رواية القلب يهوي قاتله الفصل الرابع شيماء رضوان
رواية القلب يهوي قاتله الفصل الرابع
"كوني أنتي حتي ولو لم تعجبي أحد ان كنتي راضية عن نفسك ذلك يكفي فأنتي أجمل حين تملكين الثقة بنفسك"
"نزار قباني"
صفعتها خديجة بشدة؛ فشهقت حبيبة بعنف وتقدمت منها تنوى صفعها هي الأخرى فأمسكتها والدتها من ذراعها بقوة هاتفة بغضب :
انزلي شقتك يا حبيبة وأنا ليا كلام تاني مع أبوكي .
جذبت يدها بقوة من أمها وهتفت بحنق:
انتي ازاى ساكته ليها وهي ضربت بنتك .
ردت والدتها بغضب :
انتي اللي غلطانه هي قاعده ساكتة انتي اللي قليلة الأدب وبتجرى شكلها وخلاص عملتلك ايه .
هبطت دموع حبيبة قهرا علي ما يحدث زوجها وعاشقا لأخرى ووالدتها مناصرة لها ولا أحد يؤيدها أو يدعمها فقط الجميع ليس لهم الا الظاهر لا يدركون أنها تتمزق داخليا كل يوم وزوجها شارد بأخرى كيف يمكنها التحكم بنفسها وقد استنزفت كرامتها في ذلك الحب عديم الفائدة .
عشق استنزف روحها فتركها حطام أنثي فاقدة لكل معاني الحياة ؛ فالحب بدون كرامة هو أقسي أنواع العذاب .
وضعت يدها علي جنينها علها تطلب منه الدعم ؛ ثم سارت ببطئ متوجهة للخارج.
فكان في طريقها صالح الذى نظر لها بأسي صحيح شاهد ما حدث وأنها هي المخطئة بحق خديجة؛ ولكنه ليس بأعمي كي لا يدرك الوجع الظاهر بحدقتي شقيقته تلك التي تخفي ألامها ببراعة تمتلك قوة يحسدها عليها كيف يمكنها التحمل هكذا أن تعيش مع رجل قلبه وروحه ملكا لأخرى .
اقترب منها فوقفت مكانها مستعدة لنوبة توبيخ أخرى منه الا أنه أحاطها بحماية وخرج معها للخارج بل الي خارج المبني بأكمله .
سار بجوارها خارج حارتهم الي الشوارع المتجاورة يسير معها والصمت رفيقهما الوحيد فقط ينظران أمامهما يطالعان الطريق .
طلعي اللي جواكي يا حبيبة .
كلمات بسيطة نطق بها صالح كانت بمثابة ضغطة زر كي تنطلق حبيبة وتعلو شهقاتها معلنة وصلة طويلة من البكاء الغنيف جذب أنظار كل من يسير بجوارهما .
تبكي طويلا ومازال يحيط كتفيها بحماية رافضا تركها .
هدأت قليلا وانقطعت وصلة البكاء الطويلة لكن شهقاتها لم تنقطع بالرغم من هدوءها .
كان ناظرا أمامه يتابع المارة الأتون في المقابل لا يعلم ماذا يفعل يواسي شقيقته أم يعنفها علي تصرفها الأرعن تجاه زوجته أو يواسي زوجته علي غلطة شقيقته أو يدق عنقها فهي من تسبب الوجع للجميع ولكنه لا ينكر أن تلك المشاعر الدفينة بدأت في الطفو علي السطح مرة أخرى بعد أن دفنها في أعماقه من سنوات طويلة .
مشاعر لو ظهرت مرة أخرى ستقلب حياته رأسا علي عقب تزوجها ليعيد تربيتها من جديد في محاولة لاصلاحها وليس ليعيش حياته معها ويحقق أحلامه الوردية في مرحلة الشباب اليافع .
تنهد طويلا ليبدأ حديثه مع شقيقته عله يتوصل الي حل .
مشاعرك بدأت تتحكم فيكي وتسيطر علي عقلك المشاعر موجودة جوانا ومينفعش تظهر كده .
نظرت لوجه الجامد بلا أى تعبير فقط ينظر أمامه فأدرات رأسها للأمام مرة أخرى لتجيبه بخفوت :
غصب عني يا صالح جوزى قلبه ملك واحدة تانية استحملت قبل كده والحياة كانت ماشية وكان كويس معايا لكن دلوقتي بعد أوى لما هي رجعت .
تنهد بضيق ليقول:
ذنبها ايه يا حبيبة.
