رواية جبران العشق البارت الثاني والثلاثون 32 بقلم دينا جمال
رواية جبران العشق الفصل الثاني والثلاثون 32
فما كان منه الا أن ارتسمت ابتسامة ساخرة علي ثغره نظر لزياد مستهجنا ليمد يديه للعسكري القادم نحوه ليضع الاصفاد في يديه وكأنه شئ معتاد اعتاد علي أن يحدث له قبلا مرارا وتكرارا ... التفت بوجهه ناحية وتر التي تنظر له عينيها متسعة في ذعر ليعطيها ابتسامة هادئة يحاول أن يطمئنها بها لتحرك رأسها بالنفي سريعا اندفعت ناحيتهم وقفت في المنتصف بينه وبين زياد تصيح في الأخير محتدة :
- أنت عايز منه ايه يا زياد جبران ما عملش حاجة ابعد عنه بقي
شخصت عيني زياد ينظر لها مذهولا وتر تدافع عن جبران بشراسة هي التي كانت قبل عدة أيام فقط تخبره أنها لا تطيق النظر لوجهه كيف !! في حين صدح صوت جبران باسم وتر :
- وتر وبعدين عيب لما تزعقي وأنا واقف .
التفتت تنظر له مذهولة عينيها تتسع في ذهول هل هذا فقط ما يهمه الرجل علي وشك أن يُزج به في السجن الآن ... لتجده يبتسم يوجه حديثه لزياد :
- معلش يا باشا المدام بس خايفة عليا ... يلا يا باشا
وتحرك مع العسكري في هدوء وسلاسة وكأنه ذاهب في نزهة وزياد خلفهم وضعوه في سيارة الشرطة لتتحرك السيارة به وهي تقف تراقب من شرفة منزلهم تبكي خوفا عليه تشعر بالعجز لم تعرف لمن تلجأ لمساعدته في تلك اللحظة لم يطرق في رأسها سوي اسم والدها هرولت إلي هاتفها تمسكه جسدها بالكامل يرتجف بعنف وكأنه يُصعق وصلت إلي رقم والدها تضع الهاتف علي اذنيها ما أن سمعت صوت والدها صرخت مذعورة تبكي بحرقة :
- بابا الحق جبران زياد قبض عليه عشان خاطري يا بابا ما تأذيهوش !
لحظات قليلة من الصمت لا يُسمع سوي صوت أنفاسها المتسارعة الخائفة ليأتي صوت والدها يخبرها في هدوء تام :
- عرفتي بقي إني أقدر آذيه بإشارة من صباعي وأنا قاعد مكاني بمكالمة ، اقدر اخليه يقضي اللي باقي من عمره مرمي في السجن
وضعت يدها الأخري علي فمها تمنع شهقاتها حتي لا يسمعها أبيها تحرك رأسها بالنفي بعنف تنهمر الدموع تُغرق وجهها لتسمع صوت والدها يكمل :
- بس زي ما دخل ممكن يخرج بمنتهي البساطة بشرط !
شرط بالطبع والدها يجب أن يقايض حتي مع ابنته يبدو أن والدها لديه وجه آخر لم تعرف به قبلا وتكتشفه الآن شيئا فشئ حاولت تمالك شتات نفسها الا تظهر ضعفها وهي تردف:
- شرط ايه ؟
ضحك سفيان لعدة لحظات قبل إن يردف يحادثها :
- دا انتي حبتيه بقي يا وتر مين كان يصدق أن وتر هانم اللي ما بيعجبهاش العجب تحب حتة بلطجي رد سجون ، هقولك الشرط بعدين دلوقتي أنا عايز منك أنك هتنفذيه قولتي إيه
تري أي شرط خبيث شيطاني يريد والدها وعدا لتنفيذه ترددت لبضع لحظات لتومأ بالإيجاب تهمس له :
- موافقة هنفذ اللي تقول عليه بس جبران يخرج
- ساعة وهيخرج
اردف بها سفيان بثقة لا مثيل لها ليغلق معها الخط لتشرد عينيها في الفراغ تفكر قلقة علي ما وافقت تحديدا !!
