رواية صفقة حب الفصل الثاني بقلم شيماء جوهر
رواية صفقة حب الفصل الثاني
دقايق و تلاقت أعينهم، بداخلها تسأل و دهشة من تلك المصادفة العجيبة التي جمعت بينهم؛ شرد في عيونها الحزينة التي تنبعث منها ألم و أسرار مكبوتة في أعماقها، ذات الملامح الرقيقة التي تبدو أصغر من عمرها غير واضحة المعالم بسبب كثرة الدمع المزروف من مقلتيها .
نظرتها تحمل الدهشة و الضيق في الوقت ذاته، تذكرت فعلته منذ قليل .. بدون أي كلمة تحركت من أمام الباب و أكملت طريقها .
ظل طارق ثابتًا في مكانه دون حراك، شريدًا منذ رؤيتها .... إندهش إيهاب من حالته إلى أن آفاقه من شروده :
- إيه يا بني روحت فين تعرفها ؟
طارق نظر إليه بهدوء و قال :
-ايوة أبقى أقولك بعدين .. يلا عشان ماما مستنية
ذهب طارق إلى تهاني في غرفة الفحوصات، بعد الإنتهاء أعتذر طارق لعدم مقدرته على الذهاب الآن، على أن يعاد النظر في الأمر مساء اليوم كي يعيد تهاني إلى المنزل لأنها تبدو مجهدة .
في مساء اليوم الحالي، خاصًة في غرفة طارق .. يجلس على فراشه يفكر في تلك الفتاة العجيبة التي رأها ظهيرة اليوم، على الرغم إنه كان منزعج منها قليلاً منذ ما حدث .. إلا أنه تعاطف معها عندما ألتقى بها بالمشفى .
لم يفكر بما حدث كثيراً، و أعتبره إنها مجرد مصادفة ليس إلا من الطبيعي أن تحدث .... تناول هاتفه و أجرى إتصال بإيهاب كي يتنزها قليلًا ...
******************
شعورنا في بعض الأحيان بوجود جبل كبير راسخ على صدورنا .. نشعر بعبء كبير ﻻ نستطيع إحتماله؛ فقدرتنا على التصدي قد نفذت و لم نعد نحتمل بعد الآن متكئة على فراشها بشرود و حزن كالعادة، أصابها الكلل و المشقة منذ غياب هاشم الجوهري و دخوله العيانة المركزة .. أصبحت هي كل شيء فوق عاتقها و كل يوم يزداد الحمل أكثر و أكثر، إلى أن أعصابها لم تعد تحتمل أي صدمات بعد .
تعالت صوت قرعات باب الغرفة إلى أن سمعته سلمى .. دخل يوسف مبتسمًا بعدما سمع الأذن بالدخول ...
إقترب من فراشها و جلس على أطرافه .. نظر إليها في حيرة و حزن على حالها الذي تبدد يوم بعد يوم .
ربت على يديها مبتسماً و قال :
- ها الجميل سرحان في إيه ؟!
إعتدلت سلمى في جلستها، ترتسم على وجهها معالم الحزن، و لكن نظرت إليه باسمة كي تخفيه و قالت :
- ولا حاجة يا يوسف أنا كويسة
تنهد بحزن و ضم يداها بقبضته، نظر إليها بحزن قائلًا :
- مش عايز كل ما ترجعي من عند بابا ألاقيكِ في الحالة دي
لم تتحمل كتمان ما بداخلها أكثر من ذلك ، خاصًة عندما سمعت تلك الكلمة التي أثارت مشاعرها، إنتفضت عيناها من البكاء قائلة :
- وحشني أوي يا يوسف
تحرك يوسف و جلس بجوارها و ضمها إليه بحنان .. ربت عليها و قال بهدوء :
- أن شاء الله هيقوم لنا بالسلامة .. بس قولي أنتِ يا رب ملناش غيره
تنهدت بحزن و هي تمسح دمعة سقطت من مقلتيها قائلة :
- ونعم بالله .. يا رب
إبتسم و أكمل قائلًا :
- طب قومي بقى عشان العشا
تنهدت بحزن و قلة حيلة ثم إستردت قائلة :
- لا مليش نفس كل أنت
أبعدها قليلًا عنه .. ثم مسك يداها و أرتسمت على شفاتيه إبتسامة رقيقة قائلاً :
- ده كلام بردو ! ، أنتِ عارفة إنك إللي بتفتحي نفسي على الأكل ولو مجتيش أنا مش هاكل ها
إلتفتت إليه بنظرة متعبة وقالت :
- عشان خاطري يا يوسف بجد تعبانة مش قادرة .. الكلية مع الشركة هنجت
تنهدت بحيرة من تلك العنيدة، ﻻ يوجد سوى طريقة واحدة حتى يجعلها تبتسم، و تستعيد حيويتها من جديد .. وقف سريعًا و قام بحركات فجائية بنبرة مرحة قائلًا :
- ماهو عشان كده لازم تكلي هقوم ولا ازغزغ
إنقض عليها على الفور و بدأ بدغدغتها ، لم تتحمل سرعته .. تعالت صوت ضحكاتها و هي تقول :
- ههههه لا خلاص حرمت يا بيه .. قايمة أهو
ظل يضحك على هيئتها و هي ممددة علي الفراش متعبة من كثرة الضحك .. تنهدت بسعادة و هي منبسطة ذراعيها .
كان حقا في قمة سعادته بعد أن رأها بضحكاتها الرنانة التي تعلو الغرفة، حمد الله على عودة الإبتسامة إلى وجهها مرة أخرى .
مدت يداها بإبتسامتها الرقيقة، رد إبتسامتها و مد يداه هو الأخر و جذبها نحوه ..خرجا معًا و البسمة مازالت تعلو شفاتهما ..
في صباح اليوم التالي .. إستيقظت سلمى على صوت رنين هاتفها .. تحسست الكومود و تناولت الهاتف بوخم شديد ... نظرت إلى أسم المتصل، تغيرت تعابير وجهها، ردت بإستياء و بنبرة ناعسة قائلة :
- ألو ايوة يا عاصم
رد بهدوء و قال :
- ايوة يا سلمى أنتِ فين ؟!
تنهدت بضيق و لكن ردت بهدوء و قالت :
- هكون فين يعني في البيت
رد بنبرة جافة نوعاً ما قائلًا :
- مرحتيش الشركة لغاية دلوقتي دي الساعة 9 يا هانم
تنهدت و وضعت يداها على جبينها بإرهاق قائلة :
- معلش يا عاصم منمتش كويس ومرهقة جدًا .. ثم عايزة أفهم هي شركتك ولا شركتي
تذمر عاصم لتأخيرها، ورد بنبرة جافة و صارمة .. كاد أن يعلو صوته :
- آه نايمة ولا على بالك وعلينا شغل أد كده .. ده مفيش تحمل للمسؤلية خالص .. لا يا هانم متنسيش إننا شركاء حتى وإن كل واحد فينا في شركة
تجمدت الدموع في عينيها بسبب أسلوبه البغيض معها، لأول مرة يتهمها بالتقصير في حق العمل و محادثتها بتلك النبرة المغايرة، ﻻ تعرف سر تحوله عليها بهذا الشكل منذ إرتياد والدها إلى المشفى، تنهدت بهدوء و ردت بضيق :
- عاصم حاسب على كلامك .. أنا بردو مفيش مسؤلية وعمري ما قصرت في شغل الشركة !! .. إيه مبتفهمش !! بقولك كنت تعبانة مفيش تقدير ولا نظر، هاخد شاور وأنزل .. سلام يا عاصم
أنهت المكالمة علي الفور قبل أن تسمع رده .. ألقت الهاتف بجانبها علي الفراش سريعاً و شرعت بالبكاء الشديد بعد ما إرتمت على فراشها و دفنت وجهها حتي ﻻ تخفي دموعها حتى عن نفسها .