ظهرت الشراسة واضحة علي صفحات وجهها وردت بغل :
ذنبها انه حبها وانها رجعت مرة تانية علشان تهد حياتي.. حياتي اللي بحاول أبنيها علشان ابني اللي جاي ودلوقتي ست الحسن رجعت تاني تهد كل حاجة .
التوت عضلة بجانب شفتيه ورد بتهكم :
اللي بتبنيه علي باطل هيتهد فوق دماغك يا حبيبة مترميش الغلط كله علي خديجة صحيح غلطاتها كتير لكن عمرها ما وعدت جوزك بحاجة حتي لما طلبها للجواز رفضت .
هبطت دموعها مرة أخرى :
حتي انت هتاخدك مني .
الأن نظر لها يضيق عينيه بتساؤل قائلا :
تاخدني منك ازاى .
ابتسمت بسخرية وقالت :
متكدبش علي نفسك يا صالح انت صحيح اتجوزتها علشان تعدلها لكن جواك متأكد انها لو بقت كويسة حبك القديم هيرجع يلمع ليها من تاني أنا مش هبلة وعارفة انك بتحبها من زمان .
صمتت قليلا تراقب تعبيرات الصدمة التي ارتسمت بوضوح علي ملامحه وأكملت بخفوت يائس :
بس ياريت خالد كان زيك بيعرف يدارى مشاعره ويخبيها مكانش ده بقي حالي .
حل الصمت مرة أخرى وسارا عائدين للمنزل غير قادرين علي التفوه بكلمة مرة أخرى بعد جلسة كشف المستور التي تم عقدها .
كانت تسير ذهابا وايابا والغيظ يتأكلها بسبب ما حدث رأي اهانة شقيقته لها ولم يتفوه بحرف بل حاوطها بحماية وسار بها للخارج ولم يعودا حتي الأن.
حماية حسدت حبيبة عليها لأنها لم تمتلكها يوما بالرغم من زيجاتها الأربع السابقة الا أنها لم تجد الحماية والأمان يوما بل افتقدت كل معاني راحة البال وكأنها بأعت الكثير مقابل المال والحياة المرفهة وكان أول ثمن نفسها وتوالت التنازلات حتي أصبحت سوداء من الداخل لا تهتم لأحد ولا حتي والدتها التي احتوتها برحمها يوما .
فتحت باب الشقة لتنظر في الخارج أتي أم لا فوجدته علي أول الدرج يصعد مع شقيقته ويحاوطها بحماية كما خرجا وتركها تموت قهرا بالمنزل .
اقتربا منها بملامحه الجامده كالعادة مودعا شقيقته التي لم تنظر لها من الأساس ودلفت لشقتها أما هو دلف للداخل ولم يتفوه بشئ .
اشتد غليان الدم بأوردتها ؛ فدلفت وراءه بغضب صافعة الباب وراءها بشدة فصك أسنانه بعنف وأكمل طريقه حيث غرفته .
دلفت وراءه وسارت سريعا لتكون أمامه قائلة بغضب :
يعني شفت أختك بتقل أدبها عليا وكل اللي عملته خدتها وطلعتوا تتمشوا بره والكلبة اللي في البيت تتحرق بجاز صح .
ظل ناظرا لها ببرود يضع يديه في خصره منتظرا أن تنتهي حتي ينام فلم يعد له طاقة للمجادلة اليوم .
استفزها بروده وخرج الثور من عقاله فلم تعي بنفسها سوى أنها تدفعه في صدره بشدة زحزحته قليلا للخلف وهتفت بضيق :
جو البرود ده مش هيمشي معايا يا تجيبلي حقي لأروح أجبها من شعرها .
ابتسم بتهكم قائلا :
ولما انتي ضربتيها بالقلم يبقي كده حقك موصلش ولا ايه ولا انتي ليكي حق تاني .
اقتربت منه حد الخطر تحيط رقبته بدلع هاتفة بهمس:
أنا عارفه هي مولعة مني ليه لأن جوزها بيعشقني من زمان ولما رجعت الحب ولع تاني في قلبه وده معناه انها مبقتش مالية عينه .
ابتعدت عنه تسير للخارج بزهو وتتمختر كالطاووس علي وشك أعلان انتصارها علي الجميع أما هو جز علي أسنانه بعنف وداخله يغلي فكيف تتحدث عن أخر وهي بعصمته هو ؛ فامتدت ليداه لتجذبها من خصلاتها بعنف فشقهت بقوة وأصبح وجهها قريبا جدا من وجهه فابتلعت ريقها بخوف عندما لمحت الغضب بعينيه فما مر شئ وما هو أت شئ أخر .
