رواية لقلبي شفق الفصل الرابع بقلم ولاء محمود
رواية لقلبي شفق الفصل الرابع
تبعثرت بنا الطرقات فأصبحنا كالريشة تسبح بالهواء لاتعلم وجهتها ولكن القدر يُلقي بها إلى ذلك الركن البعيد.إلي أن تخفت قوتها شيئاً فشيئاً.. لتستكين.)
*******
جاءتها تلك المكالمة من صديقتها نورا..هي منبع أسرار شفق
لتُردف لها نورا:شيفو هَخرجك النهاردة خروجه أخر حاجة مكان جديد مش هَتتوقعيه
لتقاطعها شفق: لأ مليش نفس اخرج من فضلك سبيني
تستطرد نورا: يابنتي بقولك سبيلي نفسك النهاردة هنسيكي كل الغم والزعل اللي انتي فيه ده، بس قوليلي الأول، هو أسر لسه مبيكلمكيش او مش هيوصلنا؟
_لأ من ساعة اللي حصل والخناقة اللي حصلت بينا دي معرفش عنه حاجة وكل ماادخل اسأل طنط عليه تقولي مش موجود…
تبتسم صديقتها بانتصار: يعني هو مش هيجي معانا طيب كويس" جدا" ، انتي عارفة اننا مش بنعرف نخرج طول ماهو عارف، على طول يقولك لأ متخرجيش ومتروحيش..
لتُردف شفق بحزن:أيوة هو على طول كدة بيخاف عليا..
تتنهدت بحزن حيث اردفت:
يرجع يكلمني بس ويعمل اللي هو عاوزه وانا مش هَعند تاني معاه…
طيب مستنياكي متتأخريش..
*********
بمنزل كريمة تدلف إلى غرفة اسر
تتمتم بنبرة حانية يتخللها القلق على ولدها:
هتفضل برضه كدة يااسر ولا بتخرج ولا بتنزل غير هو الشغل بس طيب مالك فهمني..؟!
ليُجيبها بصمته المعتاد..
_ طيب ايه اللي حصل بينك وبين شفق عشان تقولي كل مرة أقولها انك مش موجود اما تيجي تسأل عليك؟!
يعني يابني بعد السن ده كله اكدب، كده والله ما ينفع شوفلك حل!!
_ خلاص يا أمي لما تيجي تسأل تاني عليا هَنُطّلك من البلكونة عشان لما تقوليلها مش موجود تبقى مش بتكدبي حلو كده. ...
يقطع حديثهم صوت الهاتف والذي يعلن عن هوية المتصل (شفق)
يتجاهل مكالمتها…. لحين إشعار آخر من قلبه وعقله معاً..
يتجه للشرفة يملأ رئتيه بذلك الهواء لعلّه يخفف من ثقل مايحمله بقلبه..
*************
أصابها اليأس منه لعدم الرد على مكالمتها وهي التي كانت ستخبره انها ستتنزه برفقة صديقتها(نورا) تعلم رفضه القاطع خاصة مع تلك الصديقة..
تُردف لنفسها بيأس :خلاص انا هنزل بقى انا كلمته اقوله وكالعاده مردّش مانا مش هفضل مخنوقة ومحبوسة كتير كده..
