Ads by Google X

رواية ليتني مت قبل هذا الفصل الثاني 2 بقلم نعمة حسن

الصفحة الرئيسية

 رواية ليتني مت قبل هذا الفصل الثاني بقلم نعمة حسن

 رواية ليتني مت قبل هذا الفصل الثاني 

كانت الشمس قد نثرت خيوطها الذهبية ليعم ضوءها الكون بأكمله معلناً عن قدوم صباح جديد تتخلله بدايات و نهايات و ما بينهما يذوب القلب ذوباناً.

كان الجميع حاضرون بشقة زينب بعد إستقبال المولود الجديد حيث كانت صافيه تقوم بمراعاة زينب و يُسر تحمل المولود و غزل تساعد "أم حسين" في تدبير شئون المنزل.

نهض "علي" عن مقعده وهو يتحدث إلي عبدالقادر قائلاً: اللي جابلك يخليلك يا قدّورة و حمدالله علي سلامتهم.

نهض عبدالقادر إحتراماً لوالده وقال: الله يسلمك يابا و يبارك في عمرك، يتربي في عزك إن شاءالله.

تمتم الأب وهو يتجه بإتجاه باب الشقه: يتربوا في عزك إنت و أمهم يبني، هنزل أنا بقا أريح شويه قبل صلاة الضهر.

_إتفضل يا حج.

نهض سليمان بدَوْرِه قائماً ليربت علي كتف أخيه قائلاً: إتجدعن يا قدّورة، حمدلله على سلامتهم.

_الله يسلمك يا سليمان، رايح المحل ولا إيه؟!

أومأ سليمان موافقاً وقال: أيوة هروح أبص بصه كده و أجي أريح شويه، سي يحيي منيمناش الليل.

إبتسم عبدالقادر وقال: صحيح إنت مكلمتش يحيي إتطمنت عليه وصل ولا لسه؟

=والله راح عن بالي خالص، بس أكيد وصل دي الساعه داخله علي 11.

_طب كلمه كده قبل ما تنزل ألا أنا إتلهيت أنا كمان.

أخرج سليمان هاتفه و قام بالإتصال بـ هاتف يحيـي ليقطب حاجبيه قائلاً: التليفون مقفول!

_طيب جرب تاني كده جايز قاعد في حته مفيش فيها شبكه.

حاول سليمان مرات عديدة دون فائدة فنظر إلي أخيه وقال: بردو مقفول!

ساورهم الشك و إنتابهم القلق ليقول سليمان: أنا هكلم "حنّا" أسأله إذا كان راحلهم ولا لأ.

علي الفور نطق عبدالقادر قائلاً: أيوة فكرة، كلّمه.

قام سليمان بالإتصال بـ "حنّا" أمين مخازن القماش بالمصنع الذين يتعاملون معه فأجاب قائلاً: أيوة يا عم سليمان، كنت لسه هكلمك، التسليم إتأخر و الريس رؤوف مستعجل و عمّال يسأل علي يحيي و عبدالقادر.

إزدادت خفقات قلبه ليردف مستفهماً ويقول: هو يحيي لسه موصلش؟! ده طالع من الساعه 5 الفجر.

_لأ لسه محدش جه، أعمل إيه دلوقتي في البضاعه بتاعتكوا؟ أقفل و أروّح ولا أستني شويه؟

لم يجيب سليمان بل أنهي المكالمه علي الفور ليعاود الإتصال بـ هاتف يحيـي و لكن الهاتف ما زال مغلقاً مما جعله يضطرب و نظر إلي شقيقه بخوف و قال: وبعدين يا عبدالقادر؟! يحيي تليفونه مقفول و "حنّا" بيقول إنه مراحش!! هنتصرف إزاي؟

مسح عبدالقادر وجهه بضيق و توتر وقال: طيب خلينا نستني شوية بدل ما نوتر روحنا عالفاضي، و لو مجاش أخبار تبقا إنت تسافر له.

أومأ سليمان وهو يحاول إخفاء توتره و قال: تمام، معاك حق، أنا هنزل دلوقتي و لو في جديد هبلغك.

نزل سليمان إلي شقته ليصطدم بـ غزل حيث كانت تفتح الباب لينظر لها ويقول: مالك يا غزل بتعيطي ليه؟!