ازادت قبضته قوة علي خصلاتها فتأوهت بألم بينما يده الأخرى أمسكت فكيها بعنف وهتف بشراسة :
كل أما أحاول أتعامل معاكي كويس وأقول بقت مراتك وشايلة اسمك وكمان بنت عمك لكن القذر هيفضل طول عمره قذر علي الأقل أختي مش بتلف علي الرجالة زيك علشان تتجوزهم وتاخد فلوسهم أختي متربية إنما انتي مشمتيش حتي ريحة التربية وقسما بالله لأوريكي يا خديجة .
دفعها بعنف خارج غرفته لتسقط أمام الباب فأغلقه بقوة في وجهها ودار في غرفت.ه كالأسد الحبيس لا يصدق أنها أصبحت بتلك القذارة من شاهدها تكبر أمام عينيه يوما بعد يوم تصبح امرأة فاقدة للأخلاق هكذا .
تذكر حديث شقيقته عندما قالت أنه سيتقبلها عندما ينصلح حالها ولكن كيف لرجل أن ينسي أن زوجته كانت بأحضان أربعة رجال من قبل وليست زيجات عادية بل تلف عليهم كالحية لتوقع اياهم في شبكة اغرائها .
نهضت من أمام غرفته لتسير الي غرفتها وعيناها تلمع بالدمع فتلك المرة هي المخطئة ماذا كانت تنتظر منه أن يفعل يضرب شقيقته فقد فعلت هي وانتهي الأمر ولكن داخلها كان ينتظر شيئا أخر لا تعلم ماهيته.
حل الصباح سريعا وأشرقت الشمس بأشعتها الذهبية لتنير السماء ومعها استيقظت خديجة لتفعل ما قررته بالأمس فخرجت من غرفتها ولكن لم تجد صالح بالمنزل فتأففت بضيق وتناولت افطارها ثم هبطت الي الأسفل .
وقفت أمام الشقة المقصودة ورنت جرسها لتنتظر بقلب ينتفض كعصفور مبلول .
فتحت الباب لتجدها أمامها فدلفت وتركت الباب لها مفتوحا ثم جلست علي الأريكة قائلة بتهكم :
جاية ليه يا خديجة .
تلعثمت قليلا وقالت :
جاية أشكرك علي وقفتك معايا امبارح .
ابتسمت بثينة بسخرية وقالت :
ومين قالك اني وققت معاكي أنا وقفت مع الحق ومتفكريش علشان وقفت في صفك يبقي انتي أحسن من بنتي بس أنا متعودتش أقف ساكتة .
نظرت خديجة للأسفل بقهر وقالت :
كنت فاكرة ان حبك ليا لسة موجود يا مرات عمي .
أجابتها ببرود :
أفعالك اللي كرهت الكل فيكي .
رفعت وجهها بحنق وقالت :
متأكدة من كلامك يا مرات عمي لو سمعتها من احسان كنت صدقت لكن منك انتي مش مصدقة .
نهضت بثينة لتقف أمامها بشموخ امرأة قوية وقالت :
معاكي حق أنا مش بكرهك بس في نفس الوقت مش راضية عن أفعالك .
ولو قلتلك اني مستعدة أتغير .
ضحكت بثينة بتهكم وأدارت ظهرها قائلة:
مش مصدقاكي بصراحة يا خديجة انتي بالذات صعب تتغيري عايزة تفهميني ان خديجة اللي اتجوزت أربع مرات علشان الفلوس وتفضل بعيد عن الحارة مستعدة تسيب كل ده وتتنازل وتعيش مع صالح النجار البسيط .
عضت علي شفتيها قهرا فكلمات زوجة عمها عرتها أمام نفسها وصفعتها بالحقيقة التي ترفض تصديقها ولكن الحقيقة تبقي كما هي دون زيف أو تجميل.
حل الصمت المطبق عليهما فقطعته زوجة عمها بكلماتها القاسية :
صحيح أنا بحبك يا خديجة من أول يوم جيتي فيه للدنيا الا ان صالح ابني وأقرب ليا من روحي وعمرى ما كنت أتمني أنه يتجوزك انتي كان نفسي اللي يتجوزها يكون هو أول بختها مش رقم خمسة في حياتها .
تلك الصفعة كانت أقسي ما تلقتها منذ أن خطت قدماها لمنزل العائلة ؛ فخرجت تجر أذيال الهزيمة عائدة الي شقتها فلو عاد بها الزمن للوراء مرة أخرى ما تركت المنزل ولا حضن أبيها الراحل .
