رواية لمسة جمال الفصل الثاني بقلم دينا أسامة
رواية لمسة جمال الفصل الثاني
صباح يوم جامعي آخر، كانت تفطر ولاء جانب أمها واخيها الصغير الذي لا يتجاوز عمره عشره أعوام، نهضت تهندم بثيابها قائله...
- طيب ي ماما سلام، سلام ي كوكا.
- طيب ي بنتي متتأخريش النهارده علشان رايحين نزور صاحب أبوك، عمك سالم رجع من أمريكا من فتره واتصل بيا وعاوز يشوفكم.
ولاء بتعجب قبل أن تفتح باب الشقه...
- وهو يعرفنا ي ماما؟! تقريباً آخر مره شافني فيها كنت أصغر من كرم.
- مهو علشان كده عاوز يشوفكم ي بنتي، بيعتبركم زي إبنه وعلشان أبوكم كان غالي عليه ف تلاقيه متقرب مننا هنا.
ولاء بإقتناع...
- طيب تمام ي ماما، هخلص محاضراتي وهرجع بس ي ريت منبقاش نعوق علشان عندي محاضره اون لاين لازم اسمعها.
- طيب ي حبيبتي، مع السلامه وخلي بالك من نفسك.
ولاء : مع السلامه ي ست الكل، خلي بالك منها بقى ي كوكا، خرجت من منزلها واتجهت إلى جامعتها مُسرعه بعدما علمت أنها تأخرت.
وبالجامعه وصلت سلمي لكن هذه المره لم تكن بمفردها فكان يوجد معها حاتم الذي أصر ع جلبها اليوم، نزلت من سيارته هاتفه...
- مرسي اوي ي حتومي، ربنا يخليك ليا.
- ويخليكي ليا ي اجمل أخت، يلا دلوقتي مش هعطلك، ادخلي انتي.
سلمي بحيره...
- اومال فين ولاء؟!! مش لقياها غريبه يعني!
إبتسم حاتم بمكر يقول..
- ولاء دي اللي اتكلمتي عليها أمبارح؟
سلمي بمراوغه...
- ايووه بالظبط، ويلا ي ثقيل امشي أنت علشان محدش يفهمني غلط بوقفتي معاك هنا.
عقد حاجبيه مستنكراً لحديثها، يقترب منها ويلف يديه حول عنقها بقصد يردف...
- يفهموا ايه ي بنتي انتي!! هو محدش هنا يعرف ان ليكي اخوات ولا اي؟!!
- لأ مش كلهم، ف يعرف وف لأ.
قالتها بتوتر عندما لاحظت عيون بعض من الشباب تترصدها وقد علمت ما يفكرون به الآن حتماً، وقع بصرها بهذا الوقت على لؤي الذي كان يجلس بجنينه الجامعه مُغمضاً العيون ويستمع إلى موسيقى، ظلت مساهيه به إلى أن لكزها حاتم بِخفه جعلها تفيق من هذا العشق الولهان يقول...
- طيب سلام ي قطه دلوقتي، واعملي حسابك بالليل هفسحك وهأكلك اكله زي ما الكتاب بيقول.
امآت له بفرحه وبعد ذلك اختفى من أمامها بعدما ركب سيارته وقادها خارجاً من الحرم الجامعي.
وبوسط خروجه كان ع وشك أن يصدم فتاه أمامه لكن أوقف سيارته مُسرعاً يلهث بشده وبداخله يحمد ربه كثيراً، نظر إلى تلك الفتاه بغيظ التي ما زالت تقف مكانها وكأنها مُصمره، خرج يقترب منها من الخلف يصيح...
- انتي ي آنسه انتي ماشيه ع طريق، راعي أن ف ناس بتسوق وممكن تجيب أجلك بكل سهوله.
ادهشه صمتها وعدم بيان رد فعلها، اقترب يقف أمامها بذهول وضيق يصيح مره اخره...