جففت وجهها وقالت وهي تنظر بالأرض: مفيش حاجه يا عمو سليمان.

_لأ في، حد مزعلك ولا إيه؟!

سالت دمعاتها تلقائياً وقالت: لأ أبداً، أنا قلبي مقبوض بس و حاسه إني مش عارفه أتنفس، قولت أنزل أصلي ركعتين.

أطلق تنهيدة حارة وقال: ربنا يستر يا بنتي، إنتي طالعه؟

أومأت بتأكيد وقالت: أيوة هطلع أتطمن علي زوبه و يحيي و همشي بعدها.

ثم رَفَعت ناظريها إليه وقالت بقلق: كلمت يحيـي ولا لأ يا عمو؟!

مسح وجهه بضيق و زفر مطولاً ثم قال: والله يا غزل مش عارفين نوصل له، تليفونه مقفول و بكلم الناس اللي مفروض يستلم منهم بيقولوا مجاش، ربنا يستر.

عادت عيناها لتدمع من جديد و إزدادت ضربات قلبها وقالت بخوف: طيب وبعدين، ما تكلم حد من المرور طيب تسألهم علي نمر العربية و هما يشوفوا إذا كانت عدت ولا لأ.

تهلل وجهه وقال: عفارم عليكي يا غزل، كانت تايهه عني فين الفكره دي.

علي الفور أخرج هاتفه ليباغته إتصال من هاتف يحيـي ليجيب علي الفور قائلاً بلهفه: ألو، أيوة يا يحيـي.

_ألو،السلام عليكم، حضرتك أستاذ سليمان؟

=أيوة أنا، مين حضرتك؟!

زم الرجل شفتيه بأسف وقال: التليفون ده لقيناه علي طريق مصر إسكندريه عند محطة الزكي بتاعة البترول، كان مرمي علي الأرض....

قاطعه سليمان قائلاً: ده تليفون أخويا يحيي الهنداوي!

أكمل الرجل بأسف وقال: الحقيقه في حادثة هنا علي الطريق و التليفون كان مرمي علي الأرض و إحنا مش عارفين نوصل لصاحب التليفون ولا للي عمل الحادثه.....

و كأن الأرض ضاقت عليه بما رحُبت حتي أصبح لا يستمع إلي ما قاله ليسقط الهاتف من بين يديه أرضاً وهو يقول: يحيـي عمل حادثه.

شقّت صرخاتها سكون الكون ليجتمع الكل علي صرخاتها المرتفعه وهم يتسائلون: في إيه يا سليمان، مالها غزل؟!

تحدث سليمان وهو يشعر بأن الأرض تميد به فقال: يحيـي عمل حادثة، واحد كلمني من تليفونه دلوقتي و بلغني.

هرع الكل بإتجاه موقع الحادث و القلق يأكل دواخلهم و قد أخذ منهم كل مأخذٍ خاصةً عندما رأوا سيارات الإسعاف و الشرطه و الحشود الغفيره تجتمع علي جانبي الطريق و دخان كثيف يغطي المكان من حولهم.

ترجّل الأب و سليمان و عبدالقادر و يُسر من السيارة يركضون بلهفه و خوف و أمل بداخلهم أن يكون الخبر غير صحيح ليتفدم منهم الشرطي وهو يمسك بـ جزدان تعرّفت يُسر إليه فوراً وقالت: دي محفظة يحيـي.

نظر الشرطي إليها و غمرهم جميعهم بنظرات آسفه قبل أن يردف قائلاً: يحيي علي كامل الدمنهوري؟!

أومأ الأب مؤكداً وقال: أيوة يا حضرة الظابط، إبني جراله إيه؟! و عربيته فين؟!

نظر الظابط إلي الدخان الكثيف و أعاد النظر إليهم ليقول: عربية يحيي ( س ص ج 6541)؟!

أومأ سليمان قائلاً: أيوة صح.

تمتم الظابط آسفاً وقال: الكاميرات اللي في محطة البترول رصدت العربيه وقت لما إصطدمت بـ تريلا و إنقلبت في منطقه منخفضه مما أدي لإشتعالها و تفحمها، و تم نقل الجثه لمشرحة مستشفي الهلال المركزي، البقاء لله.