وجدت نفسها تقف أمام شقة والدتها ودموع تهبط بكثرة علي وجنتيها؛ ففتحت والدتها الباب وألمها قلبها لرؤية وحيدتها هكذا فوجدت نفسها تجرها لأحضانها بقوة لو تستطيع تخبئتها عن العالم لفعلتها مهما فعلت خديجة ستظل قطعة من روح سمية الي الأبد .
دلفا للداخل ومازالت خديجة بأحضانها لا تجرؤ احداهما علي الحديث بكلمة حتي لا تقطع سحر اللحظة التي تمانها كلتاهما .
انتهي سحر اللحظة وتركت والدتها لتعود الي شقتها مع وعد بالجلوس سويا والبوح بكل شئ .
صعدت الي شقتها كي تعد الغداء قبل عودته أما هو فكان يعمل شاردا في مستقبله الذى أصبح يتمحور حولها هي فقط كان يعتقد أنه سيشكل حياتها القادمة كيف يشاء ؛ ولكنه أخطأ الحسبة فهي من ستشكلها علي حسب هواها بايقاع هى فقط من تعرفه.
أنهي عمله وعاد لمنزله بقلب مثقل بالهموم وعندما وصل لمنزله لم تكن باستقباله كالعادة فاستغرب الموقف ونادى عليها بصوته العالي ولكن لا مجيب؛ فجلس بضيق ينتظرها حتي تعود فمرت ساعة ولم تعد وساعة أخرى لتعلن بعد دقائق من مرور ساعتين عودتها بملامح مقتضبة يراها لأول مرة؛ وكأن الحال قد تبدل وأصبحت امرأة أخرى لا يعرفها.
دلفت للمطبخ لتحضر الطعام وشفتاها منطبقتين علي بعضهما بشدة وكأنها ملصقة اياهم بغراء كي لا تتحدث .
حبيبة .
صوته العالي أجفلها فرفعت عيناها التائهة لتواجه عيناه الباردة كمشاعره .
كنتي فين أول مرة تخرجي من غير ما أعرف
نظرت للطعام مرة أخرى لتتحرك يدها بأليه معتادة وكأنها لا تشعر بشئ من حولها
كنت عند ماما .
أغضبه بساطتها في الحديث علي غير المعتاد فاقترب منها قائلا بخشونه :
مالك متغيرة ليه .
هتفت بهدوء منافي للموقف :
مفيش .
تركها ليخرج من المطبخ غير مباليا بنظراتها الضائعة فأخر ما ي.نقصه هو تدلل النساء الزائد عن الحد
ومبالاته الأن جعلها تبكي ندما علي قبولها بزيجة محكوم عليها بالفشل من البداية ولكنها فقط من كانت عمياء .
عودة الي وقت سابق .
هبطت الي والدتها كي تعتذر منها عما بدر منها بالأمس وبعد اعتذار منها وقبول من جانب والدتها أتي وقت اللوم والعتاب.
انتي اللي ضيعتي نفسك لما قبلتي بالجوازة دى مع اني حذرتك يا حبيبة .
بكت كثيرا وقالت :
كنت فاكرة حبي ليه هينتصر علي حبه ليها بس طلعت عايشه في وهم يا ماما كل يوم بيعدى بيخليني متأكدة ان كنت غلطانه من البداية .
الكل كان رافض وأولهم جدك بس بسبب عنادك واصرارك حبيبة اللي كان كلها نشاط وحيوية وضكتها مش بتفارق وشها علطول بتنام والدمعة نازلة علي خدها .
عودة الي الواقع .
لم يعد بعيناها أي دموع لتذرفها مرة أخرى فحل وقت الندم وجاء وقت العيش في الواقع ؛ فهي من أخطأت من البداية وعليها تحمل تبعات أخطائها .
كانت تركض ذو القلب المرح ركضا علي الدرج سعادتها لا توصف بانتهاء فترة امتحاناتها ودراستها بعد أن كانت تقيم ببيت للطالبات بسبب ابتعاد محل اقامتها عن جامعتها ولكن اليوم أتمت تعليمها الجامعي وتخرجت من كلية التجارة لتعود مرة أخرى راسمة البهجة علي ثغرها فسترى حبيب القلب والروح مرة أخرى بعد غياب دام لشهر ونصف بسبب امتحانات السنة النهائية وليالي المذاكرة الكئيبة ورفضها العودة للمنزل حتي تنتهي من كل شئ غافلة عن أحلامها الوردية التي قضي عليها قبل أن تتحقق وبخرت في الهواء فلم يعد لها وجود فحبيب القلب والروح أصبح ملكا لأخرى أكثر شراسة ستدافع عنه مهما حدث .