أخبرت والدتها بالذهاب مع صديقتها لـتُردف(سمية) : مش احنا قولنا نبطل خروج مع اللي اسمها نورا دي يابنتي انتي مش شايفة لبسها عامل ازاي غريب وده مينفعش…
_ يابنتي الصاحب ساحب…. وحتي لو انتي كويسة ايه يضمنك انه مع الوقت متبدأيش تتخلى عن مبادئك وتبقى زيها انا ماصدقت انك لبسك ظبط شوية… ربنا يهديكِ ويهديها يابنتي
لتُردف شفق وهي تستعد للمغادرة فصديقتها على وشك الوصول.. :حاضر ياماما معلش المرة دي وبس اللي هخرج معاها دي اول مرة واعتبريها آخر مرّه بس انتي عارفة اني مضايقة ومحتاجة افك شوية…
_طيب رايحين فين؟
_نورا قالتلي مفاجأة ياماما وانا متحمسة جداااا..، لتنتبه لذلك الصوت( البوق) وتعلم ان صديقتها وصلت أخيراً..، تُقبّل والدتها و تهبط الدرج سريعاَ، تدلف سيارة نورا غير منتبهه لذلك الذي يقف منتصباَ بالشرفة يَتبعها بعينيه…
*********
تقف سيارة نورا في ذلك المكان الذي تعجبت منه شفق كثيرا لم تره من قبل لتُردف بقلق: ايه يابنتي المكان ده الغريب ده
فتبحث بعينيها عن أي شئ تعلم به هوية ذلك المكان لتتفاجئلزل بتلك اللوحة التي يُكتب عليها ملهى ليلى…
_انتي اتجننتِ يانورا انتي جايبانا فين ديسكو هو ده اللي هتخليني افك شوية من الضيقة اللي انا فيها ولا تخليني منحرفة مش فاهمة انا، انا استحالة ادخل مكان زي ده..
تعلم انها تستطيع إقناعها بكل سهولة خاصة في عدم وجود (أسر)... لتُردف: ايه تفكيرك القديم ده يابنتي!! ده حاجة زي (نايت كلوب) كدة، عادي بتطلبي مشروب ونقضّي وقت لطيف نتكلم سوا ونمشي على طول…
دلفا الاثنتان إلى ذلك المكان..
لتقوم صديقتها بالإشارة إلى ذلك الرجل وكأنها تقوم بتحيته…
_مين ده انتي تعرفيه..
_متشغليش بالك انتي، انا اعرف اغلب اللي في المكان ده..
ترتاب مما تراه… الضجيج الذي يعم المكان والاختلاط المثير للإشمئزاز وكل شئ يثير قلقها ورهبتها، حقاَ هي شخصية جريئة مُحبة لتجربة كل ماهو جديد ولكنها ليست بتلك الجرأة التي تجعلها تدلف مكان كهذا….
_لا انا ماشية مش هقعد هنا..، تتمسك بها صديقتها مُردفة بحنق :. قولتلك هنشرب حاجة ونمشي على طول اقعدي متبقيش كدة بقى…ومتخافيش ولا هتبقى خمرة ولا الكلام اللي في دماغك ده عصير وبس…
لـ تطلب النادل وتُشير إلى نوع مُعين من المنيو الخاص بالمشروبات…
_ ثواني وارجع لك…
_ متتأخريش عليا لأمّا والله همشي…
فتذهب نورا خلف النادل تضع بضع قطرات من نقاط الهلوسة والتي تجعلها كـ الثملة بالكوب الخاص بصديقتها..
_انا جيتلك اهو بالعصير بصي هنشربه ونمشي على طول،
قطعت عبارتها وتصنعت الحزن: وانا اللي كنت فاكرة المكان هيفاجئك ويعجبك…
صمتت شفق وابتلعت بضع رشفات من العصير إلى أن توقفت وهمّت بالذهاب لتتشبث بها صديقتها محاولة تأخيرها بعض الوقت…
_هو في ايه عايزة ايه تاني مني مش شربت العصير وخلاص عاوزة اروح اوعي بقى سبيني…
قطع عبارتها ذلك الدوار الذي أصابها فجأة وأصبحت الرؤية ضبابية لديها ولكنها استطاعت ان تتمالك نفسها قليلا لتستمع إلى تلك الكلمات..
_ايوة كده خليكي حلوة اهو بدا مفعوله يظهر بالظبط ١٠ دقايق وهتمشي متخافيش…
_انتي عملتي لي ايه ؟..
لتُردف صديقتها بشماتة.. :أنا معملتش غير اللي اتطلب مني وبس.. مزودتش من دماغي حاجة…
لـ يلتقط احدٍ ما بعض الصور لها دون علمها وهي تترنح مُمسكة رأسها….. .
فجأة كادت ان تسقط فأمسك بها شخص ما… هل كان هو ذلك الأسر أما ان رؤيتها الضبابية وغياب عقلها في ذلك الوقت هيئ لها ذلك… ..
*****************
شفق…… ياشفق….. انتي يابنتي فوقي بقى..