سمعت صوت يوسف ينادي عليها من الخارج، قامت على الفور و مسحت دموعها سريعًا و خرجت له .
****************
يجلس طارق بساحة الكلية مع صحبته، و لكن يعتبر إيهاب من أقرب أصدقاءه ..يتسامرون كالعادة .
إقتربت سارة منه بعدما رأته من بعيد .. تعلو فوق شفاتيها إبتسامة صغير و هي تقول :
- هاي إزيك يا طارق عامل أيه ؟!
طارق رفع رأسه من الحاسوب و نظر إليها في هدوء قائلًا :
- الحمد الله كويس يا سارة
قالت بعدما عقدت ذراعها في ضيق مصطنع :
- إيه يا حبيبي مكلمتنيش امبارح ليه ؟ كده تسيبني كل ده !
تنهد بضيق و لكن نظر إليها و رد بنبرة هادئة :
- معلش كان عندي شغل وجبت ماما من المستشفى مكنتش بلعب يعني
أومأت و بعد تفكير قالت :
- طيب عندك إيه النهارده ؟! متيجي نخرج
تنهد و نظر إليها آسفًا ثم قال :
- مش هينفع بجد ورايا شغل مهم النهارده ولازم يخلص
رفعت سارة حاجبها الأيسر مستنكرة لما يقول، فصاحت به في ضيق وبدأ صوتها في العلو :
- شغل إيه ده إللي أهم مني .. أنا بجد مبقتش فهماك
لم يروق له رد فعلها و نبرة حديثها .. شعر بالانزعاج على الرغم من كل هذا فهي لم تقدر مسؤلياته بعد .. فنظر لها و قال :
- سارة أنتِ عارفة كويس، إياكِ تعلي صوتك عليا تاني، متتكلميش في مواضيع الشغل دي .. صفقة مهمة للشركة خلاص رضيتي فضولك؟، ثم إيه إللي مش فهماه؟
زفرت بشدة وعقدت ذراعها وقالت بضيق:
- أنت الجد الصارم في شغلك ولا طارق إللي مبيبطلش ضحك وهزار مع صحابه ؟
عقد حاجبيه بدهشة ثم رد بهدوء على غير المعتاد:
- الاتنين .. أنا الاتنين يا سارة .. إيه الغريب في كده مش فاهم
زفرت بضيق من هدوءه وهي تشعر بالضيق وهو لا يبالي لتقول بنفس النبرة :
- في إني بحسك بوشين، مدير شركة جد أوي في شغلك وتقيل مع البنات حتى عندك في الشركة ولا مرة شوفتك بتبتسم في وشهم حتى .. وحاجة تانية مع صحابك ضحك وهزار وسفر ساعات والحياة فلة وتيجي عندي تقلبلي الوش الخشب عكس الشركة تماماً
تنهدت بقوة و رد بهدوء شديد:
- شوفي يا سارة أنا عمري ما كنت بوشين الحمد لله ولا هكون .. حياتي هي هي ومليش إلا شخصية واحدة ووش واحد .. في الشغل لازم اكون صارم وجد ولا عايزاني أهزر مع دي وأضحك مع دي وتبقى سايبة بقى .. صحابي الحاجة الوحيدة إللي بطلع فيها همي وبكون على طبيعتي وبفصل بيهم من جو الشغل وأقربهم إيهاب وأنتِ عارفة كده كويس .. هو لما بعرف أفصل بين شغلي وحياتي الشخصية أبقى متناقض ؟! وحكاية باجي عندك بصدرلك الوش الخشب دي أنتِ عارفة سببها كويس .. في حاجات الواحد مبيعرفش يتخطاها بسهولة
أدارت وجهها إلى الناحية الأخرى ولم تستطع الرد عليه، فلا تجد كلام لقوله فقط جهمت وجهها بغيظ .. نظر لها مطولاً ثم قال :
- أنا لازم أمشي دلوقتي وهكلمك بليل سلام
قالها و هو يضع الحاسوب بالحقيبة مستعداً للذهاب
تذمرت سارة و شعرت بالضيق، قالت و هي تنظر إليه شذراً :
- ماشي يا طارق سلام
نظرت إلى أصدقائه الذين كانوا يستمعون لحوارهم، أو بمعنى أخر تلك المناوشات التي تنتهي بنفس النهاية .. فشعرت بالضيق ورحلت على الفور لصديقاتها.
****************
في إحدي شركات الأدوية .. حيث السلطة والمال من يتحدثون دون غيرهم، لهم كل الرأي والرأي الآخر؛ يجلس عاصم على مكتبه وبيديه الهاتف .. يتأرجح بالكرسي يمينًا ويسارًا وهو يتحدث بضحكاته العالية .
- ها يا حبيبتي لا لا تمام على ميعادنا مفيش مشكلة
ردت الفتاة من الجهة الأخرى بنبرة تخيرية وقالت :
- طب وخطيبتك هتعمل معاها إيه ؟!
ضحك و رد بأستهزاء، كأنه يستنكر ما يتحدث عنه :
- خطيبة مين إللي بتتكلمي عنها دي !! .. لا طبعًا أنتِ إللي في القلب، ثم دي ملهاش في الخروجات ولا بتاع
أومأت و ردت بدلال :
- طيب متتاخرش يا حبيبي عشان مقعدش لوحدي
رد عاصم متسائلًا :
هو سابك ولا إيه ؟!
قالت الفتاة بنبرة ضيق مصطنعة :
- اها تخيل .. بس والله ما أنا عتقاه
ضحك عالياً .. ها هو المعلم النجيب يستمع إلى نتائج تلاميذه، بما هو من خداع و عدم أمان :
- هههههه الله عليكِ تربيتي
شعرت بالإنتصار لكلماته، أعطاها دافع أكبر للإستمرار في طريقها .. ضحكت وقالت بثقة :
- هههههه عيب عليك
سمع عاصم أثناء ذلك صوت قرعات على الباب، ظن بأن تكون هي .. نظر إلى الباب بترقب ثم عاد يستكمل حديثه قائلًا :
- بقولك إيه أقفلي دلوقتي هكلمك بعدين شكلها هي
إبتسمت و ردت سريعًا بدﻻل :
- طيب متأخرش
أنهي عاصم الإتصال متعجلًا :
- طيب طيب سلام
دخلت سلمى بعدما سمعت الأذن بالدخول بوجه مقتضب .. إقتربت منه و وضعت على مكتبه ملف، ثم أدارت وجهها إلى الجهة الأخرى دون البوح بأي كلمة .