سقط الأب مغشياً عليه قبل أن يهرع إليه أبناؤه يحملونه مسرعين بإتجاه المشفي.

بعد إفاقة الأب كانوا يتسارعون نحو المشرحه ليستوقفهم الطبيب قائلاً بفظاظة: يا جماعه الزحمه دي ملهاش لزمه، وبعدين للأسف الجثه متفحمه يعني منصحش حد يدخل يشوفها أصلاً، ياريت تخلصوا الإجراءات و تستلموا الجثه و تتفضلوا.

كان الحزن قد مزّق قلوبهم و بدّد روحهم حتي أنهم أصبحوا كالموتي لا ينطقون ولا يسمعون بل يكادوا يكونوا لا يفقهون شيئاً ولا يشعرون.

عادوا إلي المنزل يحملون جثمانه المشوّه لينتشر علي الفور خبر موتهِ و يبدأون في إجراءات الدفن و العزاء.

كانت "غزل" كالقالب المصمت لم تنتج عنها أية ردة فعل فكانت تجلس بالعزاء تتشح بالسواد في صمت و هدوء حتي أنها لم تذرف دمعةً.

لقد كانت تعاني من أولي مراحل الصدمه النفسيه ألا وهي "الإنكار" حيث أنها لم تكن تصدق ما يدور حولها لتتحدث بشرود إلي عمتها و تقول: بتعيطي ليه يا عمتي؟ يحيـي كويس والله و راجع بإذن الله، أكيد الخبر ده مش صحيح!

طالعها الجميع بشفقة و أسف ماعدا "يُسر" التي كانت تنظر إليها بغضب و ضيق يتخللهما تعجب من حزنها الغير مبرر من وجهة نظرها و لكنها لم تعقّب علي أية حال.

همست إليها صافيه وقالت: قومي يا غزل إرتاحي إنتي.

_إشمعنا أنا؟!

نطقت بها غزل بحدة جعلت الكل ينتبه لها و قد دخلت في ثاني مراحل الصدمه و هي "الغضب" فأردفت قائلة:إشمعنا أنا اللي مفيش فرحه بتكمل لي أبداً، ليه كل ما أحب حد أتحرم منه يا عمتي؟! ده مش عدل أبداً!!

إحتضنتها صافيه لتنفجر باكية وهي تتشبث بها فقالت صافيه: قومي معايا يا غزل.

نهضت غزل برفقة عمتها لتنزل إلي شقتها و من ثم دخلت إلي غرفتها فجلست صافيه إلي جوارها وهي لا زالت تضمها إلي صدرها وقالت: إجمدي يا غزل مش كده، الناس كلها خدت بالها منك و من كلامك، أنا عارفه إنه غصب عنك بس لازم تاخدي بالك من تصرفاتك يا حبيبتي.

أجهشت غزل باكية وهي تضرب موضع قلبها بقبضتها و تصرخ بألم يملؤها وقالت: محدش حاسس بالنار اللي جوايا، يحيـي مات يا عمتي، يحيـي خلاص راح و مش هشوفه تاني، أنا كنت راضيه أعيش العمر كله أحبه من بعيد لبعيد بس أشوفه و أعرف إنه بخير.

ثم صرخت قائلة: ليه ياارب، يارب إنت عارف إني محبيتش غيره بتحرمني منه ليه؟!

و إنتقلت إلي مرحلة "المساومة" و التي تحتوي على الأمل بأن الفرد يمكنه فعل أي شيء لتأجيل الموت أو الفقد ليتهادي صوتها حزيناً بائساً فقالت: يااارب، يارب يكون كل ده كابوس و أصحي منه، يارب رجعهولي و أنا مش عايزة حاجة من الدنيا تاني ياارب، ياارب خدني أنا و يحيي يكون عايش و بخير ياارب.

ضمتها صافيه إليها بقوة وهي تقول ببكاء: إستغفري ربنا يا غزل يا بنتي مش كده!

