رواية فؤادة الفصل الثالث 3 بقلم ميمي عوالي

    رواية فؤادة الفصل الثالث  بقلم ميمي عوالي

 رواية فؤادة الفصل الثالث 

جلال : وايه اللى انت عاوز تعرفه

عارف : ايه اللى بينك وبين عبد الجليل الهلالى يا جلال

ليصمت جلال وهو ينظر الى اللا شئ ويبدو على ملامحه الغضب الشديد وهو يعض على نواجزه بقوة ، ليقف عارف امامه قائلا بتوجس : فى ايه ياجلال ، ضايقك فى ايه خلاك كارهو للدرجاتى ، وتار ايه ده اللى ليك عنده ومن امتى ،، وازاى احنا مانعرفش

ليقاطعه جلال بغضب : كفاية ياعارف ، كفاية ، انا مش عاوز اتكلم فى الموضوع ده دلوقتى

عارف بتصميم : وانا مش هسيبك غير لما اعرف كل حاجة

ليكور جلال كفه بغضب ورفعها امام وجهه وهو يقول : مش هيهدالى بال لحد ما انتقم منه ابن الهلالى

عارف بفروغ صبر : طب مش تفهمنى عمللك ايه بالظبط

ليقول جلال وهو ينظر لصورة هدى المعلقة على الجدار : قتلها ياعارف ، هو اللى قتلها ، كانت عربيته ، وكان سايقها بنفسه ، وعمل عملته وجرى زى الندل ، مافكرش حتى يبص وراه ويشوف مين مات ومين حيى

لتتسع عينا عارف بصدمة وهو يقول : وانت عرفت منين انها عربيته ، انت مش قلت فى التحقيقات وقتها انك ماشفتش العربية بسبب المطر والضلمة

ليأخذ جلال نفسه على وتيرة متهدجة وهو يقول بغل : ده لانى وقتها فعلا كنت مشوش ومش مركز غير فى اللى حصل لهدى وحصللى

عارف باستغراب : اومال عرفت الكلام ده ازاى ، انا مش فاهم حاجة

جلال وهو يجلس وكأنه يتذكر شئ ما : بعد الحادثة بفترة طويلة بعد ما ابتديت انى اقدر احرك رجلى ، وابتديت انزل الجناين من تانى ، لقيت واحد من الفلاحين اللى طلعونا من العربية يومها وكلموا الاسعاف بيدينى نمرة عربية واكصدام وبيقوللى انه ماعرفش يجيبهوملى قبل كده ، وكان فاكرهم بتوع عربيتى

عرفت على طول انهم وقعوا من العربية اللى خبطتنا ، فاخدتهم وكشفت على نمرة العربية وعرفت انها بتاعة الهلالى وان عربيته راكنها من فترة مابيستخدمهاش واشترى عربية غيرها ، ولما سألت هنا وهناك عرفت انه قال انها اتخبطت منه فى القاهرة وهو هناك

عارف : طب والراجل اللى لقاهم ده ماحاولش يجيبهم هنا ليه او حتى كان اداهم لعطوة

جلال : لما سألته قاللى انه لما شالهم من السكة ركنهم عنده فى البيت ، ولما عرف اللى حصللى وحصل لهدى ، قال فى نفسه ان خلاص على كده ، وان مامنهمش فايدة ،ورماهم فوق سطوح بيته مع الكراكيب ، لكن بعد كده وهو بيجيب حاجات من على سطوح بيته .. عتر فيهم تانى فقرر انه يجيبهملى

عارف : بس مش يمكن تكون غلطان ياجلال ويكون حصل لبس فى الموضوع

جلال : لا ياعارف ، لانى روحت لغاية بيته وشفت العربية واتاكدت انها هى نفس العربية اللى خبطتنا ، يمكن الدنيا كانت مطرة وضلمة بصحيح ، لكن لحظة الخبطة انا كنت باصص فى المراية وشايف شكل العربية ، لانه كان عمال يدينى فى كلاكسات وعاوز يعدى منى باى طريقة ، وانا المطرة ماكانتش مساعدانى انى اوسع له وهو ماكانش عاوز يستوعب ده