نظر إليها بضيق على رد فعلها .. دقائق وقطعت الصمت دون النظر إليه بنبرة صارمة :
- أتفضل الأوراق دي لازم تتمضي حالًا
نظر إليها بضيق قائلًا :
- اممممم طيب
وقع الأوراق وبطرف عينيه كان ينظر إليها .. التي مازالت موجهة وجهها إلى الناحية الأخرى .
أنهى التوقيع .. سريعاً دون الإلتفات إليه حملت الملف و كادت أن تتحرك متجهة إلى الباب، قالت دون الإلتفات إليه :
- شكرا عن إذنك
قام بحركة سريعة وأمسك بيداها :
- إستني يا سلمى عايزك
نظرت إلى يداه الممسكة بيداها بإحكام، ثم نظرت إليه بغضب وقالت :
- سيب أيدي يا عاصم .. أوعى
ترك يداها بهدوء ثم نظر إليها غاضبًا وقال :
- في إيه يا سلمى ؟!
نظرت له وقالت بإستهزاء :
- لا وﻻ حاجة أسأل نفسك أنت عملت إيه
تنهد بضيق ثم نظر إليها و رد بهدوء :
- كل ده عشان قولتلك كلمتين بتوع الصبح دول
نظرت إليه بإذدراء وتعجب مما يقول قائلة :
- دي مش أول مرة تهني وتتهمني بتقصير، وأنا بسكت ومبرداش أتكلم عشان بابا .. أما أنت ذوتها أوي على فكرة
عاصم رد بنفس النبرة :
- متزعليش، ثم مش دي حقيقة !!
شعرت بالضيق أكثر لكلماته و إثبات إتهامها بالتقصير أكثر، فردت بإنفعال :
- لا طبعًا!!، حقيقة إيه !!، فين التقصير ده من يوم ما مسكت الشركة يا أستاذ !!
أومأ براسه ونظر لها بتساؤل وقال :
- كنتِ فين إمبارح الساعة 2 الضهر يا سلمى ؟ .. شوفت نور وسالتها عليك قالتلي كانت مستعجلة وأخذت حاجاتها ومشيت
عقدت ذراعها وقالت بهدوء :
-اها روحت أودي ورق مهم ليوسف وطلعت على المستشفى أشوف بابا، هو ده التقصير إللي بتتهمني بيه ؟! .. ده أنا مأخدتش ساعتين على بعضهم
يبدو إن عاصم مصر على تقصيرها، نظر إليها وقال بنبرة عتاب :
- يعني أنتِ لسة مش معترفة بغلطك ؟!
شعرت بالضيق أكثر وأكثر، كادت أن تنفعل من طريقة حديثه، ولكن تماسكت وإلتفتت إليه و ردت بنبرة هادئة ببعض الضيق :
- اممم واضح إن الكلام معاك مبيجبش أي نتيجة .. عن إذنك عندي شغل
تحركت خطوات للأمام، شعر بالضيق من تصرفها .. أقدم هو الأخر بضعة خطوات وثبت أمامها ... نظرت له بضيق وتحدي .. نظر هو الأخر في عيناها بغضب وقال :
- أنا لسة مخلصتش كلامي
نظرت له بتحدي وهي مثبتة عيناها في عينيه قائلة :
- خلاص يا عاصم مفيش كلام يتقال .. سلام
تقدمت بخطوات سريعة إلى الخارج دون أن تستمع إلى رده، حتى لم تهتم مطلقًا لنداءه الذي كان ينادي عليها بإنفعال و بصوت مرتفع :
- سلمى سلمىىىىىىىىىىى
*******************
عادت إلى مكتبها، دفنت وجهها بين طيات كفيها .. بعد أن طرقت بيديها على سطح المكتب بغضب .. تنهدت بعمق و رفعت رأسها بعدما سمعت قرعات الباب ..
مسحت وجهها بكفيها بهدوء، نظرت إلى الباب قائلة :
- أدخل ..
دخلت نور بإبتسامة عريضة، ولكن أختفت بالتدريج عندنا رأت حالة سلمى لم تبدو بخير على الإطلاق ... إقتربت منها و جلست على المقعد المقابل للمكتب قائلة :
- إيه إللي حصل ! .. اتخانقتي مع عاصم بردو ؟!
تنهدت سلمى بحيرة، نظرت لها بهدوء وقالت :
- وإيه الجديد يا نور، يلا أعمل إيه بقى إنسان مغرور
تنهدت نور بحزن وحيرة على حال صديقتها، فهي تحملت الكثير منذ مرض والدها ولكن لم تعد تتحمل بعد ... قامت وأتجهت نحوها .. ضمتها إليها وربتت على منكبيها قائلة :
- معلش يا حبيبتي أستحملي شوية عشان باباكِ حتى، عايزاه يفوق ويلاقي الدنيا مدربكة ؟
وجهت عيناها إلى الفراغ وقالت بحيرة :
- ياريت يا نور يفوق، تعبت من عاصم بجد، مفيش حاجة عجباه أبداً إيه ده !! ..مش ممكن عايز مني إيه ده !!
قبلت نور رأسها و ربتت عليها مرة اخرى، أما سلمى فهي تمالكت نفسها عن البكاء عادت نور إلى مقعدها و فضَلت تغيير الموضوع، يكفي الحديث عنه أكثر من ذلك :
- ربك هيسهلها .. مرحتيش الكلية النهارده ولا إيه ؟!
رفعت يداها بإستسلام مع رفع شفاتيها للأعلى، قالت بهدوء :
- لا يا ستي هو أنا عندي وقت، لما تسمحلي الظروف بروح، يوسف بيجبلي المحاضرات لو فضي عنده وقت
إبتسمت نور وقالت:
- طب كويس إني حضرت النهارده، فكرتيني أديلك إللي خدناه .. الأهم تركزي في المشروع إللي علينا تسليمه كمان يومين وسيادتك عملتي نصه
زفرت بضيق وعادت بظهرها على مقعدها :
- أعمل إيه يا نور والله نفسي أخلصه .. بس بجد إن شاء الله هبدأ أكمل شغل عليه على بليل
إبتسمت ثم تذكرت شيئًا ما وقالت :
- اه بالحق، رجلك عاملة إيه دلوقتي؟
زفرت بضيق عندما تذكرت هي الأخرى ذلك الأبله الذى صدمها أمس :
- متفكرنيش بالمتخلف ده .. الحمد لله دهنت مرهم بتاع كدمات قبل ما أنام والحمد لله أحسن سنة
ضحكت نور على تعبيرات وجهها وهي تتحدث:
- مش قادرة أنسى شكلك لما رجعتي من عند يوسف كنتِ عاملة ازاي .. مسبتيش موظف يا عيني إلا لما طلعتي عليه ظرابينك يا مفترية
صاحت بها بغيظ:
- ما هو إللي الغرور .. راكبه ومهانش عليه حتى يطمن عليا وكنت على أخري .. يلا بقى نصيبهم كده
ضحكت نور بشدة ونظرت لها سلمى بتحذير أن تصمت.
شعرت سلمى بالقليل من الراحة بعد الحديث مع نور، فهي ملجأها الوحيد الذي يطوي صفحات الضيق والغضب كلما يتمادي عاصم بالحديث معها .. فلا تستطيع إخبار يوسف بذلك حتى ﻻ تثير غضبه وحدوث إشكال بينهم بسبب خلافاتهم المتكررة فهو يخاف عليها ويحبها كثيراً .