في يسار صدرى بيت صغير لن يسكنه غيرك
"نزار قباني"
صفعتها خديجة بشدة؛ فشهقت حبيبة بعنف وتقدمت منها تنوى صفعها هي الأخرى فأمسكتها والدتها من ذراعها بقوة هاتفة بغضب :
انزلي شقتك يا حبيبة وأنا ليا كلام تاني مع أبوكي .
جذبت يدها بقوة من أمها وهتفت بحنق:
انتي ازاى ساكته ليها وهي ضربت بنتك .
ردت والدتها بغضب :
انتي اللي غلطانه هي قاعده ساكتة انتي اللي قليلة الأدب وبتجرى شكلها وخلاص عملتلك ايه .
هبطت دموع حبيبة قهرا علي ما يحدث زوجها وعاشقا لأخرى ووالدتها مناصرة لها ولا أحد يؤيدها أو يدعمها فقط الجميع ليس لهم الا الظاهر لا يدركون أنها تتمزق داخليا كل يوم وزوجها شارد بأخرى كيف يمكنها التحكم بنفسها وقد استنزفت كرامتها في ذلك الحب عديم الفائدة .
عشق استنزف روحها فتركها حطام أنثي فاقدة لكل معاني الحياة ؛ فالحب بدون كرامة هو أقسي أنواع العذاب .
وضعت يدها علي جنينها علها تطلب منه الدعم ؛ ثم سارت ببطئ متوجهة للخارج.
فكان في طريقها صالح الذى نظر لها بأسي صحيح شاهد ما حدث وأنها هي المخطئة بحق خديجة؛ ولكنه ليس بأعمي كي لا يدرك الوجع الظاهر بحدقتي شقيقته تلك التي تخفي ألامها ببراعة تمتلك قوة يحسدها عليها كيف يمكنها التحمل هكذا أن تعيش مع رجل قلبه وروحه ملكا لأخرى .
اقترب منها فوقفت مكانها مستعدة لنوبة توبيخ أخرى منه الا أنه أحاطها بحماية وخرج معها للخارج بل الي خارج المبني بأكمله .
سار بجوارها خارج حارتهم الي الشوارع المتجاورة يسير معها والصمت رفيقهما الوحيد فقط ينظران أمامهما يطالعان الطريق .
طلعي اللي جواكي يا حبيبة .
كلمات بسيطة نطق بها صالح كانت بمثابة ضغطة زر كي تنطلق حبيبة وتعلو شهقاتها معلنة وصلة طويلة من البكاء الغنيف جذب أنظار كل من يسير بجوارهما .
تبكي طويلا ومازال يحيط كتفيها بحماية رافضا تركها .
هدأت قليلا وانقطعت وصلة البكاء الطويلة لكن شهقاتها لم تنقطع بالرغم من هدوءها .
كان ناظرا أمامه يتابع المارة الأتون في المقابل لا يعلم ماذا يفعل يواسي شقيقته أم يعنفها علي تصرفها الأرعن تجاه زوجته أو يواسي زوجته علي غلطة شقيقته أو يدق عنقها فهي من تسبب الوجع للجميع ولكنه لا ينكر أن تلك المشاعر الدفينة بدأت في الطفو علي السطح مرة أخرى بعد أن دفنها في أعماقه من سنوات طويلة .
مشاعر لو ظهرت مرة أخرى ستقلب حياته رأسا علي عقب تزوجها ليعيد تربيتها من جديد في محاولة لاصلاحها وليس ليعيش حياته معها ويحقق أحلامه الوردية في مرحلة الشباب اليافع .
تنهد طويلا ليبدأ حديثه مع شقيقته عله يتوصل الي حل .
مشاعرك بدأت تتحكم فيكي وتسيطر علي عقلك المشاعر موجودة جوانا ومينفعش تظهر كده .
نظرت لوجه الجامد بلا أى تعبير فقط ينظر أمامه فأدرات رأسها للأمام مرة أخرى لتجيبه بخفوت :
غصب عني يا صالح جوزى قلبه ملك واحدة تانية استحملت قبل كده والحياة كانت ماشية وكان كويس معايا لكن دلوقتي بعد أوى لما هي رجعت .
تنهد بضيق ليقول:
ذنبها ايه يا حبيبة.
ظهرت الشراسة واضحة علي صفحات وجهها وردت بغل :
ذنبها انه حبها وانها رجعت مرة تانية علشان تهد حياتي.. حياتي اللي بحاول أبنيها علشان ابني اللي جاي ودلوقتي ست الحسن رجعت تاني تهد كل حاجة .
