Ads by Google X

رواية سحر سمرة الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم أمل نصر

الصفحة الرئيسية

   رواية سحر سمرة الفصل الواحد  والثلاثون بقلم أمل نصر

رواية سحر سمرة الفصل الواحد  والثلاثون

سنواتُ من البعد وهى تُمنى نفسها برؤيته .. سنوات طالت وزاد معها الم الاشتياق وتعدى كل الحدود ..حتى فقدت الأمل وتعمدت التكيف والتعود والنسيان .
لكن ان تراه هكذا بدون سابق إنذار .. هذه هى المفجأء التى جعلت قلبها على وشك التوقف.
بكاءها العنيف بداخل احضان ابيها المتشبث بها بقوة .. كاد ان يشطر قلبه لنصفين .. اقترب منهما يربت بكفه على ظهرها التى تساقطت عليه دمعات " ابو العزم " هو ايضاً !
- خلاص يا" سمره " اهدى مش كده .. بعياطك الشديد ده ممكن يجرالك حاجة والله .. انا كنت عاملهالك مفجأة .. بس شكلك كده عايزانى اندم .
عاد ابو العزم برأسه للوراء ليرفع وجهها اليه وهو يبتسم لها بدعابه :
- عاجبك كده ؟ اهو هايندم انو جابني هنا .
ابتسمت مع بكاءها وهى تخرج من أحضانه بتمهل.
ادارها من كتفها اليه ليرى وجهها:
- يانهار ابيض .. شوف وشها بقى ازاى ؟ يعنى يعجبك كده ياعمى ؟
رفع " ابو العزم " ذقنها اليه .. بأطراف اصابعه وهو ينظر لوجهها جيداً الذى اغرقته الدموع مع هذا الاحمرار والانتفاخات الطفيفه بفعل البكاء :
- انا بنتى زى القمر فى ليلة تمامه .. اميرة من كتب الخيال .. جمالها يأسر القلوب وحسنها يخضع اقوى الرجال.
فغر فاهه مذهولا :
- لالالا دا انت خطر عليا .. ايه الكلام اللى يجنن ده ؟
ردت هى بصوت ضعيف:
- دا انت كمان ماشوفتش اشعاره .. احلى كلام واحلى وصف .. ماهو كان بيعتبرنى حبيبته وياما كتبلى .
قبلها على جبهتها بقوة وهو يسألها :
- انتى لسه محتفظة بيهم ؟
اومأت برأسها تجيب :
- كلهم ومافيش ورقة منهم ضاعت .
صاح " رؤوف " على الاثنان :
- اقسم بالله بدأت اغير .. انا حاسس انى بقيت عزول وسطيكم ..
استدارت اليه بابتسامة ولا اروع :
- بعد الشر عليك ما تبجى عزول .. انت ما يليقش عليك غير الحبيب .
- تهللت اساريره بمرح :
- ايوة بقى هو ده ..سمعينى كلام حلو زيك
اومأ له بكف يده :
- انبسطت كده ياعم .. اهى حطتك فى مرتبة الحبيب .
هز برأسه بسعادة غامرة:
- انبسطت قوى طبعاً .. طب احنا هانفضل هنا عالباب .. ومش هندخل ؟ اتفضل ياعمى اتفضل .
.......................................