عارف : طب ليه مابلغتش

جلال باستهزاء : وهعمل ايه بالبلاغ وانا متاكد انه يقدر يطلع منها زى الشعرة من العجين ، الهلالى مش قليل وهيبقى له الف طريقة وطريقة عشان يفلت منها ، انا هاخد تارى بنفسى ياعارف

عارف : وهو جوازك من فؤادة هياخد تارك منه ياجلال

جلال بغل : لما يبقى الست اللى هيموت عليها فى ايدى واقدرالاعبه بمزاج

عارف بغضب : وذنبها ايه الغلبانة اللى سلمتلك امرها دى انك تستغلها فى تخليص حساباتك معاه ياجلال ، بقى هى دى الشهامة اللى كنت دايما بتتكلم عنها

جلال بغضب : ومين قاللك ان حد هيدوسلها على طرف

عارف : اومال تسمى اللى ناوى تعمله ده ايه ان شاء الله

جلال : بقوللك ايه ياعارف ، انا مش بحكيلك عشان تحاكمنى

عارف بهدوء : اسمع ياجلال ، انا مش هقوللك غير ان البنت يتيمة ، بلاش تحسسها انها طلعت من حفرة عشان تقع فى دوحديرة

جلال : انت فاكر انى ممكن اعرضها لحاجة تمسها او انها ممكن تحس اصلا بحاجة ، انا شغلى وكلامى كله معاه هو

عارف : وهو يعنى ده اللى هيخليك تبقى اخدت تارك منه

جلال بتنهيدة : لا ياعارف ، انا مجرد انى بس بضايقه ، لكن تارى منه قرب اوى ، لو تعرف انا بخططله بقالى اد ايه

عارف : بلاش تتهور ياجلال ، واوعاك تنسى ان لو لاقدر الله حصللك اى حاجة ، ان امك ممكن تروح فيها

جلال : ماتقلقش ، انا كل الحكاية انى هرجع الحقوق لاصحابها

عارف : مش فاهم

لينهض جلال من مكانه وهو يتجه للاعلى وهو يقول : كفاية عليك كده ياعارف

ليذهب عارف ورائه مسرعا وهو يمسك ذراعه ويقول بصدق : اوعدنى تاخد بالك من نفسك وانك فى اى لحظة تحتاجنى فيها تبلغنى على طول

ليبتسم جلال ويستدير الى اخيه ويحتضنه بشدة مربتا على ظهره وهو يقول : اوعدك

…………………..

فى صبيحة اليوم التالى

كانت حسنة تجلس فى ساحة المنزل وهى تجيب على اسئلة ام ابراهيم عن نوعية الافطار وتحضيره بين وقت واخر وهى فى انتظار استيقاظ باقى افراد اسرتها

وعندما سمعت صوت حركة آتية من الاعلى ، رفعت نظرها لتجد ندا وهى تهبط بخطوات يبدو عليها الغضب وهى تحمل على يديها ليلى الصغيرة وهى تعضعض باصابعها

ندا بجمود : صباح الخير يامراة عمى

حسنة : صباح الخير ياحبيبتى ، مالك يابنتى

ندا بتأفف : مافيش

حسنة : اسمعى ياندا ، انتى عارفة كويس اوى انا كنت بحب هدى اد ايه ، و اد ايه حزنت عليها ، ولسه حزينة عليها لغاية النهاردة ، وهفضل حزينة عليها عمرى كله ، وكمان جلال ، انا ما افتكرش ابدا انى شفته بيضحك مرة واحدة من بعدها ، واوعى تنسى انه حتى كان رافض يتعالج بعد الحادثة لولا اخواته اللى ماسمحولوش انه يعمل كده ، اوعى تنسى ان يمكن يكون حسين اتجوزك لانك بنت عمه لكن جلال اتجوز هدى لانه طول عمره كان بيحبها من وهى لسه بضفاير ، لكن يابنتى اوعاكى تنسى ابدا ان ده نصيب وحكمة ربنا ، وان جلال لسه بعزه ومن حقه انه يتجوز وقت مايحس انه عاوز يتجوز ، ماحدش ابدا يقدر يلومه ولا يمنعه