التوت عضلة بجانب شفتيه ورد بتهكم :
اللي بتبنيه علي باطل هيتهد فوق دماغك يا حبيبة مترميش الغلط كله علي خديجة صحيح غلطاتها كتير لكن عمرها ما وعدت جوزك بحاجة حتي لما طلبها للجواز رفضت .
هبطت دموعها مرة أخرى :
حتي انت هتاخدك مني .
الأن نظر لها يضيق عينيه بتساؤل قائلا :
تاخدني منك ازاى .
ابتسمت بسخرية وقالت :
متكدبش علي نفسك يا صالح انت صحيح اتجوزتها علشان تعدلها لكن جواك متأكد انها لو بقت كويسة حبك القديم هيرجع يلمع ليها من تاني أنا مش هبلة وعارفة انك بتحبها من زمان .
صمتت قليلا تراقب تعبيرات الصدمة التي ارتسمت بوضوح علي ملامحه وأكملت بخفوت يائس :
بس ياريت خالد كان زيك بيعرف يدارى مشاعره ويخبيها مكانش ده بقي حالي .
حل الصمت مرة أخرى وسارا عائدين للمنزل غير قادرين علي التفوه بكلمة مرة أخرى بعد جلسة كشف المستور التي تم عقدها .
كانت تسير ذهابا وايابا والغيظ يتأكلها بسبب ما حدث رأي اهانة شقيقته لها ولم يتفوه بحرف بل حاوطها بحماية وسار بها للخارج ولم يعودا حتي الأن.
حماية حسدت حبيبة عليها لأنها لم تمتلكها يوما بالرغم من زيجاتها الأربع السابقة الا أنها لم تجد الحماية والأمان يوما بل افتقدت كل معاني راحة البال وكأنها بأعت الكثير مقابل المال والحياة المرفهة وكان أول ثمن نفسها وتوالت التنازلات حتي أصبحت سوداء من الداخل لا تهتم لأحد ولا حتي والدتها التي احتوتها برحمها يوما .
فتحت باب الشقة لتنظر في الخارج أتي أم لا فوجدته علي أول الدرج يصعد مع شقيقته ويحاوطها بحماية كما خرجا وتركها تموت قهرا بالمنزل .
اقتربا منها بملامحه الجامده كالعادة مودعا شقيقته التي لم تنظر لها من الأساس ودلفت لشقتها أما هو دلف للداخل ولم يتفوه بشئ .
اشتد غليان الدم بأوردتها ؛ فدلفت وراءه بغضب صافعة الباب وراءها بشدة فصك أسنانه بعنف وأكمل طريقه حيث غرفته .
دلفت وراءه وسارت سريعا لتكون أمامه قائلة بغضب :
يعني شفت أختك بتقل أدبها عليا وكل اللي عملته خدتها وطلعتوا تتمشوا بره والكلبة اللي في البيت تتحرق بجاز صح .
ظل ناظرا لها ببرود يضع يديه في خصره منتظرا أن تنتهي حتي ينام فلم يعد له طاقة للمجادلة اليوم .
استفزها بروده وخرج الثور من عقاله فلم تعي بنفسها سوى أنها تدفعه في صدره بشدة زحزحته قليلا للخلف وهتفت بضيق :
جو البرود ده مش هيمشي معايا يا تجيبلي حقي لأروح أجبها من شعرها .
ابتسم بتهكم قائلا :
ولما انتي ضربتيها بالقلم يبقي كده حقك موصلش ولا ايه ولا انتي ليكي حق تاني .
اقتربت منه حد الخطر تحيط رقبته بدلع هاتفة بهمس:
أنا عارفه هي مولعة مني ليه لأن جوزها بيعشقني من زمان ولما رجعت الحب ولع تاني في قلبه وده معناه انها مبقتش مالية عينه .
ابتعدت عنه تسير للخارج بزهو وتتمختر كالطاووس علي وشك أعلان انتصارها علي الجميع أما هو جز علي أسنانه بعنف وداخله يغلي فكيف تتحدث عن أخر وهي بعصمته هو ؛ فامتدت ليداه لتجذبها من خصلاتها بعنف فشقهت بقوة وأصبح وجهها قريبا جدا من وجهه فابتلعت ريقها بخوف عندما لمحت الغضب بعينيه فما مر شئ وما هو أت شئ أخر .
