Ads by Google X

رواية شمس الياس الفصل الثالث 3 بقلم عبد الرحمن احمد الرداد

الصفحة الرئيسية

  رواية شمس الياس الفصل الثالث بقلم عبد الرحمن احمد الرداد

 رواية شمس الياس الفصل الثالث

دلف إلى داخل السيارة وصفق الباب خلفه قبل أن يرمق والده بنظرة غير راضية وهو يهتف باعتراض شديد:
- يعني إحنا مسافرين المسافة دي كلها علشان نيجي منطقة بيئة بالشكل ده؟ فيه مليون واحد غير سي معجزة بتاعك ده
عاد بظهره إلى الخلف ونظر إلى ابنه قائلًا بجدية:
- فيه مليون واحد أيوة لكن ده اللي ملهوش حس ولا معروف، واللي دلني عليه قال إنه مش زي أي حد وإن اللي بيعمله ده بالنسبة ليه حاجة عادية جدا مش مستحيلة، اهدى يا سليم وسيب الدنيا تمشي زي ما إحنا عايزين
تأفف من هذا المكان الذي جاء إليه بدون رغبته ثم خرج من السيارة واستند بظهره عليها واخرج علبة السجائر الخاصة به، أخرج سيجارة وأشعلها ثم بدأ في تدخينها قبل أن ينفث دخانها بقوة.

***

- عمك؟ أنت بتهزر يا إلياس ولا بترخم عليا
قالها «مراد» غير مُصدقًا لما قاله صديقه منذ لحظات فرفع الآخر حاجبيه وهتف بغضب:
- برخم ايه وبهزر ايه يا مراد؟ هو الكلام ده فيه هزار! ده عمي جمال أظن أنت عارف الحكاية، أهو ده ضمن القايمة الجميلة اللي في دماغي
مرر يده على ذقنه بتفكير ثم سأل بحيرة:
- طيب إزاي معرفكش؟
رمقه «إلياس» بتعجب ثم لوح بيده في الهواء قائلًا بعدم رضا:
- أنت فطران غباء يا مراد ولا ايه يا حبيبي؟ آخر مرة شافني فيها كان عندي 10 سنين يبقى هيعرفني إزاي دلوقتي!
- أها فعلا عندك حق، معلش اعذرني أنا لما مبنامش كويس يوم اجازتي ببقى في الضياع خالص

هدأت الأجواء قليلًا قبل أن يوجه «مراد» نظره إلى صديقه قائلًا:
- ناوي على ايه؟
رفع رأسه وابتسم بهدوء مخيف قبل أن يُجيبه:
- لسة مجاتش اللحظة اللي أنا عايزها، خطوة واحدة بس قصادي وساعتها هفهمك هعمل ايه

نهض من مكانه وترك النقود أسفل كوب الشاي ثم وجه بصره إلى صديقه قائلًا بجدية:
- بقولك ايه أنا هروح مشوار كدا وجاي
أسرع «مراد» ووقف وهو يعرض عليه الذهاب معه قائلًا:
- تحب اجي معاك
ابتسم وربت على كتفه وهو يقول بهدوء:
- مشوار عند المكان اللي أنت عارفه يعني مش مستاهل
هز رأسه بالإيجاب وجلس مرة أخرى وهو يقول:
- ماشي يا صاحبي

انطلق «إلياس» في طريقه إلى وجهته التي تعلم فيها الكثير والكثير، وصل أخيرا إلى محل ألعاب حديثة "سايبر" ودلف إلى الداخل ليجد شاب صغير بالسن يجلس خلف جهاز كمبيوتر، طرق بيده على المكتب أمامه فانتبه هذا الشاب ونزع سماعة الرأس التي يضعها على رأسه قبل أن يقول:
- اؤمر يا إلياس عايز حاجة؟
نظر هو حوله بحثًا عن شخص معين ثم عاد ببصره إليه وهتف متسائلًا:
- فين ياسر؟
أشار بإصبعه إلى الخارج ليجيبه بهدوء:
- خرج راح مشوار وراجع في السخان، خش في مكانكم المعتاد وهو خمس دقايق وهتلاقيه هنا