صحيح اللى حصل امبارح ده كان مفاجأة لينا كلنا ، وانه مايعتبرش جواز بالمعنى المعروف ، وان ماحدش فينا متوقع ان الجوازة دى هتطول عن شهر واللا اتنين بالكتير ، لكن ده يعتبر انذار ليكى يابنتى ، ان اللى ماحصلش النهاردة وارد اوى يحصل بكرة او بعده ، وماتزعليش منى يابنتى ، انتى ماتقدريش تحجرى عليه ، انا مارضيتش اتكلم امبارح قدام جوزك عشان مايحصلش مشكلة ، بس قلت اوعيكى بينى وبينك

كانت ندا تستمع لزوجة عمها بامتعاض شديد ولكنها آثرت الصمت وعدم النقاش ، فهى تعلم جيدا حب جلال واخلاصه لشقيقتها ، وانه لن يستطيع نسيانها ابدا طوال حياته

وبعد ثوانى قليلة بدأ الجميع فى الهبوط لتأتى ام ابراهيم هى الاخرى لابلاغهم بأن الافطار قد صار جاهزا

وقبل ان يتجهوا لتناول الافطار قال عارف : طب ندهتوا على فؤادة

حسنة : انا هروح اندهلها واشوفها كده ، يمكن لسه نايمة

حسين وقد بدأ فى تناول الطعام بالفعل : صحيها يا امى وخليها تاكل عشان الادوية بتاعتها

وعندما طرقت حسنة على الباب ولم يأتيها رد قامت بفتح الباب بهدوء لتجد فؤادة ساجدة فى صلاتها ، لتعود الى الخارج وهى تغلق الباب وراءها مرة اخرى ، وعندما ذهبت اليهم سألها عارف : ايه .. لسه نايمة

حسنة : لقيتها بتصلى ، كلوا ياللا وانا هخلى ام ابراهيم تندهلها كمان شوية

وبعد دقيقتين وجدوا فؤادة تأتى اليهم بخجل وهى تقول : صباح الخير

ليرد الجميع : صباح الخير

حسنة : ياللا يابنتى اقعدى عشان تاكلى قبل الفطار مايبرد

عارف بود : المفروض تتعاملى اكنك فى بيتك يا فؤادة وماتتكسفيش من حد فينا انتى بقيتى واحدة مننا

لتنظر له فؤادة بامتنان قائلة بخفوت : الله يكرمك ، متشكرة

ليسود الصمت المكان لا يقطعه غير صوت احتكاك ادوات المائدة ببعضها اثناء الطعام وبعد ان انتهى جلال من طعامه نظر الى فؤادة وقال بجمود : كنت عاوز اتكلم معاكى فى موضوع

فؤادة بخفوت : اتفضل

ليتنحنح جلال ويقول : افضل ان الكلام يبقى بينى وبينك

لتنهض فؤادة وتقول وهى تشبك اناملها باضطراب : انا تحت امر حضرتك

لينادى جلال على ام ابراهيم بصوت جهورى قائلا : هاتيلى القهوة فى الجنينة يا ام ابراهيم