علي صعيد آخر في قسم الشرطة في أحدي الغرف وقف جبران في غرفة مكتب زيادة ينظر له وهو يجلس فوق سطح مكتبه أمامه يناظره بشزرات غاضبة حادة ارتسمت ابتسامة شامتة تعلو شفتيه يغمغم متهكما :
- مش قولتلك أنا اللي هلبسك البدلة الحمرا خلاص كل الادلة اللي معانا ضدك والصبي بتاعك اللي اتمسك بالبضاعة اعترف عليك
لم تتغير تعابير وجه جبران فقط ابتسم كتف ذراعيه أمام صدره يغمغم مبتسما :
- صبي مين واعترف علي ايه يا باشا بالظبط ، يا باشا أنت جايبني من بيتي من حضن مراتي
نطق جملته الأخيرة في سخرية ينظر لعيني زياد متحديا لتسود عيني الأخير غضبا ... وقبل أن يحدث شئ دقات علي باب الغرفة تلاها دخول العسكري يمسك في يده بطاقة تعريف لشخص ما نظر زياد لاسم الشخص علي البطاقة ليقطب جبينه متعجبا يوجه حديثه للعسكري:
- داخله يا ابني لما نشوف اخرتها
خرج العسكري غاب للحظات ليلج الي غرفة المكتب سفيان الدالي بصحبته أحد المحامين الكبار اصحاب الاسم والصيت الذائع اقترب سفيان بلهفة من جبران يوجه حديثه إليه :
- جبران ما تخافش يا ابني !! استاذ منير محامي شاطر وأكيد في لبس في الموضوع
توسعت عيني جبران في دهشة ما الذي يحدث هنا تحديدا سفيان قلق عليه هو !! و زياد لا يقل دهشة عن جبران ينظر لسفيان مصعوقا كان يظن أن ذلك الرجل سيساعده ليحصل علي محبوبته والآن هو هنا ليساعد عدوه !!
اقترب المحامي من زياد يصافحه بابتسامة متكلفة يغمغم في هدوء :
- ياسر منير المحامي الحاضر مع المتهم جبران اقدر أعرف حضرتك ايه سبب احتجاز موكلي
ابتسم زياد ساخرا ينظر إلي سفيان ومن ثم جبران كتف ذراعيه أمام صدره يغمغم متهكما :
- ابدا تهمة بسيطة خالص تجارة مخدرات اتقفش مع واحد من صبيانه شنطة مخدرات واعترف عليه
ابتسم المحامي بهدوء تام يغمغم في ثقة :
- حضرتك عارف إن تهمة المخدرات بالذات لازم يبقي ليها معايير خاصة أن الحرز اللي يتسمك يكون في حيازة موكلي ودا ما حصلش وحضرتك بتقول أن الصبي هو اللي اعترف عليه في الأغلب ممكن المتهم يقابل موكلي
ومن جديد عاد زياد يبتسم في سخرية ما يحدث هنا خدعة أو لعبة خيوط يحركها شخص ما سفيان الدالي يجلس في منتهي الغرور علي المقعد المجاور لمكتبه أمامه المحامي ضغط علي الزر المجاور لمكتبه يستدعي العسكري الواقف خارجا يطلب منه إحضار المتهم غاب العسكري لبضع دقائق ليدخل ومعه رجل لم يره جبران قبلا ليس أحد رجاله ذلك الشخص صدقا لا يعرف من يكون ولما يلقي عليه التهم جزافا ... قام زياد من مكانه متجها صوب المتهم وقف بالقرب منه يغمغم ساخرا :
- عماد السيد قولي يا عمدة شنطة المخدرات اللي كانت معاك تبع مين
نظر ذلك المدعو عماد إلي سفيان ليزدرد لعابه خائفا مرتبكا أنزل رأسه أرضا يغمغم :
- تبعي أنا يا باشا
هنا قطب زياد ما بين حاجبيه مندهشا اندفع ناحية عماد يصرخ فيه غاضبا :
- أنت يا راجل أنت مش قولت أنها بتاعت جبران السواح غيرت اقولك في طرف ساعة ، دفعولك كام بقي عشان تطلعه منها
هنا تحدث جبران يدافع عن نفسه :