بالفعل اتجه إلى الداخل عن طريق باب سري خلف ستائر من القماش، اغلق الباب خلفه وأضاء الاضواء التي كانت عبارة عن أضواء خضراء فقط، سار بهدوء حتى وصل إلى منضدة يوجد عليها ثلاثة أجهزة كمبيوتر ولاب توب، جلس على مقعده الخاص وسحب اللاب توب ووضعه على قدمه قبل أن يرفع شاشته ويضغط على عدة أزرار لكتابة الرقم السري، نجح في ذلك وولج إلى عدة ملفات على جهازة وقام بتفعيل عدة برامج قبل أن يقرر متابعة ما توقف عنده.

ما هي إلا لحظات حتى دلف «ياسر» إلى المكان ليقول بابتسامة:
- ايه يا إلياس أنا قولت هتاخد اجازة النهاردة
رد عليه دون أن ينظر إليه وهو يضغط على أزرار الكيبورد بسرعة كبيرة:
- عرفت أنا هعمل ايه والتنفيذ خلال واحد اتنين تلاتة
ثم ضغط على زر "Enter" بقوة، رفع رأسه وأدار شاشة الحاسوب الخاص به تجاه صديقه وهو يقول بابتسامة:
- اخترقت نظام قناة تلفزيون في أمريكا ومحدش هيعرف حتى مين عمل ده، خلاص تقدر تقول أنا جاهز
تعجب «ياسر» مما يقوله وأسرع إلى الحاسوب ليرى أنه بالفعل قد اخترق القناة ووضع صورة مجهولة وأسفلها "Hacked"، ضغط على عدة أزرار ليتأكد أن لا أحد يتتبعه فرفع أحد حاجبيه بإعجاب وهو يقول:
- لا برافو عليك أنت فعلا بقيت جاهز بس ايه البرنامج الأخير ده أنا مش مبرمج حاجة زيه
أخذ «إلياس» الحاسوب منه مرة أخرى وردد بتلك الابتسامة:
- ده اللي عطلني الفترة اللي فاتت دي كلها، أنا اللي برمجته، عن طريقه محدش هيقدر يعمل تتبع خالص لينا لو عملنا هاك على أي حتة لأنه ببساطة بيعمل تشتيت لأي ip أو ping بس للأسف بيقدر يعمل ده لمدة دقيقة واحدة بعد كدا بيقع بس الفترة الجاية هقدر اطوره
ربت على كتفه بفخر كبير فهو من علمه كل ذلك منذ أن كان طفلًا وعلى الرغم من أنه قد تخرج من كلية الحاسبات والمعلومات و «إلياس» لم يكمل تعليمه إلا أنه لم يضع كل ذلك برأسه وواصل التعلم على يد صديقه إلى أن وصل لما هو عليه الآن، تنفس بهدوء ثم أشار إلى الحاسوب وهو يقول:
- خلي بالك فاضل 5 ثواني ويعرفوا مكانك
ابتسم ورفع اصبعه وقبل أن يصل العد إلى صفر كان قد أنهى هذا الاختراق، نظر إلى صديقه وردد بجدية:
- هاخد اللاب النهاردة معايا، عايز بليل اسهر على البرنامج ده لأني عايز اجهز حاجات كتير في دماغي
حرك رأسه بالإيجاب وجلس على كرسيه وهو يقول:
- براحتك ومتنساش تاخد فلاشة النت معاك علشان متعطلش

