم خليل بيدور عليكي في كل حتة بعد ما عرف لعبة الجواز اللي انتي شغالة فيها وانك كل شوية تتجوزى واحد علشان يصرف عليكي .
ابتلعت خديجة ريقها بعد حديث حسناء الذى أشعرها بالحقارة وصمتت لتستمع بقية الحديث .
صمتت قليلا تأخذ نفسها وأكملت بضيق :
وموضوع قضية الخلع اللي رفعتيها عليه علشان تتجوزى صاحبه سامح مدكور معلمة معاه جامد ولو طالك هيبهدلك وانتي عارفة.
دب الرعب بقلبها من حديث صديقتها وقالت بخوف :
طيب وايه العمل دلوقتي .
أجابتها حسناء ببساطة :
تتجوزى صالح قبل ما يوصلك حازم لانه هيقدر يحميكي منه ويقف قدامه وحازم كمان مش هيجازف بأي حاجة تضر بسمعته ودى أهم حاجة عنده وصدقيني صالح هو أحسن واحد حاليا ويارب تستقري في حياتك بقا .
أنهت المكالمة مع صديقتها وجلست علي الفراش تفكر فيما سيحدث لها من ناحية صالح والأدهي الملعون حازم خليل .
شعرت بالرعب يدب في أوصالها ان وصل لها حازم فذلك الحقير لا يفكر بشئ سوى سمعته وهي لعبت علي ذلك الوتر الحساس لديه عندما رفعت قضية الخلع وشهرت به في الصحف .
غفت بعد فترة وهي مازالت تفكر فيما سيحدث لها .
صباحا
كانت الأمور عادية رتيبة ولا تعبر عن زواج نهائيا ؛ فتأففت خديجة مما يحدث فلا أحد يعيرها اهتماما ولا يشعر بوجودها أحد من الأساس باستثناء والدتها التي أخذت ملابسها ووضعتها في شقتها مع صالح بعد أن قاموا بتجهيزها صباحا؛ وكأن الفرش كان موجودا من قبل قدومها فالنساء نظفن الشقة والرجال أحضرت الفرش بسرعة وأصبح كل شئ جاهزا .
مر النهار كئيبا حتي حل المساء وهي مازالت تجلس علي فراشها شاردة في مستقبلها مع صالح .
دلفت أمها للغرفة قائلة بجمود :
يالا المأذون علي وصول اجهزى وياريت تلبسي حاجة مقفولة مش عايزين مشاكل من أول يوم .
جاءت لتخرج استوقفتها خديجة هاتفة ببرود :
مش هتديني نصايح قبل الجواز ولا ايه ولا حتي الوصايا العشر .
ضحكت والدتها بتهكم واستدارت لها هاتفة بسخرية :
ليه يا قلبي أول مرة تتجوزى ده المرة الخامسة .
ألقت كلماتها بوجه ابنتها الحانق ؛ ثم استدارت لتصفع الباب وراءها بعنف غافلة عن وجه ابنتها المتجهم بشدة .
ارتدت ملابسها التي كانت عبارة عن فستان من اللون الأحمر النارى يصل الي بعد ركبتيها بإنشات قليلة مغلق من فوق الي رقبتها وأكمام تصل الي المرفقين وتركت شعرها حرا مفرودا علي ظهرها بفعل المكواة فطبيعة شعرها مموجة .
خرجت من غرفتها متجهة حيث يجلسون فأخر ما ينقصها الليلة افتعال المشاكل ستصمت اليوم وستبدأ المشاكل من الغد .
نظر اليها صالح بتجهم من هيئتها تلك حتي ولو أخفت مفاتنها هن الأعين تبقي ساقيها تلفت الأنظار وسيبقي حريصا علي جعلها تغطي سائر جسدها في المستقبل القريب كجميع فتيات العائلة .
