رواية ولد الهلالي الفصل الثالث بقلم نور بشير
رواية ولد الهلالي الفصل الثالث
فى منزل يونس بالطابق الثالث ، حيث أن والديه يمكثان بالطابق الأول ، و دهب و صغيره بالطابق الثانى ، و هو و نادين عروسة الجديدة سيقيمان بهذا الطابق ....
بمجرد ما أن دلف أثنانهم من باب المنزل ، حتى توجهوا سريعًا إلى غرفة النوم خاصتهم ، و ما أن خطت نادين بقدماها إلى داخل الغرفة حتى ألتفتت إلى يونس مردده بسعادة: أنا مبسوطة أوى أخيراً يا يونس ، أخيراً حلمنا أتحقق و بقينا مع بعض
فأبتسم لها يونس و تابع بحب و هو يقبل إياها: أنا اللى أسعد إنسان فى الدنيا دلوقتى ، أنا مش مصدق أنك بقيتى على أسمى و فى حضنك و أنى هصحى كل يوم الأقيكى جمبى ، ثم أقترب منها ساحقا إياها داخل أحضانه قائلاً بهيام: بحبك
و بعد مرور عدة أيام قليلة ، لم تظهر دهب خلالهم ، و لم يلمح لها طيف حتى ، فهى تخرج فى الصباح الباكر و لا تعود إلا مساءاً تاركه صغيرها مع جدته ، و بمجرد ما أن تعود إلى المنزل حتى تهاتف صغيرها طالبه منه الصعود إليها ، و فى المساء تستمع إلى صوت ضحكات زوجها الرنانة برفقه زوجته ، فهو منذ زواجه لم يراه أحد قط و لم يخرج من باب منزله ، فهو مكتفى بمجبوبته حتى والديه لم يطل عليهم أو يسأل على صغيره منذ ذلك اليوم ، فهو و كأنه مكتفى بتلك النادين عن البشر جميعاً حتى أعزهم إلى قلبه
و ها هى دهب تجلس إلى جوار دينا فى أحد مراكز التجميل ، و هى لم تصدق ما أصبحت عليه ، فهيئتها قد أختلفت أختلاف كلى ، بدءا من خصلاتها التى قامت بتغيرها إلى اللون الأشقر و تقصيرها أيضاً و أهدابها التى زادت كثافتها وصولاً إلى أظافرها المطلية بطلاء الأظافر الأسود الليلى ، و فستانها الأسود المرتسم بدقة على معالم جسدها ، و حذاءها المرتفع ، كل هذا لم يضيفها إلا جمالاً و نعومة ، فشكلها أختلف قلبا و قالبا ، من يراها منذ عدة ساعات مضت لم يصدق إطلاقا أن هذه هى دهب بشحمها و لحمها .....
فنظرت إلى حالها بإنبهار ، و كأنها تتعرف على نفسها من جديد ، و كأن هذه الماثلة أمام عيونها عبر الزجاج ما هى إلا فتاة أخرى غيرها ، فتاة لم يعرف للحزن طريقا لها من قبل ، فمظهرها القوى الناعم بالوقت نفسه يجعلها تشعر بالقوة و كأنها أصبحت فتاة أخرى غير تلك التى جرحت من قبل ، ظلت تنظر إلى حالها بالمرآه لما يقرب من السبع دقائق ، ثم نطقت بذهول و هى لا تصدق ما أصبحت عليه للتو: مش معقول ، أكيد أنا بحلم ثم رفعت يديها إلى فمها و فلتت من بين شفتيها ضحكة طفولية سعيدة؛ مش معقول أكون أنا دى ، و تابعت و هى توجهه حديثها إلى دينا بفرحه ممزوجه بعدم تصديق؛ دينا قوليلى أن دى أنا بجد
فأومات لها دينا برأسها عدة مرات و أبتسمت لها أبتسامة حب و تحدثت بنبرة حانية: لا صدقى يا دهب ، دى أنتى فعلاً ، أنتى جمالك كان موجود من زمان بس أنتى اللى مكنتيش بتظهريه ، و أوعى تفكرى أن اللى حصل ده هو اللى حلاكى كده ، أنتى أصلاً جميلة ، جميلة من بره زى ما أنتى جميلة من جوه ، و تأكدى يا دهب أن اللى جوه ده أهم بكتير أوى من اللى بره