نهض من مكانه ووضع جهاز اللابتوب بحقيبته المخصصة قبل أن يقول بجدية:
- تمام، سلام مؤقت يا هندسة
تركه ورحل عائدًا إلى المنزل لكنه في منتصف الطريق تذكر أنه لم يُحضر طعام الإفطار لذلك توقف عند مطعم صغير بالمنطقة وقام بشراء ما يُكفيه هو وصغيرته. انتهى أخيرا وعاد إلى منزله وقبل أن يطرق على باب المنزل فتحت هي له الباب وقالت بتذمر:
- لسة بدري يا ليسو، وبعدين جايب فطار ليه ده العصر هيأذن والأكل قرب يستوي
رفع أحد حاجبيه بتعجب وحيرة وقال بصوت هادئ:
- عصر!
هزت رأسها بالإيجاب وأوضحت له قائلة:
- أومال أنت فاكر ايه، خش خش
شعر بحزنها لتأخره فهي كانت تأمل بقائهما معًا طوال اليوم فهذا اليوم لا يتكرر إلا كل أسبوع وهي تنتظره باشتياق. ابتسم ووضع بيدها الطعام الذي قام بإحضاره قبل أن يتراجع بظهره قائلًا:
- اقفلي الباب خمس دقايق بالظبط وهتلاقيني قصادك

لم تفهم ما يقصده وقبل أن تتحدث كان قد رحل راكضًا إلى الأسفل مما جعلها ترفع أحد حاجبيها بحيرة وهي تردد بحزن:
- هو زعل ولا ايه! يووه يارتني ما اتكلمت

وصل إلى الأسفل وعلى وجهه ابتسامة هادئة ظلت تصاحبه حتى وصل إلى الطريق الخارجي ومنه توجه إلى بائع الحلوى الموجود بتلك المنطقة ووقف أمامه وهو يقول:
- طلبي المعتاد ياعم رافع
ابتسم البائع والذي كان يعرف «إلياس» جيدًا منذ أن كان طفلًا ثم نهض من مكانه ليقوم بتحضير ما طلبه منه.

تابعه «إلياس» بتلك الابتسامة التي لم تغادر وجهه وتذكر عندما كانت طفلة.

"قـبـل خـمـسـة عـشـر عـامًـا"

أمسكت بيدها الصغيرة قميصه وجذبته بلطف وهي تشير إلى بائع الحلوى الموجود أمامها قائلة:
- ته ته
ابتسم وسار معها حيث تشير حتى توقفا أمام البائع لتشير هي إلى حلوى معينة وهي تقول:
- ته ته عايزة ته
نظر إلى حيث تشير واستجاب لطلبها ثم نظر إلى البائع وقال بهدوء:
- بعد اذنك عايز قرص مشبّك من ده
ابتسم البائع وقام بإحضار ما طلبه ثم وضعه بحقيبة ورقية صغيرة قبل أن يُعطيها إلى الطفلة التي ابتسمت بسعادة كبيرة وسعد «إلياس» لسعادتها ثم أخرج النقود من جيب بنطاله وهو يقول متسائلًا:
- حضرتك عايز كام؟
ابتسم البائع وربت على كتفه بحب قائلًا:
- المرة دي خليها عليا علشان أول مرة تشتروا من عندي، مش عايز حاجة يابني توكل على الله
هنا نطق «إلياس» وهو يشهر المال الخاص به:
- تسلم أنا معايا فلوس والله
حرك رأسه بابتسامة ليقول بهدوء:
- عارف يابني إنك معاك فلوس، دي مني علشان اول مرة تشتروا
ابتسم ودس المال بجيب بنطاله مرة أخرى قبل أن يقول بامتنان:
- شكرا
ثم نظر إلى صغيرته التي كانت تنظر إلى الحلوى بحب وأمسك بيدها قائلًا:
- يلا نروح يا إيلين

"عـودة إلـى الـوقـت الـحـالـي"

تناول منه الحلوى المحببة لصغيرته وأعطاه النقود وهو يقول بابتسامة:
- تسلم يا عم رافع
- الله يسلمك ياابني