ام ابراهيم من الداخل : حاضر ياسى جلال

ليذهب جلال من امام فؤادة لتسير وراءه لتلاحظ وللمرة الاولى اصابة قدمه لكنها تلاحظ ايضا شئ اخر ، فقد احست بغضبه من عنف خطواته لدرجة ارجفت قلبها ، فهى لم تنم ليلتها بسبب ماحدث فى اليوم السابق من احداث ، وكانت لا تعلم ان كانت قد فعلت الصواب ام انها تصرفت برعونة وبدون تفكير جيد على عكس عادتها ، فقد اعتادت دائما ان تدرس تفاصيل امورها جيدا واتخاذ قراراتها بعد تفكير عميق ، وعندما كانت تعجز فى بعض الأحيان عن اتخاذ قرار ما ، فانها كانت تلجأ لصلاة الاستخارة

ولكنها هذه المرة لم تفعل اى شئ من كل ذلك ، ولذلك عندما عادت الى غرفتها قررت ان تقضى ليلتها فى الصلاة والابتهال الى الله ان يجعل فى تصرفها خيرا لها

وصل جلال الى الحديقة ووقف عند مائدة من الخوص وحولها عدة مقاعد من نفس الهيئة وجلس على احدهم وهو يشير لفؤادة بالجلوس امامه ، فجلست فؤادة على حافة المقعد وكأنها تتأهب للهرب فى اى لحظة

ليتحدث جلال فجأة قائلا : طبعا اللى حصل امبارح ده ماكانش على بالك ولا على بالى انا كمان ، كل شيء حصل بسرعة لدرجة اننا ممكن نكون لحد دلوقتى مانعرفش اسامى بعض كويس ، وطبعا ماينفعش اننا نبقى كده عشان الوضع اللى احنا فيه

لتقول فؤادة بخجل : انا اسمى فؤادة سليم المنياوى ، عمرى ٢٥ سنة ، خريجة أداب اسكندرية لغات شرقية ، امى ماتت وهى بتولدنى ، وبابا الله يرحمه وهب عمره كله لتربيتى ، كان ليا اب وام ، كان زمان مشارك عمى سالم فى شركة استيراد وتصدير ، بس بعد فترة بابا فض الشركة لانه ما استريحش فى التعامل مع عمى ، وقرر انه يمشى فى اتجاه تانى خالص بعيد عنه ، فقرر انه يشترى ارض ويستصلحها ، وفعلا ابتدى الاول بعشر فدادين وشوية شوية بقوا ١٣٥ فدان ، كلهم فاكهة ، وبيصدرها برة ، واشترى ارض وبنى عمارة والعمارة بقوا عمارتين

عمى حاول اكتر من مرة انه يخلى بابا يدخله شريك معاه فى الارض والعماير ، بس بابا رفض ، وقال له خلينا اخوات احسن وماتدخلش الفلوس بيننا تانى

وفضل الحال على ماهو عليه لحد خمس سنين فاتوا لما اتفاجئت ان كل املاك بابا بالكامل باسمى حتى عربيته ، ولما سألت بابا عن السبب قاللى انه بيوفر عليا مشاكل كتير ممكن اتعرضلها بعد موته ، ماكانش يعرف ان اللى عمله ده هو اللى هيجيبلى كل المشاكل

جلال : ايه اللى حصل

فؤادة : بعد ماخلص العذا بتاع بابا ، عمى قاللى انى لازم الم كل الاوراق اللى تخص شغل بابا واديهاله ، عشان يقدر يشوف مصالحى ومافيش حاجة تتعطل ، خصوصا ان المحصول كان بيتصدر اول باول

وانا صدقته ، وكنت فاكراه خايف على مصالحى بجد ، لما حاولت اجمع الاوراق دى اتفاجئت ان كل الاوراق اللى موجودة مجرد صور مش اصل

فجمعتهم كلهم فى ظرف واديتهمله وانا بفهمه ان دى كل الاوراق اللى لقيتها فى البيت

وعندما صمتت فؤادة قال جلال يحثها على استكمال حديثها : وبعدين .. حصل ايه بعد كده

لتتنهد فؤادة بحزن وتقول : اخد منى الظرف بفرحة شديدة جدا وفتحه وابتدى يطلع العقود عقد ورا التانى ، وكان كل مايبص على عقد الاقيه بيبرق بغضب وهو بينقل عيونه بين العقود وبينى لحد ما فجأة قام من مكانه وشدنى من دراعى بغل وهو بيقوللى بنرفزة : ايه الهبل اللى انتى جايبهولى ده ، معناته ايه الكلام ده ، وفين اصول الاوراق دى ، وازاى ابوكى يعمل كده ، و .. و.. و..