فضيقت دهب عيناها ثم نطقت بمرح: يا شيخة حرام عليك ، ده أنا أتغيرت تغير جذرى ، و أنتى تقوليلى أنتى كنتى جميلة ، أنتى مكنتيش بتشوفى قبل كده ولا إيه
فردت دينا بمرح هى الأخرى: هو أكيد شكلك أختلف كتير ، و زدتى حلاوة و جمال فوق حلاوتك و جمالك ، بس أنا طول عمرى شيفاكى حلوة ، طول عمرى شايفة جمال قلبك و روحك يا دهب ، و لا مرة شوفتك وحشة
فهبطت دمعة هاربة من عيون دهب و أردفت بحب و هى تهم بأحتضانها: أنا بحبك أوى ، أنا بجد مش عارفة أشكرك أزاى ، و مش عارفة من غير وجودك فى حياتى أنا كان ممكن يحصل ليا إيه
فردت دينا بمرح: كنتى هتفضلى هبلة زى ما أنتى ، و بتقولى كلام أهبل زيك ، ثم شددت على أحتضانها و أضافت بحب؛ يا عبيطة أنتى أختى مش صحبتى ، و أنا ماليش فى الدنيا دى غيرك أنتى و إبنك المقروض الصغير حبيب خالتو ، و أنا واثقة و متأكده أنى لو كنت أنا اللى مكانك كنتى أنتى هتعملى معايا أكتر من كده
و فى المساء صعدت زينب إلى شقة يونس محملة بالطعام له و لزوجته ، و ما أن فتح لها الباب حتى أبتسم و هتف لها بلهفة و سعادة: ماما ، تعالى يا حبيبتى ، نورتى
فأجابته زينب بأقتضاب: البيت منور بصحابه ، ثم أضافت على مضض؛ ده أكل ليك و لعروستك ، مينفعش تكونوا فى بيت عيلة و محدش يطلع ليكم أكل ، عيب أهل السنيورة يقولوا علينا إيه
فهم يونس أنا يرد إلا أن زينب لم تعطى له الفرصة للرد و هتفت بحنق و هى تعطى له ظهرها للإنصراف: أنا نزلة عن إذنك
فأوقفها يونس قائلاً بخجل من والدته: ماما ، أنتى رايحة فين ، تعالى أدخلى أشربى حاجة و أتعرفى على نادين
فنظرت له زينب بقرف و نطقت بسخرية: وقت تانى يا عريس ، أنا لازم أنزل عشان أعشى مالك
فتجاهل يونس سخريه والدته هذه و أكمل بتساؤل: و هو مالك إيه اللى مقعدة عندك للوقت ده ، و ليه مش تحت مع دهب
فأجابته والدته على مضض: عشان دهب مش موجوده و هو بقاله كام يوم معايا و لما أمه بترجع بالليل بتكلمه يطلع لها
فقال يونس بتساؤل و غضب: و دى بتروح فين كده كل يوم و راميه إبنها ليكى
فردت عليه والدته بغيظ منه: والله بتروح فين أو بتيجى منين دى حاجة ولا تخصك دلوقتى ولا تخصنى ، أنا اللى يخصنى حفيدى و أنى أشوفه مبسوط و مرتاح و الحمدلله أمه مراعياه و واخده بالها منه كويس ، ثم فرت من أمامه هاربة قبل أن تستمع إلى رده ، تاركه خلفها يونس يموت غيظا من أفعال زوجته أو من كانت يوماً زوجته ، و ردود والدته عليه المستفزة هذه ، فاق من شروده و قام بغلق الباب و عاد إلى الداخل حيث تجلس زوجته واضعا الطعام أعلى المنضدة ، فهتفت نادين بغنج: حبيبى ، مين اللى كان على الباب
فأجابها يونس بتوهان: دى ماما كانت بتجيب لينا العشا
فهبت نادين واقفة و نطقت بلهفة: إيه ده بجد ، ده أنا جعانة أوى
ثم أقتربت من الطعام رافعه الغطاء من فوقه ، و لكن رد فعلها كان صدمة بالنسبة ليونس ، فهى بمجرد ما أن رفعت الغطاء حتى شهقت بتقزز؛ إيه ده يا يونس اللى مامتك بعتاه