- طلعت متجوزة يا" شيماء " ومن بيه كبير جوى كمان فى مصر ..
قالتها وهى تضرب بكفٍ على الاَخرى بغيظ احتل قلبها .. وامام صمت الاَخرى المحدقة اليها بصمت تابعت .
- عشان لما جولتلكم من الأول ان البت دى فاجرة كدبتونى وماحدش صدق عليها رغم عملتها السودة وكانكم عميتوا مش شايفين .. ماتردى يامحروسة ولا البسة كلت لسانك.
اجفلت الفتاة ترد عليها حانقة :
- عايزة ايه يا" رضوى " منى ؟ ولزوموا ايه كلامك ده معايا اساساً ؟
فغرت فاهها وكأنها اصابها العته :
- انتى حتى كلام مش متحملة عليها ياشيماء هو في ايه بالظبط؟
نهضت عن مقعدها لتقف امامها بغضب :
- بصراحة انا مش فهماكى يا" رضوى " .. ولا فاهمة انتى عايزة ايه بالظبط ؟.. ياستى ان كانت طلعت عفشة ولا زينة .. ماهى راحت لحال سبيلها وامها اعتبرتها ميته .
خرجت منها تنهيدة حارقة وهى تحدق اليها بغل :
- عايزة تعرفى انا ايه اللى مجننى ؟ .. اللى مجننى حظها اللى ضارب فى السما.. وسحرها اللى بترميه عالرجالة فى اى حتة تروحها .. يعنى حد في الدنيا دى يصدق انها تطلع هربانة من بلدنا.. وبدل مايحصل فيها زى كل البنتة اللى بتهرب وتجيب العار لأهالها .. لا دى تروح تتجوز بيه من اللى بيتعدوا عالصوابع فى مصر ..دا ابويا وابوكى مجدروش يلمسوا شعرها منها .. وبعد دا كله لسه بتسالينى .. عايزة ايه منيها ؟
استدارت " شيماء " صامتة .. تجلس مرة اخرى على طاولة مكتبها وهى تتلاعب بكتبها وقد ضاق صدرها من هذه الضيقة الثقيلة .
دنت منها " رضوى " تسألها بتعجب :
- انتى مالك يا" شيماء " سكتى ليه ومابترديش على كلامى ؟
اجابتها بسأم :
- ويعنى عايزانى اجولك ايه ؟ بصراحة كل واحد حر فى تصرفاته وانا مش هاشغل نفسى ب" سمره " ولا غيرها .. انا اهم حاجة عندى دراستى .
اعتدلت فى وقفتها تنظر اليها بقنوط :
- هو انتى مضايقة من جيتى يا" شيماء " ولا معطلاكى ولا حاجة عن دراستك .. جولى جولى يكون كمان مش طايقانى ؟
زفرت بضيق :
- استغفر الله العظيم.. هو انا غلطت فيكى يابتى ؟ ولا انتى مضايقة وبتجرى شكلى وخلاص ؟
- مالكم يابنات صوتكم طالع لبره ليه ؟ هو انتو كنتوا بتتعركوا؟
سألتها " ثريا" وهى تدلف للغرفة حاملة صنية لاكواب العصير ..
تقدمت عليها " رضوى " تتناول الكوب :
- جيتى فى وقتك يامرة عمى .. احسن انا كنت هاموت من العطش .
- الف هنا يابتى .. اشربي وانا اجيبلك غيرها .. دا عصير منجة من شجرتنا .
نظرت اليها " شيماء " بحنق قبل ان تسال والدتها :
- هو ابويا صحى ياما ولا لسه ؟
- ابوكى صحى من زمان ولبس جلابيته وطلع مع الحاج " سليمان " اخوه يزور " رفعت ".اصلهم جلجانين عليه من ساعة ماسبوه .. بيقولوا ان حالته كانت لا تسر عدو ولا حبيب .
توقفت عن شرب العصير تبتسم ساخرة :
- خليه يشرب .. عشان كان طاير بيها وكأنه ملك نجمة من السما .
خبطت " شيماء " بيدها على طاولتها متمتة مع نفسها بغيظ :
- اللهم طولك ياروح .
....................................