ازادت قبضته قوة علي خصلاتها فتأوهت بألم بينما يده الأخرى أمسكت فكيها بعنف وهتف بشراسة :
كل أما أحاول أتعامل معاكي كويس وأقول بقت مراتك وشايلة اسمك وكمان بنت عمك لكن القذر هيفضل طول عمره قذر علي الأقل أختي مش بتلف علي الرجالة زيك علشان تتجوزهم وتاخد فلوسهم أختي متربية إنما انتي مشمتيش حتي ريحة التربية وقسما بالله لأوريكي يا خديجة .
دفعها بعنف خارج غرفته لتسقط أمام الباب فأغلقه بقوة في وجهها ودار في غرفت.ه كالأسد الحبيس لا يصدق أنها أصبحت بتلك القذارة من شاهدها تكبر أمام عينيه يوما بعد يوم تصبح امرأة فاقدة للأخلاق هكذا .
تذكر حديث شقيقته عندما قالت أنه سيتقبلها عندما ينصلح حالها ولكن كيف لرجل أن ينسي أن زوجته كانت بأحضان أربعة رجال من قبل وليست زيجات عادية بل تلف عليهم كالحية لتوقع اياهم في شبكة اغرائها .
نهضت من أمام غرفته لتسير الي غرفتها وعيناها تلمع بالدمع فتلك المرة هي المخطئة ماذا كانت تنتظر منه أن يفعل يضرب شقيقته فقد فعلت هي وانتهي الأمر ولكن داخلها كان ينتظر شيئا أخر لا تعلم ماهيته.
حل الصباح سريعا وأشرقت الشمس بأشعتها الذهبية لتنير السماء ومعها استيقظت خديجة لتفعل ما قررته بالأمس فخرجت من غرفتها ولكن لم تجد صالح بالمنزل فتأففت بضيق وتناولت افطارها ثم هبطت الي الأسفل .
وقفت أمام الشقة المقصودة ورنت جرسها لتنتظر بقلب ينتفض كعصفور مبلول .
فتحت الباب لتجدها أمامها فدلفت وتركت الباب لها مفتوحا ثم جلست علي الأريكة قائلة بتهكم :
جاية ليه يا خديجة .
تلعثمت قليلا وقالت :
جاية أشكرك علي وقفتك معايا امبارح .
ابتسمت بثينة بسخرية وقالت :
ومين قالك اني وققت معاكي أنا وقفت مع الحق ومتفكريش علشان وقفت في صفك يبقي انتي أحسن من بنتي بس أنا متعودتش أقف ساكتة .
نظرت خديجة للأسفل بقهر وقالت :
كنت فاكرة ان حبك ليا لسة موجود يا مرات عمي .
أجابتها ببرود :
أفعالك اللي كرهت الكل فيكي .
رفعت وجهها بحنق وقالت :
متأكدة من كلامك يا مرات عمي لو سمعتها من احسان كنت صدقت لكن منك انتي مش مصدقة .
نهضت بثينة لتقف أمامها بشموخ امرأة قوية وقالت :
معاكي حق أنا مش بكرهك بس في نفس الوقت مش راضية عن أفعالك .
ولو قلتلك اني مستعدة أتغير .
ضحكت بثينة بتهكم وأدارت ظهرها قائلة:
مش مصدقاكي بصراحة يا خديجة انتي بالذات صعب تتغيري عايزة تفهميني ان خديجة اللي اتجوزت أربع مرات علشان الفلوس وتفضل بعيد عن الحارة مستعدة تسيب كل ده وتتنازل وتعيش مع صالح النجار البسيط .
عضت علي شفتيها قهرا فكلمات زوجة عمها عرتها أمام نفسها وصفعتها بالحقيقة التي ترفض تصديقها ولكن الحقيقة تبقي كما هي دون زيف أو تجميل.
حل الصمت المطبق عليهما فقطعته زوجة عمها بكلماتها القاسية :
صحيح أنا بحبك يا خديجة من أول يوم جيتي فيه للدنيا الا ان صالح ابني وأقرب ليا من روحي وعمرى ما كنت أتمني أنه يتجوزك انتي كان نفسي اللي يتجوزها يكون هو أول بختها مش رقم خمسة في حياتها .
تلك الصفعة كانت أقسي ما تلقتها منذ أن خطت قدماها لمنزل العائلة ؛ فخرجت تجر أذيال الهزيمة عائدة الي شقتها فلو عاد بها الزمن للوراء مرة أخرى ما تركت المنزل ولا حضن أبيها الراحل .
وجدت نفسها تقف أمام شقة والدتها ودموع تهبط بكثرة علي وجنتيها؛ ففتحت والدتها الباب وألمها قلبها لرؤية وحيدتها هكذا فوجدت نفسها تجرها لأحضانها بقوة لو تستطيع تخبئتها عن العالم لفعلتها مهما فعلت خديجة ستظل قطعة من روح سمية الي الأبد .