فنظر يونس إلى الطعام ثم وجهه نظره لها قائلاً بأستغراب: ده محشى يا حبيبتى و بط ، هو فى حد ميعرفش المحشى
فنطقت نادين بتقزز: أنا إستحالة أكل الكلام ده ، الأكل ده مليان Fats و أنا مقدرش أكله ، ثم أقتربت منه واضعه يديها أعلى كتفه بدلال؛ أنت عاوزنى أتخن و جسمى يبوظ يا يونس ، و بعدين الأكل ده غلط جداً عشان cholesterol يا بيبى
فرد يونس بحيرة من أمرها: يا حبيبى الأكل ده ماما هى اللى عملاه بأيديها ، و هتبقا بايخة أوى لو رجعنا الأكل تانى ليها
فاستطردت نادين بغنج: حبيبى أنا مقولتش نرجع الأكل لأنطى ، أنا قولت نطلب أكل من بره يناسبنا
فرد يونس بتساؤل: و الأكل ده هنوديه فين
إجابته نادين بلامبالاه: بسيطة يا حبيبى ، كلم البواب و أديله الأكل ده يتعشى بيه هو و مراته و ولاده ، و نطلب أحنا بيتزا
فنظر لها يونس بتردد ، فأكملت نادين بأصرار: يلاااا يا بيبى بقا ، أنا هموت من الجوع
فأطاعها يونس بالفعل ، و قام بمهاتفه أحد المطاعم الشهيرة بعمل البيتزا و طلب لهم الطعام ، و بعد مرور نصف ساعة جاء عامل التوصيل الخاص بالمطعم و أحضر معه البيتزا كما طلبها منه يونس ، فهاتف يونس البواب طالبا منه الصعود إليه ، و بعد مرور دقائق هبط حارس العقار و معه الطعام المغطى الذى أرسلته زينب ليونس و عروسه ، و فى هذه الأثناء كانت دهب تصعد الدرجات برفقه دينا ، و فتحت زينب باب شقتها بالصدفة لتوضع القمامة بجانب الباب ، و إذا بها تتفاجأ بنزول الحارس محملا بالطعام الذى أرسلته منذ قليل لولدها ، فأوقفته زينب قائله بأستغراب و تساؤل: إيه ده يا عم رجب اللى أنت شايله ده
فأجابها عم رجب بسعادة: ده يونس بيه الله يكرمه ، ندالى و عطانى محشى و بطاية أتعشى بيهم أنا و العيال
فأومات له زينب برأسهم بتسهيم و توهان و أردفت بحزن: بألف هنا عليكم يا عم رجب
فأجابها عم رجب بحب: الله يهنيكى يا ست الكل
و ما أن هم عم رجب بالذهاب إلا أنه أوقفه ظهور إمرأة شقراء ، يخيل له أنه قد رأها من قبل ، فنظرت لها زينب هى الأخرى بصدمة و تفوهت بذهول: دهب ، يخرب عقلك ده أنا معرفتكيش غير لما شوفت دينا طالعه معاكى ، إيه يا بت الحلاوة دى كلها ، كان مستخبى الجمال ده كله فين
فنظرت لها دهب بخجل ثم نطقت بحب: ده جمال عيونك يا ماما قصدى يا طنط
فنظرت لها زينب و أردفت بحزن: كده برضو يا دهب ، يعنى هو اللى كان رابطنى بيكى يونس بس ، أخس عليكى يا دهب
فنطقت دهب بحزن و لهفة: أبداً والله يا ماما ، أنا اللى خوفت حضرتك اللى تحطى الحدود دى و كنت متردده أوى و أنا بقول لحضرتك كده و خوفت أكتر لتكسفينى
فنهرتها زينب بحب: أخس عليكى يا دهب ، بقا كده تظنى فيا كده ، يا بنتى أنتى بنتى مش مرات إبنى و أم حفيدى بس ، و مفيش أم يا حبيبتى بتستغنى عن ضناها مهما عمل أو حصل
فأقتربت منها دهب محتضنه إياها بحب و تابعت بخجل: أنا أسفة يا ماما والله ما كان قصدى أضايق حضرتك ، ثم وضعت قبلة حانية أعلى رأسها
فنظرت لها زينب و أبتسمت بحب: لو أنتى عاوزه تصلحيتى بجد يبقا تقعدى أنتى و دينا تتعشوا معانا إنهارده
فأجابتها دهب بتردد: بس....