بقلب يرفرف من السعادة كانت جالسة بجوار أبيها وامامها السيدة" لبنى " وزوجها " رؤوف " الذى ظهر اليها من العدم كى يحميها .. ويبحث بشتى الطرق لاسعادها وتعويضها عن كل مامرت به .. يبدوا لها انها قد بدأت سنين العوض ... فاقت من شرودها لتجد السيدة " لبنى " تخاطب اباها .
- نورتنا جداً يااستاذ "ابو العزم ".. هو انا ليه حاسة انى شوفتك قبل كده .. بس فين مش عارفة .
مط بشفتاه مفكراً :
- بصراحة حضرتك انا ماسبقليش المعرفة بيكى .. بس فى حاجة .. انا كنت بنشر فى جرايد ثقافية....
قاطعته " لبنى " سائلة :
- انت كنت بتنشر اشعار صح ؟.. انا دلوقتى بس افتكرتك .
اومأ الراجل برأسه فتابعت " لبنى " :
- واضح اوى من لبسك وطريقتك ان فنان .
اكمل " رؤوف " على كلماتها:
- انا دلوقتى بس عرفت "سمره " وارثه التحضر والرقي دى منين ؟
قربها اليه ينقل نظراته منها واليهم :
- سمره وارثة حاجات كتير منى زى ماهى وارثة كمان من والدتها جمالها ..
عبس بوجهه " رؤوف " ممازحاً :
- لا حضرتك مافيش شبه خالص .. انت شكلك ماشوفتهاش من سنين كتيرة باين .
اعترضت سمره مع ابتسامتها المستتره:
- بس يا" رؤوف " هازعل منك والله..
- خلاص متزعليش انا بهزر .. بس بصراحة انا مدايق قوى منها وماحدش بقى يلومني فيكم .. يعنى اللى اسمه قاسم دا ينفع عريس عشان توافق بيه ؟
خبئت ابتسامتها وهى تجيبه :
- والله ماانا عارفة هى ليه كانت مصرة جوى كده عليه ؟
- بس انا عارف .
خرجت من ابيها بصوتٍ متألم قبل ان يتابع امام نظراتهم المترقبة .. اصلها كانت شايفة فى جنانه وعصبيته صورة عكس جوزها الخايب اللى كل همه يكتب فى اشعار ويرسم فى صور ولما يجى يفتح مشروع بورثه.. يخسر .
بصوت حنون :
- خلاص يابوى ماتزعلش وانسى كل اللى فات .
اكمل " رؤوف " على قولها :
- فعلا ياعمى متزعلش .. دى كانت وجهة نظرها وسبت بالدليل القاطع انها غلط .
بابتسامة لم تصل لعينيه :
- انا مش زعلان منها بالعكس.. انا زعلان من نفسي عشان مقدرتش اصلح صورتى قدامها ولا قدام اى حد .
- انا مش معاك فى الكلام ده .
خرجت من " لبنى " فأجفلتهم جميعاً فتابعت :
- انا كنت بقرأ اشعارك وكانت ممتازة .. انت بس كان ناقصك شوية حظ زى معظم المبدعين فى بلدنا .
..................................

عادت من عملها مساءاً لتجد اولادها الاثنان يتسابقون فى الشارع بدراجات صغيرة وحديثة بجوار المبنى الذى تقطنه .. هتفت عليهم بغضب .
- خد ياواد انت هو .. واخدين العجل دا من مين ؟
صاح ولدها الاصغر بحماس :
- دول بتوعنا احنا ياماما مش بتوع حد تانى .
تخصرت باستنكار :
- ودول ان شاء الله دفعتوا تمنهم منين ياعين امك ؟ ولا يكونش كسبتوهم فى كيس الشبسى .
- انا اللى جبتهم للولاد يا"سعاد ".
استدارت بغضب تواجه صاحب الصوت الذى تعلمه جيداً :
- دا بجد بقى الحكاية مش هزار من العيال ! بقولك ايه ياممدوح انا ميت مرة منبهة عليك تبعد قرشك الحرا....
قاطعها صائحاُ :
- بس بقى بلاش فضايح فى الشارع ..بكلام يودى فى داهية ادخلى جوا خلينا نتكلم .
دبت بقدمها على الأرض قبل ان تتقدم بخطواتها داخل المبنى القديم وهو خلفها..
- اديك اداريت من عيون الناس فى الشارع يا" ممدوح " ممكن بقى تفهمني جبت تمن العجل دا منين ؟
اطرق بوجهه أرضاً وهو يجيبها بحزن :
- مكنش العشم دا يا" سعاد " .. مكنتش اتصور انك يكون دا رد فعلك لما اجيب حاجة لولادى عشان تفرحهم وتيجى تكسرى بفرحتى وفرحتهم .
زفرت طويلاً بنفاذ صبر :
- بقولك ايه يابن الناس ماتركبنيش الغلط.. انت عارف كويس اوى انا اعتراضى على مصدر الفلوس .
- وانا مستعد احلفلك دلوقتى انهم من فلوس حلال ..
قالها بتشدق ليتابع بعد ذلك :
- ياسعاد انا جبت دول من عمولة سمسره جات قدامي بالصدفة .. رزق من عند ربنا اعترض وعشان تتأكدى من صدق نيتى .. انا دلوقتى بدور على شغل عشان ارجعلك انت والولاد وناكل لقمتنا بالحلال وبسأل كل اللى اعرفهم عشان يدلونى.
- انت بتتكلم جد يا ممدوح "؟
- وهاكدب عليكى ليه بس ؟ جربى كده وجيبلى شغل وشوفى بقى ان ماكنت إشرفك مابقاش انا ؟
- طب وانا هاعرف منين بس ياممدوح ؟
- ليه يا" سعاد " متعرفيش ؟ دا انت صاحبتك خطيبة البيه اللى شغالة عنده يعنى ساهلة اهي .
صمتت قليلاً تفكر فى الامر بحيرة :
- بقولك ايه يابن الناس بصراحة انا اخاف اكلمهم فتقصر برقبتى وتحرجنى بعد كده مع" سمره "وجوزها .
بنبرة ساخرة :
- هو لحق يتجوزها ؟ دا اول امبارح كان خطيبها! .. شكل صحبتك بتستغفلك وهى لا مراته ولا خطيبته؟
صاحت عليه بغضب :
- لا بقولك ايه .. انا ماسمحلكش تغلط فى حد فيهم .. دى" سمره "اشرف منها مافيش و" رؤوف " بيه الادب والاحترام كله .. دا كفاية انه عقد عليها وهى فى بيته ومع ذلك لسه ملمسهاش ومنتظر لما يعمل فرحهم فى اكبر قاعة فيكى يابلد .
- انتى متأكده من كلامك دا ياسعاد ؟
- طبعاً متأكده دى صحبتى ومابتخبيش حاجة عنى .
................................