- انتيييي ي انس**** توقف لسانه عن النطق بعدما رآها ترتدي سماعات بلوتوث وكأنها تخاطب احد لكن لم يحل لها المحادثه بوسط الطريق، عزم ع قول وهو يشير بإصبعه كي تلاحظه وتنتزع هذه السماعات...
- لو سمحتييي حوشي السماعات دي من ودانك خلينا نتكلم.
نظرت له متعجبه تقول...
- خير ف إيه؟!
- نعمم!!!
اردف بها بعدما ردت عليه بكل سهوله وبأذنها تلك السماعات، فما لهذه الوقاحه ي تُري! هل من الممكن أن تكون جدباء لهذه الدرجه كي تفعل بنفسها هكذا؟!
- نعم ايي!!
- هو انتي كنت سامعه كل كلامي ومتظاهره إنك مش سامعه!؟
ردت بإقتضاب ونفور...
- سامعه ايه؟!، إيه ي ربي اللي رزقتني بيه ع الصبح ده! تركته محلقاً النظر بها لكنها توقفت عندما جاء صوته من الخلف يقول مجدداً...
- يعني افهم من كده إنك مكنتيش بتسمعي حاجه بالسماعات دي وكنتي سامعه كلامي!؟
فضلت عدم الالتفات له ف شرعت بالرد تجيبه بإبتسامه ساخره قبل أن تغادر...
- زي ما تفهم!
قبض على يديه بغضب عندما تركته ورحلت هكذا وفضلت تجاهله! أسرع إلى سيارته يقودها بغل من هذه الفتاه التي من الواضح أنها طفوليه ومُشاكسه وهذا لم يفضله بأي بنت سواء إن كانت!!
عزمت سلمي ع الدلوف بعدما ملت من الانتظار لتجد شاباً يعترض طريقها بطريقه مُخيفه افزعتها يقول ساخراً...
- مانتي حلوه اهو وبتصاحبي! أومال لي كل ما احاول أكلمك تعمليلي فيها الخضره الشريفه!
- لو سمحت أبعد عني وبلاش الحركات دي لأني لحد الآن عامله حساب إنك زميلي ومش راضيه آذيك بحاجه لكن بعد كده هتصرف وكويس اوي وساعتها مهتعرفش تعيش!
قالت جملتها بنبره يملؤها الكبرياء والقوه، جعلته يضحك مستنكراً حديثها، اخذ يقترب وهو يداعب أنفه بطريقه مُقرفه يهتف...
- طيب ي حلوه انا هعمل إني مسمعتش الكلام اللي قولتيه ده، لأنك متعرفيش أنا مين، ولما تعرفي انا مين وتسألي، انا واثق إنك هتاجي تعتذري ع كل كلمه قولتيها.
أنهى حديثه، ينظر لها بِحده وسماجه جعلتها تخرج عن شعورها، تصيح به بصوت مرتفع عكس عادتها...
- انت شكلك بقى متعرفش انا مييين!! انا سلمي الكاشف بنت لطفي الكاشف اللي بس لو اديتله خبر باللي بتعمله لاخليه يعلمك الأدب وتعيش طول حياتك ف السجن، فبدون كلام أنت تخرص خالص واوعى تتجرأ بس إنك تكلمني حتى لو بالغلط علشان ساعتها مش ضامنه انا هعمل إيه.
توتر قليلاً بعدما افصحت عن هويتها أمامه بكل ثقه وبعيون مُتبجحه ليُتمتم من بين شفتيه بكلام غير مفهوم جعلها تضحك ساخره، تتركه بهذه الحاله مبتعده عنه مُقرره الدلوف إلى محاضرتها بهدوء، كانت تعنف نفسها طيله الطريق بأنها تباهت بإبيها وهذا لم تعتاد عليه من قبل، فلا كانت تخاطب احد من قبل بإفتخار وكبرياء لسلطه ابيها ونفوذه بالدوله، لكن هذا الشاب لم ينفع معه إلا هذه الطريقه كي يتوقف عن ملاحقتي بعد الآن، هذا هو الحل الأمثل، دلفت مُسرعه تجلس على البينج الأول بعدما رأت الدكتوره ع مهب الشرح حمدت ربها بأنها أتت ع الوقت لكن خبطت رأسها بقوه عندما علمت بعدم وجود ولاء، التقطت هاتفها تتصل بها كي تستعجلها.