إعتلّ قلبها و شعرت بأن روحها ستفارق جسدها و أنها هالكة لا محالة لتزداد نوبات بكائها و تقول: مش عارفه يا عمتي، مش قادرة أتخيل إني مش هشوفه تاني! ليه مات و سابني؟

هاجمتها مرحلة "الإكتئاب" فأردفت بهدوء: مات و سابني خلاص، يعني حياتي ملهاش لزمه بعده، أعيش أو أموت مش فارقه.

ربتت صافيه علي وجنتها قائلة: بعد الشر عليكي يا حبيبتي، وحدّي الله.

أومأت غزل بهدوء وقد وصلت لآخر مراحل الصدمه وهي "التقبّل" وقالت: ونعم بالله، ربنا يرحمه ويغفر له، لو سمحتي يا عمتي أنا عايزة أفضل لوحدي.

أومأت صافيه بموافقه و قبلت رأسها قبل أن تنصرف خارج الغرفه و تتركها بمفردها حيث جلست هي تبكي و تنتحب بصمت و قد إنعدمت لديها جميع المشاعر حتي الألم ما عادت تشعر به.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

**قبل أربـع ساعات **

_حاااااااسب!

إنتبه يحيـي علي صراخ بسّام ليفاجأ بسيارة نقل ثقيل تقترب منهم لينحرف بالسياره محاولاً تفاديها لتنزلق السيارة إلي منطقه منخفضه قبل أن ينفرج بابها المجاور لـ يحيـي و الذي سقط من السيارة متدحرجاً قبل أن تبدأ السيارة بالإشتعال ثم إنفجرت.

هرول إليه ذاك الذي يترصد الطريق منتظراً حدوث مثل ذلك الذي صار الآن ثم قام بـ جرّه و سحبه إلي منطقه نائيه و أخرج هاتفه علي الفور ليقوم بالإتصال بصديقه الذي أجب علي الفور: هااا، مفيش جديد؟!

_الجديد كله هنا، حته بشواتي إنما إيه.. متدبش فيها مقص!

=راجل ولا مره؟!

شاب بعملله بتاع 30سنه، هاا آخده عالمستشفي ولا أسيبه؟!

_تسيب إيه يا غبي، إحنا لاقيين! إيه ظروفه طيب؟ معاه ورق ولا حاجه؟

=واقع من عربيه موديل السنه، و العربيه بقت حتة فحمه أهي! و لا مفيش معاه أي إثبات شخصيه.

_طيب ربنا يسترها، حد شافك؟!

=لا متقلقش، حظه العِثِر موقعه بعيد عن الكاميرات بتاعت المحطة، متخافش مش باين!

_طيب العدّه معاك مش كده! إديله واحده "دورميكيوم" عشان لو لسه فيه الروح، و إطلع بيه عالمستشفى طوّالي وأنا هبلغ الدكتور عز و جايين طوالي.

=ماشي بس متتلكعش، بسرعة قبل ما دمه يبرد.

_ماشي و جهزه علي ما نوصل، سلام.

أنهي الشاب المكالمة ليقوم بِحمل جسد يحيـي و وضعه بسيّارته الخاصه و قام بحقنِه بإبرة مخدّرة و إنطلق به نحو المستشفي الخاصه بهم!

دلف إلي المشفـي يحمله ثم وضعه علي ترولٍ و قام بسحبهِ نحو غرفة العمليات لينقله إلي سرير معدني من الصفيح ثم بدأ بخلع ملابسه و إلباسه ثوب العمليات و من بعدها قام بتكبيل يديه بالأصفاد يميناً و يساراً.

دلف الأطباء إلي المشفي المهجور ليخلع الطبيب سترته و شمر عن ذراعيه ثم حمحم بقوة وهو يتفحص جسد يحيـي المسچي أمامه وقال بتقييم: عال أوي، شكله بصحته لسه ومش محتاج تحاليل...

قاطعه مساعدهُ قائلاً بسخرية: ده علي أساس إن إحنا بنعمل بالتحاليل أوي، شوف شغلك يا دكتور قبل ما مفعول حقنة البنج يروح و يصحي!

أومأ الطبيب قائلاً: جهزته يا عيسوي؟!

هز الآخر رأسه نافياً وقال: لسه مجيتش جمبه.

_طيب يلا هات القلم و جهز التلج فوراً.