انطلق عائدًا إلى المنزل مرة أخرى وما إن وصل حتى طرق على الباب رغم حمله للمفتاح لكنه يريد مفاجأتها. بعد ثوانٍ قليلة فتحت الباب لتقول بنبرة هادئة تحمل الندم على ما قالته قبل رحيله:
- آسفة والله مكانش قصدي اضايقـ...
قاطعها ورفع حقيبة الحلوى أمامها وهو يقول بابتسامة:
- حقك عليا، أنا فعلا اتأخرت وده يوم اجازتي اللي بقعد فيه معاكي
اتسعت ابتسامتها واخذت منه الحقيبة وهي تقول بسعادة غامرة:
- مشبّك! الله تصدق نفسي فيه أوي
ابتسم لسعادتها وتابع ما تفعله حتى نظرت إليه وقالت بهدوء:
- مش زعلانة خلاص، وايه رأيك نفطر بالفطار اللي أنت جبته ونأخر الغداء شوية!
دلف إلى الداخل وقام بإغلاق الباب باستخدام قدمه قبل أن يقول بترحيب شديد لتلك الفكرة:
- موافق جدا، يلا نفطر علشان جعان جدا الصراحة

***

فتح باب مكتبه بقوة ليعبر عن غضبه الشديد بسبب ما حدث وقرر إخراج ما بداخله أمام مديرة مكتبه التي ركضت خلفه بخوف شديد فهي لم تتوقع أن يغضب لهذا الحد، توقف فجأة والتفت ليواجهها وهو يصرخ بوجهها:
- إزاي يعني صفقة زي دي تضيع من ادينا؟ أنتي مش شايفة شغلك ولا دارسة الموقف كويس
تسارعت نبضات قلبها وظهر الخوف الشديد على وجهها وهي تدافع عن نفسها قائلة:
- والله يا مستر بكار كل حاجة كانت ماشية صح لغاية ما حصل اللي حصل ده، أنا لغاية دلوقتي معرفش عرفوا العرض بتاعنا إزاي مع إنه سري
صرخ بوجهها بصوت مرتفع سمعه جميع العاملين بالشركة:
- علشان سيادتك مش شايفة شغلك، مخصوم منك شهر كامل ولو الموضوع ده اتكرر تاني مش عايز اشوف وشك في الشركة تاني مفهوم!
نظرت إلى الأسفل بحزن شديد قبل أن تقول بهدوء:
- مينفعش يا مستر بكار يتخصم مني شهر، القبض ده بجيب منه علاج والدتي كل شهر والمبلغ الباقي يادوب بنعيش بيه
اتجه إلى مكتبه وجلس على مقعده قبل أن ينظر إليها نظرة نارية قائلًا برفض:
- كلمتي هتتنفذ، خايفة على مصاريف علاج والدتك يبقى تشوفي شغلك ودلوقتي اتفضلي على مكتبك
نفذت ما طلبه منها وخرجت وهي تنظر إلى الأسفل؛ فالحزن سيطر عليها بالكامل وهذا ما ظهر على وجهها وعينيها الدامعتين. في تلك الأثناء دلف «كرم» الابن الأكبر لـ «بكار» وشاهد انكسار مديرة مكتبه وبكائها فنظر إلى والده وقال بتساؤل:
- ايه اللي جايبك النهاردة الشركة يا بابا وكلمتني اجي ليه! وبعدين دورا خارجة بتعيط ليه؟
أشار إلى المقعد المقابل له وأجاب على أسئلته قائلًا:
- اقعد الأول، الهانم خارجة بتعيط علشان خصمت منها شهر بسبب الصفقة اللي ضاعت أما جايبك هنا ليه فعلشان أقولك اعمل حسابك إننا معزومين عند عمك مرزوق بكرا، عازم العيلة كلها، احنا وعمك جمال، عايزك تشتري هدية عليها القيمة وتغلفها علشان ناخدها معانا
عبث وجهه وعبر عن ضيقه مما سمعه الآن من والده وأردف:
- مش حابب حوار العزومات والشغل ده، أنت عارف يا بابا إن العيلة دي كل واحد همه مصلحته وبس يعني لو عازمنا يبقى أكيد فيه مصلحة من ورا الحوار ده، الصراحة كدا من غير ما تزعل عمامي مش بيحبوا غير نفسهم
عاد بظهره إلى الخلف ليريحه قبل أن يقول بلا مبالاة واضحة:
- كل ده عارفه ومش مستني تقولهولي بس لازم نروح، لو فيه مصلحة ناخد من الحب جانب
لوى ثغره باستياء فهو لا يحب تلك العائلة كما يكره طريقة والده الذي يسعى دائما خلف مصلحته الشخصية كأعمامه بالضبط.