أما ولاء وصلت إلى الحرم الجامعي وركضت مسرعه بعدما علمت أن الآن محاضرتها قد بدأت بالفعل، اصطدمت بمحمود عندما كان يغلق سيارته ويولج هو الآخر إلى الداخل، رفعت بصرها بصدمه بعدما رأته، ابتلعت ريقها بصعوبه وهي تحاول الافلات من نظراته الصاخبه التي لاحظتها منذ رؤيته الأولى عندما اهانها، عقد محمود أحد حاجبيه بتذمر بعدما تذكرها جيداً لكن ما ادهشه أنها ما زالت بهذه النظره! شعر بخوفها الواضح لكنه الآن دون سبب! تنحت عنه دون كلام وبعد ذلك فرت من أمامه تاركه إياه مبحلق النظر بها من تصرفها الغير مفهوم، تنهد بتعجب ثم اكمل سيره غير مُعطياً لما حدث للتو أي إهتمام.
وبالداخل وصلت ولاء بقلب يعلو ويهبط وكأنها كانت تسابق الزمن ف الوصول لتلك المحاضره، هذا ما خُيل للطلاب بعدما دلفت بهذا الشكل، لكن كان فرط توترها هذا بسببه وحده، فلا تعرف لما يعجز لسانها ويُصاب جسدها بشلل عندما تراه ولو ثانيه واحده، هذا ما عجزت عن تفسيره، فليست هي من هذا النوع الذي يخجل أو يتوتر هكذا، لكن منذ تلك المحاضره وهي بهذه الحاله التي لا تعرف عنها شئ ولا تعرف لما هو يعاملها هكذا!
- إيه مالك كده ي ولاء، خدي نفسك ي بنتي، الدكتوره لسه داخله متخافيش.
اصدقت سلمي لكلامها تقول...
- ايوه ي ولاء لسه داخله، حتى شذى لسه واصله وعادي وهي شكلها دكتوره قمر اصلاً مش زي الدكتور محمود واكيد يعني مش هتعمل زيه كده بدون سبب.
اكتفت بهز رأسها لهم بمعنى الايماء، لكنها كانت ف دائره عميقه تريد الخروج منها بأقصى سرعه، وتريد أيضاً معرفه وراء ما فعله وسبب طرده دون سبب! عزمت أخيراً بعدما زفرت بقوه بعد تفكير أن تقابله بعد انتهاء تلك المحاضره لتستفسر منه.
دلف لؤي للتو غير مُعطياً لهذه الدكتوره أي اهتمام وكأنها لم تُوجد!، جلس جوار شذى يُلقي الترحيب...
- اهلا ي شذى، عاش من شافك.
- اهلا ي لؤي باشا، لأ وأنت بتسأل اوي!
قالتها بنبره ساخره وهي تعيد نظرها للجهه الأخرى، ابتسم لؤي بمكر مُصاحباً بِحب يردف..
- خلاص ي ست حقكك عليا، وبعدين بقى انتي متعرفيش معزتك عندي قد إيه ومش بحبك تزعلي مني.
- هعمل إني مصدقاك، بس المهم دلوقتي، كل المحاضرات اللي فاتتني ي ريت تبعتهالي وكل حاجه عملتوها علشان انا جايه ضايعه خالص.
- انتى تؤمري وبرضو شوفي مع بقيه اصحابك علشان ممكن مكونش كاتب كل حاجه تفيدك.