بعد إن شعرت نور بأنها تبدو بخير الآن، أمدت لها بالمزيد من الحماس والطاقة الإيجابية لكي تتماشى مع الوضع الحالي، وأداء عملي أكثر فاعلية .
تركتها تكمل عملها وعادت هي الأخرى إلى مكتبها .
****************
أتصل محمود بطارق أثناء قيادته وهو بطريقه إلى شركة الجوهري .. لتذكيره بموعده مع سلمى ... أخبره بأنه في الطريق إليها وإنه على علم بالموعد .
توقفت السيارة أمام الشركة، ترجل من سيارته وهو ينظر إليها بتمعن ... تقدم بضعة خطوات إلى أن أصبح بالداخل .
توجه إلى مكتب السكرتارية بعد أن أقبل التحية، نظر إلى السكرتيرة وقال :
- السلام عليكم، عندي ميعاد مع الآنسة سلمى الجوهري، ممكن أقابلها ؟
ألقت نظرة على طارق الذي يقف أمامها بوسامة وجمود ثم إلى الحاسوب أمامها .. تبحث عن وجود ميعاد مسبق له أم ﻻ؛ بعد دقيقتان إلتفتت إليه قائلة :
- اها يا فندم .. أستاذ طارق الإبياري ؟
- اها مظبوط
- ثواني أديها خبر ..
رفعت سماعة الهاتف وأخبرت سلمى عن وجود طارق بالخارج بموعد سابق .. أعادت السماعة إلى مكانها ثم نظرت له وقالت باسمة :
- أتفضل يا فندم .. آنسة سلمى بإنتظارك
إبتسم لها شاكراً، تركها وفي طريقه إلى المكتب إصطدم بعاصم دون قصد .. نظر طارق إليه معتذراً :
- آه أنا آسف مخدتش بالي
نظر إليه عاصم بنظرته المعتادة، من أخمص قدميه إلى خصلة شعره بريبة وتساؤل عن وجوده بالشركة، فإنه للمرة الأولى يراه :
- امممم حصل خير .. أي خدمة ؟!
تعجب طارق من سؤاله، من هو كي يسأل عن سبب تواجده هنا :
- عندي شغل، في مشكلة ؟!
******************
تركه طارق يحترق أكثر وينزعج أكثر من رد فعله وأسلوبه، و لم يعطي له فرصة الرد علي حديثه، وفي خاطره تساؤلات كثيرة .
وصل إليه مكتبها وقرع على الباب، دخل بعدما سمع الإذن بالدخول .
دخل طارق، وجد فتاة في أوئل العشرينات .. تقف بإتجاه النافذة وموجهة ظهرها إليه .
تنحنح طارق كي تدرك وجوده .. إلتفتت إليه وكانت المفاجأة .......
إندهشت سلمى من وجوده بمكتبها في هذا الوقت، ودون شعور صاحت به بغضب شديد :
- أنت !!
من هذه ؟! .. و من آتى بها إلى هنا ؟! ... و ماذا تفعل ؟!، كل هذه التساؤلات تدور في مخيلته وتحتاج الإجابة عليها .. نظر لها بنبرة إندهاش وتساؤل وهي تتقدم خطوتان إلى أن أصبحت أمام مكتبها ليصيح بها:
- هو أنتِ !! أنتِ بتعملي إيه هنا ؟! .. كده كملت
ردت بإندهاش أكثر :
- أنت إللي بتعمل إيه هنا ؟!
جلست علي مكتبها .. أشارت له بالجلوس هو الأخر، نظرت له واستكملت بنبرة جادة :
- جاي تكمل تهزيقك بتاع امبارح ؟! .. أخر حاجة ممكن أتصورها إني أشوفك تاني .. خير
نظر لها بحنق فتذكر حديث والده، زفر بضيق وقال وهو ممسك أعصابه :
- والله لو كنت أعرف إني هشوفك هنا مكنتش عتبت الشركة من أصله، غلطانة وبتقاوحي
طرقت على المكتب بغضب وقالت وهي تشير للباب :
- مستني إيه أتفضل وشوف أنت جاي هنا ليه أصلًا
تتهدت بقوة محاولة منه الحديث بهدوء:
- واضح إن في سوء تفاهم
عقدت ذراعها ونظرت له بهدوء نوعًا ما:
- مممم حضرتك طارق الإبياري .. مش كده بردو ؟!
تجمعت الخيوط الآن أمامه بعد أن أدرك الموقف، و يبدو ما تم جمعه صحيح، نظر لها وقال بتأكيد:
- تمام يبقي أنتِ ....
إبتسمت إبتسامة خفية وقالت بنبرة جادة وهي مسندة على مقعدها بوقار بعدما أدركت الموقف هي الأخرى:
- ايوة أنا .. سلمى الجوهري
وضحت آثار الدهشة أكثر على وجهه، غير معقول ! .. إذا الفتاة التي صدمها بالسيارة و أوبخها بالحديث .. و التي رأها في البارحة بالمستشفى هي سلمى الجوهري ؟!!!!! ... إذا ! .. تبقى تساؤل وحيد، من هو الذي كان يضمها إلى صدره وكانت في غاية الإستسلام له .. فاق من شروده على صوتها :
- احم .. أستاذ طارق
نظر إليها مطولاً ثم تسائل بفضول:
- عرفتي منين إني طارق الإبياري ؟
ردت بجدية وهي تنظر في عيناه بثبات:
- بعيدًا عن أن السكرتيرة بلغتني بدخولك وأتفاجئت بإللي خبطني بس عرفت إنه أنت .. ماشاء الله سمعتك سبقاك
عقد حاجبيه بعدم فهم:
ـ يعني إيه مش فاهم
تنهدت سلمى براحة وقالت بمنتهى الهدوء:
- من أسلوبك معايا أدركت إنه أنت، أسلوبك الجاف مع البنات .. هو فيه كلمة تانية بس مش حابة أقولها
رفع حاجبيه بإندهاش:
- يااااه للدرجادي مسمع .. بس كلمة إيه دي؟
ردت بجدية:
- طبعًا الكل عارف طارق الإبياري معاملته ازاي مع الجنس اللطيف .. بلاش أحسن تزعل
إبتسم بسخرية:
ـ قال جنس لطيف قال .. لا قولي مش هزعل
أومأت برأسها بتفكير ثم قالت ساخرة:
- طيب أفتكر أنك إللي أصريت .. أسلوب متعجرف ومتعالي وزفت
نظر لها مطولًا يستوعب ماذا قالت للتو، لهذه الدرجة ترى أسلوبه بهذا الشكل أم هذا رأي الجميع في معاملته؟
طال الصمت حتى قطعته :
- أنا مسمحلكيش على فكرة
ردت بمنتهى الهدوء الذي يثير استفزازه:
- مالك أتعصبت كده ليه؟ .. أنت إللي أصريت تعرف .. ثم ده إللي بيتقال هو أنا جبت ده من عندي
نظر لها بغضب ليرد بحنق:
- متحكميش عليا من مجرد كلام .. لما تتعاملي الأول يبقى لسانك يتكلم
ضحكت بشده فهو عقد جبينه بدهشة وضيق من برودها وأسلوبها، لتنظر له وتقول بأستنكار:
- والله البينة إللي تحكم.. طريقتك معايا من الأول لطيفة خالص .. تبين أد إيه أن معاملتك مرنة ومش مجبر تتعامل معايا
رفع حاجبه بأستنكار هو الآخر ولم يروق له كلامها، فرد سريعًا:
- بتتريقي حضرتك ؟!!