أعطاه القلم ليبدأ بتحديد موضع الكِلي و الكَبِد و القلب ليقول الآخر متعجباً: إيه ده يا دكتور إنت كده هتفضيه!!

ليقول الطبيب بعدم إكتراث: شوف شغلك وإنت ساكت..يلا ناولني المشرط.

همّ بإلتقاط المشرط ليعلو رنين هاتفه مسفراً عن مكالمة وارده من زوجته فأجاب سريعاً وقال: إيه في إيه؟!

_إلحق يا عز، رامي عمل حادثه!

جحظت عيناه بإتساع ليتحدث إليهم قائلاً: سيبوا كل حاجه زي ما هي!

ثم إلتقط جاكيت بدلته مهرولاً نحو الخارج.

نظر كلاهما لبعضهما البعض بإستغراب فقال أحدهما: طب وبعدين؟! هنسيبه كده!

تمتم الآخر بلامبالاه فقال: يا عم إربط الحمار مطرح ما يقول صاحبه، مش هو قاللك سيب كل حاجه زي ما هي! أهم حاجه إنت خد بالك ليتعفن مننا و نروح كلنا في داهيه.

ألقي بكلماته منصرفاً للخارج ليقول الآخر متسائلاً: إنت ماشي رايح فين؟!

_مروّح يا عم، لما يبقا يجيلنا أوامر نشتغل هبقا آجي، خلي بالك م المصلحه.

أومأ الآخر ثم أخرج سيجار وأشعله و إستل هاتفه من جيبه وجلس يتصفح هاتفه وهو يقوم بتدخين السيجار ثم ألقاها أرضاً و دهسها بقدمهِ قبل أن يصعد إلي سرير آخر بالغرفه ويتمدد عليه حتي غلبه النعاس.

بدأ يحيـي يستعيد وعيِه ليتململ بمرقدهِ ليشعر وكأن شيئاً ما يعتصر يداه و قدماه ليبدأ بتحريكهما ببطء ولكن دون جدوي ليتشنج و يبدأ بتحريكهما بعصبيه أكثر ثم فتح عيناه و راح يجول ببصره هنا و هناك يتفحص المكان الذي يحيط بهِ ثم رفع رأسه قليلاً ليري جسده مسطّح علي سرير معدني و أطرافه مقيده بالأغلال فـ جحظت عيناه وهو يتذكر الحادث الذي تعرّض له منذ ساعات ليطبق جفناه معتصراً عيناه بخوف وقد أدرك ما يحدث الآن و تيقن أنه وقع بيد مافيا تجارة الأعضاء الذين يترصدون الطرق الصحراويه باحثين عن مصابي الحوادث لإستدراجهم و تخديرهم و من ثَمّ سرقة أعضاءهم.

بدأ جسده يتشنج لا إرادياً من الخوف و يرتعش محدثاً ضجه عنيفه أفاق الآخر علي إثرها ليقترب منه بذهول وقال: هو إنت لسه حي!! يا دي الهباب اللي أنا فيه!

ثم أسرع بجلب حقنة مخدّرة أخري و همّ بحقنِه بها ليستوقفه يحيـي صارخاً بتوسل: أبوس إيدك أنا عندي عيال!

نظر إليه بلامبالاه ليستجديه يحيـي قائلاً: عشان خاطر ربنا بلاش، فكنّي وأنا هديك اللي إنت عايزه!

تمتم الآخر منزعجاً وقال: إسكت بقا يا عم خليني أخلص، و إثبت عشان أعرف أديك الحقنه بدل ما تاخدها غلط.

بدأ يحيـي بالتحرك بعشوائية و فوضي ليصرخ به الآخر قائلاً: إثبت بقولك خلينا نخلص!

توسل يحيـي إليه قائلاً: أبوس إيدك فكني وأنا هديك اللي إنت عايزه، إنت كبيرك تاخد 5 تلاف في عملية زي دي، أنا هديك 50ألف جنيه!

نظر إليه الشاب مذهولاً وقال: بتقول كام؟!

قال يحيـي بأمل: ولو عايز أكتر من كده أنا موافق بس فكني و خرجني من هنا!

قال الشاب: هاخد 100أألف.