هزت رأسها هاتفه ب سلمي التي كانت تتابعهم منذ مجيئه وسعادته مع صديقتها شذى، كانت تبرر لنفسها بأنها صديقه طفولته وقد اخبرتها شذى مُنذ فتره بأنها تعتبره أخيها وليس اكثر من ذلك، لكن نيران الغيره كانت تحرقها، ودت لو تصفعهم هما الاثنان ع كل شئ يفعلوه أمامها وخاصهً هذا المعتوه الذي كأنه يتلذذ بمضايقتها طيله الوقت ويتعمد إظهار هذا الاهتمام بكل الفتيات، ظلت شارده إلى أن انتفضت ع صياح شذى...
- ي بنتيااااي روحتييي فيننن!!
- إيه ي شذى فيه ايه، زغفتيني!
قالتها بضيق مصوبه النظر ناحيتهم وهذا ما آثار تعجب لؤي، لوي فمه مستنكراً فعلتها، كان ينظر لها وكأنها هي المره الأولى التي يراها بها رغم وجودها معه بهذه الجامعه منذ ثلاثه أعوام لكنه كان ينظر لها ويحدق بها وكأنه يريد أن يعرفها جيداً، ف يعلم من تكون عائلتها ومن يكون أبيها لكنه كان يتجاهل هذا الشئ، وأيضاً كان يراها بهذه النظره وعلامات الحزن تتقسم وجهها منذ رؤيتها، كان يجول بذهنه العديد من الاسئله والصراعات الغير مُبرره لشاب مثله! نفض كل ما عكر تفكيره يتنهد براحه، بينما صاحت الدكتوره تصرخ بنفور...
- اتفضلوااا انتو التلاته اخرجوا من هنا.
صُعق لؤي يؤشر بيده على نفسه يقول بترنح...
- انا!!
ردت بإقتضاب وضيق...
- ايوه انتت والسينيورتين اللي معاك دول برا معاك.
شهقت سلمي بفزع، تحرك رأسها بأنها لم تفعل شئ لكن لم تعطي لهم اي فرصه للحديث سوي أنها اخرجتهم بالتعنيف كانت ولاء بعالم آخر، عالم تود استكشافه من اليوم لتفيق ع خروجهم من البينج بملامح غاضبه وسلمي التي كانت علي وشك البكاء، أسرعت ولاء بتساؤل...
- خير ي دكتور حصل ايه؟؟
- الهوانم والبيه قاعدين بيهزروا وبيضحكوا ف المحاضره، وكأني مش موجوده، حتى قله الأدب والوساخه لما وصلت أنهم يعملوا كده قدام دكاترتهم.
عبثت ولاء لسرعه حكمها وهجومها الباطل عليهم وخاصهً سلمي وشذي فهم ليسوا من هذا الفتيات! ومن الواضح أن هناك سوء تفاهم، كادت ان تتحدث لكن قاطعتها الدكتوره بِحده وهي تستكمل ما تشرحه غير راغبه بالنقاش.
زفرت ولاء بضيق لعدم قدرتها على حل هذه المشكله واخبارها بأن هذا لم يكن إلا سوء تفاهم.
وبالخارج كانت تتمتم شذى بسخريه موجهه حديثها لسلمى...
- لأ وإيه وواثقه وانتى بتقولي لولاء إنها طيبه ومش طيبه طيبه إيه بس! دي دكتوره عقلها مريحها، مش عارفه دكاتره إيه ي ربي دول اللي خُلقهم ف مناخيرهم وبيبقوا غاويين مشاكل وخلاص وطرد وحوارات ولا كأننا طلاب عندهم.
سلمي بإحتقان...
- انا مش عارفه ليه كل الدكاتره الترم ده مُصرين أنهم يطردوني بالشكل ده! انا بعمل ايه للاهانه دي كل يوم، حرام عليهم بجد، انا مش من النوعيه دي! انا بيصعب عليا نفسي أوي سعت أي دكتور او دكتوره بيبصولي بالنظره دي!
شذى بتعجب وهي تقترب منها...
- ليه هو فيه حد غيرها طردك؟!!
روت لها سلمي ما حدث امس بكل تفاصيله وما حدث مع ولاء، انتهت وهي تشهق ببكاء، تخفي وجهها بين يديها وكأنها لا تريد أن يراها أحد تبكي!