نهض من مكانه ونظر إلى والده نظرة مطولة قبل أن يقول:
- اللي تشوفه، هجيب الهدية وهغلفها أما نشوف اخرتها
تركه وخرج من مكتبه ثم تحرك باتجاه مكتب «دورا» التي كانت تدفن وجهها بين كفيها. شاهدها هو من الخارج فمكتبها له جانب زجاجي شفاف مقابلًا لمكتب والده، شعر بالحزن لحزنها وقرر الدخول لها ليخفف عنها هذا الحزن لذلك طرق بهدوء على باب مكتبها فاعتدلت هي على الفور وجففت عبراتها قبل أن ترفع صوتها الضعيف قائلة:
- اتفضل
دلف إلى الداخل بعد أن فتح الباب بهدوء وجلس على المقعد المقابل لها قائلًا بابتسامة:
- مش عايزك تزعلي خالص من اللي بابا قاله، اعتبريه مقالش حاجة والشهر اللي خصمه ده أنا هدهولك

مسحت ما تبقى من عبراتها ونظرت إليه بإحراج قائلة:
- ده قرار مستر بكار ومقدرش منفذوش
ابتسم ووضع يده على المكتب ليقول بتوضيح:
- مين قال إن القرار مش هيتنفذ، أنا بقولك هديكي أنا المرتب بعيدا عن قرار بابا
شعرت بالإحراج الشديد وزاغت عينيها في كل مكان وهي تردد بحيرة:
- بس ..
نهض من مكانه وتابع بجدية استعدادا للرحيل:
- مبسش، ده حقك مش صدقة، أنتي بتشتغلي وتتعبي يبقى تاخدي حق كل نقطة عرق، سلام
تركها ورحل وسط نظراتها المتعجبة فهي الآن تتسائل كيف لهذا الملاك أن يكون ابن هذا الشيطان المتكبر!

***

ألقى بجسده على السرير بعد أن التقط هاتفه وهو يردد بعدم رضا:
- آآآه يا نفوخي، كانت ناقصة رغي أماني بنت خالتي نعمة، طيب أنا قافل الباب صوتها أكنه في ودني ليه!
ثم رفع بصره ونظر إلى باب غرفته ليقول بصوت مرتفع:
- كفاية رغي يا عالم يالي برا، ايه مبتفصلوش
لوى ثغره وعاد بنظره إلى شاشة هاتفه مرة أخرى ليتصفح حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فوجد طلب صداقة من حساب أنثى بإسم "بنوتة بس كتكوتة" مما جعله يرفع أحد حاجبيه قائلا بحيرة:
- وعايزة مني ايه يا ست كتكوتة، أما نشوف
قبل طلب صداقتها له وبعد مرور لحظات وصلته رسالة منها قائلة:
- "ممكن نتعرف"
ضيق ما بين حاجبيه ثم رفع كفه ليفرك فروة رأسه بحيرة قائلًا:
- هو مين لعب في الاعدادات مش المفروض العكس!
رفع كتفيه بلامبالاة ورد على رسالتها تلك قائلًا:
- "معلش يا ست كتكوتة بس بنوتة أنتي تعرفيني منين؟"
ظل يطرق بأصابع يده الأخرى على فراشه في انتظار وصول رسالة منها حتى وصل ردها:
- "معرفكش بس لقيت صورتك على الفيس مز وعندك عضلات ده غير إن اسمك مراد فقولت اتعرف عليك"
اتسعت حدقتاه بصدمة من ردها وظل هكذا للحظات ثم كتب:
- "ايه البجاحة دي، هم ولاد الناس لعبة يا ست أنتي، ترضي حد يعمل في اخوكي كدا، ربنا يهديكي"
ثم ولج إلى صفحتها وقام بحظرها ليقول بعدم رضا:
- قال ايه لقت صورتي مز، ده أنا المرة الوحيدة اللي قولت فيها لواحدة يا مزة كانت أمي علشان اجبر بخاطرها