إبتسمت سلمى ببرود:
- والله إللي على راسه باطحة .. أنت شايف أن أسلوبك معايا كويس أو مش كويس دي حاجة ترجعلك .. وعلى العموم ده مش موضوعنا أتفضل أتكلم في إللي كنت جاي عشانه
نظر لها بجدية قائلًا :
- أولًا في بنا شغل، مصلحة يعني مبين شركة الجوهري والإبياري، أظن عندك فكرة بالكلام ده
أومأت برأسها و ردت بنفس النبرة، عاقدة أصابع يداها :
ـ اها بخصوص صفقة الأدوية و إلا مكنتش حددت معاك ميعاد
إبتسم طارق وهو يقول :
- اها تمام ندخل في الموضوع ....
******************
بعد مرور أسبوع على مقابلة طارق وسلمى، و الأمور بينهم على ما يرام نوعًا ما إلا ما يخلى من مشاحنات بينهم، وحديثها المليئ بالبرود والهدوء الذي بين الحين والآخر يتعجب بشأنه، كيف لها أن تكون هكذا .. أيقن تماماً حديث والده، فتاة ذات شخصية قوية تحب عملها و تتقنه .. أسلوب جاد في الحديث أو التصرفات، خاصةً نبرة صوتها التي لا تتغير طوال فترة حديثهما، يشعر بوجود شئ غامض في حياتها ليجعل من فتاة في مثل عمرها بقدر من الجمال والرقة والتفكير بطبع حاد هكذا، فلا يستطيع التفوه بكلمة مازحة خارج الموضوع .
صارمة .. حازمة .. كلمتها كالسيف وهذا ما أعطاها مصدر ثقة كبير لكل عملاء الشركات من الصفقات والعقود رغم صغر عمرها، بالإضافة إلى سير العمل بشكل مبهر بغياب هاشم كأنه متواجد بقلب الشركة و أكثر .
ولكن لم يرى إبتسامتها بعد، كأنها محذوفة من قاموس حياتها .. و على الرغم من تعاملتها الجادة، إلا أنها تخفي بها نظرة الحزن التي تكسو عينيها، ﻻ يتم ملاحظتها إلا من تمعن بهما جيداً .
ولكن على الرغم من ذلك لم تثير إعجابه من ناحية التعامل، فهي جادة، عابسة الوجه كما يقول، ﻻ تعطي للحديث أي فكاهة، نظراتها صارمة، أحياناً يشعر بالملل أثناء التعامل معها؛ وهو يعلم إنه مجبور على ذلك بأمر والده .
عاصم منذ مرض هاشم وحجزه في العناية المركزة، وكل أمور الشركة أصبحت تحت سلطاته أكثر، باعتباره شريك مساهم بها؛ تغيرت تعاملاته مع سلمى بالتدريج تغير تماماً، لم يعد عاصم التي تعرفه من قبل؛ فرض سلطته عليها و تحكماته بدون داعي .
علي الرغم أن خطبتهما كانت بدون سابق معرفة تماماً، و تمت بعد مدة ليست بطويلة بسبب شراكة والدهما على الأخص؛ إلا أن تعاملاته معاها كانت في منتهى الذوق و الرقة، بشكل ﻻئق وجذاب .. تلون بأسلوبه ولباقته؛ أحبته بالفعل لم تكن تعرف أن كل هذا ما هو إلا طبقة من قشرة ذهب، باطنها صديد متعفن .. تم إكتشافه بعد تغير معاملته لها، بعد إرتياد هاشم المشفى بفترة قصيرة، لم تكن على إدراك سر تغيره، أصبح قاس الطباع .. عنيف .. عصبي .. يتشاجر على أتفه الأسباب و أبسطها، بداعي وبدون داعي .. ولكن كسر الحب من ناحيته في قلبها، ولكن فهو أولًا و أخيرًا خطيبها، تأجل زفافهما بسبب ما حدث، وهي على يقين أن ما حدث له بسبب غياب هاشم وكل شئ على عاتقهما .
فهو كان يعرف عنها الكثير من هاشم ومن مصادر أخرى .. يخطط لكي تقع في شباكه، وبالفعل حدث وتم خطبتهم على الفور .
*****************
دخلت تهاني مكتب محمود بعد أن سمح لها بالدخول، حاملة صنية بها فنجان من القهوة المضبوطة المعتادة له، وضعت الصنية على سطح المكتب وجلست على المقعد المقابل له، تنظر له حتى ينتهي من عمله .
كان منهمك في دراسة الأوراق المبعثرة على سطح المكتب والتي بين يديه .
ترك الورق بعدما إنتبه من وجودها، إلتفت إليها قائلاً :
- تسلم أيدك يا حبيبتي
إبتسمت له وهي تنظر إلى ساعة يداها قائلة :
- ميتحرمش منك أبداً، مش كفاية شغل كده ..قوم ريح شوية عشان تقدر تواصل الشركة
رد عليها وهو يفحص بعض الأوراق بتركيز دون النظر إليها:
- خلاص فاضل حاجة بسيطة أهو وهخلص على طول .. ثم طارق مش في الشركة عشان أريح شوية، لازم حد فينا يكون موجود
صمتت بضعة دقائق بعدما رأت إنشغاله هكذا، أرادت الإطمئنان على شيئاً ما .. فكسرت الصمت بعد إرتكاز ساعدها على سطح المكتب :
- متعرفش طارق عمل إيه في حكاية الشغل الجديدة ؟!
رد محمود وهو مازال منهمك في عمله دون الإلتفات لها :
- لا الحمد الله الأمور ماشية تمام، على الله يتعدل شوية معاها
شعرت بقليل من الضيق على كلمته الأخيرة فقالت :
- متقساش على طارق كده يا محمود، على يدك بيعمل إللي عليه في الشركة وممشي الشغل كويس
تنهدت بهدوء، ترك الأوراق ونظر لها بوجه صارم و رد بنبرة جادة :
- عارف يا تهاني إن طارق راجل يعتمد عليه، بس عايز أحمله المسؤلية أكتر ويشوف إلتزامات الشركة أكتر، ما هي هتبقى بتاعته هو واخته في النهاية .. أفرضي جرالي حاجة ولا ....
قاطعت تهاني حديثه بلهفة قبل إكمال حديثه بحزن قائلة :
- بعد الشر، ربنا يباركلنا فيك .. مش عارفة من غيرك هنعمل إيه
تنهد بهدوء و رد بإبتسامة صغيرة :
- كل واحد وله نهاية وأنا عايز لما نهايتي تيجي أكون مطمن عليكوا
تهاني أدمعت عيناها وكادت أن تتساقط، نظرت إليه وقالت بنبرة حزينة منفعله :
- متقولش كده تاني أنت سامع !! .. ربنا يطولنا في عمرك، متقلقش طارق من صلبك وقد المسؤلية، حملك عليه شوية، ما أنت شايف شايل الشركة إزاي معاك
عيناه أدمعت هو الأخر، شعر بسعادة كبيرة لحب زوجته و خوفها عليه بهذا الشكل من مجرد كلمة؛ قام من مقعده و أتجه نحوها .. ضمها بذراعيه من الخلف في حب، قبل رأسها وبإبتسامة لطيفة قال :
- بس يبعد عن الشلة البايظة دي أحسن حاجة
******************
يجلس طارق على إحدى الطاوﻻت في النادي مع صحبته، حاملاً علي ساقيه الحاسبوب المحمول، يعمل عليه بإنهماك، فمنذ مقابلاته بسلمى عندما يسمع أسمها من أبيه يتذكر ما تفعله به وكلماته التي يقصد بها مضايقاتها لأسلوبها البارد يضحك كثيراً وهو يتعجب .. لذلك لما يجب أن يراها غاضبة، فتبدو جميلة وطفولية أثناء ذلك.