فقاطعتها زينب بحماس: مابسش أنا قولت هتتعشوا معانا يعنى هتتعشوا معانا ، ده أنا عمله ليكم شوية محشى إنما إيه ، و عمللكم كمان بط يستاهل بقكم
فأقتربت منها دينا و نطقت بحماس: ايوه بقا يا زوزو يا عسل هو ده الكلام ، خشى عليا بالمحشى
فنظرت لها دهب مضيقه عيناها و أكملت بمرح: و بالنسبة للدايت و الكلام اللى الدكتور قاله ، و أن مفيش عشا ، إيه كل ده أتبخر
فأبتسمت دينا و أضافت بمرح: لا ما هو بصراحة محشى زوزو مايتقاومش ، و بعدين إحنا نعتبر إنهارده اليوم ال Free و من بكرا نبدء دايت جامد أوى
و بالفعل دخلوا جميعاً إلى الداخل و بمجرد ما أن دلفوا حتى هب كريم واقفا فى مكانه مركزا نظراته على دينا قائلاً بهيام: ده يا ألف أهلاً وسهلاً يا مرحبا ، دينا هانم بنفسها عندنا هنا و منورانا
فنظرت له دينا و أبتسمت بمرح فهى تتفهم نظرات كريم لها جيداً و لكنها لا تريد أخذ الموضوع على محمل الجد حتى لا تتسبب فى جرحه أو جرح حالها فهى أيضاً تشعر بالراحة تجاهه و لكنها تحاول أن تتجاهل هذا الشعور دوماً فقالت بمزاحها المعتاد: يا نهار أبيض كريم بجلالة قدره موجود ، و أنا أقول الدنيا مضلمة ليه
فنظر لها كريم بثقوب و تابع بمرح: أنتى قد كلامك ده
فأكملت دينا بتأكيد: أومااااااال
و هنا هتفت دهب بمرح: إيه يا سى كريم هو أنا هوى قدامك ، ثم تابعت بنبرة ذات مغزى و هى توكزه فى كتفه بمزاح؛ ولا عينك مش بتشوف غير ناس ناس
فنظر لها كريم و أنصدم من جمالها هذا و أردف بذهول: يا نهار أبيض على الحلاوة يا جدعان ، و أنا أقول القمر كان غايب ليه إنهارده ، أتاريه كان مختفى عشان أنتى ظهرتى
فنظرت له دهب و رفعت يديها تعبث فى خصلاتها بغرور مصتنع و مزاح: ايوه أتفضل كل بعقلى حلاوة
فنظر لها كريم بإعجاب و نطق بحب: كان فين الحاجات دى من زمان ، إيه يا بت الحلاوة دى كلها
فتابعت دهب بغرور مصتنع ممزوج ببعض المرح: كنت بخاف على مشاعركم و مكنتش برضى أظهر جمالى عشان ما أتعبكوش
فسقف كريم بيديه و نطق مرح و سعادة: ايوه بقا أدخلى عليهم يا دهب يا كيداهم
فجاء عبد القادر هنا و أردف بمزاح: أنت يا أبنى عامل دوشة دايما كده و محدش عارف يرتاح من ساعة ما وصلت بسبب صوتك و جنانك ده
فأجابه كريم بمرح: تعالى كده و أشوف اللى أنا شايفة يا حجوج و قولى رائيك
و بالفعل حضر عبد القادر و نظر إلى دهب بإنبهار و تمتم بحب: بسم الله ما شاء الله ، الله أكبر ، إيه يا بت يا دهب الحلاوة دى
فنطقت دهب بخجل: الله بقا يا بابا ، متكسفنيش الله
و هنا أردفت دينا بحماس: متنسوش تباركه ليها كمان يا جماعة مرتين ، مرة عشان هتنزل الجامعة و هترجع تانى تكمل دراستها ، و المرة الثانية عشان هتبدء كمان أسبوع شغل جديد
ففرح الجميع كثيرا بهذا الخبر و تابع عبد القادر بحب: و هتشتغلى إيه بقا يا دهوب
فنظرت له دهب بأبتسامة و ردت بحب: هنزل تدريب لمدة شهر كمحامية فى الشركة اللى بتشتغل فيها دينا ، و بمجرد ما هخلص التدريب هتثبت بمرتب حلو أوى
فأبتسم لها عبد القادر بفخر و واصل بسعادة: مبروك يا حبيبتى ، أنا واثق أنك هتشرفينا ، ربنا يجعل ليكى فى كل خطوة سلامة و يسعدك و يوفقك يا بنتى يارب