- الراجل دا أنا ما اعرفوش يا زياد باشا وتقدر تسأل كل اهل الحتة الراجل دا مش من الحتة بتاعتنا اصلا
- أنا تبع المعلم طاهر الطحان هو اللي اداني الشنطة وقالي اقول كدة علي المعلم جبران عشان يتحبس والمنطقة تفضاله يحط أيده عليها
أردف بها ذلك المدعو عماد في نفس واحد تقريبا لينظر زياد له بشك نفضه بعيدا عنه يتوجه لباب الغرفة يصيح في مساعده بأن يتوجه لمنطقة طاهر ويحضره له اغلق الباب ينقل إنظاره بين جميع من في الغرفة ما الذي حدث هنا ليقلب دفة الأحداث لتلك النقطة
علي صعيد آخر في قصر فخم كقصور بشوات العصر القديم قصر شامخ شاهق الارتفاع بشكل مخيف في أحدي الغرف علي فراش ضخم عريض يستلقي جسده جوار جسدها كلاهما غائب عن الوعي لا يعي ما يحدث حوله الآن بدأ هو يستفيق أولا يتأوه متألما من جرح كتفه ومن ألم كالمطارق يشق رأسه انتصف بجهد شاق يجلس علي الفراش ينظر حوله توسعت عينيه في فزع حين أدرك أين هو غرفته القديمة كيف ينساها وقد لاقي فيها عذابا تبكي له صخور الجبال حزنا ثبتت عينيه علي الفراغ في الغرفة وتوسعت حدقتيه ألما يتذكر كل لحظة مرت به هنا ... في تلك الأثناء بدأت أمل تصحو هي الأخري سمعها صوتها تتأوه متألمة كيف وصلوا لهنا هو حتي لا يتذكر أي شيء إطلاقا انتصفت أمل جالسة جواره أمسكت ذراعه تسأله مذعورة :
- احنا فين يا حسن وايه اللي جابنا هنا ... حسن إنت متخشب كدة ليه ... حسن رد عليا ما تخوفنيش
التفت لها بعد لحظة عينيه حمراء تري دموع ألم يجتجزها بعنف في مقلتيه خرج صوته مبحوح بتعذب :
- احنا لازم نمشي من هنا دلوقتي ، مش هينفع نفضل هنا .
حركت رأسها بالإيجاب سريعا قامت سريعا بصحبته متوجهين الي باب الغرفة لم يكادا يقتربا منه فُتح من الخارج وظهر ذلك الرجل المدعو كمال شعرت بيد حسن الممسكة بيدها تنتفض بعنف ما أن رآه ذلك الرجل حقا مخيف ابتسامته خبيثة عينيه زرقاء وكأن بها جليد خاوي من الحياة حسن يشبهه لحد كبير ...لا إراديا شددت علي يد حسن تعود خطوتين للخلف لتصبح خلف ذراعه ، ما فعلت جعل قوة خفية تلتحم في أوصال حسن شعور أنه المسؤول عن أمان تلك الواقفة خلفه تحتمي به جعل نظراته تصبح أكثر حدة وحزم يحاول أن يتغلب علي خوفه من الواقف أمامه والذي ليس سوي أبيه !! احتدت نبرة صوته يصيح فيه :
- أنت عايز مني ايه يا كمال باشا أنا سيبتلك الجمل بما حمل من سنين ... عايز منه ايه تاني
ضحك كمال عاليا في سخرية يطفق حسن بنظرات خبيثة بها شئ غير آدامي لا تمت لمشاعر الأبوة بصلة اقترب خطوتين يغمغم في بساطة :
- عايز ابني حبيبي الوريث يرجع لبيته كفاية طفشان بقي ما زهقتش من أرصفة الشوارع والشغل مع اللي اسمه جبران دا في الشمال أنا باعد أيد الحكومة عنك من سنين بس كفاية كدة لازم ترجع ولا ايه
حرك حسن رأسه بالنفي بعنف أحمر وجهه ونفرت عروقه يصرخ محتدا :
- أنا مش ابنك وعمري ما هرجع للقرف دا تاني عايز ترميني في السجن ، السجن أرحم من العيشة معاك ألف مرة
ومن جديد عاد كمال يضحك عاليا رفع كتفيه لأعلي يغمغم ببساطة :
وماله يا حبيبي ارميك في السجن واخد الحلوة اللي وراك دي لواحد من رجالتي