احتضنتها شذى بحزن محاوله ان تخفف آلمها قائله...
- خلاص كفايه عياط ي سلمي، واكيد الدكتور ده فهم غلط علشان كده كان جامد معاكم وبرضو اكيد الدكتوره دي فهمت إننا مش بتاع دراسه وقاعدين بنهزر، لما تخرج أن شاء الله هنفهمها وبرضو لازم تقابلي انتى وولاء الدكتور وتستفسروا منه ع اللي عمله ده،مينفعش تقعدوا كده وممكن هو يكون فاهم غلط وهفضل فاهم كده لو سكتّوا
كان لؤي يراقبهم بنظره غريبه بدايهً اعتز بصديقته على حُبها للجميع ومساعدتهم لتخفيف الآمهم، وأيضاً من تلك البنت العجيبه التي أصرت ع جذب انتباهه منذ تلك اليوم عندما اهانته، بالفعل قد جذبت انتباهه أخيراً دون علمها، لم يعلم كيف جذبته ناحيتها ورغبته ف مرافقتها ومعرفه عنها كل شئ لكن هذا مستحيل بالطبع، فهو يعلم إنها لم ترافق أي شاب وخاصهً أنا الذي يراني الجميع مع فتاه كل يوم، لكن لم أفعل شئ محرماً فهم أصدقاء فقط وليس اكثر من ذلك، لكن لم يفهم الجميع هذا الشئ الخفي لاغلبهم.
- يلا تعالي نقعد ف الكافيه شويه عمل ما المحاضره تخلص علشان ترتاحي شويه ونطلب كوفي ميكس كمان.
امآت لها بإبتسامه ساحره وسط بكائها النقي وقطرات دموعها التي كانت تتوسط وجهها وهي تزيلهم برقه، غادروا المكان وخلفهم لؤي الذي كان بعالم آخر حقاً.
بعد مرور نصف ساعه اي قد انتهت المحاضره، خرجت ولاء تبحث عنهم إلى أن وجدتهم أمامها بإنتظارها، أسرعت إليهم تقول...
- إيه ي جماعه حصل ايه، انا مفهمتش أي حاجه ولي الدكتوره عملت كده.
- كالعاده اكيد فهمت غلط، المهم دلوقتي نكلمها ونكلم دكتور محمود برضو علشان موضوعكم بتاع إمبارح ده.
ابتلعت ولاء ريقها تردف بتلعثم...
- طي.. طيب تمام انا بب برضو فكرت إننا نروحله علشان نفهم منه.
- طيب ي شذى انا همشي دلوقتي وبينا إتصال.
قال جملته مصوب نظره تجاه من آثرته ف وقت قياسي أو رُبما لمس شئ جميل داخلها لمس قلبه واثره من النظره الأولى، غادر المكان تاركها ورائه تراقبه من بعيد كعادتها التي لم تتخلى عنها قط.
- ي دكتور، ي دكتور، ثواني بعد ازنك، والله حضرتك فهمتينا غلط
اردفت شذى حينما وقع بصرها ع خروج الدكتوره لتهم بالحديث مسرعه قبل أن تفلت منهم.
- فهمتكم غلط ازاي وانتو قاعدين بتضحكوا وبتهزروا! هو مش عيب وإهانة ف حقي أنكم تنفضوا ليا وتقعد ا تتساهروا.
سلمي برد...
- والله ي دكتور ما حصل، دي شذى اول يوم تاجيه ف السنه النهارده وكانت بتسألني اخدنا إيه وكانت عاوزه تعرف مني حاجات معينه لكن والله ما اتكلمنا غير ف كده ولا هزرنا حتى.
الدكتوره بنفي...
- اومال الشاب اللي كان معاكم ده! انا شوفته وهو بيهزر معاكي انتي وهو قاعد.