دلفا للداخل ومازالت خديجة بأحضانها لا تجرؤ احداهما علي الحديث بكلمة حتي لا تقطع سحر اللحظة التي تمانها كلتاهما .
انتهي سحر اللحظة وتركت والدتها لتعود الي شقتها مع وعد بالجلوس سويا والبوح بكل شئ .
صعدت الي شقتها كي تعد الغداء قبل عودته أما هو فكان يعمل شاردا في مستقبله الذى أصبح يتمحور حولها هي فقط كان يعتقد أنه سيشكل حياتها القادمة كيف يشاء ؛ ولكنه أخطأ الحسبة فهي من ستشكلها علي حسب هواها بايقاع هى فقط من تعرفه.
أنهي عمله وعاد لمنزله بقلب مثقل بالهموم وعندما وصل لمنزله لم تكن باستقباله كالعادة فاستغرب الموقف ونادى عليها بصوته العالي ولكن لا مجيب؛ فجلس بضيق ينتظرها حتي تعود فمرت ساعة ولم تعد وساعة أخرى لتعلن بعد دقائق من مرور ساعتين عودتها بملامح مقتضبة يراها لأول مرة؛ وكأن الحال قد تبدل وأصبحت امرأة أخرى لا يعرفها.
دلفت للمطبخ لتحضر الطعام وشفتاها منطبقتين علي بعضهما بشدة وكأنها ملصقة اياهم بغراء كي لا تتحدث .
حبيبة .
صوته العالي أجفلها فرفعت عيناها التائهة لتواجه عيناه الباردة كمشاعره .
كنتي فين أول مرة تخرجي من غير ما أعرف
نظرت للطعام مرة أخرى لتتحرك يدها بأليه معتادة وكأنها لا تشعر بشئ من حولها
كنت عند ماما .
أغضبه بساطتها في الحديث علي غير المعتاد فاقترب منها قائلا بخشونه :
مالك متغيرة ليه .
هتفت بهدوء منافي للموقف :
مفيش .
تركها ليخرج من المطبخ غير مباليا بنظراتها الضائعة فأخر ما ي.نقصه هو تدلل النساء الزائد عن الحد
ومبالاته الأن جعلها تبكي ندما علي قبولها بزيجة محكوم عليها بالفشل من البداية ولكنها فقط من كانت عمياء .
عودة الي وقت سابق .
هبطت الي والدتها كي تعتذر منها عما بدر منها بالأمس وبعد اعتذار منها وقبول من جانب والدتها أتي وقت اللوم والعتاب.
انتي اللي ضيعتي نفسك لما قبلتي بالجوازة دى مع اني حذرتك يا حبيبة .
بكت كثيرا وقالت :
كنت فاكرة حبي ليه هينتصر علي حبه ليها بس طلعت عايشه في وهم يا ماما كل يوم بيعدى بيخليني متأكدة ان كنت غلطانه من البداية .
الكل كان رافض وأولهم جدك بس بسبب عنادك واصرارك حبيبة اللي كان كلها نشاط وحيوية وضكتها مش بتفارق وشها علطول بتنام والدمعة نازلة علي خدها .
عودة الي الواقع .
لم يعد بعيناها أي دموع لتذرفها مرة أخرى فحل وقت الندم وجاء وقت العيش في الواقع ؛ فهي من أخطأت من البداية وعليها تحمل تبعات أخطائها .
كانت تركض ذو القلب المرح ركضا علي الدرج سعادتها لا توصف بانتهاء فترة امتحاناتها ودراستها بعد أن كانت تقيم ببيت للطالبات بسبب ابتعاد محل اقامتها عن جامعتها ولكن اليوم أتمت تعليمها الجامعي وتخرجت من كلية التجارة لتعود مرة أخرى راسمة البهجة علي ثغرها فسترى حبيب القلب والروح مرة أخرى بعد غياب دام لشهر ونصف بسبب امتحانات السنة النهائية وليالي المذاكرة الكئيبة ورفضها العودة للمنزل حتي تنتهي من كل شئ غافلة عن أحلامها الوردية التي قضي عليها قبل أن تتحقق وبخرت في الهواء فلم يعد لها وجود فحبيب القلب والروح أصبح ملكا لأخرى أكثر شراسة ستدافع عنه مهما حدث .
في يسار صدرى بيت صغير لن يسكنه غيرك
يتبع الفصل التالي: اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية القلب يهوي قاتله" اضغط على أسم الرواية