قال كلام كتير اوى وقتها وسأل اسئلة اكتر من غير مايدينى اى فرصة انى حتى ارد بكلمة واحدة ، لكن بعدها لقيته ساب دراعى وسألنى عن المحامى بتاع بابا

انا ماعرفش هو عمل ايه بالظبط مع المحامى ، بس اللى عرفته انه اخد منه كل اصول الاوراق ، وصمم انى اجى اعيش معاه فى طنطا ، و من يومها وانا شبه محبوسة ، مش بخرج من البيت غير معاه او مع نهاد وسلمى ، وسعات مراة عمى ، والحقيقة هم اللى خففوا عنى اللى كان بيحصل لانهم كانوا متعاطفين معايا جدا ، لحد ما حصل اللى حصل من شهرين بالظبط

جلال : وايه اللى حصل

فؤادة : عمى كان عازم ناس عنده فى البيت عشان شغل بينهم وبينه ، واتفاجئت بعمى بعتلى انه عاوزنى ، فلبست وخرجتله من غير ما احاول ابص على حد من اللى موجودين ، لقيته ادانى ورقة فى ايدى وسألنى ان كنت افهم اللى فيها ، لقيتها فاكس من اليونان بيتكلموا فيه عن معاد شحنة معينة ، فبلغته باللى فيها وسيبتهم ورجعت اوضتى

تانى يوم لقيته بيتصل من مكتبه وطلب من نهاد انها توصلنى ليه فى مكتبه لانه محتاجنى فى حاجة

ولما روحناله شفت عنده الهلالى ، كان قاعد معاه فى المكتب وعرفت بعد كده انه كان موجود عند عمى لما ترجمتله الفاكس

لقيت عمى بيدينى نفس الفاكس وبيطلب منى انى اقراهوله من تانى ، فقريتهوله ، لقيت الهلالى بيضحكلى وبيسألنى ازاى قدرت اترجمه فحكيتله انى دارسة يونانى وعبرى فى الجامعة ، قعد يتكلم معايا كتير اوى ، وانا كنت برد عليه بسلامة نية ، ماكنتش اعرف ان عمى مودينى مخصوص ليه عشان يعاين البضاعة

جلال : وعرفتى منين الكلام ده

فؤادة والدموع تملأ عينيها : بعد ماخلص كلام معايا لقيته بص لعمى وقال له .. على البركة ، لقيت عمى فرح اوى وقاللى مبروك يافؤادة ، قلتله على ايه ياعمى ، قاللى عبد الجليل بية طلبك منى وانا وافقت

جلال بفضول وعملتى ايه ساعتها

فؤادة : غضبت وثورت وقلت كلام كتير اوى مش فاكرة منه غير قلم من عمى على وشى جرحلى شفايفى ومناخيرى نزفت بسببه

جلال وهو يجاهد لكبت غضبه : وحصل ايه بعد كده

فؤادة بسخرية : الهلالى بية قال لعمى .. واضح ان ضوافرها محتاجة تتقص ، هسيبهالك شوية على ما تقصهملها .. اكون رجعت من برة

يومها عمى رجعنى البيت مسحوبة من دراعى ، ورمانى فى اوضتى وهو بيتوعدلى بعقاب جسيم لو ماسمعتش كلامه