شذى : ي دكتور والله ما زي حضرتك فاهمه، لؤي ده صديقي من الابتدائيه وجيران وهو زي أخويا بالظبط وانا زي أخته ف كان بيسلم عليا وانا استغليت الفرصه وقولتله إني محتاجه المحاضرات اللي اخدوها كلهم علشان ضايعه ف المناهج لكن والله ما حصل حاجه تانيه وحضرتك فهمتينا غلط خالص وإحنا طبعاً ميرضيناش زعل حضرتك ولا إنك تكوني واخده عننا فكره مش كويسه.
اُعجبت بكلامها وبردها المُحترم لتردف بتسامح...
- خلاص ي شباب مش مشكله بس نصيحه مني بعد كده متبقوش تتكلموا ف وسط أي محاضره علشان اكيد غيري هيفهمها غلط زي ما انا فهمتها كده، يلا بالتوفيق.
انهت حديثها ورحلت من أمامهم تتركهم إلى حد ما يشعرون بالراحه بأنهم قد تجاوزوا هذه المرحله، أطلقت شذى تنهيده قويه ولكن قبل ذلك اردفت مُتعجبه...
- بس انتي ي سلمي عرفتي منين إني كنت هسألك ع المحاضرات والجو ده؟!
طالعتها سلمي بتوتره تجيبها بتلعثم...
- ه.. هوو انا بس سمعتك وانتي بتقولي ل لؤي.
- اها طيب تمام يلا دلوقتي الدور والباقي ع دكتور محمود ده.
سلمي : تمام ماشي يلا قبل ما المحاضره التانيه تبدء.
تحركوا ثلاثتهم ومن بينهم ولاء التي ترددت كثيراً قبل أن تصل إليه، ودت لو تركض وتتركهم يذهبون هما لكن هي الأخرى تريد معرفه سبب ما فعله ومواجهته.
وبعد أن علموا أين هو وصلوا إلى مكتبه يطرقون الباب بإحترام، سمح لهم بالدلوف بعدما رآها مجدداً ولكن بملامح مُتغيره قليلاً عن قليل، فما هذه البنت ي تُري!
وقفوا ثلاثتهم غير راغبين بالحديث ف كل منهم توتر وايضاً شذى بشخصيتها الجريئه لم تجرء ع التحدث، اخذ ينظر لهم بتعجب بعدما رآهم ينظرون لبعضهم البعض بتوجس وكأن كل واحده تخبر الأخرى بأن تتحدث هي وهذا ما شلّ تفكيره من هؤلاء الحمقى الثلاثه.
شرع هو بالحديث يحمحم من بين كلماته...
- احم! خير فيه مشكله؟!
سنحت له الفرصه بأن يردف موجهاً حديثه لسلمى يقول...
- هو انتي تبقي أخت حاتم الكاشف فعلاً؟
هزت رأسها بالايماء ليردف هو مره اخرى...
- طيب ابقى سلميلي عليه، قوليله دكتور محمود سالم بدراوي بعتلك السلام.
تعجبت قليلاً من معرفته لاخيها لكنها امآت له دون رد، قررت شذى التحدث رغم أنها لم تكن صاحبه الشأن لكن بُحكم جرأتها ولباقتها المعهوده، تتدخل هي تفض كل مشكله وقبل ان تردف، قاطعتها ولاء بحده وكأنها ترسل لها بأن لا تتحدث لتردف هي بثقه تحلت بها أمامه ولو قليلاً...
- لو سمحت ي دكتور، حضرتك طردتني إمبارح من المحاضره وكمان سلمي ومنعتنا من حضور محاضراتك، ممكن أفهم كان حصل إيه لكل ده؟! مفيش مبرر ولا سبب للي حضرتك عملته.
ده حتى حضرتك قولت كلام موجهه ليا مش لطيف خالص، مش قادره اطلعه من دماغي والمفروض إني أعرف حصل إيه
كان حديثها جامد خالي من اي تعابير، اخذ ينظر لها بتوجس وحيره من تقلباتها المزاجيه بين الجمود والقلق والتوتر، ف ما هي بينهم! لم يود الحديث بهذا الموضوع مجدداً ف قد نساه ولا يريد فتحه مره اخرى لكن لم يعلم لما أراد الإفصاح عنه بعد ما قالته وخاصهً تلك الجمله الاخيره التي انتشلته من عالمه وشعر بمدى قساوه ما قاله...