_موافق.. بس فكني بسرعه.

بدأ الشاب بفك قيودهِ وهو يقول متلهفاً: بس أنا هاخد منك الفلوس إزاي؟! إوعي تكون نصاب و هتبلغ عني؟

أومأ يحيـي نافياً وقال: لا والله العظيم وحياة ولادي هجيبلك الفلوس،قوللي إسمك و أنا هحوللك المبلغ من بكرة الصبح، بس عشان خاطر ربنا خليني أخرج من هنا بسرعه.

حلّ الشاب قيوده بالكامل لينهض مسرعاً عن الفراش و يلتقط ثيابه الملقاه أرضاً ثم بدأ بإرتدائها بعشوائيه وهو يركض نحو الخارج متسائلاً: إسمك إيه؟!

_عيسوي السيد أبو فروه، الفلوس لو متحولتش بكرة هتزعل.

أومأ يحيـي موافقاً وخرج من المشفي يركض يميناً و يساراً بـ تيه قبل أن يتلقي صدمةً برافعه علي رأسه أسقطته أرضاً غارقاً في دماؤه.

_إنت إتهبلت في عقلك؟! بتفكه عشان يبلغ عننا و نروح في حديد؟!

نطق بتلك الكلمات مساعد الطبيب ناهراً عيسوي الذي كان يرتجف من الخوف فقال: ماهو قاللي هيديني 100 ألف جنيه!

لعن الآخر قائلاً: 100عفريت لما يركبوك.. يلا شيل معايا نرجعه مطرحه.

همّ عيسوي بحمله قبل أن يتمتم فَزِعاً ويقول: في ناس جايه!

ليركضا فارّين بعيداً و يتركا ذاك الغارق بدماؤه قبل أن تتوقف أمامه سيدة عجوز برفقتها شاب نظرا إليه بذهول فتمتم الشاب: شكل الشابين اللي جريوا دول هما اللي عملوا فيه كده!

قالت والدته: شيل يا مصعب معايا خلينا ناخده عالبيت بسرعه!

ليحمله مصعب و يساعد والدته متوجهين نحو بيتهما فقال مصعب: مش الأحسن ناخده عالمستشفي؟

قالت والدته: المستشفى يعني سين و جيم يا مصعب و ده شكله غلبان و وراه حكايات كتير، خلينا نعالجه و نسيبه يمشي.

إصطحباه إلي منزلهما و بدأت السيدة بمعالجته و تضميد جراحه ليقول مصعب: تسلم إيدك ياما.

نظرت إليه السيده وقالت: خليك معاه يا مصعب يبني علي ما أعمله حاجه يرم بيها عضمه عشان أول ما يفوق ياكل و يعوض الدم اللي نزفه يا حبة عيني.

أومأ مصعب موافقاً و جلس إلي جانبه ينتظر إفاقته ولكنه إنتظر كثيراً دون جدوي لتقول والدته: ربنا يستر و ميكونش جراله حاجه.

_لا ياما هو بيتنفس أهو، بصي روحي إرتاحي إنتي وأنا هتنّي جمبه لما يفوق.

أومأت والدته بموافقه لتنصرف بينما بقي مصعب إلي جانبه حتي غلبه النعاس.

أفاق يحيـي متأوهاً وهو يمسك برأسه بألم و يإن تعباً ليفيق مصعب علي إثر همهمته فقال: إنت فوقت، حمدلله على السلامة.

نظر إليه يحيـي متعجباً وقال:أنا فين؟! و إنت مين؟!

إبتسم مصعب ببشاشة و أردف: إنت فين يسيدي فـ إنت في بيتنا المتواضع، لقيناك مضروب علي دماغك و مرمي علي الطريق الصحراوي و جيبناك هناك الليله اللي فاتت، أمّا أنا مين بقا فـ أنا أخوك مصعب هلال، و إنت؟!

قال الأخيرة متسائلاً وهو يمد يده إليه ليصافحه فنظر يحيـي إليه وقال: أنا مين؟! مش عـــارف!

يتبع الفصل التالي: اضغط هنا

الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية ليتني مت قبل هذا" اضغط على أسم الرواي
google-playkhamsatmostaqltradent