انتهي المأذون من إتمام مراسم عقد القران معلنهما زوج وزوجة واقترب الجميع يهنئون صالح تاركين خديجة تنظر لهم بضيق لإهمالها بتلك الطريقة ولم تطلق أى إمرأة من الحاضرات زرغودة واحدة حتي علي سبيل المجاملة .
الجميع صامت كأنهم أتوا لزفافها لمثواها الأخير .
اقتربت منها والدتها التي احتضنتها بود حاولت إخفائه هاتفة في أذنها بنبرة أقرب للهمس :
مبروك يا بنت بطني ويارب تتعدلي بقي .
ابتعدت أمها علي الفور تاركة إياها تكاد تبكي فمنذ فترة لا بأس بها لم تحتضنها هكذا.
انتهت مراسم التعزية كما أطلقت عليها خديجة ؛ ثم صعدت مع صالح الي شقة الزوجية كما أمرها جدها .
دلفت الي الداخل تتقدمه تشعر برهبة الموقف وإختناق يزلزل كيانها كأن حجرا صلب يجثو فوقها يمنعها من التنفس بأريحية زيجاتها الأربع السابقة لم تشعر بالتوتر كالأن ولكن ليتنحي التوتر جانبا فحياتها مع صالح مختلفة كليا عن الباقون.
دلف وراءها يحدق بظهرها بغموض لا يدرى ماذا سيفعل هل سيستطيع انتشالها من مستنقعها البغيض أم ستسحبه لهوتها السحيقة لتبتلعه داخلها .
جلس علي أقرب مقعد قابله وفعلت هي المثل ورفعت عيناها لتحدق به بدون خجل الفتيات ؛ فابتسم بسخرية علي تفكيره العقيم كيف ستخجل وتلك الزيجة تحمل الرقم خمسة .
أغمض عينيه وأراح رأسه للخلف يفكر بعمق بينما هي جلست تتأفف عندما طالت الجلسه تنتظر منه حديثا يخبرها به كيف ستكون حياتهما معا من المؤكد أنها ليست عادية فخديجة ليست عادية لتكون حياتها هكذا .
فتح عينيه بعد فترة ثم نظر لها بجمود هاتفا بخشونة :
قومي يالا غيري هدومك واتوضي علشان نصلي العشا .
ضيقت عيناها له وهتفت بخفوت :
أنا هصلي لوحدى .
نهض بسرعة ووقف أمامها ؛ فارتعبت لرؤية عيناه الغاضبة ثم امتدت يده ليجذبها نحوه كي تقف هاتفا بغضب :
قلت هنصلي سوا .
غضبت من طريقته غير المراعية لها والمجحفة بحقها وردت بسخرية :
لا مش هصلي معاك وملكش دعوة بيا أصلي مصليش أنا حرة مش هتتحاسب بدالي .
صمتت قليلا ثم نظرت له بتقييم نظرة شملته من أعلي لأسفل هاتفة بنبرة أقرب للإحتقار:
خليك في حالك يا أسطي صالح .
قبض علي ذراعها بغضب هاتفا بقوة :
بتصلي ولا لا .
سكتت وعجزت كلماتها عن التعبير وهزت رأسها نفيا؛ فجذبها وراءه الي المرحاض وفتح المياه لتهبط بشدة هاتفا بخشونة :
بتعرفي تتوضي .
كانت ستعانده ولكنها خافت من منظره المرعب بالنسبة لها ؛ فأومات ايجابا فابتسم بسخرية قائلا :
كويس ان بنت شيخ الجامع طلعت بتعرف تتوضي أبوكي زمانه فرحان في تربته انه بنته طلعت بتعرف تعمل حاجة كويسه في دنيتها .
صمت قليلا ينظر لتعبيراتها المتألمة عند تذكيرها بأبيها وقال :
اتوضي علطول وعندك عباية جوة علي السرير البسيها هتصلي بيها .
خرج من المرحاض وتركها غير مباليا بدموعها التي سقطت قهرا وبدأت في الوضوء وأحست أن المياة تغسلها من ذنوبها.