- مبدئياً انا الموضوع ده كنت نسيته من الأساس وإلا مكنتش سمحت ليكم بالدخول وإني اتكلم معاكم، ثانياً وده المهم، انتي بالزات اتجاوزتي كل حدودك وسط محاضرتي، يعني إيه بنت زيك تتصرف بالطريقه دي وسط كل اصحابها وكمان دكتورها! هو المفروض العادي أدخل الاقيكي آسف يعني ف اللفظ بتبوسي صاحبك باللاسلكي! انتو لو دكاتره ودخلتوا ولقيتوا بنت بتبعت بوسه ف الهوا لحد من الشباب اللي معاهم وعايشين الجو، رد فعلكم هيبقى إيه؟!! أظن انا معايا حق اوي وده كان أقل عقاب ليكي وليها برضو علشان تجاوزت وخرجت وراكي وسابت المحاضره ع اللي بيشرح وكأننا بتبيع بطيخ جوه لأ وكمان جايه بتتهجم وبتوقفني عن الشرح بكل جرأه، لأ موقف استفزني انا شخصياً يبال أهلكم لو عرفوا بده! نصيحه لوجه الله، انتي ي انسه، إسمك ولاء تقريباً، اللي حصل ده متحاوليش تعمليه تاني بمكان زي ده لأنك مش بمنتزه، انتي هنا جايه تتعلمي وبعد بقى ما تخلصي ابقى اعملي اللي يريحك ده إذ كان ده اللي هيريحك! ، وقع كلامه ع مرمى آذنهم جميعاً كالصاعقه وخاصهً ولاء التي كانت تنظر بالفراغ صامته تائهه، يجول بذهنها كل ما قاله عنها وعن تلك القُبله التي اعتقد أنها لأحد الشباب! بل ومُصدق ما يتفوه به من هراء! لم تعرف لما شعرت بأن أحد سلب روحها وانفاسها وكسر بخاطرها بهذه الطريقة! عجزت عن الرد بأي كلمه، تصلبت مره أخرى مكانها وكأنها في دوامه، دوامه لا تريد الخروج منها مُطلقاً، لم تشعر بقدميها التي خانتها وسقطت هزيله مُلقاه بعالم آخر تصارع نفسها، صرخا كل من سلمي وشذي فزعيين لما عليه الآن، أما محمود انتفض من مكانه بقلق وصدمه يقترب منها
سلمي : فوقييي ي ولاء والنبي، ولاء فوقيي، حصلك إيه.
شذي : ولاء ولاء فوقيي!
كان تائهاً عاجزاً عن فعل أي شئ سوي أنه كان مضطرباً وقلقاً بشأنها، صرخت سلمي بوجهه تنفي كل ما قاله بتعنيف...
- كل اللي قولته ده غلطططط، البوسه اللي بتقول عليها دي كانت ليا أنا، اناااا مش زي ما فكرت، انا اللي كنت بشكرها بوجودها ف حياتي وأن ربنا رزقني بيها بالوقت المناسب وأني مليش غيرها، البوسه كانت ليا انا مش لغيري، ازاااي تفكيرك وصل لك ده إنك تفكر ف حد زي ولاء بالطهاره والصفاء ده كده!! لو جرالها حاجه مش هنسامحك علشان ظلمتهااا اووووي.
تابع حديثها وانهيارها التام بصدمه، دار به المكتب وشعر بقوته التي تخور تدريجياً بعد ما اكتشفه وما ارتكبه ولأول مره يخطئ ويعنف احد ويلقنه بإبشع الألفاظ هكذا بل وإهانة ف عرضها، ليردف بنبره هادئه بالكاد تُسمع...
- اييييه!!
يتبع الفصل التالي اضغط هنا