كنت بتلاشاه تماما طول فترة وجوده فى البيت ، لحد اسبوع فات لقيته جالى اوضتى وبلغنى ان الهلالى رجع من السفر وان جوازى فى خلال اسبوعين ، ولما اعترضت من تانى كان مصيرى نفس القلم على وشى و حبسنى فى اوضتى وحرج على اى حد انه يدخل عندى الا باذنه وفى الاوقات اللى هو يحددها ، وقرر ان الاكل يدخلى مرة واحدة فى اليوم وفى وجودة ، وكانوا طبعا بيعملوا اللى بيقوللهم عليه لانهم مايقدروش يعارضوه ، لحد يوم ماهربت ، اتفاجئت بحد بيحاول يفتح الاوضة ، وفى الوقت ده انا كنت عارفة ان عمى فى الشغل ، ولقيت بعد شوية مراة عمى ونهاد وسلمى قدامى ، وعرفت منهم ان سلمى اخدت المفتاح من غير ماعمى ياخد باله وعملت عليه نسخة ، وحكولى ان عمى خلاص اتفق على كتب كتابى مع الهلالى ، وانه هيمضينى على تنازل عن كل املاكى قبل كتب الكتاب ، وقالولى انى لازم اهرب وما اسيبهوش ابدا ينفذ اللى ناوى عليه ، واللى حصل بعد كده انتو كلكم عارفينه

ساد الصمت لفترة فيما بينهم لا يقطعه غير بعض شهقات مكتومة من فؤادة على اثر بكائها اثناء الحديث ، ومع كل شهقة كان جلال يتجه بنظره إليها بغيظ من عمها ومن الهلالى ، واثناء جلوسهم تأتى عليهم سلوى وهى ممسكة بشريط شعرها وتتجه الى فؤادة قائلة بخفوت : طنط فؤادة

فؤادة : ايوة حبيبتى

لتمد سلوى يدها بالشريطة الى فؤادة وهى تقول : ممكن تلميلى شعرى ، ليلى فكتهولى وماعرفتش المه تانى

لتاخذها فؤادة على قدمها وهى تسألها بخفوت : عاوزة شريطة واحدة واللا اتنين

سلوى : هو ينفع اتنين

فؤادة بحنان : وتلاتة كمان لو تحبى ، ها عاوزة ايه

لتنهض سلوى من على قدم فؤادة وهى تقول : طب هروح اجيبلك باقى الشرايط عشان تعمليلى شرايط كتير

فؤادة بضحك : بس مش هينفع كتير اوى ، هو اكتر حاجة اربعة ، بس انتى هاتى الشرايط نفس اللون وهاتى الفرشة

سلوى وهى تتجه بسرعة للداخل : ماشى

ليسود الصمت مرة اخرى وماهى الا لحظات وعادت سلوى بشرائطها وفرشاة شعرها ، وانشغلت فؤادة بتمشيطه لها وتجديله ووضعت به الشرائط بطريقة طفولية محببة ، وكم كانت سعادة سلوى عندما نظرت لوجهها بالمرآة وقالت لفؤادة بسعادة : انا شكلى بقى حلو خالص ، ممكن بعد كده انتى تعمليلى شعرى كل يوم

فؤادة : ان شاء الله ، من عينيا يا حبيبتى لو انا موجودة حاضر هعملهولك

كان جلال يجلس مقابلا لهم طوال الوقت وهو يركز نظره على ابنته وتعبيرات وجهها التى كانت تشبه والدتها الى حد بعيد ، وبعد ان انتهت من تمشيط شعرها ناداها جلال وقال : لسه عاوزة تركبى معايا الكاريتة

سلوى بشهقة طفولية : بجد يا بابا ، هتركبنى معاك

جلال : ايوة بجد ، تعالى ياللا ، هنروح جنينة البرتقان

سلوى وهى تتجه اليه : طب اقول لتيتا عشان ماتدورش عليا

جلال وهو يمسكها من كفها ويتجه الى الخارج : طنط هتبقى تقوللها

ليتركا فؤادة جالسة بمكانها وهى تشاهد انصرافه مع ابنته وهى تحدث نفسها قائلة بحيرة : هو ماله بيتعامل معايا كده ليه ، اكنه مغصوب على اللى عمله ، اشحال ان ماكانش هو اللى اقترح انه يتجوزنى