أنهت ما أمرها به وخرجت اليه وجدته قد وضع سجادتين علي الأرض فوقفت برهبة من الموقف بأكمله وبدأ الصلاة وهي وراءه
لا تنكر شعورها بالسعادة لأنها قريبة من ربها الآن ولكن شعور أخر بخيبة الأمل تسرب اليها عندما تذكرت أباها الذى مات بحسرته بسبب فسادها .
والشئ المخزى أنها لا تعتبره فسادا ؛ فهي تزوجت بغية الحصول علي الأموال كي تعيش خارج تلك الحارة العفنة وقد قامت بتجربة العمل ولكنها لم تفلح فاعتقادها أن المرأة خلقت للترفيه وليس للعمل وإرهاق نفسها .
أنهي الصلاة ووقف أمامها هاتفا بجمود'
من بكرة أى فرض مش هتصليه هضربك يا خديجة ولما بقول هضربك يبقي هعملها فروض ربنا هتأديها كلها فاهمه ولا لا .
هزت رأسها ايجابا ؛ فأشار لها بالغرفة التي ستقطن بها فرحلت من أمامه علي الفور تخشي مواجهته أكثر من ذلك.
دلفت لغرفتها وأبدلت ثيابها بأخرى خاصة بالنوم وغطت في نوم عميق.
دلفت حبيبة لشقتها بابتسامة متسعة عقب اطمئنانها أن تلك الحية الخبيثة أصبحت في قبضة أخيها ولكنها مخطئة فخديجة ليست بالخصم الهين ولا تستسلم بسهولة .
راقبت زوجها الحزين بأعين تلتمع بالغيرة والحقد في أن واحد علي تلك المخادعة التي سرقت قلب زوجها .
سرقت ما ليس بحق لها أخذت قلبه وتركت وراءها طيفا يتشوق لكلمة منها فما ذنبها لتعاني هكذا .
هل ذنبها أنها أحبته .بكل كيانها..وكل ذرة فيها تنطق بعشقه
هبطت دموعها الغزيرة بعد محاولة بائسة لكبتها ودلفت غرفة الأطفال مغلقة الباب بالمفتاح؛ ثم هبطت بجسدها لتجلس خلف الباب وبدأت شهقاتها في الخروج بعنف جعلت الجالس في الخارج يتألم لها فما ذنبها أن تتزوج رجلا عقله وقلبه بأخرى وما ذنبه هو الأخر أن تعلق بما ليس له فبئس القلب حين يتعلق بما ليس له حق فيه
ملعون القلب الذى يجعلنا عبيدا لما نتمناه
قلب لا يفعل شيئا سوى ايلامنا بأكثر الطرق إيلاما
كيف نعيش والقلب بداخلنا ينبض لأناس لا تستحق
لو كان بيدنا لأخرجناه من مكانه وصفعناه بشدة علي ما يفعله بنا
ولكن لا سلطان عليه يعشق ويحب ويهيم بمعشوقه ونحن نكتوى بنار العشق وننكب علي وجوهنا لنصطدم بالواقع الأليم أن معشوق الروح اختار أن يعشق غيرنا .
صباحا بغرفة خديجة .
نهضت بتثاقل من نومها غير المريح المحمل بكوابيس جمعتها بطليقها الثالث فتوجهت لتبدل ثيابها ؛ ثم اتجهت الي المرحاض لتغتسل وتتوضأ للصلاة فالصلاة لا مجال للعند فيها ولن تبتعد عنها بعد أن ذاقت حلاوة الخشوع .
نهض من فراشه متوجها للخارج وجدها تصلي بخشوع فابتسم لوهله ولكنها سرعان ما غادرت شفتيه ليحل محلها الجمود فمؤكد أنها تصلي لتتحاشي غضبه ليس أكثر .
دلف الي المرحاض ليتوضأ هو الأخر وعندما خرج وجدها قد انتهت ودلفت لغرفتها .
أنهي صلاته هو الأخر وجلس بانتظار افطاره وعما طال الوقت دلف وراءها وجدها تقف أمام المرأة تمسك بمكواة الشعر لتفرد به شعرها وعندما حدقت به من المرأة ابتسمت بسخرية وأكملت ما كانت تفعله دون النظر اليه وعندما انتهت هتف بضيق :
فين الفطار .
استدارت له لتعقد يديها أمام صدرها هاتفة بضيق :
فطار ايه متروح المطبخ شوفلك حاجة تاكلها بتسألني أنا ليه ؟
لوى شفتيه بضيق وهتف بعنف :
وانتي هنا بتعملي ايه مش المفروض جوزك تحضريله أكله ولا أنا غلطان .
مرت من أمامه تتبختر في مشيتها كالطاووس وأجابته بسخرية :
لا فعلا غلطان مش أنا الخدامة اللي جابوها لمعاليك .
أمسكها من مرفقها بشدة جاذبا اياها وراءه نحو المطبخ؛ ثم أدخلها عنوة وهو يشير الي الثلاجة .
الثلاجة عندك أهه شوفي ايه اللي فيها وقسما بالله لو ملقتش الفطار جاهز لأخلي يومك أسود من قرن الخروب .
ترك المطبخ عقب القائه لكلماته ثم اتجه الي الخارج في انتظار الطعام التي تعده له
ضربت الأرض بقدميها بتأفف ثم لمعت في عقلها فكرة خبيثة كعقلها تماما وشرعت في سكب الشطة الحارة بطعامه .
قدمت له الطعام وجاءت لتنهض فأمسكها من مرفقها وأرغمها علي الجلوس علي قدمه ثم أمسك لقمة متوسطة الحجم وغمسها في الطعام هاتفا بمكر وهو يقربها الي فمها :
لازم تاكلي الأول يا قلبي أنا أبقي مبفهمش لما مراتي القمر متاكلش الأول .
ابتلعت ريقها بتوتر ثم تناولت منه اللقمه وبدأت في مضغها ببطئ ان رفضت سيشك بأمرها ففكرت انها لقمه واحدة وانتهي الأمر ولكن مالم تضعه في الحسبان أن اللقمة أصبحت لقيمات ؛ فنهضت سريعا للمرحاض لتفرغ ما في جوفها غير قادرة علي التحمل أكثر .
تابعها بجمود فقد انقلب السحر علي الساحر وذاقت من الكأس التي كانت تريد أن تذيقه اياه .
جففت وجهها بالمنشفة وسمعت صوت خارج باب الشقة وتعرفت علي الأصوات فنظرت أمامها بمكر؛ ثم فتحت الباب لتجد خالد علي استعداد للذهاب لعمله تجاوره حبيبة لتهبط معه كي ترى والديها فابتسمت له واقتربت منه لتصافحه قائلة برقة مصطنعه :
اذيك يا خالد عامل ايه ؟
ظل قابضا علي يدها بقبضته وقد أشرق وجهه لرؤيتها وبادلها التحية أمام أعين زوجته التي ظهر الألم بمقلتيها
ابتسمت له خديجة واستأذنته لتدلف الي شقتها ؛ولكنها تعثرت في السجادة الموضوعة أمام باب الشقة بدون قصد فأمسكها خالد من خصرها كي لا تسقط فظهر الحنق علي وجهها من امساكه لها بتلك الطريقة؛ وابتعدت عنه بسرعة شاعرة بالنفور وأن ما يحدث خطا ولعنت حالها لإرتدائها لذلك الكعب العالي .
بينما تلك الواقفة تراقبهم بغضب يكاد يحركها لتجذب تلك الحية من خصلاتها وتوسعها ضربا ثم القائها من أعلي الدرج .
شكرته بخفوت واستدارت لتدلف لشقتها فتفاجأت بزوج من الأعين يراقبها باحتقار فلو أقسمت أنها لم تقصد لن يصدق فسجلها لديه حافل وممتلئ الي أخره .
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية القلب يهوي قاتله" اضغط على أسم الرواية