لفت إنتباهه صوت إيهاب مازحًا:
- تعرف يا طروق أنا شامم في الصفقة دي ريحة جوازة
ترك الحاسوب فجأة، نظر إليه بإندهاش و رد بإنفعال خفي :
- أنت بتقول إيه !! .. جواز ﻻ ﻻ أنسى
ضحك إيهاب و إسترد حديثه بإذدراء :
- هههههه وأنت مستغرب ليه ؟!!
إندهش طارق من حديثه الذي يكاد أن يكون جاد نوعاً ما، رد عليه بساؤل :
- إيه إللي خلاك تقول كده ؟!!
إبتسم إبتسامة خبيثة وإسترد حديثه مرة أخرى :
- يعني بنت حلوة وأبوها صاحب شركة كبيرة والصفقة مش صغيرة
أدرك طارق ما يعينه جيدًا، رد بضيق :
- جواز ﻷ ﻷ طبعًا، أنت أتجننت ! أتجوز دي ! ها ضحكتني على طول جد جد، الحياة مش كلها جد .. وعندية جداً صعب التعامل معاها، عمري ما شوفتها بتضحك، خايف لو أتجوزتها ترفع عليا قضية خلع عشان سبت نور الصالة والع
ضحك إيهاب بشدة، وقال بثقة :
- ههههه بكرة تقول هوبا قال وهتشوف يا كبير
إنزعج طارق من أسلوب حديثه وثقته العالية فيما يقول، أدار وجهه إلى الناحية الأخرى تعبيراً لعدم تقبل الحوار أو إستغرابه، إن من الممكن تطور الأمر إلى الزواج، ﻻ ﻻ مستحيل بل من رابع المستحيلات .
عبث إيهاب وهو ينظر له بخبث:
- تصدق بقى أنا حاسس إنك أنت إللي ظالمها .. مش يمكن معاملتك معاها هي إللي مدياك الإنطباع ده .. عمر أسلوبها يجي من فراغ .. لكل فعل رد فعل يا صاحبي
نظر له مطولاَ ولم يرد، يفكل في حديثه فقط، نوعاَ ما هو محق ولكن لن يعترف بذلك ويراها هي المخطئة.
*******************
حزينة .. شريدة .. وحيدة .. تشعر بأنها وقعت علي جذور رقبتها، كأنها بحلم جميل و أفاقت منه .
في العناية المركزة، سلمى جالسة على الأرض، ساندة جسدها النحيل على فراش هاشم، يتسلط ضوء القمر خفيف جداً من نافذة الغرفة .
لم تكتفي عيناها من هطول الدمع الغزير الذي أشبه بالأمطار، و هي تنظر إلى هاشم بحزن .. عادت بذاكرتها إلى ساعات ليست بكثرة من هذا اليوم .
"فلاش باك"
سلمى متجهة لسكرتارية عاصم، تستفسر منه على شيئاً ما، ﻻحظت عدم وجود السكرتيرة على مكتبها، أيقنت بالتأكيد إنها بالداخل .
أكلمت طريقها إلى أن وصلت إلى باب المكتب، أمسكت بمقبض الباب و كادت أن تفتح .. أستوقفها بإندهاش صوت ضحكات عالية .. خليعة، و مزاح كبير .
إتسعت عيناها في خوف و قلق و تجاهلت ما سمعته حتى تتأكد بنفسها .. أقتربت بأذنيها على الباب لكي تسمع جيداً ما يحدث بالداخل، و كان الحوار و المشهد كالتالي ..
تجلس السكرتيرة الخاصة بعاصم علي سطح المكتب ، بطريقة غير مضبوطة و خليعة للغاية .. عاصم يقترب منها أكثر و يحاول مداعبتها .. ضحكت السكرتيرة بصوتها الرنان و قالت بدﻻل :
- وبعدين معاك يا أستاذ عاصم ميصحش كدة
ضحك عاصم بخباثة و هو ينظر إليها، غارزًا أصابع يديه بين خصلات شعرها المنسدل على كتفيها :
- هو إللي ميصحش .. استني بس
إبتسمت و ردت بخلاعة :
- الله !! .. أفرض آنسة سلمى جت وشافتنا
عاصم بإستهزاء قال :
- انت هتخافي من سلمى ولا إيه !! .. ولا يهمك منها
لم تتحمل سلمى ما خطر بمسامعها، وضعت يداها علي فمها و تمالك سقوط دموعها، لم تنتظر كثيرًا فتحت الباب على غفلة ...
تجمدت في مكانها بصدمة و دهشة مما رأت، فتحت فمها من الصدمة .. تساقط الدمع الغزير على وجهها .. ﻻ تصدق ما رأته .
نزلت السكرتيرة على الفور، نظرت لها من أخمص قدميها إلى خصلة شعرها بقرف و إنفعال شديد ... خرجت على سرعة و أغلقت الباب خلفها .
عاصم في حالة توتر و إرتباك شديد، كأنه يقف علي حد السيف أو علي الأشواك، محاولاً إخراج نفسه من هذا المأزق سوي بعلو الصوت و الغضب
- إيه يا سلمى مش تخبطي الأول !! .. يصح تدخلي من غير أستأذن كدة
سلمى لم تستوعب ما يقوله، يرد بكل بجاحة كأنه لم يفعل شئ، نظرت له بإنفعال وغضب :
- نعم!! وأنت يصح إللي بتعمله ده !! ها !! .. وكمان بتبرر موقفك !! .. أنت إيه يا اخي
رد بإرتباك مبرراً بغضب :
- عملت إيه يعني !! .. موظفة وكنت بمضيلها على ورق شغل مهم للشركة
كادت أن تصفعه على وجهه، لكن تماسكت، أثار إستفزازها و غضبها أكثر :
لا بجد !! وهو الشغل مينفعش غير بالمرقعة وقلة الادب .. إيه إللي قعدها كدة على مكتبك ؟!