***

وضعت ما بيدها من طعام على الأرض حيث يوجد مفرش قديم يستخدماه عندما يتناولا الطعام. جاء هو من خلفها ووضع الأطباق فنظرت إليه وقالت بجدية:
- اقعد أنت استريح يا إلياس وأنا هحط الأكل، ده يوم إجازتك
ابتسم واعتدل ليقول بحب:
- أنا حابب أساعدك يا ستي وبعدين خلاص دول آخر حاجة، يلا نقعد نتغدى بقى
ابتسمت لإبتسامته وجلست قبل أن تشير إلى حقيبة الحاسوب الخاص به قائلة:
- أنت جايب اللاب توب معاك ليه
نظر إلى حيث تشير وتهرب من الإجابة على سؤالها قائلًا:
- بجرب كام حاجة، فين الريموت علشان اشغل حاجة نتفرج عليها واحنا بناكل
نهضت من مكانها وأسرعت لتجلبه ثم عادت إليه مرة أخرى وهي تقول:
- أهو يا ليسو
رفع أحد حاجبيه وتناول منها جهاز التحكم عن بعد قبل أن يقول بعدم رضا:
- يا إيلي قولت ألف مرة مش بحب اسم الدلع ده، اغنيهالك يا حبيبتي؟
ارتفع صوت ضحكها قبل أن تتراجع قائلة:
- خلاص خلاص، ياس حلو كدا!
- حلو جدا، ربنا يهديكي

جلس وبدأوا في تناول الطعام مع مشاهدتهم للتلفاز وأثناء اندماجهم رددت هي قائلة:
- على فكرة فريد شوقي هو اللي قتلها
رفض ما قالته وقال بجدية:
- لا محمود المليجي
نظرت إليه ورفعت أحد حاجبيها لتقول بتساؤل:
- ايش عرفك
رفع كتفيه وأجابها بابتسامة:
- مش محتاجة ذكاء، محمود المليجي في فيلم يبقى هو الشرير

***

وصلوا أخيرا إلى مدينتهم وهي المدينة الساحرة "الإسكندرية" بعد سفر دام لساعات وما إن ترجل «جمال» من السيارة حتى تبعه ولده «سليم» الذي قال بتساؤل:
- ادينا وصلنا يا بابا، المعلم ده وافق على الشغل ده ولا لا
اغلق باب سيارته وسند عليها وهو موجهًا نظره إليه قائلًا:
- وافق بس طلب ياخد النص
رفع أحد حاجبيه ورفع صوته قائلًا باعتراض شديد:
- نعم؟ نص ايه! لا مش عايزيينه فيه ألف واحد غيره ومش هياخدوا غير اللي يستحقوه إنما ده طماع
لوى ثغره بعدم رضا فولده لا يصبر ولا يتحمل أبدا لذلك أجابه بانفعال:
- ما أنت لو تصبر علشان افهمك، ده بالذات من منطقة شبه مش موجودة في القاهرة وأنت بنفسك شوفتها يعني ميعرفناش ولا يعرف أي حاجة عننا لو اتكشف كارت محروق، لكن ده مش هيحصل وعلشان هو عيل ملهوش أهل ولا حد يسأل عنه هناخد اللي عايزينه وبعدين نخلص عليه، فهمت يا ذكي!
ابتسم وسند هو الآخر على السيارة من الجهة المقابلة له ليقول بإعجاب:
- قول كدا بقى، إذا كان كدا ماشي، اتفقت معاه على امتى
رفع يده أمامه لينظر إلى ساعته ثم عاد ببصره مرة أخرى إليه ليجيبه:
- ساعتين بالظبط وهيبقى هنا
- اسمه ايه؟
- ياسر، اسمه ياسر وصاحب سايبر في المنطقة الزبالة اللي أنت شوفتها دي