لتنظر فؤادة الى السماء وتقول : يارب ، امرى كله بايدك ، يسرلى حالى واصلحلى بالى ، وابعد عنى كل شر واحفظنى دايما بخير ، انا ماليش غيرك لتسمع صوت حسنة من خلفها وهى تقول : الله ، انتى قاعدة لوحدك ليه بابنتى ، وجلال راح فين

لتجد ندا هى الاخرى قادمة من خلف حسنة وهى تحمل ليلى بين ذراعيها وتقول : ماشفتيش سلوى يا مراة عمى

لتقول فؤادة ردا على سؤاليهما : استاذ جلال اخد سلوى وراحوا جنينة البرتقان

حسنة بسعادة : بجد يابنتى

فؤادة : ده اللى اتقال قدامى ، حتى سلوى كانت عاوزة تدخل تبلغ حضرتك بس باباها قاللها انى هبلغك

كانت ندا تنظر لفؤادة بوجه خالى من التعبير وكانت عيناها تنتقل بين وجه فؤادة ويدها التى تمسك بفرشاة شعر سلوى وبعد ان فرغت فؤادة من حديثها سألتها ندا بجمود : مش الفرشة اللى فى ايدك دى بتاعة سلوى

فؤادة بابتسامة : ااه هى .. جابتهالى عشان اسرحلها شعرها ومشيت مع باباها قبل ماترجعها مكانها

لتمد ندا يدها لتنتزعها من يد فؤادة ببعض العنف الذى استغربته فؤادة وقالت : ياريت ماتتكررش تانى ، انا بسرح سلوى كل يوم وعارفة هى بتحب ايه

فؤادة باستغراب : هى بس جاتلى وشعرها مفكوك وقالتلى أن ليلى فكتهولها وطلبت منى المهولها

ندا : لا ، لو اتكررت تانى قوليلها تجينى وانا هتصرف

لتصمت فؤادة بينما قالت حسنة : سلوى مسيرها تكبر وتعتمد على نفسها ياندا ، مش هتفضلى طول عمرك محلقة عليها

لتنظر لها ندا بامتعاض وتعود الى الداخل مرة اخرى تاركة ابنتها تلهو فى الحديقة بجوار فؤادة وجدتها

بعد لحظات تنهض حسنة وتتجه الى الداخل وهى تقول : هسيبك شوية يابنتى واروح اشوف ام ابراهيم عملت ايه

لتظل فؤادة فى مكانها وهى تراقب ليلى اثناء لعبها بعد ان انضم اليها شقيقها ادهم ، واخذوا يجرون ويلهون سويا تحت مراقبة فؤادة لهم

بالداخل ، ما ان دلفت حسنة الى المنزل حتى نادت على ندا التى كتنت سبقتها منذ لحظات وعندما اتت بجوارها قالت حسنة : يعنى الكلام اللى قلتهولك الصبح بابنتى مامنوش فايدة

ندا بجمود : تقصدى ايه يامراة عمى

حسنة بهدوء : يابنتى احنا البيت ده الحمدلله عمره ماحصل فيه اى مشاكل بين اى حد والتانى ، لزمته ايه الكلمتين اللى قلتيهم للبنت دلوقتى ، هى كانت عملت ايه ، ثم انتى المفروض بدل ما تزعلى انها سرحتلها شعرها ، تفرحى ان جلال اخد سلوى معاه ، ثم ربتت بحنان على كتفها قائلة .. ربنا يطيب قلبك يابنتى