قام من مقعده و إتجه نحوها يحاول أن يهدء من روعها، رد بنبرة هادئة كأنه تفاجئ مما تقول بكل برود :
- إيه ده ! هي كانت قاعدة على المكتب ؟! .. لا لا كان مستهيألك مش أكتر
سلمى لم تحتمل أسلوبه، كادت أن تنفجر غيظا، ضربته على كتفيه بعنف و الدموع سالت بغزارة أكثر على وجهها، ردت بإنفعال زايد :
- أنت هتعميني كمان !! .. إيه يا اخي حرام عليك، معندكش دم خلاص مش كفاية
توتر عاصم و توجس من حالة إنفعالها و رد فعلها، حاول أن يهدء من روعها وضع يديه علي كتفيها ... أزالتها بكل عنف ... نظرت له بحدة و إنفعال :
- شيل أيدك من عليا أبعد عني
عاصم إقترب منها أكثر مصطنعاً الرقة :
- سلمى يا حبيبتي ده شغل شغل أنتِ إللي في القلب .. و أنتِ عارفة كدة كويس
نظرت له و إبتسمت بتهكم وعدم تصديق، أستردت بحدة و صرامة و هي تنظر في عينيه :
- أنا إللي عرفاه كويس إني غلطانة إني وثقت فيك في يوم من الأيام
خرجت راكضة على عجلة من مكتبه، و ظل ينادي عليها بإنفعال و غضب .
"عودة"
فاقت سلمى من شرودها و هي مازالت تفكر فيما حدث ... نظرت إلى هاشم و مازالت دموعها منهمرة، تتحدث إلى حالها :
- عجبك يا بابا إللي أنا فيه، أنا إستحملت كتير أوي عشان خاطرك، كده كفاية لحد كده .. عمال يخون وبسامح زي الهبلة، لا يمكن أستمر معاه بعد كده، أنا تعبت بجد تعبت، أمتى تفوق بقي وتخلصني من إللي أنا فيه مبقتش قادرة أستحمل .. هو كان أشتراني عشان يعمل فيا كل ده !! .. كفاية كفاية ...
دفنت وجهها في الفراش و إنهارت من البكاء إلى أن غلبها النوم .
*****************
يوسف تحرك يوسف في غرفته ذهاباً و إياباً بقلق و خوف، و هو ينظر إلى ساعة يده بحيرة، تنهد بعمل و ظل يفكر .. كانت الساعة قرابة إلى الثانية عشر منتصف الليل و لم تعد سلمى إلى المنزل حتى الآن .. إلى أين ذهبت يا ترى .
إتصل علي الشركة ، من الممكن أن تكون هناك ... ﻻ يوجد رد علي الاطلاق .
ما العمل إذا .. يشعر بالعجز ، ﻻ يوجد إلا حل واحد فقط ، و لكن نظر إلي ساعته
الوقت متأخر بالفعل ... احتمال ضعيف أن تكون عند عمته سميحة إلى هذا الوقت المتأخر دون الإتصال به لطمئنته عليا، وإذا فعل وقام بالإتصال بها سوف يجعلها تقلق بشدة عليها، فما العمل يا ترى؟ .. فلا يوجد سوى الإتصال بنور صديقة سلمى المقربة .. يمكن أن تعرف مكان وجودها أو تكون معها .
كان متردداً في بداية الأمر، و لكن تغاضي و تناول هاتفه و أتصل بها ... توتر عندما سمع صوتها وﻻ يعرف من أين يبدأ الحديث :
- احم السلام عليكم
ردت نور بصوت نائم :
- وعليكم السلام .. مين معايا ؟!
يوسف بإحراج :
- أنا يوسف الجوهري اخو سلمى .. آسف جداً على الإزعاج
نور إندهشت من إتصاله في هذا الوقت المتأخر، ردت بقلق و تساؤل :
- اها أهلا أستاذ يوسف، خير في حاجة ؟!
توتر أكثر بسؤالها، تنحنح و إسترد حديثه :
- هي سلمى مش عندك ؟!
نور إعتدلت جلستها على الفور بإستغراب مما سمعت، نظرت على الساعة الموجودة بسطح الكومود :
- سلمى !! لا مش عندي
أنابه القلق أكثر، مسك قلبه بهدوء و رد بتساؤل حتى يطمن قلبه قليلًا :
- ولا في الشركة ؟!
قلقت نور هي الأخرى من تساؤلاته و نبرة صوته :
- احنا خلصنا شغل من بدري، وأنا روحت وسلمى نزلت معايا ووصلتني، معني كلامك انها مروحتش
جلس يوسف على أقرب مقعد و قلبه يدق بسرعة كبيرة جداً، إمتلكه الخوف و بدأت يناوب خاطره لأفكار سيئة تكاد أن تكون حدثت لها :
- بجد ! ﻻ للأسف الساعة داخلة علي 12 و5 دلوقتي أنتِ قلقتيني بزيادة
وضعت نور يداها على قلبها بقلق شديد :
- مش معقول !! .. هتكون راحت فين دلوقتي ؟!
شعر يوسف بأنه قلقها و أثار الرعب في عدم رجوعها، أعتذر قائلاً :
- أنا آسف على إزعاجك، أنا هنزل أدور عليها .. فونها مبتردش عليه
تنهدت بضيق و ردت بحزن :
- ﻻ أبداً وﻻ إزعاج وﻻ حاجة، أرجوك أول ما توصلها بلغني على طول، عايزة أطمن عليها
تنهد بهدوء و قال :
- حاضر مع السلامة
أغلق معها على الفور، تناول مفاتيح سيارته من الكومود .. فتح باب الغرفة و ركض على السلم في عجالة إلى أن وصل إلى البوابة .
أستقل السيارة و قاد بسرعة جنونية .. يفكر إلى أي مكان يمكن أن تلجأ إليه في هذا الوقت المتأخر ، وكل الأفكار الشيطانية تحوم حول عقله .. طرأ في خاطره شيئاً ما ... إنحدر بالسيارة بجنون يمينًا متجهًا إلى المشفى، يشعر بأن من الممكن أن يجدها هناك .
*****************
وصل إلى المشفى و خرج من السيارة و أغلق الباب بإنفعال و ركض إلى الداخل كالمجنون .
إتجه إلى العناية المركزة، و بالفعل كما توقع وجدها بالداخل، جالسة على الأرض بالقرب من فراشه، رأسها مدفونة بالفراش ساكنة دون حراك .
إندهش لرؤيتها بهذه الحالة، إعتصر قلبه و تنهد بضيق و حزن .. إقترب منها و نزل إلى أن وصل لمستواها .. محاولًا إيقاظها بهدوء و بصوت خفيض :
- سلمى سلمى أصحي يا حبيبتي
رفعت رأسها بوجه نائم للغاية و آثار الدموع مطبوعة على وجهها، تألم لرويتها بهذا الشكل، نظرت له تتمعن بالوجه الذي أمامها في الظلام، مسكت رأسها بألم :
- يوسف آه آه دماغي
أمسك يداها في قلق و خوف، و رد بهدوء :
- مالك يا سلمى، إيه الدموع دي ! قلقتيني عليك، كنت حاسس إني هلقيكي هنا .. بتعملي هنا إيه دلوقتي ؟!
ردت بصوت نائم و حزين :
- كنت مخنوقة أوي، مقدرتش أروح .. رجليا جابتني على هنا، أتكلم مع بابا متأكدة أنه سامعني وحاسس بيا
يوسف :
- طب يلا بينا نكمل في البيت، ترتاحي شوية شكلك، مرهق جداً وتحكيلي على إللي حصل ؛ يلا نور قلقانة عليك أوي لازم نطمنها
قامت معه بكل إستسلام .. أثناء الطريق كان ينظر إليها بين الحين و الآخر، وجدها حزينة .. شريدة في عالم آخر، ساندة رأسها على زجاج النافذة ..