هتف أسر بهذه العبارة كي يوقظها او لعلّها تستفيق من ثمالتها تلك…
_ ها.. مين….. أسر؟!
_أيوة زفت أسر فوقي بقى، خدي اشربي ده…
لتتسائل بخفوت: ايه ده…
يجيبها بنبرة غاضبة من أفعالها الطائشة فلولا ستر الله لها
من كان يدري ذلك السوء الذي سيلحق بها فعند دلوفه إلى الشرفة وجد سيارة صديقتها، علم أنها هي بالفعل نورا، بدل ملابسه سريعاً ليلحق بهما لُيردف بحنق: يعني انتي مسألتيش صاحبتك على اللي شربتهولك جايه تسأليني أنا، اشربي وانتي ساكته..
_ حاضر
أمسكت ما بيده من مشروب وابتلعته جرعة واحدة..،انتظر هو بضع دقائق قائلاً: فوقتي دلوقتي…؟!
_أيوة..
فأعتدل بجلسته رمقها تلك النظرة الحادة، كي يكظم غيظه وغضبه منها امسك بمقود السيارة ضاغطاَ عليه بشدة حتى ظنت انه سيتحطّم بين يديه لا محالة..لُيردف قائلاً : طبعاََ مكنش ينفع اروّحك وانتي بالمنظر اللي كنتي فيه فخدتك وركبتك العربية وقولت لما تفوقي اروحك….، خير بقى ايه اللي انتي نيلتيه في نفسك ده؟! …
طاطأت رأسها بأسف وخجل من نفسها تعلم حجم ما اقترفته كما تعلم أن له كل الحق في ان يلحق بها أضعاف غضبه هذاا. تعلم أيضاَ ماذا تُعني نظرته تلك واحتقان وجهه بذلك الشكل ومجاهدته في ألايبطش بها في ذلك الوقت.. لتُجيبه:
أنا أسفة بس انا والله كلمتك عشان اعرفك وانت مردتش عليا وبعدين هي أصرت عليا ادخل مرضتش ازعلها ولما لقيت المكان كده مرضتش اقعد وهي قالتلي هنشرب عصير ونمشي على طول بس شربت العصير وحسيت نفسي متغيرة كده ودايخة وبعدها… صمتت ما إن تذكرت جملة صديقتها بصعوبة…
استطردت في بكائها مُردفة:بس انا والله مشربتش غير عصير انا استحالة اعمل اي حاجة غير كدة او أؤذي نفسي…
تحيد ببصرها عنه بعد ذلك الصمت المطبق من جانبه لتُجيبه بعدها :هو انت مش مصدقني؟!
_للأسف مصدقك، بس انتي مش عارفة انك غِلطتي في كل مرة عقلك وقلبك قالولك بلاش وانتي سكتّي و وافقتي عشان متزعليش صاحبتك، غلطتي في كل مرة رفضتي تسمعي رأينا وتاخدي بيه لما قولنا ليكي اقطعي علاقتك بالبنت دي وانتي عارفة ومتأكدة اننا بنحبك وخايفين عليكي. بس عِندك ودماغك خلوكي مكملة في صداقتها…
انتي غلطتي في حق نفسك ياشفق قبل ماتغلطي في حقنا..
"العقل والقلب ليهم سيطرة على الإنسان ماينفعش نتجاهل كلمتهم" …، عيدي حساباتك وراجعي نفسك..
أنهى تلك العبارات واشاح وجهه عنها ينصب تركيزه على القيادة…
وصلا أمام منزلهما ترجل من السيارة وفتح لها الباب وجدها شاردة الذهن..،ليقوم بفك حزام أمان السيارة لها فتنتبه له لتترجل هي الآخري من السيارة، ترمقه بتلك النظرة الآسفة
ليقول لها : خلي بالك من نفسك ياشفق..
ثم يغلق باب سيارته يصعدا معاً الدرج ويدلف كلاً منهما إلى منزله..مُحمليّن بتلك المشاعر المبعثرة من أسفٍ وندم
.. خيبة أمل.. حب مُفعّم وصدمة..
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية لقلبي شفق " اضغط على أسم الرواية