شهقت أمل مذعورة تتمسك بذراع حسن جسدها يرتجف هلعا ليشدد حسن علي كفها ينظر لوالده كارها كم يريد أن ينحر عنقه كما فعلت والدته انتحرت بسبب ذلك الشيطان الواقف أمامه ... عاد خطوة للخلف مع أمل عله يحميها من قبضة يد ذلك الشيطان صرخ بصوته كله :
- هقتلك يا كمال قسما بالله هقتلك لو فكرت تمس شعرة منها لا أنت ولا حد من كلابك
يعرف أن والده سريع الغضب في لحظة اختفت ابتسامة كمال وأسود وجهه غضبا ينظر لحسن متوعدا مقسما علي كسر شوكته طرقع باصبيعيه ليدلف إلي الغرفة أربعه رجال ضخام الجثة بشكل مخيف ... اشار كمال إلي حسن يغمغم متشفيا :
- كتفوا حسن باشا وهاتوا الحلوة اللي وراه دي نفرجه عرض مباشر
صرخت أمل مذعورة وحسن يحاول باستماتة إبداع هؤلاء الرجال عنهم جرح كتفه لم يساعد بالإضافة إلي انهم أربعة وهو واحد ..تكالبوا عليه يقيدوا حركته وهو يصرخ بعنف يحاول تحرير جسده منهم تمكن اثنين منه في حين أمسك أحد الاثنين الباقين بشعر أمل يجرها بعنف ناحية كمال القاها أرضا تحت قدميه صرخ حسن يتوعد لأبيه :
- هقتلك قسما بالله لاقتلك يا كمال سيبها بقولك سيبها
ضحك كمال متشفيا أشار إلى أحد حراسه يحادثه ساخرا :
- عارف فيلم الكرنك عايز اشوفه لايف يلا مستني ايه وبعدها ندبحها زي ما حصل مع مرات أحمد السقا في خطوط حمرا ولا ايه يا حسن
وجه كمال انظاره ناحية حسن الذي أصفر وجهه ذعرا يصرخ يحاول بعزم ما فيه أن يحرر نفسه من قبضة الحراس وهو يري ذلك الرجل يجر زوجته من شعرها إلي الفراش !!
ها هو المعلم طاهر يقف أمام مكتب زياد داخل الغرفة يخفض رأسه خزيا يغمغم نادما :
- الكدب خيبة يا بيه أنا إللي زقيت الواد عماد علي المعلم جبران عشان يقول إن البضاعة بتاعته عشان اشيله من الحته واحط أنا ايدي عليها ...
اشار زياد إلي الجالس جواره يكتب المحضر يغمغم حانقا يمليه ما حدث للتو لينهي كلامه قائلا :
- وعليه تقرر الإفراج عن المتهم جبران رزق السواح بضمان محل إقامة وإحالة المتهم طاهر مرعي الطحان والمتهم عماد السيد إلي سرايا النيابة
ابتسم سفيان منتصرا ينظر لجبران تلاقت عينيه للحظات مع عيني طاهر ليخفض الأخير رأسه مذعورا من ذلك الشيطان الجالس أمامه ربما شيطان الجن أقل شرا منه
قام سفيان سريعا وقف جوار جبران وضع يده علي كتفه يغمغم مبتهجا :
- كفارة يا جوز بنتي مش بتقولوها بردوا عندكوا كدة كفارة .. يلا تعالا اوصلك زمان وتر هتموت من القلق عليك خليت البت تحبك ماشي يا عم
نظر جبران له مدهوشا ما الذي يجري هنا اخذه سفيان من يده إلي سيارته صرف السائق وأصر علي أن يقود هو جلس وجبران جواره متوجهين إلي الحي الشعبي الصمت يكسو المكان صمت كسرته ابتسامة سفيان الغريبة التفت لجبران نظرة سريعة قبل أن يعاود النظر أمامه يغمغم :
- أنا عاوزك تشتغل معايا يا جبران أنت جوز بنتي وأكتر واحد اامنله دلوقتي وعلي العموم شغلانتك بسيطة وأنت شاطر فيها اوووي
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية جبران العشق" اضغط على أسم الرواية