وصلوا المنزل و أدخلها غرفتها كي تستريح قليلًا .. عند باب غرفتها ظل واقفاً ينظر إليها بحزن و حيرة، كلما تذهب إلى المشفى تعود بتلك الحالة، و لكن اليوم أسوء بكثير عن كل مرة ... بداخلها ألم وحزن كبير ترفض البوح به ... تنهد بعمق و دعي الله من قلبه أن يغير حالها و يصبر فؤادها ..
خرج و أغلق الباب خلفه و عاد إلى غرفته، جلس على الفراش .. تناول هاتفه و أتصل بنور كي يطمأنها على عودة سلمى .. ها هو آنذاك يستطيع أن ينام بسلام بعدما تطمئن على سلمى ... و لكن خاطره مشغول بما حدث لها اليوم .
بعدما خرج يوسف، أرتكزت ظهرها على الوسادة، تعود بذاكرتها إلى ما حدث البارحة و دموعها تتساقط من مقلتيها بغزارة إلى أن غلبها النوم .
*****************
في صباح اليوم التالي، إستيقظت سلمى بجسد متعب و مجهد، وجع بالرأس .. تشعر الصداع الشديد .
قامت من الفراش وأغتسلت و صلت فرضها بعدما أبدلت ملابسها ..
خرجت من غرفتها و نزلت إلى البهو، وجدت يوسف ينتظرها على مائدة الطعام لم يريد إيقاظها حتى تستريح و تأخذ كفايتها من النوم .
وقف مبتسماً و جلسا معاً لتناول الفطور، لم يتحدث معها فيما حدث الليلة البارحة و إنتظر إلى أن تكون بخير أولاً .
أنتهت من فطورها و خرجت هي و يوسف على الفور .. إستقلت سيارتها متجهة إلى الشركة و يوسف إلى الكلية، مستقلًا سيارته هو الآخر .
وصلت إلى الشركة و صعدت إلى مكتبها .. أثناء جلوسها و هي مازالت تفكر فيما حدث ... و قررت بأنها لا يمكن أن تصمت على ما حدث، إذا تعدي حدوده معها بعد ذلك يجب أخذ موقف منه حتى أن كانت تحبه .
أثناء شرودها سمعت قرعات الباب، فاقت و نظرت له بعد ما تنهدت بعمق و قالت بهدوء :
- ايوة مين ؟!
فتح يوسف الباب بهدوء و أدخل رأسه وقال :
- ممكن أدخل ؟!
ابتسمت سلمى بهدوء وقالت :
- طبعًا .. تعالى يا يوسف
دخل يوسف وجلس قبالها متأملًا إياها بامتنان، فاندهشت سلمى وعقدت جبينها لتقول بتساؤل:
- مالك يابني متنحلي كده ليه؟
تنهد براحة وهو مازالت عيناه معلقة عليها، ليرد بهدوء:
- إللي يشوفك النهارده ميشوفكيش امبارح
تغيرت تعبيراتها للحزن لوهلة، ثم ارتسمت على ثغرها بسمة مصطنعة :
- أنا دلوقتي أحسن متقلقش .. بس جسمي متكسر شوية
يعرف جيدًا بأن هناك شيئاً كبير قد حدث جعلها تغفل وتبيت بالمشفى بالقرب من والدهما، ولكن طريقة ردها تحاول بقدر من الإمكان أن تغير مجرى الحديث، فقرر أن يتركها الآن .. أبتسم وقال:
- ما هو النومة مكنتش ظريفة خالص بصراحة .. بس الحركة هتفكي
ابتسمت حتى سمعت قرعات الباب لتدخل نور في حماس ولهفة، ولكن توقفت لوهلة وسيطرت على انفعالها عندما رأت يوسف جالسًا، ابتلعت غصتها وهي تنظر إليه وهو بدوره أبتسم بشده لمجرد رؤيتها، طالت نظراتهم لمدة دقيقتان ثم نهض :
- طيب هسيبكوا أنا بقى
قالت نور سريعاً بصوت مبوح :
- هو إذا حضرت الشياطين ولا إيه يا أستاذ يوسف
فهم يوسف ما تعنيه جيداً، فرد سريعًا ليوقف سوء الفهم الذي حدث :
- لا أبدًا ً والله ازاي تقولي كده .. قصدي عشان تقعدوا مع بعض براحتكوا يعني .. متفهمنيش غلط
أكتفت نور بالإيماء وابتسامة صغيرة، ودعهم ثم خرج .
كل هذا وسلمى كانت تتابع بابتسامتها الرقيقة في صمت الأحداث وهي تنظر لنور بغرابة، جلست والأخيرة ثم أردفت :
- هو أنتوا إيه حكايتكوا أنتوا الجوز بس عشان عايزة أفهم .. واحد يجي والتاني بسرعة يخلع سواء أنتِ أو هو .. في إيه
نور بعدم فهم نوعًا ما :
- ولا حاجة يا لوما عادي يعني
تنهدت بحيرة لتقول بطريقة سينيمائية :
- الحكاية فيها أن وكان وصار واخواتهما
ضحكت نور بشدة على أسلوبها، لتحتم الحوار :
- عادي والله .. هو زي ما قال يوسف كده عشان ناخد راحتنا .. المهم إللي حصل امبارح ده !! .. دمي هرب لما يوسف كلمني وقالي إنك من صباحية ربنا مروحتيش
تذكرت سلمى ما حدث وتغيرت ملامحها للحزن سريعاً، ثم ردت ساهمة:
- كالعادة كنت بزور بابا .. محستش بنفسي وأنا بحكيله، مدرتش بنفسي ونمت
ربتت نور على يداها بحب، تشعر بألآمها وتقدر مشاعرها .. تنهدت ثم قالت:
- طيب من فضلك خلي بالك مرة تانية .. متعرفيش انا مت من الخوف عليكِ ازاي .. ربنا قادر يفوقه قريب متقلقيش كله هيعدي
ابتسمت سلمى وردت برضا :
- ونعم بالله .. اديني منتظرة الفرج
*****************
يقال إن البرود له ناسه .. و عاصم هو رئيس القبيلة، على الرغم ما حدث البارحة إلا إنه لم تهتز منه شعرة واحدة، كأنه لم يفعل شيئاً على الإطلاق بمنتهى البرود و اللامباﻻه ...
لكن هذا ليس ما يثير تفكيره و يشغل خاطره ... بل منذ إن رأى طارق و هو في إتجاهه لمكتب سلمى و أسلوبه معه، أثار غضبه و فضولة .. أراد أن يعرف من يكون هذا الشخص ليتكلم مع عاصم السيوفي على هذا النحو .
جالسًا على مكتبه و معه صلاح، الذي يعتبر ذراعه الأيمن و منفذ لجميع مصائبه .. نظر له بصرامة و بنبرة غاضبة قال :
- أسمع .. عايزك تعرفلي كل حاجة عن البني آدم ده .. أنت فاهم !
إبتسم بثقة قائلًا :
- متقلقش أعتبره حصل
بنفس النبرة استرد حديثه :
- 24 ساعة وتعرفلي مين هو
ثم نظر إلى الفراغ و هو يقول لنفسه "أما نشوف حكايتك إيه معاه يا ست سلمى
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية صفقة حب" اضغط على اسم الرواية