فأبتسمت له دهب بأمتنان و أكملت بحب: الله يبارك فى حضرتك يا بابا يارب
فأنصرف البنات بعد ذلك ذاهبين إلى المطبخ لمساعدة زينب ، و بالفعل جلسوا سويا يتناولون العشاء ، و بعد ذلك جلسوا جميعاً فى غرفة المعيشة و ذهبت دهب لعمل كيك الشكولاتة الذى يحبه عبد القادر ، و ظلوا يلعبون و يشاهدون التلفاز و يمرحون بصوتا مرتفع ، يصل إلى مسامع يونس و زوجته ، فهو كان يجلس محتضنا نادين ، يشاهدون التلفاز سويا ، إلى أن جاء إلى مسامعهم صوت دهب و كريم و دينا الضاحكون بشدة فسمع كريم يقول بمرح: الله عليك يا دهوب ، خشى عليا بالكيكة بتاعتك اللى تفتح النفس
فأجابته دهب بمرح هى الأخرى: و مين قالك أنى عملها ليك أصلاً ، دى لعبودى حبيب قلبى
فقهقه عبد القادر بشدة و أردف من بين ضحكاته: يااااا عالكبسة اللى أنت فيها يا كيمو
فقهقهت زينب هى الأخرى و تابعت بمزاح: أهى دهب الوحيدة اللى بتخلص تار الكل منك
فصاحت دينا بمرح: القوى فى الأقوى منه يا زوزو ، و ربنا كبير ثم أنخرط الجميع فى الضحك ، و كل هذا يصل إلى مسامع نادين و يونس الذى تشتعل النيران بداخله من فرط الغيرة و الضيق ، فهو لا يعلم ما الذى أصابة ، فهتفت نادين بغيظ: مش معقول يا يونس اللى بيحصل ده ، إيه صوتهم إلى واصل لحد هنا ده كمان ، هما مش المفروض يعملوا حساب أن فى ناس معاهم فى البيت و يوطوا صوتهم شوية ، هو أحنا قعدين فى سوق ولا إيه
فنظر لها يونس و أردف بضيق: أعمل ليهم إيه يعنى يا نادين ، كل واحد حر فى بيته و أنا مقدرش أقول لبابا و ماما يعملوا إيه و ميعملوش إيه فى بيتهم هما حرين
فتابعت نادين بغنج و هى تعبت فى تلابيب سترته: بس برضو يا بيبى لازم يراعو أننا دلوقتى عرسان جداد و أننا مش عاوزين أى إزعاج ، بس مش مهم يا بيبى متزعلش نفسك ، أحنا برضو مينفعش نكلمهم ده مهما كان باباك و مامتك ، الدور و الباقى على الهانم اللى سايبه بيتها فى وقت زى ده و نازله بيت فى شاب أعزب و سهرانة فى لحد دلوقتى
فشعر يونس بالدماء تغلى بداخل عروقة ، ثم جز على يديه بغضب شديد يحاول أن يسيطر على حاله: هى مش فى بيت حد غريب يا نادين ، ده مهما كان بيت جد أبنها و جدته و الشاب ده يبقا عم إبنها و فى مقام أخوها
فأستطردت نادين بأستنكار: و لو برضو مينفعش ، هى خلاص مبقاش فى حاجة تربطها بيهم غير أبنها و ميصحش تفضل تحت للوقت ده
فنظر لها يونس و أكمل بنفاذ صبر و ضيق: نادين ، هى حرة فى تصرفاتها و بابا و ماما بيعتبروها بنتهم ، ثم نظر لها نظرة ثاقبة و تابع بحسم؛ أنتهينا بقا ، مش هنقضى الليلة كلها نتكلم عن دهب و تصرفاتها
فأبتسمت نادين بدلال و نطقت بغنج: عندك حق يا بيبى ، أنا مفيش حاجة فى الدنيا دى تهمنى غير راحتك ، ثم أكملت و هى تقبل وجنته بدلال؛ و المهم أنى معاك و فى حضنك
فأبتسم لها يونس بتوهان ، و أدخلها إلى أحضانه ، و هو فى عالم أخر بعيد كل البعد تلك القابعة بداخل أحضانه ، يحاول أن يهدء من حاله ، فهو يشعر بأن هناك نيران كامنة بداخله لا يعلم سببها حتى الآن
يتبع الفصل الرابع اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية ولد الهلالي " اضغط على أسم الرواية