كان جالساً امامهم بجمود زاماً شفتيه يستمع اليهم دون رد فعل .. فلا احد يشعر بالنيران المستعرة بداخله .. ولن تنطفئ الا بالانتقام من هذا الشقيق الذى استحل دمه سابقاً كى يرغمها على تركه ولم يبالى بصلة دم او ارحام .. اجفل من شروده على صوت " سليمان " .
- انت روحت منينا فين ياولدى ؟
هز برأسه مجيباً :
- نعم ياعم " سليمان " انت كنت بتجول ايه ؟
- ياولدى كنت بجولك .. بلاش الزعل الواعر ده وفوق لنفسك .. انت كبير عيلتك وكل المصالح بيدك .
اكمل على قوله " حسن " :
- ياعم " رفعت " انت زينة شباب العيلة والف واحدة غير اللى غارت دى ...
قاطعه بحدة قائلاً :
- حن عليك ماتجبيبش سيرتها ياعم " حسن " .
أومأ الرجل برأسه متفهماً :
- خلاص ياولدى مش هاجيب سيرتها.. بس انا بجولك اها .. انت تستحق احسن واحدة فى الدنيا .. شاور بس انت على اى واحدة فى العيلة ولا فى بلدنا كلها وشوف .
- جوزنى بتك .
- نعم ياولدى !!
-مش انت بتجول شاور على اى بت فى العيلة وانا بقولك اها انا طالب يد بتك !!
................................

كان جالساً على احدى المقاهى الشعبية ينفث دخان ارجيلته فى الهواء عندما صدح هاتفه برقم أخيه :
- الو... ايوه يارفعت .
رد عليه بتماسك رغم هذا الطوفان بقلبه:
- ايوه يا" قاسم " هو انت زيارة صحبك دى مخلصتش ؟
نفث دخانه مرة ثانية قبل ان يجيبه :
- لا ما انا لجيته غير العنوان غلط .. وانا دلوك بدور على عنوانه التانى عشان اخلص من الامانة .
- ماشى ياواض ابوى بس اخرك بكره وتنزل عشان عايزك فى موضوع ضرورى .. واجل موضوع صاحبك ده لبعدين .
- بس ...
- مافيش بس يا" قاسم " بقولك عايزك ضروري.
- حاضر حاضر مش هاعوج كده ان شاء الله .
كان على وشك الجدال مرة اخرى ولكنه اضطر للمواقفة لانهاء المكالمة سريعاً حينما رأى من أتى امامه ليجلس بالكرسي المقابل .
- مساء الخير ياعم قاسم .
- مساء النور ياسيدى ..ها جولى الكلام اللى سمعته بالمظبوط .
- طب براحة ياعم اخد نفسى الاول.
- اخلص ياممدوح .. ماتتعبنيش .
- شوف ياسيدى هى اكدتلى انه كتب كتابه عليها .. لكنه ملمسهاش لان قريبتك مصرة فرح وهيصة .
- كويس .
- كويس ايه ؟ دا بقت مراته رسمى .
- مدام على ورق يبجى لساها فيها صرفة .. والحل قريب ان شاء الله .. لكن لو كان لمسها ساعتها مافيش حاجة هاترضينى غير انى اموتها بيدى .


يتبع الفصل التالي اضغط هنا
  • الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية سحر سمرة" اضغط على اسم الرواية 
google-playkhamsatmostaqltradent