لم ترد ندا عليها بحرف واحد ، بينما انتهت حسنة من حديثها وتركتها متجهة الى المطبخ ، لتجلس ندا مكانها وهى تردد فى نفسها .. بس انا برضة عمرى ماهسمحله بجيبلها مراة اب ، حتى لو كانت ملاك نازل من السما ، ولا حتى لو كان فترة مؤقتة

وماهى الا دقائق حتى سمعوا بكاء ليلى وصراخ ادهم وهو ينادى على جدته وامه ، لتهرع ندا الى الخارج لتجد فؤادة ملقاة على الارض وهى تحتضن ليلى فى حين يجلس ادهم بجوارها ارضا وهو يحاول انتزاع ليلى من احضانها دون فائدة

صرخت ندا وهى تسرع اليهم وهى تقول : ايه اللى حصل .. فى ايه

ادهم وهو يبكى : ليلى كانت عمالة تتشعبط فى السور ، وكانت عاوزة تطلع عليه ومش عارفة ، فانا شيلتها عشان اطلعها عليه ، فستانها شبك فى الحديد ، فطنط جت جرى عسان تسلكلها هدومها ، ماعرفتش تسلكه غير لما رفعت ليلى لفوق اوى ، وليلى خبطتها جامد فى راسها وهى شايلاها لقيتها وقعت على الارض كده ومش بترد عليا

ندا بعد ان انتزعت ليلى من بين ايدى فؤادة وقامت بتهدئتها حتى سكتت عن البكاء : طب خلاص ، ماتخافش وبطل عياط

وفى تلك الاثناء كانت وصلت اليهم حسنة وام ابراهيم ، ليسرعوا الى فؤادة الملقاة ارضا بجانب ندا التى كانت تعطى كل اهتمامها لاسكات صغيرتها دون الالتفات اليها

حسنة بلهفة : ايه اللى حصل ياندا

ندا بهدوء : ابدا ، ليلى كانت بتتشعبط فى السور وفؤادة حاشتها

حسنة بعدم فهم وهى تربت على وجه فؤادة فى محاولة لافاقتها : وايه اللى خلاها اغمى عليها كده

ندا وهى على نفس هدوءها : رجل ليلى خبطتها فى راسها الظاهر

حسنة بغيظ : يابرودك ، طب ماتشوفى كلونبا واللا اى حاجة نفوقها بدل ما انتى قاعدة كده ولا على بالك

ندا وهى تنهض من جوارهم حاملة طفلتها وتتجه الى الداخل : خلى ام ابراهيم تجيبلها بصلة تفوقها بيها

اسرعت ام ابراهيم الى الداخلى وعادت بزجاجة نشادر ومررتها امام وجه فؤادة من تحت انفها لتتأوه وهى تحرك راسها قليلا لتقول حسنة وهى تربت على وجهها : فوقى بابنتى ، الف سلامة عليكى

لتفتح فؤادة عينيها ببطء وهى تنظر حولها وتقول : ليلى حصللها حاجة

حسنة بتنهيدة : لا يابنتى ، ليلى بخير الحمدلله ، هى بس اتخضت وعيطت شوية وخلاص ، بس هو ايه اللى حصل

فؤادة : فستانها اتقطع وشبك فى السور ، فكان لازم ارفعها اوى عشان اسحبهولها ، بس هى خافت وقعدت ترفص برجلها ، فحرف جزمتها جه فى راسى فماحستش بحاجة بعدها

حسنة بحنان : سلامتك يابنتى الف سلامة ، قومى روحى اغسلى وشك وغيرى هدومك على ما اجيبلك تلج تحطيه على قورتك احسن ورمت مطرح الخبطة

لتنهض فؤادة معهم بحذر وما ان اعتدلت فى مكانها حتى سمعت صوت يناديها بغضب قائلا : بقى هى دى تربية سليم ياست فؤادة 

يتبع الفصل التالي اضغط هنا

• الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية فؤادة" اضغط على اسم الرواية