***

عادت بظهرها إلى الخلف بتعب بعد عمل شاق؛ فهي منذ الصباح الباكر وهي تعمل مع صديقتها على البرنامج الجديد الخاص بهما والذي سيغير مفهوم الاختراق حول العالم، لم تتحمل أكثر من ذلك ونهضت من مكانها قائلة:
- بقولك ايه يا ميرا أنا تعبت أوي، هقوم اجيب حاجة ناكلها تدينا باور وبعدين نكمل
ابتعدت هي الأخرى عن الحاسوب الخاص بها وفركت عينيها بتعب لتوافقها:
- فعلا عندك حق يا سما احنا شغالين من الصبح مبقتش شايفة قدامي، ماشي متتأخريش

تركتها واتجهت إلى المطبخ فوجدت شقيقها «كرم» يأكل من أواني الطهي دون أن يضع الطعام في أطباق فصاحت بتعجب:
- بتاكل من الحلل؟ ما تخلي فريدة تحطلك الأكل
نظر إليها
التفت ونظر إليها قبل أن يجيبها والطعام بداخل فمه:
- عرضت عليا لكن أنا مستعجل معنديش وقت للكلام ده، باكل لقمة على الطاير علشان بابا عايزني اشتري هدية علشان معزومين عند عمك مرزوق بكرا
رفعت أحد حاجبيها بحيرة لتقول بتساؤل:
- معزومين؟ محدش قالي يعني
رفع كتفيه ووضع الطعام بفمه قبل أن يجيبها:
- ولا حد قالي، لسة بابا قايلي النهاردة، المهم أنا شبعت وماشي يلا تشاو
تركها ورحل لتدخل الخادمة «فريدة» التي قالت بتساؤل:
- اجيبلك الأكل يا ست سما على أوضتك
هزت رأسها بالإيجاب وأردفت على الفور:
- ياريت يا فريدة إحنا جعانين جدا

***

بعد مرور ساعتين وصل «ياسر» إلى العنوان الذي حدده له «جمال» وما إن وصل حتى هاتفه ليعرف أين سيذهب وبالفعل أرشده. تحرك وهو ينظر حوله في كل مكان إلى أن وصل إلى المنزل المحدد ودلف إلى الداخل ليجد «جمال» ومعه ابنه «سليم».

أشار «جمال» إلى الحاسوب الموضوع بالمكان وردد بجدية:
- كل حاجة جاهزة بس أنت واثق إنهم مش هيعرفوا يحددوا المكان بتاعنا أو مكان الفلوس؟
ابتسم وتقدم تجاه الحاسوب وهو يقول بثقة:
- متقلقش الفلوس هتتحول لكذا مكان وهعمل حجب علشان محدش يعرف وجهتها النهائية وساعتها طبعا هيكون موجود رجالتك اللي هيسحبوها قبل ما حد أصلا يعرف اللي حصل، بالنسبة لموقعنا محدش هيعرفه قبل ساعتين من اختراق البنك
هز رأسه باطمئنان وقال بجدية:
- خلاص ابدأ شغلك

بالفعل جلس على جهاز الحاسوب ثم وضع ذاكرة خارجية به وبدأ في عملية الاختراق حيث ضغط على الأزرار بسرعة كبيرة أدهشت الأب وولده. ظل يضغط على الأزرار بسرعة ويكتب أكواد كثيرة وما إن انتهى حتى ضغط بقوة على الزر الأخير ليقول بابتسامة:
- تم التحويل

في تلك اللحظة أخرج «سليم» سلاحه ووجهه إلى رأسه قائلًا:
- شكرا يا باشا، إلى اللقاء
هنا نهض «ياسر» وتراجع إلى الخلف قبل أن يقول بخوف وتردد:
- بس ده مكانش اتفاقنا!
ابتسم ابتسامة تُظهر تحجر قلبه وقال بهدوء:
- عارف إنه مكانش اتفاقنا
ثم أطلق رصاصته لتستقر في صدر «ياسر» الذي سقط متأثرًا بإصابته ووضع يده على موقع الإصابة فوجد الكثير من الدماء، حاول تمالك نفسه لكنه شعر بالدوار الشديد وسقط على وجهه في الحال لتلوث دمائه الأرض وسط مراقبة «جمال» لما يحدث وكأنه اعتاد على فعل ذلك.
يتبع الفصل الرابع اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية شمس الياس" اضغط على أسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent